الأحد، 21 نوفمبر 2010

مشاهداتي في عيد الأضحى المبارك بقرية عزموط في الأرض المقدسة

مشاهداتي في عيد الأضحى المبارك
بقرية عزموط في الأرض المقدسة

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) }( القرآن المجيد – الأعراف ) .

استهلال

يعتبر عيد الأضحى المبارك العيد الإسلامي الثاني الذي يرافق ركن إسلامي عظيم من أركان دين الله في الأرض ، وهو ركن الحج العظيم . وهذا العيد له جوانب دينية واجتماعية واقتصادية متعددة ، في مكة المكرمة وفي البقاع الإسلامية ، الشعبية والرسمية والأسرية . ويقوم هذا العيد على موسم الحج ويرتبط إرتباطا وثيقا به ، فيؤدي حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج بالأرض المقدسة وخاصة في مكة المكرمة بجوار الكعبة المشرفة بينما يؤدي المسلمون الآخرون صلاة العيد في الخلاء في الساحات العامة أو في المساجد . ويصاحب هذا العيد ذبح الأضاحي من الخرفان وعجول الأبقار وأحيانا الإبل في المناطق العربية والإسلامية الصحراوية .




يوم عرفة – يوم ما قبل عيد الأضحى المبارك

جاء في صحيح مسلم - (ج 6 / ص 55) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ " .



استجابة لدعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، في صيام يوم عرفة وهو يوم 9 ذو الحجة ، يصوم الكثير من المسلمين في جميع أرجاء الكرة الأرضية ، يوم عرفة وهو اليوم السابق لبزوع فجر هذا العيد العظيم الذي يمتد على مدار أربعة أيام ، تقربا إلى الله تبارك وتعالى . فنرى الرجال والنساء والشباب والفتيات يصومون هذا اليوم العظيم باعتباره يوم الحج الأكبر أو الأعظم لدى المسلمين . والحجاج بيوم وقفة عرفة لا يصومون بتاتا .




يوم عيد الأضحى المبارك .. يوم النحر

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }( القرآن المجيد – الكوثر ) .




يأتي يوم العيد الثاني للمسلمين في 10 ذو الحجة سنويا ، بعد سبعين يوما من عيد الفطر السعيد ( عيد رمضان ) في الأول من شهر شوال كل سنة مرة ، ويسمى عيد الأضحى المبارك لإرتباطه بذبح الذبائح الحلال الإسلامية ، بعد أداء صلاة العيد الجماعية في بيت من بيوت الله ( المساجد ) في الأرض ، في القرية أو المدينة أو المخيم الفلسطيني ، وتوزيع ثلثها على الأقارب والأحباب والأصدقاء والثلث الثاني على الفقراء والأيتام والأرامل والمحتاجين ، ويبقي صاحب الأضحية الثلث الثالث له ولأسرته كي يأكلوها على مدار الأيام المقبلة .
وتدق ساعات عيد الأضحى الأولى ، منذ بزوغ فجر يوم العاشر من ذي الحجة ، من الشهر القمري العربي الإسلامي ، بالتلبية ( لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ) الذي غالبا ما تعلنه الجهات الإسلامية في السعودية ، قبل عدة أيام عبر تحديدها مطلع شهر ذي الحجة الإسلامي . وتنفرد السعودية في الإعلان عن يوم عيد الأضحى ( يوم النحر ) سنويا من خلال الإعلان عن غرة أو بداية شهر ذي الحجة العربي الإسلامي ، والتحكم بزمان ومكان أداء مناسك الحج ليشهد المسلمون منافع جمة لهم في أيام معدودات .

الإنطلاق لصلاة العيد .. 10 ذو الحجة

يعد المسلمون أنفسهم وخاصة الرجال والشباب والأطفال ممن بلغ فوق السابعة أو أكثر من أعمارهم للإلتحاق بالمسجد القريب لأداء صلاة الفجر وعمارة بيت الله العزيز الحكيم ، وذلك بعد أن يكونوا قد استحموا في البيت ، ولبسوا الملابس الجديدة ، وقد تبادر بعض النساء للمشاركة في أداء صلاة عيد الأضحى المبارك في جناح خاص للنساء يكون معدا خلفا الرجال بفواصل وحواجز اسمنتيه أو خشبية أو بلاستيكية حسب طبيعة المسجد . وتنطلق ميكروفونات المسجد صادحة بذكر الله سبحانه وتعالى ، ورفع أذان الفجر ، ثم التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والصلاة على رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .

ويتجمع المسلمون الذين يصلون في المسجد الإسلامي ، كما هو في قرية عزموط بمحافظة نابلس بفلسطين ، في مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وجميع أهل سكان هذه القرية الفلسطينية هم من المسلمين ، ويؤدون سنة الفجر فرادى ، ثم يقومون لإقامة صلاة الفجر الفريضة ، جماعة وهي ركعتان كالمعتاد ، بإمامة إمام المسجد الشيخ جمال اشتيه ( أبو بكر ) ثم ينطلق التكبير وذكر الله ذو الجلال والإكرام ، وتنضم أفواج أخرى من المسلمين لداخل المسجد ، ويلتحقون بإحدى الجناحين للتكبير والتهليل والتحميد ( الميمنة والميسرة ) وشخصيا أحب الجلوس في قلب الصفين بين الجناحين لمواصلة الأذكار الإسلامية بالعيدين .



وهناك من المصلين من يغادر المسجد بعد أداء فريضة صلاة الفجر الإسلامية ، ثم يعود لبيته لقضاء بعض حوائجه ثم يعود لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك جماعة ، مع أفواج المصلين الآتين من جميع أنحاء القرية أو المدينة أو المخيم في فلسطين ، الأرض المقدسة الشمالية .

ذكر الله بعد صلاة الفجر في المسجد

تكون صيغة الذكر الجماعي الإسلامي بتناوب الجماعتين ، الميمنة والميسرة ، وإمام المسجد وجها لوجه بقلب الجماعتين ، في المسجد الإسلامي الذي يضم عشرات المصلين والذاكرين الله كثيرا ، من المسلمين المفردين ، ويلتحق بهم المئات فيما بعد ، كل حسب نشاطه واجتهاده للوصول إلى بيت الله العظيم ، كما يلي :
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر - لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده . لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أنصار سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا .
وتستمر عملية التناوب في ذكر الله الجماعي بالمسجد ، لأكثر من ساعة ونصف الساعة ، يتخللها درس ديني لإمام المسجد ، حتى يحين وقت صلاة عيد الأضحى المبارك ، وهي ركعتين سنة ، عند الساعة 6:45 صباحا أو بعدها بقليل بالتوقيت المحلي لفلسطين ( الأرض المقدسة ) .

أداء صلاة العيد .. والتهنئة الداخلية بالمسجد

بعد أداء صلاة الفجر والأذكار الربانية ، يستعد المصلون لأداء صلاة سنة عيد الأضحى المبارك ، وهي صلاة تزيد عن غيرها من الصلوات بالتسبيح ( سبحان الله ) والتحميد ( الحمد الله ) ، والتكبير ( الله أكبر ) والتهليل ( لا إله إلا الله ) والحوقلة ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) . وقراءة الفاتحة وآية الكرسي وسور قصيرة وخاصة سورة الإخلاص ، وسورة الفلق ، وسورة الناس ، وسورة الكوثر . وعند الوقت المحتوم لصلاة العيد ، تقام الصلاة ، ويصلي المصلون خلف الإمام ، ثم يصعد إمام المسجد للمنبر ويلقي خطبة عن عيد الأضحى وركن الحج الإسلامي وفضله ، والأضحية وكيفية توزيعه ، وفداء نبي الله إبراهيم عليه السلام ابنه إسماعيل بالكبش السمين من رب العالمين ويحث المصلين على زيارة الأرحام والتحابب والتقارب وترك الخصام ، ويحث على زيارة القبور . ثم ينهي الخطيب خطبته ، وينزل عن منبر المسجد ، ويتبادل المصلون المباركة بالعيد ، بالتسليم ( كل عام وأنتم بخير ) ( كل سنة وانت طيب ) ، وتقبل الله طاعاتنا وطاعاتكم وهكذا . ويقوم والإخوة والاباء والأبناء والأقارب بتقبيل وجنات بعضهم البعض تعبيرا عن المعايدة والمحبة والمودة بينهم .

تهنئة العيد الخارجية .. وطابور المعايدة الرجالية الصباحية

تخرج أفواج المصلين الذين أدوا صلاة سنة العيد ، عيد الأضحى المبارك ، وهم عادة بالمئات من الأشخاص الذكور ، لساحة المسجد ، فيصطف عشرات المصلين وغير المصلين ، ممن أتى من بيته من دون تأدية صلاة العيد ، ويقبلون على التسليم والمباركة وتهنئة بعضهم البعض لمناسبة العيد الإسلامي المبارك ( عيد الأضحى المبارك ) ، وتبادل المباركة الطيبة ( كل عام وأنتم بخير ) ( كل سنة وأنتم طيبين ) ويبلغ عدد المصطفين في صف واحد أكثر من مائة شخص ، من الذكور : الرجال والشباب والأطفال بينما تتوافع وتنضم إليهم جموع المصلين لتهنئتهم بانتظام وسلسلة متراصة من المسلمين في منظر إيماني إسلامي بهيج يتناسى فيه المسلمون خلافاتهم وآثامهم وخطاياهم ويقبلو على بعضهم بالمودة ونسيان الخصام ليحل الوئام بين الجميع في هذه الساعة المباركة .

الخروج للمقابر لقراءة الفاتحة على أرواح الموتى

بعد التسليم والمباركة والتهنئة والمعانقة في صف السلسلة البشرية ، المبارك الوحيد ، ينطلق موكب المصلين نحو مقابر القرية أو المدينة أو المخيم ، لقراءة بعض سور وآيات القرآن المجيد على أرواح الآباء والأمهات والأجداد والجدات والإخوة والأخوات الذين قضوا نحبهم ، والتحقوا بالرفيق الأعلى ، إلى حياة البرزخ بانتظار قيام يوم القيامة والبعث الجديد للعبور نحو الحياة الآخرة الخالدة . والبعض يقرأ على الموتى ، سورة الفاتحة ، ويدور متنقلا في جنبات المقبرة ، على قبور أقاربه وذويه ، والبعض يقرأ القرآن واقفا أو جالسا ، بجوار قرب أحد ذويه كأمه أو ابيه ، ويقرأ لجميع الموتى بالمقبرة الفاتحة ، وهناك من يقرأ سورة يس أو تبارك الملك أو كليهما ، مع الفاتحة ، على أرواح الموتى طالبا من رب العالمين أن ينزلهم في جنان الخلد والنعيم المقيم ، وأن يعفو عنهم لأنه الغفور الرحيم . ويشاهد على المقبرة من تنزل دموعه حزنا وأسى وحدادا وترحما على ذويه الموتى ، ويتذكر حياتهم معه ، وغيابهم المفاجئ ، بمرض أو الموت فجأة .

زيارة بيوت الأرحام والأقارب

ثم يقوم بعض المصلين من كل أسرة أو كل عائلة على حدة ، بشكل جماعي ، بزيارة بيوت الأقارب بعد العودة المباشرة من المقبرة ، وهناك من يرجع لبيته ليهنئ ويعيد على أهله ويتناول طعام الفطور وهو عادة ينقسم إلى عدة أنواع من أهمها : إفطار عادي كالأيام العادية أو تناول أطعمة مالحة ، أو غلاية بندورة مع لحمة ، أو فول وحمص أو مقالي أو طبخة باللبن والأرز ( كرناسة ) أو فسيخ أو غيره طبخت وأعدت صباحية أو ليلة العيد أو غيرها . ثم ينطلق بعض المضحين لذبح الأضحية في ساحة أو حديقة البيت ، وهي عبارة عن خاروف العيد ، ثم يخرج للمعايده على المحارم من الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأعمام والعمات ، وغيرهم . وتكون زيارات المعايدة سيرا على الأقدام ، أو بركوب السيارات الخاصة المنطلقة في الشوارع والأزقة والحارات داخل القرية أو خارجها . وتظهر القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية في ابهى صورها ومناظرها في ايام العيد ، بالزينة والورود والمزركشات المنتشرة في البيوت والشوارع . ويتزاور الأهالي ويتنقلون بين أنحاء المحافظة الواحدة أو المحافظات تبعا لوجود الأقارب في هذه المنطقة أو تلك .

العيدية المالية للنساء والأطفال

وأثناء زيارة المصلين من الرجال والشباب ، لبيوت العائلة والأقارب والأصحاب للتهنئة والمباركة بالعيد ، يقدم بعض الرجال هدايا مالية للنساء من المحارم والولايا ، من الأخوات والعمات والخالات والقريبات بما يطلق عليه ( العيدية ) ، حسب ظروف كل شخص المالية ، فمنهم من يقدم العيدية المالية بالدينار الأردني ، من فئات 5 دنانير أو 10 دنانير أو 20 دينار أو 50 دينار ، وهناك من يقدم العيدية من فئات 20 أو 30 أو 40 أو 50 أو 100 أو 200 شيكل . وغالبا ما يتم تقديم العشرة دنانير أو الخمسين شيكلا في فلسطين ( الأرض المقدسة الشمالية ) كعيدية لكل إمراة من النساء القريبات ، ومبالغ مالية اقل للأطفال الصغار . ويفرح الأطفال بالعيديات المقدمة من الآباء والإخوة لينطلقوا نحو البقالات لشراء الألعاب الطفولية . ويلاحظ إهتمام الصغار الفلسطينيين بشراء أسلحة الألعاب ، مثل مسدس الماء أو الخرز أو الطائرات أو الفلين أو الرشاشات الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة أو الدبابات والمجنزرات وأسلحة الجيوش البلاستيكية وغيرها : وتشترى الطفلات ألعاب عرائس صغيرة لتمشطها وتلاعبها وتلهو بها . وهناك عرائس بلاستيكية صغيرة أو متوسطة أو كبيرة الحجم باثمان مختلفة .

حلويات العيد .. والموالح والفواكه والقهوة السادة

تتنوع حلويات العيد ، حسب الظروف المالية لرب الأسرة ، وتنقسم الحلويات إلى جناحين هما :
الجناح الأول : الحلويات المصنعة في البيت حيث يقوم بعض أفراد الأسرة بتصنيع الحلويات مثل المعمول والكلاز والغريبة وغيره .
الجناح الثاني : وهو المصنوع في المحلات التجارية في الأسواق ، مثل البقلاوة بنوعيها ، الغالي ( 55 شيكل / كغم بقلاوة مشكلة ببلورية وفستق حلبي ) والرخيص الثمن ( 15 شيكل / كغم بقلاوة مشكلة باللوز والفستق السوداني ) في نابلس بفلسطين . بالإضافة إلى الشيكولاته والملبس بأشكالها وأنواعها المختلفة حسب الأذواق المتعددة .
وتهتم الكثير من العائلات المسلمة في فلسطين ، بشراء الموالح المخلوطة ( بزر بطيخ وبزر قرع وفستق ولوز وفستق حلبي وبندق وكاشو وغيره ) لتقديمها للضيوف المهنئين بالعيد ، بيوم عيد الأضحى المبارك ، كيوم عيد الفطر السعيد ، وكذلك توضع دلال القهوة وفناجين القهوة العادية والسادة لتضييف القادمين للبيت للمباركة والتهنئة بالعيد المجيد .
وهناك بعض العائلات الفلسطينية من تقدم الفواكه كالتفاح والموز والخيار والآجاص لتضييف ضيوفها بيوم العيد سواء بالأضحى أو بالفطر .

الأضحية وذبح الأضاحي

يجهز المقتدر من المسلمين ، أضحية العيد قبل فترة من الزمن ، بيوم أو يومين أو أكثر ، لذبحها ، قبل أن يقوم بالتهنئة والعيدية على ذويه واقاربه ، ومنهم من يؤجل ذبح الأضحية لما بعد التهنئة والمباركة بالعيد ، في ساعات العصر وهناك من يؤجل ذبح الأضحية وتوزيع لحمها على الفئات الثلاثة ، لليوم الثاني للعيد . وأصبح الكثير من المضحين بأضحايتهم ، يكلفون بعض الجزارين ( اللحامين المتخصصين ) لذبح الأضاحي ، فينتظرون على الدور ، ثم يتولون هم ومن يساعدهم من الأقارب أو الأبناء في توزيع لحوم الأضحية .

الأذكار بعد الصلوات في أيام العيد

إسلاميا ، تمتد عملية الأذكار الإسلامية وتمجيد رب العالمين بعد الصلوات الخمس كافة ( الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ) بعد رفع الأذان للصلوات الخمس المكتوبة ، وبعد أداء الصلوات الخمس في المسجد بصورة جماعية . وفي عيد الأضحى المبارك تستمر عملية الأذكار الجماعية في أعقاب الصلوات لأربعة أيام متواصلة ، بيوم عيد الأضحى المبارك والأيام الثلاثة التي تليه تماشيا مع أداء مناسك الحج مع حجاج بيت الله الحرام بمكة المكرمة بالأرض المقدسة الجنوبية . وعيد الأضحى المبارك ليس كعيد الفطر السعيد الذي تستمر الأذكار فيه ليوم العيد فقط وهو يوم الفطر .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

كل عام والأمتين العربية والإسلامية ببليون خير وخير ، وكل عام والشعب الفلسطيني المرابط فوق ثرى وطنه ، المعذب في الأرض من الاحتلال الصهيوني الهمجي الوحشي ، بمليون خير وخير ، فالعيد في الأساس ، هو عيد ديني إسلامي ، يساعد في تحريك عجلة الاقتصاد والمواصلات والزيارات ، والعيد ليس للبهرجة والمبالغة في اللباس الجديد ، والعيد في الآن ذاته ، هو عبادة إسلامية ، وفرحة اجتماعية ، ودعوة للتماسك الأسرى والشعبي والمجتمعي ، والاعتصام بحبل الله المتين ، وتفقد للأحياء والموتى ، وتذكر الحياة الدنيا بزينتها ومفاخرها وهمومها وغمومها ، وتذكرة للحياة الآخرة القادمة لا ريب فيها ، بوعد إلهي صادق .
ويمكن القول ، إن العيد للجميع ، فرادى وجماعات ، وأسر وعائلات وحمائل وقبائل ، وشعوب وأمة عربية وأمة إسلامية تنشد الحياة الفضلى وتحقيق الأماني ، وإرضاء رب العالمين ، وليس العيد للإنفاق المبذر أو التقتير البخيل ، وليس العيد للبس الجديد وتناول الحلويات والأطعمة والأشربة في ايام العيد ، عيد الأضحى التي تستمر اربعة أيام ، يوم النحر وثلاثة أيام بعده بل هو عبادة لله وزينة وفرحة شاملة للجميع .
ويكلف عيد الأضحى أبناء المسلمين مبالغ مالية باهظة في الكثير من الأحيان ، وهو إنفاق في سبيل الله ، وإطعام للفقراء والمحتاحين ، والأقارب ، وهو مظهر كريم من مظاهر التكامل الاقتصادي والتكافل الاجتماعي بين افراد الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة والشعب الواحد والأمة الواحدة في جميع بقاع الأرض .

وختامه مسك ، فندعو بهذا الدعاء الخالد الذي ورد بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد - البقرة ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .
كل عام وأنتم ببليون خير وخير . وكل أضحى وأنتم إلى الله أقرب ، ولا تنسوا تلاوة سورة الكوثر فهي رمز النحر والأضحى وقت الضحى . وتقبل الله الطاعات في جميع الأوقات والساعات .
نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .






__________________


ليست هناك تعليقات: