الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

أيام التوظيف بالجامعات الفلسطينية .. وهمية استعراضية إعلامية بلا توظيف

أيام التوظيف بالجامعات الفلسطينية ..
وهمية استعراضية إعلامية بلا توظيف

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (19) أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) }( القرآن المجيد – الملك ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 13 / ص 212) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ " .

استهلال

تتوزع 15 جامعة فلسطينية وحوالي 30 كلية جامعية متوسطة في فلسطين ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) إذ تحتضن في أحضانها الرحيمة الرؤوفة أكثر من 220 ألف طالب وطالبة في الدرجات الجامعية الثلاث : البكالوريوس والماجستير بالإضافة إلى الدبلوم المتوسط . ويلتحق هؤلاء الطلبة بالجامعات الفلسطينية ، من شتى المحافظات الفلسطينية لينهلوا من مناهل العلوم والمعارف العملية والنظرية على السواء سواء بسواء . وبعد إنهاء سنوات التعليم العالي وفق العبء الأكاديمي بساعاته المعتمدة ، يتحصل الطالب عند تخرجة على الشهادة الجامعية الأولى أو الثانية بانتظار الارتقاء للثالثة وهي درجة الدكتوراه المفقودة في الجامعات الفلسطينية باستثناء جامعة النجاح الوطنية بنابلس التي تقبل 5 طلاب دكتوراه في الكيمياء كل سنتين ، وجامعة الأقصى بغزة التي تدير برنامجا للدكتوراه بالتعاون مع جامعة عين شمس المصرية على نطاق ضيق .

يوم التوظيف للخريجين الجدد

من أهداف الجامعات الفلسطينية كغيرها من الجامعات في العالم ، نشر العلوم والمعارف لأبناء الوطن والأجيال الفلسطينية ، القابع تحت براثن الاحتلال الصهيوني البغيض ، بأقل التكاليف المالية الممكنة ، بعيدا عن الغربة والاغتراب الاجتماعي ، وتجنبا للتهجير الطوعي والقسري للمتعلمين والعقول والأدمغة الفلسطينية ، وتخريج أفواج جامعية تسعى لمواكبة النهوض والتطوير الشامل لفلسطين . وكذلك من ضمن الفعاليات اللامنهجية والخدمات للخريجين ، بالإضافة للغايات والأهداف السالفة ، تبادر معظم الجامعات الفلسطينية وربما بعض المعاهد العليا ( الكليات الحكومية وكليات المجتمع العامة والخاصة ) لتنظيم يوم التوظيف السنوي في كل فصل دراسي أو مع نهاية العام الأكاديمي حسب الهمة والنشاط والحاجة .
وفي سبيل هذا الهدف السامي للترابط والتنمية المجتمعية بين مؤسسات التعليم العالي في فلسطين ، والشركات والمؤسسات والمصانع والمنشآت الاقتصادية ، على اختلاف أسمائها ومسمياتها ، عينت الجامعات المحلية ، طاقما متخصصا للإشراف على تنظيم يوم التوظيف في الحرم الجامعي ، حيث يقوم هذا الطاقم ، الذي أصبحت لديه الخبرة العملية لتوازي الخبرة النظرية في هذا المضمار ، بالتدريب على كيفية المقابلات وإعداد السير الذاتية المهنية للخرجين ، وعقد بعض الدورات اللغوية ، وكيفية تقديم الخريج نفسه أمام الشركات المشاركة في الإطلاع على مؤهلات وخبرات الخريجين الفلسطينيين الجدد .

سوق توظيفي وهمي .. بلا توظيف

من خلال متابعة شؤون وشجون الكثير من أيام التوظيف السنوية المتعددة ، في بعض الجامعات الفلسطينية ، في الضفة الغربية ، سجلنا الملاحظات الآتية :
أولا : مشاركة قليلة في عدد شركات ومؤسسات التوظيف المفترضة ، بسبب ضعف أسواق العمل الفلسطينية في البلاد ، أو لعدم إيمان المؤسسات والشركات بأيام التوظيف الجامعية .
ثانيا : مشاركة مستويات الإدارة الدنيا في الكثير من الأحيان ، لمقابلة الخريجين الجدد ، فيقوم الخريج الجديد بتوزيع سيرته المهنية الذاتية على المؤسسات والشركات المشاركة ، فيفاجئ بأن الذين يقابلونه لا يمتلكون القرار الإداري بأي حال من الأحوال . وفي أيام توظيف معتمدة شارك مراسلون ( فراشون ) أو موظفو خدمات عامة ، لاستلام طلبات التوظيف ؟ وهذا استهتار ما بعده استهتار بالخريجين الجدد وبمنظمي يوم التوظيف الجامعي – المجتمعي بالجامعة الفلسطينية .
ثالثا : سوء الإدارة في التنسيق والتنظيم لأيام التوظيف في الجامعات المحلية الفلسطينية .
رابعا : عدم إختيار الأوقات المناسبة لتوظيف أو استخدام موظفين جدد لدى المؤسسات والشركات المشاركة . وكل الهم هو حضور أو مشاركة عدد معين من مستقبلي طلبات التوظيف التي سرعان ما تلقى بهذه السير المهنية في سلة المهملات .
خامسا : مطالبة المؤسسات المشاركة بخبرات متوسطة أو طويلة للخريجين الجدد . مع العلم المسبق أن هؤلاء الخريجين ليس لديهم سنوات خبرة ، فهم إجتازوا الدرجة الجامعية مؤخرا ولم يلتحقوا بفرص عمل .
سادسا : غياب الوزارات الفلسطينية عن أيام التوظيف ، مع العلم أنه من الضروري أن تسعى الكثير من الوزارات الفلسطينية لاستقطاب واستيعاب الخريجين الجدد من ذوي المعدلات العالية ، من أوائل الطلبة في الأقسام الأكاديمية والمهنية في الجامعات الفلسطينية ، دعما للجامعات المحلية وتيسيرا للخريجين الجدد في الإلتحاق بركب سوق العمل في البلاد .
سابعا : عودة جميع الخريجين أو السواد الأعظم منهم بلا وظائف ، مع ما يعكسه ذلك من انتشار اليأس والقنوط وتبخر الآمال والأماني لدى الخرجين الجدد . وبث سياسة مقاطعة أيام التوظيف الهزلية غير المجدية في كثير من الأحيان .
ثامنا : تذمر أهالي الخريجين ، من أيام التوظيف الفلسطينية ، والشك والتشكيك ، بسبب التكاليف التي قد يدفعها ابنهم الخريج الجامعي ، ذهابا وإيابا ، ليوم العرض والطلب ، دون فائدة تذكر ، وخاصة من سكان المحافظات الفلسطينية البعيدة عن الحرم الجامعي القادمين ، من المدن والقرى والمخيمات من شمال وجنوب الضفة الغربية .
على أي حال ، لقد اثبتت أيام التوظيف الفلسطينية ، من خلال العرض والطلب ، في الحرم الجامعي الفلسطيني ، فشلا جزئيا وفي بعض الأحيان شهدت فشلا ذريعا مدويا ، ولم يتم توظيف أي خريج ، بل كان هذا اليوم مضيعة للوقت ، وقت الطاقم الجامعي المتخصص المشرف على تنظيم يوم التوظيف الجامعي ، ووقت المشاركين بيوم التوظيف من الخريجين الجدد والمستقبلين ، لطلبات التوظيف الوهمية التي لا تصل إلى الحد المؤمول به في إيجاد فرص عمل جديدة لهؤلاء الخريجين .
على العموم ، إن وحدات الإشراف على توظيف الخريجين الجامعيين الفلسطينيين ، تستحق الثناء والتقدير ، والتشجيع المستمر لتطوير أيام التوظيف والتسويق البشري بالجامعات الفلسطينية ، حيث استطاعت العمل على استيعاب خريجين جدد وخاصة في أسواق العمل الخارجية كأسواق العمل في السعودية ودول الخليج العربي الأخرى ، والخلل يعود للمؤسسات والشركات والمنشآت المشاركة ، بالدرجة الأولى ، التي لا تحترم نفسها في الكثير من الأحيان ، فتأتي للدعاية الإعلامية والترويج الإعلاني التجاري أو الخدمي دون مقابل مادي ، فقط لا أكثر ولا أقل ، حيث تلجأ للتوظيف المهني عبر الواسطات والمحسوبيات والمعارف وتترك أوائل الخريجين بلا عمل في هذا الميدان أو ذاك .

يا أصحاب يوم التوظيف الجامعي .. لا تعدوا مسلسل أيام التوظيف فقط

تلجأ الجامعات الفلسطينية ، لعد أيام التوظيف التي نظمتها في الحرم الجامعي في كل فصل دراسي او عام جامعي ، على مدار سنوات جامعية متتالية أو متباعدة ، بلا مردود حقيقي ، والهدف يكون محاكاة الجامعات الفلسطينية الأخرى ، والاستعراض الإعلامي أو البياني أو الخطابي أمام الخريجين وأهاليهم ، وتسجيل أنباء وفعاليات جامعية وهمية لا وجود فعلي لها على أرض الواقع . فتحسب بعض هذه الجامعات ، يوم التوظيف الأول ، يوم التوظيف الثاني ، ... يوم التوظيف العاشر .. إلخ . وفي حقيقة الأمر فإنها لا تحصي عدد المستفيدين من أيام التوظيف الفعلية ، بل تخفي أعداد الخريجين المستفيدين من هذه الخدمات التوفيقية بين الجامعات ومؤسسات المجتمع المحلي .
ونقول للأسف ، إن بعض أيام التوظيف أصابها حمى المهرجانات والخطابات الجوفاء ، فيمل الخريج المشارك والمؤسسات المشاركة من خطابات المسؤولين الفارغة من المحتوى والمضمون ، التي أعدت للاستهلاك الإعلامي ، وتروج لسياسات ومواضيع عابرة أو مستهلكة ، بلا توظيف حقيقي .
وبناء عليه ، لا بد من شن حملة إعلامية واقتصادية تشغيلية مكثفة ، لإنجاح أيام التوظيف في الجامعات المحلية الفلسطينية ، وعدم إلغائها ، لتربط الخريجين والجامعات من جهة بالمجتمع المحلي الفلسطينية من جهة أخرى ، وتعميق الترابط العلمي والعملي ، وفق تكاملية التعليم العالي والتشغيل الأكاديمي والمهني والاقتصادي .

أيام التوظيف الجامعية .. والوزارات الفلسطينية

تحتاج الوزارات الفلسطينية ، سنويا ، لموظفين جدد ، فرادى وجماعات ، من مختلف التخصصات ، في بداية السنة المالية ، أو السنة الشمسية ، حيث يتم الإعلان عن الوظائف والشواغر في مقراتها وفروعها ، في المحافظات الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة ، ولا تشارك في الكثير من الأحيان بأيام التوظيف التي تنظمها الجامعات الفلسطينية المحلية ، لأسباب شتى ، علما بأنه من الأجدى والأمثل لها المشاركة في مثل هذه الفعاليات الجامعية ، باستثناء وزارة التربية والتعليم العالي ، والصحة ، كونها تنظم مقابلات ذاتية لها ، فتلجأ لنشر إعلانات وطلبات التوظيف ، عبر ديوان الموظفين العام في رام الله أو غزة ، من خلال الموقع الالكتروني على الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) ، وعبر الصحف المحلية ( القدس والأيام والحياة الجديدة ) كلها مجتمعة أو بعضها . وفي غالب الأحيان ، تكون الوظائف المعلنة على الملأ ، مفصلة بمقاسات ضيقة لأشخاص محددين حزبيا أو عائليا أو صداقة أو غيرها ، فتحل الواسطة والمحسوبية محل المؤهلات والتخصصات ويبقى الخريج الجامعي الفلسطيني يلهث خلف سراب المقابلات الوزارية الحكومية بلا جدوى ؟؟! فإلى متى هذا الأمر يا ترى ؟؟!


يوم التوظيف الفلسطيني الشامل .. شوفوني ولا تنسوني

لعله من المفيد الإسراع في تنظيم يوم التوظيف الفلسطيني الشامل والمتكامل في مدينة فلسطينية ، بصورة دورية ، بشكل سنوي ، أو تنظيم يوم توظيفي جامعي ، بفروع جامعية متعددة ، للخريجين الجدد ، مع وجود منافسة بين القادمين للتوظيف والمستقبلين لهم ، بإشراف لجنة أو طاقم توظيف جامعي متخصص ومدرب ، موحد متحد بين مؤسسات التعليم العالي في فلسطين ، للتخفيف على الخريجين . وكذلك لا بد ، من إدخال التقنية الإلكترونية في أيام التوظيف الجامعية ، وتقديم عناوين الشركات والمؤسسات الراغبة في التوظيف الحقيقي ، وعدم جلب من يريد الدعاية ، كما يقول المثل الشعبي العربي ( شوفوني ولا تنسوني ) ، فهؤلاء لا حاجة للخرجين الجدد في رؤيتهم كونهم يلعبون بأعصابهم ، ويضيعون وقتهم ، ويقتلون ويبددون آمالهم وأمانيهم في الحصول على وظيفة جديدة مناسبة لمؤهلاتهم العلمية والعملية .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

يا أيها الخريجون .. ويا أيها المشاركون باستقبال الموظفين المفترضين الجدد .. ويا أيها المنظمون لأيام التوظيف الجامعي .. اتقوا الله وكونوا جادين وجديين ، لا هزليين ، بمشاركتكم النبيلة في الانتقاء أو الأنزواء ، ولا تضيعوا أوقاتكم هباء منثورا ، فالوقت من ذهب . فمثلا ، لماذا يحضر الخريج الجامعي ، وهو على رأس عمله ؟ فليتح فرصة عمل لأخيه أو زميله الخريج ، ولماذا يحضر ممن ليس لديه فرص عمل للتوظيف ، ويتعب نفسه ويتعب الآخرين ؟ ولماذا يستدعي طاقم الإشراف الجامعي على يوم التوظيف هؤلاء ؟ . ويجب التأكد والتأكيد في الآن ذاته ، على جدية وحاجة الخريجين للعمل الجديد ، والانتقال من الحياة العلمية الجامعية المثالية للحياة العملية الواقعية . ونقول للخرجين الجدد لا تيأسوا ولا تقطنوا من رحمة وفضل الله فاستمروا في طرق أبواب أسواق العمل فستجدون ما يسركم ولو بعد حين من الدهر .

آملين أيام توظيف جامعية فالحة ناجحة وموفقة للجميع في فلسطين : خريجين وممثلي مؤسسات وشركات وطاقم إشرافي .

وندعو ونقول كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

مافيا إدعاء الألوهية على الانترنت .. وسفيه قلقيلية وليد حساين .. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ

مافيا إدعاء الألوهية على الانترنت ..
وسفيه قلقيلية وليد حساين ..
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}( القرآن المجيد – التين ) .

استهلال

تتعدد المشارب والأهواء الإنسانية في بني آدم ، وتتباين الثقافات والرؤى الخيالية من الخير والشر ، وتلتهم النزوات الشهوانية في المنصب والجاه والشهرة الزائفة المزيفة ، والنزغات الشيطانية عقول بعض الناس من ذوي الإنحرافات الأخلاقية المنحطة ، فيصبح الإنسان والحالة هذه يهذي هذيانا غير مفهوم ، ويتبجح تبجحا متواصلا بالكبرياء والإستكبار المزعوم ، رغم تعدد الفصول بالسنة ، وتساقط الأمطار من الغيوم ، بغواية شيطانية شريرة ، فيتقمص بعض الناس شخصيات خيالية ، ويوهم من حوله والآخرين بأنه إنسان خدوم ، فيسارع لإدعاء النبوة المزيفة أو الإلوهية في سباق زمني ومكاني محموم ، وينبهر بعض الحثالات البشرية من مافيا المخدرات والجنس واللصوص والأنانية والطفولية والعنجهية للإصطفاف خلفه ، خوفا وجزعا ومحاكاة وتقليد أعمى ، للخروج من الهموم والغموم قدر الإمكان بعد أن يكون قد لفظهم المجتمع السوي بسبب سفاهاتهم وخزعبلاتهم وخرافاتهم ، ويعاملهم كالبهائم لا كالإنسان .
وهناك الكثير من السفهاء والبلهاء ، من شياطين الإنس المتحصلين على شهادات جامعية ، ومن ذوي الميول للسحر والشعوذة ، الذين زعموا أنهم أنبياء أو رسل من الله الحي القيوم ، رغم ختم الرسالات السماوية بخاتم الأنبياء والمرسلين المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هؤلاء من تتطور معه الحالة المرضية ، ليزعم أنه إله ، والعياذ بالله الحليم العظيم . وهناك من يبدأ دعوته الشيطانية ، بالإدعاء بأنه المخلص للبشرية من الحروب والفقر والأزمة الاقتصادية المستفحلة فيهرب بخياله المريض التعيس للإدعاء بأنه ( المهدي المنتظر ) وهي حالات كثيرة وغريبة عجيبة ، فظهر مثل هؤلاء في مصر وفي العراق ، وفلسطين ، وفي غيرها من البلدان والأقطار العربية والإسلامية والأوروبية والأمريكية .


النمرود وإدعاء الألوهية في العراق .. قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ

لا تقتصر حالات إعلان الألوهية على العصر المعاش الحاضر ، بل سبقت ذلك بزمن طويل عبر القرون الخالية ، من شتى العقليات السخيفة الممتلئة ماليا ووجاهيا وحكما تسلطيا أو فقيرة الحال والجاه . فمن هذه الحالات التاريخية ظهرت دعوة الملك النمرود ملك بابل بأرض الرافدين ( دجلة والفرات ) بالعراق اليوم الذي أهلكه الله شديد العقاب ، زمن نبي الله إبراهيم عليه السلام أي بحوالي سنة 1950 قبل الميلاد .
يقول الله تبارك وتعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

فرعون وإدعاء الألوهية في مصر .. قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ

وفي حالة تاريخية مشهورة ثانية ، أرخها وذكرها الله العزيز الحميد في الكتاب الإسلامي المقدس الأول ، زمن نبي الله موسى عليه السلام في أرض النيل العظيم ، بالكنانة في مصر ، حوالي 1227 قبل الميلاد ، لتكون عبرة وعظة للبشر ، من جميع الأجناس والأعراق والحضارات واللغات .
يقول الله الغني الحميد جل ثناؤه : { وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) }( القرآن الكريم - غافر ) .
ويقول الله تبارك وتعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (33) فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (34) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (35) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (36) فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)}( القرآن الحكيم – النازعات ) .

الإيمان بالله العظيم

نطقت الآيات القرآنية العظيمة بالدعوة النبوية الإسلامية على لسان رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)}( القرآن العظيم – الأعراف ) .

وهناك الكثير من الناس من فئة الكفار الفجار الذين يجادلون ، مجادلة سفسطائية بيزنطية لا تسمن ولا تغني من جوع مادي أو معنوي ، فمصيرهم إلى نار جهنم خالدين فيها ، فذلك جزاء المتكبرين الضالين . يقول الله ذو الجلال والإكرام جل جلاله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77)}( القرآن الحكيم – غافر ) .

كثيرة هي الخزعبلات في القرون السابقة ، والقرن الحالي ، فهناك العديد من الفراعنة والأباطرة الذين أدعوا الإلوهية ، فقصة نبي الله إبراهيم عليه السلام مع الملك النمرود ، في العراق مسجلة وموثقة تاريخيا ، بالقرآن المجيد ، وكذلك فإن قصة نبي الله موسى عليه السلام مع فرعون مصر ، مسجلة وموثقة دينيا وتاريخيا بالقرآن العظيم . ولماذا لا يستفاد من هذه التجارب الإيمانية ، وأخذ العبر والعظات التاريخية والدينية والنفسية والاجتماعية منها في العصر الراهن . وفي بعض الأحيان ، يلجا من تسول له نفسه العظمة والإغترار الزائف المزيف بالنفس ، للمبادرة لإدعاء الإلوهية ( بأن الواحد منهم إله – والعياذ بالله العزيز الحكيم رب العالمين ) تقليدا لبعض الملوك والأباطرة الملحدين السفهاء عبر القرون الماضية بغية لفت الإنتباه لهم ونيل الشهرة الإعلامية ببجاحة ونقاصة عقل مدوية ، فينالون الفضيحة القبيحة بين الناس وتركلهم الناس بأرجلهم وتصفعهم صفعات مجلجلة إعلاميا وبدنيا ومعنويا ويجعلون أسرهم وعائلاتهم تعيش في عار وخزي أبدي فتسارع للبراءة منهم وتدين أفعالهم وأقوالهم الإلحادية المشركة القبيحة .

خزعبلات وأساطير الدجال الصغير ( وليد حساين ) سفيه قلقيلية بفلسطين

لا نريد تضخيم الموضوع ، ولكن في آخر تقليعة إلكترونية ، غير مسبوقة ، وسفاهة ما بعدها سفاهة ، هي ظهور دجال صغير ، بعمره الفتي وأفقه الضيق ، وإلحاده غير السوي ، عبر إقدام سفيه من مدينة قلقيلية بالضفة الغربية بفلسطين المحتلة ، يدعى ( وليد خالد حساين ) واضعا اسمه المستعار ( وليد الحسيني ) البالغ من العمر 25 عاما ، وخريج الجامعة العربية الأمريكية في جنين ، بتخصص التربية وعلم النفس ، بإدعاء الألوهية على موقع ( الفيس بوك ) على شبكة الانترنت الواسعة الانتشار .

فلم يجد هذا الملحد المغرر به من مافيا الإلحاد ، في البلاد ، الدجال الصغير عملا وظيفيا ، فاشتغل بصالون حلاقة ، ليحلق للناس الشعر الزائد عنهم وتجميلهم ، ويأخذ رزقه من بين يديه ، ويوفر بذلك قوت يومه ويستعد لمستقبله غير الزاهر . فأغواه قرينه شيطانه الشرير فارتكب كبيرة كبرى من الكبائر وهي الإشراك الله ، فأخذ يرتاد مقاهي الانترنت لكتابة سخافاته الملحدة على صفحة الفيس بوك ، فانكشف أمره ، وقبض عليه متلبسا بالجريمة العظمى ، والخيانة الدينية الكبرى ، بإدعاء الألوهية ، التي يستحق عليها الإعدام ، وبات في قبضة الأجهزة الأمنية الفلسطينية ، يقبع في مكان مجهول غير معلوم ، فطالبت والدته بحكمه بالسجن المؤبد للحفاظ عليه ، خوفا على حياته الرخيصة ، فيوم القيامة يتمنى أن يكون نسيا ومنسيا ، وأن لم تكن ولدته أمه ، وسيبقى ذكره مذموما مدحورا في الأرض المقدسة وخارجها في الحياة الدنيا . والأمة الإسلامية لا تنسى مثل هؤلاء الدجالين الكفرة الفجرة مهما طال الزمن ، وغاب وجهه وذكره عن الألسن .


لماذا لجأ الدجال الصغير وليد خالد حساين لإدعاء الألوهية ؟؟!

يقول الله الرشيد الصبور جل جلاله : { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) }( القرآن الكريم – الأنعام ) .

كنموذج كتابي مطبوع على الفيس بوك بالشبكة العنكبوتية العالمية ، ظهرت وطبعت هذه السفاهات والخزعبلات والتفاهات حيث أدعى الدجال الصغير الفاسد ( وليد خالد حساين ) مدعي الألوهية العبثي وزمرته ساخراً بالناس على صفحته السافلة : " " ادعوني استجب لكم " .. " وأنا ربكم الأعلى فاتبعون " ، .. " بعد وفاة آخر رسلي ( محمد ) ، ولأنه لا يمكنني أن أبعث نبياً آخر ، قررت أن أتواصل معكم عبر هذا الموقع لكي أعلمكم بوجودي وأستجيب لدعواتكم " .
هناك العديد من الاحتمالات والسيناريوهات التي حدت بالشاب الساكن الدجال الصغير في قلقيلية ، من عبدة الشيطان الرجيم ( وليد خالد حساين ) ولا أقول فلسطيني ، لأن الفلسطينية منه براء ، ففلسطين هي الأرض المقدسة ، وأرض الأنبياء والمرسلين ، وأرض الإسراء والمعراج ، ومأوى ومقبرة الكثير من الأنبياء والرسل المرسلين من رب العالمين ، وهي أرض الأولياء والصالحين ، ولا مكان فيها للفجرة والكفرة المرتدين . وأهم هذه الاحتمالات والخيارات الآتي :
أولا : الدعم الإلحادي الداخلي من أحد الأحزاب الماركسية الملحدة في فلسطين ( العمل الجماعي الإلحادي – مافيا إعلان الألوهية ) . لنشر الإباحية والإلحاد بين صفوف الشباب الفلسطيني ، والاستهزاء بالدين الإسلامي العظيم وإلهائهم بقضايا ثانوية بعيدة عن الجهاد الأصغر والأكبر في سبيل الله ، والإنهزامية والإنبطاحية ، ونسيان الاحتلال الصهيوني الأثيم الرجيم .
ثانيا : الدعم الأمني والنفسي الصهيوني لإختراق الشبكة العنكبوتية العالمية ، ونشر الفساد والإفساد بين الناس عامة وأهل فلسطين الأصليين خاصة ، وتبني منظمات المافيا الإلحادية الشريرة ، لهذه السخافات والهرطقات والسفالات الإلكترونية . ويظهر ذلك من خلال نشر الرموز اليهودية والصهيونية المرافقة للموقع الإلكتروني الذي يعود للملحد الصغير وليد حساين وزمرته الفاسقة المرتدة عن الإسلام في فلسطين وخارجها .
ثالثا : التبني الأمريكي لأفكار غريبة عجيبة ونشرها على الانتر نت وإشغال الكثير من الناس ومنهم كبار العلماء المسلمين في الرد على هذه الأمور البدعية غير المبدعة ، بمعنى إتباع ( سياسة الإلهاء والإغواء ) الأمريكية السرية التي تتبع سياسة ميكافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة ) . وذلك للرد على الحركات والتنظيمات الإسلامية المنتشرة في فلسطين ، وبث الضلال والتضليل . ونرى ذلك ، من خلال الإعلان الإعلامي الأمريكي كسبق صحفي ، عن هذا السافل النذل وليد حساين قبل غيرها من المواقع الإلكترونية .
رابعا : الهوس والمرض النفسي وجنون العظمة الذي يدعيه هذا الشاب المنحط أخلاقيا ودينيا فأغواه الشيطان إبليس الرجيم بهذه السخافات والهرطقات والأساطير العصرية لينال الشهرة الزائفة مثل أبي لهب وأبي جهل في الجاهلية الأولى . ويمكن القول ، إن السافل وليد خالد حساين قد سبق إبليس نفسه في هذا المجال . ومهما يكن من أمر ، فإنه من غير المعقول ، أن يعلن هذا الشاب القذر عن نفسه بأنه ( الله ) ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم جل جلاله ، من تلقاء نفسه لولا وجود شلة خبيثة أو مافيا من شياطين الإنس التي تؤزه أزا أزا ، وتبهر له عمله ، وتمده ماليا ومعنويا وإعلاميا ، وهو فرح بهذا الهذيان الجنوني ، ليقوم بإخراج تخريجاته المهووسة على الملأ في فضاء الإنترنت الذي لا توقفه حدود طبيعية أو صناعية بين دول وقارات العالم .


الفيس بوك اللعين




لقد سقط من السلسلة العنكبوتية الهشة ، الدجال الصغير وليد حساين ، ابن قلقيلية العبثي القذر غير النجيب ، المنبوذ أسريا ومجتمعيا ، الذي تبرأت منه عائلته وأبناء مدينة قلقيلية النجباء الكرماء المسلمين ، وفلسطين بأجمعها باستثناء بعض الحثالات على شاكلته وهوسه الجنوني الذين واصلوا بعد اعتقاله هوسهم بإنشاء موقع جديد بدلا عن الموقع الذي أغلقته إدارة الفيس بوك على الانترنت ، بعد الاحتجاجات بمئات آلاف الرسائل الإلكترونية . فقد سقط هذا الشاب في مهاوى الردى ، وأصبح مطاردا لكل مسلم شريف ، في الحياة الدنيا ، فيجب محاكمته ومحاكمة المافيا التي ينتمي إليها محاكمة علنية سريعة عادلة ، فقد تجاوز بسلوكياته المشينة ونشر الفتنة والحط من قيمة الدين الإسلامي خاتمة الرسالات ، وسخر واستهزأ من كل إنسان مؤمن تقي ورع ، وتعدى كل الخطوط الحمر ، واعتدى على الذات الإلهية المقدسة لدى جميع المؤمنين من أتباع الديانات السماوية الإسلام والنصرانية واليهودية ، وسيلقى جزاؤه الحازم وعذابه الشديد ، من رب العالمين يوم الحساب العظيم بيوم البعث ويوم القيامة الرهيب .
يقول الله الحي القيوم عز وجل : { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11) قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (12) وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) }( القرآن المجيد – الأنعام ) .

على أي حال ، لم يشرك المتأله ومحرف آيات القرآن المجيد ذو الوجه الشيطاني قبح الله وجهه وليد خالد الحساين ، إشراكا بمناداته بأنه إله ثان أو ثالث أو هكذا ، بل جعل نفسه الإله الجديد ( الله ) على الشبكة الإلكترونية ، هذا الشاب المنحط ، لم يدعي الإشراك بالله ، مع إن الشرك لظلم عظيم ، بل نادى بنفسه أنه ( الله - الإله الجديد ) على الانترنت ، فدخل مئات آلاف الأشخاص ، على صفحته ضمن الموقع الإلكتروني الاجتماعي اليهودي المنشأ والمصب والمنبع ( فيس بوك ) ، فجاء البعض القبيح اللسان والذيل ، ليؤازه بإلحاده وسذاجته وصفاقته ، والبعض الآخر من المتفرجين الفزعين المندهشين المتعجبين من هذه الحثالات السافلة ، ليشاهد هرطقاته وخزعبلاته القذرة ، وجاء البعض الثالث من المؤمنين المتقين الأخيار ، ليرد عليه تفاهاته وقذارته النتنة ، ويعزره ويلعنه باللعنات الكبرى . ولا بد من القول ، إنه لا يجب أن تحاسب أسرة أو عائلة حساين بكاملها بجريرة ابنهم الفاسد الجديد فلا دخل لهم بذلك .
يقول الله الواحد القهار عز وجل : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}( القرآن المجيد – الحجر ) .
ومن نافلة القول ، إنني أتطرق لهذا الأمر الجلل ، لعدة أسباب من أهمها : الإرشاد الديني السليم ، وتحذير الشباب في فلسطين والعالم من الإنجرار وراء صفاقات هزلية أو دعوات ماكرة خبيثة ضالة ومضلة ومضللة ، وضرورة عدم الاستهزاء بالدين الإسلامي العظيم ، الصالح لكل زمان ومكان . فانظروا لقول حكيم من حكماء القرون الخالية ، وهو لقمان ، كما ورد بالآيات القرآنية المجيدة الكريمة . يقول الله العلي العظيم جل جلاله : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22)}( القرآن المجيد – لقمان ) .

عقاب الإشراك بالله العلي العظيم

يقول الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد لوم يكن له كفوا أحد تبارك وتعالى : { قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمْ مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69) وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (71) قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (73) وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (74) وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75)}( القرآن المجيد – النمل ) .

على العموم ، هناك جملة من الآيات القرآنية الكريمة التي أوضحت العقوبات الإلهية ، الصارمة ضد المشركين والملحدين ، من أبرزها ما يلي :
أولا : الذم والخذلان : يقول الله تعالى : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)}( القرآن المجيد – الإسراء ) .
ثانيا : الإلقاء في جهنم ملوما مدحورا : يقول الله تعالى : { ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا (39)}( القرآن المجيد – الإسراء ) .
ثالثا : عدم فلاح الكفار : يقول الله تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118)}( القرآن المجيد – المؤمنون ) .
رابعا : التعذيب الإلهي : يقول الله تعالى : { فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)}( القرآن المجيد – الشعراء ) .
خامسا : النذير المبين :
يقول الله الحليم العظيم : { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) }( القرآن المجيد – الذاريات ) .
سادسا : الهلاك النهائي والرجوع الحتمي إلى الله : يقول الله السميع العليم عز وجل : { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85) وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (86) وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)}( القرآن المجيد – القصص ) .

الإنسان والوسوسة .. والرقابة الإلهية

يقول الله العزيز الوهاب جل شأنه : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }( القرآن المجيد – ق ) .
إن الإنسان مخير بين أتباع الخير واجتناب الشر أو الولوج في براثن الشر والأشرار ، وشتان ما بين الصنفين من الناس ، فالإنسان الطيب المبارك الصالح ، من يتبع دين الفطرة الإنسانية ، وهو الدين الإسلامي العظيم ، والإنسان الشرير الطالح من يتبع الشهوات والرذائل وينزل نفسه في أسفل سافلين .
على كل الأحوال ، ينبغي تكثيف منابع الدعوة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة ، لنشر الصحوة الإسلامية الجديدة ، القائمة على الإيمان الحقيقي ، وتشجيع العودة للدين الإسلامي الحنيف . ويجب إختراق الشبكات الإلحادية الإلكترونية على الانترنت ، واستقطاب الأعضاء منهم ، فقد يكونون أكثر تصديا وشجاعة من غيرهم في كشف مكر وخبث وألاعيب الملحدين الكافرين .

مقاطعة المواقع الإلحادية والإباحية

ينبغي على المسلمين من رواد شبكة الانترنت ، مقاطعة المواقع الإلحادية والإباحية ، وعدم زيارتها ، أو الترويج لها بحسن نية ، بأي حال من الأحوال ، وضرورة الإبلاغ لأولي الأمر والنهي عن عناوين هذه المواقع التافهة ، ليتداركوا الموقف ، ويتخذوا القرار المناسب .
يقول الله اللطيف الخبير جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }( القرآن المجيد – النساء ) . ويقول الله القوي العزيز عز وجل : { وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) }( القرآن الحكيم – الأنعام ) .

وكلمة لا بد منها ، إن المسلمين المتقين الأبرار سيبقون يواجهون الفجار الكفار الأشرار ، سواء في الديار العربية أو الإسلامية أو في مختلف قارات العالم ، إلى قيام الساعة ، وفق الصراع بين الحق والباطل ، فنرى ونشاهد الكثير من المهووسين من أبناء جلدتنا أو المستشرقين والمستعربين ، الذين يتعرضون للدين الإسلامي الحنيف ، بالتشويه ووصفه بالإرهاب ، ويسمون المجاهدين المسلمين بالإرهابيين ، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا . فالصراع سيبقى محتدما بين المؤمنين والكافرين ، بين المسلمين والملحدين ، وهناك شبكات دعارة إلحادية تنشر قذارتها وسفالتها الفكرية والثقافية عبر الشبكة العنكبوتية ، فحولت نعمة الانترنت إلى نقمة مزرية بسبب يأسها وإحباطها وفشلها في الحياة الدنيا وفي كسب الأتباع والمريدين وسرعان ما تذوى وتذوب إلى غير رجعة ، هذه الشبكات الإلحادية وتغيب طالما لا تلاقي رواجا بين الناس .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

يقول الله الحميد المجيد جل جلاله : { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (8)}( القرآن المبين – الحديد ) .

يا معشر الشباب في كل مكان ..
عليكم المسارعة للالتحاق بالركب الإسلامي العظيم ، فالرسالة الإسلامية ، هي المنقذ من الضلال ، ولديها كل شيء لحل مشكلات ومعضلات العالم ، وهي تضع المبادئ والأسس والقواعد والأصول الدنيوية والأخروية التي تهدف إلى إسعاد البشرية جمعاء ، نفسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا وثقافيا وحضاريا وغيرها ، وفق منطق العدل والعدالة الشاملة والحق وإزهاق الباطل الشرير .
فيا معشر الشباب ، عليكم بالفطرة الإنسانية ، واجتنبوا الكبائر والموبقات والدسائس والمؤامرات الخبيثة على شعوبكم وأمتكم العربية الإسلامية ، وفطرتكم الإنسانية ، وابقوا لكم في هذه الحياة الدنيا الثناء الحسن الطيب بين الناس ، ولا تذروا أنفسكم محل الاستهزاء البشري والغواية الشيطانية التي تحط من قدر المرء وتجعله في جحيم الخالدين الآثمين ، حيث أنهم سيلاقون الجزاء الرباني المحتوم بالعذاب الأليم . ولتكن مساعيكم نحو الحياة الفضلى ، والمثل العليا ، ومكارم الأخلاق الفاضلة النبيلة ، وعدم التعثر بعثرات الإلحاد البائسة في الحياتين : الدنيا الفانية والآخرة الباقية ، والآخرة خير وأبقى .

وفي هذا الصدد ، لا بد من الإكثار من ترديد دعاء نبي الله نوح عليه السلام : { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) } ( القرآن المجيد ، نوح ) .
كما ندعو ونقول كما جاء بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}( القرآن المجيد – البقرة ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الأحد، 21 نوفمبر 2010

الأزمة الاقتصادية العالمية 2008 – 2010 .. وطباعة الدولار الأمريكي .. والحل الإسلامي

الأزمة الاقتصادية العالمية 2008 – 2010 ..
وطباعة الدولار الأمريكي ..
والحل الإسلامي

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .

استهلال

بعد صعود نجم الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الأولى ، وما تبعها من الإستعلاء والهيمنة والاستكبار الأمريكي ، وهزيمة النازية الألمانية والفاشية الإيطالية والإمبراطورية اليابانية ، سبقت الولايات المتحدة الاتحاد السوفياتي ، في البناء الاقتصادي العالمي ، وذلك بالرغم من تبني الاتحاد السوفياتي النظرية الاقتصادية الماركسية ، واعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على النظام الرأسمالي الحر ، الذي لا يهدف إلا لتحقيق الأرباح الخيالية بغض النظر عن الطر ق والوسائل المشروعة وغير المشروعة .
ومن المعلوم أن الأزمة الاقتصادية الأمريكية ما بين عامي 1929 – 1933 كانت المقدمة الشريرة لخوض الحرب العالمية الثانية عام 1939 ، بسبب الانهيار الاقتصادي في نيويورك والكساد واستفحال الأزمة الاقتصادية العالمية وإنطلاقها الشرير نحو بقية قارات العالم .
والشيء بالشيء يذكر ، وفي تطور مخيف ظهرت أنياب الأزمة الاقتصادية العالمية ، في مختلف قارات العالم ، إذ برزت وطفت على السطح الأزمة الاقتصادية العالمية ، في صيف 2008 ، وتفاقمت عام 2009 ، ولا زالت ترخي أجنحتها المتهدلة وتلقي بظلالها الكئيبة في عام 2010 دون التمكن من محاصرتها ووضع الحلول الناجعة لها .

نشوء وإمتداد الأزمة المالية العالمية

لم تستطع كل الوصفات العلاجية الاقتصادية الدولية ، في وقف امتداد هذه الأزمة المالية المتضخمة اسبوعا بعد أسبوع وشهرا بعد شهر وفصلا بعد فصل وسنة بعد أخرى في جميع أرجاء العالم ، فزادت البطالة ، وتعززت الشللية الإقليمية والدولية ، وطغت الأسعار العالية ، وتضاربت أسعار العملات في أسواق الصرافة ، فأنخفضت أو خفضت قيمتها لا فرق ، والنتيجة واحدة ، وكذلك أفلست الشركات والبنوك ، وأغلقت المصانع ، وانتحر الكثير من رجال الأعمال الخاسرين الذين خسروا أموالهم وحياتهم وأصيب بعض الاقتصاديين بجلطات دماغية أذهبت العقول والألباب ، وانتحب الكثير من الناس بعدما خسرت تجارتهم في البورصات المحلية والإقليمية والدولية .. إلخ .
وعلى العكس من ذلك ، وضعت الخطط والبرامج البديلة ، وطبقت الحلول الاقتصادية المفترضة ، وفاضت السلال والحقائب متدفقة تدفقا إنسيابيا ماليا منحدرا نحو الأسفل ، من الخطط والبرامج التطويرية والعلاجية لانقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد الأمريكي المتبخر ، أولا بأول ، والاقتصاد العالمي المتدهور ، متجمدا كالقطبين الشمالي والجنوبي دون حراك فعلي متيسر ، وعقدت الاجتماعات القومية والتئمت القمم الاقتصادية لمجموعة الثماني الكبار ، ومجموعة الكبار العشرين الاقتصادية ، وطافت وفود الرؤساء والحكام ، بين العواصم لعل وعسى أن تجد من يهديها سواء السبيل . ولكن لا جدوى من كل هذه الاجتماعات التي خرجت بفقاعات إعلامية توجيهية وإرشادية ، لا تسمن ولا تغني من جوع ، وعلى مرأى ومسمع من العالم في تصرفات فردية لا مبالية سارعت الولايات المتحدة ، أم الرأسمالية الربوية العالمية الفاجرة ، السائرة نحو الهاوية ، لطباعة عملتها مجددا بكميات مذهلة وهائلة لا تعد ولا تحصى إلا على أجهزة الحواسيب الإلكترونية لأن العد اليدوي صعب جدا لهذه الأموال الجديدة المتدفقة بلا رصيد اقتصادي فعلي أو تنمية اقتصادية تعويضية عن الخسائر المدرجة في الفواتير والحسابات العالمية المتعاظمة والديون الأمامية والخلفية ، من اليمين والشمال ، دون حسيب أو رقيب إنساني مجيد .
يقول الله الحميد المجيد ذو الجلال والإكرام عز وجل : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280) وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وطباعة وتوزيع 1.6 ترليون دولار

على أي حال ، لقد عمد البنك المركزي الأمريكي الذي يطلق عليه في أمريكا ( البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ) بين عامي 2008 – 2009 م إلى طبع الدولار من جديد ، بما توازي قيمته ورقيا نظريا لا فعليا ، أكثر من ترليون دولار ( 1000 مليار دولار ) . وللهروب من المواجهة الحقيقية ووقف مد الجزر الاقتصادي الأمريكي والعالمي ، تداعى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لطباعة أكثر من 600 مليار دولار في خريف العام الحالي 2010 ، حيث اتخذ قرار الطباعة الجديد للدولار الأمريكي ، كعملة عالمية صعبة وسهلة في الآن ذاته ، في الوقت الحالي ، الذي تقوم به الولايات المتحدة عبر بنكها المركزي ، بشراء سندات الخزينة في تشرين الثاني 2010 .
والغاية من الطباعة الورقية للعملة الأمريكية العالمية ، تبرر الوسيلة ، المتمثلة بشراء ثروات العالم مجانا بلا مقابل ، اللهم إلا من ثمن الأوراق الملونة المطبوعة من أثمان ورق وحبر وأيدي عاملة وستهلاك آلات وما شابهها . فأمريكا تستغفل العالم ، في محاولة يائسة منها للإبقاء على هيمنتها الاقتصادية على دول العالم وقاراته ، بالفهلوة والكلام المنمق ، وتبدو السياسة الاميركية والحالة هذه ، في ظل الاستعمار الاقتصادي القديم والجديد للعالم بجهاته الأربع ، عن سبق الاصرار والترصد ، وكأنها تسعى لإطالة عمرها الاقتصادي المزيف الخاوي من الاقتصاد القوي الفعلي في ثنايا الاقتصاد العالمي .

سندات الديون الأمريكية 14 ترليون دولار

وتتحمل الدول الكبرى ، المتضعضعة اقتصاديا هي الأخرى ، المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والقانوية ، عن هذا الهذيان الاقتصادي العام في العالم ، سواء منها مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى أو المجموعة الجديدة التي أوجدتها سياسة الشر والخبث الأمريكية المتمثلة بمجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى في العالم . والهدف من إيجاد المجموعة الكبرى الاقتصادية العالمية هو إطالة وقت هيمنة وسيطرة الاقتصاد الأمريكي ، والعملة الأمريكية ( الدولار ) على الاقتصاد العالمي دون وجه حق علما بأن ديون الولايات المتحدة تبلغ 14 ترليون دولار ( 14 ألف مليار دولار ) من سندات الخزينة التي تصدرها ثم تبيعها في الأسواق العالمية . وتلجأ أحيانا الولايات المتحدة لتخفيض قيمة الربا ( الفائدة ) على عملتها لجعل الدول المشتريه لسندات الخزينة تخسر فيها ، وتشاركها في تحمل عبء الديون بطريقة خبيثة لئيمة ، بطرق خفية باطنة غير ظاهرة . وبهذا فإن الولايات المتحدة تتلاعب بطرق خبيثة ماكرة بقيمة عملتها الأمريكية المهيمنة على العملات الدولية الأخرى دون أن تحرك تلك الدول أي ساكن تجاه هذه السياسة الاقتصادية الأمريكية الماكرة ، فيما يعرف ب ( حرب العملات ) في الأسواق الداخلية والخارجية .

مجموعة العشرين الاقتصادية العالمية


قمة مجموعة العشرين الكبار اقتصاديا في العالم ، تضم كلا من : الولايات المتحدة ، والارجنتين، واستراليا، والبرازيل، وبريطانيا، وكندا، والصين، والاتحاد الاوربى، وفرنسا، والمانيا، والهند، واندونيسيا، وايطاليا، واليابان، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وروسيا، والسعودية ، وجنوب افريقيا، وتركيا . وتهدف هذه المجموعة العالمية الجديدة لإرساء أسس وقواعد الاقتصاد العالمي المستقر المتطور بوتيرة تصاعدية والحيلولة دون تراجع الاقتصاد وفقدان الأمم والشعوب لثرواتها الطبيعية والصناعية ، وذلك بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
ولكن كل الخطط والبرامج الاقتصادية العالمية فشلت حتى الآن – وستفشل مستقبلا – في إطعام مليار جائع من البشر في مختلف قارات العالم ، طالما بقيت تدور في حلقة اقتصادية مفرغة ، باستمرارها في غيها الرأسمالي والشيوعي الربوي المالي القائم على أكل أموال الناس بالباطل ، باستغلال وقهر وطغيان وبغي الأقوياء على الضعفاء من الأمم والشعوب اقتصاديا وعسكريا وابتعادهم عن الإحسان الاقتصادي بالإنفاق على الفقراء والمساكين والمحتاجين وإخراج زكاة أموالهم لوجه الله تعالى .
يقول الله الحي القيوم جل شأنه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .

خمس قمم اقتصادية عالمية .. والأزمة متزايدة

على العموم ، لقد عقدت مؤتمرات قمة الدول العشرين الاقتصادية منذ عام 2008 التي يمثل اقتصادها حوالي 85 % من الاقتصاد العالمي ، خمس قمم اقتصادية عالمية ، يفصل بين كل قمة وأخرى ، ستة شهور . وقد عقدت القمة الاقتصادية العالمية هذا العام مرتين : الأولى في مدينة تورنتوا في كندا في حزيران 2010 . والثانية في سيئول كوريا الجنوبية ، في تشرين الثاني 2010 ، ولكنها فشلت كما سيفشل غيرها من القمم القادمة ، في إعادة إنعاش الأسواق الاقتصادية وترميم الصدع الاقتصادي الكبير في قارات العالم ، نظرا لابتعاد هذه الدول الصناعية بأنظمتها السياسية والاقتصادية الراسمالية والشيوعية عن المنطق الاقتصادي والأخلاقي الحقيقي الذي خطة رب العالمين لعباده في أرض الله الواسعة ، وهي تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي الشامل الكامل والمتكامل ، وتجنب الربا تجنبا تاما بلا لف أو دوران أو مواربة .

وقد تنبهت بعض الدول الغربية في أمريكا الشمالية وأوروبا للنظام الاقتصادي الإسلامي ، فأخذت المصارف الأوروبية والأمريكية تلجأ جزئيا لتطبيق النظام الاقتصادي الوسطي الإسلامي ، البعيد عن المغامرات والأرباح الطائلة بلا مسوغات دينية أو اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية ، فبادرت البنوك الرأسمالية الكبرى لإفتتاح فروع إسلامية لها ، بإتباع أنظمة المرابحة والمضاربة والمشاركة الإسلامية ، وسط إقبال منقطع النظير ، في مختلف العواصم مثل لندن وباريس وبرلين وواشنطن وغيرها . بل صرحت بعض إدارات هذه البنوك العالمية على استحياء ، بفشل النظام الاقتصادي الرأسمالي وليس من منقذ لها سوى الإسلام بنظامه الاقتصادي الوسطي المميز والمتميز عن غيره من الأنظمة الدنيوية الفاشلة بعد تجارب عديدة خاضتها على مدار المائة عام الماضية .
ومما يؤخر في الإنهيار الاقتصادي الأمريكي المدوي ، إن عاجلا أو آجلا ، مجاراة الاقتصاد الشيوعي الصيني ، والاقتصاد الروسي ، للاقتصاد الأمريكي ، نحو تقاسم ثروات العالم بالمجان دون رصيد ذهبي أو ماسي أو معدني حقيقي على أرض الواقع .









أهداف تخفيض قيمة العملات .. الدولار الأمريكي واليوان الصيني

ترمي الدول الصناعية الكبرى لتخفيض قيمة عملاتها بين الفينة والأخرى ، مثل الولايات المتحدة والصين ، عبر ضخ كميات كبيرة من أوراق العملة الورقية أو السندات المالية ، لتحقيق عدة أهداف وغايات من أهمها :
أولا : ترخيص أسعار صادراتها ، وبالتالي زيادة تسويق بضائعها ومنتجاتها عبر الأسواق الداخلية والخارجية .
ثانيا : تخفيف وتقليل قيمة الديون الخارجية عليها .
ثالثا : شن حرب اقتصادية على الدول الأخرى ، بتدمير المنتجات المحلية وإحلال بضائع الدولة المصدرة بدلا منها ، وإنهاك الاقتصاد المحلي للدولة المستهدفة على المدى المتوسط والاستراتيجي البعيد .
رابعا : تعزيز عملية اختلال التوازن بالعملات في العالم .
خامسا : الإدعاء بالسعي لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية المستفحلة .

يا أصحاب حرب العملات .. لا تأكلوا أموال الناس بالباطل

يقول الله السميع البصير جل جلاله : { فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162) }( القرآن المجيد - النساء ) .
سارعوا لإيجاد فرص عمل جديدة لباحثين عن عمل ، ولا تجعلوا البطالة تنتشر كآفة اجتماعية اقتصادية بين البشر ، فتنقل حياتهم لجحيم دنيوي لا يطاق . وتخلصوا من النظام الربوي الظالم للناس جميعا . واسعوا إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والشاملة لجميع أوجه النشاطات الإنسانية نحو التنمية المستدامة وإنشاء شبكة سلامة مالية عالمية .
وكلمة بد منها ، وهي أن على كل دولة أن تتحمل المسؤولية الاقتصادية والأخلاقية والسياسية والتاريخية على قيمة وأسعار عملتها ولا تبقى تراوح مكانها حيال التلاعب الأمريكي بالعملة العالمية وهي الدولار ، عبر طباعته الورقية المتزايدة بلا رقابة دولية والابتعاد عن النزاهة والشفافية . فالحرب الاقتصادية وخاصة حرب العملات هي حرب عدوانية أمريكية مجدية لها ، ولكنها سياسة خاطئة ضد الجميع ، افرادا وجماعات ودول ، صديقة وحليفة وعدوة على السواء ، سواء بسواء . فحرب العملات الأمريكية الآسيوية الأوروبية التنافسية الراهنة ستسفر عن تضخم اقتصادي خطير جدا ، لا يمكن وقف نزوله باتجاه واد سحيق من أدوية سعير جهنم الدنيوية على من حولها . وطباعة ترليون أو أكثر من الدولارات الأمريكية بلا قيمة حقيقية لها ، لا يغير من الواقع المرير شيئا ، بل يزيد من الفساد والإفساد المالي الأمريكي على الساحتين الداخلية والدولية .
فيا أصحاب اليوان الصني ، ويا أصحاب اليورو الأوربي ، ويا أصحاب الين الياباني ، انتبهوا لأنفسكم ولا تغتروا بالوعود الأمريكية لإنقاذ الاقتصاد العالمي ، فالاقتصاد العالمي الآن يتباطئ في المرور بأسوا أزمة اقتصادية وغذائية عالمية ، وتزايد جنوبي بالأسعار ، أسعار المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعار النفط والغاز ، والمواد الخام ، ويبدو أنه لا يخرج منها إلا بالخسران المبين ، فلا تشنوا على بعضكم بعضا سياسة حرب العملات ، فالولايات المتحدة صاحبة حرب العملات ، إمبراطورية الشر والأنانية المفرطة ، عاجزة عن إنقاذ اقتصادها القومي ، من الهبوط والانهيار فيكف وأنى لها أن تنقذ اقتصادكم ؟؟؟ فلتقفوا لها بالمرصاد للحفاظ على ثروات بلادكم وشعوبكم ، ولا تنحدروا بإتجاه الأسفل ، لتعيشوا في اقتصاد متردي في أسفل سافلين . ولا ولم ولن تجدي الاعتراضات الآسيوية والأوروبية غير المؤثرة على الاقتصاد الأمريكي ، فلا تنجروا ولا تثقوا بدولار العم سام ، الذي يدخل السموم والهموم لأجسادكم الفردية والجماعية والإقليمية والدولية .

النظام الاقتصادي الإسلامي هو الحل

يقول الله الغني الحميد عز وجل : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

أيها المسلمون .. أيها الرأسماليون .. أيها الشيوعيون في كل مكان ..
إن النظامين الرأسمالي والشيوعي فشلا فشلا ذريعا في تلافي الإخفاق الاقتصادي ، والسير نحو الإنهيار الاقتصادي العالمي الآتي بشكل لا ريب فيه ، عاجلا أم آجلا ، وهذا الإنهيار والتردي والتقوقع الاقتصادي الأمريكي والروسي والصيني والأوروبي ، والهندي وغيره سيجر إلى الاصطفاف العالمي مع الدولار أو ضده ، كعملة عالمية عابرة للقارات ، في ظل عدم التوافق والاتفاق على عملة عالمية رديفة ، تنقذ أموال الناس وأرواح الناس من الإنهيارات الاقتصادية والنفسية وتجرها إلى أهوال الجحيم المستعرة التي ستقود قريبا للحرب العالمية الثالثة ، وتغير وتبدل الأدوار العالمية واستبدال العملة الدولية المترنحة حالية بعملة أو بعملتين دوليتين صاعدتين لاحتلال مركز الصدارة العالمية بدلا من الدولار وهي العملة المنهارة وليس لها رصد فعلي على أرض الواقع .
وعملية تراجع الدولار ، بسحبه أحيانا أو بزيادة تداوله أحيانا أخرى ، من الأسواق العالمية ، سيؤدي إلى ( حرب العملات ) المستفحلة وما قد ينتج عنها من حرب مدمرة تأكل الأخضر واليابس ، فلا تبقي ولا تذر ، وسيجني جنود الاحتلال الأمريكي المنتشرين في شتى بقاع العالم ، الموت الزؤام ، والاختطاف والسحل خلف الدبابات والمركبات والحمير كما حصل معهم في الصومال في العقد التاسع من القرن العشرين الماضي لأنهم يتدخلون في شؤون الناس بلا وجه حق عبر القارات فيلقون ما لا يرضون جزاء وفاقا على ما اقترفته أياديهم الملطخة بالدماء والربا والزنا والخطايا والآثام والجنايات والجرائم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والعسكرية والسياسية والحرب النفسية القذرة ضد الآخرين .
وبناء عليه ، فإن النظام الاقتصادي الإسلامي ، بجذوره الأصلية الثابتة في الأرض ، وفروعه المتشعبة والمتعددة هو الحل ، وهو الأجدى اقتصاديا ، وهو الأمثل ماليا ، والأكثر عطاء ربانيا ، حيث يباركه الله الحميد المجيد جل جلاله . فشجرة الإسلام العظيم هي الشجرة الباسقة الثابتة في الأرض منطقلة لعنان السماء دون أزمات عالمية أو قارية متفجرة .

كلمة خضراء طيبة أخيرة .. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا

يقول الله المحيي المميت جل ثناؤه : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130) وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) }( القرآن المجيد - طه ) .
ويبقى القول ، إن القرن الحادي والعشرين ليس هو نفسه القرن العشرين المنصرم ، القرن الأمريكي الظالم ، وسيندحر الجيش الأمريكي ، بعد الحياة الضنكى ، وسينهار الاقتصاد الأمريكي الذي يفتتن به الكثير من الناس ، بلا منقذ حقيقي ، وسيذوى الدولار الأمريكي ، عصب القوة والمنعة الأمريكية في العالم ، وسيكون القرن الحادي والعشرين ، الموافق للقرن الخامس عشر الهجري القمري العربي ، هو القرن الإسلامي بإمتياز ، قرن الأمة الإسلامية ، الأمة الوسطى بين أمم وشعوب العالم . إنه العالم الجديد ، باقتصاده وديناره الذهبي الإسلامي الآتي عبر الأفق القريب لخير البشرية بعيدا عن الاستغلال الاقتصادي والظلم الاجتماعي والقهر السياسي والتشويه الأمني ، وإنا لنراه قريبا إن شاء الله رب العالمين . وليعلم العالم نبأه بعد حين ، وذلك حين يحين الحين لهذا النصر والفتح المبين ، الاقتصادي والسياسي والعسكري والاجتماعي والفكري والإعلامي والثقافي الإسلامي المؤزر ليعم العدل وتنتشر العدالة الاجتماعية والاقتصادية والمساواة ، وتكريم الإنسان ، جميع أرجاء المعمورة .
لقد قارب أن يشهق الدولار الأمريكي شهقته الأخيرة الوبيلة ، في نيويورك وبورصتها الكافرة الأثيمة المالية الكبيرة وواشنطن العاصمة السياسية الخاطئة الشريرة ، وفي جميع الولايات المتحدة الأمريكية ، التي ستتمزق بقدرة إلهية عظيمة ، فموتته الأكيدة ، قريبة .. قريبة .. قريبة ، ولن تعود له روحه من جديد ، وفق تناسخ الأرواح الهندية ، حيث يفتقد أصلا للمعاملة الحميدة الجليلة والنبيلة .
وختامه مسك ، ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) . { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)}( القرآن المجيد – الصافات ) .
نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________________



مشاهداتي في عيد الأضحى المبارك بقرية عزموط في الأرض المقدسة

مشاهداتي في عيد الأضحى المبارك
بقرية عزموط في الأرض المقدسة

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34) يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) }( القرآن المجيد – الأعراف ) .

استهلال

يعتبر عيد الأضحى المبارك العيد الإسلامي الثاني الذي يرافق ركن إسلامي عظيم من أركان دين الله في الأرض ، وهو ركن الحج العظيم . وهذا العيد له جوانب دينية واجتماعية واقتصادية متعددة ، في مكة المكرمة وفي البقاع الإسلامية ، الشعبية والرسمية والأسرية . ويقوم هذا العيد على موسم الحج ويرتبط إرتباطا وثيقا به ، فيؤدي حجاج بيت الله الحرام مناسك الحج بالأرض المقدسة وخاصة في مكة المكرمة بجوار الكعبة المشرفة بينما يؤدي المسلمون الآخرون صلاة العيد في الخلاء في الساحات العامة أو في المساجد . ويصاحب هذا العيد ذبح الأضاحي من الخرفان وعجول الأبقار وأحيانا الإبل في المناطق العربية والإسلامية الصحراوية .




يوم عرفة – يوم ما قبل عيد الأضحى المبارك

جاء في صحيح مسلم - (ج 6 / ص 55) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ " .



استجابة لدعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، في صيام يوم عرفة وهو يوم 9 ذو الحجة ، يصوم الكثير من المسلمين في جميع أرجاء الكرة الأرضية ، يوم عرفة وهو اليوم السابق لبزوع فجر هذا العيد العظيم الذي يمتد على مدار أربعة أيام ، تقربا إلى الله تبارك وتعالى . فنرى الرجال والنساء والشباب والفتيات يصومون هذا اليوم العظيم باعتباره يوم الحج الأكبر أو الأعظم لدى المسلمين . والحجاج بيوم وقفة عرفة لا يصومون بتاتا .




يوم عيد الأضحى المبارك .. يوم النحر

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }( القرآن المجيد – الكوثر ) .




يأتي يوم العيد الثاني للمسلمين في 10 ذو الحجة سنويا ، بعد سبعين يوما من عيد الفطر السعيد ( عيد رمضان ) في الأول من شهر شوال كل سنة مرة ، ويسمى عيد الأضحى المبارك لإرتباطه بذبح الذبائح الحلال الإسلامية ، بعد أداء صلاة العيد الجماعية في بيت من بيوت الله ( المساجد ) في الأرض ، في القرية أو المدينة أو المخيم الفلسطيني ، وتوزيع ثلثها على الأقارب والأحباب والأصدقاء والثلث الثاني على الفقراء والأيتام والأرامل والمحتاجين ، ويبقي صاحب الأضحية الثلث الثالث له ولأسرته كي يأكلوها على مدار الأيام المقبلة .
وتدق ساعات عيد الأضحى الأولى ، منذ بزوغ فجر يوم العاشر من ذي الحجة ، من الشهر القمري العربي الإسلامي ، بالتلبية ( لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ) الذي غالبا ما تعلنه الجهات الإسلامية في السعودية ، قبل عدة أيام عبر تحديدها مطلع شهر ذي الحجة الإسلامي . وتنفرد السعودية في الإعلان عن يوم عيد الأضحى ( يوم النحر ) سنويا من خلال الإعلان عن غرة أو بداية شهر ذي الحجة العربي الإسلامي ، والتحكم بزمان ومكان أداء مناسك الحج ليشهد المسلمون منافع جمة لهم في أيام معدودات .

الإنطلاق لصلاة العيد .. 10 ذو الحجة

يعد المسلمون أنفسهم وخاصة الرجال والشباب والأطفال ممن بلغ فوق السابعة أو أكثر من أعمارهم للإلتحاق بالمسجد القريب لأداء صلاة الفجر وعمارة بيت الله العزيز الحكيم ، وذلك بعد أن يكونوا قد استحموا في البيت ، ولبسوا الملابس الجديدة ، وقد تبادر بعض النساء للمشاركة في أداء صلاة عيد الأضحى المبارك في جناح خاص للنساء يكون معدا خلفا الرجال بفواصل وحواجز اسمنتيه أو خشبية أو بلاستيكية حسب طبيعة المسجد . وتنطلق ميكروفونات المسجد صادحة بذكر الله سبحانه وتعالى ، ورفع أذان الفجر ، ثم التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والصلاة على رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .

ويتجمع المسلمون الذين يصلون في المسجد الإسلامي ، كما هو في قرية عزموط بمحافظة نابلس بفلسطين ، في مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وجميع أهل سكان هذه القرية الفلسطينية هم من المسلمين ، ويؤدون سنة الفجر فرادى ، ثم يقومون لإقامة صلاة الفجر الفريضة ، جماعة وهي ركعتان كالمعتاد ، بإمامة إمام المسجد الشيخ جمال اشتيه ( أبو بكر ) ثم ينطلق التكبير وذكر الله ذو الجلال والإكرام ، وتنضم أفواج أخرى من المسلمين لداخل المسجد ، ويلتحقون بإحدى الجناحين للتكبير والتهليل والتحميد ( الميمنة والميسرة ) وشخصيا أحب الجلوس في قلب الصفين بين الجناحين لمواصلة الأذكار الإسلامية بالعيدين .



وهناك من المصلين من يغادر المسجد بعد أداء فريضة صلاة الفجر الإسلامية ، ثم يعود لبيته لقضاء بعض حوائجه ثم يعود لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك جماعة ، مع أفواج المصلين الآتين من جميع أنحاء القرية أو المدينة أو المخيم في فلسطين ، الأرض المقدسة الشمالية .

ذكر الله بعد صلاة الفجر في المسجد

تكون صيغة الذكر الجماعي الإسلامي بتناوب الجماعتين ، الميمنة والميسرة ، وإمام المسجد وجها لوجه بقلب الجماعتين ، في المسجد الإسلامي الذي يضم عشرات المصلين والذاكرين الله كثيرا ، من المسلمين المفردين ، ويلتحق بهم المئات فيما بعد ، كل حسب نشاطه واجتهاده للوصول إلى بيت الله العظيم ، كما يلي :
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر - لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده . لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أنصار سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا .
وتستمر عملية التناوب في ذكر الله الجماعي بالمسجد ، لأكثر من ساعة ونصف الساعة ، يتخللها درس ديني لإمام المسجد ، حتى يحين وقت صلاة عيد الأضحى المبارك ، وهي ركعتين سنة ، عند الساعة 6:45 صباحا أو بعدها بقليل بالتوقيت المحلي لفلسطين ( الأرض المقدسة ) .

أداء صلاة العيد .. والتهنئة الداخلية بالمسجد

بعد أداء صلاة الفجر والأذكار الربانية ، يستعد المصلون لأداء صلاة سنة عيد الأضحى المبارك ، وهي صلاة تزيد عن غيرها من الصلوات بالتسبيح ( سبحان الله ) والتحميد ( الحمد الله ) ، والتكبير ( الله أكبر ) والتهليل ( لا إله إلا الله ) والحوقلة ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) . وقراءة الفاتحة وآية الكرسي وسور قصيرة وخاصة سورة الإخلاص ، وسورة الفلق ، وسورة الناس ، وسورة الكوثر . وعند الوقت المحتوم لصلاة العيد ، تقام الصلاة ، ويصلي المصلون خلف الإمام ، ثم يصعد إمام المسجد للمنبر ويلقي خطبة عن عيد الأضحى وركن الحج الإسلامي وفضله ، والأضحية وكيفية توزيعه ، وفداء نبي الله إبراهيم عليه السلام ابنه إسماعيل بالكبش السمين من رب العالمين ويحث المصلين على زيارة الأرحام والتحابب والتقارب وترك الخصام ، ويحث على زيارة القبور . ثم ينهي الخطيب خطبته ، وينزل عن منبر المسجد ، ويتبادل المصلون المباركة بالعيد ، بالتسليم ( كل عام وأنتم بخير ) ( كل سنة وانت طيب ) ، وتقبل الله طاعاتنا وطاعاتكم وهكذا . ويقوم والإخوة والاباء والأبناء والأقارب بتقبيل وجنات بعضهم البعض تعبيرا عن المعايدة والمحبة والمودة بينهم .

تهنئة العيد الخارجية .. وطابور المعايدة الرجالية الصباحية

تخرج أفواج المصلين الذين أدوا صلاة سنة العيد ، عيد الأضحى المبارك ، وهم عادة بالمئات من الأشخاص الذكور ، لساحة المسجد ، فيصطف عشرات المصلين وغير المصلين ، ممن أتى من بيته من دون تأدية صلاة العيد ، ويقبلون على التسليم والمباركة وتهنئة بعضهم البعض لمناسبة العيد الإسلامي المبارك ( عيد الأضحى المبارك ) ، وتبادل المباركة الطيبة ( كل عام وأنتم بخير ) ( كل سنة وأنتم طيبين ) ويبلغ عدد المصطفين في صف واحد أكثر من مائة شخص ، من الذكور : الرجال والشباب والأطفال بينما تتوافع وتنضم إليهم جموع المصلين لتهنئتهم بانتظام وسلسلة متراصة من المسلمين في منظر إيماني إسلامي بهيج يتناسى فيه المسلمون خلافاتهم وآثامهم وخطاياهم ويقبلو على بعضهم بالمودة ونسيان الخصام ليحل الوئام بين الجميع في هذه الساعة المباركة .

الخروج للمقابر لقراءة الفاتحة على أرواح الموتى

بعد التسليم والمباركة والتهنئة والمعانقة في صف السلسلة البشرية ، المبارك الوحيد ، ينطلق موكب المصلين نحو مقابر القرية أو المدينة أو المخيم ، لقراءة بعض سور وآيات القرآن المجيد على أرواح الآباء والأمهات والأجداد والجدات والإخوة والأخوات الذين قضوا نحبهم ، والتحقوا بالرفيق الأعلى ، إلى حياة البرزخ بانتظار قيام يوم القيامة والبعث الجديد للعبور نحو الحياة الآخرة الخالدة . والبعض يقرأ على الموتى ، سورة الفاتحة ، ويدور متنقلا في جنبات المقبرة ، على قبور أقاربه وذويه ، والبعض يقرأ القرآن واقفا أو جالسا ، بجوار قرب أحد ذويه كأمه أو ابيه ، ويقرأ لجميع الموتى بالمقبرة الفاتحة ، وهناك من يقرأ سورة يس أو تبارك الملك أو كليهما ، مع الفاتحة ، على أرواح الموتى طالبا من رب العالمين أن ينزلهم في جنان الخلد والنعيم المقيم ، وأن يعفو عنهم لأنه الغفور الرحيم . ويشاهد على المقبرة من تنزل دموعه حزنا وأسى وحدادا وترحما على ذويه الموتى ، ويتذكر حياتهم معه ، وغيابهم المفاجئ ، بمرض أو الموت فجأة .

زيارة بيوت الأرحام والأقارب

ثم يقوم بعض المصلين من كل أسرة أو كل عائلة على حدة ، بشكل جماعي ، بزيارة بيوت الأقارب بعد العودة المباشرة من المقبرة ، وهناك من يرجع لبيته ليهنئ ويعيد على أهله ويتناول طعام الفطور وهو عادة ينقسم إلى عدة أنواع من أهمها : إفطار عادي كالأيام العادية أو تناول أطعمة مالحة ، أو غلاية بندورة مع لحمة ، أو فول وحمص أو مقالي أو طبخة باللبن والأرز ( كرناسة ) أو فسيخ أو غيره طبخت وأعدت صباحية أو ليلة العيد أو غيرها . ثم ينطلق بعض المضحين لذبح الأضحية في ساحة أو حديقة البيت ، وهي عبارة عن خاروف العيد ، ثم يخرج للمعايده على المحارم من الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأعمام والعمات ، وغيرهم . وتكون زيارات المعايدة سيرا على الأقدام ، أو بركوب السيارات الخاصة المنطلقة في الشوارع والأزقة والحارات داخل القرية أو خارجها . وتظهر القرى والمدن والمخيمات الفلسطينية في ابهى صورها ومناظرها في ايام العيد ، بالزينة والورود والمزركشات المنتشرة في البيوت والشوارع . ويتزاور الأهالي ويتنقلون بين أنحاء المحافظة الواحدة أو المحافظات تبعا لوجود الأقارب في هذه المنطقة أو تلك .

العيدية المالية للنساء والأطفال

وأثناء زيارة المصلين من الرجال والشباب ، لبيوت العائلة والأقارب والأصحاب للتهنئة والمباركة بالعيد ، يقدم بعض الرجال هدايا مالية للنساء من المحارم والولايا ، من الأخوات والعمات والخالات والقريبات بما يطلق عليه ( العيدية ) ، حسب ظروف كل شخص المالية ، فمنهم من يقدم العيدية المالية بالدينار الأردني ، من فئات 5 دنانير أو 10 دنانير أو 20 دينار أو 50 دينار ، وهناك من يقدم العيدية من فئات 20 أو 30 أو 40 أو 50 أو 100 أو 200 شيكل . وغالبا ما يتم تقديم العشرة دنانير أو الخمسين شيكلا في فلسطين ( الأرض المقدسة الشمالية ) كعيدية لكل إمراة من النساء القريبات ، ومبالغ مالية اقل للأطفال الصغار . ويفرح الأطفال بالعيديات المقدمة من الآباء والإخوة لينطلقوا نحو البقالات لشراء الألعاب الطفولية . ويلاحظ إهتمام الصغار الفلسطينيين بشراء أسلحة الألعاب ، مثل مسدس الماء أو الخرز أو الطائرات أو الفلين أو الرشاشات الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة أو الدبابات والمجنزرات وأسلحة الجيوش البلاستيكية وغيرها : وتشترى الطفلات ألعاب عرائس صغيرة لتمشطها وتلاعبها وتلهو بها . وهناك عرائس بلاستيكية صغيرة أو متوسطة أو كبيرة الحجم باثمان مختلفة .

حلويات العيد .. والموالح والفواكه والقهوة السادة

تتنوع حلويات العيد ، حسب الظروف المالية لرب الأسرة ، وتنقسم الحلويات إلى جناحين هما :
الجناح الأول : الحلويات المصنعة في البيت حيث يقوم بعض أفراد الأسرة بتصنيع الحلويات مثل المعمول والكلاز والغريبة وغيره .
الجناح الثاني : وهو المصنوع في المحلات التجارية في الأسواق ، مثل البقلاوة بنوعيها ، الغالي ( 55 شيكل / كغم بقلاوة مشكلة ببلورية وفستق حلبي ) والرخيص الثمن ( 15 شيكل / كغم بقلاوة مشكلة باللوز والفستق السوداني ) في نابلس بفلسطين . بالإضافة إلى الشيكولاته والملبس بأشكالها وأنواعها المختلفة حسب الأذواق المتعددة .
وتهتم الكثير من العائلات المسلمة في فلسطين ، بشراء الموالح المخلوطة ( بزر بطيخ وبزر قرع وفستق ولوز وفستق حلبي وبندق وكاشو وغيره ) لتقديمها للضيوف المهنئين بالعيد ، بيوم عيد الأضحى المبارك ، كيوم عيد الفطر السعيد ، وكذلك توضع دلال القهوة وفناجين القهوة العادية والسادة لتضييف القادمين للبيت للمباركة والتهنئة بالعيد المجيد .
وهناك بعض العائلات الفلسطينية من تقدم الفواكه كالتفاح والموز والخيار والآجاص لتضييف ضيوفها بيوم العيد سواء بالأضحى أو بالفطر .

الأضحية وذبح الأضاحي

يجهز المقتدر من المسلمين ، أضحية العيد قبل فترة من الزمن ، بيوم أو يومين أو أكثر ، لذبحها ، قبل أن يقوم بالتهنئة والعيدية على ذويه واقاربه ، ومنهم من يؤجل ذبح الأضحية لما بعد التهنئة والمباركة بالعيد ، في ساعات العصر وهناك من يؤجل ذبح الأضحية وتوزيع لحمها على الفئات الثلاثة ، لليوم الثاني للعيد . وأصبح الكثير من المضحين بأضحايتهم ، يكلفون بعض الجزارين ( اللحامين المتخصصين ) لذبح الأضاحي ، فينتظرون على الدور ، ثم يتولون هم ومن يساعدهم من الأقارب أو الأبناء في توزيع لحوم الأضحية .

الأذكار بعد الصلوات في أيام العيد

إسلاميا ، تمتد عملية الأذكار الإسلامية وتمجيد رب العالمين بعد الصلوات الخمس كافة ( الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ) بعد رفع الأذان للصلوات الخمس المكتوبة ، وبعد أداء الصلوات الخمس في المسجد بصورة جماعية . وفي عيد الأضحى المبارك تستمر عملية الأذكار الجماعية في أعقاب الصلوات لأربعة أيام متواصلة ، بيوم عيد الأضحى المبارك والأيام الثلاثة التي تليه تماشيا مع أداء مناسك الحج مع حجاج بيت الله الحرام بمكة المكرمة بالأرض المقدسة الجنوبية . وعيد الأضحى المبارك ليس كعيد الفطر السعيد الذي تستمر الأذكار فيه ليوم العيد فقط وهو يوم الفطر .

كلمة طيبة خضراء أخيرة

كل عام والأمتين العربية والإسلامية ببليون خير وخير ، وكل عام والشعب الفلسطيني المرابط فوق ثرى وطنه ، المعذب في الأرض من الاحتلال الصهيوني الهمجي الوحشي ، بمليون خير وخير ، فالعيد في الأساس ، هو عيد ديني إسلامي ، يساعد في تحريك عجلة الاقتصاد والمواصلات والزيارات ، والعيد ليس للبهرجة والمبالغة في اللباس الجديد ، والعيد في الآن ذاته ، هو عبادة إسلامية ، وفرحة اجتماعية ، ودعوة للتماسك الأسرى والشعبي والمجتمعي ، والاعتصام بحبل الله المتين ، وتفقد للأحياء والموتى ، وتذكر الحياة الدنيا بزينتها ومفاخرها وهمومها وغمومها ، وتذكرة للحياة الآخرة القادمة لا ريب فيها ، بوعد إلهي صادق .
ويمكن القول ، إن العيد للجميع ، فرادى وجماعات ، وأسر وعائلات وحمائل وقبائل ، وشعوب وأمة عربية وأمة إسلامية تنشد الحياة الفضلى وتحقيق الأماني ، وإرضاء رب العالمين ، وليس العيد للإنفاق المبذر أو التقتير البخيل ، وليس العيد للبس الجديد وتناول الحلويات والأطعمة والأشربة في ايام العيد ، عيد الأضحى التي تستمر اربعة أيام ، يوم النحر وثلاثة أيام بعده بل هو عبادة لله وزينة وفرحة شاملة للجميع .
ويكلف عيد الأضحى أبناء المسلمين مبالغ مالية باهظة في الكثير من الأحيان ، وهو إنفاق في سبيل الله ، وإطعام للفقراء والمحتاحين ، والأقارب ، وهو مظهر كريم من مظاهر التكامل الاقتصادي والتكافل الاجتماعي بين افراد الأسرة الواحدة والعائلة الواحدة والشعب الواحد والأمة الواحدة في جميع بقاع الأرض .

وختامه مسك ، فندعو بهذا الدعاء الخالد الذي ورد بكتاب الله العزيز : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد - البقرة ) .
كما ندعو ونقول والله المستعان ، بالقول النبوي السديد الوارد على لسان نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة بذلك : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .
كل عام وأنتم ببليون خير وخير . وكل أضحى وأنتم إلى الله أقرب ، ولا تنسوا تلاوة سورة الكوثر فهي رمز النحر والأضحى وقت الضحى . وتقبل الله الطاعات في جميع الأوقات والساعات .
نترككم في أمان الله ورعايته ، والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .






__________________