الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

ملهاة ويكي ليكس الإعلامية .. وتسريب الملفات السرية الأمريكية

ملهاة ويكي ليكس الإعلامية ..
وتسريب الملفات السرية الأمريكية

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) }( القرآن المجيد – آل عمران ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 167) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " .

استهلال

أحدثت الملهاة الإعلامية الدولية الجديدة أو المؤتمر الصحافي العالمي المفتوح ، أو الهزة الفضائية الإعلامية السياسية التي نشرت وستنشر مئات آلاف الوثائق من أصل حوالي ثلاثة ملايين وثيقة سرية ، من بنك المعلومات الاستخباراتية الأمريكية ، على مراحل متدرجة ومتدحرجة ، إضافة لنشر حوالي مليون وثيقة أخرى سابقة ، أحدثت زلزالا مدويا متتابعا من الأفعال وردود الأفعال على المستويات المحلية والإقليمية والقارية والعالمية ، فساد الجدل والجدل المضاد ، وفق صراع الأضداد ، ولكنه هذه المرة ليس من كارل ماركس المندثر ، أو من وساوس الشيطان إبليس الرجيم الخفية ، بل هي من الزفات الإعلامية الرخيصة ، من الأسترالي الجنسية ( جوليان أسانغ ) مؤسس ومدير الموقع الإلكتروني ( ويكي ليكس ) الخطير البشير والنذير الشهير ذو الشحنات الكهربائية النفسية الإعلامية والإعلانية بحرب نفسية جديدة على العالم بوثائق أمريكية ، بخطى واثقة من الدعم الخفي ، المادي والمعنوي ، بدعاوى أنها تسريبات سرية لملفات وتبادلات سياسية ودبلوماسية قادتها الولايات المتحدة عبر وزارة الخارجية والشؤون الدبلوماسية العالمية العابرة للقارات .



وقد جاءت عملية نشر هذه الوثائق عبر الأثير الإلكتروني المفتوح ، غير القابل للرقابة أو الحذف أو الهجوم الإلكتروني المعادي بنجاح ، بضوء أمريكي صهيوني أخضر مفضوح غير ممسوح ، رغم محاولات من يدعي نفسه أنه قرصان من القراصنة الإلكترونيين ( الهكرز ) لإيقاف وتعطيل ( موقع ويكي ليكس ) الذي يفيض ويسيل زبدا وهباء منثورا ، لتسليط الأضواء مباشرة على هذا الهذيان الإعلامي الأمريكي – الصهيوني الذي نفث سمومه المنفلت من عقاله ، من ملفات الخارجية الأمريكية العصرية أو المعاصرة .

من المستفيد الحقيقي ؟ ومن وراء التسريبات الإعلامية ؟

لقد صنفت هذه الملفات الجاسوسية السرية الأمريكية المنشورة ، العديد من رؤساء وقادة العالم ، بأصناف وأوصاف متباينة ومتعددة بذيئة وقميئة ، ونقلت عنهم أقوالا سيئة أو حسنة ، وهناك العديد من الجهات المستفيدة من هذه التسريبات ( السرية ) عبر الأثير الفضائي العالمي في الهواء الطلق ، بإخراج مسرحي خبيث ، للوثائق الأمريكية ، التي تنضح بدس السم داخل الدسم ، وإختلاق الأقاويل وبث الشقاق والنفاق بين ثنايا الشعوب والأمم ، وإفتعال الفتن بين قيادات دول العالم وشعوبها وأممها ، وتحريك الحروب الإعلامية والنفسية ، وتوتير الأجواء السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والإعلامية ، عبر السياسة الثنائية التسويقية ( الترغيب والترهيب ) أو ما يسمى ( الجزرة والعصا ) و السياسة التفريقية ( فرق تسد ) .
وتضم الوثائق المسربة مراسلات وبرقيات ورسائل أمريكية مع روسيا وبريطانيا وكندا والكيان الصهيوني ، وأستراليا ، وتركيا ودولا عربية وعمليات جيش الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان وغيرها .
ومن السخرية الأمريكية بالعالم أن الإدارة الأمريكية ، وصفت التسريبات للرسائل والبرقيات السرية عبر موقع ويكي ليكس بأنها خطيرة وتلحق الأذى بأناس معينين ، وتهدد الأمن القومي الأمريكي ، وتعد انتهاكا للقانون الأمريكي ، علما بأن هذه الوثائق تهدد الأمن الدولي والوفاق الدولي ، وتبذر بذور الفساد والشر في العالم .
وبرأينا ، فإن هذه التسريبات الغوغائية الهمجية ، من برقيات الدبلوماسية الأمريكية ، هي كالهيجان والثوران الإعلامي المفاجئ ، تسبب للبعض الخسائر الجسيمة ، كما تعود بالفوائد العميمة على الجهات التالية :
أولا : الولايات المتحدة هي المستفيد الأول من هذه التسريبات الإعلامية ، سواء التسريبات الوثائقية الأخيرة أم ما قبلها بخصوص العراق وأفغانستان ، وإيران والعالم أجمع . ويعتبر الحزب الديموقراطي هو المستفيد الأول من الجانب الأمريكي ، رغم المداعبات الإعلامية التي تدين وتستنكر وتشجب وتنفي وتنتقد هذه الأساطير الأمريكية الرسمية الجديدة ، كونه نشر الغسيل الوسخ والفضائح السياسية من خلف الكواليس ضد الحزب الجمهوري غريمه في الانتخابات الأخيرة ، وتراجع نفوذ الحزب الديموقراطي الحاكم . وكذلك يعتبر الحزب الجمهوري المعارض ، خارج مقاليد الحكم في أمريكا الآن ، هو المستفيد الثاني من هذه التسريبات كونه يستطيع الزعم الداخلي للجماهير الأمريكية أن الحزب الديموقراطي غير آمن وأمين على العلاقات الخارجية الأمريكية مع دول العالم والحلفاء والأصدقاء عبر القارات . بمعنى أن كلا الحزبين يستفيدون من هذه الأساطير والبساطير الأمريكية الخبيثة الموجهة للعالم . وعلى المدى البعيد فإن الولايات المتحدة هي المستفيدة أولا وآخر ، كونها توحي للجميع هاكم ، نحن نتحكم في العالم ، ونبرمج العالم كما نشاء ، ومن يجرؤ على مخالفتنا ولو مخالفة بسيطة فإننا سنفضح أسراره على الملأ ، في الوقت الذي نحدده ونريده .
ثانيا : الكيان الصهيوني : فنلاحظ أن التسريبات التي كشفها موقع ويكي ليكس ، حتى الآن لم يتطرق فيها للكيان الصهيوني لا من قريب أو بعيد ، سوى ببعض اللمم ، من هنا وهناك . وبذلك فإن اللوبي الصهيوني بالولايات المتحدة والماسونية العالمية والصهيونية هي من توزع الأدوار بينها ، بغية حرف الأنظار عن السياسات الصهيونية العنصرية الوحشية في فلسطين .
ثالثا : الشهرة الإعلامية للموقع الإلكتروني ( ويلكي ليكس ) : فأضحى العالم سكارى وما هم بسكارى يتيهون بالتيه الإعلامي الجديد ، ولكن عذاب الله شديد ، وهذه بشائر من العذاب الإعلامي والوساوس النفسية والعصبية . والجميع يتساءل عن هذا النبأ الإعلامي العظيم الذي فجرته التقنية الإلكترونية المخيفة .
رابعا : كل شياطين الإنس في جميع أنحاء العالم ، لبث الرعب الإعلامي عن بعد ، فجاء هذه الطرح الإعلامي الشامل المتكامل المبرمج برمجة إلكترونية متقنة بإخراج إعلامي دقيق ، كالقنبلة الإعلامية النووية أو أشد حدة على البعض ، ولكن البعض الآخر لم يلقي لهذه الفقاعات الإعلامية بالا ، وكأنها تمر مر السحاب في الصيف بلا مطر يفيد أو يغرق من تحته .

خامسا : كشف الكثير من الحقائق الغائبة عن الشعوب والأمم المغلوبة على أمرها ، وزيادة الإحباط واليأس ، جراء دوران قياداتها في الفلك الإجرامي الأمريكي .





من المتضرر من هذه التسريبات الإعلامية ؟

لقد تضرر زعماء وقادة الشعوب ، في معظم أنحاء العالم ، من هذه التسريبات الموصوفة بالسرية ، كونها كشفت بعض أسرارهم جهارا نهارا ، في 28 تشرين الثاني 2010 ، فالولايات المتحدة والكيان الصهيوني يحبان هذا الموعد كونه يلاصق لعيد الشكر الأمريكي ، ويقارب قرار تقسيم فلسطين الظالم ، الذي أعطى بموجبه 56.5 % من مساحة فلسطين التاريخية لصالح إنشاء دولة يهودية ، وأبقى 43.5 % لصالح إنشاء دولة عربية في فلسطين ، من أصل 27 أل كم2 لم تقم حتى الآن . فهل تذكرون أو تتذكرون الذكرى الثالثة والستين لقرار تقسيم فلسطين الظالم في 29 / 11 / 1947 – 2010 .
على أي حال ، تضررت جميع أنحاء الكرة الأرضية ، من هذه التسريبات الإعلامية الوثائقية ، التي أضحت في متناول الجميع ، من سياسيين واقتصاديين وإعلاميين ، خاصة وأنها منشورة عبر الانترنت ، وأصبحت الشغل الشاغل ، للعالم أجمع من أقصاه على أقصاه في قارات أمريكا وآسيا وأوروبا واستراليا وغيرها ما بين مؤيد ومعارض وغير مكترث .
ترى من ضرب من ؟ هل ضرب الحزب الديموقراطي غريمه الجمهوري أم العكس ؟ وهل أرادت الإدارة الأمريكية توثيق وثائقها السرية عبر الانترنت ليراها جميع العالم ؟ وما هو دور اللوبي الصهيوني الأمريكي في هذا الأمر ؟ وما هو الدور الماسوني الذي يخترق العالم بهذا المغنم ؟ وهل هذه الحرب الإعلامية الجديدة هي حرب ضروس مع أعداء أم مع أصدقاء الولايات المتحدة ؟ الأيام القادمة ستظهر الحقيقة ساطعة كسطوع الشمس في فصل الصيف .



الأسترالي ( جوليان أسانج ) مؤسس ومدير موقع ويكي ليكس

ولعل ناشر هذه الفضائح الأمريكية ، سيكون كبش الفداء بعد فترة
وجيزة ، بعد أن تكون قد إنتهت مهمته أو كادت ، بدعاوى أنه رجل العالم 2010 . وقد لوحظت ملاحقاته القضائية في السويد بدعاوى الاغتصاب والإعتداء الجنسي ، وأنه يختبئ في أماكن سرية . وأصدرت الشرطة الدولية ( الانتربول ) من مقرها في ليون الفرنسية مذكرة توقيف دولية ( مذكرة حمراء ) ضد الأسترالي ( جوليان أسانج ) مؤسس ومدير الموقع الإلكتروني ويكي ليكس على الانترنت ، في 30 تشرين الثاني 2010 . وفي سابقة جديدة عرضت عليه إحدى دول أمريكا اللاتينية أن يقيم لديها ويكشف ما يشاء ، وقتما يشاء ، ولم تعلم هذه الدولة أن من يسرب هذه الوثائق هم ضباط من المخابرات الأمريكية وكبار مسئولي وزارة الأمريكية أنفسهم من ذوي الباع الطويل بستار خفي منمق ، لا ينطلي على أولي الألباب وأولي النهى ، في الاستعراض الإعلامي والحرب النفسية والدعاية المغرضة التي تشن على العالم أجمع .



أهداف وغايات تسريب الوثائق السرية الأمريكية

هناك العديد من الأهداف والغايات الجهنمية ، التي هدف منها الذين سربوا ونشروا هذه الفضائح الأمريكية – العالمية المشتركة ، على الملأ ، سواء بأياد خفية أو علنية واتخاذ ويكي ليكس ستارا وغطاء مبهرا ، في رابعة النهار ، من أهمها :
أولا : تعزيز الشعور الشعبي والرسمي العالمي ، بأن الأيدي والعقول الأمريكية قادرة على إحداث المفاجئات بين الحين والآخر . وأن أمريكا هي صاحبة الكلمة الطولى والباع الطويل في إحداث تفجيرات إعلامية مزلزلة دون أن يغمض لها جفن ، أو تهتز لها خاصرة أو مؤخرة . فالرقص الأمريكي على الحبال ، حبال السيرك الإعلامي الإقليمي والعالمي ، ألقى بظلاله النتنة الكئيبة على الكثير من قيادات وزعماء العالم . فبرزت ثلاثة ملايين وثيقة أمريكية متتابعة ظهرت منها دفعات 400 ألف وثيقة ثم 80 ألف وثيقة ، في صيف 2010 ثم ربع مليون وثيقة في خريف 2010 ، سربت منذ 1966 – 2010 م ، من 274 سفارة أمريكية حول العالم .
ثانيا : شن الحملات الدعائية والحرب النفسية ضد الحلفاء والأصدقاء على السواء ، بدعاوى الديموقراطية ، وأشغال العالم ببعضه البعض ، عبر بث وزرع الفتن ما ظهر منها وما بطن .
ثالثا : الإيحاء المبطن والمباشر بأن الكيان الصهيوني ، غير مشمول بالهرطقات والسخافات والخزعبلات الإعلامية البهلوانية الشيطانية التي طالت الجميع بلا استثناء سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
رابعا : صرف أنظار العالم عن مواضيع فشلت في فرضها الولايات المتحدة ، مثل أزمة المفاعلات النووية الكورية الشمالية والإيرانية . فالعقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران وكوريا الشمالية من المحور الذي أدعته الإدارة الأمريكية بأنه ( محور الشر ) لم تؤت أكلها حتى الآن . وبالتالي جاءت الرغبة في تفريغ وتنفيس التراكمات والاحتقان الأمريكي والغربي حيال هذه المسائل .
خامسا : الصراع الداخلي الأمريكي بين المتنفذين بالحزب الديموقراطي الأمريكية نفس ، فبالرجوع للوراء قبل حوالي السنتين ، عندما برزت الخلافات وتأزمت بين الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما ، ووزيرة الخارجية الأمريكية الحالية هيلاري كلينتون ، حينما تنافسا وتطاحنا على زعامة الحزب الديموقراطي فيبدو أن الأمر قد تجدد بطريقة مختلفة . وكذلك الصراع الثنائي بين الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة الخصمين اللدودين : الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري التي يتربص الدوائر بخصمه وغريمه الديمقراطي بزعامة الرجل الأسود الحاكم صوريا في الولايات المتحدة منذ 20 كانون الثاني 2009 . فنرى مثلا ، أن الرئيس الأمريكي السابق من قيادات الحزب الجمهوري جورج بوش الصغير يصف هذه التسريبات الإعلامية بالمدمرة .
سادسا : التحذير والنذير الأمريكي – الصهيوني للجميع ، إنصاعوا لتعاليمنا ( العم سام في واشنطن والكيان الصهيوني المحتار في تل أبيب ) وإلا سنهيل وندمر العالم عليكم وعلى رؤوسكم وفق المبدأ الانتحاري الشمشوني اليهودي ( علي وعلى أعدائي ) ، ولكن هذه المرة كان ( عليكم كلكم باستثنائي ) .
سابعا : التقليل من حجم الخسائر البشرية في الحروب التي خاضتها وتخوضها قوات الاحتلال الأمريكي الشرسة في العالم ، كالعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها ، ومواصلة تجميل الوجه الأمريكي الاستعماري البشع في الكرة الأرضية .
ثامنا : إلهاء وإشغال العالم لفترة طويلة من الوقت في متابعة هذه الملهاة الإعلامية الأمريكية لتبقى حية في النفوس . وربما تمتد هذه الفترة لشهور أو سنة أو أكثر وبالتالي ربط العالم بالمصادر الإعلامية ( بنك المعلومات الإخبارية الأمريكية الجديد ) بدعاوى السرية ، والأخذ من المعين الإعلامي الأمريكي النتن ذو الرائحة الكريهة الموجه بطريقة مباشرة وغير مباشرة لجميع أنحاء العالم .
تاسعا : تعتبر هذه الضربة هي الضربة الإعلامية الاستباقية قبل الانهيار الأمريكي الاقتصادي والعسكري المتواصل في أنحاء متعددة من العالم .
عاشرا : التنويه والتذكير بوجود القوة الخفية في العالم التي تستطيع هز العالم هزات إعلامية وسياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية ورجه رجات قوية وكبيرة لفترات طويلة متلاحقة .

التوقيت لنشر الفضائح السرية

على العموم ، إن توقيت نشر هذه التسريبات الوثائقية السرية الأمريكية ، قبل مرور 25 عاما عليها ، كما هو متعارف في الأعراف والتقاليد الدولية ، يأتي لإنقاذ الولايات المتحدة من مسؤولية الأزمة الاقتصادية المستفحلة في العالم ، وخلط الأوراق العسكرية والسياسية والاقتصادية ، ونزع الثقة بين القيادات جميعا ، ولعله تهيئة جديدة لحرب إقليمية أو قارية أو كونية قريبة لمعرفة الصديق من العدو . وإلهاء الناس بأمور جانبية عفا عليها الزمن ، وفضح الزعامات والرؤساء أمام شعوبهم .

الدروس المستفادة من الملهاة الإعلامية ( ويكي ليكس )


يقول الله عالم الغيب والشهادة عز وجل : { قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (48) فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49) قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51) أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) }( القرآن المجيد – الزمر ) .


يستطيع المرء السوي الذي يسير على الصراط المستقيم ، أن يأخذ الكثير من العبر والعظات ، من هذه التسريبات الإعلامية ، المعاصرة ، من أبرزها :
أولا : الرقابة الإلهية أقوى وأشد من الرقابة الإعلامية والتسريبات المفتعلة . وإمكانية التوبة النصوحا وتصحيح الخطايا والأخطاء وتداركها قبل فوات الأوان .

ثانيا : ليس كل ما يلمع ذهبا ، وليس كل ما ينشر صحيحا ، فهناك خلط بين الصالح والطالح ، والغث والسمين . فهناك تحليلات وتأويلات وتفسيرات أمريكية من هذه الوثائق من وجهة نظر خبيثة تلوم الآخرين وتفشي أقوالهم وتعلق عليها وتنشرها على أنها من صنع الآخرين ، وهي فبركات أمريكية أخاذة .
ثالثا : أخذ الحيطة والحذر من نقل الآراء لمن لا يؤتمن على حفظ الأسرار المشتركة . فالترسانة الإعلامية أقوى أحيانا من الترسانة العسكرية في العالم .
رابعا : عدم التعامل مع المنافقين والفاسقين الدوليين ولا بد من الاستفادة من الخيانة الأمريكية لقادة ودول العالم بهذا الأسلوب الإعلامي الفضائحي .
خامسا : عدم إعتماد هذه الهرطقات الإعلامية الأمريكية التي يقال إنها سربت وهربت تهريبا ، في الحكم على الآخرين . فيمكن أن يكون الهدف هو سوق العالم بالعصا الأمريكية والصهيونية الغليظة .
سادسا : إعادة بناء العلاقات السياسية والدبلوماسية على أسس وقواعد صحيحة مع الآخرين ، فلا وجود للثقة المطلقة في العلاقات السياسية والدبلوماسية الدولية ، أو التحالف الدائم ، وعدم وضع البيض في سلة واحدة لئلا تتكسر ويكون الخسران المبين لمن يملك البيض وحده .
سابعا : لا صداقة واقعية أو مثالية للإدارة الأمريكية والمنظمة الصهيونية العالمية وربيبتها الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة .

كلمة طيبة خضراء أخيرة .. سياسة عبد السميع اللميع

يقول الله الحي القيوم عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) }( القرآن المجيد - المائدة ) .

إن السلطة الرابعة في العالم ، وخاصة وسائل الإعلام الإلكترونية عبر الانترنت تلعب دورا كبيرا إيجابيا وسلبيا في الوقت عينه ، فهي تنشر الأخلاق الحميدة ، وتبث الكثير من الضلال والأضاليل وتتبنى أفكار المضللين والمغضوب عليهم والملحدين ، كما تساهم في الرقابة الرسمية والشعبية العابرة للقارات على الحكام والمحكومين في الآن ذاته .
وبناء على ما سبق ، فإنه يمكننا القول ، إن حب أمريكا أصبح في مهب الريح ، وسيفكر كل قائد أو زعيم دولة مائة مرة ، قبل أن يتعامل مع الدبلوماسية والخارجية الأمريكية التي لا تستر عوراتها وتفضح عورات الآخرين ، والتملص من ذلك بخبث وحنكة وحكمة ومكر وذكاء ، متعدد الأجنحة والصور .
ويبقى القول ، إن هذه الفضائح والفيضانات الكلامية الموثقة الإعلامية الجارحة ، بثت بالبيانات المكتوبة ، ولكن الفضائح القادمة ربما ستكون فالفيديو واليوتيوب ، بالصوت والصورة معا ، وفق ( سياسة عبد السميع اللميع ) ، فليحذر الجميع من التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية ومصادقتها والتحالف معها ، لأنه في المرة أو المرات القادمة من الفضائح ستكون مجلجلة بعشرات المرات عن الفضائح والخبث والخبائث الحالية .
والأمتين الإسلامية والعربية مدعوتان للحذر وعدم الثقة بأي مسؤول أجنبي أمريكي أو صهيوني أو أوروبي غربي ، لأن هؤلاء من صفاتهم النفاق والفسوق والعصيان وبث الفتن والأكاذيب والمحن والفساد والإفساد الكبير بين الأمم ، فالحذر كل الحذر والانتباه كل الانتباه من هذه النزوات الإعلامية الأمريكية العفنة .

وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد ، نوح ) .
كما ندعو ونقول كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: