الأحد، 26 ديسمبر 2010

الإستيطان اليهودي في الأرض المقدسة

الإستيطان اليهودي في الأرض المقدسة

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)}( القرآن المجيد - الإسراء ) .
كما جاء في مسند أحمد - (ج 45 / ص 281) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " .


استهلال


الإستيطان الصهيوني اليهودي في فلسطين .. وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا

الاستيطان اليهودي ، وما أدراك ما الاستيطان ؟ إنه تهجير للعرب والمسلمين ، وطرد وهجران ، عبر السنين والحقب والأزمان .. فتبت يدا أبي الاستيطان ؟ تبت يدا الاستيطان .. تبت يدا الاستيطان .. فهذا هو الداء العيان ، المستفحل عبر الأيام والأسابيع والشهور والسنين والعقود بالعصيان .. وأي عصيان يهودي هذا لله رب الجنان .. فالله هو العدل العادل بديع الأكوان .. لا يغفل عن إي هفوة أو زلة لسان .. فهذه المستوطنات الإجرامية قامت بالوحشية وتجهيز الأكفان .. للموتى والمصروعين الفلسطينيين عبر توالي الجيل والجيلين والثلاثة في تاريخ الأزمان .. لقد طغى الاستيطان اليهودي السرطاني في أرض القداسة وأرض الأنبياء الأشراف من بني الإنسان .. فهذا الاستيطان هو الوحش المدعوم من شياطن الإنس والجان .. فتبا للمستوطنين والمستوطنات الذين تركوا أوطانهم ومساقط رؤوسهم وقدموا لممارسة الغثيات والهذيان والطغيان .. فيا أيها القادمون الجدد كفاكم وحشية وهمجية وإدعاء البحث عن الأمن والأمان .. فهلا عدتم إلى دياركم وتركتم هذا الشعب المسلم الغلبان ؟ .. فلن تنفعكم أحزابكم اليهودية والصهيونية المتغطرسة ولا حتى اليسارية إذا قضى الله الأمر فتصبحون في خبر الزمان .. فثوبوا إلى رشدكم وأوقفوا الاستيطان .. وعودوا أدراجكم وتذكروا يوم الحساب العظيم يا معشر القادمين الجدد من شتى الأجناس والأديان .. فمصير الاستيطان الاستعماري السرطاني إلى زوال لأنه هرطقة وزور وبهتان .. ونخال أن الأمر قريب ولا تطال السنين والعقود والأزمان .. فسبحان ربي الله الواحد الأحد الذي لا شريك له بديع السماوات والأرض ، آمر الأكوان .. فلا تزعموا أنكم من أتباع موسى وهارون وداود وسليمان وعيسى من رسل الله وأنبياءه ، لأنكم من العصاة والفجرة الكفرة على مدار الأحيان .. فالأقصى شاهد على إسلامية وعروبة فلسطين ، مهما تحايلتم ودعوتم وأدعيتم من وجود الهيكل الثالث المزعوم في القدس المقدسة في هذا العصر والأوان .. ومصيركم إلى الزوال حيث سيدمر الله لكم هذا الكيان .. بإرادة الله ثم بعمل أهل البلاد الرافضين لكم مهما طالت الأوقات والأزمان .. فتبا للاستيطان تبا للاستيطان ، تبا للاستيطان .

الإستيطان الصهيوني .. وسياسة التهويد بفلسطين

ترتبط سياسة التهويد مع قواعد وأسس الصهيونية المعاصرة ارتباطا وثيقا وعميقا ، للإستيلاء على الأرضي الفلسطينية والعربية ، ما استطاع الكيان الصهيوني العبري ( إسرائيل ) إلى ذلك سبيلا . فالاستيطان والتهويد سياسة واحدة بفرعين ، كوجهي العملة الصهيونية ( الشيكل ) التي تستغل فلسطين : الأرض والشعب . وتهدف الصهيونية إلى تهويد كل شيء في فلسطين ( الأرض المقدسة ) بشتى الطرق والوسائل المتاحة ، مستخدمة التمويل المالي الكبير ، والأساليب القديمة والجديدة في هذا المضمار مستعينة بالجامعات والمؤسسات الثقافية وفي مقدمتها الجامعة العبرية بالقدس المحتلة . وقد لعبت الهستدروت والصندوق القومي اليهودي وغيرها من المؤسسات المالية والعمالية والتعاونية ( الكيبوتسات والموشافات ) ، الرسمية والحزبية والتعاونية دورا كبيرا في الإستيلاء على أرض فلسطين خلال أكثر من 142 عاما امتدت ما بين ( 1868 – 2010 ) . فمن أولى الأولويات الصهيونية العلمانية ، التستر بالدين اليهودي ، بتهويد فلسطين وإطلاق تسمية ( إسرائيل ) عليها علما بأن هذا الكيان هو كيان صهيوني عبري يستخدم الدين أو الأصولية اليهودية وقتما يشاء وحيثما شاء ، ولا دخل لنبي الله يعقوب ( إسرائيل بن اسحاق بن إبراهيم عليهم السلام جميعا ) فيه ، إذ أن يعقوب لم يقم دولة في فلسطين بتاتا بل سافر مع أولاده حسب الوثائق التاريخية والدينية مع 55 من أفراد عائلته إل مصر ليلحقوا بابنهم يوسف عليه السلام .
ومن نافلة القول ، إن المستوطنين اليهود استقدمتهم المنظمة الصهيونية العالمية وكيانها الغاصب فيما بعد ، من 102 دولة ويتحدثون 83 لغة ، أتوا من قارات العالم الست : أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وآسيا وإفريقيا واستراليا . فأنى لهم بالوحدة الدينية والحضارية والثقافية والاقتصادية واللغوية والاجتماعية ، فهم عبارة عن مجتمعات متباينة بعادات وتقاليد متصارعة ، وقوميات عديدة متنافسة ، يجمعها حب الهيمة والاحتلال والاستعمار واستغلال الغير أسوة بما فعل المستوطنون الأوروبيون في أمريكا الشمالية والجنوبية حيث طردوا السكان الأصليين واستعبدوهم . بمعنى أنه لا وجود للدين اليهودي ، وتغيب القومية اليهودية أو الصهيونية عن المجتمع الصهيوني ذو الفسيفساء الاجتماعية والثقافية واللغوية والاثنية والجغرافية والاقتصادية غير المتجانسة . وتقوم السياسة الاستيطانية العنصرية على الفوقية الصهيونية اليهودية والاستهانة بالمواطنين الفلسطينيين الأصليين وفق نظام عنصري شديد التزمت والعصبية المفرطة . وبهذا فقد استعمر واستغل المستوطنون اليهود فلسطين ، في أبشع صورة استيطانية عبر التاريخ في العالم منذ بدء الخليقة حتى الآن . وحاولت الهجرات الاستيطانية الصهيونية المنظمة إقتلاع أهل البلاد الأصليين بطرق ملتوية خبيثة لا تمت للإنسانية بصلة بتاتا ، ونادى المستوطنون رسميا وشعبيا ، بأن ( فلسطين بلا شعب لشعب بلا أرض ) وهي سياسة عنصرية باطلة ، إذ أن شعب فلسطين يقطن في أرض آبائه وأجداده جيلا بعد جيل ، ولا وجود لشعب يهودي كما أشرنا آنفا حسب الأعراف والوثائق والقوانين الدولية في هذا الميدان ، ولكن سياسة التزوير والتزييف العنصري الصهيوني هي الدارجة في العالم الغربي المنحاز إنحيازا تاما للغرباء اليهود الطارئين للتخلص منهم ولعب الدور الاستعماري العصري المطلوب منهم في الوقت الراهن . ويمكن القول ، بكل موضوعية ، إن سياسة التهويد الصهيونية لأرض فلسطين ، طيلة الربعة عشر عقدا من الزمان ، هي سياسة نازية وفاشية ، تنادي بأحادية الجانب القوي المتغطرس ، فكل شيء يجب أن يكون يهوديا صهيونيا حسب النظرية الصهيونية المعاصرة رديفة الاستعمار والامبرالية العالمية العابرة للقارات .
وكذلك يجب التنويه إلى أن شعب فلسطين العربي المسلم ، بقي صابرا ومرابطا فوق ثرى وطنه رغم العذاب والتعذيب الصهيوني المتواصل منذ الاحتلال البريطاني للأرض المقدسة ، فقدم قوافل الشهداء والجرحى والأسرى على مذبح الحرية والاستقلال ، فرغم أنه مثخن بالجراح إلا أن الأمل هو الأمل ، والتطلعات هي التطلعات والأماني هي الأماني ، التي حافظت على ثوابتها الدينية الإسلامية الراسخة .
ففي الوقت الذي تم تهجبر مئات آلاف الفلسطينيين من بلادهم عام 1948 بفعل الإرهاب الصهيوني
حيث قدر عددهم بحوالي مليون مهجر من النازحين واللاجئين ، لا زالت السياسة الصهيونية سادرة في غيها تستجلب وتستقدم مئات آلاف المهاجرين اليهود بسياسة ترغيبية مذهلة بجسور جوية وبرية وبحرية متواصلة . فأضحى نصف شعب فلسطين الأن في عام 2010 بمعنى أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون فلسطين مشردين خارج وطنهم فلسطين ، سواء على شكل نازحين في مدن فلسطينية أخرى ، أو في مخيمات فلسطينية في بعض الدول العربية أو مهاجرين قسريين إلى عشرات الدول في شتى اصقاع المعمورة ، من أصل عدد أبناء الشعب الفلسطيني البالغ عدده في أرض الوطن والشتات 11 مليون نسمة ، يعيش محروما من وطنه ، في قلب وطنه ، ويقطن في المهاجر والشتات جراء عدم سماح الاحتلال الصهيوني لعودة النازحين واللاجئين لمواطنهم الأصلية .

مقومات الاستيطان اليهودي في الأرض المقدسة

يبلغ تعداد المستوطنات اليهودية في فلسطين المحتلة ، في عام 2010 ، منذ إنشاء نواة الاستيطان الأولى في منطقة ملبس أو عيون قارة عام 1868 م ، بإقامة مستوطنة بتاح تكفا ( مفتاح الأمل ) أكثر من 1500 مستوطنة كبيرة ومتوسطة وصغيرة الحجم في جميع أرجاء فلسطسن المحتلة ، من الجليل شمالا والمثلث والضفة الغربية وسطا وصحرا النقب جنوبا والسهل الساحل غربا والأغوار الفلسطينية شرقا وأكبر هذه المستوطات السرطانية مستوطنة تل ابيب ( تل الربيع ) الكبرى التي تضم أكثر من مليوني يهودي من أصل 5.6 مليون يهودي يحتلون فلسطين الكبرى ، من مجموع 15.5 مليون يهود في شتى قارات العالم . وتبلغ مساحة فلسطين التاريخية الطبيعية ، أكثر من 27 ألف كم2 ، تسيطر قوات الاحتلال الصهيوني على السواد الأعظم من هذه المساحة بالاحتلالين الأول عام 1948 والاحتلال الثاني عام 1967 .
وتعتبر سياسة الاستيطان اليهودية العرقية العنصرية ، سياسة خفية وعلنية في الآن ذاته ، وهدفها مصادرة وإبتلاع أكبر قدر ممكن من أرض فلسطين واستمرار احتلالها بشتى الطرق الخبيثة بالترغيب تارة أو بالترهيب تارة أخرى أو بالاثنتين معا ، وحرمان الشعب المسلم العربي في فلسطين من أرضه وأرض آبائه وأجداده .
وما هذه المفاوضات الثنائية أو المتعددة الأطراف ، المباشرة وغير المباشرة إلا لذر الرماد في العيون وديمومة الاحتفاظ بالأرض الإسلامية العربية في ارض الأنبياء والمرسلين ولن تنطلي هذه الأحابيل المزيفة والزائفة على أهل البلاد الأصليين .
على العموم ، يتركز الاستيطان الصهيوني اليهودي في فلسطين الأرض المقدسة على العديد من الركائز التالية :
أولا : الركيزة العسكرية : عبر بناء الجيش الصهيوني ، من التجنيد الإجباري والاحتياطي للذكور والإناث ، البالغ عدده حوالي نصف مليون يهودي ، وذلك لحماية التجمعات الاستيطانية الصهيونية . فتنتشر المعسكرات الصهيونية في شتى أرجاء فلسطين ، والحواجز العسكرية المرادفة لها لقمع وتعذيب الفلسطينيين وإذلالهم وإهانتهم .
ثانيا : الركيزة الاقتصادية : وهي بناء الاقتصاد الصهيوني العبري المتنامي بالدعم الغربي الأمريكي والأوروبي من إمبراطوريات الاستعمار القديم والحديث والمعاصر ومن لف لفهم .
ثالثا : الركيزة الدينية : وهي عملية الاستناد لنصوص توراتية وتلمودية مزيفة بائدة ، ذابت وأندثرت بفعل التاريخ وتغير وتبدل الرسالات السماوية ، ومجئ الرسالة الإسلامية العظيمة خاتمة هذه الرسالات السماوية الحقة . وهناك محاولات صهيونية للهيمنة على المسجد الأقصى المبارك ،
وبناء الهيكل اليهودي المزعوم مكانه ، حيث يطوقه حوالي 70 كنيسا يهوديا في المدينة المقدسة ( القدس الشريف ) ، كما هيمنوا على الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة ، وتم الاستيلاء على مئات المساجد الإسلامية والمواقع الأثرية الدينية العربية الإسلامية وتحويل جزء منها لمعابد يهودية ومواخير ومزارع أبقار وأغنام وملاه ليليه ومتاحف وسواها .
رابعا : الركيزة الاستراتيجية الجغرافية : فنلاحظ أن المنظمة الصهيونية والكيان العبري في فلسطين المحتلة ، يتبعون سياسة الهيمنة على جميع المناطق الفلسطينية الجبلية والسهلية والصحراوية ، لضمان الأمن والأمان والعمق الاستراتيجي الجغرافي المزعوم لليهود القادمين من شتى أنحاء العالم لاستغلال واحتلال فلسطين وجعلها منطقة شرطية أو بوليسية عالمية . فنراهم يجاهرون بتقمص وتزييف الأسماء العربية الإسلامية وتحويلها لأسماء عبرية مستحدثة للإيحاء بأن لهم الحق التاريخي والديني فيها بالعربدة من قطعان المستوطين وحماتهم الأشرار من الجنود المجندين من بني صهيون ومن الأغيار البائسين .

استعمال المستوطنات اليهودية

يستخدم المستوطنون اليهود ، مستوطناتهم المقامة على الأراضي الفلسطينيية ، بين البحرين الميت شرقا والبحر الأبيض المتوسط غربا ، كبيرها وصغيرها ، للعديد من الأهداف والغايات ، من أهمها :
أولا : الإسكان العام والخاص : عبر بناء الوحدات الاستيطانية اليهودية الثابتة أو المتنقلة أو كليهما وذلك حسب الحاجة ، بإقامة الوحدات السكنية للأفراد والجماعات الفردية والجماعية الحزبية والرسمية . لإيواء ما يسمى بالقادمين الجدد ل ( أرض الميعاد ) من شتى الأصول والمنابت والأعراق والأجناس في العالم .
ثانيا : الإنتاج الاقتصادي : بمختلف أشكال وأنواع الأنشطة الاقتصادية : الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية والسياحية .
ثالثا : المواقع العسكرية : عبر إنشاء البؤر والمواقع العسكرية ، كتخزين السلاح الثقيل والخفيف ، فالمئات من الدبابات والمجنزرات والطائرات الحربية مخزنة تحت الأرض في هذه المستوطنات السرطانية الاستعمارية .
رابعا : الترويج السياحي : خاصة أن المئات من المستوطنات اليهودية الصهيونية مقامة بالقرب من مناطق أثرية وتاريخية إسلامية عربية فلسطينية ، وكذلك صودر بقربها عشرات أو مئات الدونمات ذات الأشجار المثمرة أو الحرجية كمناطق سياحية ذات غابات كثيفة ، وبالتالي تصبح هذه المستعمرات اليهودية مراكز جذب سياحي تاريخي للزوار من السياح الأجانب .
خامسا : الجامعات والمراكز العلمية : فالكثير من الجامعات والمؤسسات التعليمية مقامة في أحضان هذه المستوطنات اليهودية .
سادسا : مراكز للسجون والمعتقلات اليهودية لتعذيب المعتقلين والأسرى الفلسطينيين ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، حيث بنت قوات الاحتلال الصهيوني العديد من المعسكرات الاعتقالية الصهيونية في قلب المستعمرات اليهودية أو بالقرب منها .
سابعا : الإدارة العسكرية والمدنية العامة : لإدارة شؤون الأراضي الفلسطينية المحتلة ، أرضا وسكانا .
ثامنا : المطارات والمرافئ وتجمعات النقل والمواصلات لأتباع اليهودية ، من الصهاينة الذين يأتون من كل فج عميق في العالم ليشهدوا منافع استيطانية استعمارية اقتصادية وعسكرية متعددة الوجوه والأشكال والمنطلقات والدوافع .

مكافحة المستوطنات السرطانية

على أي حال ، إن المستعمرات السرطانية اليهودية في فلسطين المحتلة ، من بحرها لبحرها ، ما هي إلا محميات دينية عسكرية اقتصادية يهودية جديدة ، تبنى بعربدة القوة والغطرسة والجبروت ، تعمل على تدمير التواصل الاجتماعي والاقتصادي الفلسطيني في أرض الآباء والأجداد الفلسطينيين . فأصبح الشعب الفلسطيني ، هو الشعب العالمي الأول المستضعف في الأرض ، بسبب تكالب الاستعمار وقوى الاستكبار العالمية عليه ، الآتية من كل حدب وصوب ، دون وجه حق ، فالحق للقوة في ظل غياب ميزان القوى العادل في العالم . فيا أهل فلسطين إن هذه المستوطنات اليهودية في أرضكم ، ارض الاباء والأجداد ، بلاء وإبتلاء رباني ، ليمحص الذين أمنوا وجاهدوا ويتخذ منكم شهداء ، ويمحق الكافرين بعد تجميعهم في جغرافية قريبة ومكان جماعي صغير .
يقول الله الواحد القهار جل جلاله : { وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) }( القرآن المجيد – الأنفال ) .
ويقول الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال عز وجل : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)}( القرآن المجيد – التوبة ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 14 / ص 140) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ " .
وبهذا فإن مقارعة المستوطنات اليهودية ، عبر المسيرة التاريخية لاحتلال أرض فلسطين المقدسة ، منذ عام 1917 ، إبان الاحتلال البريطاني مرورا بالاحتلال اليهودي الصهيوني ، إتخذت عدة أشكال عسكرية واقتصادية وسياسية واجتماعية ، استطاع فيها الشعب المسلم العربي في فلسطين من الصمود أمام أعتى الهجمات الإمبريالية العالمية ، المستندة إلى الخبث والخبائث والمكر الأمريكي والبريطاني والأوروبي والصهيوني عموما منذ اكثر من تسعة عقود من الزمن امتدت على مدار القرن العشرين الفائت والقرن الحادي والعشرين الجاري .
فالشعب المسلم العربي في فلسطين شعب حي ، يرفض الظلم ويأبى إلا أن يدافع الدفاع الشرعي عن نفسه بشتى الطرق والأساليب الواقعية المتاحة كلما سنحت له الفرصة بموجات مقاومة متبانية ومتبدلة عبر التاريخ المعاصر ، ومن أبرز وسائل الحرب الشاملة المفتوحة ضد الاستيطان العبري الصهيوني ، الأشكال والألوان الآتية :
أولا : الجهاد المسلح : عبر الضربات العسكرية للتجمعات الاستيطانية العسكرية والبشرية والمنشآت الاقتصادية ، والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، منها : الثورات والانتفاضات الفلسطينية المتتالية .
ثالثا : المقاطعة الاقتصادية : من خلال مقاطعة الانتاج الاقتصادي الصهيوني بدرجات متفاوتة حسب مقتضيات الضرورة الواقعية . مثل مقاطعة العمل العبري الصهيوني ، ورفض شراء البضائع الصهيونية .
ثالثا : الانتفاضات الشعبية : بمشاركة جماهيرية كبيرة ، وفق سياسة العصيان المدني لإدارة الكيان الصهيوني العسكرية والسياسية .
رابعا : الاحتجاجات والمذكرات والمراسلات السياسية والدبلوماسية للدول والمنظمات الإقليمية والعالمية .

المستوطنات اليهودية في أرض الميعاد المزعومة ..

عمدت المنظمة الصهيونية منذ مؤسسها الأول تيودور هرتزل ، إلى تحديد العديد من المناطق لإقامة دولة يهودية عالمية عليها ، فتتابعت هذه المناطق من الأرجنتين إلى فلسطين إلى أوغندا وكينيا وشبة جزيرة سيناء وقبرص والعراق وليبيا والبحرين وسواها . وكذلك فإن الترويج الإعلامي والديني لما يسمى ب ( إسرائيل الكبرى – من نهر الفرات بالعراق إلى نهر النيل بمصر ) قديما وحاضرا ومستقبلا ، هو عبارة عن هجوم اجتماعي وثقافي وإعلامي وسياسي وفكري إرهابي انتحاري ثلاثي النشأة والتكوين : صليبي صهيوني وثني ، على مواطن اليهود الحالية والسابقة مثلما هو إعتداء سافر وسافل على الأرض المقدسة . وهذا دليل واقعي وتاريخي وديني قومي على أن فلسطين ليست ارض ميعاد مزعومة لبني صهيون القدماء والجدد .
وفي ظل هذا الغثيان والطغيان الصهيوني العالمي ، وتخصيص مئات ملايين الدولارات سنويا لتمدد الاستيطان الوحشي ، المعتدي على ارض فلسطين المباركة الطيبة ، تزعم الصهيونية بلا وجه حق وبغياب المستندات القانونية والدينية والثقافية التاريخية والحالية ، بأن فلسطين ( أرض الميعاد ) ، زورا وبهتانا ، التي وعد بها الله موسى عليه السلام ، قوم بني إسرائيل . فيهود فلسطين المحتلة ليسوا هم بنى إسرائيل أصلا ، وإنما اتخذوا هذا الاسم ( إسرائيل ) للدلالة الدينية كهرطقة وزورا وبهتانا وتعديا على التاريخ الإنساني والجغرافي والحضاري العربي والإسلامي والعالمي ، إذ أن بني إسرائيل القدماء عفا عليهم الزمن ، انقرضوا وتبدلت عشرات الأجيال فيما بعدهم . وإنما هذه الإدعاءات اليهودية – الصهيونية هي إدعات وتبريرات استعمارية باطلة بطلانا مطلقا ، ولا وجود لها على أرض الواقع ، وإنما تستند فعليا للهوس الخيالي والأساطير الضارة والضالة ، من المغضوب عليه من رب العالمين ومن الضالين ، لقوة الغطرسة والوحشية والهمجية التي يتم فيها تفريغ أرض فلسطين من أهلها واصحابها الأصليين ، من المسلمين والنصارى ، وفق سياسة صهيونية واضحة ( التفريغ والملء ) تفريغ الفلسطينيين وتشريدهم وطردهم بقوة السلاح لإحلال بدائل يهودية – صهيونية استنعمارية بدلا عنهم .
فتعالوا بنا ننظر إلى لعن أنبياء الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل ، يقول الله الجبار القهار جل جلاله : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) }( القرآن المجيد – المائدة ) .

أيها الفلسطينيون النشامى .. وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ

لا تغضبوا لوجود الاستيطان الصهيوني في دياركم ، فقد أزفت الآزفة ، فهي علامة من علامات الإندحار والهزيمة النكراء لبني صهيون في العالمين ، وستغلبونهم وتنتصرون عليهم بقوة إلهية ، ولو أعجبتهم قدرتهم وطبولهم ومزاميرهم وأسلحتهم الشيطانية ، فسوف يلقون غيا ، فاصبروا ورابطوا في أرضكم المقدسة ، ودافعوا عنها بأيديكم وألسنتكم وقلوبكم ، واظافركم وأسنانكم وأرجلكم وما أوتيتم من قوة ، فالنصر حليف المؤمنين . وليسال المستوطنون اليهود أنفسهم اين ذهبت المملكة اللاتينية في أورشليم ؟ إنها ذهبت إلى الجحيم ، وكذلك هم سيذهبون إلى غير رجعة . فلا تياسوا ولا تقنطوا من رحمة الله ، ولا تستسلموا ، بل قفوا صامدين للمواجهة التي فرضت عليكم من الجهات الأربع ، فأنتم على الحق وهم على الباطل ، وسيزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا .
يقول الله الحنان المنان ذو الجلال والإكرام تبارك وتعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}( القرآن المجيد – الصف ) .

يوم الحشر الأخير .. النصر حليف أصحاب الحق والهزيمة نصيب الغرباء الطارئين

تعتلي المستوطنات السرطانية اليهودية المتغولة كالغول الذي يلاحق الآدميين ، فوق المرتفعات والهضاب والجبال في غالبيتها ، لبسط سيطرتها الغوغائية على السكان الأصليين ، من أبناء فلسطين البررة الصامدين المرابطين فوق ثرى التراب الطهور المقدس ، رغما عن سفالات ووحشية المستوطنين البائسين اليهود المتسلحين بالظلم والقهر والجبروت البعيدين عن العدل والإنسانية كل البعد . وتمارس هذه المستوطنات بساكنيها الجدد الطارئين ، ساديتها ووحشيتها المتصاعدة يوما بعد يوم ، فتهيمن على ينابيع المياه الفلسطينية ، السطحية والجوفية ، وتقيم منشآتها ومصانعها المتعددة الغايات والأهداف ، فتصادر أراضي المواطنين الفلسطينيين ، وتمنعهم من حراثة أرضهم وجني ثمار مزارعم وبساتينهم وأشجارهم المثمرة ، وترسل لهم مياه المجاري ذات الرائحة الكريهة النتنة كنتن ( الزهرة الصهيونية ) فترهقهم إرهاقا فوق إرهاقهم وأحيانا تقتل مواشيهم وتجرف محاصليهم وتسرقها جهارا عيانا بلا محاسبة أو حساب آجل بانتظار الحساب الآجل الآتي لا ريب فيه ولو طال الحين من الدهر .

يقول الله ذو الجلال والإكرام ، ناصر عباده المستضعفين في الأرض : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المبين – الصافات ) .
فالنصر والفتح المبين لأهل فلسطين الميامين ، من أبناء الطائفة المنصورة من المسلمين ، والهزيمة الماحقة والبطلان الأثيم والخسران المبين للمستعمرين والمحتلين الجدد لأرض فلسطين المقدسة ، فالأرض لا تقدس أصحابها ، وأنما تتقدس أعمال الساكنين بالتقوى والإيمان بالله العلي العظيم جل شأنه . وكما جاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 373) عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ تَعَالَ صَلِّ لَنَا فَيَقُولُ لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ " .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

إن صاحب الحق باعه طويل ، وصبره جميل ، وجهاده أصيل ، ونصره قادم لا محالة ولو تعددت المكائد والخطط الجهنمية والأحابيل . والشعب المسلم في فلسطين ، صاحب الحق الأصيل ، تمترس وراء راية الحق ، وسينال حريته واستقلاله السياسي الأكيد بلا تهويل . فإرادة الشعب المسلم من إرادة الله ولو طال ، ولن تعود مسيرة قابيل وهابيل ، فهي حادثة قد انتهت ، وسينصر الله جنده بعد طول صبر وعبادة وإيمان وسيرحل الدخيل ، ولو تعالت الأغاني الهابطة والأهازيج بالتطبيل ، فالمطر الآتي سيطهر الأرض المقدسة من من كل دجال وأفاك اثيم ومنافق وفاسق وكافر وفاجر ودخيل . فأصحاب الحق منتصرون لا محالة ولو كثرت الأباطيل ، وهذه بشرى ربانية لأهل الرسالة الإسلامية من مزاج الزنجبيل وعين السلسبيل .

وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد - نوح ) .

كما ندعو ونقول كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
ويا شعبي المسلم العربي الفلسطيني العظيم ، في الأرض المقدسة ، ومعك جميع أبناء الأمتين العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم ، من الأصفياء الأتقياء الأولياء النجباء ، ردد وقل كما جاء بصحيح مسلم - (ج 14 / ص 293) : اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ، اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________________


ليست هناك تعليقات: