الأربعاء، 20 أبريل 2011

الإبراهيميون الجدد .. وإنهيار الأصنام العربية .. مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ

الإبراهيميون الجدد ..
وإنهيار الأصنام العربية ..
مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)}( القرآن المجيد – الأنبياء ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 167) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .

إستهلال

تعرضت الكثير من بلدان الوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الأكبر ، للإستعمار الغربي الأوروبي والأمريكي ، البريطاني والفرنسي والألماني والإسباني ، طيلة القرن التاسع عشر الخالي ، والنصف الأول من القرن العشرين الفائت ، ومطالع القرن الحادي والعشرين ، وضحت الأمتين العربية والإسلامية بالخيرة والنخبة من شبابها ومجاهديها لنيل الاستقلال الوطني ودحر المحتلين الأعداء الأجانب ، فقدمت الشعوب العربية والإسلامية ملايين الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل الحرية والتحرر الوطني وطرد الأجنبي .
ومارست قوات الاحتلال الأجنبي ، على إختلاف أسمائها ومسمياتها ، وأشكالها وأنواعها ، السابرة والسادرة في التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا ، عمليات التعذيب والتنكيل والقمع البشع ، ضد أبناء الثورة العربية الإسلامية ، في مشارق الأرض ومغاربها ، وخرج الظالمون البغاة الطغاة بأذيال الخيبة والفشل والهزيمة ، مذمومين مدحورين ، مصحوبين بالعار السياسي والعسكري والأخلاقي . وتبوأ القيادة العربية والإسلامية في البلدان والأمصار المستقلة حديثا ثلة من السياسيين المخضرمين ، وما لبث السواد الأعظم من هؤلاء الحكام العلمانيين والماركسيين والقوميين والبعض منهم من الماسونيين ، الماسكين بزمام الأمور في الأقطار العربية والإسلامية ، أن قمعوا الحريات وأكلوا الثروات فأصحبوا من القطط السمان ، من أصحاب الذوات والبهلوات ، فصادروا حرية الرأي ، ولاحقوا أبناء جلدتهم ، في سبيل إرواء نهمهم وشبقهم الجنسي والتحقوا بالبارات والملاهي الماجنة ، وهيمنوا على مقدرات الأمة بلا محاسبة شعبية أو برلمانية أو إعلامية أو حسيب قريب أو بعيد . وإلتف حولهم المنافقون والفاسقون التائهون ، من كل حدب وصوب ، فأقيل أهل الهمة العالية العلية ، وحيدوا جانبا ، وخلى الميدان لحميدان ، وزج بالكثير منهم في الزنازين والمعتقلات ، وقضى البعض الآخر منهم نحبه ، وترك البعض الآخر وطنه الغالي ، ليؤسس ثورة جديدة خارج الوطن ، وفق ما يطلق عليه المعارضة السياسية للنظام الحاكم . واختلط الحابل بالنابل ، والصالح بالطالح ، فتقدم أهل الرويبضة ، من أصحاب الجاهلية المعاصرة ، لاستلام مقاليد الحكم ، بمساعدة المستعمرين والمحتلين السابقين ، الذين رحلوا عسكريا وبقيت مخلفاتهم وبقاياهم النتنة السياسية والدبلوماسية والفكرية والثقافية والاقتصادية ، فشجعوا الحكام الجدد على قمع الأحرار بالحديد والنار ، من أبناء الحركات القومية والوطنية والإسلامية على السواء ، وأعتبروا أنفسهم أنهم هم أصحاب الحل والعقد وأصحاب الحق بالثروة والثراء والذكاء والأكثر فهما ومفهومة في جميع الميادين الحياتية ، وكأن لهم ( في كل عرس قرص ) . فمن هؤلاء الحكام من بقي في الحكم حتى مماته ، ومنهم من ورث ملكه لورثته ، ومنهم من يعد الأبناء والأحفاد لتولي زمام البلاد ؟؟

لقد مارس هؤلاء الحكام الجدد في الوطنين العربي والإسلامي ، السادية في الحكم ، والشهوانية في التعامل مع الشهوات المتعددة الأشكال والأنواع ، فسيطروا على زمام الأمور بكل ما أوتوا من قوة ، الظلم والفسق والفجور والكفر ، ونسوا أو تناسوا يوم الحساب الرباني العظيم ، فانطبقت عليهم الآية القرآنية المجيدة : { فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)}( القرآن المجيد – عبس ) .




التماثيل البشرية المزيفة للحكام الديكتاتوريين .. ستخلع من جذورها إن عاجلا أو آجلا

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) }( القرآن المجيد – الكهف ) .
وموضوعنا الأساسي في هذه العجالة المستعجلة ، هو ( التمثائيل البشرية المزيفة للحكام ) المتمثل بما يطلق عليه ، المجد والتمجيد والتقديس البشري للبشر ، بتشجيع النفاق العام ، والمنافقين والفاسقين والفاجرين الكثر ، وما أكثرهم في هذه الأيام . فبعد أن سيطر وتحكم الحكام الجدد بمصير البلاد والعباد ، وامتلكوا جميع اللذائذ والشهوات ، أقدموا على نشر صورهم المزركشة والملونة ، الكبيرة والمتوسطة الحجم في المكاتب الحكومية والعامة والخاصة والميادين والساحات والشوارع العامة ، لتذكير الناس بقمعهم ، وجبروتهم ، وتخويف شعبهم منهم ، بصورة متواصلة .
فانتشرت الصور العملاقة والتماثيل والمنحوتان الحجرية والبرونزية والبلاستيكية والألماسية ، بميزانيات مالية ضخمة بتمويل حكومي منهوب من الثروة القومية للشعب والأمة ، بعد أن عكف مئات المصورين والنحاتين والفنانين والمصممين والمخططين ، المحليين والأجانب ، برواتب ذات ارقام فلكية ، لينصبوها ويثبتوها ، في مختلف المحافظات والمدن العربية والإسلامية ، في معظمها رهبة خوفا وطمعا ، وفي بعضها حبا ونفاقا عاما ، غير مسبوق . وفي هذا الأمر غير السوي ، تقديس للفرد وديكتاتوريته ، وتحويل لأنظار الشعب ، وقيمه ورموزه وتعاليمه النبيلة السامية ، من الأمور الأساسية إلى المسائل الثانوية ، فاضحى المواطن العربي المسلم يعيش في غربة داخل نفسه ووطنه وثقافته ، في الآن ذاته ، ولسان الحال يمقت هذا التصرفات الدخيلة الغربية على مبادئ الحضارة العربية الإسلامية السامية ، التي تقدر الفرد وتتيح الحرية أمامه بأوسع نطاقها ، لا أن تقيده بأصفاد الماضي وأوهام المستقبل في يديه ورجليه وقبل ذلك عقله وعاطفته .




أسباب نصب التماثيل والصور الضخمة بالشوارع والساحات العامة

يقول الله السميع العليم جل شأنه : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)}( القرآن المجيد – البقرة ) .

بعد تخطيط أسبق ، وتنميق مسبق ، وتطبيق مطبق ، يتم نصب التماثيل والصور العالية الضخمة للحكام الديكتاتوريين ، في مختلف الشوارع والميادين العامة والمدارس والجامعات والمسارح والمتنزهات والمطارات والموانئ ، لتحقيق الأهداف والغايات السادية التالية :
أولا : العلو والإفساد في الإرض بالتمجيد لصاحب الصورة أو التمثال .
ثانيا : المناداة بالفنون الجميلة ( غير المقبوله ) .
ثالثا : الإرهاب والتخويف من النظام الحاكم .
رابعا : كسب الأتباع من المنافقين وذوي النفوس المريضة .
خامسا : الإستكبار والإستعلاء على الآخرين ( مبدأ السيد والعبيد – الرقيق ) .
سادسا : الدعاية الإعلامية لرمز من رموز قمع الشعب والأمة .
سابعا : الإسراف والتبذير ، وإغداق الأموال على الأتباع الآمرين بالمنكر والناهين عن المعروف .



أيها الحكام إبعدوا عنا صوركم وتماثيلكم .. فهي رمز بغضكم


من نافلة القول ، إن نظرة المواطن في الوطن العربي الكبير أو الوطن الإسلامي الأكبر ، للتماثيل والصور الضخمة العملاقة ، هي :
- سرقة من أموال الشعب أولا .
- واستغلال لمنصب الحاكم الديكتاتوري المتسلط ثانيا .
- وتدنيس للميادين والساحات العامة ثالثا .
- ومنظر غير سياحي رابعا .
- وعمل مقزز وإستفزازي خامسا .
- ومخالفة دينية إسلامية سادسا .
وبالتالي فإنه في غالب الأحيان تأخذ هذه الصور التماثيل الضخمة المنتشرة في العواصم والمدن والأرياف العربية والإسلامية البغض واللعنات تلو اللعنات المتتالية السرية والعلنية ، على السواء ، حسب حالة الاختلاء بالنفس والأصدقاء المأمونين الجانب ، والسباب والشتائم وحالة البصاق في أضعف الإيمان . ولا يغرنكم بعض المنافقين والفاسقين الذين يلتقطون الصور التذكارية أمام هذه الأصنام الجديدة ؟

أيها الحكام .. أي طريقة تنتقون لإزالة تماثيلكم

وكتحصيل حاصل ، فإن الإزالة الشعبية للتماثيل والصور المنصوبة بعنجهية في الميادين والساحات والشوارع العامة والبنايات الشاهقة ، بأطوال وأحجام شتى ، تتراوح ما بين 3 – 30 م في بعض الأحيان ، ستكون بإحدى عدة طرق لعل من أهمها :
أولا : الإهانة والإذلال بالجلوس على رأس التمثال وأكتافه أو ركوب التمثال ( راكب ومركوب ) أو التسلق عليه ، كألعاب للكبار .
ثانيا : التكسير والتمزيق الخفيف بالفؤوس والمناشير والمهدات لجميع التمثال أو يديه أو رجليه أو أجزاء أخرى منه .

ثالثا : التحطيم والسحق العنيف بالجرافات أو التفجير بالديناميت أو الجر بالدبابات أو الشاحنات وغيرها أمام عدسات التلفزة والفيديو وسط التصفيق الشعبي .




رابعا : التبول الخفيف والتبرز ( الغائط ) على هذه التماثيل ( فتصبح التماثيل الجوفاء مكانا للبول والبراز لاحقا ) حيث تتحول لمكرهة صحية أو إلقاء القاذورات عليها في جنح الظلام أو جهارا نهارا حسب الظروف السياسية المحيطة .
خامسا : التفكيك الرحيم ، وهذه نادرة الحدوث .



سادسا : بيع التمثال بمبالغ مالية زهيدة كثمن للمواد المصنع منها .
سابعا : إلقاء التماثيل في مزبلة التاريخ في أمكنة مهجورة .

ثامنا : تمكين الأجانب من التماثيل للتصوير معها أو عليها بركوبها بعد إزالتها كشاهدة على أفول حقبة زمنية معينة في الأماكن السياحية لإهانة الديكتاتور أولا وشعبه وأمته ثانيا .



فيا ترى أي طريقة من الطرق الثماني المذكورة آنفا ، سيختار الحكام الديكتاتوريون الطغاة البغاة ، للتخلص من تماثيلهم وصورهم ، بعد افول نجمهم الدنيوي ؟ والذي لا ولن يدوم طويلا حسب سيرورة الحياة الدنيا الفانية ؟ فيا أيها الحاكم لا تكن ماردا حجريا أو بلاستيكيا أو نحاسيا أو برونزيا بأي حال من الأحوال ، لمصلحتك أولا ومصلحة أسرتك ثانيا ، ومصلحة حزبك ثالثا ومصلحة شعبك رابعا ومصلحة أمتك خامسا والمصلحة الإنسانية العليا سادسا وأخيرا .


" إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ "

على أي حال ، إن التماثيل المتعددة الأشكال والأحجام والإتقان ، للشخصيات والقيادات ( التاريخية ) غير المبجلة ، المصنعة من أفضل المواد التي لا تتاثر بتقلبات الطقس والمناخ ، الموزعة هنا وهناك في الكثير من العواصم العربية والإسلامية ، ستدقها الجماهير الثائرة دقا دقا ، وسيكون ناصبها وفارضها عبرة لمن يعتبر على مدار التاريخ الإنساني ، عندما يأتي الحساب الدنيوي قبل الحساب الأخروي بيوم القيامة العظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين وقد خاب من حمل ظلما .



يقول الله الحي القيوم عز وجل : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) }( القرآن المجيد – هود ) .
وجاء بصحيح البخاري - (ج 14 / ص 268) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }" .
ولا بد من القول ، إن من يحب هؤلاء الحكام الذين تنتشر صورهم وتماثيلهم الضخمة في الحواضر والأرياف والبوادي ، هو على شاكلتهم ، وهو عبد من عبيدهم ، تخلى عن عبوديته لله الواحد القهار خالقه وخالق الخلق أجمعين ، وسخر من نفسه عبدا ، لهؤلاء الطارئين في الحياة الدنيا ، ومن يلف لفهم ، ومن المستفيد من بذخهم وعطائهم النزير المربوط بالنفاق والتملق والطاعة العمياء ، وسرعان ما ينقلب هؤلاء الفساق وأهل النفاق ، ضد الحكام حالما تسنح الفرصة ذلك لهم ، فالدين النصيحة ، فإياكم والبطانة الفاسدة غير الصالحة .




فكن أخي المواطن العربي المسلم ، ممن يحب الحكام الأسوياء المسلمين العادلين غير المارقين ، المتقين الأخيار المحسنين الأبرار الذين يخشون ربهم قياما وقعودا وعلى جنوبهم ، وعلى ربهم يتوكلون . وكن للحق نصيرا ، ولا تكن للباطل نزيلا .

أزيلوا تماثيلكم وأريحوا الأمة من غضبكم وقتلكم وظلمكم

يقول الله عالم الغيب والشهادة ذو الجلال والإكرام تبارك وتعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) }( القرآن الحكيم - آل عمران ) .
وجاء في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 442) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ " .
أيها الناس الكرام .. ويا أيها الحكام في كل مكان وزمان ، إعدلوا بين أبناء الشعب والأمة ، ومع الشعوب والأمم الأخرى ، فكل هذه الثروات ستهلك وستهلكون بسببها أمام ثورات شعوبكم ، فالجميع إلى زوال ، وفق البناء الرباني العظيم للإنسان ولجميع الكائنات الحية ، فكل بداية لها نهاية ، وإن طال أو طار بها الأجل ، وسيحاسب كل واحد فينا وفيكم ، على أقواله وأفعاله ، بمثاقيل الذر ، بيوم القيامة العظيم ، عند الله العدل العادل ذو الجلال والإكرام ، فهو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين ، فعليكم بإفشاء السلام وإطعام الطعام ، وطيب الكلام والصلاة والناس نيام لكي تدخلوا الجنة بسلام .


أيها الحكام في كل زمان ومكان ..

يقول الله الواحد القهار عز وجل : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المجيد – الصافات ) .

قبل فوات الأوان ، أصدروا أوامركم العاجلة ، بإزالة صوركم من الوزارات الحكومية والمؤسسات العامة ، ومن الشركات والمصانع ، ومن البيوت الخاصة ، وأزيلوا التماثيل التي نصبتموها للشعب والأمة بدل المدارس والجامعات والمؤسسات الخيرية والمصانع والمنشآت والشركات والمباني وبقية الحاجات . فمن المصلحة العامة العليا إزاله هذه التفاهات والهرطقات من جميع الأماكن العامة ، بصورة إرادية قبل أن تزال بصورة ثورية عنيفة كما حصل في الكثير من العواصم العربية ، وقبل أن تزهق أرواح الكثير من الشباب الثائر المظلوم برصاصكم الغاضب ، وليست تونس ومصر واليمن منا ببعيد ، كما بعدت بإيران صور الشاه رضا بهلوي بطهران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 .

فقد ذاق الرؤساء المخلوعين في تونس ( زين العابدين بن علي ) ومصر ( حسني مبارك ) في شتاء عام 2011 ، عملية الخلع والطرد ، والحرب سجال في دمشق وطرابلس لإزالة التماثيل للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ، والتماثيل البراقة للزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس اليمني علي عبد الله صالح وغيرهم ، وهذه أمثلة وليس على سبيل الحصر . فليضع كل زعيم أو حاكم في الوطن العربي أو الإسلامي صوره في بيته ، بالعدد الكبير والحجم الضخم الأصيل فذلك من حقه ، لأن الميادين والشوارع العامة والمدارس والجامعات ليست ملكا له ولأسرته ، لكي يفرضها على جميع الناس نقول هذه العبارة على سبيل النصيحة بكل شجاعة وإخلاص لتجنب ما بعدها من جفاء وإرهاص من بعض أتباع الحكام الديكتاتوريين ومن يدور حولهم كالوقاص .



أنشروا العدل والعدالة بين الناس

وغني عن القول ، إنه قبل أن تزيلوا صوركم وتماثيلكم من الميادين والشوارع والمدارس والجامعات والمصانع والمؤسسات وغيرها إنشروا العدل والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والتعليمية والصحية والإسكانية ، ووطدوا الاستقرار في ربوع الأوطان ، ولا تتسلطوا على الناس بأجهزتكم الأمنية العسكرية القمعية ، المخصصة للمهرجانات والاحتفالات الصاخبة بمختلف المناسبات غير الحميدة البعيدة وغير المجيدة بأبسطتها الحمراء غير الأنيقة .




طوبى للإبراهيميين الجدد .. الذين يجتثون التماثيل

يقول الله الحليم العظيم سبحانه وتعالى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .


طوبى للإبراهيميين الجدد ، من أتباع نبي الله الخليل إبراهيم عليه السلام ، ليس في أرض الرافدين فحسب ، بل وفي كل مكان ، الذين فجروا التماثيل البشرية ومزقوا الصور الكبيرة في العواصم والمدن العربية والإسلامية وغيرها ، في أرض الهلال الخصيب ووادي النيل وشمال إفريقيا ، وكنا نتمنى أن تزال تماثيل صدام حسين بأيدي ثوار عرب مسلمين وليس بدبابات أمريكية قبل تهاوى النظام البعثي في العراق الشقيق .
فجزى الله أهل الثورة والفداء من الإبراهيميين الجدد ، الذين طردوا الحكام المستبدين ، وأحرقوا تماثيلهم وبددوها بالشوارع ونثروها هباء منثورا ، خير الجزاء وبارك الله في جهودهم النبيلة الخيرة التي حاربت الإستهواء لا الإستهداء الحاكمي هنا وهناك . فليعلم الجميع إن إزالة التماثيل بشتى صورها واشكالها وأحجامها وألوانها ، هو عمل صالح ، وهو نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتصد للفاسدين المفسدين في الأرض ونشر للفضيلة ومحاربة الرذيلة والاستكبار في الأرض .

كلمة طيبة أخيرة ..

لترفع رايات التوحيد الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها : ( لا إله إلا الله .. محمد رسول الله ) ، وصور ضخمة للدستور الإلهي العظيم ( القرآن المجيد ) والآيات القرآنية الكريمة ، في إرتفاعات وأحجام مناسبة ، كساعة مكة المكرمة الإسلامية بالقرب من المسجد الحرام ، وغيرها ، بدلا من التماثيل البشرية والصور الآدمية الضخمة للحكام الظالمين الذين أذاقوا شعوبهم في الوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الأكبر ، كاسات الردى في حياتهم بدل أن يسهروا على راحتهم وتمكينهم من عبادة الله في الأرض .
وليتم تبييض السجون في الوطنين العربي والإسلامي ، من سجناء الرأي ، المعارضين لسياسات الأنظمة الحاكمة ولتخصص السجون لأصحاب الجنايات والجنح الأخلاقية وليس للمعارضين السياسيين . وليتم التفاخر بإنشاء المدارس والجامعات والمصانع والمساجد والموانئ والمطارات ، بدلا من التماثيل والصور الفخمة الضخمة التي ترمز للديكتاتورية والهيمنة القسرية على الشعب حقبة طويلة من الزمن ، والسجون الممتلئة بأصحاب الحق والحقوق الإسلامية والعربية الأصيلة .
وثورة بيضاء شعبية إسلامية عربية شاملة مظفرة لاجتثات الظلم والظلام والطغيان وإحلال العدل والأمن والأمان في ربوع الوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الأكبر والعالم الأوسع ، بصورة طيبة ومباركة بعيدة عن الصور العملاقة غير الخلاقة والتماثيل البشرية البراقة .
وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .
نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .










الخميس، 7 أبريل 2011

الصحة الإنسانية العامة .. في يوم الصحة العالمي .. 7 نيسان 2011

الصحة الإنسانية العامة ..
في يوم الصحة العالمي ..
7 نيسان 2011


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ :{ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) }( القرآن المجيد - الشعراء ) .
وورد بسنن أبي داود - (ج 10 / ص 371) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ " .

إستهلال

يقول المثل الشعبي العربي ( الصحة تاج على رؤوس المرضى ) ، فالصحة والمرض ضدان لا يلتقيان ، والهدف الإنساني هو الحفاظ على صحة طيبة وافية موفورة للجميع ، فكلما كان يتمتع الإنسان بحيوية وعافية حقيقية ، كلما زاد تفائله ، وقلت حالات التذمر واليأس والقنوط له ، وزادت إنتاجيته النوعية والكمية في شتى ميادين العمل الحياتية .
ويحتاج الإنسان للعديد من المبادئ والقواعد السلوكية والطبية لكي يحافظ على جسم سليم خال من الأمراض الطارئة والمزمنة على مدار حياته في هذه الحياة الدنيا الفانية ملبيا للتعاليم الربانية القويمة . ومن أهم هذه المبادئ والقواعد السلوكية ما يلي :
أولا : تناول الغذاء الطيب المناسب ، بنوعية وكمية يومية مناسبة تلبي الحاجات الفيزيولوجية البشرية على مدار النهار والليلة . وتكمن أهمية شن الحملات الجماعية العالمية ضد الجوع والتجويع مثل حملة ( المليار جائع ) .
ثانيا : الوسطية والإعتدال في تناول كميات الغذاء بحيت تكون معتدلة بعيدة عن النقصان والزيادة .
ثالثا : الإبتعاد عن الغذاء الحرام ، فالأغذية المحرمة إسلاميا ، تؤذي الجسد والعقل في جميع الأحوال ، وتبقى البدن عرضة لنهش الأمراض والأوبئة المتنوعة على إختلاف أسمائها ومسمياتها .
رابعا : الوقاية خير من العلاج . وكما يقال ( درهم وقاية خير من قنطار علاج ) .
خامسا : تناول كميات ضرورية من الماء يوميا بصورة متوازنة ، وعدم الإخلال بحاجة البدن المائية على مدار الساعة .
سادسا : تناول الأدوية والعقاقير الطبية الملائمة لكل مرض من الأمراض ، وعدم الخلط بين هذه الأدوية ، فلكل داء دواء ، لا يصلح لمعالجة غيره من الأمراض ، فالأمراض متنوعة وكذلك العلاجات المتعددة ، وبكميات ووصفات طبية ملائمة .
سابعا : إتباع الحميات الغذائية للمرضى ، وكل مرض له حمية ونظام غذائي معين ، يلائمه ولا يلائم غيره من الأمراض المنتشرة .
ثامنا : الحجر الصحي لذوي الأمراض والعاهات المعدية ، بعزل المرض لفترة زمنية مناسبة للقضاء على المرض والحد من إنتشاره بين ظهراني الأسرة أو الجماعة أو الشعب أو الأمة .

التنمية الصحية الشاملة المتكاملة

لا بد من تقديم الرعاية الصحية المناسبة لجميع افراد الشعب أو الأمة ، من خلال بناء عدد كاف من المشافي ، والعيادات الطبية الداخلية والخارجية الضرورية ، وتخصيص مراكز الإسعاف والطوارئ في التجمعات السكانية المركزية في المدن والأرياف . وينبغي أن تكون التنمية الصحية متعددة الجوانب لتشتمل على الطب الوقائي والطب العلاجي في الآن ذاته . واستيعاب الكوادر الطبية من الأطباء وأطباء الأسنان ، والممرضين والمسعفين ، والعاملين في المختبرات ، وغيرهم وعقد الدورات الطبية التدريبية الشاملة بإنتظام لمواكبة التطورات الصحية المتقدمة عبر التقدم الزمني .
ومن مقومات التنمية الصحية الشاملة : بناء كليات الطب ، بشتى التخصصات العلمية ، وكليات الطب المسندة ، وكليات التمريض ، وطب الأسنان ، والصيدلة ، وتشييد مصانع وشركات الأدوية والعقاقير الطبية ، وكذلك توفير الأجهزة الطبية بأنواع عصرية وكميات ملائمة للاحتياجات البشرية للشعب في اي منطقة من مناطق العالم .
وغني عن القول ، إنه يجب الابتعاد عن جعل الاحتياجات الطبية مراتع اقتصادية للمستثمرين عبر القارات الذين لا تهمهم سوى الأرباح المالية ، فالميادين الصحية ، هي ميادين خدمية إنسانية قبل أن تكون مراكز احتكار أو مراكز تجارة محلية أو إقليمية قارية أو عالمية .
ومن نافلة القول ، إنه يجب تجنب المضاربات الاقتصادية في تصنيع الأدوية والعقاقير الطبية ، وجعل التصنيع الدوائي ، بعيدا عن الاحتكار أو المنافسة غير الشريفة بين مختلف الدول على المستوى العالمي ، للدواعي والأسباب الصحية والإنسانية والدينية .

ولا بد من مشاركة رسمية وشعبية وأهلية وفردية ، في تطبيق سياسة التنمية الاستراتيجية الطبية في البلاد ، بتعاون وثيق بين الحكومة ونقابات الأطباء البشريين ، وأطباء الأسنان والصيادلة والتمريض ، والأطباء البيطريين ، والهيئات والمؤسسات الطبية ، لضمان الفعالية في القضاء على الأمراض البشرية ، والحد من إنتقال العدوى فيما بين الناس ، وكذلك ضمان عدم إنتقال الأمراض الحيوانية للإنسان ، كجنون البقر ، وإنفلونزا الخنازير ، وإنفلونزا الطيور ، والسارس ، والحمى المالطية والسل وسواها .

الصحة في حالات الحرب

من الناحية الطبية ، تختلف حالات الحرب عن حالات السلم ، في جميع بقاع الكرة الأرضية ، ففي حالة الاستقرار والأمان الاجتماعي والنفسي تكون الاحتياجات الطبية عادية ، بينما تتضاعف الحاجة الصحية للأفراد والجماعات والشعوب والأمم ، عند إندلاع الحروب الطاحنة ، حيث تزخر المشافي الحكومية والتعاونية والأهلية والخاصة ، بالجرحى المكلومين عضويا ونفسيا ، والمرضى الطارئين بسبب أسحلة القتل الجماعية من الأسلحة التقليدية والكيماوية والنووية ، بجميع أنواع الجراحات والحاجة المتزايدة للعمليات الجراحية .
وتجدر الإشارة إلى أن الحروب تسبب المآسي الطبية لأعداد كبيرة من الجرحى والفواجع والهلع والخوف ، من جراء الضربات العسكرية البرية والجوية والبحرية ، سواء ضد المدنيين أو العسكريين أو كليهما ولا تتسع المشافي المحلية لإستيعاب الأعداد المتعاظمة من المصابين بصورة مباشرة أو غير مباشرة مما تستدعي الحاجة للإستعانة بالدول الأجنبية من دول الجوار أو ضمن القارة الواحدة .
ومن المعلوم أن هناك إتفاقيات دولية تعالج شؤون الجرحى في حالات الحرب بضرورة الحفاظ على حياتهم وعدم إزهاقها بعد الإصابة ، بغض النظر عن نوعها بسيطة أو متوسطة أو خطيرة .
ففي حالات الحرب ، يتم نقل آلاف الجرحى لمشافي الدول الأخرى ، حسب أعداد المصابين ، لمعالجتهم على نفاقات أسرية خاصة أو بالإنفاق الحكومي أو التبرع والمساعدة العينية من الدول المضيفة .
وتنقسم المشافي والعيادات الطبية في العالم إلى نوعين أساسيين ، هما :
أولا : المشافي المدنية ، التي تقدم الخدمات الطبية لسائر فئات الشعب وأبناء الأمة .
ثانيا : المشافي العسكرية ، التي تتخصص في تقديم الإرشادات الوقائية قبل انتشار الأمراض ، للمنتسبين بالجيوش والأجهزة الأمنية ، كل في دولته ومنطقه .
وفي بعض الأحيان ، تكون المشافي المدنية متطورة أكثر من المشافي العسكرية ، وعلى العكس من ذلك ، قد تكون المشافي العسكرية متطورة ومتقدمة من المشافي المدنية بسبب إختلاف الظروف والأوضاع السياسية السائدة في البلاد .
وتتزايد حاجة البشر للعلاجات التي تتبع الجراح أو النوبات المرضية المفاجئة أو العادية . وتطورت الأوضاع الطبية عالميا بتطور التقنية الإلكترونية المعاصرة ، وتبعها تطور العمليات الجراحية الضرورية والتجميلية ، على السواء ، فقد مكنت التطورات المتعاظمة في الأجهزة والمعدات الطبية من اليدوية إلى الآلية إلى الإلكترونية ، إلى تحسين الخدمات الصحية المقدمة للجميع ، وسهلت من الحياة البشرية وقللت من الآلام والفواجع البشرية في ظل تقدم عالم التصنيع الدوائي الطبيعي والصناعي .

على العموم ، يمكن القول ، إن الرعاية الصحية في المشافي الحكومية لا ترتقي للخدمات المقدمة بالمشافي الأهلية والخاصة ، لعدة عوامل وظروف صحية وإدارية ومالية لا تخفى على أحد من العالمين ببواطن الأمور . ولكن العقبات المالية تقف عقبة كأداء أمام ذوي الدخل المحدود أو الفقراء والمحتاجين والباحثن عن عمل ، في الإلتحاق بخدمات القطاع الصحي الخاص ، فيضطرون لتلقي الخدمات الصحية ، من المشافي والعيادات الطبية الحكومية رغم إقتناعهم بجدم جدواها الحقيقي .

الغش والتزوير بالأدوية

تكثر في حالات الحرب ، حالات التزوير التملص من التركيبات الدوائية المناسبة ، بمعدلات كيميائية معينة ، وذلك بغية تحقق الرباح الخيالية من بيع كميات ضخمة من الأدوية في حالات الزلازل والحروب الأهلية والنزاعات الإقليمية والصراعات الدولية بين الحين والآخر . ولهذا يجب التنبه لهذا الأمر ، بإجراء الفحوصات المخبرية الطبية الدورية على عينات عشوائية بصورة منتظمة لتجنب الإضرار بحياة الجرحى والمرضى هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، لا بد أن تكون أسعار الأدوية في متناول أيدي الجميع لتمكين الناس من العيش الكريم الرغيد البعيد عن الفواجع المرضية البشرية .

المعاناة الصحية

تكثر حالات المعاناة الصحية في بعض الفصول من السنة وخاصة في فصلي الشتاء ، والصيف بسبب التقلبات الجوية وتأثيراتها الضارة على صحة الإنسان . فنرى الأمراض الفصلية المختصة بفصل الشتاء مثل مرض الرشح والإنفلونزا والبرد الشديد بأعداد كبيرة . وبدورها تختلف من دولة لأخرى ، ومن قارة لثانية وثالثة وهكذا . بينما نرى إنتشار الأمراض الصيفية مثل ضيق التنفس وضربات الشمس في المناخات الحارة جدا .

اللقاحات والعلاجات الوقائية

تلجأ الكثير من الدول في العالم ، إلى سياسة طبية استراتيجية تتمثل في التعقيم الأولي ، والتطعيم الوقائي الآنية أو السنوية أو الموسمية ، ضد الأمراض لجميع الفئات العمرية من الأطفال والنساء والشباب والكبار في السن حسب الحاجة الصحية لاستباق حدوث المرض وإستفحاله في منطقة معينة من المناطق في العالم .

التأمين الصحي

يعتبر التأمين الصحي الشامل ، المجاني أو الرمزي الدفع ، من مظاهر التطورات الحضارية الصحية في المجتمع البشري ، وكلما امتدت خيوط التأمين الصحي للسواد الأعظم من المجتمع كلما قلت التكاليف المالية لهذه الخدمة الطبية الشعبية الشاملة أو الجزئية ، في الفحوصات الطبية المتمثلة بالمعاينة والفحوصات المخبرية ، وتقديم العلاجات والأدوية المناسبة وبالتالي إنعكاس ذلك على تحسن الظروف والأوضاع الصحية في البلاد .
وهناك الكثير من الدول التي تقدم التأمين الصحي الإجباري للموظفين بالقطاع الحكومي العام ، من مدنيين وعسكريين ، وهناك بعض الدول التي تقدم التأمين الصحي الطوعي ، وهناك نوع ثالث ممن يطبق نظام التأمين الصحي على جميع أفراد المجتمع بصورة شمولية عامة . وكلها إجتهادات علمية وبحثية اجتماعية وصحية عامة وخاصة بنظام سياسي أو مذهبي أو ديني معين .
وفي نظام التأمين الصحي عموما ، هناك خدمات عادية أو خاصة تقدم للمنتفعين من التأمين الصحي ، الحكومي أو النقابي أو الشعبي أو الشامل ، من أبرزها : الفحوصات الطبية المجانية ، والدفع الرمزي لأثمان الأدوية المستخدمة ، والمبيت بالمستشفى وإجراء العمليات الجراحية الأساسية وغيرها من الخدمات الطبية .

المنظمات الصحية

تنقسم المنظمات الصحية في العالم إلى عدة أنواع تتمثل بالآتي :
أولا : وزارة الصحة : وهي الوزارة الحكومية في الدولة ، المختصة المتخصصة بتوفير الأوضاع الصحية المناسبة ، وقائيا وعلاجيا في الوقت ذاته .
ثانيا : المراكز الصحية الحزبية للرعاية الصحية بإشراف حزب معين أو مجموعة من الشركات الخاصة .
ثالثا : جمعيات الهلال الأحمر الإسلامية ، وجمعيات الصليب الأحمر النصرانية ، وجمعيات الإسعاف الهندوسية والبوذية ، وغيرها .
رابعا : منظمة الصحة العالمية . تأسست في 7 نيسان – إبريل عام 1948 ، وهو يوم الصحة العالمي ، ومقرها في مدينة جنيف بسويسرا ، ومهمتها الإشراف على الشؤون الصحية الدعائية والطباعية والبحثية ، عبر القارات ، ومتابعة الأمراض السارية والمعدية ووضع الدراسات وتقديم النصائح والإرشادات والتعليمات الطبية للقضاء على الأمراض والحد منها قدر الإمكان .
وعليه ، فإن منظمة الصحة العالمية ، ترعى وتهتم بتشجيع الأبحاث الطبية، وتقترح عقد الاتفاقيات في شؤون الصحة العالمية وتراقب تفشي الأمراض السارية مثل الجدري والطاعون والأوبئة الخطيرة الأخرى وتعمل على مكافحتها ، كما تعمل على توفير الحماية الصحية للأمومة والطفولة، لرفع مستوى الصحة العقلية والنفسية ونشر الوعي من أجل حماية مياه الشرب من التلوث . وتقوم الدول المشاركة بتبادل الخبرات والقضاء على العديد من الأمراض المزمنة والفتاكة، وتعقد العديد من الورش التدريبية التي تهدف إلى تطوير الخدمات الصحية .

يوم الصحة العالمي 7 / 4 / 2011

قررت منظمة الأمم المتحدة إنشاء عدة وكالات عالمية متخصصة ، منها منظمة الصحة العالمية ، فجاء التأسيس في 7 نيسان – ابريل 1948 ، وهو اليوم الذي اعتبر بمثابة ( يوم الصحة العالمي ) للتأكيد على التعاون الصحي الدولي في مختلف قارات العالم . وتحتفل منظمة الصحة العالمية ، بيومها التأسيسي . كما تنظم المهرجانات الخطابية والدعائية القطرية والإقليمية والقارية ، لتجديد الفعاليات برعاية الصحة في العالم ، بفعاليات طبية ومؤتمرات واجتماعات ومهرجانات للتحفيز والتكريم والتشجيع للعاملين في الميادين الصحية العامة والخاصة .
على أي حال ، خصصت بعض الأيام العالمية لرعاية الشؤون الصحية المتخصصة مثل :
- اليوم العالمي للسرطان ( 4 شباط – فبراير ) .
- اليوم العالمي لمكافحة مرض السل ( 24 آذار – مارس ) .
- اليوم العالمي لمكافحة مرض الملاريا ( 25 نيسان – ابريل ) .
- اليوم العالمي للتمريض ( 12 ايار - مايو ) .
- اليوم العالمي للتبرع بالدم ( 14 حزيران - يونيو ) .
- اليوم العالمي لمحاربة تعاطي والمتاجرة بالمخدرات ( 26 حزيران - يونيو ) .
- اليوم العالمي للإسعافات الأولية ( 9 ايلول - سبتمبر ) .
- اليوم العالمي للنظافة ( 15 ايلول – سبتمبر ) .
- يوم القلب العالمي ( 29 أيلول – سبتمبر ) .
- اليوم العالمي للصحة العقلية ( 10 تشرين الأول - اكتوبر ) .
- اليوم العالمي لهشاشة العظام أو تخلخل العظام ( 20 تشرين الأول - اكتوبر ) .
- اليوم العالمي للإيدز ( 1 كانون الأول – ديسمبر ) .

وصايا وتوصيات للتطوير الصحي

المهن الطبية ، في المجالات الصحية كافة ، هي خدمات إنسانية جليلة ، لا ينبغي التغاضي عنها ، أو التقليل من شأنها . وبناء عليه ، فهناك العديد من المعطيات والأمور كوصايا أو نصائح مجربة ، التي ينبغي إتباعها لتوفير الأمن والأمان الصحي والاستقرار النفسي وتمكين الجميع من التمتع بصحة سليمة في المجتمع على مستوى عال من الفعالية الطبية ، لعل من أبرزها :
1. الإهتمام بالأغذية والمياه بصورة منتظمة ، وإبعادها عن التلوث البيئي .
2. تشغيل الإدارة الطبية الناجحة . في وزارة الصحة والمؤسسات الصحية والمشافي والعيادات الطبية ، والكليات العلمية بالجامعات .
3. تقديم المكافآت المادية والمعنوية للمخلصين والمبدعين . لتشجيع الإنتاج الطبي الرصين وتقليل الأخطاء ، والابتعاد عن اللامبالاة في حياة الآخرين .
4. الرقابة والمحاسبة الطبية على الأخطاء ، ومعاقبة المقصرين . وتتعدد سبل الرقابة الحكومية والإدارية العليا ، والبرلمانية والقضائية والإعلامية والشعبية العامة .
5. التطوير العلمي النظري والعملي في المؤسسات الصحية الحكومية والشعبية والخاصة لتقديم العلاجات الأولية والنفسية والجنسية والعامة .
6. توفير الأجهزة والمعدات الطبية المتطورة بانتظام .
7. التعاون الطبي الإقليمي والعالمي .
8. إتباع سياسة الوقاية خير من العلاج قلبا وقالبا بعيدا عن المزايدات والشعارات الجوفاء الرنانة الطنانة .
9. تشغيل الكوادر الطبية المبدعة المخلصة في عملها . فالعمل الطبي لا يحتمل التجربة والخطأ ، فأي خلل طبي أو خطأ بسيط يؤدي بحياة أناس آخرين .
10. إرسال للبعثات الطبية للدول التطورة في الميادين الطبية .
11. التنويع بين الطب العصري والطب البديل ( الأعشاب والرياضة ) والطب الشعبي والديني . فجميع هذه الأنواع تكمل بعضها البعض .
12. الإستعانة بالطب الإسلامي القرآني والنبوي في علاجات الجروح والأمراض المختلفة .
13. إتباع نظام ( الغذاء لا الدواء ) ، بالتقليل من استعمالات الأدوية التي لها تأثيرات جانبية ، مما يسبب إصابة المرضى بأمراض جديدة .
14. تلازم السياسات الصحية البشرية مع الصحة الحيوانية والصحة النباتية .
15. مراقبة التصنيع الدوائي مراقبة حازمة وصارمة للحد من الغش في التركيب الدوائي ونسبه المئوية .
16. استقدام الكفاءات الطبية الأجنبية وعدم تهجير الأدمغة المحلية لرفد القطاع الصحي المحلي بافضل الخبرات المدربة .
17. تشجيع البحوث والدراسات العلمية وتخصيص الميزانية المالية المتصاعدة سنويا .
18. التدريب الطبي المتواصل ، بورش العمل والدورات التدريبية والأيام والحلقات الدراسية والمؤتمرات الطبية المنتظمة وغيرها .
19. إعلان حالة التعبئة العامة والطوارئ الصحية في الكوارث الطبيعية والحروب البشرية .
20. الرقابة الطبية والإدارية المشددة في النوبات الليلية للحفاظ على صحة المرضى وعدم الاستهانة بالخدمات الطبية المقدمة ، وعدم إهمال المرضى في أسرتهم .
21. وضع القوانين والأنظمة واللوائح الطبية العصرية المحلية والعالمية ، وتطبيقها تطبيقا أمينا بعيدا عن المحاباة والمجافاة .
22. التعاون القطري بين وزارات الصحة والصناعة والزراعة والتربية والتعليم والبيئة وغيرها لتقليل التأثيرات الجانبية على الإنسان .
23. تنظيم حملات دعاية وإعلام وعلاقات عامة طبية طبيعية منتظمة ومتواصلة وتركيزها في الحالات الطارئة . تشتمل على جميع وسائل الإعلام : المطبوعة والمسموعة والبصرية والانترنت .
24. الصحة المدرسية والجامعية : إدخال المواضيع الطبية في الحياة المدرسية بالتعليم العام ، والحياة الجامعية بالتعليم العالي .
25. تحكيم العقل ، والحد من الحروب البشرية على إختلاف أنواعها ، التي تأكل الأخضر واليابس وتسبب كوارث بشرية هائلة .

كلمة طيبة أخيرة

تتقدم العلوم الطبية المدنية والعسكرية ، على السواء ، يوما بعد يوم ، لتقديم أفضل الطرق والسبل للحد من الأمراض السارية أو المعدية محليا وإقليميا وقاريا وعالميا . وتفرض الإجراءات الوقائية في المطارات والمعابر البرية والموانئ البحرية ، للتعقيم والتطعيم والعلاج إذا لزم الأمر ، للحيلولة دون انتقال الأوبئة من بقعة جغرافية لأخرى عبر ما يسمى بسياسة أو خطة العزل أو الحجر الصحي .
ويفترض أن تكون الإجراءات الصحية وقائية بالدرجة الأولى ، وعلاجية بالدرجة الثانية ، و الاثنتين معا ، لتكمل إحداهما الأخرى ، لتوفير البيئة الصحية المناسبة للجميع بلا استثناء .
وحياة سعيدة هانئة بعيدة عن الأمراض والأوبئة في جميع أنحاء العالم . وصحة موفورة للجميع بإذن الله ، في ظل السلم والسلام في كافة بقاع الكرة الأرضية .

ولا بد من الاستعانة بدعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .
وختامه مسك ، ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) . { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المجيد – الصافات ) .

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .