الأحد، 14 نوفمبر 2010

اللغات واللهجات الحية في العالم .. وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ

اللغات واللهجات الحية في العالم ..
وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ




د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) }( القرآن المجيد – الروم ) .

استهلال

اللغة هي وسيلة الحديث والتفاهم والتخابر اللطيف والعنيف ، بين طرفين ، فردين أو جماعتين أو حزبين أو شعبين أو أمتين ، وهذه اللغة هي التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية في هذه الحياة الدنيا . وتتعرض اللغة للتطور والتطوير ، والتغيير والتبديل للكثير من الكلمات والمفردات ، بين الحين والآخر ، حسب الإيديولوجية الدينية والفلسفة السياسية السائدة في هذه البقعة العالمية أو تلك .
ويقال للإنسان بأنه حيوان إجتماعي ناطق ، وللحيوانات الأخرى بأنها حيوانات عجماء غير ناطقة ، وهذا الكلام ليس دقيقا ، إذ أن لجميع الكائنات الحية لغات شتى ، ولكل أمة من هذه الأمم لغتها المميزة المتميزة الخاصة بها للتخاطب والتفاهم فيما بينها . ويعتبر نبي الله سليمان بن داوود عليهما السلام ، هو النبي الوحيد الذي عرف لغات أمم أخرى من الطيور والحشرات ، كلغة الهدهد ، ولغة النمل وسواها ، وهذا الأمر ورد بالقرآن المجيد .
وتعرف وتسمع بضع الكائنات الحية لغات أخرى ، فالديكة مثلا ترى الملائكة ، والحمير ترى الشياطين ، وهكذا .. والكل مسير ومسخر من هذه الكائنات لتنفيذ واجبات موكولة بها .
على أي حال ، هناك لغة واحدة موحدة بين جميع الأمم والشعوب ، وهي لغة الإشارة والحركات والإيماءات بالأيدي والرأس وبقية أجزاء الجسم البشري .

كيفية الحديث .. أجهزة الكلام بجسم الإنسان

خلق الله للإنسان مئات الأعضاء الباطنية والظاهرية للعيان ، لتسهيل حياته الدنيوية والأخروية ، وتمكينة من العبادة وفعل الخيرات والتمتع بمباهج الحياة من الطيبات . يقول الله الهادي إلى الصراط المستقيم : { لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)}( القرآن الحكيم – البلد ) .

فالإنسان لكي يتمكن من الكلام لا بد له من لسان ، وفم وشفتين ، وأعصاب وأسنان ، حتى يخرج الكلام بشكل طبيعي ، وإذا نقص مقدار من هذه المقادير فإن الإنسان قد يصبح ابكما ( أخرسا ) أو لا يستطيع نطق الحروف بيسر وسهولة ، وبحاجة لعلاج طبيعي وتناول جرعات دوائية لتمكينه من النطق بلسانه وشفتيه . ولهذا نرى الفرق بين الشخص المتكلم أو الأبكم ، من جهة ، وبين الإنسان المتكلم والحيوانات العجماء البكماء التي لا تتحدث بتاتا باستثناء حالات نادرة .

إنطاق الله لبعض أجزاء أجساد الكافرين


يقول الله السلام المؤمن المهيمن جل جلاله : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25)}( القرآن الحكيم – فصلت ) .
وبهذا نرى ، أن عملية النطق ليست مقتصرة على اللسان بل يمكن أن تشمل السمع والأبصار والجلود التي تشهد على الكافرين أفعالهم وضلالهم وغوايتهم وكفرهم يوم القيامة حيث يجعل الله خالق كل شيء والقادر على كل شيء ، النطق لأجزاء أخرى من بدن هذه الفئة الكافرة من الناس .

لغات الأمم من الطيور والحيوانات والحشرات

لجميع الكائنات الحية لغات تتخاطب و تتفاهم بها ، وهذه اللغات غير مفهومة للكائنات الأخرى ، فالإنسان يتكلم ولا تفهمه الحيوانات إلا بعد التدريب على القول كحيوانات السيرك والبهلوانيات . وتتمثل هذه اللغات بأصوات معينة تصدر ، وتنفس بمقدار محدد ، وأحيانا تصدر أصوات ضعف واستكانة أو قوة ودفاع عن النفس . فنقول مثلا ، صياح الديك ، أو مواء القطط أو ثغاء الغنم أو رغاء الجمل ، أو نباح الكلب ، أو زئير الأسد أو عواء الذئب أو خوار البقر أو نقيق الضفدع أو صهيل الحصان أو نهيق الحمار أو فحيح الأفعى ... وهكذا .

الببغاء والكلام بلغة الإنسان

هناك بعض المعجزات الربانية عبر الاختلافات البشرية والحيوانية ، في الحياة الدنيا والآخرة ، خاصة في النطق والتكلم باللسان أو بغيره ، فمثلا يمكن أن تتكلم بعض الطيور أو الحيونات في ظروف غير عادية بقدرة إلهية مع الإنسان أو تقلد الإنسان . وهذا برهان رباني كبير على القدرة الإلهية في قدرته جل شأنه في أن يخلق ما يشاء ويفعل ما يشاء وهو على كل شيء قدير ، فإذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون .
وهناك طائر يسمى الببغاء ، يردد كل ما يسمعه دون أن يفهم كنهه أو معانيه . فسبحان الله خالق الخلق أجمعين . فهذا الببغاء الجميل الألوان ، لا يفكر أو لا يفهم ما يردد تقليدا للإنسان ، فهناك ببغاء يغني وآخر يقرأ القرآن بعد سماعه لشخص يتلو الآيات القرآنية .. إلخ .

نبي الله سليمان ولغة الطيور والنمل والجان

يقول الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى جل جلاله : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) }( القرآن الكريم – النمل ) .

حديث الدابة مع الناس .. من علامات يوم القيامة

يقول الله تبارك وتعالى : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85)}( القرآن المجيد – النمل ) .
وجاء في مسند أحمد - (ج 21 / ص 10) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مَعَهَا عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا وَتَخْتِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتَمِ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْخِوَانِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ هَذَا يَا مُؤْمِنُ وَيَقُولُ هَذَا يَا كَافِرُ" .
وهذه أمور دينية إسلامية غيبية ، تدلل على حديث الدابة للناس ، وهي من علامات يوم القيامة ، يوم الدين ، يوم الحساب العظيم ، وفيها معجزة إلهية ، مختصة بزمان محدد ، ففي الأيام العادية لا يوجد تلاسن أو حديث أو كلام بين الإنسان والدواب أو الحيوانات والكائنات الحية .
وهناك بعض الحوادث النادرة التي تحدث بها بعض الناس مع حيوانات عبر التاريخ الإنساني ، ولا غرابة في ذلك ، فالله على كل شيء قدير . وهذه المسألة هي من علامات قيام يوم القيامة .

أهمية اللغة بين الناس


اللغة هي الوعاء الحضاري العام الذي يتم من خلاله تنفيذ سياسات أو تعليمات أو أوامر بشرية أو إلهية معينة . واللغة تشتمل على جميع المفردات الإيجابية والسلبية على السواء ، فتشمل المديح والثناء والرثاء والقوة والهجاء والعويل والبكاء والضحك وما إليها . وتتطور اللغة بالتطور الإنساني وتطور وسائل الإعلام والاتصال والمواصلات العامة والخاصة .
وتكمن أهمية اللغة في كونها تؤدي الواجبات التالية :
أولا : التخاطب والتفاهم بين الناس في الأسرة الواحدة والمجتمع الواحد .
ثانيا : التمكين من الطمأنينة والاستقرار والأمن والأمان النفسي والمجتمعي .
ثالثا : نقل معالم وتجارب الحضارات والمعالم الدنيوية للآخرين . فتستفيد الأمة من حضارات الشعوب والأمم السابقة ، وتستفيد منها الشعوب والأمم التي تعيش في هذا الكون ، ويستفيد من هذه اللغات مستقبل الأجيال المقبلة . والآثار القديمة هي خير وسيلة للتعرف على منجزات ولغات الأمم في القرون الخالية .
رابعا : تعاون وتقارب الشعوب والأمم في شتى أنواع المعارف والعلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية .
خامسا : الاحتفاظ بأرشيف المعاملات والمبادلات والاختراعات والابتكارات العلمية لتنتفع منها الأمم الحالية واللاحقة .

اللغات العالمية

تنتشر عشرات آلاف اللغات في العالم ، ومن بين هذه اللغات اللهجات المحلية المحكية والمكتوبة الفصيحة ، والكثير من هذه اللغات إندثر بإندثار الشعب أو الأمة التي كانت تستخدمها وتتحدث بها فيما بينها وبين الآخرين . وتعتبر قارة إفريقيا هي القارة الأكثر انتشارا من ناحية عدد اللغات ، حيث يتواجد أكثر من ألف لغة محلية في القارة السمراء الذهبية . وتأتي قارة آسيا في المرتبة الثانية من ناحية إنتشار عدد اللغات ، فقارة أمريكا الجنوبية في المرتبة الثالثة فقارة أوروبا في المرتبة الرابعة فقارة أمريكا الشمالية في المرتبة الخامسة فأستراليا في المرتبة السادسة والأخيرة .
وفي الوقت الراهن ، اعتمدت الأمم المتحدة ، كمنظمة عالمية شاملة ، ست لغات لتكون هي اللغات الرسمية المتداولة في أروقتها ، وهذه اللغات هي : اللغة الإنجليزية ، اللغة الفرنسية ، اللغة الروسية ، اللغة الصينية ، اللغة الإسبانية ، اللغة العربية . وتسود وتنتشر اللغة الإنجليزية ، كلغة أولى يتحدث بها رسميا في قمم الأرض ، وهي لغة الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية القديمة ، ولغة الإمبراطورية الأمريكية الحالية وريثة الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


اللغة العربية .. هي اللغة الأكثر قداسة في العالم

يقول الله السميع العليم عز وجل : { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}( القرآن المجيد – يوسف ) .
ويقول الله الحي القيوم جل جلاله : { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}( القرآن المجيد – طه ) .
على العموم ، تعتبر اللغة العربية هي اللغة الخالدة ، فهي لغة القرآن المجيد ، كلام الله المنزل على رسوله المصطفى الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة في شبة الجزيرة العربية . وجاء في المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 387) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " أُحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاثٍ : لأَنِّي عَرَبِيٌّ ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ " .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

ويقول الله الجليل الكريم عز وجل : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}( القرآن المجيد ، الذاريات ) .
والصلاة الإسلامية لا تجوز إلا باللغة العربية الخالدة ، وإن كان يلفظها بعض الناس المسلمين من الأمم والشعوب الأخرى ، بحروف لغاتهم ، إلا أنه لا عبادة إسلامية باللغات الأجنبية مهما كان نوعها أو شكلها ، بل إن عبادة الله العزيز الحكيم بالصلاة الإسلامية هي بقراءة القرآن المجيد ، وهو منزل باللغة العربية الفصحى البليغة .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

يقول الله الحليم العظيم تبارك وتعالى : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) }( القرآن العظيم – الزمر ) .
وكانت بعض الكتب المقدسة أو الصحف الدينية نزلت باللغات السريانية والعبرية والآرامية وغيرها .

اللغة والرسالة الدينية

يقول الله الحنان المنان ذو الجلال والإكرام جل جلاله : { الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (4)}( القرآن المجيد – إبراهيم ) .

بعث الله الأنبياء والرسل ، كلهم من الذكور ، واختص بعض النساء بالحكم والصلاح والبناء الطيب ، كمريم بنت عمران وآسية أمرأة فرعون وخديجة بنت خويلد ، وعائشة بنت أبي بكر الصديق ، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم . وبالرغم من أن الإسلام هو دين الله في الأرض ، فقد أرسل الله العلي العظيم ، سبحانه وتعالى ، المصطفى رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وكل نبي أو رسول إلى قومه بلغتهم . فاللغة العربية هي لغة الأمة العربية ، لغة قوم خاتم الأنبياء والمرسلين ، لغة القرآن المجيد ، والإسلام العظيم كخاتمة للرسالات الإسلامية كافة ، وبذلك فإن اللغة العربية هي اللغة المهيمنة على جميع اللغات في العالم ، إن عاجلا أو آجلا ، وهذه هي حكمة ربانية في هذا الأمر . وقد نزلت الكتب السماوية بلغات الأقوام التي نزلت عليهم كالإنجيل باللغة الارامية والتوراه باللغة العبرية وصحف إبراهيم باللغة السريانية ، والزبور بلغة بني إسرائيل القدماء ( العبرية ) وهكذا .
فسبحان الله العزيز الحكيم ، القادر على جميع عباده ممن يتكلمون اللغات الكثيرة العدد التي لا تحصى في أرض الله الواسعة .


المعجزة اللغوية الإسلامية .. فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ

تتمثل معجزات الأنبياء والرسل بمعجزات مادية ، ومن ضمنها أحد معجزات الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي تحدي الله لجميع البشر بأن يأتوا بسورة واحدة من مثل سور القرآن المجيد .
يقول الله الحميد المجيد جل شأنه : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

ويقول الله الواحد القهار جل جلاله : { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}( القرآن الحكيم – يونس ) .


فئة البكم ( الخرس ) من الناس .. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ

هناك فئة من الناس لا تستطيع الكلام ، منذ ولادتها ، وهي فئة ( البكم ) الذين لا يتحدثون إلا بالإشارة ، ومن الناس من يصاب بداء أو وباء البكم ( جلطة لسانية ) وعدم القدرة على التكلم مع الآخرين أثناء سني حياته ، إلا بإشارات الجسم بالرأس أو الأصابع أو الأيدي ، وكلاهما بلاء وابتلاء عظيم من الله سبحانه وتعالى ينبغي أن يصبر عليه الإنسان .
وهناك فئة ضالة شبهها الله سبحانه وتعالى ، بالخرس أو البكم ، حيث لا تنطق بالحق بل تلجأ للأهواء والغواية والإغواء ، فهي لا تقدر على فعل شيء كلامي فلا تعقل ولا تستوعب ما يقال لها من الهداية والرشاد وسلكت طريق الباطل وابتعدت عن جادة الصواب .
يقول الله السميع البصير جل ثناؤه : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}( القرآن المبين – البقرة ) .
ويقول الله الحسيب الرقيب تبارك وتعالى : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)}( القرآن المبين - الأنعام ) .

المد والجزر اللغوي

تتعرض اللغة ، أي لغة بالعالم ، لحالات من المد والجزر ( الانتشار والإنكفاء ) خلال عدة حقب زمنية متتالية ، ومن أهم العوامل التي تعمل على تراجع اللغة ما يلي :
أولا : الجمود وعدم إهتمام علماء اللغة بتطوير مفردات هذه اللغة لتتناسب مع التطورات الحضارية العامة في العالم .
ثانيا : الإنغلاق الفكري والتقوقع العقلي ، والخوف من غزو المفردات الأجنبية للغة .
ثالثا : الإنغلاق الإيديولوجي الديني ، وعدم رغبة كبار المسؤولين بدين معين لإضافة كلمات جديدة للغتهم .
ثالثا : التفتت السياسي بين أبناء الشعب أو الأمة الواحدة .
رابعا : ضعف المجامع اللغوية في البلاد وعدم التجديد وإدخال المفردات الجديدة للتطورات الصناعية والاتصالية المتسارعة في العالم .
خامسا : قلة التمويل المالي لعلماء اللغة ، وبالتالي البقاء في حالة ركود لغوي .
سادسا : الاحتلال العسكري : مثل تعرض بقعة جغرافية للاحتلال الأجنبي فتعمد أجهزة الاحتلال لبتر اللغة والحد من انتشارها ، ونشر لغة الاحتلال الأجنبي الدخيلة وإحلالها بدلا عنها . والأمثلة كثيرة في هذا المجال على المستويات العالمية . كاحتلال فرنسا للمغرب العربي ، ونشر فرنسا اللغة الفرنسية ( الفرنسة ) في الجزائر والمغرب وتونس وسواها ، واحتلال بريطانيا للمشرق العربي ، ونشر اللغة الإنجليزية في أجزاء الوطن العربي التي استعمرتها بريطانيا . وضرب اللغة العربية في من الكيان الصهيوني بفلسطين ومحاولة نشر اللغة العبرية في صفوف ابناء الشعب الفلسطيني في الأرض المقدسة .
سابعا : الاستعمار والغزو الإعلامي والثقافي : كالفضائيات المستعربة ( الناطقة بالعربية ) والانترنت ، وتشجيع اللهجات العامية المحكية في البلدان المستهدفة . ويعتبر الغزو الثقافي من أخطر الغزوات الاستعمارية قاطبة ، فتجري عملية غسيل دماغ للأمة المستهدفة .
ثامنا : التقيلد الأعمى للأجانب ، والاستهانة باللغة القومية أو الدينية في البلاد .

اللغات ورياض الأطفال والمدارس والجامعات

تعتبر رياض الأطفال والمدارس هي المؤسسات التعليمية الأولية ، التي تكرس اللغة الأصلية في البلاد ، وعليها يتم الاعتماد بالتعاون مع الأسرة في نشر اللغة المراد تعبئة الشعب بها تعبئة دينية وقومية ووطينة وإنسانية عامة وخاصة ، ليأخذ الشعب نصيبه في الحياة بين الشعوب والأمم البشرية في شتى قارات العالم في الكرة الأرضية .
فعلى رياض الأطفال تقع مسؤولية تعليم النشء الجديد ، اللغة المحلية أو اللغة الوطنية أو القومية من حروف وأبجديات اللغة الأولى ، كتابة وقراءة ومحادثة . وتكمل المدارس الأساسية مسيرة تدريس وتكريس اللغة المبتغاة في عقول ونفسيات التلاميذ صغارا وكبارا ، ذكورا وإناثا ، ليتموا حياتهم التعليمية المتوسطة والعليا ضمن مراحل التعليم العالم في البلاد .
وكذلك ، تحث الأمة خطاها عند إنشاء جامعاتها المحلية نحو تطوير وتنمية التعليم العالي والتدريس الجامعي العالي بالإعتماد على اللغة الأصلية الأم في البلاد ، إلى جانب بعض الاهتمام بلغات أجنبية حية خاصة اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الإسبانية أو الألمانية . وبدورها تسعى الأمة العربية إلى الإهتمام بلغة الضاد ، لغة القرآن المجيد ، وخاصة بعد الاستقلال عن الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية والغربية عموما . وتعمل الدول عادة إلى التدريس بلغتها ، لتكريس السيادة التعليمية الوطنية كسياسة عليا تستجمع فيها الأمة قواها الثقافية والإعلامية والفنية والمسرحية وتشجيع العلوم والآداب والفنون العامة .
وتعمد عشرات آلاف الجامعات في العالم ، نحو التعددية اللغوية الجامعية ، فتفرض التدريس الجامعي باللغة الأصلية الأم ، كاللغة العربية في الوطن العربي ، إلى جانب الاستعانة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية كلغة ثانية في الجامعة ، وتعتبر التعددية اللغوية الجامعية مظهرا من مظاهر الثراء الجامعي ، والإزدهار العلمي ، ولكنها في الوقت ذاته تعتبر إمتهانا للغة الأم ، وهي اللغة الرسمية في البلاد .

التعليم المدرسي والجامعي .. والتعدد اللغوي

يتم في الدول الأوروبية والغربية عموما ، إعتماد لغة البلاد باعتبارها اللغة الأولى في التدريس المدرسي والجامعي ، بينما تعتبر اللغة الأجنبية ، الثانية الهامشية التي لا ترتقى إلى الانتشار السريع . فمثلا يتم إعتماد اللغة الإنجليزية للتدريس العام والجامعي في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والكثير من الدول الإسلامية والآسيوية والإفريقية . ويتم إعتماد اللغة الصينية للتدريس في الجامعات الصينية إلى جانب لغات أجنبية كالإنجليزية والفرنسية والعربية أحيانا .
وفي بلدان الوطن الإسلامي ، كإندونيسيا وماليزيا ، وتركيا وإيران وباكستان وسواها ، يتم التدريس باللغة المحلية بالإضافة إلى اللغة الأجنبية وخاصة الإنجليزية .
وفي الوطن العربي ، تلجا الجامعات العربية للتدريس باللغة العربية للتخصصات الإنسانية والاجتماعية ، بينما تلجأ معظمها للتدريس بالتخصصات والكليات العلمية كالطب والهندسة والتكنولوجيا وسواها باللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية ، كونها كانت مستعمرة من بريطانيا أو فرنسا . وهناك بعض الدول التي تستخدم اللغة العربية فقط للتدريس الجامعي للمعارف والعلوم الإنسانية والعلمية ضمن سياسة التعريب الجامعي .

المجالس والمراكز الثقافية .. واللغات

في حركة دائبة ، تسعى الدولة العظمى أو الأمة الكبرى ، التي تحترم نفسها بين الأمم ، لنشر لغتها وثقافتها وفكرها ودينها ، في إتجاهات الكون الأربعة ، فتنشأ المراكز الثقافية في العواصم ومدن الدول الرئيسية ، وتقدم التدريس المجاني للغتها بين أبناء الشعوب الأخرى ، للتواصل الحضاري والثقافي والديني والفكري ، وتخصص ميزانيات سنوية لهذه المسألة .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


المدارس اللغوية .. مدرسة الألسن

تتبع بعض الدول سياسة إنشاء المدارس اللغوية أو ما يطلق عليها ( مدرسة الألسن ) لمتابعة التدريس اللغوي المتعدد ، وبناء العلاقات الثقافية الطيبة مع الدول المجاورة أو الصديقة أو عقد الاتفاقيات الثقافية مع الدول الكبرى التي تسعى لنشر لغتها الأساسية في الكثير من بلدان العالم ، للترابط الحضاري والربط الاستعماري المبطن . كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وسواها في العالم .

الفضائيات واللغات

في ظل التقدم الاتصالي والإعلامي الباهر ، تلجأ الكثير من الفضائيات ومحطات التلفزة المحلية والقطرية والقومية والقارية والإقليمية والدولية لتقديم برامج أو دروس لتعليم اللغة لأميين أو للأجانب لنشر اللغة بين ثنايا المجتمع المقصود .
واصبحت الفضائيات التلفزيونية تنافس الجامعات في تقديم التواصل الاجتماعي بين الشعوب والأمم ، عبر بث الأفلام والمسلسلات مترجمة لعدة لغات لكسب جمهور المشاهدين . فأزدهرت اللغات المشاهدة عبر الأثير المبثوثة على الأقمار الصناعية التي تعود بقوة بثها للأرض ثانية .
وهناك عشرات الفضائيات الأجنبية التي تبث باللغات العربية والفارسية والأوردية والتركية والصينية والروسية وغيرها .

الإنترنت واللغات

لجأت الكثير من المواقع والشبكات والمنتديات الإلكترونية في العالم ، من مختلف الجنسيات ، إلى نشر جميع الأنباء والمواد الإعلامية عبر أثير الانترنت بلغة أو لغتين أو أكثر للوصول إلى أكبر عدد من المطالعين والقراء ، وبهذا فإن هناك فضلا كبيرا للحواسيب والانترنت في نشر اللغات ، حيث أنه بإمكان أي إنسان أن يدير قرص الانترنت على أي جريدة أو مجلة أو موقع أو شبكة أو منتدى إلكتروني في أي ساعة من ساعات النهار والليل ، متى شاء وكيف شاء عبر الخطوط الهاتفية الثابتة والمتنقلة . وبهذا يمكننا القول ، إن عصر الانترنت هو عصر تطوير وتحسين اللغات قاطبة وخاصة اللغات الحية في العالم بين الأمم ، فهو عصر السرعة والإتقان ، متمثلا بعصر إنتقاء المعلومة بأي لغة كانت ، مترجمة بلحظات ، بتكاليف مادية زهيدة .

الجامعات الأجنبية .. واللغات الاستعمارية الأمريكية – الألمانية – الفرنسية

تقوم الكثير من الدول الإستعمارية بالتسابق ، لتأسيس جامعات في بلاد الغير ، مثل بلدان الوطن العربي والإسلامي ، بقارتي آسيا وإفريقيا ، تحمل اسم تلك الدولة ، مثل الجامعة الأمريكية ، الجامعة الألمانية ، الجامعة الفرنسية . وهذه الجامعات تهدف للترويج ونشر لغة وثقافة وقشور حضارة المنشأ الأم ، وبذر بذور الفتن والمحن ، وإفساد الناس بتشجيع الانحلال الأخلاقي ونشر الرذائل والفواحش والكبائر والإباحية اللعينة ، وخاصة بين فئات الشباب العربي المسلم ، بدعاوى الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان والديموقراطية الزائفة المزيفة ، في بلدانهم وغزوهم فكريا وإيديولوجيا ودينيا وثقافيا في عقر دارهم ، وتجنيد الأتباع والمناصرين ، بتقديم السم بالدسم والفتات من الأموال من الدولارات النجسة واليوروات البخسة ، وليس الهدف منها تطوير البلد العربي أو الإسلامي ، الذي تؤسس فيه بأي حال من الأحوال . وقد استطاع مئات الطلبة العرب والمسلمين ، من تحويل هذه الجامعات الاستعمارية ، من جامعات تبشيرية إلى جامعات جهادية تتصدى وتتحدى لقوى الظلام والطغيان الاستعماري الغربي الأوروبي ، فأفشلوا العديد من هذه الهرطقات الاستعمارية الجديدة بوجوه أكاديمية مبرمجة . إلا أنه يمكننا القول ، إن هذه المؤسسات الأجنبية التعليمية العليا استطاعت أن تحقق بعض أهدافها وغاياتها الكريهة بإبدال لغاتها للتدريس الجامعي الأكاديمي ، محل اللغة العربية الأصيلة ، وتنشر الفساد والإنحلال بين بعض فئات المجتمعات العربية والإسلامية في ظل الصرعات الإعلامية والاتصالية العالمية المعاصرة .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

وقد ساهمت هذه الجامعات الأجنبية في تقليص السيادة العربية الإسلامية على عقول وأدمغة الطلبة الدارسين فيها ، كونها تدرس المناهج الأجنبية الغربية الغريبة عن الأمتين العربية والإسلامية ، وتشوه صورتهما الناصعة البياض تشويها مقصودا ، فهي أنوية ومؤسسات متقدمة للاستعمار الثقافي العصري الجديد .إضافة إلى ساديتها وإعتداءاتها السافرة على السيادة الجغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العامة . فاصبح عشرات آلاف الطلبة الملتحقين بها يعانون من الغربة البائسة والإغتراب النفسي والاجتماعي والاقتصادي في أرض آبائهم وأجدادهم ، تحدوهم سياسة التهجير القسري الذاتي بتشجيع استعماري ، والهجرة الجسدية والنفسية ، إلى البلدان الأجنبية صاحبة هذه الجامعات الخبيثة .
وبناء عليه ، فسلبيات هذه الجامعات الأمريكية والألمانية والفرنسية الخبيثة الخبيئة المرسومة بين ظهراني الأمتين العربية والأجنبية ، أكثر من إيجابياتها الإفتراضية ، خاصة وأنها جامعات خاصة ويلتحق بها أبناء كبار الأثرياء والسياسيين المهيمنين على مقدرات البلاد العربية والإسلامية ، فتساهم هذه الجامعات في إدارة الحكم الغربي في الوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الأكبر عن بعد بالطريقتين المباشرة وغير المباشرة .

وعلى النقيض من ذلك ، فرغم الأموال والثروات الطبيعية الطائلة العربية والإسلامية ، فإننا لم نرى أو نشاهد إنشاء جامعة عربية أو إسلامية في دولة من أوروبا أو أمريكا الشمالية أو الجنوبية أو في قارة آسيا أو إفريقيا ؟؟ فإلى متى هذه الاستباحة والسادية الثقافية الغربية ستبقى مسيطرة على الأدمغة التي تدير البلاد والعباد في الوطنين العربي والإسلامي ؟؟!

اللغات والتمازج والامتزاج الكلامي

كل لغة من لغات العالم ، محلية أو إقليمية أو عالمية ، أخذت من غيرها من اللغات ، فمنها من اقتبس أو نقل مفردات بعشرات الكلمات أو بمئات الكلمات أو بآلاف الكلمات ، وبالتالي فلا يوجد لغة نقية ، نقاء الماء الصافي ، في النبع الأرضي الأساسي أو نقاء الماء الهاطل من السماء . وبناء عليه نقول ، إن اللغات هي عبارة عن إمتزاج وإختلاط فكري وثقافي وديني وإيديولوجي واقتصادي ، عبر التاريخ الإنساني ، تستورد وتصدر مفردات لهذه اللغة أو تلك . ولا غضاضة في ذلك فالمسيرة الحياتية هي مسيرة إنسانية واحدة والهدف من ذلك هو التواصل الاجتماعي والتناصح بين الأفراد والجماعات والشعوب والأمم .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


رمزية اللغات الحية


ترمز اللغات الحية في هذا الأوان ، من الحياة البشرية لعدة مبادئ وشعارات وسياسات عامة ، ومن أهم هذه الرمزية ما يلي :
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

1. اللغة العربية – اللغة المقدسة في العالم ، وتقترن قداستها بقداسة كلام الله الأزلي بالقرآن الحكيم ، فهي اللغة الوحيدة التي نزل بها كتاب الله العزيز ، وبقيت سارية المفعول ولا تندثر ، كما إندثرت لغات الكتب والصحف السماوية السابقة .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


2. اللغة الإنجليزية – لغة التفاهم والتخاطب بين الأمم والشعوب في العالم . وتعمل على تطويرها بريطانيا ودول الكومنولث البريطانية بالتعاون مع الإمبراطورية الأمريكية الراهنة . وتعتبر في العصر الحاضر اللغة الإنجليزية لغة الاستعمار العسكري والاقتصادي الإرهابي الذي ينشر الرعب والخوف والفزع والهلع بين شعوب العالم المستضعفة في الأرض .
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

3. اللغة الفرنسية – اللغة الاستعمارية الثانية في العالم عبر الفرانكوفونية . وهي لغة الغنج والدلع والجنس والإهواء والإغواء .

4. اللغة الصينية – اللغة الإلحادية في العالم ونشر الشيوعية البائسة بين ظهراني الأمة الصينية المتصارعة .

5. اللغة الإسبانية : اللغة الاستعمارية التي تراجعت في العالم بعد أفول الإمبراطورية الإسبانية ، فلا تتحدث بها إلا إسبانيا ودول أمريكا الجنوبية ، وتعتبر اللغة الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية .
6. اللغة الروسية : وهي اللغة الجنسية البيضاء ، تراجعت بشكل غير مسبوق بعد إنهيار الاتحاد السوفياتي الشيوعي رسميا عام 1991 ، وهي لغة الاحتلال والتسلط الثقافي والفني المندثر . وهي لغة لم يكتب لها التمدد بسبب الفترة القصيرة للشيوعية الإلحادية العالمية التي امتدت لحوالي خمسة عقود زمنية فقط تقريبا .




نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

التمجيد اللغوي في العالم


يحاول كل شعب أو كل أمة الحفاظ على اللغة الأصلية الأم ، رسميا وشعبيا ، دينيا وثقافيا وفنيا ، وجغرافيا واقتصاديا وعسكريا ، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ، ولكن كما هو كائن يختلف عما يجب أن يكون عليه الوضع اللغوي العام . فمثلا ، إندثرت اللغة اللاتينية بالتفتت السياسي والنزاع العسكري والصراع الديني الداخلي بين الكنيسة النصرانية والإقطاعيين في قارة أوروبا ، فولدت عن اللغة اللاتينية عدة لغات منها : الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والألمانية والبلجيكية والروسية والسويدية والدانماركية ثم إنضمت إلها الأبجدية التركية وغيرها من فروع اللغة اللاتينية الأم .
وتمجد وتقدس كل قومية أوروبية لغتها الفرعية وتستبسل في الدفاع عنها ، رغم وجود الاتحاد الأوروبي كإطار هلامي وحدوي منتظر للشعوب الأوروبية .

أمة متعددة اللغات

تعتبر اللغة من المقومات الأساسية لتشكيل الأمة ، فالأمة بلا لغة قومية أساسية أو مركزية تصبح عرضة للتيارات العاتية الجارفة الآتية عليها من كل حدب وصوب ، من حيث تحتسب ولا تحتسب .
وغني عن القول ، إن الأمة متعددة الأعراق والطوائف واللغات ، هي أمة هشة غير متماسكة ، فاللغة أمر ضروري لتوحيد الكلمة ورص الصفوف بين أبناء الأمة الواحدة ، وكلما توحدت اللغة توحد الخطاب الديني والإعلامي والسياسي والعسكري والثقافي ، الداخلي والخارجي ، وكلما إقترنت اللغة بالإيديولوجية الدينية أو القومية أو الإنسانية كلما تعمقت وتجذرت الدعوات الوحدوية ، وتغلبت الأمة على الغزوات الثقافية الخارجية . فهناك شعوب أو أمم تعتمد لغة رسمية واحدة وبعضها يعتمد لغتين رسميتين ، والبعض الآخر يعتمد ثلاث لغات رسمية ، وهي ظاهرة من ظواهر القرن الحادي والعشرين . وكلما كانت اللغات متباينة ومشتتة كلما ابتعدت وتشرذمت أواصر التعاون والوحدة الجماعية والجغرافية .

الحروب اللغوية عبر القارات

تتعدد الحروب بين الشعوب والأمم في العالم ، لتشمل الحروب العسكرية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والثقافية والفكرية والإعلامية والفنية وسواها . وتعتبر الحروب الثقافية وخاصة اللغوية من الحروب الضروس التي تشتعل بين الفينة والأخرى ، في هذه الدولة أو تلك وفي هذه القارة أو تلك . وتعتمد أساليب الحرب النفسية بالدرجة الأولى على مخاطبة الشعب بلغته ومفاهيمه وتشويهها وتزويرها والتشكيك فيها ، لإيجاد الإنفصام اللغوي الثقافي وبث الفرقة والإنقسام والشقاق ، وبالتالي تسهيل الانقضاض الامبريالي على الفريسة المبتغاة في هذه القارة أو تلك ، قديما وحاضرا ومستقبلا .
وفي أجهزة المخابرات العالمية ، هناك مراكز ووحدات لغوية للتجسس والتنصت على الأعداء المفترضين ، ضمن وزارات الدفاع والخارجية ( المخابرات الخارجية والسفارات والقنصليات ) والإعلام ( التعدد اللغوي الفضائي ) والتربية والتعليم العالي والجامعات ( التدريس الجامعي والبعثات الأكاديمية المجانية ) وغيرها ، وتكون هذه المؤسسات الفرعية التابعة أو المستقلة ، بصورة مباشرة للرئاسة والحكومة باعتبارها السلطة التنفيذية لاقتناص الفرص وبناء العلاقات الطيبة مع الأمم والشعوب الأخرى ، من ناحية ، وسبر أغوار ثقافتها وشن الحرب النفسية على الأعداء منها من ناحية أخرى .

كلمة خضراء طيبة أخيرة

تلقى اللغة ، أي لغة في العالم ، الإهتمام المتزايد لتقدمها وإزدهارها وتطورها ، وتخصص الدول المتحضرة الميزانيات المالية الباهظة للإنفاق على التطوير والتنمية اللغوية ، ونشر اللغة بين ابناء الشعب المحلي والشعوب الأخرى في شتى بقاع العالم . ويتم توظيف واسع لعلماء اللغة والنفس والاجتماع والصوتيات والألسن لضمان استمرارية تطوير وتحسين اللغة نحو الحياة الفضلى والمثلى .
وتعتبر الأمة التي ترعى وتهتم بلغتها أمة متقدمة راقية تسعى نحو التقدم العلمي والإنساني المجيد . والانفتاح اللغوي سلاح ذو حدين : إيجابي وسلبي . تتمثل إيجابيته في التعاون المشترك مع الآخرين ، بينما تتمثل سلبيته من الجانب الآخر ، بهيمنة حضارة أو ثقافة قوية على أمة مستضعفة في الأرض ، فتظهر الأمة الغالبة والأمة المغلوبة أو الأمة القاهرة والأمة المقهورة ، واللغة كنواة للثقافة هي الوسيلة الأولى لقهر الآخرين ثم تأتي الأسلحة العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية وغيرها . وبوجود الفضائيات والانترنت فقد أضحت الحرب اللغوية بين الناس فرادى وجماعات وأحزاب ودول ، حربا جوية أكثر منها حربا برية أو بحرية .

وختامه مسك ، فندعو بهذا الدعاء الخالد الذي ورد بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد - البقرة ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .






نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي




نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي






نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي






نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي




نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي



نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي




نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي


__________________
نقره على هذا الشريط لعرض الصورة بالمقاس الحقيقي

ليست هناك تعليقات: