الاثنين، 1 نوفمبر 2010

الفضائيات التلفزيونية العالمية المستعربة .. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ .. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا

الفضائيات التلفزيونية العالمية المستعربة ..
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ..
إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)}( القرآن المجيد – النساء ) .

استهلال

تسبح في عالم الفضاء العربي والإسلامي ، الفضائيات التلفزيونية المحلية والعربية والإقليمية والعالمية ، وتتنافس هذه الفضائيات ربيبة الأقمار الصناعية ، في جلب الانتباه السكاني العام بمعالجة وطرق شتى المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والإعلامية والصحية والفنية والرياضية وغيرها . وتركز هذه الفضائيات التلفزيونية على الأنباء والنشرات الإخبارية الموجزة والمفصلة للترويج لسياسة معينة ، تهدف من ورائها تطبيق سياسة هذه الفضائية أو تلك الرامية إلى تحقيق الغايات والأهداف المبتغاة المرسومة مسبقا في إجراء غسيل دماغ لفئة كبيرة من المجتمع المستهدف ، التي توجه لهذه هذه الفضائية أو تلك إرسالها البصري المرئي بالصوت والصورة والحركة معا . وتكتسب الرسالة الإعلامية بالفضائيات التلفزيونية أهمية كبرى أكثر من غيرها من وسائل الإعلام المطبوعة أو المسموعة ، كونها تجمع الفعل الإعلامي المتعدد الأشكال والألوان : اللسان والعينين والأذنين والحواس الأخرى المتمثل بالكلمة والصوت والصورة .

أشكال الفضائيات التلفزيونية في العالم

تنقسم الفضائيات التلفزيونية التي تدور في الفضاء الخارجي ، على مدار الساعة ، وتعيد البث والإرسال عبر الأقمار الصناعية الإقليمية والعالمية ، المخصصة لها ، إلى عدة أشكال من حيث التمويل المالي :
أولا : الفضائيات العائلية :
وهي التي تمولها ، عائلة معينة أو فرد معين أو أسرة محددة . وهي فضائيات تمجد حمولة أو عائلة أو قبيلة معينة ، وبالتالي فإن انتشارها يكون ضعيفا .
ثانيا : الفضائيات الحزبية :
وهي التي تتبع لأحزاب سياسية للدعاية لبرامج واستراتيجيات سياسية وأيديولوجيات رأسمالية أو اشتراكية شيوعية أو إسلامية معينة . وأكثر المشاهدين لهذه الفضائية هم من الحزبيين أو المناصرين لسياسة الحزب السياسي . وبالتالي فإن عدد روادها قلائل .
ثالثا : الفضائيات التجارية ( الأهلية الخاصة ) :
وهي فضائيات خاصة ، تهدف لكسب المال ، عبر بث الدعايات والإعلانات التجارية ، مقبال أجر مادي معين . وهي الفضائيات الأكثر انتشارا والأخطر نفسيا واجتماعيا ، فهمها الترويج بغض النظر للناس الصالحين أو الطالحين ، وتسويق البضائع بغض النظر عن سعرها أو جودتها ، وهمها الكبير تحقيق الربح ، وفق سياسة ميكافيلي الإيطالي ( الغاية تبرر الوسيلة ) .
رابعا : الفضائيات الحكومية :
وهي التي تشرف عليها وتديرها حكومة الدولة ، وهي الفضائيات الأكثر شيوعا في الدول النامية . ويتردد الإنسان في إدارة مفتاح التلفاز باتجاهها لبثها شؤون الرئاسة والحكومة بشكل فج ، يجعل المشاهد يحس بالملل والضجر والهروب منها بعيدا .

تخصصات الفضائيات التلفزيونية

تتعدد الفضائيات التلفزيونية ، التي تسبح في عالم الفضاء بالسماء الدنيا ، من فضائيات عامة وفضائيات متخصصة في جوانب حياتية معينة ، لتشمل الأنواع التالية :
أولا : الفضائيات الشاملة :
وهي التي تشتمل على جميع الاحتياجات البشرية من الأنباء السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية والفنية والرياضية وغيرها . وهي الأكثر شيوعا وانتشارا في العالم .
ثانيا : الفضائيات الاقتصادية :
وهي التي تهتم بالاقتصاد المحلي والإقليمي والعالمي ، وتقدم شتى الأنباء والتقارير والتحقيقات الاقتصادية : الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية والخدمية وسواها . وهي وسائل إعلامية متخصصة تستجلب أنظار ومشاهدات فئة معينة من المجتمع تهتم بالزوايا الاقتصادية وإنشاء المشاريع الاقتصادية والتنموية والبنية التحتية وما شابهها .
ثالثا : الفضائيات الدينية : تتخصص هذه الفضائيات الدينية ، بنشر تعاليم دين معين مع الدين الإسلامي أو الهندوسي أو البوذي أو النصراني أو اليهودي أو غيره . وتعتبر هذه الفضائيات من الفضائيات الموجهة والملتزمة بتعاليم دينية معينة ويحاول معظمها تشويه الفعاليات الدينية الأخرى . ويقوم على هذه الفضائيات جهات دينية حكومية أو حزبية أو عائلية أو فردية ، لنشر الرسالة الإيمانية لأتباع هذا الدين أو ذاك . وهناك فضائيات متعددة المذاهب والملل والنحل التي ترد على بعضها البعض وتسفه بعضها البعض أحيانا ، وكل جماعة بدينها مسرورة وفرحة .
رابعا : الفضائيات الفنية : وهي التي تهتم بالفن وبث الأغاني القديمة والعصرية ، وتهدف لتقديم التسلية والترويح لفئة كبيرة من المجتمع . وهذه الفضائيات من وسائل الإعلام العرجاء التي تسوق العهر والكلاحة وكأنها ملاه ليلية أو كباريهات أو بيوت دعارة على الهواء المباشر ، وتروج للفن الهابط في أسفل سافلين ، وتؤثر تاثيرا سلبيا على الأجيال الشابة ، فتجعلها مائعة مخنثة .
خامسا : الفضائياتت الإباحية : التي تهتم بالجنس وتبث الإباحية البهيمية الحيوانية ، بين المشاهدين ، وهي خطيرة جدا على التنشئة الاجتماعية الحياتية العامة ، وخاصة للمراهقين والمراهقات ، كونها تبث بالهواء المفتوح للجميع بلا استثناء ، فيقع المراهقون في حبائلها ، ويغدون من متابعيها المنتظمين ، مع ما تسبب من تردي في الأخلاق ونشر الأخلاق الذميمة ، وتصور الحياة وكأنها حياة جنسية فقط .
سادسا : الفضائيات التعليمية ( المدرسية والجامعية ) : وهي فضائيات تستحق الثناء والتقدير ، كونها تهتم ببث الدروس المدرسية والمحاضرات الجامعية لطلبة العلم ، عن بعد ، عبر الفضائية المغلقة أو المفتوحة بالتواصل المباشر بين إدارة وطاقم الفضائية والمشاهدين من الفئات الطلابية المستفيدة من هذه البث التلفزيوني الفضائي .
سابعا : الفضائيات الرياضية : التي تتخصص بلعبة رياضية معينة وخاصة كرم القدم المشهورة عالميا ، أو تكون متعددة الألعاب الرياضية . وهذه الفضائيات تقتل أوقات المشاهدين المغرمين بالألعاب الرياضية ، ومتابعة المباريات والمهرجانات والمسابقات الرياضية

ثامنا : الفضائيات الاجتماعية : التي تناقش هموم الناس ، وتحاول إرشادهم عبر الإخصائيين النفسيين والمتخصصين بعلم النفس والاجتماع والخدمة المجتمعية وغيرها .
تاسعا : الفضائيات الصحية : التي تهتم بالصحة والطب وتتناول كافة الشؤون الطبية المتعلقة بالإنسان وأجهزته البدنية والعقلية وما إلى ذلك .
عاشرا : الفضائيات الأسرية : المتخصصة بالأمومة والطفولة وشؤون الأسرة العامة .
حادي عشر : فضائيات أخرى : تعالج مواضيع تنوعة .

الفضائيات العربية

تنتشر مئات الفضائيات العربية على مختلف الأقمار الصناعية العربية والأجنبية ، إلا أن معظم هذه الفضائيات محطات تلفزيونية سطحية ، ولا تعالج الهموم الحقيقية للأمة العربية ، بل إن الكثير منها لا يشاهده إلا فئة صغيرة من المجتمع المحلي ، فمعظم هذه الفضائيات تهتم بالقصور الملكية والجمهورية بشكل أساسي ، ولا تعالج هموم إقليمية أو عالمية إلا ما ندر مما يحدو بالمشاهدين للبحث عن قنوات فضائية أخرى تلبي رغباتهم في معرفة المزيد من الأنباء والفعاليات العالمية .









وتحتل ( قناة الجزيرة ) في قطر ، وفضائية ( العربية ) في دبي ، وفضائية ( أم بي سي ) وقناة ( أبو ظبي ) ، وغيرها مكانة شعبية بين جمهور المشاهدين العرب ، ولا تتمكن الفضائيات الأخرى من منافستها . وتعود الأسباب في ذلك لعدة عوامل من أهمها :
أولا : التمويل المالي الكبير .
ثانيا : التنوع في البرامج المتقنة فنيا .
ثالثا : التعددية السياسية في الآراء وحرية التعبير عن الذات .
رابعا : البث على نطاق واسع دون تشويش إلكتروني .
خامسا : إنتقاء المذيعين ومعدي ومقدمي البرامج والمراسلين المشهورين من ذوي الكفاءة العالية .
سادسا : الشهرة الإعلامية العالمية .
سابعا : البعد عن الردح الإعلامي .
ثامنا : إنتشار المكاتب الصحفية والمراسلين في مناطق وقارات متعددة ، وخاصة في مراكز صنع القرار الدولي .
تاسعا : البث الحي المباشر للأحداث المهمة في العالم .
عاشرا : القرب النفسي من المشاهدين ، وعدم التمترس للدعاية لنظام سياسي أو عسكري أو اقتصادي معين .
حادي عشر : تعددية الجنسيات العربية الطاقم العامل بالفضائية .
ثاني عشر : الآنية وحجم طاقم الفضائية الإداري والفني والتقني والمهني الكبير الذي يعمل طيلة 24 ساعة لنقل الأحداث والمستجدات أولا بأول .
ثالث عشر : وجود مواقع إلكترونية على شبكة الانترنت لهذه الفضائيات ستهل عملية التواصل معها .











وقد لعبت الفضائيات التلفزيونية العربية أدوارا إيجابية وسلبية مختلفة ، في الآن ذاته ، حسب توجهات القناة الفضائية السياسية وتبعيتها لنظام سياسي معين . وتعتبر السياسة الإعلامية لقناة الجزيرة الفضائية هي الأكثر قولا لدى جمهور المشاهدين العرب ، لتعدديتها الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية ، وتخصيصها البرامج المتنوعة والمتعددة المشارب والأهواء . وملاحقتها للحدث الجديد والمتواصل بصورة دائمة ومستمرة . وتتعرض الفضائيات العربية لتحديات إعلامية شتى ، سياسية وتمويلية وثقافية ، وتأخذ الفضائيات الأجنبية نصيبا معينا من المشاهدين العرب ، مما يؤثر على فعالية الفضائيات العربية باتجاه سلبي ويقلل من مشاهديها . ويمكننا القول ، إن المشاهدين العرب لا يمكنهم الاستغناء عن متابعة الفضائيات العربية عموما ، والفضائية المحلية لهذه الدولة أو تلك خصوصا كونها تنقل الأحداث المحلية ولو بنسبة بسيطة غير كبيرة لما يجري فعليا على ساحة الأحداث .



أسباب الابتعاد العربي عن الفضائيات العربية

معظم الأجواء السماوية في الأرض العربية والإسلامية مستباحة ، من شذوذ الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية ، فتبث هذه الفضائيات السافلة الفاضحة بلا رقيب أو رقابة حقيقية عليها ، كون الأقمار الصناعية ألغت ما يسمى بالحدود الصناعية قبل الحدود الطبيعية للإعلام الفضائي بين الأمم والشعوب والدول كما فعلت الشبكة العنكبوتية الدولية ( الانترنت ) .
على أي حال ، هناك العديد من العوامل والدوافع التي تجعل الكثير من المشاهدين العرب يعزفون ويبتعدون عن متابعة فضائية بلدهم أو الفضائيات العربية ، من أهمها :
أولا : الهشاشة المهنية ونقص الخبرات المهنية المتمرسة من ذوي الخبرات الإعلامية المتميزة .
ثانيا : تكرار وجوه المذيعين والمذيعات بصورة مستمرة وهذا ناجم عن قلة عدد العاملين بالفضائية العربية .
ثالثا : غياب الجرأة والشجاعة في طرح الآراء والأفكار .
رابعا : الترويج والتهويل الإعلامي للنظام الحاكم في البلاد بصورة مملة تمجها أذان السامعين والمشاهدين باستمرار تكرار الخطابات والبيانات الحكومية الجوفاء .
خامسا : منافسة الفضائيات الأجنبية الناطقة بالعربية للفضائيات العربية . وتفوق الفضائيات الأجنبية على العربية مهنيا .
سادسا : غياب الصدق والمصداقية ووجود الشك وعدم الثقة بهذه الفضائية العربية أو تلك .
سابعا : عدم وجود الآنية في نقل الأحداث المباشرة .
ثامنا : قلة الخبرة الفنية الإلكترونية في الكثير من الفضائيات العربية .
تاسعا : غياب المواقع الإلكترونية الحقيقية على شبكة الانترنت .
عاشرا : تخصيص أوقات طويلة للمسلسلات التلفزيونية المملة ، وترديد الأغاني التافهة السخيفة لمن يسمون بالفنانين .
حادي عشر : الردح الإعلامي الرسمي العربي وتهويل الصراع بين بعض الأنظمة العربية ، فيجعل المشاهدين العرب يتجنبون هذه الصراعات السياسية والإعلامية التهويلية عبر هذه الفضائية العربية أو تلك .
ثاني عشر : الأشرطة الإخبارية ( الأنباء ) بأسفل شاشة الفضائية التلفزيونية التي لا تلبي آمال وطموحات المشاهدين العرب ، وتجعلهم يهربون من هذه الأنباء المكررة المعادة بصيغ أخرى ، وغياب التعددية والتنوع المهني .
ثالث عشر : غياب اللغة العربية السليمة ، واستخدام اللغات المحكية المحلية .
رابع عشر : التضارب المهني الديني بين الكثير من الفضائيات الدينية العائلية والخاصة التي يغيب عنها المهنية والتخصصية العميقة ووجود الهذيان المذهبي السطحي في بعضها . مثل الفضائيات العرقية والطائفية والقبلية التي تنشر الفتنة وتحاول إشعال النعرات العنصرية وتبتعد عن الموضوعية والنزاهة والشفافية والأمانة الأخلاقية والعلمية .
خامس عشر : بث الأفكار الهدامة المسمومة للجمهور العربي ، التي تحابي وتدعو لتقليد الغرب العلماني والإلحادي الاستعماري ، والإنحلال الإخلاقي ، والبعد عن الإسلام ، بشكل مباشر أو غير مباشر .

الفضائيات الأجنبية الشريرة الناطقة باللغة العربية .. إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا

يقول الله الحميد المجيد عز وجل : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) }( القرآن المجيد - الإنسان ) .

تعتبر الفضائيات الأجنبية رمزا من رموز الاستعمار الثقافي الغربي العصري المتجدد الذي يغزو العقول والعواطف بالمنازل والمطابخ والصالونات وغرف الاستقبال في جميع أرجاء المعمورة بشكل ظاهري أو باطني ، طوعي أو بهلواني متحايل على المستهدفين .
فالصفير والتصفيق ( مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ابتهاجا بالفضائيات الأجنبية ، ليس من الأمور المحمودة أو القيم الفضلى المثلى ، في الوطنين العربي والإسلامي ، الذي يحاول تزييفه وتمريره أتباع الطابور الخامس بأوساط الأقوام والشعوب الإسلامية ، ف ( ليس كل ما يلمع ذهبا ) .
فمن جهتها ، تغزو الفضائيات الأجنبية العالمية ، التي تتبع لدول استعمارية الكرة الأرضية ، التي تبث بلغات شتى ، إنجليزية ( الكومنولث ) وفرنسية ( الفرانكوفونية ) وإسبانية وروسية وصينية وعربية وفارسية وغيرها . وعلى الصعيد العربي والإسلامي ، هناك العديد من الفضائيات الأجنبية التي تبث لأبناء الأمتين العربية والإسلامية بلغة الضاد ، اللغة العربية ، للتأثير في الرأي العام ، وكسب التعاطف الشعبي العربي لسياسات استعمارية خفية أو علنية ، وتنميقها وتزويقها لإجراء غسيل دماغ تدريجي مبرمج لعقلية الإنسان العربي المسلم . ومن أمثلة هذه الفضائيات التلفزيونية : فضائية ( الحرة ) الأمريكية ، وفضائية ( بي بي سي ) البريطانية ، وفضائية ( فرانس 24 ) ، الفرنسية ، والفضائية ( الصينية ) وفضائية ( روسيا اليوم ) ، وغيرها .

















وتقدم هذه الفضائيات الأجنبية العالمية ، الناطقة باللغة العربية ، المقدسة لدى الأمة العربية ، كونها لغة القرآن المجيد ، خدمات إعلامية متواصلة للمشاهدين والمتفرجين العرب ، منافسة بذلك الخدمات الإعلامية للفضائيات العربية ، لا بل إن بعض هذه الفضائيات تكتسب صداقة ومصداقية نفسية واجتماعية لدى المشاهدين العرب أكثر من تلفزيونات وفضائيات بلدانهم .

أهداف الفضائيات المستعربة .. الإبتذال والإبدال والإحلال

يقول الله الحي القيوم جل جلاله : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) }( القرآن المجيد ، الشعراء ) .
تهدف الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية ، إلى تحقيق العديد من الأهداف والغايات الخبيثة ، إلى جانب اهتمامها بالشؤون العربية والإسلامية ، وفق سياسات ( فرق تسد ) و ( الإبتذال والإبدال والإحلال ) بمعنى تبديل الأفكار وإحلال الثقافات الغربية محلها ، ومن أهم هذه الأهداف والغايات الشيطانية الخبيثة الآتي :
أولا : بث الروايات والإشاعات والدعايات والوشايات الكاذبة لتغيير وجهة نظر المشاهدين الناطقين باللغة العربية في الوطنين العربي والإسلامي وفق سياسات ( فرق تسد ) و نشر الفتنة الطائفية وتمزق الشعب والأمة العربية والإسلامية .
ثانيا : العمل على تحريك الشارع العربي والإسلامي ، وجعله يتقبل السياسات الموجهة للحكومات التي تمول هذه الفضائيات الغربية التوجهات الغريبة الأطوار .
ثالثا : التشكيك بالرموز الإسلامية العظيمة . ومن أمثلة ذلك التشكيك بالتاريخ الإسلامي ، والمصطفى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين ، ببث الإلحاد والوثنية المادية وتقديس الأباطرة والرؤساء والقادة الأجانب ، والتشكيك بالكتاب الإسلامي الأول وهو القرآن المجيد ، الدستور الرباني العظيم ، بشتى الطرق الماكرة الخادعة بخبث ولوم مع سبق الإصرار والترصد ، لإبعاد العرب والمسلمين عن دين الله في الأرض وتسهيل الهيمنة والسيطرة عليهم .
رابعا : جعل الرأي العام العربي والإسلامي يدور في فلك الترويج الإعلامي الاستعماري ، واستقطاب الناس لتأليبهم ضد الحكومات الرشيدة المناوئة للاستعمار والامبريالية والاحتلال ، كما يحدث في تركيا وإيران والسودان وغيرها . وجذب الناس باتجاه الحكومات الموالية للاستعمار الأجنبي كمصر والعراق وأفغانستان وسواها .
خامسا : شن الحرب النفسية المتواصلة على أبناء الأمتين العربية والإسلامية ، وتكرار الحط من قيمتهما وقدرهما وتاريخهما وحضارتهما ، وبث الفرقة والتشرذم ، وتشجيع الحركات الانفصالية كما يحدث في السودان ، وبث الفتن الداخلية والحرب الأهلية كما حدث في لبنان وفلسطين والصومال وخلافها .
سادسا : الدفاع عن سياسات استعمارية جديدة ، كالشرق الأوسط الجديد ، وتجزئة الدول العربية لدويلات طائفية كالترويج لتقسيم العراق ، أرض الرافدين ، لثلاث دول : الشيعة في الجنوب ، والسنة في الوسط ، والأكراد في الشمال . وتقسيم السودان لأربع دول : الجنوب ودارفور بالغرب والشرق والشمال ، والإبقاء على الحرب الطاحنة في الصومال وغيرها .
سابعا : الترويج الاقتصادي الرسمالي او الاشتراكي الشيوعي . كما تفعل الفضائيات الأمريكية والروسية والصينية والبريطانية والفرنسية الناطقة باللغة العربية .
ثامنا : الترويج للبرامج المدمرة دينيا واجتماعيا ، والإدعاء بعلم الغيب والتنجيم ، مثل ( ما تقوله لك الأبراج ؟؟ ) وكأن الأبراج هي التي تقرر مصير الإنسان . وهذا تسخيف وتسفيه واستخفاف بعقلية المواطنين العاديين العرب والمسلمين .

ومختصر القول ، إن الفضائيات الأجنبية الاستعمارية التي تنطق بلغة الضاد ، اللغة العربية المجيدة المقدسة ، لحوالي 400 مليون عربي ، لم تأت لخدمة الأمة العربية بل جاءت لتمزيقها وتقتيتها إربا إربا ، لتحقيق مصالحها الاستعمارية البذيئة ، وتجميل القبيح وتقبيح الجميل ، والإدعاء ببث الحريات الفردية والحزبية والجماعية والدفاع عن حقوق الإنسان والمرأة وما شابه من هذه الإسطوانة الإلكترونية المشروخة التي لم تعد تنطوي على أحد . فلا تحسبوا أن تخصيص مئات ملايين الدولارات سنويا لتمويل هذه الفضائيات الأجنبية جاءت لنشر العلوم والمعارف في الوطن العربي أو الوطن الإسلامي ، بل على النقيض من لك فلقد أتت محملة بافكار غريبة وغربية ، مستخدمة بعض الإعلاميين أو الصحافيين عبر شراء الذمم ، بدولارات بخسة ، الذين يعملون بها لتقريب سياساتها من الأذان والأبصار العربية والإسلامية .
وكلمة لا بد منها ، وهي أن جميع هذه الفضائيات الأجنبية قد فشلت فشلا ذريعا ، في تحقيق مبتغاها ، وأخذت تجر أذيال الخيبة ، كقناة ( الحرة ) الاستعمارية الأمريكية ، فبعد أن تم تأسيسها بقرار حكومي امريكي ، وخصص لها ميزانية سنوية قدرها 90 مليون دولار ، بدأت أصوات أمريكية تنادي بلإغلاقها لأنها لم تعد قادرة على المنافسة ، ولم يعد المشاهد العربي أو المسلم ، يلجأ لها أو يصدق برامجها الخبيثة . وأخفقت الفضائية اليهودية الناطقة بالعربية الممولة صهيونيا ، في الكيان الصهيوني في إلحاق المشاهدين العرب بها في فلسطين المحتلة . وكذلك الحال بالنسبة للفضائية الروسية أو الفضائية الفرنسية أو البريطانية ، فجلها أخفقت في الوصول إلى الثقة العربية والإسلامية اللهم إلا من بعض الموالين من ضيقي الأفق ، من الرذاذ الجماهيري الذي يرتبط بمصالح اقتصادية مع هذه الدولة الاستعارية أو تلك .





الفضائيات الأجنبية المستعربة .. في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب

يقول الله العلي العظيم جل جلاله : { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آَمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15) أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16)}( القرآن الحكيم – الحديد ) .

فيا أيها الإعلاميون النجباء لا تشتغلوا بالفضائيات الأجنبية التي تغزو الديار العربية والإسلامية ، ولا تناصروا الكفار والفجار والمنافقين والسفهاء ولا تكونوا من المتخاذلين ، لخدمة الأهداف الاستعمارية المرسومة لكم ولأمتكم ، واسعوا إلى تغليب المصلحة العليا للأمتين الإسلامية والعربية الاستراتيجية على المصلحة الشخصية الأنانية الآنية ، التي تقدم الخدمات الإعلامية شبه المجانية للأعداء لقاء دولارات بخسة أو يوروات قليلة . هداكم الله الواحد القهار الهادي إلى سبيل الرشاد .
وإذا اضطررتم للعمل بهذه القنوات الفضائية الغربية الغريبة ، الفاضحة الناطحة ، فلا تكونوا كالسوس في بيدر القمح العربي أو الإسلامي النقي بل كونوا خدم لأمتكم المجيدة في باطن وقلب هذه الفضائيات الإعلامية المستعربة التي تبغي بث الغسيل الوسخ للعرب والمسلمين وتهجيرهم من حضارتهم وثقافتهم الأصيلة الأصلية . ولا تغتروا بأموالهم واقوالهم الظاهرية التي ينطقون بها بألسنتهم الحلوة التي تخفي الخبث والخبائث في جميع أجزاء جسمها وتناصب الأمة الإسلامية العداء تلو العداء . فلا تكونوا من المنافقين لهم وبهم ، لتحقيق مآربكم المالية ، وتنفيذ رغباتهم وتطلعاتهم وآمالهم اللعينة ، والرزق على الله الرزاق ذو القوة المتين .

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ .. أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ

يقول الله السميع البصير جل جلاله : { لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) }( القرآن المجيد ، البلد ) .

ويمكن القول بأن هناك فضائيات تنطق بالعربية ، بصورة صورية ، وقلبها في واشنطن أو باريس أو لندن أو موسكو أو بكين ، أو تل أبيب وغيرها ، وتهدف لهدم الحضارة والثقافة العربية الإسلامية الأصيلة . وعلى العكس من ذلك ، هناك فضائيات عربية أو إسلامية تنشر روح التعاون والتكافل الاجتماعي والتكامل الاقتصادي بين أبناء الأمتين العربية والإسلامية ، كفضائية ( العالم ) الإيرانية وفضائية ( التركية ) التي تقدم خدمات إعلامية مباشرة لتوحيد الصف الإسلامي ، وإن كانت تهدف إلى ربط المشاهد أو المتفرج العربي بسياسة هذه الدولة أو تلك ، ولكنها تبقى الأفضل والأمثل من بعض الفضائيات العربية التي تمولها الحكومات العربية الرسمية وتمجد هذا الزعيم أو ذاك ، التي هربت أبصار وأذان العرب منها .









كلمة أخيرة .. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

وكلمة أخيرة خضراء طيبة يانعة ، لإدارات الإعلام الفضائي التلفزيوني الإلكتروني ، سواء في الفضائيات العربية الأصلية والأصيلة أو المستعربة ، ولجميع العاملين في الفضائيات العربية والإسلامية كافة ، والطواقم المهنية والفنية العاملة بها أتقوا الله في أبناء أمتكم ، أبناء الأمة العربية والأمة الإسلامية ، خير أمة أخرجت للناس ، وكونوا على قدر المسؤولية الدينية والإنسانية والقومية ، ولترفع التوجيهات الحكومية العليا عن الفضائيات العربية ، لتكتسب المصداقية المهنية ، وتجنيب المشاهدين العرب للانتقال للفضائيات الأجنبية التي تبث الهموم والسموم والإلحاد والإباحية المقيتة ، في ثنايا المجتمعات العربية والإسلامية عبر العالم . فاتقوا طعنات الحرب النفسية الثقافية الجوية التي تهبط على الرؤوس كالصواريخ والكوابيس في البيوت ، ليلا ونهارا ، وتعبئ العقول وتشحن النفوس بالمعتقدات والفكار الغربية الدخيلة على الأمتين العربية والإسلامية ، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا بالقسطاس المستقيم ، وتذكروا جميعا ، فردا فردا ، وجماعة جماعة ، وحزبا حزبا ، وفئة فئة ، قول الله الحسيب الرقيب جل شأنه : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }( القرآن المجيد – ق ) .

وبناء عليه ، فإنه لا بد من تجنب خطوات الشياطين من الجن والإنس . وشياطين الإعلام الفضائي السماوي الأرضي ، من الإنس ، كثر وما أكثرهم في هذا الزمان والمكان ، فيظهرون من عش الدبابير أو يخرجون من جحور الأفاعي الكبيرة السامة بالسنتها ولعابها المميت ، أو يقومون بحركات بهلوانية كالحراذين ، ويحسبها البعيد تصلي وهي تقوم بحركات غير مفهومة بكل اتجاه واتجاه ، أو كالحرباوات المتلونة ، لتتناسب مع كل بيئة وتختفي كلما سنحت لها الفرصة بذلك ، أو تنقض كالضباغ أو الذئاب على الفرائس العربية والإسلامية ، وتجرحها وتمرغ بها الأرض . ولهذا كله ، ينبغي أخذ الحيطة والحذر والاحتراس والتنبه من المواد المبثوثة بالفضائيات ، بشتى اللغات المحلية والإقليمية والعالمية ومنها اللغة العربية ، وانتقاء الفضائيات التلفزيونية المعتدلة صاحبة الإتزان والرزانة والابتعاد عن الفضائيات الطنانة الرنانة ، التي تمجد الأشخاص تمجيدا كبيرا .
وليبرز دعاة الإصلاح والتغيير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أولي النهي والألباب والأبصار ، من المحسنين المتقين ، لمواجهة أهل الفساد الأمرين بالمنكر والناهين عن المعروف ، من السفهاء والبلهاء من الملحدين والضالين والمغضوب عليهم ، في صراع جدلي بين الخير والشر ، بين الحق والباطل ، والنصر لأهل الحق والحقيقة إن عاجلا أو آجلا .
والآباء والأمهات ، يتحملون الأمانة والمسوؤلية الإسلامية والقومية والوطنية والإنسانية ، في كبح جماح الفضائيات الأجنبية الموتورة والفضائيات اللأخلاقية العربية السافلة ، بغية تنشئة الأسرة العربية المسلمة الملتزمة بتعاليم الرسالة الإسلامية المثلى والفضلى لبناء المجتمع الإنساني السليم ، بعيدا عن التكريش والتهويش والتنجيش والتجييش والتحويش والتنبيش .

وختامه مسك ، فندعو بهذا الدعاء الخالد الذي ورد بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد ، البقرة ) .

كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي الخالد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: