الجمعة، 18 مايو 2012

الانتخابات المحلية الفلسطينية 2012 .. بين التجميد والتمديد.. والتحديد والتجديد .. والتبديد والتخليد / د. كمال إبراهيم علاونه


خريطة فلسطين المحتلة
الانتخابات المحلية الفلسطينية 2012 ..
بين التجميد والتمديد .. والتحديد والتجديد .. والتبديد والتخليد
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ  : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 13 / ص 212) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " .
استهلال
يدور جدل كبير في أروقة الساحة الفلسطينية عموما ، ومديريات وزارة الحكم المحلي ، والبلديات والمجلس القروية ، ولجنة الانتخابات المركزية بفلسطين خصوصا ، حول سؤال بسيط : هل تجرى الانتخابات المحلية قبل أو بعد تشكيل حكومة التوافق الوطني ، وفق إتفاق الدوحة عام 2012 أم لا ؟
فعملية تأخير أو تأجيل الانتخابات المحلية مثلها مثل تأجيل الانتخابات البرلمانية للمجلس التشريعي الفلسطيني أو المجلس الوطني الفلسطيني أو الرئاسة الفلسطينية ، تلقي بظلالها البائسة على النفسية الفلسطينية العامة والحزبية والفصائلية والحالة الخاصة . فالانتخابات المنتظمة سواء محلية أو نيابية أو رئاسية ، مطلب شعبي ورسمي حيوي ، لتدارك الأمور المستعصية ، إن وجدت ،  ومتابعة عملية الصلاح والإصلاح ، في البنيتين الفوقية والتحتية الفلسطينية على حد سواء .
ومن الأجندة الفلسطينية السابقة ، كان من المفترض أن يتم تنظيم الانتخابات المحلية الفلسطينية في الضفة الغربية يوم السبت 17 تموز – يوليو 2010 ، في 302 هيئة محلية وأن يشارك بها 862.773 ناخبا وناخبة في المدن والقرى الفلسطينية ، لانتخاب 3.098 رئيسا وعضوا بالهيئات المحلية التي يتراوح عدد مقاعدها ما بين 9 – 15 مقعدا لكل هيئة محلية حسب تعداد عدد السكان .
وبقرار مفاجئ ألغيت الانتخابات المحلية ، في عصر يوم الخميس 10 حزيران - يونيو 2010 ، مع بقاء فرصة حوالي 7 ساعات لتقديم القوائم الانتخابية القانونية لمكاتب لجنة الانتخابات المركزية ، باليوم الأخير لتقديم القوائم الانتخابية المرشحة لخوض غمار الانتخابات البلدية والقروية المقبلة ، حيث كانت الفترة القانونية لتقديم قوائم المرشحين وفق نظام التمثيل النسبي ما بين 1 – 10 / 6 / 2010 ، حيث أصدرت الحكومة الفلسطينية في رام الله برئاسة د. سلام فياض قرارا بتأجيل تنظيم الانتخابات المحلية حتى إشعار آخر دون إبداء أسباب التأجيل ، مما ساهم في خلط الأوراق الانتخابية الشخصية والعشائرية والفصائلية بين مؤيد ومندد .
ووقع السواد الأعظم الناس في حيص بيص ، وهرج ومرج حول أسباب هذا القرار المفاجئ لهم ، بينما تنبأ غيرهم بأن عقد الانتخابات المحلية في الضفة الغربية التي تضم 11 محافظة فلسطينية ، غير منصف قانونيا سياسيا وتنظيميا وشعبيا ، وخاصة في ظل الانقسام والتشرذم ، بين جناحي الوطن : الضفة الغربية ( الوسط الشرقي من فلسطين ) وقطاع غزة ( الجنوب الغربي من فلسطين ) ، وعدم إمكانيه عقدها في قطاع غزة ، التي تضم 5 محافظات فلسطينية ومقاطعة حركات فلسطينية فاعلة على الساحة الخدمية والنضالية العامة كحركتي حماس والجهاد الإسلامي لهذه الانتخابات المحلية .
مهام وواجبات الهيئات المحلية الفلسطينية
تشرف الهيئات المحلية في فلسطين بإعتبارها هيئات أو سلطات عامة خدمية تنموية ( حكومات محلية ) ، تخضع لإشراف وزارة الحكم المحلي ، على العديد من الأنشطة والفعاليات الخدمية والمرافق العامة من البنية التحتية ، التي تهم كل مواطن فلسطيني في فلسطين ( الأرض المقدسة ) ، صغيرا أو كبيرا ، ذكرا أو أنثى .
وتضم الخدمات العامة للمحليات الفلسطينية ما يلي :
تنظيم وتخطيط المدن والقرى والشوارع ، وتعبيد الشوارع والطرقات وفتح الطرقات الفرعية والزراعية ، وإصدار تراخيص الأبنية ، وتنظيم الحرف والمهن والصناعات ، وشبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي ، وتنظيم الأسواق العامة والمحلات ، ومجمعات ومواقف وسائل النقل والمواصلات ، وبناء وتطوير المتنزهات ، والدفاع المدني وإغاثة المنكوبين ، وتصريف السيول والفيضانات والمراقبة الصحية للأغذية والمسالخ وتجميع الفضلات والقمامة وإلقائها في مكبات خاصة ، وحرقها وتنظيم شؤون الباعة المتجولين ومنع التسول ، وتنظيم البسطات والمظلات والإشراف على أسواق الدواب ، ومراقبة الموازين والمكاييل وإنشاء المقابر والمحافظة عليها وسواها .
تنظيم الانتخابات المحلية الفلسطينية ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) .. بين الإهمال والتأجيل والتأويل
يقول الله العلي العظيم عز وجل : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .
إن عملية تنظيم الانتخابات المحلية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، مطلب حيوي وضرورة ملحة ، خلال العام الجاري ( 2012 ) سواء بقرار حكومي رسمي من حكومة الوفاق والتوافق الوطني ، برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( حسب إتفاق الدوحة 2012 ) ، أو بدعوة  الحكومتين المتباعدتين في رام الله ( حكومة رام الله برئاسة د. سلام فياض ) وغزة ( حكومة غزة برئاسة الشيخ إسماعيل هنية ) ، والأفضل إجراؤها بإشراف حكومة فلسطينية موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) لعدة أسباب رسمية وشعبية وشخصية ، وطنية واجتماعية واقتصادية ونفسية وجغرافية وتنظيمية وحزبية عامة وشاملة .
ويدور في هذه الأيام صراع خفي ، سياسي وتنظيمي وحزبي وقاوني وإداري ، في جناحي الوطن بالضفة الغربية وقطاع غزة ، حول كيفية إجراء هذه الانتخابات المحلية أو البرلمانية أو الرئاسية ، مع التركيز على إنتخابات المحليات الفلسطينية ، من مجالس بلدية وقروية ولجان مشاريع ، كمقدمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة مع بعضها البعض خلال الفترة المقبلة .
وتتشعب الأراء والأفكار ، بين قطبي الرحى : الرضى والقبول من جهة ، والنقض والمعارضة والانتقاد الشديد من جهة ثانية ، في متوازية لا تلتقى ابدا حيال هذا الجدل العقيم .
التيسير الانتخابي .. وليس التعسير الانتخابي
يقول الله الحي القيوم عز وجل  : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73) }( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
برأينا ، هناك ضرورة حيوية ، لإجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية الشاملة أو الجزئية المرحلية ، لعدة عوامل وأسباب وجيهة ، لعل من أهمها ما يلي :
أولا : عملية الترهل الإداري وفقدان الصلاحيات البلدية والقروية الكاملة ، كنتيجة ظهرت جراء إنتهاء مدة الولاية القانونية والإدارية التي كان يفترض أن تستمر 4 سنوات فقط ، ولكن طالت المدة وأمتد الأمد لأكثر من خمس أو ست سنوات .
ثانيا : الإخفاق السياسي العام في إجراء المصالحة الوطنية الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس ، وبقية الفصائل والحركات الوطنية والإسلامية ، وإعادة اللحمة الجغرافية والسياسية والقانونية بين الضفة الغربية وقطاع غزة برعاية عربية وإسلامية وإقليمية .
ثالثا : الضغوط الفصائلية والحزبية لإجراء الانتخابات المحلية لإدارة التنمية المحلية ، وتحريك الشارع الفلسطيني ، وتجديد الدم الإداري في جسم المحليات الفلسطينية وتوفير فرص العمل الجديدة لآلاف الباحثين عن عمل .
رابعا : المناداة الشعبية والفصائلية ، لتشكيل قوائم انتخابية وطنية عامة ، وعدم اللجوء للمماحكات والمنافسات الهزيلة ، لتغليب المصلحة العليا على المصالح الفئوية والشخصية .
خامسا : التذمر الشعبي المتزايد جراء تمديد الولاية الإدارية والقانونية الهشة لرؤساء وأعضاء المجالس المنتخبة قبل بضع سنين ، وبروز الصراعات العشائرية والعائلية المتوثبة لتنظيم سير الانتخابات المحلية خلال فترة قريبة .
سادسا : التعيينات الإدارية الجديدة المرفوضة كليا أو جزئيا ، للكثير من لجان الإدارة في المحافظات الفلسطينية سواء بالمدن أو البلدات أو القرى . والأمثلة كثيرة في هذا المجال في عدة محافظات فلسطينية بالضفة الغربية .
سابعا : رغبة الفصائل الوطنية والأحزاب السياسية ، في إدخال شخصيات موالية لها ، تمهيدا للانتخابات البرلمانية المقبلة .
ثامنا : الاستعداد السياسي والقانوني والإداري الكافي لإجراء الانتخابات المحلية ، سواء من لجنة الانتخابات المركزية في فلسطين - التي جرى تشكيلها مؤخرا وفق آلية توافق بين حركتي فتح وحماس ، وصدور قرار رئاسي حيال هذه المسألة -  أو المراقبين أو وجود الهيئات المحلية للمراقبة في ظل الانقسام بين جناحي الوطن ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) . والأمر بحاجة لتحديث السجل الانتخابي جزئيا في الضفة الغربية ، وكليا في قطاع غزة ، بعد التوحيد والوحدة الحكومية ، أو حتى موافقة الحكومة الفلسطينية بقطاع غزة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) .
تاسعا : الإعداد لإنتفاضة فلسطينة ثالثة ، وخاصة بعد الوحدة شبه الرسمية والشعبية في التعاطي مع الإضراب المفتوح لأسرى فلسطين المضربين عن الطعام خلال المرحلة الفائتة .
عاشرا : ظهور العشائرية والعائلية والشللية والقبلية المطالبة بالتغيير ، وتقلص تأثير الحركات والأحزاب السياسية الحقيقية في قيادة العمل المحلية في البلديات والمجالس القروية .
حادي عشر : نجاح تجربة الانتخابات الطلابية في الجامعات الفلسطينية ، ومشاركة الكتل الطلابية الوطنية والإسلامية فيها ، رغم وجود بعض المنغصات خلالها .
ثاني عشر : اليأس والإحباط والقنوط الشعبي والفصائلي ، من التمكن الفعلي من إتمام المصالحة الفلسطينية .
على أي حال ، يمكن أن تشكل عملية إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية ، في جناحي الوطن ، رافعة جديدة لرفد سياسة التوافق الوطني والمصالحة الوطنية الشاملة ، والتسريع بخطى التوحيد والوحدة على أرض الواقع .
وإذا تعذر إجراء الانتخابات المحلية في جناحي الوطن ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) فيمكن إجرائها في الضفة الغربية أولا ، ثم في قطاع غزة ثانيا ، أو العكس ، وفق مبادئ النزاهة والشفافية ، وحرية الاقتراع والمشاركة الانتخابية ، وحرية الترشح والترشيح الشخصي والحزبي والفصائلي دون ملاحقات أمنية من هنا أو هناك .
الانتخابات المحلية .. وشعبية الفصائل والأحزاب السياسية
يقول الله العليم الحكيم تبارك وتعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) }( القرآن المجيد – طه ) .
جاء في مسند أحمد - (ج 39 / ص 345) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْأَعْوَادِ أَوْ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ : " مَنْ لَمْ يَشْكُرْ الْقَلِيلَ لَمْ يَشْكُرْ الْكَثِيرَ وَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ شُكْرٌ وَتَرْكُهَا كُفْرٌ وَالْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ قَالَ فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مَا السَّوَادُ الْأَعْظَمُ فَنَادَى أَبُو أُمَامَةَ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } " .
على العموم ، لا بد من الابتعاد عن العصبية القبلية والغضب وردات الفعل السلبية ، والإسراع في تنظيم الانتخابات المحلية الفلسطينية ، وفق القانون الفلسطيني ، والخروج من هذه المتاهات المظلمة ، التي أثرت سلبيا على مكونات المجتمع المحلي ، وأخذت الكثير من الأخذ والرد ، فلا بد من الحسم الانتخابي ، وليعرف كل فصيل أو حزب حجمه الشعبي الحقيقي . وكتحصيل حاصل ، يفترض أن يكون التشيكل الانتخابي الشعبي الجديد ، معيارا ومقياسا ، لتغيير خريطة التركيبة التنظيمية والفصائلية ، لمؤسسات وأجهزة منظمة التحرير الفلسطينية أولا والسلطة الوطنية الفلسطينية ثانيا ، بصورة فعلية تستند للحقائق على أرض الواقع ، ليأخذ كل ذي حق حقه ، في القيادة المحلية والبرلمانية الشاملة .
وكلمة لا بد من قولها وإسماعها ، لصناع القرار السياسي والإداري والقانونية والحزبي الفلسطيني ، لا تضيعوا الوقت ، ولا تهدروا الطاقات ، ولا تترددوا في عقد الانتخابات المحلية الفلسطينية ، لأي سبب كان ، فقد تم الاستنزاف النفسي والاجتماعي للجماهير الفلسطينية ، فحري بكم أن تنيروا الدرب بإضاءة جديدة ولو خافتة ، ولا تبقوا متفرجين ، فالتغيير حان ولا بد من تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية ، عاجلا وليس آجلا .
فيكفينا جولات المماطلة والتسويف ، والاستنزاف الشعبي والرسمي ، بين التأييد والمعارضة ، فلتنتهي حالات التمحيص والدراسة وجاء دور إتخاذ القرار الحاسم ، ويتحتم على الجميع الوفاء بالوعود والعهود ، ومنها ولاية المحليات الفلسطينية لأربع سنوات ، مقرة بالقانون الفلسطيني ، فرضى كل الناس أو الفصائل السياسية غاية لا ولم ولن تدرك بتاتا ، وحالة الاجماع الشامل ، غير واردة ويكفي إتباع السواد الأعظم ، وإذا كنتم مترددين في إتخاذ قراراتكم فليتم إجراء عمليات استطلاع للرأي العام الفلسطيني حيال المسائل الخلافية بصورة نزيهة ومحايدة وخفية أو تنظيم الاستفتاء الشعبي العام .
السجل الانتخابي .. أم السجل المدني
وقضية بحاجة لدراسة وتمحيص وحسم سريع ، بفترة قصيرة ، وهي ضرورة إعتماد السجل المدني للانتخابات على إختلاف صورها واشكالها ، بدلا من السجل الانتخابي التي تعبت لجة الانتخابات المركزية بفلسطين ، في تسجيله خلال الفترة السابقة ، لإجراء الانتخابات المحلية أو غيرها ، فالسجل الانتخابي ليس مقدسا ، بل هو إحدى اساليب تنظيم عمليات الاقتراع الانتخابية الجزئية أو الكلية الشاملة .
وحسب القوانين والأعراف الدولية يجوز الاستناد للسجل المدني أو الانتخابي لإجراء الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية . وذلك بالرغم من أن السجل الانتخابي المحدث أكثر دقة من السجل المدني بجميع المعايير والمقاييس والأحوال .
ومن نافلة القول ، إنه آن الأوان ،  لسبر حيثيات الانتخابات المحلية وخفاياها وخباياها ، ومزاياها وسلبياتها السابقة ، خلال السنوات العجاف الماضية ، لتشكل رافعة عليا ، لتطوير وتفعيل القوائم الانتخابية المحلية القادمة وتصحيح الأخطاء والتركيز على الإيجابيات لزيادة الاهتمام بالخدمات لحوالي أربعة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة .
الانتخابات المحلية الفلسطينية .. والاحتكام لصناديق الاقتراع
يقول الله العزيز الوهاب جل شأنه : { وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16)}( القرآن المجيد – الإسراء ) .
برأينا ، فإن قرار تنظيم الانتخابات المحلية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، بحاجة للتطبيق العملي ، بغض النظر عن الحكومة التي تتخذ القرار لتنفيذ هذه الحاجة الانتخابية الملحة ، لتصب في الاتجاه الصحيح لتصحيح الأوضاع غير السليمة ، فليكن قرارا حكيما لتحقيق مطلب شعبي ، للسواد الأعظم من الناس ، فهو قرار جامع ومانع في الوقت ذاته ، للخروج من سياسة مضغ الماء ، لأن الماء لا يمضغ أصلا ، لعدة أسباب من أبرزها :
أولا : إتاحة المجال للوحدة الوطنية الفلسطينية ، لتأخذ طريقها الفعلي ، وتفضيل المصلحة الفلسطينية العليا على المصالح الحزبية والفئوية والمطامع الشخصية الضيقة .
ثانيا : الاستعاضة عن سياسة التعيين المحلي ، ووضع حد للإبتزازات العشائرية والعائلية المتعاظمة بين الحين والآخر .
ثالثا : التفرغ لقضايا فلسطينية حيوية ، والاستعداد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ، وعدم الالتهاء في أمور جانبية هامشية . فللأسف الشديد ، طغت التناقضات الثانوية ( الشرذمة والإنقسام والفرقة والخصام ) بدل الوئام والاحترام ، على التناقض الرئيسي وهو الصراع بالوانه والمتعددة ، مع الاحتلال وضرورة التحرير الوطني والخلاص من الأجنبي .
رابعا : تجديد قيادات مجالس الهيئات المحلية الكبرى والوسطى والصغرى ، والتمكن من متابعة التنمية الخدمية المحلية للجماهير الشعبية .
خامسا : التخلص من براثن التبعات السلبية للانتخابات المحلية الفائتة ، وتصحيح الأخطاء السابقة .
سادسا : تعزيز المداورة القانونية الانتخابية السلمية لولاية زمنية محددة ، لتسهيل المراقبة والمحاسبة والحساب الرسمي والشعبي والحزبي والإعلامي .
الانتخابات المحلية لعام 2012 .. بين التأييد والتبديد والتنديد
ظهر جدل عقيم جديد بين قياديي الكثير من الفصائل والأحزاب والحركات الوطنية والإسلامية ، تمثل في التعقيب على تنظيم الانتخابات المحلية الفلسطينية ، لعام 2012 أو استباق فكرتها ، كما كان حالهم في صيف 2010 ، فمنهم من يؤيد بشدة ومنهم من يدين ومنهم من يستنكر ، ومنهم اللامبالي حيال ما يجري ، ومنهم من يطالب بممارسة الضغوط الشعبية على الحكومة الفلسطينية برام الله ، للتأجيل أو تنظيم الانتخابات أو إلغاءها ، ومنهم من يطالب حكومة غزة بقيادة حركة حماس ، بالسماح بتحديث السجل الانتخابي وفي ظل هذا السيل الهلامي الكلامي ، بين التأييد والتنديد والتبديد ، يفرض القرار الرسمي نفسه فرضا على الجميع بلا استثناء ، وهو قرار سياسي بالدرجة الأولى للتنفيذ ثم المناقشة ، لا العكس .
ومن الضروري لمدركي بواطن الأمور وخفاياها وراء الكواليس من وقفة صادقة مع الإله ، الله ربنا جميعا سبحانه وتعالى ، ثم مع النفس ثم مع الآخرين لتقديم المصلحة الفلسطينية الاستراتيجية العليا على المصالح الحزبية والأنانية الآنية الضيقة ، ولا بد من إتباع بوصلة الحقيقة ، مهما كان الحقيقة مرة كالعلقم .
على العموم ، هناك الكثير ممن يطالبون بإقرار تنظيم الانتخابات المحلية خلال فترة وجيزة وفق القانون الفلسطيني الجديد ، ضمن إمكانية لجنة الانتخابات المركزية ويعارضون تأجيل إجرائها  ، مهما كانت الأسباب والمنطلقات والظروف ، فصناعة الخير العام أمر حتمي لا بد منه ، وفق قواعد وأسس النزاهة القانونية والشفافية الفعلية ، بعيدا عن الأهداف الشخصية والحزبية والفئوية والفصائلية الضيقة .
وحري بنا القول ، إنه لا بد من مشاركة فعلية وحقيقية ناجزة لحركات : فتح وحماس والجهاد الإسلامي ، وبقية الجبهات والأحزاب السياسية ، لقيادة المحليات الفلسطينية وفق رؤى تنافسية شريفة سلمية جديدة ، تساهم في تقصير عمر الاحتلال الصهيوني ، الجاثم على ارض فلسطين ، وتقريب قيام دولة فلسطين على أسس التعددية السياسية والحزبية ، السلمية لا العنيفة أو الأمنية أو العسكرية . ولنضع نصب أعيننا أن المستفد الوحيد الأوحد ، من حالة التشرذم والفرقة والإنقسام الداخلي الفلسطيني هو الاحتلال الصهيوني وحده ولا أحد غيره .
إنتخابات محلية .. وفق تعددية بعيدا عن التزكية الشكلية
إن عملية الضبط والربط والإلزام والإلتزام التنظيمي مسألة خلافية بين الجميع ، وإن فرض قوائم انتخابية بالتزكية مهمة ضمن حدود محدودة مغلقة لا مفتوحة أو على نطاق واسع ، إذ أنها لا تلبي طموحات الناخبين في مناطق الهيئات الانتخابية ، وعملية سد الطرق على ترشيح من يرى في نفسه مناسبا ، ليس بالأمر السهل فتتولد لديه ردة فعل سلبية تجاه حركته أو حزبه أو تنظيمه أو جماعته أو عشيرته الأقربين ، وبالتالي فيمكن أن تكون سياسة فرض التزكية بمعنى نزول وتسجيل قائمة واحدة موحدة للانتخابات وفوزها بلا تبعات انتخابية من دعاية وترويج للبرامج الانتخابية ، وتظهر هذه السياسة وكأنها المنقذ من الفشل في الانتخابات ، وهي سياسة فاشلة لا شك ، تحرم الناخبين من حق الإدلاء باصواتهم الانتخابية والمشاركة السياسية والمحلية العامة .
وقد ارتكبت خلال الفترة الأخيرة للإعداد للانتخابات المحلية المؤجلة في صيف 2010 ، بتشكل قوائم الانتخابات بالتزكية ، أخطاء قاتلة بل خطايا فادحة في عملية لملمة شمل بعض الفصائل والحركات الوطنية لخوض الانتخابات بقائمة واحدة وفرضها فرضا لتحصل على التزكية ، وكأن القائمين على تشكيل قوائم التزكية هم من يعرف مصلحة الهيئة المحلية ، وهذا ليس حكيما ولا يمت للصواب بشيء ، فهو ينصب نفسه آمرا ناهيا بحجة الحفاظ على حيوية ونصيب الحركة أو الحزب أو العائلة في تحقيق النجاح الانتخابي وتحصيل أكبر عدد ممكن من المقاعد ويفرض نفسه وصيا على الآخرين بلا وجه حق .
استحقاقات الانتخابات المحلية في فلسطين
هناك العديد من الاستحقاقات لتنظيم العملية الانتخابية للهيئات المحلية الفلسطينية ، من أبرزها :
أولا : تطبيق الولاية القانونية والإدارية ( الدورة الانتخابية 4 سنوات ) عبر التنفيذ الدوري المنظم ، للقانون الانتخابي والالتزام به ، وتصحيح الأخطاء السابقة  .
ثانيا : تنظيم إدراج القوائم الانتخابية للمحليات الفلسطينية بصورة القانونية الدقيقة المتمثلة بمراحل الإضافة والسحب والتمثيل الأقرب للواقعية .
ثالثا : تسجيل المواطنين الذين لم يسجلوا بالسجل الانتخابي ، وذلك لا تاحة المجال أمامهم للترشح والانتخاب في الآن ذاته أو إقرار إعتماد السجل المدني الكبير .
رابعا : السماح بدخول قوائم انتخابية متعددة ( ذكورا ونساء ) ومستقلين بوجوه جديدة وخروج مرشحين حاليين .
خامسا : تشكيل إئتلافات جديدة لم تكن موجودة منافسة للقوائم التي شكلت .
سادسا : التأكيد القانوني على حصة المرأة في قيادة المحليات الفلسطينية .
سابعا : عدم التلاعب مرة أخرى بأعصاب الذين كانت ترد أسمائهم للترشح لعضوية القوائم الانتخابية ثم يتم حذفها لسبب أو لآخر حسب طبيعة الولاءات والتفاهمات والإبتزازات والسياسية المفروضة من أعلى قمة الهرم السياسي على القوائم الانتخابية .
ثامنا : الخبرة والدراية واكتساب الوقت للمزيد من المشاورات لتشكيلات القوائم الانتخابية ، والاستعداد للحملات الانتخابية القادمة .
تاسعا : هدوء المشاحنات والمشاجرات الانتخابية العلنية والخفية ، والتزام السكينة والاستقرار النفسي في الدعاية الانتخابية المحلية .
عاشرا : التفتيش الأمني الفلسطيني الحقيقي ، على قوائم المرشحين وأستبعاد المشبوهين من الفئات الفاسدة أمنيا وأخلاقيا وماليا وإداريا .
حادي عشر : وجود القانون الانتخابي للهيئات المحلية وفق الاتفاق الوطني الشامل ، لتسيير شؤون المحليات الفلسطينية بصورة قانونية صحيحة .
ثاني عشر : الإعداد القانوني والإداري والأمني المناسب للانتخابات المحلية لمنع الابتزاز والتزوير والتهديد والوعيد .
خريطة فلسطين التاريخية المضيئة
الخاتمة .. " فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ "
ورد بصحيح البخاري - (ج 8 / ص 489) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " .
كما جاء في سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 442) حَدَّثَنَا مُعَانُ بْنُ رِفَاعَةَ السَّلَامِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو خَلَفٍ الْأَعْمَى قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ " .
مهما يكن من أمر ، فلا بد من الاستحقاق الانتخابي المحلي والبرلماني الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الولاية القانونية والإدارية الممتدة لأربع سنوات ، للهيئات المحلية الفلسطينية وتأجيلها لسنة أو سنتين أو أكثر أو أقل في الحواضر والريف الفلسطيني . ويفترض إتاحة المجال أمام الجميع للترشح وخوض غمار المعركة الانتخابية بحرية ونزاهة وشفافية ، بعيدا عن الضغوط السياسية والحزبية والشللية والقبلية وغيرها ، مهما كانت النتائج فلا يجوز إجراء الانتخابات المحلية بالضفة الغربية في ظل خوف وتخوف حركتي حماس والجهاد الإسلامي من خوضها لأن أفرادهما ملاحقون من الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية والخوف من حملة الاعتقالات في صفوف مرشحيها . وكذلك الحال العكسي ، تخوف افراد وقيادات حركة فتح من الترشح وخوض الانتخابات المحلية في قطاع غزة وسط الخوف من الملاحقة الأمنية لهم تحت أي مسمى أو سبب من الأسباب السياسية الحقيقية أو الوهمية .
وليشارك الجميع في العرس الانتخابي المحلي ، في فلسطين ، بحرية ونزاهة وشفافية دون خوف أو وجل ، بعيدا عن الابتزاز والملاحقات الأمنية ، مهما كانت المبررات المقبولة أو غير المناسبة .
ولا بد من تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية الكاملة الشاملة ، لاستنهاض قوى التغيير والإصلاح ، والتحرير الوطني القادم ، بكل معنى الكلمة ، والخروج من متاهات الانقسام والخصام بأسرع وقت ممكن ، للدخول من بوابات الاتفاق والوئام ، ولا بد من توحيد فلسطين الصغرى ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) في ظل حكومة وحدة واحدة موحدة ، فالوفاق والتوافق الوطني الفلسطيني خير لا بد منه ، والانقسام شر لا بد من إزاحته والابتعاد عنه بجميع الوسائل والطرق الحكيمة والطاهرة .
ولتساهم في إنجاح الانتخابات المحلية جميع الحركات والفصائل والأحزاب السياسية والمستقلين وفي مقدمتها توأم فلسطين : حركة فتح وحركة حماس . فلا انتخابات حقيقية في غياب أي من هذين الفصليين الكبيرين في الساحة الفلسطينية وليتم تحديد موعد جديد للانتخابات المحلية وكذلك للانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية لتسير فلسطين في دورة انتخابية منتظمة ومستمرة دون توقف حسب الأصول والقوانين الفلسطينية المعمول بها في البلاد لراحة العباد . ولا بد من إبعاد شبح الخوف والتخويف والإبتزاز والترقيع في الانتخابات المحلية الفلسطينية .
كما ندعو ، كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
وختامه مسك ، فندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .
نترككم في أمان الله ورعايته . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
خريطة فلسطين العربية - باللغتين العربية والانجليزية

السبت، 12 مايو 2012

رسالة مفتوحة للعمال والموظفين بالعالم .. يا عمال العالم تعاونوا .. في يوم العمال العالمي 1 / 5 / 2012 د. كمال إبراهيم علاونه


د. كمال إبراهيم علاونه
رسالة مفتوحة للعمال والموظفين بالعالم ..
يا عمال العالم تعاونوا ..
في يوم العمال العالمي 1 / 5 / 2012



د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

الإخوة العمال والموظفون وفقهم  ورعاهم الله ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،،،
الموضوع : الواجبات والحقوق العمالية الإسلامية

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)}( القرآن المجيد – النجم ) . وجاء في صحيح البخاري - (ج 7 / ص 235) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ " .

استهلال

العمل بمختلف أنواعه وأشكاله ، في القطاعين العام والخاص ، والأهلي والتعاوني ، هو من الأمور الواجبة لتوفير الاحتياجات الإنسانية اليومية المتزايدة . وبهذا فإن الإنسان يسعى للاحتراف أو إتخاذ المهنة المناسبة التي يرتزق منها طيلة أيام حياته ، وينفق منها على أسرته وعائلته ، ولمن له حق عليه ، ويخرج من عائدها اليومي أو الأسبوعي أو الشهري الزكاة والصدقات ، وينفق منها على الأهل لتوفير المأكل والملبس والمأوى وبقية المستلزمات العائلية الأخرى .
فالاقتصاد يتطور وينمو بسواعد الشغيلة العمال والموظفين على اختلاف طوائفهم وفئاتهم المهنية ، العقلية واليدوية والمشتركة ، فالعمال يؤدون العمل للحصول على منافع مالية أو عينية لتوفير ما يحتاجونه من شؤون الحياة ومتطلباتهم المتصاعدة يوما بعد يوم . وتنتظم العلاقة العمالية بين أرباب العمل والعمال بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة وبقواعد ومواد قانونية مقرة في بعض الدساتير في دول العالم .

غاية خلق الله للإنسان .. وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ

لقد حض الإسلام على الإلتحاق بإحدى الأشغال والأعمال المهنية ، الجسدية أو العقلية أو ما بينهما ، برا وبحرا وجوا ، والسعي في طلب الرزق الحلال من مصادره ومنابعه المتعددة الأشكال والصور ، والابتعاد عن الاستجداء أو طلب المال الحرام التي تعتبر من المسائل المحظورة التي شدد الإسلام العظيم عن منعها . وأعلموا يا جماهير الحركة العمالية في أي بقعة من بقاع الأرض ، قد أنبأنا الإسلام العظيم أن الأرزاق بيد الله الرزاق ذو القوة المتين ، كما يقول الله ذو الجلال والإكرام جل شأنه : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}( القرآن الحكيم – الذاريات ) . ولكن ينبغي على الإنسان السعي لنيل رزقه المكتوب له الذي لا يعرف مكانه وزمانه وكيفية تحصيله أو الاسترزاق به .

السعي الحثيث لطلب الرزق .. فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا

وعلى الصعيد ذاته ، حض الله الحي القيوم ، جميع الخلائق والكائنات الحية ، من الطيور والزواحف والحشرات والحيوانات العجماء والناطقة ، وفي مقدمتهم بني آدم على البحث عن الرزق في خبايا الأرض وثناياها المتشعبة ، والاتكال على الله الغني المغني سبحانه وتعالى ، وعدم التواكل أو التوكل على الآخرين من بني آدم ، وانتظار قدوم الرزق للبيت ، فالسعي فرض وواجب على الإنسان ، والإنسان الفاعل العامل خير من الإنسان الكسول الخامل ، يقول الله العظيم الحليم عز وجل : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}( القرآن المجيد – الملك ) . فامشوا في مناكبها هو أمر رباني مقدس يجب التقيد به والعمل على تنفيذه دون إبطاء أو تسويف للبحث عن الرزق في ظاهر وباطن الأرض .

واجبات العمال تجاه العمل في الإسلام

يقول الله العلي العظيم عز وجل : { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) }( القرآن المجيد – التوبة ) .
على أي حال ، تتلخص واجبات العمال والموظفين تجاه العمل في عدة قضايا ومسائل لا خلاف عليها ، بين العمال وأصحاب العمل ، ومن أهم هذه الواجبات : تنفيذ متطلبات العمل الموكول والمكلف به العامل أو الموظف ، على الوجه الأكمل والأمثل والأفضل ، والإتقان وعدم الغش ، والإخلاص في العمل والحفاظ على ممتلكات المصلحة ، وتجنب الاستهتار والتكاسل والتقاعس ، وذلك سعيا لتطوير وتحسين الإنتاج وتسويقه في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية ، قدر الإمكان ، والإلتزام بمواعيد العمل الصباحية والمسائية ، وعدم التأخير أو الإبطاء في ساعات الصباح الباكر .

حقوق العمال من تأدية العمل

لأبناء الحركة العمالية في جميع أنحاء العالم ، الحقوق الدينية والمالية والصحية والنفسية المترتبة على تأدية الأعمال والأشغال الحرفية واليدوية والعقلية ، لأصحاب العمل على إختلاف أسماءهم ومسمياتهم . فيا أيها العاملون لا تتكاسلوا في طلبها ، وتتمثل أهم هذه الحقوق : توفير ظروف عمل صحية ملائمة ، وتقاضي الأجور اليومية أو الشهرية أو الموسمية أو السنوية المناسبة ، النقدية أو العينية ، حسب الاتفاق ، والتأمين الاجتماعي ضد الإصابات ، والتأمين الصحي الشامل ، هذا بالإضافة إلى زيادات مالية سنوية ، وعطل أسبوعية ، وإجازات سنوية ومرضية طارئة ، وإجازات أمومة للنساء ، وإجازات ثقافية ، وإجازات دينية للحج الإسلامي والأعياد الإسلامية : عيد الفطر السعيد ، وعيد الأضحى المبارك ، والمناسبات الرسمية والوطنية والقومية وغيرها . وكذلك ممارسة العمل في ساعات معينة بالنهار أو الليل وفق نوبات عمل ، وساعات عمل إضافية متفق عليها ، والحق بتعويضات مالية مناسبة عند الإنهاء أو الفصل أو الاستقالة من العمل أو التقاعد من الخدمة المدنية أو العسكرية . وتذكروا حقكم في إقامة الصلوات الجماعية في أوقاتها ، فرادى وجماعات ، دون الإخلال بساعات العمل اليومية المعتادة المتعارف عليها . فهذه وغيرها من الحقوق المقرة في التعاليم الإسلامية ، والقوانين الأرضية الوضعية التي وضعها بني الإنسان عبر التاريخ .
وإعلموا أن الإسلام العظيم أنصفكم إنصافا بينا واضحا ، في مسيرته المظفرة عبر التاريخ ، وإن كان النظام الرأسمالي قد حدد لكم يوما هو الأول من أيار – مايو بصورة دورية سنوية ، كيوم عطلة مدفوعة الأجر ، فإن الإسلام رعاكم واهتم بكم كل الرعاية والاهتمام ، وربط الله سبحانه وتعالى عملية الاهتمام بكم بالأجر والثواب الجزيل من رب العالمين لأصحاب العمل ، وتوعد بالعقاب الشديد لمن يسيء معاملتكم ويستهزئ بكم أو يسخر منكم . فأنظروا وتمعنوا لما جاء في القرآن العظيم والأحاديث النبوية الشريفة :
- { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}( القرآن المجيد – النساء )
- صحيح البخاري - (ج 1 / ص 52) عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ " .
- صحيح البخاري - (ج 7 / ص 471) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ اللَّهُ : ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ " .
- سنن ابن ماجه - (ج 7 / ص 294) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ " .

أيها العمال والعاملات الكرام .. وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ

يقول الله ذو الجلال والإكرام جل جلاله : { وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)}( القرآن المجيد – النساء ) . بادروا للإلتحاق بالمهن الشريفة ، والتحقوا بأي فرص عمل شريفة ، ريثما تجدون مصدر الرزق بالمهنة المناسبة لتطلعاتكم وتخصصاتكم ، فالإنسان قد لا يجد المهنة التي تناسب تخصصه ، في أول الأمر ، إلا أنه سيجدها بعون الله لاحقا ، فلا تستعجلوا الأمور ، وكونوا من أهل الصبر والمصابرة والمرابطة ، وتريثوا واسعوا في الآن ذاته ، نحو العمل الحلال والمهنة الحلال التي تدر دخلا مناسبا ، وبمرور الزمن ستجدون ما يسركم ، وابتغوا فيما آتاكم الله من خبرة وتجربة ودراية وعلم وإتقان عمل الأجر من الله سبحانه وتعالى . وبناء عليه ، فابتعدوا عن الحسد وتمني ما بأيدي الناس الآخرين من مهنة وعمل وأجر ، فلكل واحد رزقه ونصيبه من الحياة الدنيا والآخرة ، وإذا سألتم فاسألوا الله مجيب دعوة الداع إذا دعاه ، ولا تستعجلوا الإجابة ، فسبحان الله الرازق لكافة الخلائق ولا ينسى من فضله أحد حتى الطير في السماء والحوت في وسط البحر والحيوان في قلب الغابة والإنسان فوق الأرض والبحر وفي كبد السماء .

إخواني العمال الكرام .. عليكم بالرزق الحلال

اسعوا في مناكب الأرض حثيثا ، واطلبوا الرزق الحلال البعيد عن الحرام ، المحرم إسلاميا ، فالمال الحلال يجلب أضعافا مضاعفة ، والمال الحرام يأكل غيره بأضعاف مضاعفة كذلك ، فاجتنبوا الحرام واسعوا جاهدين نحو الحلال ، فلا تعملوا في الأعمال والأشغال المحرمة إسلاميا ، للمصلحة العليا الفردية والعائلية والمجتمعية والإنسانية عامة .
فالتحقوا بالوزارات والمؤسسات والشركات والمصانع والمنشآت الاقتصادية ، وبجميع أجنحة الاقتصاد الحلال ، في الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات والسياحة ، وابتعدوا عن المصانع الفاسدة التي تنتج ما يفسد أخلاق الحرث والنسل ، فابتعدوا عن العمل في النوادي الليلية والملاهي والبارات والكازينوهات ومصانع الخمور وغيرها . وشدوا الرحال اليومي للعمل المجدي النافع للإنسان دينا ودنيا ، فينجيكم الله يوم القيامة من عذاب الجحيم . ولا تخجلوا من العمل في المهن الشريفة ، مهما كان نوعها وطبيعتها ، فالخجل يكون لكل من يأتي بعمل أو بفعل مشين ومهين ، والشرف كل الشرف لمن يبحث عن رزقه ورزق عياله ، بالتقوى والحلال ، والابتعاد عن سؤال الناس ، أو السرقة أو العمل في المحظورات الإسلامية .

رعاية العمال والموظفين لمال صاحب العمل

يتميز المجتمع الإسلامي ، بالطيبة والمعاملة الحسنة والأخلاق الحميدة والمثل العليا ، وبحسن الرعاية والإدارة الاجتماعية والاقتصادية ، وفقا لما أوردته تعاليم الرسالة الإسلامية السمحة ، فجعل جميع الكبار رعاة على الجميع ، فالإمام راع والرجل راع والمرأة راعية والعامل راع في مال صاحب العمل ، والجميع مسؤول عن رعيته ، في نسق اجتماعي واقتصادي بائن بينونة كبرى ، لتنظيم العلاقات بين جميع الأطراف ، وما يخص العلاقة بين العمال وصاحب العمل لتكون على أعلى درجات الثقة والمودة والود والإخلاص والتكامل الاقتصادي والتكافل الاجتماعي .
جاء في صحيح البخاري - (ج 8 / ص 253) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " .

احترام صاحب العمل للعمال والموظفين .. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ

إعلموا أيها العمال والموظفون الكرام .. إن لكم الحق كل الحق في الاحترام والتقدير ، مهما كانت طبيعة أعمالكم ، بالقطاعين العام والخاص ، فلا تسكتوا للاستهزاء أو الاستخفاف بكم أو الانتقاص من كرامتكم ، فالعمل الذي تؤدونه ، هو منفعة متبادلة للعمال وأصحاب العمل ، وكل يأخذ منفعته ونصيبه بطرق شتى . يقول الله اللطيف الخبير جل شأنه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) }( القرآن الحكيم – الحجرات ) .

نزاعات العمل بين العمال وأصحاب العمل

يقول الله السميع العليم البصير تبارك وتعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}( القرآن العظيم – النساء ) .
تحدث أحيانا بعض الإشكاليات والمصاعب ، وسوء الفهم والتفاهم بين أحد أو بعض العمال وصاحب العمل ، وهذه الأمور طبيعية ويجب حلها بالحكمة والحسنى والتأني ، بهدوء دون تشويش أو اللجوء لاستخدام القوة ، وفقا للقانون الإلهي المنصوص والمقر عليه بالقرآن المجيد أولا ثم الأحاديث النبوية الشريفة ثانيا ، ثم القوانين الوضعية ثالثا ، ثم للتحكيم العمالي أو الإصلاح ذات البين بين المتخاصمين كنزاع عمل ، ويكون الحل بالتراضي بين الجانبين ، ولا يجب أن يكون الحل تعسفيا وظالما بحق العامل أو الموظف بأي حال من الأحوال . فليأخذ كل ذي حق حقه ، من الاحترام والتقدير والإنصاف والعدالة الاجتماعية ، وليتقاضى العامل أجره كاملا غير منقوص ، بتقوى الله بعيدا عن الظلم والقسوة وأكل ماله دون وجه حق .

لا تأخذوا الحق بأيديكم .. وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا

جاء في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 11) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا " .
أيها العمال النشامى .. تسود الدول الدساتير والقوانين المقرة من البرلمان ، وهناك سلطات قضائية تتمثل بالمحاكم المدنية والعمالية لتحصيل الحقوق في حال حدوث النزاع أو الشجار العمالي بين أحد العمال أو بعضهم أو جميعهم ، وصاحب العمل ، فلا تلجأؤا لأخذ حقوقكم بأيدكم ، فينقلب الأمر رأسا على عقب ، فتصبحوا آثمين بعدما تكونوا من أهل وأصحاب الحق ، وبالتالي ، فإذا حدث خلاف عمالي فحاولوا حله وديا أولا مع صاحب العمل ، أو عبر عمال آخرين ، وإذا فشل الأمر فاستعينوا بنقابة عمالية تمثلكم ، وإذا استعصى الأمر ، فتوجهوا للقضاء عبر أحد المحامين لنيل حقوقكم ، ولا تبادروا لأخذ حقوقكم بالقوة والاستعراض العضلي أو استخدام السلام الأبيض أو الناري ، فتصبحوا ظالمين . ولكل باب مفتاح كما يقول المثل الشعبي العربي ، فاستعملوا المفتاح ولا تقوموا بكسر الباب أو القفل فتنكسر شوكتكم وتخسروا الخسران المبين ، ولا تعتدوا على أصحاب العمل بالأيدي مهما بلغت الأمور ، ولكل مشكلة حل مرضي بالتراضي والتفاهم والتعاون والصبر والجلد ولا تستعجلوا الحل إذا استعصى الأمر .

الحركة العمالية والنقابات العمالية .. يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ .. إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ

تقوم المبادئ والقيم الإسلامية النبيلة في العمل على سياسة ( التعاون والتكافل والتعاضد ) فيا عمال العالم تعاونوا ، واتحدوا واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا . يقول الله الواسع الحكيم عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}( القرآن المبين – الأنفال ) . وجاء في سنن أبي داود - (ج 7 / ص 187) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ " .
إعلموا أيها العمال والعاملات الكرام .. أنكم من حقكم أن تنتخبوا أو تزكوا أشخاصا يمثلونكم في مواقع العمل المختلفة ، بالقطاعين العام والخاص ، بصورة سنوية أو دورية متفق عليها ، لنقل مطالبكم وتظلماتكم وتأوهاتكم وقضاياكم لأصحاب العمل أو المسؤولين الحكوميين ، بثقة وبصورة جماعية ، بعيدا عن الاستفراد والاستحواذ والاستخبار .
وكونوا على يقين بأن لكم الحق في إنتخاب الأمراء أو النقباء أو الممثلين لكم ، بصورة إسلامية مباحة وقانونية مجازة ، فأنتم الآن ، تمارسون حقا من حقوقكم منذ النشأة الأولى للنقابات التمثيلية العمالية في شتى المهن والحرف والقطاعات الاقتصادية ، الإنتاجية والاستهلاكية . فقد جاء في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 70) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ " . وورد في مسند أحمد - (ج 45 / ص 13) أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الشَّيْطَانَ ذِئْبُ الْإِنْسَانِ ، كَذِئْبِ الْغَنَمِ ، يَأْخُذُ الشَّاةَ الْقَاصِيَةَ وَالنَّاحِيَةَ فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْعَامَّةِ وَالْمَسْجِدِ " .
فيا أيها العمال والموظفون كونوا يدا واحدة ، ولا تتفرقوا لتحصيل حقوقكم ، دون تلاعب من صاحب العمل هذا أو ذاك ، وكونوا إخوة متعاونين متحابين ، ولا تكونوا وشاة أو تتجسسوا على بعضكم البعض لأصحاب العمل وابتعدوا عن القيل والقال وكثرة السؤال ، وإضاعة المال . ولتكن المنافسة شريفة بينكم لتبوء المناصب والمواقع القيادية في الشركات والمؤسسات والمصانع والمنشآت الاقتصادية كافة ، ولا تتسببوا في إنهاء خدمات بعضكم البعض ، ولتساعدوا أنفسكم وغيركم ، ولتتقنوا أعمالكم ، ولا تستغيبوا بعضكم البعض ، ولا تنافقوا لولاة أمركم من أصحاب العمل وكونوا دعاة خير لا بغاة شر .

الحركات العمالية ويوم العمال العالمي
الأول من أيار – مايو ( 1 / 5 سنويا )

إعلموا أيها العمال والعاملات الكرام .. إن من حقكم تنظيم الاحتفالات بيوم العمال العالمي أو ما يطلق عليه البعض ( عيد العمال العالمي ) تجاوزا ، ولتكن هذه الاحتفالات لتسيير الحياة العمالية وتسهيلها ، للتثقيف وتنظيم المكافآت والجوائز والتسلية والترفيه المتزن غير السفيه ، عن الجموع العمالية بما هو مفيد بعيدا عن الاحتفالات اللاهية الصاخبة ، كما يحدث في بعض العواصم العالمية الماجنة ، ومعاقرة الخمور والسفور وتسفيه العمال ، بذرائع ومبررات واهية . ولتكن النقابات والاتحادات العمالية والمهنة في العالم على مستوى المسؤولية في إحقاق الحقوق العمالية وتفعيل العلاقات الاجتماعية بين أطراف الإنتاج الثلاثة : الحكومة والعمال وأصحاب العمل ، والابتعاد عن إفتعال الصراعات والنزاعات العمالية . فالأمن والأمان والاستقرار في أماكن ومواقع العمل المختلفة ضرورات قصوى للتجميع وليس للتفريق والتفريع . وهناك منظمات أو اتحادات عمالية قطرية أو إقليمية مثل منظمة العمل العربية ، أو منظمة العمال العالمية ، أو الاتحادات العمالية القارية والعالمية ، لرعاية شؤون العمال فلا مانع من التعاون والتنسيق معها للحفاظ على حقوق العمال الغلابى .

نصائح ووصايا للعمال والموظفين .. أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ

يقول الله الحميد المجيد جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}( القرآن العظيم – الحج ) .
على العموم ، هناك جملة من النصائح العامة والوصايا الخاصة للعمال والموظفين التي أتوجه بها لهم عبر أثير الانترنت ، من أعماق قلبي ، وخلجات مشاعري ، لمصلحتهم الخاصة والعامة ، وليعيشوا حياة سعيدة حميدة رغيدة مجيدة بعيدة عن التشويش والتهويش والبؤس والشقاء والمعيشة الضنكى ، وأهم هذه النصائح والوصايا الآتي :
أولا : المحافظة على تعاليم الرسالة الإسلامية القويمة ، بتأدية الصلاة في أوقات العمل وعدم تأجيلها عن وقتها ، وتأدية الزكاة ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت الحرام والاعتمار لمن استطاع إليه سبيلا . وعدم التذرع بعدم وجود الوقت الكافي لأداء الصلوات وعدم الامتثال لصاحب العمل الذي يحظر أو يمنع الصلاة في أوقات العمل اليومية .
ثانيا : الإلتزام بمواعيد العمل والتبكير فيها ، وعدم الإبطاء والتأخير لأن ذلك يضر بسمعة العاملين أمام أصحاب العمل وتؤدي إلى إنهاء خدمات الموظفين والعمال ويقلل من الإنتاجية المتوقعة . وكذلك الاستجابة الايجابية لمتطلبات ضغط العمل والتأخير في موقع العمل إذا لزم الأمر . جاء في سنن أبي داود - (ج 7 / ص 182) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " . وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ " .
ثالثا : الابتعاد عن حياة البخل والترف والإسراف ، وإتباع سياسة الاعتدال في الإنفاق وتوفير القرش الأبيض لليوم الأسود ، كما يقول المثل الشعبي العربي ، وذلك تحسبا لحالات البطالة والقعود عن العمل . وليكن شعار العاملين والموظفين ( على قد فراشك مد رجيلك ) فلا تنفق أكثر مما تنتج لئلا تقعد ملوما مدحور مذموما . يقول الله العليم الحكيم جل جلاله : { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)}( القرآن المبين – الأعراف ) . ويقول الله الغني الحميد جل شأنه : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}( القرآن العظيم – الإسراء ) .
رابعا : عدم اللجوء للبنوك الربوية في تحصيل قروض للإنفاق على الأسرة والعائلة والإسكان وإنشاء المشاريع أثناء ممارسة العمل أو حالة البطالة أو التعطيل القسري ، والاستدانة من الإخوة والأقارب والأصدقاء أو إنشاء جمعيات عمالية دورية لتجميع أموال شهرية تدفع لكل شخص مرة سنويا ، قدر الإمكان وتسديد ما عليهم من ديون أولا بأول .
خامسا : عدم استهلاك أجور العمل اليومية والأسبوعية والشهرية في الإنفاق على التدخين وما شابه ذلك من مضرات للصحة مهلكات للمال الذي يكد ويتعب في تجمعيه الفرد .
سادسا : احترام أصحاب العمل ، ومعاملتهم بالحسنى والابتعاد عن الغضب ، فهم ولاة أمر العمال في شركاتهم ومؤسساتهم ومصانعهم ومنشآتهم الاقتصادية . وفي حال الخروج من العمل فيجب أن يحفظ العامل أو الموظف خط الرجعة للعمل ، فلا يدري ما تخبئه له الأيام والشهور والسنوات القادمة .
سابعا : إتقان العمل الدائم والإخلاص في تأديته ، والسعي لتطوير النفس والتقدم للإمام ، بالالتحاق بالدورات المهنية التخصصية في مجالات العمل المتعددة المحلية والإقليمية والعالمية .
ثامنا : تسديد استهلاكات الماء والكهرباء والهاتف شهريا وعدم تأجيل الدفع لعدة شهور لئلا يصبح المبلغ مضاعفا وصعب التسديد .
تاسعا : البحث عن عمل جديد أكثر ملائمة ومناسبة ، أثناء ممارسة العمل الحالي ، وعدم ترك العمل قبل إيجاد مصدر دخل جديد ، وعدم إدخال الشخص نفسه في متاهات البطالة المبكرة ، فالأسرة تحتاج لدخل شهري منتظم .
عاشرا : عدم الحرج من الانتقال من عمل لآخر ، بين الحين والآخر ، إذا وجد المرء نفسه مرتاحا لدى صاحب عمل جديد بمهنة جديدة ، حتى لو لم تكن في التخصص المهني ذاته .
حادي عشر : تقديس العمل النقابي الجماعي وعدم الاستهانة به ، فالمستقبل الواعد بحاجة للفريق الجماعي الواحد .
ثاني عشر : الترفيه والتسلية الدائمة الملتزمة في أيام العطل الأسبوعية والأعياد الدينية والرسمية لتجديد النشاط والحيوية والفعالية في العمل .
ثالث عشر : تجنب الإرهاق وعدم القيام بأعمال وأشغال فوق طاقة العامل أو الموظف لئلا يقع العامل في الأمراض المزمنة أو الإصابة العمالية وقت العمل .
رابع عشر : الإلتحاق بنظام التأمين الصحي الشامل المعمول به في البلاد ، لتجنب عثرات المستقبل والحفاظ على صحة وحيوية دائمة للفرد وأسرته .
خامس عشر : عدم التجسس على الزملاء العمال والموظفين والابتعاد عن حياة النفاق ، لأنها تولد حالة من عدم الثقة بين العمال وأصحاب العمل ، وممارسة سياسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لحث الزملاء العمال والموظفين على الإخلاص في العمل وعم التهرب من أداء الاستحقاقات العمالية المنتظمة .
سادس عشر : عدم الاختلاط المباشر بين الذكور والإناث في مواقع العمل المختلفة ، ليأخذ كل شخص راحته النفسية والاجتماعية . وتجنب القيل والقال والإحراج .
سابع عشر : الإقلال من التذمر والضجر من ظروف وطبيعة العمل المهني التخصصي .
ثامن عشر : عدم المزاح والضحك غير المبرر داخل مواقع العمل لتحاشي النزاعات والخلافات بين أبناء المهنة الواحدة .
تاسع عشر : الابتعاد عن نشر أسرار العمل وتجنب السرقات والأمور المشكوك فيها في مواقع العمل .
عشرون : عدم الاستدانة من صاحب العمل بأكثر من معاش أو راتب أو أجرة العامل أو الموظف الشهرية ، لتحاشي الخلافات بين الجانبين عاجلا أو آجلا . ولتكن علاقات العمال بأصحاب ومدراء العمل علاقات ود واحترام وصداقة متبادلة ولا داعي لقب الأمر وكأنه عداوة وحقد وبغضاء وحسد بين الطرفين .

أدعية إسلامية لطلب الرزق وزيادته

وندعو بهذه الأدعية الإسلامية لزيادة الرزق وطلبة حثيثا ، وتفريج الهموم والغموم وتسديد الديون ، كما جاء في :
- صحيح البخاري - (ج 19 / ص 461) كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ " .
- مسند أحمد - (ج 3 / ص 256) عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : أَتَى عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي عَجَزْتُ عَنْ مُكَاتَبَتِي فَأَعِنِّي فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَنَانِيرَ لَأَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ قُلْتُ بَلَى قَالَ قُلْ : " اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ " .
- المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 4 / ص 445) عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : دخل علي أبو بكر ، فقال : « هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء علمنيه ؟ » قلت : ما هو ؟ قال : « كان عيسى ابن مريم يعلمه أصحابه قال : لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا ، فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه : اللهم فارج الهم ، كاشف الغم ، مجيب دعوة المضطرين ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني ، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك » . قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وكانت علي بقية من الدين ، وكنت للدين كارها ، فكنت أدعو بذلك ، فأتاني الله بفائدة فقضاه الله عني ، قالت عائشة : « كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم فكانت تدخل علي فأستحيي أن أنظر في وجهها لأني لا أجد ما أقضيها ، فكنت أدعو بذلك فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ما هو بصدقة تصدق بها علي ، ولا ميراث ورثته فقضاه الله عني ، وقسمت في أهلي قسما حسنا ، وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق وفضل لنا فضل حسن » .

كلمة أخيرة

وأخيرا ، فإننا نبلغ أبناء الحركة العمالية وأصحاب العمل ، في القطاعات الخاصة والأهلية والتعاونية والعامة على السواء ، في الآن ذاته ، كما جاء بكتاب الله العزيز : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}( القرآن المجيد – يونس ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ذكرى يوم العمال العالمي أل 123 .. 1 أيار 1889 - 2012 د. كمال إبراهيم علاونه


ذكرى يوم العمال العالمي أل 123 ..
1 أيار 1889 - 2012

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أيها العاملون والعاملات في فلسطين والشتات ...
أيها العاملون والعاملات في الوطن العربي والإسلامي والعالم ...

كل أيار وانتم بألف خير ، أهلا ومرحبا بكم في حلقة عمالية خاصة بمناسبة الاول من أيار عيد العمال العالمي 1889 - 2012
أعزائنا العمال والعاملات في كل مكان وزمان
بعقولنا وعلى أكتافنا وبسواعدنا نبني لبنات الاقتصاد العربي والإسلامي المستقل في الأرض المقدسة ( فلسطين  ) ، لبنة فوق أخرى ، بشكل متواتر ومتناغم لنصل إلى الى البناء الوطني الشامل والمتكامل والمتمثل بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف فوق ثرى الوطن الذي رويناه بحبات العرق الندي والدم الزكي والدموع الساخنة لتختلط وتمتزج جميعها حبا وودا وأملا مع حبات الرمل والتراب الطهور .

أيها الاخوة العمال والموظفين الكرام .. أيتها الأخوات العاملات والموظفات الكريمات ...

تحتفل الحركة العمالية الفلسطينية بجناحيها في القطاعين العام والخاص بيوم الفاتح من أيار 2012  ، يوم العمال العالمي ، مثلها مثل بقية الحركات العمالية في أرجاء الكرة الأرضية . تعالوا بنا نتعرف على أسباب تحديد الاول من أيار كيوم للعمال في العالم ، من حدده ؟ وكيف جاء ؟ .

عيد العمال العالمي .. والمؤتمر الأممي العمالي الثاني
باريس 1 أيار 1889

تحتفل الجماهير العمالية العالمية في الفاتح من أيار بيوم العمال العالمي بحيث اصبح هذا اليوم يرمز للحركة العمالية الدولية ، ويحتفل به تخليدا لذكرى ضحايا القوى العاملة الذين سقطوا في الانتفاضة العمالية في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية وكانوا يعملون في وسائل المواصلات في أواخر القرن التاسع عشر .
لقد أضحى الاول من أيار عيدا أو يوما رسميا لجميع العمال وحركاتهم المهنية اليدوية والآلية والإلكترونية في كافة أرجاء الكرة الأرضية بمختلف قاراتها وأنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 1889م ، حيث اتخذ هذا القرار في المؤتمر الاممي الثاني في العاصمة الفرنسية باريس ، في أعقاب الأحداث الدامية التي وقعت في مدينة شيكاغو الأميركية بسب الإضراب الذي نفذه العمال مطالبين بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات وتحسين شروط العمل العامة الا أن السلطات الأميركية الظالمة دست العسس وعملاءها ومخابراتها السرية بين العمال المضربين عن العمل والمتظاهرين لإثارة الشغب والعنف لتجد هذه السلطات المبرر وتقديم الحجة العلنية التي تستند عليها لقمع وإرهاب هذه الحركة او الانتفاضة العمالية الجسورة .
وعلى اثر ذلك ، اعتقلت قادة وزعماء العمال وأودعتهم السلطات الأميركية السجون ووجهت لهم تهمة إثارة الاضطرابات الشغب والفوضى والقلاقل المخلة بالأمن العام الأميركي ، فحكمت على ستة من زعماء العمال بالإعدام ثم قامت بتنفيذه في 11 / 11 / 1886 م .

وكانت هذه الحادثة تمثل المجزرة الكبرى بحق العمال المدافعين عن حقوقهم في الإضراب وتحديد ساعات العمل وتحسين شروطه ، وبالإضافة الى حالات الإعدام السابقة ، فان الشرطة الأميركية اعتقلت أعدادا غفيرة من العمال الذين شاركوا في النضال لإحقاق حقوقهم المشروعة وبعد بضع سنوات أعيدت محاكمة العمال المعتقلين وأصدرت المحكمة الأميركية حكما بتبرئه هؤلاء العمال من التهم التعسفية الظالمة الموجة ضدهم وذلك بعد قيام رئيس الشرطة في تلك الحقبة من الزمن بالشهادة الحقيقية عن هؤلاء العمال . وقد كانت لهذه المجزرة البشعة والجريمة النكراء اعمق الأثر في نفوس جماهير العمال في مختلف دول وقارات العالم حيث أصبحت رمزا للتضامن والتعاضد والتعاون بين العمال بغية تحسين أوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولتحقيق السلام والأمن والاستقرار بين كافة الشعوب في العالم .
ولعب هذا التضامن العمالي دورا هاما وأساسيا في تغيير تاريخ الحركة العمالية وإعطائها الدفعة القوية للأمام فلم يعد العمال يطالبون بتحديد ساعات العمل فحسب ، بل اصبح للحركة العمالية أهدافا وغايات ومطالب سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة باعتبارهم الشريحة الكبرى من شرائح المجتمع في اي دولة من الدول الإسلامية أو الرأسمالية أو الإشتراكية أو الشيوعية .

مجزرة شيكاغو 1886 .. ويوم العمال العالمي

أيها الاخوة .. أيتها الأخوات الكرام في كل مكان ..
ما أشبه المجزرة العمالية في شيكاغو التي ارتكبت ضد العمال الأميركيين عام 1886 م بالمجازر العمالية الصهيونية التي ترتكب بحق أبناء الحركة العمالية الفلسطيني في فلسطين المحتلة بين الحين والآخر ، والفينة والأخرى ، دون ذنب اقترفوه سوى السعي والكد على رزقهم ورزق عيالهم متخطين كل الحواجز العسكرية الصهيونية المنصوبة بين قرى ومدن ومخيمات فلسطين الكبرى من بحرها لنهرها . وكانت المجزرة العمالية اليهودية التي ارتكبها أحد سائقي الشاحنات العسكرية الصهيون على مدخل قطاع غزة بالقرب من حاجز بيت حانون ( إيرز ) حيث صدم عمدا عمالا فلسطينيين كانوا يستقلون مركبة فلسطينية مما أدى الى استشهاد إربعة عمال فلسطينيين وجرح 9 آخرين ، من قطاع غزة في الثامن من كانون أول عام 1987 إذ كانت هذه الحادثة الإجرامية الشرارة المباشرة لإشعال لهيب الانتفاضة الوطنية الفلسطينية في اليوم ذاته ( انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 - 1994 ) .
وكذلك الحال ، فالمجزرة العمالية الناجمة عن سوء الأوضاع في شيكاغو نجم عنها حصول العمال على بعض حقوقهم ومطالبهم ولو بعد حين وكذلك الحال نجم عن مجزرة الثامن من كانون أول 1987 م في بيت حانون ، الانتفاضة الوطنية الفلسطينية الاولى حيث قصرت هذه الانتفاضة من عمر الاحتلال الصهيوني البغيض للأراضي الفلسطينية ، إذ أقيمت السلطة  الفلسطينية تقام فوق ثرى الوطن الفلسطيني بعد نضالات شعبية فلسطينية ، في ايار 1994 ، شارك فيها أبناء الحركة العمالية وكافة أبناء شعبنا المجاهد ضد الغزاة الصهاينة في سبيل نيل الحرية والاستقلال الوطني ولكن هذه السلطة الفلسطينية لم ترتق حتى الآن لمستوى دولة فلسطين العتيدة التي ينشدها كل فلسطيني وطني ومسلم ، للتخلص من براثن الاحتلال الأجنبي الصهيوني الطارئ على الأرض المقدسة .

فلسطين .. ويوم العمال العالمي
الأول من أيار 2012
في ذكرى الاول من أيار يوم العمال العالمي ، تعطل الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة في فلسطين في إجازة رسمية مدفوعة الأجر . فحين يصادف الأول من أيار - مايو 2012 تكون الوزارات والمؤسسات والشركات موصدة الأبواب وبالتالي تاخذ الحركة العمالية بالقطاعين العام والخاص ، عطلة رسمية ، يوتم تنظيم بعض الاحتفالات باليوم العمالي العالمي بإشراف الإتحادات العمالية الشعبية والنقابات المنتشرة هنا وهناك في المدن الفلسطينية .
ففي هذا السياق ، تبادر الحركة العمالية الفلسطينية والعربية والإسلامية والعالمية ، لتنظيم بعض الاحتفالات والمهرجانات وتدعو الى إحقاق الحقوق القانونية والاقتصادية للجماهير العمالية في العالم .
كل عام وأنتم بألف خير بمناسبة الاول من أيار يوم العمال العالمي
فبقرار من مجلس الوزراء الفلسطيني وبمناسبة الأول من أيار يوم العمال العالمي تعطل الوزارات والدوائر والمؤسسات الفلسطينية الحكومية والخاصة في مثل هذا اليوم .
وقد جرت العادة منذ قيام السلطة الفلسطينية فوق ارض الوطن الفلسطيني على اعتبار يوم العمال العالمي يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر بقرار من الرئيس الفلسطيني الراحل الشهيد ياسر عرفات منذ 1 أيار 1995 لاول مرة .
وتحتفل الحركة العمالية الفلسطينية في يوم الاول من أيار كغيرها من الحركات العمالية العالمية حيث تنظم المهرجانات والاحتفالات النقابية في مختلف المجمعات العمالية المنتشرة في المحافظات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
ورب سائل يسأل من أين جاءت عملية تحديد الفاتح من أيار كيوم للعمال العالمي في العالم ، وحسب شواهد التاريخ العمالي يتضح أن هذا اليوم اصبح عيدا للعمال في مختلف الدول باختلاف الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 1889 أي قبل 123 عاما إذ اتخذ هذا القرار في المؤتمر الاممي الثاني في العاصمة الفرنسية باريس في أعقاب الأحداث الدامية التي وقعت في مدينة شيكاغو الأميركية بسبب الإضراب الذي نفذه العمال الأميركيين مطالبين بتحسين شروط عملهم بثماني ساعات وقد قمعت السلطات الأميركية العمال المضربين والمتظاهرين آنذاك واتهمتهم بإثارة الشغب والفوضى والإخلال بالنظام العام واعتقلت عشرات العمال وحكمت على ستة منهم بالإعدام ونفذت الحكم بالإعدام بالعمال الستة في 11 تشرين الثاني 1886 . وبعد بضعة سنوات أعيدت محاكمة العمال الذين أصدرت المحكمة الأميركية قرارا بتبرئتهم بعد أن سقطت التهم المنسوبة لهم .

نشأة الحركة العمالية الفلسطينية
( جمعية العمال العربية الفلسطينية ) بمدينة حيفا 1920 م

على أي حال ، نحن هنا في فلسطين ، في هذا اليوم نستذكر نشأة الحركة العمالية الفلسطينية عام 1920 وتأسيس جمعية العمال العربية الفلسطينية في حيفا وانتشارها وامتدادها الى يافا والقدس ونابلس وبيت لحم وعكا والرملة وطولكرم وغزة والناصرة ورام الله وغيرها ، واتخاذها شعارا عماليا خالدا ( قدما الى العمل والعلم والطمأنينة ) بعيدا عن إتحاد العمال العبري اليهودي الصهيوني في فلسطين ( الهستدروت ) للدفاع عن حقوق ومصالح العمال الفلسطينيين ، أهل البلاد الأصليين ، بمختلف مهنهم وحرفهم ، وما تلاها من إنشاء للاتحاد العام لعمال فلسطين بمختلف فروعه في ارض الوطن الفلسطيني والشتات . ويمثل بعض النقابيين العمال الحركة العمالية الفلسطينية في المجلس الوطني الفلسطيني .
أسماء أبرز النقابات العمالية العامة  في فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة )
1- النقابة العامة للعاملين في البناء والأخشاب .
2- النقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج .
3- النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية .
4- النقابة العامة للعاملين في الزراعة والصناعات الغذائية .
5- النقابة العامة للعاملين في الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات .
6- النقابة العامة للعاملين في رياض الأطفال والحضانات والمدارس الخاصة .
7- النقابة العامة للعاملين في المطاعم والفنادق والخدمات السياحية .
8- النقابة العامة للعاملين في النقل والمواصلات .
9- النقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة .
10- النقابة العامة للعاملين في الإعلام والطباعة والنشر .
11- النقابة العامة للعاملين في البتروكيماويات .
12- النقابة العامة للعاملين في البلديات .
13- النقابة العاملة للعاملين في الصناعات الهندسية والميكانيكية والكهربائية .
14- النقابة العامة للعاملين في المصارف والبنوك والتأمين .
15- النقابة العامة للعاملين في البريد والإتصالات .
16- النقابة العامة للعاملين في صناعة الجلود والأحذية .


222 ألف عامل عاطل عن العمل بفلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة )

جاء في تقرير جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني في البيرة ، الذي استعرض الواقع العمالي في الأراضي الفلسطينية ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) لعام 2011، أن معدل البطالة بلغ بين الأفراد المشاركين في القوى العاملة 15 سنة فأكثر 21% (حوالي 222 ألف عاطل عن العمل)، 19% للذكور و28% للإناث.
أما في الضفة الغربية، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 124 ألفا، بحوالي 17% من المشاركين في القوى العاملة 15 سنة فأكثر؛ 16% للذكور و23% للإناث، في حين بلغ العدد 98 ألف عاطل عن العمل في قطاع غزة، بحوالي 28% من المشاركين في القوى العاملة 15 سنة فأكثر؛ 26% للذكور و44% للإناث خلال العام 2011.
وأشار التقرير إلى أن نسبة المشاركة في القوى العاملة للأفراد 15 سنة فأكثر بلغت 43%، 69% للذكور و17% للإناث. أما في الضفة الغربية، فقد بلغت نسبة المشاركة حوالي 46%، 71% للذكور، و19% للإناث، في حين بلغت نسبة المشاركة في قطاع غزة حوالي 38%؛ 64% للذكور و12% للإناث، وذلك خلال العام 2011.
وأشار التقرير إلى أن عدد الفلسطينيين المستخدمين بأجر في الأرض الفلسطينية بلغ  558 ألف عامل العام الماضي، بواقع 300 ألف عامل يعملون في الضفة الغربية، و177 ألف عامل يعملون في قطاع غزة، و69 ألف عامل يعملون في الشركات والمنشآت اليهودية في الداخل الفلسطيني ، و12 ألفاً يعملون في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية .
في سياق آخر ، بلغ تعداد الأيدي العاملة في فلسطين حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في أواخر نيسان 2009 قرابة 650 ألف عامل منهم 10 % من العاملات النساء والفتيات ، إضافة إلى حوالي 60 ألف طفل يعملون في مختلف أجزاء النسيج الاقتصادي الفلسطيني من أصل 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة .

وتتوزع الطاقة العاملة الفلسطينية على عدة أسواق عمل هي : سوق العمل المحلي ، سوق العمل العربي ، سوق العمل اليهودي وسوق العمل العالمي . وتعاني الشريحة العمالية المنخرطة في سوق العمل الفلسطيني في ارض الوطن بجناحيها في القطاعين العام والخاص على حد سواء من انخفاض في مستويات الرواتب والأجور في ظل الهبوط المتواصل في قيمة العملتين الأساسيتين المتداولتين في فلسطين وهما الشيكل الاسرائيلي والدينار الاردني ، كما أن سياسة الحد الأدنى من الأجور غير معمول بها لغاية الآن في القطاع الخاص أسوة بالقطاع العام لتقليل تعرض العمال للاستغلال الاقتصادي من قبل بعض المؤسسات أو أصحاب العمل .
وتطالب الهيئات والنقابات والاتحادات العمالية بفلسطين الجهات الحكومية الفلسطينية بإعتماد أجر 2400 شيكل شهريا كحد أدنى من الأجور في البلاد لإنصاف العمال والحيلولة دون إستغلالهم .
وكذلك أن قانون العمل الفلسطيني الاول ورغم طرحه منذ عدة سنوات عجاف الا انه ما زال يراوح مكانه ولا يطبق لإنصاف العمال والمهنيين بشتى القطاعات الاقتصادية في الأرض المقدسة فلسطين . هذا بالإضافة الى غياب آلية تنفيذ هذا القانون وتحكم أصحاب رؤوس الأموال في مصير العمال ذكورا وإناثا ، بالنسبة للأجور اليومية والشهرية ، والإجازات السنوية والمرضية والثقافية والطارئة .
وبهذا فان الحركة العمالية تصبو الى إقرار تنفيذ قانون العمل الفلسطيني وتطبيقه لتنظيم العلاقات والشؤون العمالية مع أصحاب العمل من : الأجور العادلة والإجازات السنوية والمرضية والثقافية وغيرها . اما بشأن النقابات العمالية الفلسطينية فقد جرى تقليص عددها في السنوات الأخيرة من 193 نقابة عمالية الى 13 نقابة عمالية وطنية عامة ما زالت في طور النشأة الأولى ولا يتجاوز عدد المنتسبين لها نسبة 16 % من مجموع القوى العاملة الفلسطينية . والاتحادات العمالية النقابية في فلسطين لا زالت مشرذمة وتئن من وطأة الضعف والترهل التنظيمي والنقابي والحقوقي والثقافي حتى الآن ، ومطلب الوحدة العمالية مطلب حيوي وملح في هذا الأوان .
وعلى صعيد آخر ، ان الشريحة العمالية الفلسطينية الملتحقة بسوق العمل الصهيوني والتي تأتي في المرتبة الثانية ويقدر عددها بنحو 80 الف عامل ، النصف منهم متحصلون على تصاريح عمل يهودية ، فإنها تعاني من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية لا تحسد عليها حيث تتعرض للتمييز العنصري والاستغلال الاقتصادي والابتزاز السياسي والعسكري المتواصل يوميا من إصدار تصاريح العمل من الجهات اليهودية الى تزايد أيام الحصار العسكري المفروض على الأراضي الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني وقد وصلت عدد أيام الإغلاق الأخرى للأرض الفلسطينية مئات أيام العمل غير مدفوعة الأجر . ولا ننس المجازر البشعة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ضد العمال الفلسطينيين على مدار سني الأعوام الاحتلالية العجاف وخاصة في الأعوام 1987 ، 1990 ، 1995 ، 1998 ، 2000 ، وغيرها .
وأخيرا ، ورغم هذا وذاك ، بقي أن نقول وفي ذكرى الاول من أيار يوم العمال العالمي انه لا بد من إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ولا بد من تحسين الاوضاع العمالية الفلسطينية بتضافر كافة الجهود المخلصة للنهوض بها وتحسين ظروف وشروط العمل لكافة الفئات العمالية الرجالية والنسائية والأطفال على حد سواء ، وإجراء الإصلاحات الجذرية وتقليل نسبة البطالة التي وصلت الى نسبة عالمية غير مسبوقة ، وتشجيع الاستثمار الذاتي في ارض الوطن وتقوية دور النقابات العمالية العامة بتنفيذ الخطط العمالية الاستراتيجية والمرحلية .
وقدما الى العمل والعلم والطمأنينة ، وكل عام والحركة العمالية الفلسطينية بالف خير .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .