السبت، 12 نوفمبر 2011

تاريخ المنظمة العمالية الصهيونية ( الهستدروت )

تاريخ المنظمة العمالية الصهيونية
( الهستدروت )

( 1 - 3 )
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

تحتوي هذه الدراسة العلمية الشاملة ، على عدة مباحث فرعية هي : نشأة جمعية العمال العربية الفلسطينية وحلها ، والاتحاد العام للعمال العبريين اليهود ( الهستدروت ) والعمال العرب والتمييز العنصري والاضطهاد القومي ضدهم ، ونشأة وأهداف ومسلكيات وشعارات ومبادئ وخدمات الهستدروت ، حيث سيتم تفصيلها لاحقا .
وقد نشرت بعض أجزاء هذا البحث بشكل مختصر ، في رسالة الدكتوراه للباحث الفلسطيني في الشؤون الاستراتيجية العامة ، د. كمال إبراهيم علاونه بعنوان ( سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ) في فلسطين المحتلة عام 1948 ، التي تمت إجازتها بكلية الدراسات العليا بجامعة النيلين بالعاصمة السودانية الخرطوم في 3 حزيران 2002 م ، ص 354 – 361 .

إستهلال

قبل الاعلان عن قيام الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) على نحو 77.4 % من أرض فلسطين عام 1948 بواقع 20.770 كم2 ، من أصل 27 ألف كم2 ، كانت هناك نقابتان عماليتان تعملان على تنظيم العمال ، كل تنظيم منها يختص بابناء جلدته من العرب او اليهود :
الاولى : نقابة عربية تدعى " جمعية العمال العرب الفلسطينية " :
أنشأت رسميا في 8 آب عام 1925 ، وامتدت وكان لها عشرات الفروع في مختلف المدن الفلسطينية ، وكان مقرها الرئيسي في مدينة حيفا على الساحل الفلسطيني ، وقد تزعم هذه الجمعية العمالية العربية الفلسطينية لسنوات عديدة النقابي سامي طه امين السر العام لها ، الذي اغتيل في اواخر عام 1947 اثر رفض الجمعية قرار تقسيم فلسطين . ثم اختير بعده عمر الخليل ولكنه لم يتمكن من حضور اية جلسة من جلسات جمعية العمال العرب الفلسطينية لاسباب سياسية وصحية .
وكان شعار هذه الجمعية العمالية العربية شعارا دائريا بداخله ايدي عاملين اثنين يصافحان بعضهما البعض ، كناية عن التعاون والعمل الجماعي ، داخل خارطة فلسطين التاريخية من البحر الى النهر ، ومن حولها دائرة تضمنت علم الثورة العربية الكبرى ، ذي الالوان الاربعة : الاسود والابيض والاخضر والاحمر ( علم فلسطين اليوم ) وتحت اسم الجمعية كتبت عبارات : " قدما الى العمل والعلم والطمأنينة " ( 1 ) .
وكان لهذه الجمعية تمثيلا في المؤتمرات العمالية الدولية ، وتوازي نقابة ( الهستدروت ) اليهودية في تنظيم العمال في البلاد وتختص بالعمال العرب ، وكانت تهتم بتنظيم العمال العرب من المسلمين والمسيحيين على السواء لأنهم ابناء البلاد الاصليين . ووصل عدد فروعها 42 فرعا ، في كل من المدن الفلسطينية التالية : حيفا ، يافا ، القدس ، نابلس ، بيت لحم ، عكا ، الرملة ، طولكرم ، غزة ، الناصرة ، رام الله و غيرها . وضمت في عضويتها 80 الف عامل ، مثلهم 120 مندوبا نقابيا في المؤتمر الثالث للجمعية في 29 آب عام 1947 ( 2 ) .

الثانية : نقابة العمال العبريين العامة ( الهستدروت )
أنشأت عام 1920 ، وتضم العمال اليهود فقط . وبعد وقوع كارثة فلسطين الكبرى ، وتهجير مئات الالاف من ابناء الشعب الفلسطيني من ارض وطنهم نحو مليون عربي فلسطيني ، جرى تحجيم كافة المؤسسات العربية العاملة في البلاد ومن ضمنها " جمعية العمال العرب الفلسطينية " حيث تم حل الجمعية وحظر نشاطها ، وذلك لاتاحة المجال امام نقابة العمال العبرييين العامة ( الهستدروت ) من السيطرة على التنظيم العمالي في البلاد بشكل احادي الجانب . هذا بالاضافة الى تشريد عشرات الاعضاء القياديين في " جمعية العمال العرب الفلسطينية " الى خارج البلاد كغيرهم من ابناء الشعب العربي الفلسطيني ، وبذلك اصيب العمل النقابي العربي الفلسطيني بالجمود والشلل التام وانتقل مقر الجمعية من حيفا على الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط بعد عام 1948 الى مدينة نابلس في الوسط الشرقي من فلسطين .
على اي حال ، تتكون الحركة العمالية في البلاد الآن ، من جماعتين عماليتين مختلفتين ، متكاملتين احيانا ومتناقضتين في غالب الأحيان ، وهاتان الجماعتان هما :

اولا : الحركة العمالية الاتحادية العبرية اليهودية العامة ( الهستدروت ) :

انشأ المستعمرون اليهود في فلسطين ، منظمة عمالية يهودية عامة في البلاد منذ عام 1920 ، اطلق عليها اسم الاتحاد العام للعمال اليهود في فلسطين ( اسرائيل - حسب التسمية الصهيونية لاحقا ) واختصرت بكلمة واحدة هي " الهستدروت " (Histadrut ) ، التي تعني باللغة العبرية " المنظمة " .
وقد عرفت الموسوعة اليهودية منظمة " الهستدروت " بانها : " الاتحاد العام للعمال العبريين ( اليهود ) في ارض اسرئيل " ، ( 3 ) . ويطلق على هذه النقابة العمالية الصهيونية باللغة الانجليزية ( the land Of Israel General Federation Of Hebrew Workers In )
والاسم العبري للهستدروت هو : ההסתדרות הכללית של העובדים בארץ ישראל
HaHistadrut HaKlalit shel HaOvdim B'Eretz Yisrael
هاهستدروت هاكلاليت شل ها أوفديم بإيرتس إيزرايَل

ثانيا : الحركة العمالية الحزبية :
تأسست الحركة العمالية الحزبية كتنظيم مستقل ، في عام 1934 ، باسم " الاتحاد القومي للعمل " تحت الاسم العبري ( هستدروت هاعوفديم هالئوميت ) ، في مدينة القدس من الاحزاب الصهيونية اليمينية التي تكتلت في تكتل " الليكود " فيما بعد . وقد اصبحت هذه المنظمة العمالية اليمينية تضم نحو 100 ألف عامل ، وتتبنى جملة من المبادئ العمالية المتمثلة في : العمل على انشاء تنظيمات مهنية حرة ، تأييد اتباع مبدأ تدخل الدوله للتحكيم والفصل في النزاعات العمالية ، وتأييد الاتحادات العمالية المشابهة بما فيها المنظمة العمالية الأم ( الهستدروت ) ، وتشجيع التعاونيات العمالية اليهودية ، ومحاربة تملك العمال للمشاريع الاقتصادية كملكية خاصة ، وضرورة قيام الدولة برعاية التأمين الصحي ، والتأمين ضد البطالة وحالات العجز والتقاعد . ويشرف هذا " الاتحاد القومي للعمل " على فعاليات متنوعة تشمل : الخدمات الاجتماعية ، الضمان الاجتماعي ، ادارة الأفراد والعناية بالشباب العامل ، والتدريب والرياضة ، والثقافة ، وادارة 14 مستعمرة زراعية بالاضافة الى النشاطات الاستيطانية للسكان اليهود ( 4 ) .
وتتألف الحركة العمالية الحزبية اليهودية ، من اعضاء عماليين في الاحزاب السياسية اليمينية والوسط واليسارية ، اليهودية والعربية على السواء . وقد تاسست هذه الحركات العمالية الصغيرة مع إنشاء الاحزاب السياسية ، على مدار العقود الستة الماضية ، وكثيرا ما تحمل اسماء احزاب سياسية كلمات عمل او عمالي للتدليل على اهتمام هذه الاحزاب بالشؤون العمالية العامة . وفعالية هذه الشرائح العمالية الحزبية ضئيل جدا الى حد ما ، الا ان هذه الحركات العمالية الحزبية تتصارع على السيطرة على عضوية مجالس وهيئات المنظمة العمالية الإتحادية الأم ( الهستدروت ) . ومن الأمثلة على الحركات العمالية الحزبية ( 5 ) :
1) حركة العمال القوميين ( الوطنيين ) ، التابعة لحزب الليكود ونواته حزب الحرية ( حيروت ) ، وتضم هذه الحركة العمالية اليمينية اليهودية ما يقارب 10 % من اجمالي عدد العمال المنضوين تحت لواء الحركات العمالية ، وكانت تدير صندوقا خاصا للضمان الصحي حتى مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الحالي .
2) حركة العمال المتدينين ( هابوعيل هامزراحي ) التي تضم ما بين 7 % - 9 % من اجمالي عدد العمال المنظمين ، وليس لهذه الحركة العمالية أي نشاط نقابي او صندوق عمال صحي ، وتعتمد في هذين المجالين النقابي والصحي على ( الهستدروت ) .
3) تكتل عمال اسرائيل ( بوعيل اغودات اسرائيل ) : وتضم العمال اليهود المتطرفين في تدينهم ، وهي من اضعف الحركات العمالية .
ونظرا لاهمية الحركة العمالية الاتحادية العامة ( الهستدروت ) في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعمالية العامة ، كجماعة من الجماعات المصلحية الضاغطة في المجتمع ، وتأثيرها الكبير ، في كافة مجالات الحياة ، وضخامة تعداد اعضائها ، وسياسة هذه المنظمة الشاملة تجاه العمال واصحاب العمل العرب في البلاد منذ نشأتها ولغاية الآن ، بعد مرور اكثر من تسعة عقود من الزمن ، فاننا نستعرض اهم مراحل تاريخ هذه المنظمة العمالية الصهيونية ونظرتها للعرب في العضوية والانتخاب والترشيح والعمل الحزبي وسياسة الاستخدام والدفاع عن الحقوق العمالية والسياسية والاجتماعية وغير ذلك .

منظمة ( الهستدروت )

يطلق على منظمة ( الهستدروت ) كاتحاد عام او نقابة عامة للعمال العبريين ( اليهود ) في ارض اسرائيل ( فلسطين ) ، في اللغة العبرية اسم " هاهستدروت هاكلاليت شل هاعوفديم بيآرتس يسرائيل " . وقد بلغ عدد العمال المنضمين تحت لواء الهستدروت عام 1920 نحو 4433 عامل ، واستمر في الارتفاع حتى وصل عددهم عام 1948 مع نهاية الانتداب البريطاني نحو مائتي الف عامل شكلوا نحو ثلاثة ارباع اجمالي اليهود من ذوي الاجور والرواتب ، في حين توزع ربع عدد العمال اليهود الباقي على الحركات العمالية اليهودية الأخرى ( 6 ) .
وفي كتابه ( اسرائيل الآن – صورة بلد مضطرب ) يصف لورنس ماير ، فعاليات الهستدروت بقوله :
" وكما جرى تصوره في بادئ الأمر ، فإن الهستدروت ، كان عبارة عن نقابة عمال . ومع تزايد عدد المهاجرين اليهود في فلسطين ، تركز الاهتمام على نحو اكثر تجاه الهستدروت ، وبدأ العمال اليهود يأتون بأسرع مما يستطيع الاقتصاد توظيفهم ، وكان يمكن ان توقع معدلات الاجور في النفس كآبة لو لم يتم توفير العمل لهؤلاء العمال . ومن خلال محاولة لتجنب حدوث مثل هذا الوضع ، قام الهستدروت بتشكيل رابطة العمل ، واستخدام مستحقات العمال في تمويل مشاريع اقتصادية ، وتوظيف العمال الجدد الذين اصبحوا بدورهم أعضاء في الهستدروت نفسه . وقام الهستدروت بسرعة بتوسيع نطاق وظائفه لتلبية حاجات اخرى عند الجالية اليهودية الجديدة ، وجرى تقديم الخدمات الصحية عن طريق الخطة الصحية للهستدروت " ، ( 7 ) .
وقد اشتركت منظمة ( الهستدروت ) في انشاء عدة حركات واتحادات عمالية يهودية اخرى ، اذ تعد ( الهستدروت ) بمثابة الاطار العام للحركة العمالية الصهيونية في الكيان العبري بفلسطين المحتلة عام 1948 ، وهي مرتبطة باحزاب العمل مثل ( المابام سابقا ) ، حزب العمل وهو الحزب الصهيوني الكبير الذي سيطر على هذه المنظمة العمالية الاقتصادية لفترة طويلة ثم سيطر عليها في انتخابات عام 1998 حزب شعب واحد ( عام آحاد ) الصهيوني كحزب قائد انشق عن حزب العمل .
وقد مثلت الهستدروت طرفي الانتاج ( العمال واصحاب العمل ) في الوقت ذاته ، منذ نشأتها ، في مطلع العشرينات من القرن العشرين الماضي ، الأمر الذي اعطاها البعد الاشتراكي والرأسمالي على السواء . ويعتبر اليهود ان ( الهستدروت ) لعبت دورا حاسما في : " المسيرة نحو الدولة " ( 8 ) .
وبعد انشاء الكيان الصهيوني العبري الإسرائيلي أضحى اليهود القادمين من شتى بقاع العالم الى فلسطين ، يعتبرون " الهستدروت " عامل فعال في تطوير الدولة والارتقاء بها نحو الأفضل وبذلك تغيرت استراتيجيتها تجاه الدولة كما تغيرت استراتيجية الدولة تجاهها ، بشكل متواز للسير معا في ترسيخ الوجود الصهيوني في البلاد . فعملت هذه المنظمة على تثبيت استراتيجيتها السابقة واضافة بنود اقتصادية وعمالية مركزية اخرى ، حسب الحاجة والمصلحة الصهيونية العامة ، لكسب تأييد حركة المسيرة العمالية وابقاء الكثير من المشاريع والمنشآت الاقتصادية المدنية وغير المدنية تحت إمرتها ، والحيلولة دون انفلات السيطرة الاقتصادية المؤثرة منها على الصعيدين المحلي والدولي .
على أي حال ، نصت المادة الاولى من دستور الهستدروت عند تاسيسها على :
" ان النقابة العامة ( الهستدروت ) توحد جميع العمال ، واصحاب الاعمال الحرة في البلد ، الذين يعيشون من كدهم ، دون استغلال عمل غيرهم ، وذلك من اجل تنظيم شؤون العاملين في البلد الاستيطانية والاقتصادية ، وايضا الثقافية " ، ( 9 ) .
وحسب دستور ( الهستدروت ) فان لهذه المنظمة العمالية ذات التنظيم القوي ، وظائف ومهام متعددة في كافة مناحي الحياة ، ومن ابرز هذه الوظائف حسبما ورد في دستورها ما يلي : العناية بالقضايا المهنية ، وشؤون الاستيطان ، والاقتصاد ، والثقافة والتعليم العمالي ، وتأمين العمل المنظم في جميع ميادين العمل ومواقعه ، وإنشاء المنظمات والاتحادات المهنية ، وانشاء النقابات القطرية على مستوى البلاد في كافة مجالات العمل ، وتشجيع الهجرة اليهودية والعودة الى البلاد ، واستيعاب القادمين اليهود الجدد اجتماعيا وثقافيا ، ورفع اداء العمل وزيادة الانتاج وتطوير الاقتصاد العمالي في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء والتشييد والنقل والمواصلات ، وكافة فروع العمل في القرى والمدن اليهودية ، والعمل على تنمية وتطوير الحركة التعاونية في ميادين التسويق والاستهلاك وانشاء صناديق التمويل ، وصناديق المساعدة المتبادلة ، وصناديق المرضى والتأمين ، ونشر قيم الحركة العمالية وتعليم اللغة العبرية ، واصدار المطبوعات كالكتب والصحف ، واقامة مؤسسات ثقافية وتعليمية عامة ودينية ، وتشجيع التربية البدنية ، وتنظم النساء العاملات ، والشبيبة العاملة والمتعلمة ، وتنمية الفكرة الطلائعية ( حالوتس ) وتقوية العلاقات الخارجية مع النقابات والاتحادات العمالية اليهودية خاصة والاتحادات الدولية عامة ( 10) .

العضوية في ( الهستدروت )

عضوية منظمة ( الهستدروت ) مفتوحة – نظريا – لجميع الافراد ، ذكورا وإناثا ، ويقبل في عضوية الهستدروت كل عامل او عاملة بلغ الثامنة عشرة من عمره ، ممن يعيشون من عملهم دونما استثمار لجهد الآخرين ، وشرط ان لا يكون المتقدم لعضوية النقابة عضوا في نقابة عمالية اخرى ويتعهد العضو باطاعة النظام العمالي . ويحق لكل عضو في هذه المنظمة المشاركة في الانتخاب والترشيح لجميع مؤسسات النقابة بعد مرور ثلاثة اشهر على انتسابه ، ما عدا عضو نقابة ( الشبيبة العاملة والمتعلمة ) الذي يعفى من شرط مرور الثلاثة اشهر بعد انتقاله من النقابة الى الهستدروت .
وقد اقتصرت العضوية في ( الهستدروت ) على اليهود في الفترة الواقعة بين عام ( 1920 – 1959 ) أي لنحو اربعين سنة . واما بالنسبة لعدد الأعضاء المنضمين تحت لواء الهستدروت فبلغ عام 1920 نحو 4433 عضوا ، ثم ارتفع العدد مع نهاية الانتداب البريطاني عام 1948 الى نحو 200 الف عضو ، أي نحو ثلاثة ارباع اجمالي عدد اليهود من ذوي الرواتب والأجور ، واما الربع الباقي فقد توزع على الحركات العمالية الحزبية الأخرى في البلاد( 11) .
وفي عام 1967 ، ارتفع عدد اعضاء ( الهستدروت ) الى نحو مليون عضو ، وفي عام 1969 زاد عدد الأعضاء ليصل الى 300 ر827 ر1 حيث شكل هذا العدد اضافة الى اعداد المنضوين تحت لواء الاتحادات الدينية اليهودية الى 4 ر64 % من سكان البلاد ( 12 ) .
على أي حال ، ان عضوية منظمة الهستدروت تمتد لتشمل قطاعات واسعة من السكان في البلاد : " ولا يقتصر تنظيم نقابات العمال على المصانع والعمال ، وإنما يمتد ايضا الى المدرسين وأساتذة الجامعات والأطباء والممرضات والعاملين في المكاتب وموظفي الحكومة . وفي حقيقة الأمر ، فإن العمال غير المسجلين في نقابات هم رجال الشرطة والجنود ( رجال الشرطة حاولوا بدون نجاح تنظيم انفسهم في نقابة ) " ، ( 13 ) .

الاشتراكات الشهرية

ينقسم اعضاء الهستدروت الى خمس فئات ، يدفعون ثلاثة اشكال من اشتراكات العضوية ( رسم تنظيم الهستدروت ) بشكل شهري حسب الاشتراكات الشهرية عام 2001 وهو اخر تحديد مالي للعضوية في مطلع القرن الحادي والعشرين (14) وهذه الفئات هي :
1) العمال المنظمون في مكان عمل او مؤسسة منظمة : تبلغ رسوم الاشتراك الشهري ( رسم تنظيم الهستدروت ) نسبة 9ر0% من الراتب الشهري وهؤلاء يستفيدون من كافة خدمات الهستدروت . وبلغ عدد اعضاء هذه الفئة في اواسط عام 2001 نحو 560 الف عضو .
2) العمال المنظمون بشكل مباشر في مكان عمل او مؤسسة غير منظمة : تبلغ رسوم الاشتراك الشهري نسبة 7ر0 % من الراتب الشهري . وتستفيد هذه الفئة من الخدمات النقابية في الهستدروت فقط . وقد بلغ عدد افراد هذه الفئة في اواسط عام 2001 نحو 113 الف عضو .
3) العمال غير المنظمين بشكل مباشر : ويدفع العامل مبلغ 24 شكل شهريا .
4) المتقاعدون : يدفع كل متقاعد مبلغ 12 شيكل شهريا .
5) ربات البيوت : تدفع ربة البيت مبلغ 12 شيكل شهريا .

ادارة الهستدروت

تتبع الهستدروت مبدأ الانتخاب العام والمباشر ، كل اربع سنوات ، حيث تنتخب الجمعية العامة المجلس التنفيذي والسكرتير العام ، وقد تعددت المؤسسات المركزية التي تدير شؤون الهستدروت ، عبر مسيرتها التاريخية ، الى عدة هيئات هي : مؤتمر الهستدروت ( السلطة العليا ) ، مجلس الهستدروت ، اللجنة التنفيذية ( المكتب التنفيذي ) ، الامين العام ، وفيما يلي نظرة عامة على هذه الهيئات العمالية التنظميية للتنظيم العمالي الكبير في الكيان الصهيوني :
1- المؤتمر القومي العام ( للهستدروت ) : وينتخب اعضائه من كافة الاعضاء حسب القوائم الحزبية . وقد بلغ عدد اعضائه عام 1981 في اجتماعه الرابع عشر 1501 عضو . وينتخب المؤتمر القومي العام مرة كل اربع سنوات .
2- مجلس الهستدروت : ينتخب من مؤتمر الهستدروت ، ويضم مجالس العمل واتحادات المناطق ، والنقابات المحلية . وفي عام 1981 بلغ عدد اعضائه 501 عضوا منتخبا من اعضاء المؤتمر العام .
3- المجلس التنفيذي : وينتخبه مجلس الهستدروت السابق . وكل اعضاء المجلس ( اللجنة التنفيذية ) متفرغون لادارة مكاتب الهستدروت وكافة دوائرها ، وتضم اللجنة او الهيئة التنفيذية سكرتيري الاحزاب السياسية المشتركة في تشكيلة اللجنة التنفيذية ، كاعضاء عماليين ، وامناء النقابات الكبيرة ومندوبين عن شركة العمال . وبلغ عدد اعضاء اللجنة التنفيذية 195 عضوا . ثم تم تقليص عددها الى 171 عضوا .
4- اللجنة المركزية : وكان يبلغ عدد اعضاء هذه اللجنة 58 عضوا . ثم تقلص الى 29 عضوا في اواسط عام 2001 . ولمنظمة ( الهستدروت ) سكرتير عام ( رئيس ) منتخب ، تزعمه عام 2011 عمير بيرتس ( وهو عضو كنيست ايضا ) ويتزعمه الآن ( تشرين الثاني 2011 ) عوفير عيني . وقد تبوأ منصب الامانة العامة ( السكرتير العام ) يهودي اشكنازي في كافة الدورات الانتخابية للهستدروت ما عدا مرة واحدة عام 1984 حيث انتخب احد ( السفارديم ) وهو ( اسرائيل كيسار ) من أصل يهودي يمني . والأمين العام يمثل النقابة في كافة الاجتماعات السياسية والاقتصادية مع اعضاء الحكومة الاسرائيلية كونه احد اهم صناع القرار في البلاد . رئيس الهستدروت عوفر عيني اليوم حيث عين ، في عام 2010، نائبا للرئيس لدانيال آفي Nissenkorn، من خارج صفوف الهستدروت التنظيمية. وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الهستدروت الذي ترأس شعبة النقابة من قبل شخص من المعينين على أساس مهني، بدلا من أن ترتفع في صفوف العمال أو لجان منتخبة من قبل أعضاء الهستدروت .
5- شركة العمال : كل عضو يقبل في الهستدروت يعتبر عضوا في شركة العمال ، وتضم كافة المؤسسات الاقتصادية والتعاونية ، وينتخب مجلس ادارتها من المجلس التنفيذي ، وتشرف الهستدروت على مدارس لتدريب العمال ، ومركز ثقافي لنشر اللغة العبرية ، ولها نشاط مسرحي : مسرح ( Ohel ) ، وشركة ( Telem ) لشؤون الدراما ، وللهستدروت صحيفة رسمية يومية اطلق عليها اسم دافار وهي كلمة عبرية تعني " الكلمة " تنطق باسم الهستدروت ( 15) الا ان الهستدروت تخلت عن هذه الصحيفة في وقت لاحق .
وقد باعت الهستدروت الكثير من ممتلكاتها التي كانت تقدر بملياري دولار بخسارة فادحة جراء الترهل الاداري والاقتصادي ، بمبلغ لا يصل الى 250 مليون دولار في اواخر سنوات التسعينات من القرن العشرين الماضي .

مبادئ الهستدروت

صدر دستور ( نظام داخلي ) للاتحاد العام للعمال العبريين في اسرائيل ( الهستدروت ) عام 1957 ، وتضمن عدة مبادئ تاريخية رئيسية منها :
1- " ان الهستدروت منظمة اشتراكية يهودية ، لا تقبل غير اليهود .
2- تسعى لسيطرة الطبقة العاملة على الدولة .
3- تسعى لتحقيق الاهداف الصهيونية العالمية .
4- تسعى الهستدروت الى التعاون الاشتراكي الدولي وعقد الروابط مع الهيئات الاشتراكية في العالم .
5- تستخدم رأس المال المتوفر لديها لانشاء مشروعات وشركات واتخاذ التدابير والخطوات لتوفير العمل لجميع اعضائها " ، ( 16 ) .
ومن خلال قراءة المبدأ الاول من هذه المبادئ العمالية التاريخية اليهودية للهستدروت ، نرى ان مظهر التمييز العنصري واضح بصورة ملفتة للنظر ، " لا تقبل غير اليهود " والمقصود بهذه العبارة هم العمال العرب طبعا ، اهل البلاد الاصليين ، الذين يعملون في كثير من القطاعات الاقتصادية العربية واليهودية ولا تتيح هذه المنظمة العمالية اليهودية المجال للعمال العرب ان يكونوا في هيئتها التنفيذية ، التي تعمل على ادارة الشؤون العمالية المحلية والقطرية ، وان وجد بعض الاعضاء فدورهم هامشي . وبالاضافة الى ذلك ، فان سياسة هذا الاتحاد العمالي في الدفاع عن حقوق العمال العرب لا ترتقي الى مستوى الدفاع عن حقوق ومصالح العمال العبريين باي حال من الاحوال .
وقد مثلت الهستدروت على مدار سني عملها الفعلي " حكومة ظل " للحكومة العبرية الصهيونية ( الإسرائيلية ) طيلة التسعين سنة الماضية ، اذ عملت على تنفيذ البرامج الصهيونية في استيعاب المهاجرين اليهود وانشاء المستعمرات الهادفة الى توفير السكن للمستوطنين اليهود وتوفير فرص عمل لهم ايضا .
ولدورها القوي في دعم دور المنظمة الصهيونية في البلاد لجأ دافيد بن غوريون امينها العام السابق ، واول رئيس حكومة صهيونية بفلسطين المحلتة الى وصف اهداف وغايات الهستدروت ، المباشرة وغير المباشرة ، في بناء الكيان الصهيوني و ( شعب اسرائيل الجديد ) والمشاريع والمستعمرات الجديدة والحضارة اليهودية الجديدة بقوله :
" ليس الهستدروت نقابة عمالية ، ولا هي حزب سياسي ، ولا هي تعاونية او جمعية لتبادل المنفعة ، مع انها تقوم بنشاط في جميع هذه الحقول ، انها اكثر من ذلك . الهستدروت هي اتحاد شعب يقوم ببناء وطن جديد ودولة جديدة ، انها اتحاد المصلحين الاجتماعيين لا تمتد جذوره الى بطاقة عضويته الخاصة ، بل الى المصير المشترك ، والمهمات المشتركة لجميع اعضائه ، في الموت والحياة " ، ( 17 ) .
وبناء عليه يمكننا القول ، ان الهستدروت وجدت لتنظيم الحياة العامة لليهود في البلاد ، تهتم بالمهاجر او المستوطن اليهودي ابتداء من توفير المسكن له ولاسرته وتوفير فرص التشغيل الدائم في كافة الاعمال الاقتصادية لهؤلاء المستعمرين ، لانها صممت على اساس بنيوي شامل نقابي وسياسي واقتصادي وثقافي لبناء الدولة اليهودية في هذه المنطقة من العالم ، ومواصلة توفيرالاحتياجات الرئيسية المتعددة للمستوطنين اليهود من ولادتهم او قدومهم الى البلاد وحتى مماتهم .
واما موقع العرب في سلم اولويات هذه المنظمة العمالية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فهم مهمشون جانبا ، اذ ان هذه المنظمة الشاملة وجدت لبناء الدولة اليهودية على اسس يهودية - صهيونية تخدم الطائفة اليهودية الكبرى في فلسطين المحتلة ، وبالتالي فان نصيب العرب الفلسطينيين ، المسلمين والنصارى ، أهل البلاد الأصليين ، من خدماتها يبقى نصيبا مبتورا لا قيمة له ، فهي وان سمحت باستفادة العرب من خدمتها نظريا فان الواقع العملي يظهر سياسة التمييز العرقية التي تتبعها حيال العرب . ويستوي في ذلك سياسة التشغيل والاستخدام او الدفاع عن حقوق ومصالح العرب ، قانونيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا ، ويدلل على ذلك مستوى الخدمات المقدمة للعرب ، وفرص التشغيل المتاحة للعرب والصعوبات التي تواجه العرب في تبوأ مناصب نقابية وادارية في صفوف الهستدروت الاولى ، فهم لا يستطيعون الوصول الى مراكز قيادية مؤثرة ، وان اتيح المجال لبعضهم من خلال احزاب سياسية كالحزب الديموقراطي العربي او الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة في وقت لاحق ، فهي مناصب ادارية جانبية بعيدة عن صنع القرار الفعلي الفعال في الهستدروت .
وتتنافس الاحزاب العمالية على قيادة هذه النقابة العامة الكبيرة الحجم والتاثير ، وخاصة ان من يستطيع ان يصل الى ادارة دفتها يستطيع ان يؤثر في مجمل الحياة العامة في البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بكل ما تعنيه الكلمه من معنى .
فهذه النقابة تستطيع فرض مطالبها على الحكومة الاسرائيلية من خلال التهديد والتلويح بالاضراب الجزئي او الشامل في قطاعات مهنية محددة او في كافة قطاعات الاقتصاد الاسرائيلي والامثلة كثيرة في هذا المجال لا مجال لحصرها .
ووفقا لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) الإلكترونية التي تنبث عبر الشبكة العنكبوتية من فلسطين ، فقد بدا صباح يوم الاثنين 7 تشرين الثاني 2011 الاضراب العام في الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) ليشمل الدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات العامة والسلطات المحلية والبنوك والجامعات، كما قرر موظفوا وزارة الخارجية الانضمام الى الاضراب العمالي ، وهذا الاضراب العام الذي اعلنته نقابة العمال العبرية 'الهستدروت' في المرافق العامة ، استمر حتى الساعة العاشرة صباحا فقط وذلك بموجب الامر الذي اصدرته محكمة العمل القطرية. وقد نظرت المحكمة حتى ساعات الفجر في طلب الكيان العبري وارباب العمل اصدار اوامر بمنع الاضراب.
وشمل الإضراب العام جميع الدوائر الحكومية والسلطات المحلية والبنوك وبورصة تل أبيب والجامعات باستثناء معهد التخنيون في حيفا ورياض الأطفال ودور الحضانة التابعة لشبكتي نعمات وفيتسو والمدارس التابعة لشبكتيْ ( أورت ) و ( عَمال ) بالإضافة إلى الموانئ وشركة البريد . أما المستشفيات وشركتا الكهرباء والمياه فعملت وفق نظام الطوارئ المقلص . وتوقف العمل في مطار بن غوريون الدولي بعد حوالي نصف الساعة. وحصل تشويشات خطيرة في حركة المواصلات العامة نظراً لغياب السائقين الأجراء عن العمل.
هذا واوعزت محكمة العمل القطرية الى الهستدروت ووزارة المالية بمواصلة الاتصالات الحثيثة بين الطرفين وابلاغها بمدى تقدم هذه الاتصالات حتى 10 تشرين الثاني 2011 .
واكد قضاة المحكمة في حيثيات قرارهم ان ممثلي الهستدروت ووزارة المالية لم يستنفذوا بعد جميع الاجراءات المتعلقة بحل قضية توظيف العاملين بواسطة شركات المقاولة ولذا يجب اعطاء الطرفين فرصة اخرى لمواصلة عملية التفاوض.
على العموم ، يمكن القول إن السياسة العامة للهستدروت بقيت تابعة بشكل مباشر او غير مباشر لحزب العمل وفروعه وملحقاته ، طيلة فترة طويلة من الزمن :
" والزعامة المركزية للهستدروت ظلت دائما مرتبطة على نحو وثيق مع زعامة حزب العمل السياسي الرئيسي في اسرائيل ، وهو حزب الماباي ، ثم تجمع العمل اللاحق عليه . وزعامة الماباي ، وهي زعامة الهستدروت ايضا ، استخدمت الهستدروت كأداة لسياسة وطنية ، مثل توجيه التنمية الى مجالات حيث هي ضرورية فيها ، وتوجيه المصانع حيث فرص الاستخدام نادرة ، وتقييد الأجور حينما يستدعي اقتصاد البلاد ذلك . ونتيجة لذلك ، نشأت فجوة بين جمهور الأفراد ، الذين لديهم جملة من المصالح ، وبين زعامة الهستدروت ، التي لديها جملة من الأولويات المختلفة الى حد ما " ، ( 18 ) .
ولا يفوتنا القول ، ان الامين العام للهستدروت يمكنه طرح ما يشاء في اروقة الكنيست الصهيوني العبري الإسرائيلي خاصة وانه يصل الى عضوية الكنيست من خلال هذه النقابة العامة ، العديد من الاعضاء تحت غطاء حزب العمل او حزب شعب واحد ( عام آحاد ) او غيره ، وفي كثير من الاحيان يمكنه فرض مطالبه على الحكومية الاسرائيلية جزئيا او كليا ، حسب الظروف والمعطيات المؤاتية .

مؤسسات الهستدروت الاقتصادية
( التاريخية )

تمتعت هذه المنظمة العمالية الصهيونية العبرية ، بنفوذ اقتصادي وعمالي كبير في البلاد بعد قيام الكيان العبري في فلسطين ، حيث بلغ عدد اعضائها مع بداية الاحتلال ( الانتداب ) البريطاني على فلسطين اكثر اربعة الاف عامل يهودي ، ثم ارتفع الى 215 الف عضو عام 1952 شكلوا مع اسرهم في البلاد ما نسبته 40 % من سكان البلاد ، وكانت عضويتها مفتوحة امام جميع العمال اليبهود بينما ظلت عضويتها مغلقة امام العمال العرب حتى عام 1959 ( 19) .
والهستدروت تتواجد في كافة التجمعات السكانية اليهودية في البلاد : في المستعمرات والمستوطنات العلمانية والدينية في ( القرى والمدن – الكيبوتسات والموشافات ) وتمارس نشاطاتها في المهن والحرف والصناعات المتعددة :
" فنقابات العمال الزراعيين والنسيج والنقل وموظفي الشركات والمكاتب وعمال البرق والبريد مع نقابات المعلمين والأطباء وغيرهم . هذه النقابات جميعا تنضم الى الاتحاد العام ، ويعتبر عضو النقابة منتسبا للهستدروت ومشتركا في انتخاب هيئاتها القيادية كاللجنة التنفيذية مرة كل اربع سنوات ، وله حق الانتفاع من الصندوق الاضرابي المشترك الذي يموله صندوق مالي واحد . ان الخدمات التي تقدمها الهستدروت للعمال كبيرة ومتعددة الجوانب ، فمنظماتها للمساعدة المتبادلة تعمل وفق المبدأ التالي " المساهمة حسب الدخل والمعونة حسب الحاجة " . وتشمل هذه المساعدة على خدمات صحية مجانية ومعونة البطالة والعجز والشيخوخة ، وهناك ايضا صندوق للارامل واليتامى وخدمات اجتماعية عديدة … ان النشاط الاقتصادي للهستدروت تديره – همفرات اوفديم – التعاونية العامة للعمال اليهود ، وهي تشرف على مشاريعها الاقتصادية الضخمة التي لا يستهدف الربح من ورائها دائما ، ذلك ان قسما من هذه الارباح يقدم لصناديق الخدمات الاجتماعية والثقافية … وبالاضافة الى مشاريعها الخاصة تساهم بحصص كبيرة في عشرات المصانع والشركات بالتعاون مع مؤسسات فردية او هيئات وشركات لا علاقة لها بالهستدروت " ، ( 20 ) .
فالهستدروت منظمة كبيرة تحتكر اجنحة اقتصادية متعددة الاهداف والاغراض ومن يسيطر عليها يسيطر على مقدرات واقتصاديات الكيان الصهيوني العبري إلى حد ما . ويصف البعض الهستدروت بانها " حكومة داخل حكومة " او " دولة داخل دولة " وذلك لشموليتها وقوتها الاقتصادية المؤثرة ولانها تشتمل على ثلاث صور للنشاط الاقتصادي في البلاد ، وهذه الاشكال هي :
1. " القطاع التعاوني : وهو الكيان الاقتصادي للهستدروت ممثلا في شركاته وجمعياته التعاونية المملوكة جماعيا لاعضاء الهستدروت بما في ذلك الكيبوتسات .
2. القطاع العام المتمثل في المؤسسات الحكومية والعامة التي تمتلكها الحكومة والمجالس المحلية والاقليمية .
3. القطاع الخاص ويمثل المشروعات الفردية والاستثمارات الخاصة المملوكة للافراد والشركات من اصحاب رأس المال الخاص " ، ( 21 ) .
ولتنظيم عمل منظمة ( الهستدروت ) في البلاد ، والحيلولة دون التضارب او التداخل الوظيفي العام ، عمد القائمون عليها الى تقسيم فعالياتها ونشاطاتها المتعددة في اربع دوائر اساسية مركزية هي : الدائرة التجارية ، الدائرة العمالية ، دائرة الصحة والرفاهية ، ودائرة التعليم والثقافة ، حيث تمت ادارة هذه الدوائر بشكل مستقل الى حد ما ، مع تقديم تقارير ونشاطات كل دائرة من هذه الدوائر الاربع الى الهيئة العليا في الهستدروت عبر المكاتب التنفيذية ، وتعمل المكاتب التنفيذية او لجان العمل في مصانع الهستدروت على الاجتماع بقيادة النقابة لوضع السياسات العمالية العامة والتفاوض حول عقود العمال الخاضعين لرقابة واشراف النقابة ( 22) .
ونظرا لكون الهستدروت تضم كلا من ممثلي العمال واصحاب العمل ، في بوتقة واحدة ، جنبا الى جنب ، فقد اكسبتها هذه المسألة سيطرة اقتصادية كبيرة على مؤسسات خدماتية وصناعية وهندسية ، حيث اسست الهستدروت عدة مؤسسات او منظمات اقتصادية( 23) من ابرزها :
1) بنك العمال ( هبوعليم ) : وهو الذراع المالي للهستدروت ، انشئ عام 1921 ، ومهمته تنظيم عمليات التمويل والاستثمارات وتقديم الخدمات المصرفية ( البنكية ) ، كقروض للافراد والمؤسسات على السواء . وكان ثاني بنك في البلاد بعد البنك المركزي الاسرائيلي ( بنك إسرائيل ) ، الا ان الهستدروت باعته في مطلع القرن الحادي والعشرين الحالي .
2) شركة نير : لتسليف الاموال للمستوطنين اليهود .
3) شركة تنوفا : وهي شركة تسويق زراعي – صناعي .
4) مؤسسة التموين المركزي : وتقوم بتزويد التعاونيات الزراعية بالالات والمعدات الحديثة .
5) مؤسسة شكرون : وهي مؤسسة هندسية تشرف على بناء المساكن العمالية .
6) مؤسسة هاكو برازيا – وهي مؤسسة تعاون تهتم بمجالات النقل والانتاج الصناعي .
7) شركة ياخين : ومهمتها الاشراف على بيارات الحمضيات .
8) شركة سوليل بونيه : وهي شركة انشاءات هندسية ، وتمارس النشاطات الصناعية وانتاج معدات البناء مثل الزجاج ، والاسمنت والقرميد .
9) شركة التأمين ( هسنيه ) وتهتم بكافة انواع التأمينات .
10) صندوق المرضى العام ( كوبات هاحوليم ) ، حيث تم انشائه عام 1933 ، الذي مارس مهامه الصحية والطبية العامة ، واشرف على ادارة بعض المستشفيات والمصحات ودور النقاهة التي وصل عددها الى 20 مستشفى ونحو 1000 مستوصف ومركز صحي وذلك لمعالجة عمال الهستدروت المرضى . ويعد صندوق المرضى العام اضخم مؤسسة او منظمة صحية في البلاد .
11) صندوق البطالة ، تأسس عام 1933 .
12) شركتا ( ايغد ودان ) : هذا وسيطرت منظمة ( الهستدروت ) ايضا على اكبر شركات المواصلات في البلاد مما ساهم في احتكارها لفرع المواصلات العامة في البلاد .
13) نادي العامل : بالاضافة الى ذلك كانت الهستدروت اسست عام 1926 ناد رياضي بمثابة منظمة رياضية كبيرة للاشراف على شؤون فريق رياضي تابع لها حمل اسم العامل ( هابوعيل ) .
ومهما يكن من امر ، فانه مع مرور الزمن تخلت الهستدروت عن بعض هذه الشركات او المؤسسات فمثلا تخلت عن صحيفة ( دافار ) العبرية ، وحولت صلاحيات الاشراف على هذه المؤسسات او تلك الى القطاع الخاص او الحكومي ، وتمثلت اسباب تخلي الهستدروت عن بعضها بالاسباب السياسية او الاقتصادية او الحزبية او خلافها .
ويتطرق غازي السعدي في كتابه ( الاحزاب والحكم في اسرائيل ) الى نشاطات الهستدروت فيقول انها تتفرع الى عشرة ميادين هي :
1. " مجال الانتاج والتسويق الزراعي ويضم الفروع والمؤسسات التالية : المستعمرات الزراعية التعاونية ، التعاونية المحلية للمستهلكين ، مستعمرات صغار العمال المالكين ، مؤسسة تسويق الانتاج الزراعي الداخلي ، مؤسسة تصدير الانتاج الزراعي .
2. مؤسسات المقاولات للانشاء وتضم : شركة المقالع الحجرية ، شركة المصنوعات الزجاجية ، شركة الادوات المنزلية .
3. مجال الانتاج الصناعي ويضم : شركة صنع البلاط ، شركة صنع الاسفلت ، شركة صنع السكاكر ، الجمعيات التعاونية للمنتجين .
4. مجال المواصلات ويضم : شركة نقل المسافرين والبضائع البرية والجوية ، شركة صيد الاسماك ، شركة الشحن البحري .
5. مجال الموارد المائية ويضم : شبكات توزيع مياه الشرب والري الزراعي .
6. جهاز التسليف ويضم : البنك المركزي لتسليف العمال ، المؤسسة المالية للقروض الزراعية متوسطة الأجل ، تعاونيات التسليف ، مؤسسة التسليف لتشجيع اليد العاملة .
7. مجال الاسكان والاستيطان ويضم : شركة الاسكان العمالية في المدن ، مستوطنات العمال الزراعيين .
8. مجال التأمين ويضم : شركة التأمين العام والتأمين على الحياة ، الجمعية التعاونية للتأمين على المواشي .
9. مجال الضمان الاجتماعي ويضم : صندوق العمال المرضى ، صندوق المعونة ، صندوق البطالة ، صندوق ضمان العائلات .
10. مجال الثقافة ويضم : الصحف اليومية ، المجلات الدورية ، المسارح العمالية " ( 24 ) .
ويؤكد د. عزيز حيدر في مقال له حول " النظام الاقتصادي في اسرائيل – هيمنة السياسة بين الانجازات والاخفاقات " على قيام ( القطاع الهستدروتي ) في التأثير القوي المستمر على الاقتصاد الاسرائيلي بقوله :
" القطاع الهستدروتي : يضم مجموعتين كبيرتين من المصالح الاقتصادية : الاولى هي مجموعة شركات ضخمة تتبع " شركة العمال " ( الشركة الأم ) في فروع الصناعة والبناء والتجارة والمصارف . واما المجموعة الثانية فهي تضم التعاونيات . وتتكون هذه من نوعين رئيسيين : النوع الاول هو المستوطنات مثل الموشافبيم والكيبوتسات والنوع الثاني هي التعاونيات الانتاجية والخدماتية التي تضم اكبر شركات المواصلات في البلاد ( ايغد ودان ) . كان القطاع الهستدروتي يوجه اهتمامه حتى عام 1967 الى اقامة المشاريع والصناعات التي تحتاج الى العمل المكثف ، وذلك لضمان تشغيل العمال اكثر من اهتمامه بالربح . ولكن التحولات البنيوية في الاقتصاد الاسرائيلي منذ بداية السبعينات ادت الى تغيير جذري في التوجه حيث بدأت الهستدروت تستثمر في الصناعات الدقيقة .
تشكل الهستدروت حتى اليوم قوة اقتصادية ضخمة من حيث استثماراتها واحتكارها لبعض انواع الخدمات وانتاجها وكونها مشغلا كبيرا … نتيجة لهذه الاستثمارات تشغل الهستدروت حوالي ربع القوى العاملة في البلاد ، وتنتج مستوطناتها 86 % من الانتاج الزراعي وتعتبر مؤسساتها المالية اكبر قوة تسليف في البلاد " ، ( 25 ) .
وعن حياة العامل المنضم الى منظمة ( الهستدروت ) العمالية ، تقول ( جيردا لوفت ) عن طبيعة هذه الحياة العامة في ( الهستدروت ) :
" في الهستدروت يستطيع العامل ان يمضي حياته كلها ضمن اطارها التنظيمي . فهو يستيقظ في بيت اقامته جمعية من جمعيات الهستدروت ، ويذهب الى مقر عمله بسيارة تملكها احدى تعاونيات الهستدروت ، ويعمل نهاره في مصنع يخص احدى شركات الهستدروت ، ويرسل اولاده الى مدرسه كانت الى وقت قريب تعود لمدارس القسم الثقافي في الهستدروت ، وهو يتداوى في حال مرضه في احدى مشافي الهستدروت او عياداتها ويمكنه ان يقضي ساعات فراغه في اندية الهستدروت ومنتزهاتها ومسارحها الفنية " ، ( 26 ) .
من جهة اخرى ، يصف هيدلي كوك (Hedly Cook ) الهستدروت في كتابه ( اسرائيل نعمة ونقمة ) بانها مارد اقتصادي بقوله :
" ان الهستدروت اكثر من مجرد اتحاد للعمال ، فهو القوة الاقتصادية الوحيدة في اسرائيل ، انك اليوم اينما ذهبت في اسرائيل ، فانك ستقابل الهستدروت … فهذه متاجر تابعة للهستدروت ، وهذه فنادق ومطاعم ومخازن ملك للهستدروت ، وهذه بضائع من انتاج الهستدروت ، وتلك مشروعات يقوم بتنفيذها الهستدروت ، واينما سرت واجهتك اللافتات الدالة على تشعب هذه المنظمة . فهذه شركة سوليل بونيه تتبع الهستدروت ، وشركة تنوفا ( Tenuva ) ، وشركة زيم ، وهاماشبير وغيرها الكثير – كل تابعة للهستدروت – مستعمرات تابعة للهستدروت ، ان 70 % من الزراعة الاسرائيلية في مستعمرات تابعة للهستدروت … ويسيطر الهستدروت على شبكة من المشروعات الصناعية تضم 400 مصنع ، وتتبع الهستدروت جميع خطوط النقل الداخلية " ، ( 27 ) .
على أي حال ، ان النقابة العبرية الصهيونية الإسرائيلية العامة ( الهستدروت ) ضمت تحت اجنحتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنقابية منظمات ومؤسسات جماهيرية متعددة في البلاد ، تضمنت : اتحاد الصناعيين ، اتحاد المتعهدين ، اتحاد الفلاحين ، اتحاد شركات التأمين ، اتحاد صناعة الماس ، اتحاد الفنادق ، اتحاد العمل والصناعة ، اتحاد التجار ، اتحاد السينما وسواها من الاتحادت الاخرى ، منذ نشأتها وحتى الآن ، بعد تسميتها بالهستدروت الجديدة . وبذلك مثلت كما يقول صبري جريس في كتابه ( تاريخ الصهيونية ) :
" دور الحاضنة الأم للاتحادات الصهيونية النقابية كافة ، حيث تمكن من اقامة اتحادات تابعة مثل : اتحاد العمال الزراعيين ، واتحاد الكتاب ، واتحاد العاملين في البناء والمقاولات ، واتحاد العاملين في الصناعة العامة ، واتحاد عمال المعادن ، واتحاد المدرسين ، واتحاد العاملين في الصناعات الغذائية ، واتحاد العاملين في النسيج والملابس والجلود ، واتحاد العاملين في وسائل النقل ، واتحاد عمال الخشب ، واتحاد العاملين في البحار وصناعة الماس ، واتحاد الأعمال الحرة " ، ( 28 ) .

المنظمة العمالية النسائية ( نعمات )

في اطار سعي منظمة ( الهستدروت ) لمد وتكثيف نشاطاتها العمالية والنقابية في المجتمع اليهودي الصهيوني الجديد في العالم ، انشأت فرعا نسائيا لها " حركة النساء العاملات – نعمات " ، يضم العاملات وصاحبات العمل ايضا ، يدعى شعبة المنظمة العمالية النسائية وذلك للاهتمام بقطاع المرأة العاملة في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة . وهذه المنظمة العمالية النسائية تتبع سياسة عمالية موحدة مع النقابة الام من حيث العمل على توفير فرص العمل والتشغيل ، والحد من البطالة والدفاع النقابي الحقوقي عن حقوق العاملات ، وعقد الدورات التأهيلية والمهنية ، وتطبيق سياسة الحد الأدنى من الاجور في قطاعات العمل المختلفة في كافة المصانع والمنشآت والشركات الزراعية والصناعية والسياحية والخدمية العامة والمصرفية ، الا انها جمعية مسجلة وتجري لها انتخابات حزبية وتشكل لها مؤسسات موازية للهستدروت . وترأست منظمة ( نعمات ) احدى العضوات اليهوديات في قيادة الهستدروت عن حزب العمل وتدعى ( حدفة الموج ) منذ تشكيلة قيادة الهستدروت الجديدة في 9 حزيران عام 1998 ( 29 ) .

شعبة الشبيبة العمالية والطلابية

انشأت ( الهستدروت ) عدة فروع او شعب فرعية لها لتنظيم الشباب والطلاب بالاضافة الى المراكز التدريبية والتأهيلية وعدة منظمات ثقافية . وتهتم بالقطاع الشبابي الثقافي والتعليمي والرياضي على السواء بشكل ملفت للنظر .

التنظيم النقابي اليهودي والعرب

مر العمال العرب في فلسطين المحتلة عام 1948 بمرحلتين في انتسابهم للهستدروت اليهودية ، وذلك وفقا للرؤية اليهودية - الصهيونية في التعامل مع القوى العاملة العربية في البلاد ، وتأكيد الذات اليهودية اولا ، وفق سياسة ( العمل العبري والدفاع الذاتي ) وسياسة الاحتواء العامة للعرب في الآن ذاته ، ومن ضمنها احتواء العاملين العرب خاصة بالترغيب تارة والترهيب تارة اخرى والحيلولة دون إنشائهم اتحادا عماليا عربيا خاصا بهم يدافع عن مصالحهم وحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والنقابية العامة . وقد تمثلث هاتان المرحلتان في معاملة العاملين العرب بطريقتين في :
المرحلة الاولى : مرحلة الحرمان النقابي التنظيمي :
وقد مرت هذه المرحلة هي الأخرى في فترتين تمثلت الفترة الاولى في : الحرمان الكلي للعرب من الانتساب النقابي للهستدروت ، فلم يتمكن العمال العرب الفلسطينيين من الانضمام لنقابة الهستدروت نظريا الا بعد 16 كانون الثاني عام 1959 . والفترة الثانية من المرحلة الاولى هي فترة تجميد الحرمان وتجميد الالتحاق او الانتساب حيث سرى مفعول هذا القرار القاضي بالسماح للعرب بالانتساب للهستدروت عمليا على ارض الواقع ، عام 1960 بصورة جزئية ، اذ وضعت الشروط والقيود على انتساب ابناء الحركة العمالية العربية من الجليل والنقب والمثلث والساحل ، ولم يتمكنوا من الانتساب للهستدروت الا بعد مرور اكثر من سنة ، بينما لم يستطيعوا المشاركة في انتخابات الهستدروت الا عام 1965 .
المرحلة الثانية : مرحلة الالزام النقابي التنظيمي :
وهي مرحلة اجبار والزام العمال بالالتحاق بمؤسسات الهستدروت ، لمنع بروز مظاهر التململ في صفوف الطاقة العاملة العربية وبالتالي منع العرب من تأسيس اتحاد عمالي يشرف على تسيير شؤونهم النقابية الحقوقية والمطلبية العامة ، حيث جاءت عملية الالزام بشكل مباشر او غير مباشر ، والهيمنة والاحتواء العام ، وذلك بتحصيل اشتراكات مالية دورية من العاملين العرب تحت اسم ( رسم تنظيم الهستدروت ) ، ومنع العرب من الاستفادة من الخدمات الاجتماعية والصحية الا اذا كانوا منتسبين لهذا الاتحاد العمالي الصهيوني بتركيبته التنظيمية المزدوجة ، بين العمال واصحاب العمل : " هذا العملاق الاجتماعي هو الجهاز الذي من خلاله استمرت تأدية الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضائه ، ولكنه في نفس الوقت يجعل الحياة لمن ليس عضوا فيه جحيما لا يطاق ، او على أحسن الاحوال يجعل معيشتهم باهظة التكاليف ، ومع الاعتماد الكلي للأعضاء على الهستدروت جعل من السهل على قادته الذين هم في نفس الوقت المؤسسة الحاكمة السيطرة شبه الكاملة على سلوكهم السياسي والاجتماعي … وعموما فقد أصبحت فرص العمل في الأرض المحتلة بالنسبة لأي فرد او مجموعة من الأفراد رهنا برضاء الهستدروت الذي لعب دور صاحب العمل وممثل العمال في نفس الوقت ، وهو موقف أشبه بشخص يمثل دور القاضي والمحامي والمتهم في آن واحد " ، ( 30 ) .

خدمات الهستدروت

حازت نقابة العمال والعاملين العبريين ( الهستدروت ) على تسميات متعددة لوصف نشاطاتها وفعالياتها : الانتاجية والخدمية ، وبالتالي السياسات التشغيلية العامة ، حيث ضخمت فعالياتها وانشطتها الاقتصادية المختلفة فتارة لقبت ب " الامبراطورية الاقتصادية " ، وتارة اخرى ب " المارد الاقتصادي " ، ومرة ثالثة ب " العملاق الاقتصادي – الاجتماعي " ، وطورا ب " دولة داخل دولة " ، أو " حكومة داخل حكومة " ، وغير ذلك من الأسماء والتسميات الدالة على فعالياتها المتصاعدة .
ولا بد من القول ، ان الهستدروت كمنظمة للعمل والعمال واصحاب العمل ، مثلت كيانا اقتصاديا واجتماعيا شاملا ( حكومي وشعبي ) ، وذلك لتوفير الاحتياجات الذاتية للاعضاء المنتسبين اليها ، وفق مبدأ ( الاكتفاء الذاتي العبري ) وتتشعب الخدمات التي تقدمها دوائر الهستدروت لتشمل : الخدمات النقابية والادارية ، والخدمات الاجتماعية مثل : صندوق المرضى العام ، صندوق المعوزين ، صندوق الاضرابات ، صندوق العمل ، الخدمات الاجتماعية ، صندوق تقاعد العجزة ، صندوق الارامل والايتام ( 31 ) ، بالاضافة الى مشاريع التنمية الاقتصادية والتربية والتعليم والثقافة والرياضة ، وفعاليات قومية يهودية اخرى .
وفي مطلع القرن الحادي والعشرين الجاري ، وتحديدا بعام 2001 تشكلت الهستدروت من سبعة اقسام هي : قسم التنظيم المهني ، القسم المالي ، قسم مجالس العمال اللوائية ، قسم الرفاه الاجتماعي ، قسم الضمان الاجتماعي ، قسم الرياضة وقسم تنظيم المستقلين . وقد تم الغاء قسم الثقافة والحق بقسم مجالس العمال . واصبح العرب بامكانهم ان يدخلوا أي دائرة نظريا وبذلك فان الهستدروت اصبحت وصية على العمال العرب بشكل قسري .
كما قامت الهستدروت كنقابة مركزية ، ذات فروع متشعبة في الاقتصاد الاسرائيلي العام ، بدور نقابي كبير : " ووظيفة دائرة نقابة العمال في الهستدروت هي التفاوض بشان الإتفاقيات الجماعية الوطنية والصناعية وفق سياسات الاجور المعمول بها في الهستدروت ، والموافقة على الاضرابات عن العمل ، وتسوية النزاعات عن طريق الوساطة والتحكيم ، ووضع السياسات المتعلقة بالمشاكل العامة " ، ( 32 ) .
وبالاضافة الى الخدمات الاقتصادية والاجتماعية السابقة ، فان للهستدروت دورا سياسا ومراكز قيادية في المنظمة الصهيونية العالمية ، وساهمت ايضا في تشجيع الهجرة اليهودية الى البلاد ، كما ان شركة العمال التابعة للهستدروت عملت على انشاء المستعمرات في فلسطين ، وشركة " سوليل بونيه " للتعمير والانشاءات ، وشركة " زيم " للملاحة البحرية ، وشركة " إل عال " للطيران ، وهي الخطوط الجوية الاسرائيلية في المجال الخارجي ، وبنك العمال كلها كانت مبدئيا تابعة للهستدروت ، وعدا عن ذلك فان الهستدروت تتلقى معونات حكومية على شكل منح ومساعدات تشجيعية تدخل ضمن ميزانية الانشاءات والتعمير الحكومي الرسمي .
والى جانب ذلك ، فقد استعانت الحكومة الاسرائيلية بالهستدروت لمقاومة المقاطعة الاقتصادية العربية ، اذ عملت الهستدروت على انشاء روابط وعلاقات اقتصادية صناعية وتجارية مع العامل عن طريق الشركات ( 33 ) .
وتعددت الاساليب العنصرية الموجهة من الهستدروت تجاه المواطنين العرب عامة ، والعمال العرب خاصة . يقول اليكس روبنر (Alex Rubner ) عن سياسة التمييز العمالية التي تنتهجها الهستدروت حيال العمال العرب ، في كتابه ( اقتصاديات اسرائيل ) : " .. كان على الهستدروت منذ مبدأ قيامها ان توجد اعمالا للعمال اليهود ، وان تدافع عن مصالحهم ، ولقد حققت هذا الغرض من خلال الطرق التالية :
1- استعمال الضغط او القوة في بعض الاحيان لاجبار اصحاب الاعمال من اليهود على استخدام اليهود بدلا من العرب .
2- استخدام اموال الاحسان الصهيونية في انشاء الصناعات والمشروعات الاخرى لتشغيل المهاجرين " ، ( 34 ) .
على أي حال ، سعت منظمة ( الهستدروت ) الى جعل نفسها الوصية الاولى على القوى العاملة من عمال واصحاب عمل ، من العرب واليهود على السواء ولم تسمح بازدواجية العمل النقابي العمالي ، فكما سعت القيادة السياسية اليهودية – الصهيونية الى جعل الكيان الإسرائيلي ذو قومية يهودية خالصة بشكل حثيث ، والحيلولة دون ثنائية القومية في الدولة ، فقد سعت منظمة ( الهستدروت ) الاقتصادية – العمالية الى حصر التنظيم العمالي بجناحيه في اطارها المنظم فقط ، ولسان حالها يقول ( الهستدروت فوق الجميع ) وهو شعار عنصري .
وقد ادى هذا التدخل العمالي الفظ من منظمة ( الهستدروت ) في الشؤون العمالية العربية في الكيان الصهيوني في ارض آبائهم واجدادهم ، وحرمانهم من حق التنظيم النقابي العربي الخالص ، الى حدوث غليان شعبي عمالي عربي في اكثر من مناسبة وطنية وتاريخية وانسانية عامة للمطالبة بالحقوق القانونية والاقتصادية والمدنية كحق العمل وحق التعويض وحق الحصول على مخصصات البطالة ، وحق الضمان الاجتماعي والتامين الصحي وغيرها .


===================


تاريخ المنظمة العمالية الصهيونية
( الهستدروت )
( 2 - 3 )

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

تحتوي هذه الدراسة العلمية الشاملة ، على عدة مباحث فرعية هي : نشأة جمعية العمال العربية الفلسطينية وحلها ، والاتحاد العام للعمال العبريين اليهود ( الهستدروت ) والعمال العرب والتمييز العنصري والاضطهاد القومي ضدهم ، ونشأة وأهداف ومسلكيات وشعارات ومبادئ وخدمات الهستدروت ، حيث سيتم تفصيلها لاحقا .
وقد نشرت بعض أجزاء هذا البحث بشكل مختصر ، في رسالة الدكتوراه للباحث الفلسطيني في الشؤون الاستراتيجية العامة ، د. كمال إبراهيم علاونه بعنوان ( سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ) في فلسطين المحتلة عام 1948 ، التي تمت إجازتها بكلية الدراسات العليا بجامعة النيلين بالعاصمة السودانية الخرطوم في 3 حزيران 2002 م ، ص 354 – 361 .
ملاحظة : يرجى قراءة الجزء الأول أولا ( 1 - 2 ) ..

شعارات منظمة ( الهستدروت )
رفعت منظمة ( الهستدروت ) العبرية اليهودية ، كتنظيم أجنبي غريب في أرض فلسطين العربية المسلمة ، منذ نشأتها عام 1920 ولغاية الآن ، عدة شعارات صهيونية عنصرية لتثبيت الوجود اليهودي في ارض فلسطين ، ومن ابرز هذه الشعارات العنصرية :
اولا : " خلاص الأرض " :
يتمثل في السيطرة على كافة ارجاء ارض فلسطين التاريخية وتوزيعها على القادمين اليهود الجدد من مختلف ارجاء الكرة الأرضية . ويعني مبدأ خلاص الأرض حسب وجهة النظر اليهودية : السيطرة على كامل ارض فلسطين وتفريغ وطرد اهلها الأصليين منها ، واحلال اليهود مكانهم أي تبني سياسة الهجرة اليهودية من الخارج وتمويلها وتهيئة الظروف المواتية لها بكل السبل والطرق العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وسواها. ولسان حال هذا المبدأ الصهيوني العنصري يقول بضرورة استقدام ملايين اليهود الى فلسطين لاستغلالها واستعمارها بصورة متواصلة ودونما إبطاء وتقليل عدد العرب في البلاد والعمل على طردهم ما امكن .
ثانيا : " العمل العبري الصرف " :
وذلك من خلال اجبار اصحاب العمل اليهود في الكيان الصهيوني على تشغيل العمال اليهود ، وحرمان العرب من فرص العمل في المنشآت الصهيونية – اليهودية في البلاد . وقد اظهرت مسيرة منظمة ( الهستدروت ) التاريخية منذ اكثر من تسعة عقود زمنية متواصة ( 1920 – 2011 ) ، التمسك بهذا المبدأ القائم على النعرة العنصرية العرقية اليهودية كنوع من انواع : " التطهير العمالي في مواقع العمل اليهودية " .
ثالثا : " العمل المنظم " :
لم ينخرط العمال العرب في نقابة العمال الاسرائيليين العامة ، او " منظمة العمل العبري " او ما يطلق عليها ( الهستدروت ) بصورة حقيقة لعدة عقود من الزمن ، سواء في الاعمال التي تشرف عليها وتديرها ، او في العمل التنظيمي النقابي ، لعدة اسباب سياسية ونقابية واجتماعية طائفية وعرقية عنصرية ، تمثلت في دفاع ( الهستدروت ) عن مصالح وحقوق العمال اليهود فقط ، وعدم تبنيها لقضايا وحقوق العاملين والمستخدمين العرب ، او من خلال منع العرب الانتساب لهذا المارد العمالي المزدوج : " والصهيونية ومن خلال نظرتها العنصرية المتطرفة التي تولت الاحزاب الصهيونية الاسرائيلية ، قامت بحملات عمالية عنصرية واسعة ، تحت شعار عنصري فظ ، هو حملات " العمل العبري " ، وتحت وطأة هذا الشعار طرد الصهاينة الالاف من العمال العرب من اعمالهم ، وقاموا بفرض غرامات شديدة على اليهود الذين يستخدمون عمالا عربا تضييقا على هؤلاء العمال اقتصاديا ودفعهم الى الهجرة للدول المجاورة " . " لقد كان التنظيم النقابي اليهودي ( الهستدروت ) في حرب مع هؤلاء العمال ، حيث قام هذا التنظيم بعد سنوات قلائل من قيام اسرائيل بطرح شعار " العمل المنظم " كتسمية بديلة " للعمل العبري " ، ولم يؤكد هذا التغيير تبدلا في جوهر موقف هذه المنظمة " ، ( 35 ) .
ويؤكد د. فؤاد مرسي على سياسة ( الهستدروت ) العنصرية تجاه المستخدمين العرب ، كصاحب عمل كبير ، وفق المبدأ الصهيوني الشهير ( العمل اليهودي فقط ) سواء في التشغيل او الدفاع عن حقوق العمال او غير ذلك بقوله : " ورفض المهاجرون الجدد ان يستخدم ملاك الأرض والرأسماليون اليهود اليد العاملة العربية . واطلقوا حركة إنشاء الكيبوتزات او المستوطنات الجماعية . وبعدها بقليل أسسوا الهستدروت . واصبح شعارهم الأساسي هو ( العمل اليهودي فقط ) . وقاموا بارهاب صاحب العمل اليهودي والعامل العربي معا . وكان الهستدروت الأداة الرئيسية في هذه الحملة الصهيونية . وعندما كان الرأسماليون اليهود يشكون من ارتفاع اجور العمال اليهود بالمقارنة بالعمال العرب كان الهستدروت يتدخل ليتحمل الفرق في الاجور حفاظا على سلامة المبدأ الصهيوني " ، ( 36 ) .
وفي سبيل منع تشغيل العمال العرب في المنشآت الاقتصادية الصهيونية اليهودية في فلسطين المحتلة ، فان الحكومة العبرية ( الإسرائيلية ) لجأت الى تطوير ( مبدأ العمل العبري ) من خلال فرض غرامات مالية باهظة والحكم بالحبس لمدة زمنية معينة ، كعقوبة واحدة او العقوبتين معا ، على اصحاب العمل اليهود الذين يستخدمون عمالا عربا بدعاوى الحفاظ على الأمن الصهيوني ( الاسرائيلي ) ، وقد ادت هذه السياسة العقابية ضد الكثير من اصحاب العمل اليهود الى العزوف عن استخدام العمال العرب ، وذلك بالرغم من ان الاجور المدفوعة للعمال العرب هي اجور ضئيلة مقارنة بالاجور المدفوعة للعمال اليهود .
رابعا : " الإنتاج العبري " :
يتمثل في العمل على انتاج منتجات زارعية وصناعية شاملة على ايد عاملة يهودية خالصة ، للاعتماد على الذات اليهودية ، وتصدير الفائض من المنتجات الى خارج البلاد ، لتقوية النفوذ الاقتصادي اليهودي في المنطقة وفي العالم ايضا . وهذا الشعار هو الشعار التاريخي للحركة الصهيونية عموما ومنظمة ( الهستدروت ) خصوصا ما زال قائما على ارض الواقع من خلال الاهتمام المتزايد بالتطوير الصناعي وزرع قاعدة صناعية كبيرة في البلاد وخاصة صناعات التسليح البري والجوي والبحري ، واشراف مؤسسات الهستدروت الاقتصادية على هذه الشؤون التطويرية .
خامسا : " احادية التنظيم العمالي ":
يتمثل هذا الشعار الصهيوني التاريخي بضرورة ان يكون هناك تنظيما صهيونيا عماليا نقابيا قويا ، وعدم السماح لتنظيم او نقابة عمالية او اتحاد نقابي عربي ( إسلامي أو مسيحي ) بالنشوء على ارض فلسطين . وهو استمرار لما بدأه الكيان اليهودي حينما قضى على ( جمعية العمال العربية الفلسطينية ) عام 1948 . وقد برز هذا المبدأ ايضا لعدم اتاحة المجال امام تنظيم او منظمة عمالية عربية قد يتم العمل على بلورتها لتنافس منظمة الهستدروت الصهيونية باي حال من الاحوال وتسحب البساط من تحت قدميها .
عن سياسة العمل العبرية لليهود في البلاد يقول الكاتب اليهودي ليف جرينبرغ :
" ان مبادئ العمل العبري ، ورأس المال القومي ، والمنتوج العبري ، و " خلاص الأرض " ، من ناحية ، الى جانب مؤسسات مثل الهستدروت والكيبوتس وبنك العمال و " المشبير ، ومكاتب التوجيه الى اماكن العمل من ناحية ثانية ، كلها تمثل القاعدة التي أرستها حركة العمل الصهيونية من أجل اخضاع الإعتبارات الإقتصادية للأهداف السياسية الوطنية " ، ( 37 ) .
وهذه الشعارات الاقتصادية – العمالية اليهودية المتطرفة ، تظهر مدى الانغلاق الذاتي الصهيوني على نفسه ، وعدم السماح بنشوء او نمو مؤسسة عمالية او اقتصادية غير صهيونية او غير يهودية ، وكأن هذا الانغلاق الصهيوني يعيش في غيتو في احدى الدول الغربية كما كان اليهود يعيشون في مختلف دول العالم في مواطنهم الأصلية ، ولم يراع وجود الشعب العربي الفلسطيني فوق ارض وطنه ، وهو ما يتمثل في وحدانية العمل العبري وحصريته في اليهود فقط .
الا ان اللافت للنظر ومنذ انشاء الهستدروت ، التي اتخذت طابعا يهوديا صرفا لسنوات طويلة ، وتحولها جزئيا للقبول بالعرب في عضويتها بشكل هامشي ، مما الحق اضرارا متواصلة بشكل متزايد بابناء الشعب العربي الفلسطيني في ارض وطنهم ، فلسطين ، الذي حولته المؤسسات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحد السيف والقوة والجبروت ، الى اسم " اسرائيل " لاحقا عام 1948 .
وقد تمثلت الاضرار التي لحقت بالعرب الفلسطينيين ، في مختلف مراحل عمل ( الهستدروت ) القديمة والحالية ، اعتبارا من المرحلة الاولى منذ انشاء الهستدروت عام 1920 وانتهاء بالمرحلة النهائية المعاشة الآن ، أي بعد اكثر من تسعين عاما ، من انشاء هذه المنظمة العمالية ، في عدة وجوه من اهمها :
اولا : اتباع مبدأ ( العمل اليهودي فقط ) في المؤسسات والمنشآت الزراعية الصناعية والتجارية والسياحية والمصرفية والخدمية العامة ، وهذا المبدأ لا زال ساري المفعول في عشرات القطاعات الاقتصادية في البلاد . فاصبح الفلسطيني في وطنه غريبا في كل شيئ ، لا لشيئ سوى انه عربي من أهل البلاد الاصليين ، وغير يهودي .
ثانيا : الاستمرار في حظر دخول العرب بشكل كلي او جزئي احيانا الى مرافق صناعية او الكترونية او اعمال ادارية متعددة ، سواء بشكل رسمي علني او غير رسمي مستتر . والحظر قد يمتد الى حظر دائم او موسمي .
ثالثا : تخفيف سياسة العمل اليهودي او العبري قليلا ، حسب حاجة صاحب العمل اليهودي ، ومن ضمنه اصحاب العمل التابعين ( للهستدروت ) ليسمح لعشرات او مئات العمال والمستخدمين العرب ، وتشغيل المستخدمين العرب في اعمال يدوية شاقة لا يستطيع العامل او المستخدم اليهودي الغربي او الشرقي اتقانها ، او الاستمرار في ادائها لفترة طويلة من الزمن .
رابعا : حظر التحاق او دخول العرب للتنظيم النقابي العمالي في اطار فروع ( الهستدروت ) المختلفة ، لعدة سنوات .
خامسا : عدم تمثيل العرب في لجان ( الهستدروت ) النقابية والاجتماعية والصحية والاقتصادية العامة .
سادسا : عدم الاهتمام بتشغيل العمال العرب والبحث عن فرص عمل مناسبة لهم .
سابعا : عدم اهتمام القيادات العمالية اليهودية بالدفاع عن حقوق العمال العرب وخاصة العاملين لدى اصحاب العمل اليهود ، وإن برز بعض الاهتمام فانه يتم على اساس الدفاع عن مصلحة صاحب العمل اليهودي او اصحاب العمل اليهود في حالة الملكية الجماعية لوسائل الانتاج العام .

تمثيل العرب في لجان الهستدروت

ان تمثيل العمال واصحاب العمل العرب في مؤتمرات ومجالس ادارة الهستدروت ليست على ما يرام للعرب ايضا ، فاعضاء قيادة الهستدروت من العرب قليلون قياسا بعددهم الاجمالي في النقابات والاتحادات الصناعية والتجارية والزراعية والعمالية والمهنية الاخرى .
وكما أشرنا سابقا ، فان منظمة ( الهستدروت ) حظرت على العمال العرب الانتساب لها حتى عام 1959 نظريا ، ولم يسمح عمليا الا عام 1960 لدخول العمال العرب الى صفوف هذه المنظمة الاقتصادية الصهيونية كأعضاء فقط لا يحق لها الانتخاب ، أي ان العرب منعوا من الانتساب لها منذ الاعلان عن قيام الكيان الصهيوني في 14 أيار – مايو عام 1948 وحتى عام 1960 ، بينما سمح للعمال العرب الاعضاء في منظمة ( الهستدروت ) بالانتخاب بعد 17 عاما من قيام الكيان الصهيوني ، وهي فترة طويلة . ويمكن القول ان العرب ما زالوا لا يتمتعون بحقوقهم التنظيمية الحقيقة لغاية الآن .

دوافع ( الهستدروت ) لتنظيم العمال العرب

بعد نحو 11 عاما من الاعلان عن قيام الكيان اليهودي - العبري - الصهيوني - الاسرائيلي ، اضطرت منظمة ( الهستدروت ) للقبول بمبدأ إشراك أو اشتراك العرب في عضوية النقابات والاتحادات التابعة لها ، في بعض المجالات ، ولو جزئيا . وبعد 17 عاما سمحت هذه المنظمة للاعضاء العرب بالمشاركة في انتخاب اعضاء الهيئات التمثيلية النقابية العامة . أي ان سياسة التمييز العنصري من منظمة ( الهستدروت ) ضد العمال العرب استمرت متبعة فعليا طيلة ايام الحكم العسكري الصهيوني تقريبا التي فرضت على المواطنين العرب في ارض وطنهم منذ عام 1948 وحتى عام 1966 ، في محاولة للسيطرة على هؤلاء المواطنين الذين شرد جزء كبير من ابناء شعبهم الى خارج ارض فلسطين وثنيهم عن مقاومة المحتلين الأجانب .
وقد اعطي العرب بعض الحقوق النقابية والتنظيمية في منظمة ( الهستدروت ) العبرية ، الا ان هذه الحقوق او الانجازات لا تعدو كونها مسكنات جزئية هامشية ، نظرا للتغيير الجزئي في السياسة الصهيونية العامة تجاه العرب الهادفة الى تسخيرهم لخدمة اهدافها ومصالحها الاقتصادية الشاملة واستحالة التخلص النهائي منهم .
وبرأينا هناك عدة دوافع وعوامل حدت بمنظمة ( الهستدروت ) للسماح للعمال العرب بالانخراط في صفوفها ، وتتصدر هذه الدوافع والعوامل ما يلي :
1 ) امتصاص نقمة العرب على اليهود عامة ، وعلى النقابة العمالية الصهيونية خاصة .
2) اخضاع العمال العرب لجبروت وهيمنة ( الهستدروت ) لكي لا يفكروا في اقامة اطار عمالي تنظيمي عربي ، ينزع شرعية العمل النقابي الصهيوني في صفوف العمل العرب .
4) جمع الاشتراكات المالية من الاعضاء العرب التي تساهم في تغطية نشاطات الهستدروت في المجتمع العربي . وخاصة ان قيمة الاشتراكات لهذه المنظمة العمالية الكبرى في البلاد تتراوح ما بين 3 – 5 ر4 % من اجور العاملين ، وتستخدم هذه الاشتراكات لتمويل الفعاليات النقابية والاجتماعية والمعونات الطبية للمنظمة (38 ) .
1) الظهور بمظهر اجتماعي حضاري – ولو شكليا – يسمح بموجبه للعاملين العرب بالانتساب ( للهستدروت ) .
2) تلبية للاحتجاجات العمالية العربية باشكالها المتعددة المنادية بالسماح للعرب بالاستفادة من الحد الأدنى من خدمات هذه المنظمة الاجتماعية ايضا ، في مجالات اجتماعية واقتصادية وصحية وتعليمية وثقافية ، وخاصة التأمين الصحي وخدمات العيادات والمستشفيات والضمان الاجتماعي كجزء من السكان ( غير اليهود ) وليس كاقلية قومية في البلاد .
3) اسباب انتخابية داخلية صهيونية : تمثلث في استخدام الاعضاء العرب في التصويت لحزب سياسي او احزاب سياسية معينة ، مثل تيار حزب العمل وشعب واحد وغيره .
على أي حال ، ان اعداد العمال العرب الملتحقين بعضوية اتحادات او نقابات منظمة ( الهستدروت ) بدأت بالتزايد بصورة تدريجية ، وفق اجراءات امنية اسرائيلية مشددة . فمثلا ، في عام 1972 ، بلغ عدد اعضاء ( الهستدروت ) الاجمالي نحو 000ر161 ر1 عضو ، منهم 73 الف عضو عربي ( بما فيهم الدروز ) ، وهو عدد قليل جدا من العدد الكلي من المنخرطين تحت لواء هذه المنظمة الصهيونية الكبرى . والعدد الكلي من العاملين المنضمين ( للهستدروت ) من اليهود والعرب شكل اكثر من نصف سكان البلاد في تلك السنة ، حيث وصل هذا العدد الى نسبة 57 % من سكان الكيان الاسرائيلي المصطنع بفلسطين المحتلة .
وبعد 10 سنوات من السماح للعمال العرب بالانتخاب في فروع منظمة ( الهستدروت )، أي بعد نحو 26 عام من قيام الكيان الصهيوني ، وتحديدا في عام 1975 ، تمكن خمسة اعضاء عرب من دخول اللجنة التنفيذية للهستدروت من اصل 168 عضوا ولم يكن في ذلك العام أي عضو عربي في اللجنة المركزية الثماني عشرة للهستدروت ، في حين خصصت دائرة عربية في الهستدروت للعمال من القطاع العربي . اما في عام 1978 فبلغ عدد العمال العرب في الهستدروت حوالى 120 الف عامل شكلوا نسبة 10 % من مجموع اعضائها ( 39 ) .
وفي عام 2001 بلغ عدد الاعضاء العرب المنضمين ( للهستدروت ) نحو 52 الف عامل من العدد الاجمالي البالغ نحو 680 الف عضو ( 40 ) . في حين افاد نقابي عربي آخر عضو في الهستدروت ان عدد الاعضاء العرب في الهستدروت بلغ في العام ذاته نحو 90 الف عضو ، من العدد الاجمالي البالغ نحو 800 الف عضو ( 41 ) .
وهذا الزحف العمالي العربي باتجاه واحدة من المنظمات الصهيونية الكبرى في البلاد جاء لتحقيق بعض المصالح والحصول على بعض ( المنافع ) منها وعدم البقاء خارج السرب العمالي دونما فائدة تجنى ، فالعمال الذين بقوا خارج الاطار المؤسسي ( للهستدروت ) أحسوا بانهم مهمشين الى ابعد الحدود مما حدى بهم الى المطالبة بعملية اختراق حاجز التمييز العنصري القائم على الاصل والعرق والدين والجغرافيا والتاريخ والأصل الاجتماعي في البلاد وبالتالي تحقيق بعض الحقوق المطلبية البسيطة .
وبهذا يمكن القول ، ان دخول العمال العرب لعضوية هيئات منظمة ( الهستدروت ) ، كأعضاء عاديين في البداية وكأعضاء لهم حق الترشيح والانتخاب في مرحلة لاحقة ، جاء لمصلحة مزدوجة صهيونية اولا ، وعربية ثانيا ، ولكل طرف اسبابه ودوافعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي انطلق منها وسعى لتحقيقها .
وتجدر الاشارة الى ان انتساب العمال العرب في هذه المنظمة العمالية الصهيونية الكبرى ومشاركتهم في نشاطاتها بقيت ضمن بوتقة محددة ، فالعنصرية العمالية الصهيونية لم تلق سلاحها بعد ضد الجماهير العمالية العربية ولكنها تتلون وتتغير تبعا لظروف المرحلة واحتياجاتها العامة .
دائرة العرب في الهستدروت

عملت ادارة منظمة " الهستدروت " اليهودية العبرية الصهيونية على تخصيص ( دائرة عربية ) لفترة طويلة ، تتفرع الى فروع داخلية للاشراف على شؤون العاملين العرب فيها في اربعة مجالات هي :
1) المنظمات المهنية .
2) المنظمات الاقتصادية .
3) الفعاليات الثقافية .
4) برامج المرأة .
وكانت هذه الدائرة العمالية العربية واحدة من 14 دائرة في الهستدروت ، وأشرف على هذه الدائرة العربية العمالية مجلس ادارة يتألف من يهود وعرب ، وأشرف على شؤون هذا المجلس اللجنة المركزية في الهستدروت وسكرتير عام الهستدروت بنفسه ، وكان يترأس هذه الدائرة العربية العمالية نقابي يهودي وأعضاء الادارة شكلوا 70 يهوديا و50 عربيا ، وعمل هؤلاء الأعضاء من اليهود في الشؤون الادارية والمكتبية في حين يقوم الأعضاء العرب بالاعمال الميدانية ( 42 ) .
وقد سعت الكتل النقابية اليهودية والعربية الصرفة والمختلطة بين العرب واليهود على السواء الى الغاء هذه الدائرة العربية بعد تشكيل قيادة الهستدروت الجديدة في خريف عام 2011 ، وذلك لدوافع متباينة ومتعددة تبعا لهذه الكتلة النقابية او تلك . فقد سعت الكتل النقابية اليهودية – الصهيونية بتخطيط من الاحزاب السياسية الام القوية في الحلبة السياسية والاقتصادية لتهميش دور العرب في المجال النقابي اولا ، وفي سبيل الحاق العاملين العرب بشتى النقابات العمالية اليهودية في البلاد وابقائهم تحت السيطرة ( تحت العينين ) ثانيا ، بالاضافة الى الظهور بمظهر حضاري يبطن التمييز العنصري ولا يظهره علنيا امام الاتحادات العمالية الدولية والادعاء بضم العمال العرب الى " احضان الهستدروت " بغض النظر عن دين او قومية او اصل او جنس العامل .
وفي 9 حزيران 1998 ، جرت انتخابات منظمة ( الهستدروت ) لدورة تتألف من اربع سنوات ، تمتد الى حزيران 2002 ، بمشاركة كتل واحزاب سياسية ذات افرازات نقابية . وفي اعقاب ذلك تم تشكيل قيادة نقابية جديدة للهستدروت ، تضم 25 عضوا بما فيهم الامين العام للهستدروت او رئيسها التنفيذي ثم تمت اضافة اربعة اعضاء آخرين لهذه التشكيلة القيادية ( للهستدروت ) لتصبح 29 عضوا . وفيما يلي اسماء قيادة ( الهستدروت ) والتشكيلة الحزبية التي تضم تسعة وعشرين عضوا يتوزعون على عشرة احزاب سياسية ذات امتدادات نقابية لعام 2001 م ( 43) :
1) قائمة اعضاء حزب شعب واحد ( عام آحاد ) : وتضم عشرة اعضاء بما فيهم امين عام الهستدروت ، والاعضاء هم : عمير بيرتس ( الامين العام ) ، شموئيل أبيتال ، ليؤون مرورفسكي ، جرشون غلمان ، بروس بير بن حامو ، مائير اليعيزرا ، حاييم تسوفايغ ، اديسو مسالا ،، امنون بار دافيد ، و ناديا الحلو ( عربية ) .
2) قائمة اعضاء حزب العمل : نوجا بوتانسكي ، دفه الموج ، شلومو شنيه ، غالب محمد مجادلة ( عربي ) . وشكلت هذه القائمة نسبة 23 % .
3) قائمة الليكود : يغئال كوهين ، إيتان سولامي ، موشيه كوهين ، يعقوب شماي .
4) قائمة الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة : جهاد محمود عقل ، بنيامين غونين . وشكلت هذه القائمة المزدوجة ( العربية – اليهودية ) الماركسية ، نسبة 7 % من قيادة الهستدروت .
5) قائمة شاس : يوسف كدوري ، دافيد يفرح .
6) قائمة عوز : تسفي غوت فاتر ، شلومو كوخافي .
7) قائمة اسرائيل بعاليا : يوري فرنكل ، بتصالل شيف .
8) قائمة الحزب الديموقراطي العربي : غسان ابراهيم مقلشي . وشكلت قائمة هذا الحزب العربي نسبة 3 % .
9) قائمة ميرتس : حاييم زهافي .
10) قائمة جيشر ( الجسر ) : ي . الباز .
وبهذا نلاحظ ان عدد اعضاء قيادة الهستدروت العرب واليهود ، بلغوا 29 عضوا ، منهم اربعة اعضاء عرب : جهاد عقل ، من قرية عرعرة في المثلث ، عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ( حداش ) بالاضافة الى عضو آخر يهودي من القائمة ذاتها ، وغسان ابراهيم مقلشي ( مسيحي من الناصرة ) ، عن الحزب الديموقراطي العربي ، وعضو ثالث هي ناديا الحلو ( مسيحية ) من يافا ، عن قائمة عربية يهودية مشتركة وهي شعب واحد ( عام آحاد ) وهو الحزب القائد في الهستدروت في تلك الدورة الانتخابية ، واما العضو الرابع فهو غالب محمد مجادلة من باقة الغربية في المثلث ، عن حزب العمل الاسرائيلي . أي انه استطاع عضو عربي واحد ان يدخل قيادة الهستدروت من خلال حزب عربي صرف هو غسان مقلشي من الحزب الديموقراطي العربي ، واما الثلاثة الآخرين فانهم وصلوا الى قيادة الهستدروت من خلال احزاب مشتركة ثنائية ، يهودية – عربية .
ويلاحظ ايضا ان بقية الحركات والاحزاب العربية ليس لها تمثيل في الهستدروت مثل الحركة الاسلامية بجناحيها ، والتجمع الوطني الديموقراطي والحركة العربية للتغيير والحزب القومي العربي وغيرها .
ومن جهة اخرى ، فان عدد النساء العربيات واليهوديات في قيادة الهستدروت بلغت ثلاثة اعضاء من اصل 29 عضوا ، ذكرا وانثى ، منها عضو عربية واحدة هي ناديا الحلو بترشيح حزب صهيوني – يساري هو حزب ( شعب واحد ) . واما العضوتان الاخريان فهن يهوديتان من حزب العمل : حدفة الموج ( زعيمه منظمة نعمات ) ، ونوجا بوتانسكي .
على أي حال ، من خلال بحث ميداني لرسالة الدكتوراه في العلوم السياسية ، لجامعة النيليين بالخرطوم ، بعنوان ( سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ) أجيزت في 3 حزيران 2002 م ، اجريناه عن اعضاء قيادة الهستدروت من العرب ورأيهم في التنظيم العمالي النقابي الاسرائيلي ( الهستدروت ) في الفترة الواقعة بين 25 ايار 2001 – 7 حزيران 2001 ، شمل الاعضاء العرب الاربعة في قيادة الهستدروت وهم : جهاد محمود عقل ، رئيس الكتلة النقابية في الجبهة الديموقراطية للسلام والمساوة ( حداش ) ، وغسان ابراهيم مقلشي ، رئيس الكتلة النقابية في الحزب الديموقراطي العربي ، وغالب محمد مجادلة رئيس الكتلة النقابية العربية في حزب العمل الصهيوني ، وناديا وديع حلو ، من اعضاء الكتلة النقابية لحزب شعب واحد ، والذين تراوحت اعمارهم جميعا بين سن ال 45 – 50 سنة ، متزوجين ، وثلاثة منهم من حملة الدبلوم المتوسط ، والرابعة ( ناديا حلو ) من حملة شهادة الماجستير في العلوم الاجتماعية والادارية من جامعة تل ابيب عام 1992 ) .
وقد طرحنا على هؤلاء الاعضاء العرب الاربعة في قيادة الهستدروت من اصل 29 عضوا في هذا التنظيم العمالي الصهيوني العام كعينة حصصية غير عشوائية عن النقابيين والعاملين العرب ، 13 سؤالا عن سياسة الاستخدام والاجور المعمول بها في البلاد ومدى تأثير هذه السياسة الاسرائيلية العامة والهستدروتية بصورة خاصة على العاملين العرب .
وحول سؤال طرح على هؤلاء الاربعة " باعتقادك ان اهتمام نقابة العمال الاسرائيليين العامة ( الهستدروت ) في البلاد بالعاملين العرب ؟ " ، ووضعت عدة خيارات لاختيار واحد منها ، اجاب اثنان منهم بان مسألة اهتمام الهستدروت بالعاملين العرب ، هي بصورة مقبولة ، وواحد بصورة جيدة جدا ورابع اجاب بان اهتمامها يأتي بصورة مساوية للعاملين اليهود .
أي ان نصف الاعضاء النقابيين العرب في قيادة الهستدروت لا يثقون بهذا التنظيم العمالي العام في البلاد ، وان دل هذا على شيئ فانما يدل على ان 50 % من النقابيين العرب في قيادة الهستدروت ما زالوا ينظرون الى هذه المنظمة العمالية الصهيونية الشاملة نظرة شكك وقلق ، تعكس وتخفي النظرة الحقيقية الداخلية المستترة ، حيث كانت هذه النظرة مقبولة وهي ادنى سلم من الاجابات التي تقع في الاسفل منها ان الهستدروت لا تهتم بتاتا بالعاملين العرب . كما ان نظرة ربع اعضاء اللجنة القائدة في الهستدروت أجاب بأنها تهتم بشكل جيد جدا بالعاملين العرب جاءت لاعتقاد هذا النقابي ان الاعضاء العرب هم جزء من الهستدروت ، حيث اجاب غسان مقلشي رئيس الكتلة النقابية للحزب الديموقراطي العربي ، عضو قيادة الهستدروت ، ورئيس المعهد اليهودي – العربي ( بيت بيرل ) ان هذا الاهتمام الجيد جدا جاء : " لوجود نقابيين عرب " ( 44 ) ، يمثلون وجود مجالس عمالية عربية ليس إلا .
واما بخصوص رغبة الاحزاب اليهودية – الصهيونية القائدة في الهستدروت في التحالف مع الاحزاب والحركات العربية ، كانت الاجابة : واحد من اربعة ان الكتل النقابية في الاحزاب اليهودية – الصهيونية القائدة في الهستدروت لا ترغب في التحالف بتاتا مع الكتل النقابية في الاحزاب والحركات العربية ، واثنان من اربعة اجابا بانها غالبا ما ترغب في التحالف ، وواحد من اربعة اجاب بانها ترغب احيانا في التحالف مع الاحزاب والحركات العربية . أي ان مسالة التحالف او عدم التحالف النقابي تخضع للامزجة الحزبية والفئوية والشخصية الضيقة بالاضافة الى الاملاءات السياسية من الاحزاب الصهيونية الام التي توجه مسار الحياة العامة لاعضائها في كافة التشكيلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العامة .
ويمكن ارجاع عملية لجوء الكتل النقابية في الاحزاب اليهودية – الصهيونية الى التحالف مع الكتل النقابية العربية الى عدة اسباب وعوامل من بينها :
1) الظهور بمظهر ديموقراطي امام الاتحادات العمالية العالمية ، والايحاء الى هذه الاتحادات بوجود تمثيل نقابي عربي وان كان هشا ، الى جانب التمثيل النقابي اليهودي .
2) وجود اعضاء عرب في قوائم نقابية يهودية – عربية مشتركة اصلا ، تدعو الى التعايش الاجتماعي والاقتصادي المشترك بين العرب واليهود بشكل عام بعيدا عن الأبعاد السياسية والعسكرية والأمنية والثقافية والدينية في البلاد .
3) عدم وجود تأثير قوي للكتل النقابية العربية الصرفة في تشكيل المجالس العمالية اللوائية والفرعية وبالتالي المطالبة بالتمثيل النقابي ولو الشكلي في قيادة الهستدروت .
4) عدم ايلاء الممثلين النقابيين العرب في قيادة الهستدروت الاهتمام اللائق من خلال اسناد مواقع هامشية لهم غير ذات جدوى في قيادة الهستدروت اصلا ، وتظهر هذه المسألة في ان 4 اعضاء عرب في قيادة الهستدروت من اصل 29 عضوا لا يشكلون سوى اقلية نقابية متفرقة كون ان اثنين منهم فقط هم من قائمتين عربيتين وطنيتين ، والاثنين الاخرين هم اعضاء في كتل نقابية يهودية ( يسارية وسط ) – عربية . كما ان المناصب المسندة لهؤلاء الاعضاء النقابيين العرب الاربعة هي مناصب ليست ذات جدوى تستطيع ان تقود العمل التنظيمي العربي بشكل حقيقي فكل شيئ بيد قيادة الهستدروت من النقابيين اليهود . فجهاد عقل اعطي منصب نائب سكرتير نقابة عمال البناء العامة ، وغالب مجادلة مسؤولا لقسم الرياضة الذي ليس له ميزانيات مالية ، وناديا حلو ليست لها مهام محددة فهي نقابية دون حقيبة نقابية وغسان مقلشي مدير معهد بيت بيرل البعيد عن العمل النقابي العام .
5) الكتل النقابية العربية الصرفة ، والمختلطة ايضا ، تميل الى تفضيل دعم حزب صهيوني – اسرائيلي ، للسيطرة على قيادة الهستدروت لتحصيل بعض الامتيازات الشكلية : المالية والنقابية والتدريبية والصحية والترفيهية والرياضية وغيرها . وكانت تعمل بعض هذه القوائم العربية الصرفة او المختلطة على دعم حزب العمل ثم تحولت الى دعم حزب شعب واحد ( عام آحاد ) ، بدعوى ان هذا الحزب القائد في الهستدروت يمكن ان لا يبقيها على قارعة الطريق في التنظيم العمالي النقابي .
وبمعنى آخر ، ان صراع الاحزاب اليهودية – الصهيونية ، اليمينية والوسط واليسار ، من حزب العمل وحزب الليكود وكاديما وغيرها ، على السواء في السيطرة على ادارة زمام قيادة الهستدروت تجبر بعض الاحزاب القائدة على التحالف مع الكتل النقابية العربية كقائمة صرفة او مختلطة .
6) وجود بعض المصالح الحزبية والشخصية الضيقة لكلا الطرفين النقابيين العربي واليهودي على السواء وان اختلفت هذه المصالح الا ان هناك حدا ادنى لالتقاء هذه المصالح الادارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها . ويؤكد جهاد عقل عضو قيادة الهستدروت عن الجبهة الديوقراطية للسلام والمساواة ( اليسارية الماركسية ) ان التحالف بين الاحزاب اليهودية – الصهيونية مع الاحزاب العربية في الهستدروت يأتي : " غالبا – حسب المصلحة " ، ( 45 ) .
وفي سياق آخر ، وحول سؤال عن دور اعضاء قيادة الهستدروت العرب ( عام 2001 ) في الدفاع عن حقوق ومصالح العاملين العرب اجاب : واحد من اربعة من اعضاء قيادة الهستدروت العرب انه دورا بشكل ( مرضي جدا ) ، وثلاثة من اربعة بشكل ( مرضٍ ) " بتنوين الضاد المكسورة " . وهذا التقييم هو تقييم الاعضاء لذاتهم وذلك حسب ما يرونه بانه مفيدا للعاملين العرب ، أي انهم راضون عن عملهم للدفاع عن حقوق ومصالح العاملين العرب حيث يستفيدون من الاطار التنظيمي العام المتمثل في الهستدروت ، واستثمار الامكانات المتاحة امامهم لتحصيل حقوق العاملين العرب واستغلال اسم الهستدروت المرعب لاصحاب العمل اليهود بما فيهم الحكومة العبرية كون الهستدروت اذا اتخذت قرارا بالاضراب العام فانها تشل الحياة العامة في البلاد بشكل عام او في القطاع المعني بشكل خاص ، وتستطيع ان تفرض معظم شروطها في غالب الاحيان ، وبمعنى ادق : الاستفادة من دور الهستدروت المخيف في البلاد .
واعرب اثنان من الاعضاء العرب الاربعة في قيادة الهستدروت عن رغبة العمال العرب في اللجوء الى الهستدروت في حال عملهم في موقع عمل عربي ووقوع نزاع عمالي بين احدهم وبين صاحب عمل عربي ، وواحد اعرب عن رغبة العمال العرب في اللجوء الى الهستدروت اولا ثم الى الحزب الذي ينتمي اليه ثانيا ، بينما اعرب واحد منهم عن اعتقاده في رغبة العمال العرب في اللجوء الى محام عربي فقط .
على أي حال ، وفي اطار البحث الميداني الذي اجريناه في اواخر شهر ايار ومطلع شهر حزيران عام 2001 ، وشمل اربعة من اعضاء الهستدروت وجلهم من الاعضاء العرب المؤطرين او المنظمين في احزاب سياسية عربية صرفة او عربية – يهودية مشتركة ، فانه تبين ايضا انه في حالة وقوع نزاع عمالي بين العامل العربي وبين صاحب العمل اليهودي ، فان مسألة لجوء العمال العرب الى مجالس عمال الهستدروت او الدائرة النقابية فيها تتراوح بين اللجوء الى الهستدروت وبين اللجوء الى الحزب السياسي الذي ينتمي اليه العامل العربي ، حيث اعتقد : ثلاثة من اربعة بأنهم يلجأون الى الهستدروت ، وواحد من اربعة بانه يلجأ الى الحزب السياسي الذي ينتمي اليه لحل النزاع العمالي .
وهذا الامر يعكس الخلفية النقابية والسياسية والاقتصادية العامة لهؤلاء الاعضاء النقابيين العرب الاربعة التي تطرحها احزابهم السياسية الام كجزء من اللعبة في الحلبة السياسية في الحياة السياسية العامة في البلاد من جهة ، ومدى تغلغل التنظيم العمالي الصهيوني المتمثل في ( الهستدروت ) منذ امد بعيد ، في قطاعات الاقتصاد العبري المختلفة وفي صفوف العمال على اختلاف مواقع عملهم من جهة ثانية .
ومهما يكن من أمر ، تعزى هذه الرغبة في اللجوء الى ( الهستدروت ) ، في حال وقوع نزاع عمالي بين العاملين العرب لدى اصحاب العمل العرب او اصحاب العمل اليهود ، لأنه التنظيم العمالي العام في البلاد – كأمر واقع - ولكون ذلك امر لا بد منه اولا ، وخاصة انه لا يوجد تنظيم نقابي عربي صرف اصلا ثانيا ، بالاضافة الى وجود مجالس عمالية عربية تابعة للهستدروت منتشرة في المراكز العربية منذ فترة طويلة ثالثا ، ولجوء العمال العرب للاستفادة من الخدمات المقدمة من الهستدروت من خلال هذه المجالس العمالية العربية ينظر اليه بمثابة لجوء الى تنظيم عمالي عربي وان بشكل باطني . وكذلك هناك فئة رابعة من العاملين العرب تنظر الى تحقيق مصالحها الشخصية بغض النظر عن الطريقة المتبعة فالغاية تبرر الوسيلة حسب وجهة نظرهم .
من جهة اخرى ، وفي حالة عمل العامل العربي عند مؤسسة يهودية وحدث نزاع عمالي بين العامل العربي وصاحب المؤسسة اليهودية ، وعدم لجوء هذا العامل الى الهستدروت فان عدم لجوء العامل العربي الى الهستدروت كانت اجابة الاعضاء العرب الاربعة في قيادة الهستدروت : ثلاثة من اربعة بانه يعود لاسباب الاعتماد على الاتفاقيات الجماعية للهستدروت ، وواحد من اربعة لأن الهستدروت تحصل جزءا من حقوقه فقط .
وعلى ارض الواقع ، فان آلاف العمال العرب لا يلجأون الى الهستدروت لتحصيل حقوقهم في الاجور والاجازات السنوية وحقوق نهاية الخدمة ، لعدة اسباب وعوامل سياسية واقتصادية وعمالية عامة من اهمها :
اولا : عدم اعتراف اعضاء بعض الحركات والاحزاب العربية بقانونية وشرعية الهستدروت بشكل مبدئي . وخاصة ان قيادة الهستدروت يسيطر على زمام ادارتها العليا يهود ينتمون الى احزاب يهودية – صهيونية لا تعير العرب أي اهتمام ايجابي يذكر ، ويطالب بعض هذه الاحزاب دائما باهمال وتجاهل العرب واعطائهم الوعود فقط دونما تحقيق لمطالبهم .
ثانيا : عدم وقوف الهستدروت الى جانب العامل ، وخاصة اذا كان العامل يعمل لدى مؤسسة عمل يهودية .
ثالثا : اللجوء الى محام عربي ، بشكل شخصي ، وعدم الضياع في متاهات الهستدروت ومؤسساتها .
رابعا : الاستفادة من خدمات الحزب السياسي الذي ينتمي اليه العامل .
خامسا : اللجوء الى الحل الوسط مع صاحب العمل وعدم تفضيل اللجوء الى المحاكم العمالية التي تستغرق وقتا معينا للبت في هذا النزاع العمالي او ذاك .
سادسا : عدم رغبة العاملين في معاداة اصحاب العمل والتنازل عن بعض الحقوق ليتمكنوا من العودة للعمل مرة ثانية .
وعند طرح مدى استفادة اعضاء الهستدروت العرب من الخدمات المتعددة التي تقدمها منظمة الهستدروت على الاعضاء العرب الاربعة في قيادة الهستدروت ، كانت الاجابة :
ثلاثة من اربعة اجابوا بانهم يستفيدون من خدماتها احيانا .
وواحد من اربعة اجاب بأنه يستفيد من خدمات الهستدروت غالبا .
ولم يستفد أي من هؤلاء الاعضاء من خدمات الهستدروت بشكل دائم ، وهذا الامر يستشف منه كذلك عدم الارتباط الوثيق بين اعضاء قيادة الهستدروت من العرب انفسهم ومنظمة الهستدروت ذاتها لاسباب نفسية واجتماعية واقتصادية وفكرية ايضا وهو احساس بعدم الثقة والارتياح بل يتمثل في الاغتراب الباطني الى حد ما .
وعن نوعية الخدمات التي يستفيدون منها تبين ان : ثلاثة من النقابيين العرب الاربعة في قيادة الهستدروت اجابوا ان العمال العرب يستفيدون من الخدمات النقابية العامة فقط ، بينما اجاب واحد من الاربعة بان العمال العرب يستفيدون من الخدمات النقابية العامة والخدمات التدريبية والتأهيلية في الآن ذاته . ويعود ذلك لتضاءل خدمات الهستدروت التي تركزت في الخدمات النقابية العامة في الآونة الاخيرة كما اشار جميع هؤلاء النقابيين العرب الاربعة من مختلف الكتل النقابية العربية الصرفة والعربية – اليهودية المشتركة الى تخلى الهستدروت مكرهة عن دورها الشامل وذلك في اعقاب الانهيار الاقتصادي للكثير من مؤسساتها وفروعها الناجمة عن التدهور الاقتصادي العام في البلاد ولسوء ادارة هذه المؤسسات الجماعية .
على أي حال ، ان هذه النسبة القليلة من استفادة العرب من الهستدروت ، تعكس مدى تراجع الخدمات العامة التي تقدمها الهستدروت من جانب ، حيث كانت تقدم نحو 12 خدمة سابقا تراجعت للتركز في الخدمات النقابية العامة . وتقليص الهستدروت لخدماتها الآخرى بشكل كبير وخاصة تحويل التامين الصحي الى الحكومة الاسرائيلية منذ مطلع كانون الثاني عام 1995 ، وبيع وحدات الاسكان التابعة لها ، وبيع حصص بنك العمال الذي كان تحت اشرافها ، وتقليص دورها في المجال الثقافي والرياضي الى حد كبير .
هذا بالاضافة الى عدم الاهتمام العربي في الاستفادة من هذه الخدمات فعليا ، كونها مؤسسة يهودية اولا وآخرا ، مهما حاولت تلوين جلدها كالحرباء المتلونة حسب البيئة المحيطة ، والدخول الى صفوف المجتمع العمالي العربي ، وخاصة في اعقاب القرارات للحزب الام الذي يسيطر على ادارة دفة الحكم وخاصة حزب العمل او حزب شعب واحد كاحزاب صهيونية .
وحول سؤال عن اعتقاد اعضاء قيادة الهستدروت العرب الاربعة حول فرص المساواة في تقديم الهستدروت للخدمات العامة للعمال العرب واليهود على السواء ، اجمع جميع اعضاء قيادة الهستدروت العرب الاربعة على انها خدمات متساوية نظريا وخاصة ان الهستدروت لم يعد بامكانها كالسابق حجب هذه الخدمات عن العاملين العرب طالما انهم يدفعون اشتراكات متشابهة مع العاملين اليهود ويستفيدون من خدماتها النقابية المقدمة من مجالس عمالية عربية منتخبة عربية صرفة او مختلطة .
الا ان عملية التنفيذ العملي على ارض الواقع تبقى تعاني من تمييز عنصري يخضع للامزجة اليهودية التي تشرف على ادارة هذه الخدمات العامة رغم تقليصها بدرجة كبيرة . وعملية التمييز تخضع لاعتبارات فكرية ودينية وشخصية وأمنية وثقافية .
وعن مدى حاجة العاملين العرب في البلاد ل " نقابة عربية مستقلة عن الهستدروت " اشار جميع المبحوث معهم ( الاربعة ) انهم لا يعتقدون بان هناك حاجة الى انشاء مثل هذه النقابة العربية المستقلة عن الهستدروت . ويمكن ان يعود ذلك للحيلولة دون اتباع سياسة التمييز العرقية بين العرب واليهود من قبل منظمة الهستدروت بشكل علني ، ومنع العرب من انشاء مثل هذه النقابة وبالتالي استغلال اصحاب العمل اليهود للعاملين العرب . ويمكن ان تعود مسألة عدم تأييد هؤلاء الاعضاء العرب الاربعة في قيادة الهستدروت الى انشاء تنظيم نقابي عمالي عربي صرف الى عدم جدوى انشاء هذا الاطار النقابي – في المرحلة الراهنة على الأقل - في ظل سيطرة الهستدروت القوية على سوق العمل من ناحية تنظيمية فهي كالحوت النقابي في وسط البحر الاقتصادي المتلاطم الذي يأكل فيه القوي الضعيف فهم كالاسماك الصغيرة الى جانب الحوت أو سمكة القرش وهي معادلة غير متعادلة اصلا في ظل القوانين اليهودية التي اخذت طابعا يهوديا بشكل علني وباطني على حد سواء .
وعلى العكس من ذلك ، اعرب العديد من العمال العرب الذين التقيناهم بصورة شخصية وعملوا في مختلف مواقع العمل العربية او اليهودية في الجليل والمثلث والنقب والساحل بفلسطين المحتلة عام 1948 ، عن رغبتهم في وجود تنظيم عمالي عربي مستقل عن الهستدروت يجسد الهوية العربية الفلسطينية النقابية واستعادة دور ( جمعية العمال العربية الفلسطينية ) السابقة التي كانت تمارس نشاطاتها من مدينة حيفا لتمتد الى مختلف ربوع فلسطين ، وازاحة ( كابوس الهستدروت اليهودية ) التي ساهمت بشكل كبير في تدمير كل شيئ عربي ، وعملت على تثبيت المهاجرين اليهود في ارض فلسطين ، وينطلق هؤلاء العمال من الدوافع والعوامل السياسية والايديولوجية والدينية والاجتماعية والتاريخية ، وخاصة ان الهستدروت افرزت العديد من قادة الصهيونية المتطرفين كجزء من قيادة حزب العمل لادارة زمام العديد من الوزارت والمؤسسات اليهودية ومنها رئاسة الحكومة الاسرائيلية مثل دافيد بن غوريون وامثاله ، الا ان هؤلاء العمال لا يجرؤون علنا عن الاعلان عن اسمائهم خوفا من ملاحقة الاجهزة العسكرية الصهيونية لهم .
وقد اعرب العديد من هؤلاء العمال العرب عن اشمئزازهم وعدم رغبتهم في تدخل الهستدروت في شؤون العمال العرب وخاصة في المنشآت والمصانع والكراجات والمصالح العربية ، سواء باعضاء يهود او حتى عرب من ناحية رمزية قومية ودينية ، بينما اعرب عمال عرب آخرون عن رغبتهم في تأكيد العرب لهويتهم القومية كاطار مستقل ودخول الهستدروت ، في اسوأ الاحتمالات ، لمعرفة ما يدور فيها من مخططات لتحاشي تأثيرها على العرب ما استطاعوا الى ذلك سبيلا ، ولكنهم يتدراكون القول فيقولون ان الاعضاء العرب في قيادة الهستدروت لا يفعلون شيئا من ناحية حقيقية للعمال العرب في ظل هيمنة الاعضاء اليهود من مختلف الاحزاب الصهيونية – اليهودية على قيادة الهستدروت الفعلية وتهميش دور هؤلاء النقابيين العرب وعدم تمتعهم بصلاحيات حقيقية او تسلمهم مهام دوائر تتعاطى مع الجمهور العمالي العربي بشكل واسع ، في كافة المجالات الاقتصادية والتنظيمية .
واما احد العمال العرب من ام الفحم في المثلث ( رفض ذكر اسمه ) ويبلغ من العمر 53 عاما ، فأكد ان الاعضاء القياديين العرب في الهستدروت :
" مجرد يافطة عربية غير لامعة ، او ديكور عربي ، في مؤسسة صهيونية كبرى قلبا وقالبا ، لا حول لهم ولا قوة ، الا تنفيذ الاملاءات الهستدروتية الصهيونية ، التي انشأت في ارض فلسطين وهجرت الاف الفلسطينيين واستقدمت عشرات الاف اليهود واوجدت فرص عمل لهم ، وان الاعضاء العرب في ادارة الهستدروت لا يستفيدون الا رواتب شهرية شخصية لا اكثر ولا اقل ، والافضل لهم عدم اضفاء ما يسمى بالديموقراطية المزعومة على المجتمع الهستدروتي امام الاتحادات العمالية الدولية ، وذلك بتبوأ مناصب فخرية فقط وسط زحام العمل النقابي الصهيوني المتسلط سياسيا واقتصاديا وعسكريا الى حد ما " ، ( 46 ) .
واما وهبي كامل بدارنه ، مدير جمعية ( صوت العامل ) العربية في الناصرة التي تضم نحو 150 عاملا ، فقد عمل على انشاء هذه الجمعية العمالية العربية منذ سنوات التسعينات من القرن العشرين الماضي ، الا انه لم يحصل على ترخيص اسرائيلي رسمي لهذه الجمعية الا في تموز عام 2000 ، بدعوى انه كان محكوما بتهم امنية لمدة سنة من المحكمة الاسرائيلية ، وكانت هذه الجمعية تعمل تحت اسم " مركز الاستشارة العمالية " في الناصرة ، مناديا بالاستقلال النقابي العربي عن الهستدورت ، ويصف نظرة الهستدروت الى العرب بانها نظرة عنصرية وان دور القياديين العرب غير مجد عمليا فيها فيقول :
" ان الهستدروت تنظر للعرب بازدراء ، وان اعضاء قيادة الهستدروت من العرب لا يقومون بأي عمل حقيقي ، وانه لا ثقة بالهستدروت ، ولا استفيد بتاتا من خدمات الهستدروت ، لأنها لا تقدم خدمات فعلية .. وان العاملين العرب بحاجة الى نقابة عربية مستقلة عن الهستدروت ، نظرا للحاجة الى الاستقلال النقابي العربي عن الهستدروت … وان جمعية صوت العامل العربية لا علاقة لها بالهستدروت لأن للهستدروت منطلقات تنطلق من تفكير صهيوني والشيئ الأساسي ان الهستدروت تمثل الشرائح الارستقراطية في المجتمع اليهودي .. بالاضافة الى ان الهستدروت كانت جزءا من جهاز القمع الممارس ضد الجماهير العربية في الداخل التي كانت خاضعة لنظام التصاريح الخاص بالحكم العسكري الاسرائيلي " ، ( 47 ) .
واما جهاد عقل كعضو عربي في قيادة الهستدروت ، عن الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ( حداش ) وهي قائمة مشتركة بين العرب واليهود ( ماركسية ) فاشار الى ان السبب برأيه ، في عدم وجود حاجة الى نقابة عربية مستقلة عن الهستدروت فيرجع لتحاشي الاستفراد بالعرب حيث يقول : " لأن نضالنا هو تحصيل خدمات الهستدروت من داخل الهيئات المطلوبة " ( 48 ) .
ويمكن ان تكون للتوجهات الحزبية والسياسية الايديولوجية لهذا النقابي العربي العضو في قيادة الهستدروت تاثيرها في معارضته وجود نقابة عربية مستقلة عن الهستدروت ومناداة حزبه السياسي بالتعايش السلمي ( السلام والمساواة ) ، كونه عضوا في الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة في قيادة الهستدروت .
ومن جهة ثانية ، وفي نقابة مدققي الحسابات كجزء فرعي من الهستدروت ، لم يفلح الا عربي واحد ( هو جورج دبيني ) بالوصول الى نقابة مدققي الحسابات في لواء حيفا والشمال في 9 نيسان عام 2000 ، وبذلك تمكن من ان يكون اول مدقق حسابات عربي يشغل منصبا قياديا ليصبح عضوا في اللجنة المركزية لنقابة مدققي الحسابات العامة في البلاد ، علما بان عدد مدققي الحسابات العرب في لواء حيفا والشمال بلغ نحو 250 مدققا عربيا من اصل 1400 مدقق حسابات عربي ويهودي في هذا اللواء (49 ) .
واكد جورج دبيني في اعقاب انتخابه عضوا في اللجنة المركزية لنقابة مدققي الحسابات العامة بانه يجب على مدققي الحسابات العرب ان لا ينفصلوا عن اللجنة المركزية لنقابة مدققي الحسابات العامة للعمل على تقديم الخدمات بشكل متساو لكافة الاعضاء العرب واليهود ، وتحدث عن مشاكل مدققي الحسابات العرب على المستوى القطري في البلاد قائلا :
" ان مجالات العمل امام المدققين العرب اقل من المجالات المفتوحة امام اليهود ، فالاوضاع الاقتصادية الصعبة في الوسط العربي لا يمكنها ان تستوعب الكوادر الجديدة التي تنضم الى صفوف المهنة ، الامر الذي يتطلب الامر بان نقوم بمبادرات لتسهيل استيعابهم وايجاد فرص عمل ملائمة لهم ، وهناك حاجة ماسة لحل الاشكال بالنسبة لفترة التمرين لدى خريجي الجامعات ، وايجاد المبادرات الاقتصادية بين رجال الاعمال العرب لكي تكون وسيلة لحل ازمة البطالة " ، ( 50 ) .
=======================



تاريخ المنظمة العمالية الصهيونية
( الهستدروت )
( 3 - 3 )

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

تحتوي هذه الدراسة العلمية الشاملة ، على عدة مباحث فرعية هي : نشأة جمعية العمال العربية الفلسطينية وحلها ، والاتحاد العام للعمال العبريين اليهود ( الهستدروت ) والعمال العرب والتمييز العنصري والاضطهاد القومي ضدهم ، ونشأة وأهداف ومسلكيات وشعارات ومبادئ وخدمات الهستدروت ، حيث سيتم تفصيلها لاحقا .
وقد نشرت بعض أجزاء هذا البحث بشكل مختصر ، في رسالة الدكتوراه للباحث الفلسطيني في الشؤون الاستراتيجية العامة ، د. كمال إبراهيم علاونه بعنوان ( سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ) في فلسطين المحتلة عام 1948 ، التي تمت إجازتها بكلية الدراسات العليا بجامعة النيلين بالعاصمة السودانية الخرطوم في 3 حزيران 2002 م ، ص 354 – 361 .
ملاحظة : يرجى قراءة الجزء الأول أولا ( 1 - 3 ) والجزء الثاني ثانيا ( 2 - 3 ) ..

العمل النقابي في الهستدروت

تستقبل الهستدروت النزاعات العمالية بين العمال العرب واصحاب العمل اليهود استقبالا فاترا بينما تدافع بحرارة قانونية ونقابية عن مصالح وحقوق العمال اليهود .
وقد طالب النقابي غسان مقلشي ، عضو قيادة الهستدروت عن الحزب الديموقراطي العربي ، منذ عدة سنوات ، قيادة الهستدروت بتجنيد الدائرة القضائية لخدمة المتضررين من العمال العرب من سياسة التمييز العنصري في الدفاع عن حقوقهم في العمل والاستخدام في شركة الكهرباء القطرية الاسرائيلية وتقديم الاستشارة القانونية لهم ، خاصة وان هذه الشركة تتبع سياسة تمييز بين العرب واليهود في عملية التشغيل اذ تشغل 60 عاملا عربيا منهم ( 56 عاملا درزيا و4 مسلمين ) في صفوف عمالها حتى ايار عام 2000 ، من اصل 13 الف عامل وموظف . وقد وجه النقابي العربي مقلشي رسائل لرؤساء الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ( العمل والليكود ) ووزراء الطاقة الاسرائيليين لتشغيل العرب بشكل منصف في هذه الشركة التي تزود سكان البلاد عربا ويهودا بالتيار الكهربائي الا ان دعواته ذهبت ادراج الرياح ولم يستجب لها على ارض الواقع وبقي الحال كما هو .
عن ذلك يقول النقابي غسان مقلشي : " منذ سنوات ونحن نلاحق هذا الموضوع لدى المؤسسات والدوائر المختصة ، ولكن لا حياة لمن تنادي ، وبما ان الهستدروت هي الدرع الواقي للعمال في الدولة فكان لا بد من اتخاذ قرار بهذا الشأن " ( 51 ) .
وتتدخل قيادة الهستدروت في الشؤون السياسية للسكان اليهود ايضا ، الا انها رفضت عقد جلسة تضامنية في احدى المدن او القرى العربية في البلاد ، للتضامن مع العمال العرب العاطلين عن العمل . فقد عقدت قيادة الهستدروت اليهودية ورؤساء لجان العمال في المرافق العامة في الدولة ورؤساء المجالس اللوائية ، جلسة استثنائية في مستوطنة كريات شمونة ( الخالصة العربية ) في شمال البلاد في 28 ايار 2000 في اعقاب تقهقر الجيش العبري الصهيوني بفلسطين المحتلة وجلائه عن جنوب لبنان في 24 ايار 2000 ، بفعل المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله اللبناني ، الامر الذي ادى الى مقاطعة الاعضاء العرب الاربعة من قيادة الهستدروت هذه الجلسة الاستثنائية ( 52 ) .

المحاكم العمالية
عدم وجود قضاة عرب في المحاكم العمالية

تتألف السلطة القضائية في دولة المستوطنين اليهود او الكيان الصهيوني – الاسرائيلي ، من نوعين من المحاكم : الاول : المحاكم المدنية العادية .
الثاني : المحاكم الخاصة : وتشمل محاكم العمل ، محاكم دينية ، محاكم عسكرية ، محاكم الاحداث ، محاكم السير وغيرها .
ولمنظمة ( الهستدروت ) محكمة خاصة لمحاكمة اعضائها المنتسبين لها في القضايا العمالية المختلفة .
وفيما يتعلق بالمحاكم العمالية فانها مخصصة للبت في شؤون جناحين هما : قطاع العمل وقطاع التأمين الوطني . وتتكون محاكم العمل من درجتين ( 53 ) :
أ‌) محاكم لوائية : وتتمثل صلاحياتها ومهماتها في البت في عدة قضايا هي :
1) النزاع العمالي بين العمال واصحاب العمل في نطاق اللواء الجغرافي الواحد من الالوية الستة في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة ، وهذه النزاعات مثل نزاعات او خلافات الاجور وكيفية دفع هذه الاجور ، وعدد ساعات العمل اليومية والاسبوعية ، وايام الأعياد والعطل الأسبوعية والسنوية .
2) تقوم بالبت في الإستئناف على قرارات مؤسسة " التأمين الوطني " العبرية ( الاسرائيلية ) في مسائل تتعلق باصابات العمل وحقوق العاملين المصابين المشمولين في التأمين المطبق في البلاد .
3) البت في قضايا متعلقة بالصحة والسلامة المهنية للعاملين ، ومعالجة قضايا سواد العمل .
ب‌) محكمة العمل القطرية : وتمارس صلاحياتها ومهامها على مستوى البلاد فما يختص بالقضايا العمالية المستأنفة من المحاكم العمالية اللوائية . ولهذه المحكمة العمالية القطرية صلاحية البت في فض النزاعات العمالية بين نقابات العمال المعترف بها ونقابات اصحاب العمل .
من جهة اخرى ، يتولى عملية اصدار الاحكام العمالية قضاة متخصصون لهم درجات قضاة المحاكم المركزية الاسرائيلية بالاضافة الى مندوبين عن الجمهور . ويقوم بتعيين قضاة المحاكم العمالية رئيس الدولة اليهودية بناء على تنسيب من لجنة تعيين قضاة المحاكم العادية ، مع وجود وزيرين في الحكومة هما : وزير العمل والرفاه الاجتماعي ، ووزير القضاء الاسرائيلي . واما بشأن مندوبي الجمهور الجالسين في المحاكم العمالية فانهم يمثلون العمال واصحاب العمل ، حيث يشترك في تعيينهم وزير القضاء ووزير العمل والرفاه الاجتماعي .
واما بخصوص اوقات بت المحاكم العمالية في قضايا العمل المختلفة فان دوام هذه المحاكم مرن : دوام صباحي وبعد الظهيرة لتمكين جماهير العمال ذات العلاقة من التوجه لهذه المحاكم المتخصصة دونما تعطيل ايام عمل من المؤسسة التي يعملون فيها .
وعلى صعيد آخر ، يجوز لمندوبي النقابات المهنية تمثيل اعضائها من اصحاب الدعاوى امام هذه المحاكم العمالية بدلا من المحامين القانونيين .
وثمة العديد من المحاكم العمالية الاسرائيلية التي أسست للبت في النزاعات العمالية بين العمال واصحاب العمل ، وعدد قضاتها 14 قاضيا ، الا ان هذه المحاكم ليس فيها وجود لاي قاض عربي بتاتا ، وهو نوع من التمييز العنصري اليهودي العلني في مجال العمل بين العرب واليهود ( 54 ) .
دور الهستدروت الدولي
أنشات منظمة ( الهستدروت ) جهازا مركزيا يعنى بالشؤون الخارجية للاهتمام بالقضايا الخارجية التي تهم الكيان الصهيوني اولا ، والقضايا التي تهم هذه المنظمة الاقتصادية الممتدة في المجالات العمالية والاقتصادية العامة ، وقد اطلق على هذا الجهاز اسم ( الإدارة الدولية ) ، التي بقيت على اتصال دائم مع ادارة التعاون الدولي في وزارة الخارجية الاسرائيلية .
وفي عام 1960 انشأت ( الهستدروت ) المعهد الأفرو - أسيوي للدراسات العمالية والتعاون لنقل الخبرات العمالية اليهودية في كافة مجالات التعاون والتنظيم النقابي والتأمينات الاجتماعية والمسائل العمالية في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية وغيرها .
وقد ساهمت ( الهستدروت ) في نشر التوسع الاقتصادي والعمالي الصهيوني إلى مختلف قارات العالم لخدمة المصالح اليهودية العامة حيث امتدت هذه الفعاليات الى قارات : افريقيا ، وآسيا ، وامريكا الشمالية واللاتينية ، وذلك من خلال الاتصال وبناء العلاقات الوثيقة مع عشرات الاتحادات العمالية العالمية ( 55 ) ، ولا وجود للعرب في هذه المؤسسات الهستدروتية التي تعمل على المستوى الدولي .
وترتبط منظمة ( الهستدروت ) بعلاقات نقابية قوية مع " الاتحاد الدولي للنقابات الحرة " ، و " منظمة العمل الدولية " ، و " التحالف التعاوني الدولي " ، وتعمل جاهدة على تأييد ما يسمى بالقضية اليهودية – الصهيونية في فلسطين ( 56 ) .
واخيرا ، يمكن القول ان منظمة ( الهستدروت ) هي منظمة عمالية - اقتصادية - سياسية - اجتماعية شاملة ، تدعم الاقتصاد الصهيوني ، بشتى المجالات والميادين الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية ، وتبتلع الاقتصاد العربي الهش في البلاد ، وينخرط تحت لوائها العمال واصحاب العمل ، ولها اعضاء مباشرين او غير مباشرين في عضوية البرلمان العبري ( الكنيست ) ، وبهذا فهي منظمة متعددة الاهداف والغايات وتعد من اكبر المؤسسات الصهيونية التي لها تأثير فعال في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد ، ولا تستطيع الحكومة العبرية رفض طلباتها العمالية فعليا كونها يمكن ان تعلن الاضراب العام الذي يشل مرافق الدولة لتحقيق مطالبها .



هوامش تاريخ المنظمة العمالية الصهيونية
( الهستدروت )

(1) الموسوعة الفلسطينية ، الطبعة الاولى ، المجلد الثالث ، ص 320 .
(2) المرجع السابق ، ص 322 .
(3) علي محمد علي ، في داخل اسرائيل ، دراسة في كيانها السياسي والاقتصادي ، كتب قومية ، ص 271 .
(4) فوزي محمد طايل ، النظام السياسي في اسرائيل ( المنصورة : دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ، 1992 ) ، ص 147 .
(5) النعماني احمد السيد ، التركيب الاجتماعي للمجتمع الاسرائيلي واثره على النسق السياسي 1948 – 1975 ، نقلا عن كمال غالي ، النظام السياسي الاسرائيلي ( القاهرة : معهد البحوث والدراسات العربية ، 1969 ) ، ص 132 .
(6) تهاني هلسة ، اوراق في القضية الفلسطينية ، ( القاهرة : معهد البحوث والدراسات العربية ، 1967 ) ، ص 7 ، اعاد نشرها النعماني احمد السيد ، التركيب الاجتماعي للمجتمع الاسرائيلي ، ص 327 .
(7) لورنس ماير ، اسرائيل الآن – صورة بلد مضطرب ، ترجمة : مصطفى الرز ( القاهرة : مكتبة مدبولي ، 1997 ) ، ص 127 .
(8) موريس برنسون ، اسرائيل – البنى السياسية والاجتماعية ، ترجمة : فارس غريب ( بيروت : دار الخلود للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع ، 1976 ) ، ص 191 .
(9) سميح شبيب ، " الاستيطان والهجرة في الفكر الصهيوني 1864 – 1939 " ، مجلة الاسوار – عكا ، العدد 20 ، 1999 ، ص 193 .
(10) فوزي محمد طايل ، النظام السياسي في اسرائيل ، مرجع سابق ، ص 146 .
(11) كمال الغالي ، النظام السياسي الاسرائيلي ( القاهرة : معهد البحوث والدراسات العربية ، 1969 ) ، ص 132.
(12) تهاني هلسه ، اوراق في القضية الفلسطينية ( القاهرة : معهد البحوث والدراسات العربية ، 1967 ) ، ص 7 .
(13) لورنس ماير ، مرجع سابق ، ص 131 .
(14) جهاد عقل ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 8 – 9 مساء . نشرت في د. كمال إبراهيم علاونه ، سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، رسالة دكتوراه مجازة بقسم العلوم السياسية بكلية الدراسات العليا في جامعة النيلين بالخرطو 3 حزيران 2002 ، ص 358 - 360 .
(15) علي محمد علي ، في داخل اسرائيل ، مرجع سابق ، ص 27 .
(16) نفس المرجع السابق ، ص 273 .
(17) غازي السعدي ، الاحزاب والحكم في اسرائيل ( عمان : دار الجليل للنشر والدراسات والابحاث الفلسطينية ، 1989 ) ، ص 412 .
(18) لورنس ماير ، مرجع سابق ، ص 137 .
(19) هاني الهندي ، محسن ابراهيم ، اسرائيل : فكرة – حركة – دولة ( بيروت : دار الفجر الجديد ، 1958 ) ، ص 194 – 196 .
(20) نفس المرجع السابق ، ص 195 .
(21) غازي السعدي ، مرجع سابق ، ص 406 .
(22) لورنس ماير ، مرجع سابق ، ص 125 .
(23) سميح شبيب ،" الاستيطان والهجرة في الفكر الصهيوني 1864 – 1939 " ، مرجع سابق ، ص 192 – 193 .
(24) غازي السعدي ، مرجع سابق ، ص 410 – 411 .
(25) انظر : دراسات في المجتمع الاسرائيلي تحرير : عادل مناع وعزمي بشارة ، مقالة : عزيز حيدر ، النظام الاقتصادي في اسرائيل ، هيمنة السياسة بين الانجازات والاخفاقات ( مركز دراسات المجتمع العربي في اسرائيل ، 1995 ) ، ص 252 – 253 .
(26) هاني الهندي ، ومحسن ابراهيم ، اسرائيل : فكرة – حركة – دولة ، ص 154 ، نقلا عن جيروزالم بوست ، العدد 8214 ، 11 / 7 / 1955 .
(27) علي محمد علي ، مرجع سابق ، ص 270 .
(28) سميح شبيب ، مرجع سابق ، ص 234 .
(29) جهاد عقل ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 8 – 9 مساء .
(30) محمد نصر ، خلدون ناجي معروف ، الحكم والادارة في اسرائيل ، مرجع سابق ، ص 92 – 93 .
(31) علي محمد علي ، في داخل اسرائيل ، مرجع سابق ، ص 275 .
(32) لورنس ماير ، اسرائيل الآن ، مرجع سابق ، ص 137 .
(33) علي محمد علي ، في داخل اسرائيل ، مرجع سابق ، ص 275 – 276 .
(34) المرجع السابق ، ص 278 .
(35) ضاري السامرائي ، مرجع سابق ، ص 476 ، وحبيب قهوجي ، مرجع سابق ، ص 81 .
(36) فؤاد مرسي ، الاقتصاد السياسي الاسرائيلي ، مرجع سابق ، ص 104 .
(37) عادل مناع ، عزمي بشارة ، دراسات في المجتمع الاسرائيلي ( بيت بيرل : معهد دراسات المجتمع العربي في اسرائيل ، 1995 ) ، انظر : ليف جرينبرغ ، حزب مباي بين التحول الديموقراطي والتحول الليبرالي حول صحة الثنائية المتاقضة : دولة / مجتمع مدني ، ص 103 .
(38) النعماني احمد السيد ، القوى الضاغطة في السياسة الاسرائيلية ، رسالة ماجستير ( القاهرة : معهد البحوث والدراسات العربية ، 1974 ) ، ص 199 .
(39) ايان لوستيك ، العرب في الدولة اليهودية – سيطرة اسرائيل على اقلية قومية ، ترجمة : غسان عبد الله ، وراضي عبد الجواد ( القدس : وكالة ابوعرفة للصحافة والنشر ، 1984 ) ، ص 86- 87 .
(40) جهاد عقل ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 8 – 9 مساء . نشرت في د. كمال إبراهيم علاونه ، سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، رسالة دكتوراه مجازة بقسم العلوم السياسية بكلية الدراسات العليا في جامعة النيلين بالخرطوم ، 3 حزيران 2002 ، ص 358 - 360 .
(41) غسان مقلشي ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 30 : 7 – 8 مساء .
(42) محمد نصر مهنا ، خلدون ناجي معروف ، مرجع سابق ، ص 97 .
(43) جهاد عقل ، مقابلة هاتفية ، 28 / 5 / 2001 ، الساعة 7 – 30 : 7 مساء .
(44) غسان مقلشي ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 30 : 7 – 8 مساء . نشرت في د. كمال إبراهيم علاونه ، سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، رسالة دكتوراه مجازة بقسم العلوم السياسية بكلية الدراسات العليا في جامعة النيلين بالخرطوم ، 3 حزيران 2002 ، ص 358 - 360 .
(45) جهاد عقل ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 8 –9 مساء .
(46) لقاء مع عامل عربي من ام الفحم ، نابلس ، 22 / 9 / 2000 .
(47) وهبي بدارنه ، مدير جمعية ( صوت العامل ) العربية في الناصرة ، مقابلة هاتفية ، 14 / 6 / 2001 ، الساعة 5 – 35 : 5 مساء . نشرت في د. كمال إبراهيم علاونه ، سياسة التمييز الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، رسالة دكتوراه مجازة بقسم العلوم السياسية بكلية الدراسات العليا في جامعة النيلين بالخرطوم ، 3 حزيران 2002 ، ص 361 .
(48) جهاد عقل ، مقابلة هاتفية ، 25 / 5 / 2001 ، الساعة 8 – 9 مساء .
(49) الياس كرام ، " انتخاب مدقق الحسابات جورج دبيني عضوا في اللجنة المركزية لنقابة مدققي الحسابات " ، كل العرب ، العدد 644 ، 14 / 4 / 2000 ، ص 30 .
(50) المرجع السابق ، ص 30 .
(51) الياس كرام ، " قيادة الهستدروت تناقش اقتراح النقابي غسان مقلشي الخاص بعدم تشغيل العمال العرب في شركة الكهرباء – الهستدروت تجند الدائرة القضائية لخدمة العرب من سياسة التمييز العنصري " ، كل العرب ، العدد 650 ، 26 / 5 / 2000 ، ص 10 .
(52) الياس كرام ، " اعضاء الهستدروت العرب يقاطعون الجلسة الاسبوعية الاستثنائية التي عقدت في كريات شمونة " ، كل العرب ، العدد 651 ، 2 / 6 / 2000 ، ص 27 .
(53) محمد يونس ابو الهيجاء ، نظام الحكم الاسرائيلي ومؤسساته ( حيفا : الجليل للتجليد ، 1993 / 1994 ) ، ص 178 – 179 .
(54) نور الدين مصالحة ، ارض اكثر وعرب اقل ، مرجع سابق ، ص 179 .
(55) النعماني احمد السيد ، التركيب الاجتماعي للمجتمع الاسرائيلي وأثره على النسق السياسي ، 1948 – 1975 ( القاهرة : مكتبة نهضة الشرق ، دون تاريخ نشر ) ، ص 330 – 331 .
(56) فوزي محمد طايل ، النظام السياسي في اسرائيل ، مرجع سابق ، ص 216 .

إنتهى .

ليست هناك تعليقات: