الثلاثاء، 24 يوليو 2012

عرب فلسطين 1948 .. بين الخدمة المدنية المجانية والتجنيد العسكري الإجباري الصهيوني د. كمال إبراهيم علاونه


د. كمال إبراهيم علاونه
عرب فلسطين 1948 ..
بين الخدمة المدنية المجانية والتجنيد العسكري الإجباري الصهيوني
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)}( القرآن المجيد – آل عمران ) . ويقول الله العلي العظيم عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}( القرآن المجيد – الحجرات ) .
وجاء بصحيح البخاري - (ج 11 / ص 277) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " .
خريطة فلسطين التاريخية المضيئة
إستهلال


يعيش أبناء الشعب العربي الفلسطيني ، من المسلمين والنصارى ، في فلسطين المحتلة عام 1948 ، تحت الظلم والقمع والاستبداد والطغيان العنصري الصهيوني ، وتتحكم السلطات العبرية الثلاث : التنفيذية والتشريعية والقضائية ، في الحياة العامة لهذه الفئة من ابناء الشعب الفلسطيني العظيم المرابط فوق ثرى الوطن الفلسطيني المنكوب منذ قيام الكيان العبري الصهيوني على الأرض الفلسطينية منذ عام 1948 ، عام الاقتلاع اليهودي لشعب فلسطين من أرض آبائه وأجداه ، وتهجير مئات آلاف المواطنين الفلسطينيين لبقية أجزاء فلسطين عبر حالات النزوح الداخلية أو عبر التهجير القسري الصهيوني لهم لخارج أرض فلسطين المباركة ، فأصبحوا مطاردين ولاجئين في ديار الغربة والمنافي والشتات في جميع أنحاء العالم بقارات آسيا وأوروبا وإفريقيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأستراليا .
وتبلغ مساحة فلسطين الكبرى أكثر من 27 ألف كم2 ، سيطرت منظمة الهاغاناة العسكرية الصهيونية على 20.770 كم 2 عام 1948 ، وأعلنت قيام الكيان الصهيوني عليها . ثم إحتل الجيش الصهيوني المدعوم أمريكيا وأوروبيا في حزيران عام 1967 بقية فلسطين ( المنطقة المعروفة بالضفة الغربية وقطاع غزة ) . ثم انسحب جيش الاحتلال الصهيوني بريا من قطاع غزة ( مساحته 363 كم2 ) في أيلول 2005 بفعل انتفاضة الأقصى الفلسطينية ( الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثانية ) .
ويبلغ تعداد الشعب الفلسطيني في الوطن والمهاجر أكثر من 11 مليون نسمة ، حسب التقديرات العالمية والفلسطينية . يعيش منهم 1.65 مليون نسمة في فلسطين المحتلة عام 1948 ( الجليل والمثلث والنقب والساحل ) ، و 4.2 مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة ( 1.7 مليون بقطاع غزة ، و2.5 مليون في الضفة الغربية ) والباقي في الدول العربية ومختلف دول العالم .
وحسب المكتب الاحصائي المركزي الصهيوني في تل أبيب ، بلغ عدد السكان اليهود بالكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة بجناحيها المحتل عام 1948 و1967 ( الأرض المقدسة ) في أيار 2012 ، حوالي 5.931 مليون يهودي ، يشكلون 75.3 % من مجمل سكان الكيان العبري ، بينما بلغ عدد العرب ( مسلمين ونصارى ) 1.623 مليون عربي بنسبة 20.6 % في الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، في حين يعيش حوالي 327 ألف أجنبي بنسبة 4.1 % ، من جنسيات مختلفة بالكيان الصهيوني بفلسطين الكبرى .
خريطة المحافظات الفلسطينية قبل نكبة فلسطين


الفلسطينيون بالداخل الفلسطيني .. بين ناري الخدمتين العسكرية والمدنية


يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال جَلَّ جَلَالُهُ :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد - البقرة ) .


عمدت حكومة الاحتلال اليهودي الكونية العالمية ، منذ نشأة الكيان الصهيوني أواخر العقد الرابع من القرن العشرين الماضي ، إلى تفتيت وتقسيم وتمزيق البقية العربية الصامدة المرابطة في أرض الوطن الفلسطيني ، إلى طوائف عرقية إثنية ودينية ، فمزقت العرب المسلمين إلى سنة وشركس ودروز وبدو ، وأحمديين وبهائيين وغير ذلك ، كما تعاطت مع النصارى ( المسيحيين ) على أسس طائفة ، موارنة وأرثوذوكس وبروتستانت ولاتين ، وطوائف شرقية وطوائف غربية .. وغير ذلك .
وقد طبقت القيادة الصهيونية التي تمثل يهود فلسطين المحتلة ، بدعم الأحزاب السياسية والطوائف الدينية اليهودية المتعددة ، عدة سياسات قمعية عسكرية وسياسية واقتصادية وثقافية ضد الفلسطينيين من أهل البلاد الأصليين ،  من أهمها :
أولا : سياسة التفريغ والملء ، المتمثلة بتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم بشتى الطرق الخبيثة . وقد إستطاعت المنظمة الصهيونية من جلب حوالي 6 ملايين يهودي من 102 دولة في العالم لفلسطين المحتلة ، وطرد نحو مليون فلسطيني من أرضهم عام 1948 ، ولا زالت الحكومة الصهيونية لا تسمح بعودة النازحين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، أو اللاجئين الفلسطينيين الذين أخرجوا من ديارهم إبان نكبة فلسطين الكبرى حتى الآن ، والبالغ عددهم في عام 2012 أكثر من 6 ملايين نسمة ، لمواطنهم الأصلية في عكا وحيفا ويافا وصفد وطبريا وسخنين وترشيحا وأم الفحم والناصرة واللد والرملة وأسدود وعسقلان وغيرها .
ثانيا : سياسة الترغيب والترهيب . وهي سياسة متوازية ، تهدف لقلع الفلسطييين من ارضهم تارة بالإرضاء الشكلي أو بالقمع العسكري . وتم سابقا ، فرض الجنسية اليهودية الصهيونية العبرية ( الإسرائيلية ) على العرب الفلسطينيين ، المسلمين والنصارى ، إذ تم تخييرهم بين الرحيل أو التجنيس القهري بالجنسية ( الإسرائيلية ) فاختاروا أهون الشرين وهم التجنس بالجنسية الأجنبية الغريبة عليهم ، فسحبت منهم الجنسية الفلسطينية بالقوة زورا وبهتانا . والسياسة الأخيرة ، تتمثل في دعوة العرب لتنفيذ الأوامر الصهيونية المتمثلة بأداء الخدمة المدنية ( الوطنية ) بدعاوى تطبيق المساواة بين العرب واليهود بتبجح عنصري لئيم .
ثالثا : الاستعباد والاستبعاد . التي تتمثل في تسخير العرب لخدمة الطوائف اليهودية المهاجرة من شتى دول العالم لفلسطين المحتلة ، وتقزيم دور العرب والتنكيل بهم وتعذيبهم ، واستبعادهم من حلبة الاقتصاد ، وجعلهم يعيشون حالة إجتماعية مزرية ، أو ما يعرف التهويش والتهميش . ويعيش أهل فلسطين المحتلة عام 1948 ، حالة تسخير قومي اقتصادي واجتماعي وثقافي وتاريخي وجغرافي ، غير مسبوقة ،  لا مثيل لها إلا في النازية الألمانية والفاشية الإيطالية البائدتين ، والعنصرية البريطانية في العالم وخاصة في جنوب إفريقيا ( النظام العنصري – الابارتهيد ) .
رابعا : الغاية تبرر الوسيلة . حيث تلجأ الحكومة والأحزاب الصهيونية الدينية والعلمانية ، لتطبيق الأساليب والطرق الملتوية في سبيل تحقيق المصالح الصهيونية السفلى والعليا على حد سواء ، دون مراعاة للمصالح العربية الفلسطينية العليا أو الوسطى أو السفلى بحدها الأدنى .
على أي حال ، فرغم الرفض العربي التام ، للسياسة الصهيونية الظالمة ، فقد فرض قانون  التجنيد الاجباري ( الخدمة الإلزامية ) على طائفتي الدروز والشركس منذ أواسط العقد الخامس من القرن العشرين الفائت ، لسلخهما عن المسلمين من أهل الديار الفلسطينية ، وتمكينهما من الاستئثار ببعض الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية المصطنعة ، بدعاوى أن الدروز والشركس ليسوا عربا وبإمكانهم خدمة الكيان الصهيوني الجديد المصطنع والإخلاص في ذلك دون أن يشكلوا خطرا أمنيا أو عسكريا وفقا لسياسة تجزئة السكان الأصليين لطوائف متعددة متناحرة وأتاحت المجال للبدو من الانخراط الطوعي الترغيبي أو الترهيبي ، في بعض وحدات الجيش الصهيوني ، وخاصة الدوريات العسكرية وقصاصي الأثر ، لعزلهم عن بقية أبناء الشعب الفلسطيني الذين بقوا في أرض وطنهم ، وطن الآباء والأجداد ، سواء في فلسطين المحتلة 1948 أو في فلسطين المحتلة 1967 .
وبعد أن فرضت الحكومة العبرية الصهيونية التجنيد الاجباري على الدروز والشركس من  الفلسطينيين في بلادهم ، طرحت منذ سنوات وسنوات ، إلحاق البقية الباقية من الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، ما يسمى ( الخدمة الوطنية الإسرائيلية ) في محاولة أخيرة لفرض سياسة ( التهويد والعبرنة والصهينة والأسرلة ) عليهم دون وجه حق ، متسلحة بسياسة الغاية تبرر الوسيلة ، وذلك لصهر وطمس الهوية العربية الإسلامية ، الدينية والقومية والوطنية ، في البوتقة الصهيونية العامة ضمن الاستراتيجية اليهودية للتحكم بأهل البلاد الأصليين ، والإبقاء عليهم في حالات التوتر والاستفزاز والابتزاز ، وجعلهم يعيشون في حالة هيجان مستمر .
خريطة فلسطين المحتلة


الفلسطينيون بالداخل الفلسطيني .. بين التحييد والتجنيد الصهيوني


يقول الله الغني الحميد عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) }( القرآن المجيد – البقرة ) .


منذ قيام الكيان الصهيوني أو ما يطلق عليه ( دولة إسرائيل ) في 14 أيار 1948 ، حاولت القيادة العبرية الصهيونية تسخير واستبعاد واستعباد العرب ، من المسلمين والنصارى ( المسيحيين ) على حد سواء بشتى الطرق والأساليب الخبيثة سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا وثقافيا واجتماعيا ونفسيا .
وتظهر بين الحين والآخر ، مسألة مفصلية في حياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال العبري الصهيوني في فلسطين المحتلة عام 1948 ، تتمثل في فرض التجنيد الإلزامي ( الاجباري ) العسكري أو المدني أو كليهما ، ما بين مؤيد ومعارض ، من كلا الجانبين الفلسطيني والصهيوني .
وفي ربيع عام 2012 ، برزت هذه المعضلة على الساحة السياسية الصهيونية والفلسطينية العامة والخاصة ، على السواء ، وتباينت المواقف الرسمية والحزبية الصهيونية والفلسطينية ، حيال هذه المسألة ، ما بين الإيجابية والسلبية .


المفهوم الصهيوني للخدمة العسكرية الإلزامية


يقول الله السميع العليم جل شأنه : { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
تقوم الأيديولوجية الصهيونية على العقلية العسكرية ، والسيطرة وفرض الأوامر العليا على جميع السكان اليهود والعرب في الكيان العبري الصهيوني بفلسطين المحتلة .
ويعتبر المجتمع اليهودي مجتمعا عسكريا  تديره المؤسسة العسكرية في تل أبيب ، وهناك تدريبات سنوية وموسمية ، برية وبحرية وجوية ، للصغار والكبار من ابناء الطوائف اليهودية في البلاد سواء بصورة فردية أو ثنائية أو متعددة بالاشتراك مع جيوش أجنبية استعمارية أخرى . ويقدس اليهود الحياة الدنيا ولا يعيرون الحياة الآخرة أي إهتمام يذكر ، بل ينكرها الكثير منهم . ويحب اليهود الحياة المعمرة التي تمتد لسنوات طويلة مديدة ، ويبذلون في سبيل ذلك كل السبل المتاحة ، المستقيمة والجهنمية ، ولهذا يسعون للحفاظ على كيانهم الحياتي الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ، وتفوقهم العسكري لفرض نظام الخدمة العسكرية لشن العدوان تلو العدوان على الجيران مهما كلف الأم رمن ثمن بشري ومادي . ولا يحترم اليهود العهود والمواثيق بل سرعان ما ينبذها فريق منهم ، وهو الفريق الأقوى ، كلما سنحت لهم الفرصة المؤاتية بذلك .
فقد سن الكيان الصهيوني قانون الخدمة العسكرية الاجبارية على أغلب الطوائف اليهودية من العلمانيين اليمينيين واليساريين على السواء ، وأعفى الطائفة اليهودية المتدينة ، من الخدمة العسكرية الاجبارية التي تبلغ 36 شهرا للشاب الذكر اليهودي ، و24 شهرا للأنثى اليهودية ، بعد بلوغ 18 عاما ، باستثناء الملتحقين بالجامعات في الداخل أو الخارج ، حيث يجرى تأجيل أداء الخدمة العسكرية ، ريثما يتخرج الشاب اليهودي ويحصل على اللقب الجامعي الأول ( البكالوريوس ) . ويتبع كنتيجة حتمية لاحقة ، الخدمة الاجبارية اليهودية تأدية الخدمة العسكرية الاحتياطية للذكور والإناث ، لمدة شهر سنويا ، حتى سن 49 عاما للرجال ، وحتى سن 35 عاما للإناث . وتفرض الخدمة العسكرية على جميع الشباب اليهودي ، ذكورا وإناثا ، بغض النظر عن مكان قدومهم من شتى قارات العالم ، لفلسطين المحتلة .
من جهة ثانية ، يعفى المتدينون اليهود ( الحريديم ) من تأدية الخدمة العسكرية بالكيان الصهيوني ، بدعاوى أنهم يؤدون خدمة توراتية دينية في فلسطين ( ارض الميعاد ) لتمكين اليهود من ارض فلسطين ، الأمر الذي سبب ويسبب توترا وإرباكا للبرامج الانتخابية الحزبية في كل دورة انتخابية عامة مبكرة أو عادية للكنيست ، بين العلمانيين واليساريين من جهة والمتدينين اليهود من جهة أخرى .


المفهوم الصهيوني للخدمة المدنية المجانية ( الوطنية الإسرائيلية )


يعني مصطلح فرض الخدمة المدنية على العرب بالمفهوم العبري الصهيوني ، إلزام العرب ( مسلمين ونصارى ) بتنفيذ الأوامر اليهودية وتقديم الخدمة المجانية لسنة ونصف ( 18 شهرا ) ، وهذا الأمر يتطلب الخدمة المدنية الإجبارية في البلديات والمدارس والمؤسسات والجامعات والمشافي والمراكز الخدمية وغيرها دون أن يتقاضى الشاب العربي المشارك في هذه الخدمة أي مقابل مادي . ويمكن في البداية ، طرح تطبيق الخدمة المدنية للعرب في المجتمع ( الوسط العربي ) ثم يتطور تدريجيا ليشمل المجتمع الكلي ( الوسط اليهودي ) وهذا استدراج صهيوني خبيث ، للطاقات الشبابية العربية لتمديد عمر الكيان الصهيوني ، الذي يشرف على الانهيار العاجل أو الآجل ، إن شاء الله تعالى ، خلال عقد زمني تقريبا ، بصورة حتمية لا ريب شك فيها .  وغني غن القول ، إن تأدية الخدمة المدنية الاجبارية بالكيان الصهيوني هي استخفاف واستهزاء بالمواطنين العرب ، فهم يعيشون في ظل كيان ومجتمع معاد لهم بصورة جذرية واستراتيجية لا تكتيكية ، ويحيك الدساس والمؤامرات ضدهم في كل يوم وليلة دون توقف أو دون وازع ديني أو أخلاقي .




الذرائع الدعائية الصهيونية لفرض الخدمة المدنية على العرب


يقول الله الحميد المجيد سبحانه وتعالى : {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) }( القرآن المجيد - المائدة ) .
هناك العديد من الذرائع والمزايدات اليهودية الصهيونية الواهية ، التي تتذرع هذه السياسة الصهيونية القديمة المتجددة ، لإقرار تنفيذ أو فرض الخدمة المدنية الإلزامية أو الطوعية ، بذرائع ومبررات واهية تتمثل في :
أولا : المناداة بالعدالة والمساواة العامة بين العرب واليهود ، وفق شعارات ( تقاسم العبء .. توزيع العبء على الجميع .. يهودا وعربا ) . فيقول بنيامين نتياهو زعيم حزب الليكود المتطرف ، ورئيس الحكومة الصهيونية الحالي بشأن تطبيق الخدمة المدنية الاجبارية على العرب : " نريد أن نعطي إمتيازات إيجابية ، لمن يخدمون ، وإمتيازات سلبية للمتهربين من الخدمة المدنية والتجنيد العسكري " .
ثانيا : الظهور الدعائي الإعلامي أمام العالم بأن العرب هم من يرفضون المساواة في ( دولتهم ) لرفضهم تأدية الخدمة المدنية لرفد الجيش الصهيوني في حالات الطوارئ والنكبات المستقبلية .


الأسباب الصهيونية الحقيقية لفرض الخدمة المدنية على العرب ( الإستعباد والإستبعاد )


يقول اللَّهُ الحي القيوم جَلَّ جَلَالُهُ : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .


هذا بلاء جديد يقع على الشعب الفلسطيني ، وخاصة ضد ثلة النخبة المرابطة الصامدة في أرض الرباط الفلسطينية العربية الإسلامية المقدسة ، إذ تظهر العقلية العسكرية والسياسية الصهيونية ، ما لا تبطن في التعامل مع العرب ( أصحاب الأرض الأصليين الحقيقيين ) في الأرض المقدسة ( فلسطين المباركة ) ، فمن خلال طرح الخدمة المدنية الإلزامية على الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ( فلسطين المحتلة عام 1948 ) ، تهدف إلى تحقيق ما يلي :
أولا : التهويش والتهميش والتشويش اليهودي الصهيوني على العرب في أرضهم . فهذه السياسة الصهيونية لا زالت سادرة في غيها ، تعمل على استحداث أساليب شيطانية جديدة لاستكمال طرد الفلسطينيين من ارضهم ، واخضاعهم لحالة خوف وهلع مستمرة بالتلاعب في  مصيرهم ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الفلسطينية المقبلة . وكذلك فإن فرض هذا الأمر الجديد يعمل على تشويه الهوية الدينية والقومية لفلسطيني 1948 لإيجاد جيل فلسطيني جديد دون إنتماء حقيقي للوطن والشعب ، واستكمال السلخ المبرمج للفلسطينيين عن الأمتين العربية والإسلامية .
ثانيا : إحداث نزاعات وإنشقاقات وخلافات جديدة في صفوف العرب الفلسطينيين ، بين مؤيد ومعارض ، للخدمة المدنية وتطبيق المساواة والعدالة المزعومة بين العربي واليهودي . وذلك رغم أن الكيان الصهيوني يشكل عبئا عسكريا وأمنيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا على الفلسطينيين بسبب سياسة التفريق العرقي والتمييز العنصري الشاملة .
ثالثا : فرض أمر واقع على العرب ، لخدمة الجاليات اليهودية بالكيان الصهيوني في ظل الفرمانات والأوامر العسكرية التي تأخذ أحيانا صفة القوانين ، وإلزام العرب بالسياسة الصهيونية المرحلية التي تسعى لتطبيق الاستراتيجية اليهودية العامة وفق بروتوكولات حكماء صهيون .
رابعا : إضافة طاقة بشرية جديدة للحرب القادمة المتوقعة بين العرب واليهود بفلسطين ، مثل تسهيل حالات الإخلاء للبيوت والمدارس والجامعات والمستشفيات وغيرها . فقد أظهرت الدراسات العسكرية الاستراتيجية الصهيونية النقص الشديد والضعف الأكيد في الجبهة الداخلية الصهيونية والدفاع المدني ، اثناء الحرب مع حزب الله عام 2006 ، حيث هرب نحو 1.5 مليون يهودي من مساكنهم ، وسكنوا في الملاجئ ، مع ما رافق ذلك من خوف وهلع شديدين .
خامسا : إلهاء الشباب العربي في فلسطين المحتلة 1948 ، عن تقليد الثورات والانتفاضات العربية المجاورة في قارتي آسيا وإفريقيا ضد الأنظمة العربية الفاسدة كمصر واليمن وليبيا وتونس وسوريا ، وتعبئة أوقات فراغهم ، واستغلال مواهبهم المبدعة ، في ظل التحديات العصرية الجديدة ، والخوف من ثورة شعبية عارمة للمطالبة الحربة والاستقلال أو التمتع بالحكم الذاتي الموسع للعرب في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة .
سادسا : الاستغلال الاقتصادي القهري للطاقات الشبابية العربية المجانية ، والتخفيف من حدة البطالة المستشرية في صفوف الشباب العربي الفلسطيني في الداخل ، وتخفيت حدة النقمة الاقتصادية على المؤسسة الصهيونية الحاكمة في تل أبيب . وذلك باستخدام شعارات براقة مثل ( الخدمة الوطنية ) علما بأن فلسطين ، ليست دولة عربية مستقلة بل هي محتلة ومستغلة استعماريا للصهاينة ، من جميع الأوجه والأشكال العسكرية والاقتصادية والسياسية وخلافها ويقام عليها الكيان الصهيوني .
سابعا : السعي الحثيث لتنفيذ إرتداد المواطنين المسلمين الفلسطينيين عن دينهم الإسلامي الحنيف ، وموالاة اليهود في كل ما يحيكون وينظمون من دسائس ومكائد ، عبر سياسة التضليل الفكرية والثقافية والإعلامية البراقة .
ثامنا : منع إنهيار التجنيد العسكري الصهيوني ، والتعويض عن النقص في التجنيد العسكري الإلزامي في وحدات الجيش الصهيوني ، جراء تهرب نسبة كبيرة من اليهود من الخدمة العسكرية الاجبارية والاحتياطية على السواء . فالعقلية الصهيونية تؤمن بالتجديد والتجنيد العسكري والمدني ، لأنها دائبة السعي للعدوان على الآخرين ، وخاصة العرب المجاورين .
ففي مجال الإعفاء العسكري أو التهرب الديني اليهودي من الخدمة العسكرية الاجبارية ، تبين أن نسبة 4.9 % من اليهود ( الحريديم ) تفرغوا عام 1991 ، للتعليم الديني اليهودي ( التوراتي والتلمودي ) فقد تم إعفائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية رسميا بالكيان الصهيوني ، ثم ارتفعت هذه النسبة إلى 10.8 % عام 2008 ، وواصلت النسبة إرتفاعها لتصل إلى 12.1 % بالعام الحالي ، 2012 . وهي نسبة كبيرة ولا شك تدلل على وجود إشكاليات عسكرية واجتماعية ونفسية في عقلية الشباب اليهودي الذي مل ويأس من الحروب والعدوان العسكري على الآخرين ، ويرغب في العيش بأمن واستقرار بعيدا عن العقلية العسكرية القمعية حيث تم تضليله للقدوم من مختلف دول العالم للعيش في ما يسميه اليهود ( بلاد السمن والعسل ) .
وحسب بعض الإحصائات الرسمية الصهيونية ، تبين أن 25 % من الشباب الذكور اليهود يفرون ويتهربون من التجنيد الاجباري لأسباب ايديولوجية ودينية وصحية ونفسية وشخصية ، وهذه النسبة في تزايد مستمر . وهناك نسبة 42 % من الإناث اليهوديات يتهربن من التجنيد الاجباري الصهيوني لأسباب دينية أو شخصية لأنهن متزوجات أو الخوف من الموت في المعارك مع العرب كما في إنتفاضة الأقصى الفلسطينية ( الانتفاضة الكبرى الثانية ) ما بين 2000 – 2006 ، وحرب تموز 2006 مع حزب الله اللبناني . فقد أفادت إحصائية رسمية يهودية أن فرار الشباب اليهودي من التجنيد الاجباري بالجيش العبري اليهودي الصهيوني ( جيش الدفاع الإسرائيلي ) بلغت نحو 59 % ممن هم في سن التجنيد العسكري الإلزامي ، عام 2002 ( أثناء انتفاضة الأقصى الفلسطينية ) ، وانخفضت إلى 52 % عام 2008 ، بعد إنتهاء إنتفاضة الأقصى ، منها نسبة 6.9 % لأسباب صحية .
تاسعا : العمل على تطبيق الاستراتيجية الصهيونية المستندة إلى بروتوكولات حكماء صهيون ، في السيطرة على الشعب المغلوب على أمره ، وقهره بجميع السبل والطرق المتوفرة ، وجعله هائما خاملا مستسلما لا يقوى على شيء في كافة الميادين والمجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وسواها .
عاشرا : الحفاظ على الكيان العسكري الصهيوني من الإنهيار الآتي ، خاصة في ظل تهرب الشباب اليهود من الخدمة العسكرية ، حيث يلهثون خلف المفاسد المادية والملذات والمتع الجنسية في البارات والحانات . وأصبحوا ينظرون للشباب العربي الذي لا يخدم بالتجنيد العسكري الاجباري بالغيرة والحسد ، فالشباب العربي لا يعيش الحياة العسكرية كالشباب اليهودي .
حادي عشر : الابتعاد عن الصراع الداخلي ، وتصدير الأزمة الداخلية اليهودية بافتعال العدو الخارجي المتأهب ، عبر التوجه الصهيوني لفرض التجنيد الاجباري على جميع اليهود بفلسطين المحتلة ، طوعا أو كرها ، في المجالين العسكري أو المدني ، والبدء بالشباب العربي كتجربة إنتقالية لافتعال الخطر المحدق باليهود ، وتوقع الردود العربية الغاضبة ضد الخدمة الاجتماعية أو الآفة المدنية الجديدة ( العدو الداخلي العربي ) ، لتحاشي الاقتتال الداخلي اليهودي ، لتطبيق التجنيد المدني أو العسكري بطريقة سهلة ، على اليهود المتدينين ( الحريديم ) الذين يعفون قانونيا من التجنيد العسكري الالزامي .
ثاني عشر : الدعاية الدبلوماسية الصهيونية العالمية المبرمجة ، والإدعاء بالسعي لمنح العرب حقوقهم المدنية والاجتماعية والاقتصادية . وحرف أنظار الإعلام العالمي عن حالة الاختناق والتضييق العنصري اليهودي على العرب الفلسطينيين في موطنهم الأصلي .


المواقف الصهيونية المتباينة حيال تجنيد العرب


تتباين المواقف الرسمية والحزبية والأهلية اليهودية العبرية الصهيونية تجاه فرض التجنيد العسكري والخدمة المدنية الإجبارية ، فقد جرى تشكيل لجنة رسمية  صهيونية – إسرائيلية ( لجنة بلاسنير ) التي أوصت بفرض التجنيد الاجباري على اليهود المتدينين ( الحريديم ) وفرض الخدمة المدنية الإلزامية على العرب في فلسطين المحتلة عام 1948 ، في مناطق النكبة الكبرى الأولى .
وقد تألفت توصيات خطة لجنة ( بلاسنير ) الصهيونية من 6 بنود ، من بينها بند خدمة العرب ، وفق قانون مقترح لسنه وإقراره بالكنيست العبري ( الخدمة الوطنية الإسرائيلية ) ، وتحديد مسارات الخدمة المدنية حتى أواخر عام 2012 ، وسن التشريع القانوني الجديد عبر البرلمان ( الكنيست ) بهذا الشأن في نهاية شهر آذار 2013 .
وتحاول الحكومة العبرية الصهيونية في تل أبيب ، سن قانون جديد من خلال السلطة التشريعية الصهيونية أو البرلمان الذي يطلق عليه باللغة العبرية ( الكنيست ) ، لفرض الخدمة العسكرية على الحريديم اليهود ، والخدمة المدنية على العرب وهي آفة مدنية حقيقية وليست خدمة مدنية ، ضمن الجيش الصهيوني بنهاية عام 2012 . ويريد حزب الليكود الحاكم في تل أبيب ، تطبيق التشريع الجديد مع حذف بعض البنود أو فرض بعض الإضافات باسرع وقت ممكن ، ويبرز هنا صراع داخلي يهودي كبير إلى العلن بعدما كان مستترا تحت الستار وخلف الكواليس . وطالب حزب كاديما ( المنشقين منذ عام 2005 من أشتات حزبي الليكود والعمل ) بضرورة فرض التجنيد العسكري الاجباري لأبناء وبنات الطوائف اليهودية ، الدينية ( الحريديم ) والعلمانية ، على السواء ، ويطالب بفرض الخدمة المدنية على العرب ، للحفاظ على بقاء الكيان الصهيوني وفق تصوره الجنوني الجهنمي .
ومن المعلوم أن اليمين الصهيوني المتطرف يرفض مبدئيا ، مشاريع التجنيد العسكري للعرب للحفاظ على الجيش الصهيوني نقيا خالصا من اليهود ، لأسباب عقائدية وأمنية .
والأحزاب الصهيونية ، اليهودية الدينية التوراتية والقومية العلمانية ، لا تعترف بفلسطيني عام 1948 كأقلية قومية ذات هوية خاصة ، وتنحاز إنحيازا كبيرا للقومية الشوفينية اليهودية .
وقد تسبب الخلاف الدائر حول هذه المسألة وغيرها من القضايا اليهودية الشائكة إلى حدوث أزمة سياسية صهيونية داخلية جديدة حادة ، بإنسحاب حزب كاديما بزعامة الجنرال شاؤول موفاز ، نائب رئيس الحكومة الصهيونية من الإئتلاف الحكومي الحاكم في تل أبيب أواسط تموز 2012 ، خاصة وأن حزب كاديما يطالب بفرض الخدمة العسكرية الاجبارية على اليهود المتدينين أسوة ببقية الشباب اليهودي وعدم إعفائهم من الخدمة العسكرية بذريعة أنهم يعلمون التوراة والتلمود للطوائف اليهودية أو ما يسمى بالخدمة الدينية اليهودية .


الخدمة المدنية على العرب .. بين النظرية والتطبيق


إن سياسة المناداة اليهودية الصهيونية العبرية المتطرفة ، بتطبيق نظام أو قانون الخدمة المدنية الاجبارية على العرب ، سياسة قديمة متجددة ، وتعثر تطبيقها منذ عشرات السنين ، لأسباب داخلية وخارجية ، فلسطينية عربية من جهة ، وعبرية صهيونية يهودية من جهة ثانية . فالعربي الفلسطيني ، المسلم أو النصراني ، يرفض الانسياق وراء الدعاية الصهيونية السفيهة المغرضة ، ولا يمتثل لأوامرها ونواهيها في الكثير من الأحيان ، وخاصة في القضايا القومية العامة . والساكن اليهودي بفلسطين المحتلة بدوره ، لا يثق بالمواطن العربي ، ولا يحترمه وينظر إليه نظرة دونية يشوبها الاستخفاف والاستهزاء ، وبالتالي لم يكن متشجعا لفرض الخدمة المدنية عليه كما لم يلزمه بالتجنيد العسكري الإلزامي .
وأمام السياسة الصهيونية الجديدة ، المتمثلة بفرض الخدمة المدنية على العرب ، أربعة  خيارات هي :
أولا : فرض الخدمة المدنية الإجبارية الكاملة على جميع العرب الفلسطينيين في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، بقانون صادر عن الكنيست أو بنظام عسكري عالي من أجهزة الجيش الصهيوني والشرطة اليهودية أو كليهما ، مع ما يصاحب ذلك من إبتزازات وتوترات وصدامات أمنية وعسكرية لدى الجانبين العربي والصهيوني .
ثانيا : إقرار الخدمة المدنية الطوعية وليس الخدمة المدنية الإجبارية كما هو مطروح الآن بعام 2012 . على أن تتولى الأحزاب اليهودية الدينية والعلمانية الصهيونية المؤيدة عملية الدعاية والترويج للخدمة آنيا أو مستقبلا .
ثالثا : تطبيق الخدمة المدنية الجزئية في بعض المسارات العربية المطروحة كالمدارس أو البلديات أو المشافي .. إلخ ، لاستقطاب الراغبين في تأدية الخدمة المدنية المجانية وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لمن يستجيب لهذا النداء الرسمي أو شبه الرسمي أو الحزبي .
رابعا : الإبقاء على الوضع الراهن ، بلا قانون أو نظام خدمة مدنية ( وطنية إسرائيلية ) على العرب ، وتأجيل البت في هذا الأمر لاحقا ، ربما يستغرق الأمر عدة شهور أو سنوات ، ويخضع للبرامج الانتخابية القادمة في الانتخابات العامة للكنيست ، أو اللجوء للاستفتاء العام بين العرب واليهود كلا على حدة أو مجتمعين .


المواقف العربية من فرض الخدمة المدنية


يقول الله الواحد القهار تبارك وتعالى ، ناصر المؤمنين المستضعفين في الأرض : { لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .
ينظر السواد الأعظم من العرب الفلسطينيين ، المسلمين والنصارى ، للإبتزاز السياسي الصهيوني الجديد بفرض تأدية الخدمة المدنية الاجبارية أو التطوعية الطوعية ، بالكيان الصهيوني ، بعيون الشك والريبة ، بجدية كاملة ، وخوف من الغول الصهيوني ، الذي يعيث فسادا وإفسادا بصورة مبرمجة شاملة في المجتمع العربي في فلسطين ، وذلك لعدة أسباب من أهمها :
أولا : السعي العربي الداخلي الدائب للحفاظ على الهوية الدينية للمسلمين والنصارى ( المسيحيين ) بعيدا عن الشوائب اليهودية ، ورفض تلقي الأوامر العسكرية والمدنية من قيادة الطوائف اليهودية ، الغربية أو الشرقية ، بأي حال من الأحوال .
ثانيا : الاحتفاظ بالهوية القومية العربية وعدم الذوبان في ثنايا المجتمع التقليدي اليهودي الصهيوني العنصري .
ثالثا : رفض قبول سياسة الأمر الواقع من الاستبداد والظلم والعنصرية اليهودية ضد العرب .
رابعا : رفض السياسة المرحلية الصهيونية في تدجين العرب ، هذه السياسة الظالمة التي ترفض الإعتراف بالعرب كاقلية قومية في البلاد لها حقوقهما السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ، وبالتالي رفض منح الحكم الذاتي لهم .
خامسا : فرض الخدمة المدنية على العرب الفلسطينيين في فلسطين المحتلة 1948 ، هو مقدمة لفرض التجنيد العسكري الاجباري مستقبلا ، وفق السياسة المرحلية للاستراتيجية الصهيونية لابتلاع الثعبان الأزرق السداسي الصهيوني للشعب الفلسطيني .
خريطة فلسطين المحتلة بعد عام 1967


كيفية المواجهة العربية لفرض الخدمة المدنية الاجبارية عليهم


يقول الله السميع البصير جل ثناؤه : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) }( القرآن المجيد – البقرة ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 167) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .
إن الخدمة المدنية بقانون صادر عن الكنيست أو عبر أمر عسكري صهيوني ، سواء أكانت مدة الخدمة المدنية الإلزامية أو الطوعية ، سنة أو سنة ونصف أو سنتين أو اقل أو أكثر ، فإنها مرفوضة جملة وتفصيلا من السواد الأعظم من المسلمين والنصارى الأقحاح من أهل فلسطين الأصليين ، ويصفونها بأنها ( آفة مدنية ) إذ يرفض العرب العنصرية اليهودية – الصهيونية الظالمة المستبدة منذ أكثر من ستة عقود زمنية ونيف منذ عام 1948 حتى الآن ، ونحن في صيف عام 2012 .
على العموم ، هناك عدة طرق وأساليب سياسية وبرلمانية ودبلوماسية وقانونية ودينية وشعبية ، منفردة أو متعددة متفرقة أو متجمعة مع بعضها البعض ، للتصدي للسياسة الصهيونية الجديدة المتمثلة بمحاولة فرض الخدمة المدنية على العرب ، لعل من أبرزها :
أولا : العصيان المدني الشامل . وعدم الاستجابة للتعليمات والأوامر العسكرية والسياسية الصهيونية مهما كلف الثمن من خسائر بشرية ومادية .
ثانيا : الانتفاضة أو المقاومة الشعبية العارمة . باللجوء لحالات سلمية وعنيفة شتى من أساليب المقاومة للسياسة الصهيونية الجديدة ، وما ينجم عها من توتر سياسي واعتقالات وإمتلاء السجون الصهيونية بآلاف المقاومين المناضلين العرب .
ثالثا : إصدار الفتاوى الدينية الإسلامية والنصرانية ، الداخلية والخارجية ، الرافضة للسياسة الصهيونية التي تحرم الخدمة بالكيان العنصري الصهيوني وتعتبرها ( آفة مدنية إجتماعية ) .
رابعا : إحداث معركة قانونية في البرلمان العبري ( الكنيست ) ، من النواب العرب المنتمين للأحزاب والحركات القومية واليسارية والوطنية والإسلامية العربية .
خامسا : المواجهة الإعلامية والنفسية ، وشن حملة مبرمجة ضد العرب الذين يخدمون بالجيش الصهيوني بالمجالين العسكري والمدني مستجيبين للترهيب والابتزاز تارة والترغيب الصهيوني تارة أخرى .
سادسا : الحرب الدبلوماسية العالمية المناهضة للسياسة الصهيونية ، وطلب الدعم المعنوي العالمي ضد العنجهية الصهيوني الى تحاول استبعاد واستعباد العرب .


الخلاصة


جاء في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 442) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ " .
السواد الأعظم من عرب فلسطين المحتلة ، بديانتيهم الإسلام والنصرانية ، ولا نقول الأغلبية المطلقة فقط ، يرفضون بشكل قاطع الابتزاز والاستهزاء اليهودي السفيه الساخر بمصيرهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم ، بفرض الخدمة المدنية من المؤسسة الصهيونية الحاكمة في تل أبيب ، تحت أي ظرف من الظروف وفي ظل أي اسم أو مسمى أو ذريعة إجتماعية أو اقتصادية أو غيرها ، ومن يقبل من العرب بقانون أو نظام الخدمة المدنية الاجبارية المجانية هم قلة قليلة لا تشكل نسبة هامة بل نسبة هامشية ثانوية ، يتمثلون بذوي المنافع والمطامع الحزبية الضيقة وذوي النفوس المريضة التي قبلت برضى خفي أو على مضض واستسلمت للعنجهية والوحشية الصهيونية الماكرة .
وهناك صعوبة بالغة في تطبيق التجنيد المدني المجاني الاجباري الصهيوني العبري الصهيوني على العرب ، لعدم قناعة العرب أولا بهذا الأمر الجلل ، فلن يحصلوا على العدالة الاجتماعية أو المساواة الاقتصادية أو السياسية ، مهما قدموا وخدموا الكيان الصهيوني طوعا أو كرها ، ولهم تجربة مريرة في هذا المجال لما يزيد عن 64 عاما . وثانيا لنظرة الأحزاب اليهودية العنصرية الدونية ضد العرب بإعتبارهم الأعداء الخطيرين القريبين ( الطابور الخامس ) في ثنايا المجتمع اليهودي بفلسطين المحتلة .
وأخيرا ، فالله نسأل التوفيق والسداد لأصحاب فلسطين الأصليين في الأرض المقدسة عامة ، وفي الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني خاصة ، وأن يجنبهم عثرات الاحتلال الصهيوني البغيض ، وأن تقدم لهم الأمة العربية العون والمساعدة في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية وأن تفتح لهم ذراعيها ليبقوا ثابتين على مواقفهم الرافضة للظلم والاستبداد العبري - اليهودي – الصهيوني في أرض آبائهم وأجدادهم .
وهذه الفئة الفلسطينية العربية والمسلمة ، مدعوة لتمتين العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية مع أهل فلسطين في كل مكان ، وخاصة في بقية أجزاء فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة .
ولا بد من الاستعانة بدعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
وختاما ، نردد فنقول والله المستعان ، بما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: