الاثنين، 3 يناير 2011

الإسكان والمدن الفلسطينية الثماني الجديدة ( الريحان والروابي والجنان والقمر والبراق والفردوس والندى وأصداء )

الإسكان والمدن الفلسطينية الثماني الجديدة
( الريحان والروابي والجنان والقمر
والبراق والفردوس والندى وأصداء )

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) }( القرآن المجيد – آل عمران ) .

استهلال

الشعب المسلم العربي الفلسطيني في أرض فلسطين المقدسة ، شعب أصيل ورث هذه الأرض أبا عن جد ، وجدا عن أب ، وصولا إلى نبي الله نوح عليه السلام ، وتوزع أبنائه الثلاثة في أنحاء العالم ، وهم : يافث وسام وحام ، بعد الطوفان العظيم ، وإغراق الكافرين . وهذا الشعب هو سليل نبي الله إبراهيم عليه السلام ، الذي أنجب الكثير من الأبناء ، فهو وريث الأجيال العربية الإسلامية الخالية ، وهو صاحب الأرض والمستقبل الزاهر في أرض الآباء والأجداد .
وتطورت وتعددت خرائط وأشكال وفنون العمارة العربية الإسلامية في فلسطين ، فالأبنية العمرانية في فلسطين ، هي نمط عربي إسلامي مميز ، بالإضافة إلى الإضافات العمرانية العصرية الحديثة .
وتحتاج فلسطين إلى عشرات آلاف الشقق السكنية الجديدة لمواكبة التكاثر الطبيعي الذي يتراوح ما بين 3 % - 4 % سنويا .
ويبلغ تعدد الشعب الفلسطيني في مطلع عام 1432 هـ / 2011 م ، حوالي 11 مليون نسمة ، نصفهم في فلسطين والنصف الآخر ، خارج فلسطين يعيشون في المنافي والمهاجر والشتات . ويتوزع أبناء فلسطين ، على جميع أنحاء فلسطين ، وهم من المواطنين المرابطين بالرباط الإسلامي المقدس ، فوق ثرى الوطن الغالي . وهم الفوج والصف الأول في مقارعة ومقاومة الإبتلاع اليهودي الصهيوني الاستيطاني الاستعماري والقمع العسكري الإمبريالي في الأرض المقدسة .
ويتوزع هؤلاء المواطنين على الجليل شمال فلسطين ، والساحل الفلسطيني غربا ، من رفح حتى الناقوة شمالا ، والمثلث الفلسطيني ، في الوسط والنقب الفلسطيني جنوبا ، بواقع 1.4 مليون نسمة ، و 2.6 مليون نسمة في الوسط الشرقي من فلسطين بالمناطق الجبلية والأغوار الفلسطينية ( الضفة الغربية ) و1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة .
وهؤلاء السكان الفلسطينيين البالغ عددهم نحو 5.5 مليون مواطن ، في فلسطين التاريخية الكبرى ، يقابلون حوالي 5.6 مليون نسمة يهودي أتوا من 102 دولة من دول قارات العالم لاحتلال فلسطين والإدعاء بأنها ( أرض الميعاد ) زورا وباطلا وبهتانا من جميع النواحي الدينية والتاريخية والقانونية والسياسية والاجتماعية والحضارية العامة .

الحاجة للمدن الجديدة في فلسطين

رغم وجود حوالي 700 تجمع سكاني فلسطيني ما بين مدينة وقرية ومخيم ، منها 19 مخيما في الضفة الغربية و8 مخيمات بقطاع غزة ، فإن الحاجة ماسة للإمتداد العمراني والسكاني افقيا وعموديا في الآن ذاته ، في جميع أرجاء فلسطين الكبرى ، بمساحتها البالغة 27 ألف كم2 ، من البحر الميت ( بحر الملح أو بحيرة لوط ) شرقا إلى البحر الطيب ( البحر الأبيض المتوسط ) غربا . وهذه التجمعات السكانية الفلسطينية تواجه الامتداد السرطاني العمراني الصهيوني في حوالي 1500 مستوطنة يهودية أكبرها مستوطنة تل أبيب التي تضم حوالي 40 % من يهود فلسطين المحتلة .
وفعليا ، لا تسمح قوات جيش الاحتلال الصهيوني بالبناء العمراني في فلسطين المحتلة عام 1948 ، في بقع سكانية جماعية جديدة كمدن فلسطينية خالصة ، ولكن لمقتضيات الضرورة الأساسية ، يتم تشييد عشرات آلاف المباني والشقق السكنية بلا تراخيص يهودية رغما عن الاحتلال الصهيوني المتغطرس لمواكبة التكاثر الطبيعي لسكان فلسطين الأصليين .
على أي حال ، إن هناك حاجة ماسة لتشييد 10 مدن فلسطينية كبرى جديدة وليس فقط أربع مدن في الضفة الغربية ، وأربع أخرى في قطاع غزة ، لاستيعاب النمو السكاني الطبيعي للشعب الفلسطيني في أرض الوطن . بل ومن الضروري السعي الجدي الحثيث إلى طرد المستعمرين المستوطنين اليهود وإجلائهم عن أرض فلسطين ، وإستعادة هذه المستوطنات وتحريرها من الغاصبين اليهود الجدد كما حصل بقطاع غزة في أيلول 2005 م .





إنشاء أربع مدن فلسطينية جديدة بالضفة الغربية .. الريحان والروابي والجنان والقمر

جرت الاستعدادات الزمنية المبرمجة بل شرعت عمليا في بعض المناطق بإنشاء مدينتين فلسطينتين جديدتين ما بين مدينة نابلس عاصمة فلسطين الاقتصادية ، ومدينة رام الله ، العاصمة الإدارية المؤقتة لفلسطين ، بالقرب من القدس ، العاصمة الفلسطينية المقدسة ( قدس الأقداس ) بما تضمه من المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة ، والعاصمة السياسية الفلسطينية المنتظرة منذ أمد بعيد .
وقد جرت في أواخر عام 2009 ومطلع 2010 ، في الضفة الغربية المحتلة عملية بدء التخطيط والتشييد والتنفيذ الفعلي لبناء مشاريع إسكانية كبيرة عبارة عن 4 مدن فلسطينية جديدة ، حيث افتتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس مدينتي ( الريحان ) و ( الروابي ) قرب رام الله وسط الضفة الغربية بفلسطين ، ويجري الاستعداد لافتتاح المدينة الفلسطينية الجديدة الثالثة قرب جنين تسمى ( الجنان ) والرابعة قرب أريحا تدعى ( مدينة القمر ) .
وتبلغ تكاليف إنشاء هذه المدن الأربع ( الريحان والروابي والجنان والقمر ) بالحد الأدنى ضمن التكلفة الأولية حوالي ملياري دولار ، بمساهمات القطاع الخاص وبعض الدول المانحة وبإشراف فلسطيني وأجنبي . ويتم افتتاح شوارع وبنى تحتية لهذه المدن الأربع ، وبدأ العمل فعليا في معظمها .
وعند استكمال بناء المدن الفلسطينية الجديدة ستشهد خريطة فلسطين خلال السنوات المقبلة إضافة حضرية إسكانية جديدة بنماذج عمراني عصري فريد من نوعه ، في فلسطين ، من خلال تثبيت هذه المدن على الخريطة الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية والعربية والإسلامية والإقليمية والقارية والعالمية . ومن المتوقع أن تستوعب هذه المدن الأربع الفلسطينية الجديدة أكثر من مليون فلسطيني .

مدينة الروابي في الضفة الغربية بفلسطين .. نموذج عمران عصري

بدأ العمل في مشروع المدينتين ( الريحان والروابي ) في الضفة الغربية المحتلة ، وسط فلسطين ، رغم العوائق العسكرية والسياسية والاقتصادية الصهيونية المتواصلة بلا رحمة أو توقف عنصري لئيم . وفيما يلي بعض التفاصيل عن مدينة ( الروابي ) الجديدة التي لم ترى النور الكلي ، حتى كتابة هذه السطور في أواخر شهر محرم 1432 هـ / مطلع كانون الثاني – يناير 2011 م حيث لم توزع الشقق أو الوحدات السكنية على أصحابها المفترضين .

مدينة الروابي

كانت هناك خطة وطنية فلسطينية لإقامة مدينة أو بلدة ( الروابي ) العربية الفلسطينية ، شمال محافظة رام الله والبيرة ، منذ عام 2008 تتسع لحوالي 60 ألف مواطن وعائد فلسطيني من اللاجئين . وقد أعدت وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية برام الله ، خطة لإنشاء مدينة الروابي ، التي تتألف من 6 آلاف وحدة سكنية بمساحة تتراوح ما بين 140 – 200 م2 لكل شقة من الشقق في البناء العمودي وشق الطرق الرئيسية والفرعية وبناء المساجد الإسلامية فيها . وذلك لإسكان الأزواج الشابة ، واستيعاب أعدادا غفيرة من أفواج اللاجئين الفلسطينيين المتوقع عودتهم من المنفى لفلسطين . وتبلغ التكاليف الأولية بالمرحلة الأولى ، لبناء مدينة الروابي أكثر من 350 مليون دولار أمريكي .





وتقع مدينة ( الروابي ) بين مدينتي نابلس ورام الله ، وعلى وجه التقريب لا التبعيد ، تبعد 45 كم عن نابلس و20 كم عن رام الله والبيرة .



وكان رئيس شركة مسار بشار المصري ، والرئيس التنفيذي لشركة الديار الاستثمارية للعقار القطرية الشيخ غانم بن سعد ماجد آل سعد ، قد وقعا اتفاقية إسكانية لبناء مدينة الروابي الفلسطينية في محافظة رام الله والبيرة بقيمة 350 مليون دولار أمريكي ، على هامش مؤتمر فلسطين للاستثمار الذي عقد في مدينة بيت لحم عام 2008 .

4 مدن فلسطينية جديدة في قطاع غزة

لم تتمكن الجهات الحكومية الرسمية والشعبية الفلسطينية في قطاع غزة من البدء بتشييد المدن الأربع الجديدة لأسباب ماثلة للعيان ، من أولاها منع الاحتلال الصهيوني دخول مواد البناء من الناعمة والحصمة والاسمنت لقطاع غزة ، منذ الحصار الصهيوني العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2006 حتى الآن بالإضافة للمصاعب المالية والفنية والتقنية . لا بل إن المساكن والبيوت الفلسطينية التي دمرتها قوات الاحتلال الصهيوني الجوية والبرية والبحرية ، ما بين 27 كانون الأول 2008 حتى 18 كانون الثاني 2009 ، لم يتمكن أهلها أو الحكومة الفلسطينية أو الأونروا حتى الآن ، من إعادة تشييدها أو ترميمها ، فأضطر حوالي 35 ألف فلسطيني بعائلاتهم ، صغيرا وكبيرا ، رجالا ونساء ، للعيش في خيم ، أو في المدارس والمؤسسات العامة ، أو عند اقاربهم وذلك رغم تخصيص القمم العربية في الكويت والقاهرة والدوحة حوالي ملياري دولار ، لم يصل منها إلا الشيء القليل القليل بشق الأنفس .
ففي قطاع غزة ، تسعى الحكومة الفلسطينية بغزة إلى إقامة مدن إسكانية جديدة ، لكن الحصار الصهيوني الخانق منذ عام 2005 يحول دون ذلك . ومن المتوقع أن تضم الإسكانات الجماعية الجديدة بقطاع غزة عشرات آلاف الوحدات السكنية فوق أراضي المغتصبات السابقة وهي المستوطنات اليهودية ( المحررات ) من الاحتلال الصهيوني في أيلول 2005 .
وسربت أنباء عن أن هذه المدن ستكون مدن نموذجية عصرية لتحويل المحررات من المستوطنات اليهودية المخلاة لمساكن وبيوت للفلسطينيين الذين إكتتووا بنار الاحتلال العسكري الاستيطاني السرطاني التي كانت تشكل حوالي 37 % من مساحة قطاع غزة البالغة 363 كم2 .

البراق والفردوس والندى وأصداء في قطاع غزة

تم تخصيص حوالي 3 آلاف دونم من وزارة الأشغال العامة والإسكان بالحكومة الفلسطينية بغزة لبناء مشاريع المدن الإسكانية الفلسطينية الجديدة في الأراضي المخلاة من المستوطنات اليهودية لتضم ما يزيد عن 20 ألف وحدة سكنية ، هي : مدينة البراق بمساحة 880 دونم غرب مخيم خان يونس ، والثانية بمساحة مماثلة تقريباً شمال مدينة أصداء ، أما الثالثة فتقع شمال حي الندى بمساحة 600 دونم أما الرابعة فتقع غرب بيت لاهيا وهي حي الفردوس .
وتشير الدراسات الإحصائية الفلسطينية إلى أزمة حادة في المساكن تجاوزت 63 ألف وحدة إسكانية وتضاعف العجز السكني في الوقت الراهن بسبب الحصار والعدوان الصهيوني على قطاع غزة .

مزايا المدن الفلسطينية الجديدة

تستطيع المدن الفلسطينية الوليدة ، التي يخطط لها أن ترى النور فوق التراب الوطني الفلسطيني ، لتكون بؤرة إنعاش اقتصادي شامل ، وتوفير مأوى ملائم لأكثر من مليون ونصف مليون من أبناء الشعب الفلسطيني . ومن أهم هذه المزايا ما يلي :
أولا : الإنعاش والانتعاش لقطاع البناء الفلسطيني ، بتوفير عشرات آلاف فرص العمل في ظل انتشار البطالة في صفوف الفلسطينيين . فإقامة المدن الفلسطينية الجديدة يساعد في توفير فرص العمل للإداريين والعمال العاديين والمهرة من مختلف الحرف والمهن والصنائع ، من المهندسين بمختلف التخصصات الهندسية ، والبنائين والكهربائيين والمواسرجية والنجارين والحدادين والقصارين والطراشين والبلاطين ، وأصحاب وسائل النقل والشاحنات وغيرهم .
ثانيا : الصمود والمرابطة في فلسطين لأهل البلاد الأصليين ، من المسلمين والنصارى ، والحد من الهجرة الفردية والجماعية إلى خارج فلسطين طلبا للرزق الحلال .
ثالثا : توفير المأوى المناسب لأبناء فلسطين ، وفق نظام وفن معماري عصري حديث . خاصة وأن الضفة الغربية وقطاع غزة تحتاج 160 ألف وحدة سكنية حسب البيانات والمعطيات الإحصائية الفلسطينية ، وبالتالي فإن إنشاء هذه المدن يحل ضائقة سكنية متأزمة سنة بعد أخرى .
رابعا : التثبيت الإسكاني الاجتماعي للمواطنين الفلسطينيين وتقريب الإسكان الفلسطيني من بعضه البعض في سلاسل عمرانية متراصة غير متباعدة عن بعضها البعض .
خامسا : حماية الأراضي الفلسطينية من غول الاستيطان الصهيوني وذلك بالتصدي العملي والفعلي للعبث الصهيوني بالأراضي الفلسطينية ، بمصادرتها لإقامة المشاريع الاستيطانية اليهودية عليها دون وجه حق . وقد جرى شراء هذه الأراضي الجبلية من المواطنين الفلسطينيين بطرق عادية من الموجودين في أمريكا أو العراق أو الأردن أو غيرها .
سادسا : استقطاب المواطنين الفلسطينيين من الخارج ، وتشجيعهم على العودة وخاصة الذين خرجوا في طلب العلم والعمل .
سابعا : دعم الشركات والبنوك والمنشآت والمتاجر وأصحاب المحاجر ومناشير الحجر وتشغيلهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة لبناء الوطن .
ثامنا : حل أزمة السكن الفلسطينية ، وتوفير المأوى اللازم لإسكان الأزواج الشابة بقروض ميسرة على أقساط شهرية .
تاسعا : استثمار المناطق الجبلية بإقامة المشاريع الإسكانية الكبيرة للمواطنين الفلسطينيين .
عاشرا : الحفاظ على البيئة الفلسطينية النقية النظيفة الخالية من الشوائب .
حادي عشر : نشر المدن الفلسطينية على أكبر مساحة ممكنة لتوزيع السكان الفلسطينيين جغرافيا بشكل معتدل ومتوازن على البقاع الفلسطينية .

مشكلات تواجه بناء المدن الفلسطينية الجديدة

هناك العديد من المشكلات والمعضلات الكثيرة والكئيبة التي تعترض سبيل بناء المدن الفلسطينية الجديدة ، حديثة الإنشاء ، كأول بلدات أو مدن ذات طراز نموذجي فلسطيني عربي إسلامي وغربي ، تسكنها أسر صغيرة أو متوسطة أو كبيرة ، من أهل فلسطين الأصليين من المسلمين والنصارى ، لا من اليهود الغرباء الوافدين الجدد الطارئين على الديار الفلسطينية . ومن أهم هذه المشكلات والعقبات ما يلي :
أولا : المشكلات العسكرية والسياسية :
1. الاعتراض الحكومي الصهيوني ، المتمثل بوجود الاحتلال الصهيوني ، والاعتراضات والملاحقات والتنغيصات المتواصلة ، وفرض الشروط التعجيزية اليهودية المتطرفة على الشركات التي تدير عملية البناء الإسكانية ، خاصة وأن حواجز الاحتلال الصهيوني تتحكم بمداخل ومخارج المدن والمحافظات الفلسطينية . وكذلك إضطرت السلطة الفلسطينية لتوقيع اتفاقيات بناء مع 20 شركة صهيونية ، شرط عدم استخدام مواد البناء من المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية وهضبة الجولان المحتلتين ، فطالب 48 عضو كنيست من شتى الأحزاب اليمينية الصهيونية هذه الشركات اليهودية باستعمال المواد المنتجة بالمستوطنات اليهودية وإلا لن يسمح لهم بالمشاركة في بناء المدن الفلسطينية .
2. إقتحام المستوطنين اليهود لمشاريع المدن الفلسطينية قيد الإنشاء والتعمير ، مثل إقتحام قطعان المستوطنين اليهود المتطرفين المسلحين بالرشاشات . مثل تنظيم ( حركة شباب من أجل أرض إسرائيل ) العنصرية ، حملة يهودية تتألف من 200 مستوطن ، أتوا بحافلات كبيرة ، لمدينة الروابي وسط الضفة الغربية المحتلة أواخر شهر نيسان 2010 . ومحاولة إقامة بؤرة استيطانية جديدة والعربدة المسلحة في المنطقة وفرض حظر التجول على المواطنين والعمال الفلسطينيين وذلك بحجة أن مدينة الروابي تضعف من الوجود اليهودي في منطقة ( بنيامين اليهودية ) .
3. التخطيط الصهيوني الخبيث لإسكان جزء من اللاجئين الفلسطينيين العائدين من الشتات والمهاجر والمنافي في حال إبرام اتفاقية سياسية ثنائية ( فلسطينية – صهيونية ) أو متعددة الأطراف لعودة اللاجئين للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وليس لمواطنهم الأصلية في فلسطين المحتلة عام 1948 .
ثانيا : المشكلات الاقتصادية : وخاصة توفير التمويل المالي سواء أكان قصير الأجل أو متوسط الأجل أو طويل الأجل . فيبلغ تكاليف تعمير هذه المدن الجديدة واستصلاح الأراضي الجبلية اللازمة للمدينتين بالضفة الغربية المحتلة حوالي 900 مليون دولار أمريكي ، وهي مبالغ مالية باهظة . والحكومة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية مفتوحة لغياب الإيرادات الثابتة للتطوير والبناء العمراني الجديد . وحسب الخطة تبلغ قيمة الشقة السكنية ما بين 40 – 75 ألف دولار أمريكي حسب مساحتها . وهو مبلغ مرتفع لا يتناسب مع مستوى الدخل للفرد أو الأسرة الفلسطينية من الفئات الاجتماعية الفقيرة أو الوسطى ، وسيضطر المواطن للاستدانة من البنوك الإسلامية بربح مرتفع أو الحصول على قروض ربوية من البنوك الربوية بفوائد ربوية عالية حيث سيتم تقسيط ثمن الشقة على مدار سنوات عديدة مما يرهق المواطن الفلسطيني البسيط .
ثالثا : المشكلات الاجتماعية : في مقدمتها ، عدم الرغبة الاجتماعية في شراء الشقق والمساكن الفلسطينية ذات الطوابق والأدوار المتعددة التي يزيد بعضها عن 10 طوابق ، وتفضيل الكثير من الفلسطينيين نظام الفلل التي توفر وجود الحدائق المنزلية المريحة .
رابعا : المشكلات الإدارية : المتمثلة في إدارة إنشاء هذه المدن الفلسطينية ، والتأخر في مواعيد إنجاز مراحل البناء وفق الخطط المرسومة مسبقا . ويقوم على تنفيذ وتطوير وإدارة مشروع مدينة ( الروابي ) كمشروع كبير ضخم شـركة ( بيتي ) العائدة لشركة الديار القطرية وشركة مسار العالمية ، وكان يفترض أن يتم تسليم مدينة الروابي مثلا في نهاية العام المنصرم 2010 ، إلا أن ذلك لم يحدث ، فلم تتمكن الشركة من الإيفاء بالإلتزامات المضروبة ، والمواعيد المتفق عليها مع السلطة الفلسطينية ، لأسباب وعوامل شتى .
خامسا : المشكلات الفنية : وخاصة صعوبة التنفيذ الفعلي المبرمج على أرض الواقع ، رغم أنه تم التوقيع مع حوالي 40 شركة فلسطينية للتنفيذ ، ومن ذلك معضلة توفير مادة الاسمنت من مصنع نيشر الصهيوني في حيفا ، وجلب الرمل من غزة أو السهل الساحلي الذي تسيطر عليه حكومة الكيان الصهيوني منذ عام 1948 أو ارتفاع أسعار الحديد العالمي . فلجأت السلطة الفلسطينية لتوقيع إتفاقية مع حوالي 20 شركة صهيونية لتوريد بعض مواد البناء كالاسمنت والرمل وغيره التي تحتكرها السلطات الصهيونية .
سادسا : تذمر المواطنين الفلسطينين من أصحاب الأراضي المشتراة المستملكة بقرار حكومي فلسطيني ، من تدني اسعار الدونم الواحد أثناء عملية البيع والشراء الإجبارية . مما استدعى الشركة المشرفة إلى دعوة المواطنين للجوء للقضاء المدني الفلسطيني بمواعيده الطويلة في البث بالقضايا والنزاعات .
سابعا : بروز خلافات بين شركة ( بيتي ) ) العائدة لشركة الديار القطرية وشركة مسار العالمية ، وإتحاد المقاولين الفلسطينيين ، بسبب التعاقد مع الشركات الصهيونية والأجنبية لإتمام جزء من المشروع الإسكاني الضخم . ومناداة اتحاد المقاولين بضرورة الاعتماد على الشركات الفلسطينية لإبعاد شبح التدخل الصهيوني المستقبلي بالمدينة الفلسطينية الجديدة ، وإذا لم تتمكن يمكن بعد ذلك اللجوء للشركات الصهيونية والأجنبية .

المدن الفلسطينية الجديدة .. مهمة إسلامية وقومية ووطنية

إن مسألة تجديد البناء الجماعي الفلسطيني العربي الإسلامي الضخم ، لم يحدث منذ فترة طويلة ، كان آخرها إنشاء مدينة الرملة أيام عهد الخلافة الأموية الإسلامية منذ حوالي 1300 عام . وفي المقابل بنى اليهود مئات المستوطنات اليهودية الزراعية والصناعية والسياحية والدينية وغيرها .
وبناء على ما سبق ، يمكننا القول ، إن عملية بناء المدن الفلسطينية الجديدة ، هي مهمة إسلامية وقومية ووطنية في الآن ذاته ، تساهم في مرابطة وصمود أهل فلسطين الأصليين في ديارهم ، بأقل نوع من أنواع العذاب والتعذيب الأجنبي ، وبارقة أمل للمشروع العربي الإسلامي العظيم في فلسطين المباركة . وهذا العمل العمراني هو نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله أولا ، ثم هو شكل من أشكال حماية فلسطين من الإبتلاع الاستيطاني اليهودي الصهيوني الاستعماري الجديد والإمبريالي العالمي الخبيث . فطوبى للعقول التي تخطط وتبرمج وطوبى ومرحى للأيدي والسواعد التي تبني لهذا الشعب الفلسطيني الأبي ولهذه الأمة العربية الإسلامية المجيدة .
ومن نافلة القول ، إن هذه المشاريع الإسكانية الجماعية الكبيرة لمئات آلاف المواطنين الفلسطينيين جديرة كل الجدارة ، بالرعاية الإسلامية والقومية والوطنية والإنسانية ، الضرورية الملائمة من الجهات الحكومية الرسمية والشعبية وأصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، أينما كانوا وحيثما حلوا ، ويفترض في المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار أن يأخذ دوره في هذا المضمار وكذلك ينبغي على البنك الإسلامي للتنمية أن يساهم مساهمات فعلية ، ولتتجه الأموال بكميات ضخمة نحو تقديم الدعم الكلي أو الجزئي للمدن الفلسطينية الجديدة ، لتجديد الدم الدافق في العروق والشرايين الإسكانية الفلسطينية ، التي تتعرض للملاحقة الصهيونية والإمبريالية العالمية .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

إن البناء العمراني ، الأفقي والعمودي ، بالتطاول في البنيان ، رغم أنه من علامات قيام الساعة ( يوم القيامة ) كما جاء بالأحاديث النبوية الشريفة ، إلا أنه يعمل على صمود وتثبيت المواطن العربي الفلسطيني بأغلبيته المسلمة وأقليته النصرانية ، من فئات الأنصار والمهاجرين ، في أرضه ، التي توارثها جيلا بعد جيل ، أمام جحافل الغزاة الطامعين في فلسطين ، الآتين من جميع قارات العالم ، لقهر الأمتين العربية والإسلامية . ولهذا لا بد من تضافر الجهود الجماعية والتعاون الفعال في توطيد البناء الفلسطيني الإسكاني الرسمي والشعبي ، أمام أعتى الهجمات الاستعمارية الجديدة في العالم ، المتمثلة في الاحتلال الاستيطاني اليهودي ومصادرة ونهب وإبتلاع أكبر مساحة ونسبة من أرض فلسطين .
آملين إقامة مبان عمرانية فلسطينية بالمدن الجديدة في الأرض المقدسة ( فلسطين ) أرض الرباط المباركة من رب العالمين لتمكين الأزواج الشابة خاصة والتيسير على أبناء الشعب في العيش الكريم بمبان سكنية صحية مناسبة ، والحصول على شقق سكنية عصرية ملائمة لجميع الأذواق والأمزجة الفلسطينية وفق الفن المعماري العربي الإسلامي الأصيل . والمساهمة في إنعاش الاقتصاد الفلسطيني وتخليصه من التبعية للاقتصاد الصهيوني في الأرض المقدسة .
وندعو ونقول كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .





__________________


ليست هناك تعليقات: