الاثنين، 2 أغسطس 2010

عرس غزلي مقابل بيت عزاء إسلامي في عزموط بمحافظة نابلس

عرس غزلي مقابل بيت عزاء إسلامي
في عزموط بمحافظة نابلس
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}( القرآن المجيد – لقمان ) .

استهلال


الأفراح هي نقيض الأتراح ، فالأفراح هي عبارة عن الهناء والسرور والسعادة ، الظاهرة والباطنة ، بينما تعتبر الأتراح عبارة عن الحزن والأسى الداخلي والخارجي في النفوس المكلومة التي فقدت عزيزها .
وفي فصل الصيف من العام الجاري 2010 ، وفي قرية عزموط بمحافظة نابلس تحديدا ، توفي أحد المواطنين الفلسطينيين ( أبو أحمد جاد الله ) عن عمر ناهز 45 عاما ، وافتتح له أبنائه اليتامى ( أحمد ومحمد ) بيت عزاء أو ما يسمى بالإسلام العظيم ( بيت الأجر ) في ديوان خالهم أبو هلال ، وسط البلد ، شرقي مدرسة بنات عزموط الثانوية ، وغربي مدرسة ذكور عزموط الثانوية ، لاستقبال المعزين كما هي العادات والتقاليد الإسلامية لمدة ثلاثة أيام بساعات النهار من الضحى صباحا وحتى صلاة العشاء مساء । ومضى اليوم الأول وكان يوم السبت ، بطيئا ، حيث دفن المتوفى بمقبرة عزموط الغربية الكبرى ، وتدفق أهل الميت لديوان العزاء । وجاء اليوم الثاني وهو يوم الأحد ، وفي مساء ذلك اليوم ، الأول من آب 2010 ، كانت درجات الحرارة مرتفعة فوق معدلها الطبيعي ، وبعد صلاة العصر المباركة ، نصبت الميكروفونات الماجنة الماكرة الغادرة في ساحة أرض تقدر مساحتها بدونم واحد ، تعود لأناس من ذوي النفوس المريضة ، مقابل بيت العزاء الإسلامي من أحد المأجورين المرتزقة الكهربائيين ، كون عدادات الساعات الكهربائية لا تستطيع استيعاب عشرات اللمبات الليلية ، بتعليمات شيطانية لئيمة مقابل شواكل إسرائيلية ، بخسة لا تسمن ولا تغني من جوع ، وبدأ نهيق ونعيق ونقيق الميكروفونات الملعونة يبث سمومه الغزلية الماجنة ، في الهواء الطلق وسط ضجيج كبير مدوي وإزعاج نتن للجيران كافة وتذمر شديد من المرضى والأطفال والكبار في السن ، ومن بينهم بيت العزاء ، وسط تلاوة كريمة لسورة الواقعة من القرآن المجيد تلاها عبر جهاز الحاسوب ، الشيخ الكريم أحمد العجمي ، وسط حضور المعزين من الرجال والشباب ، تباعا في حركة دائبة بين الولوج والخروج ، ذو الوقت القصير ، حيث توزع عليهم فناجين القهوة السادة وحب التمر بمنديل ورقي ويمكثون برهة من الوقت ثم يغادرون ، وتلهج الأنفس ، الله يرحم الميت ، الله يرحمه ، عظم الله أجركم ويرد أهل الميت : شكر الله سعيكم ، بارك الله فيكم ॥ والبعض يعزي قائلا : يسلم رأسك ، فيرد صاحب العزاء من الأيتام والحاضرين : يسلم دينك وإيمانك ، في لهجة إسلامية رزينة ورصينة ॥

وقاحة وموسيقى صاخبة وقلة حياء
جاء في سنن أبي داود - (ج 12 / ص 418) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ " .

( والله لأنصب مرجوحه من سطوحي لأسطوحه ) بمعنى يريد المغني ( الفنان ) الماجن غير الفذ أن ينصب أرجوحة بين سطح بيته وسطح بيت عشيقته ... هداه الله ، وهدى من يستمع لأغانيه غير المبجلة ..
( شو جابك على حيينا يا زغيرة .. ما خليتينا ننام يا زغيرة .. )
هذه نوعية من نوعيات الأغاني الغزلية الهابطة التي رددت في هذا العرس الجديد مقابل بيت الأجر لأيتام المتوفى أبو أحمد ، وهذه الأغاني الممجوجة الفاضحة السافلة التي تنشر على مسامع الشباب الماجن لساعات وساعات حتى منتصف الليل ، فيما يسمى بالسهرة الليلية ، هي من دلائل الهزائم السياسية والاجتماعية والاقتصادية للفرد أولا وللأسرة ثانيا ، وللشعب ثالثا سواء بسواء । فكيف لهذا الشعب أن ينتصر بهذه الأغاني التافهة ولا يحس مع بعضه بعضا ؟ । فلا يمكن أن تجتمع معاني الفرحة والألم في الآن ذاته ، ولا يمكن أن يزول الاحتلال بمثل هؤلاء الناس ، بل سيكرس ذاته ، لفترة طويلة ، هذه الأغاني السافلة وأخواتها وشبيهاتها ومثيلاتها وقريباتها تساعد في الانحلال الأخلاقي وغرسه في نفوس الأجيال الشابة ، والنزول في مستنقعات النذالة والإنحطاط العام والخاص । فلم يكتفي الفنان الماجن ( م م ص ) بعدم تقديم واجب التعزية للأطفال اليتامى بل قذفهم عن بعد بصوته المتعجرف ، بأغان هابطة بميكروفونات سفيهة ، ترتطم أصواتها الغاضبة باتجاه أذانهم الصغيرة التي ترفض استقبال هذه الأغاني المقتربة منهم وتلاحقهم عبر الهواء الطلق في الفضاء علما بأن شقيقه الأكبر منه سنا كان تولى عملية زفاف والدهم قبل حوالي 18 عاما ।

فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ

يقول الله الحميد المجيد جل جلاله : { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}( القرآن الحكيم – الماعون ) .
جاء بصحيح البخاري - (ج 18 / ص 417) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " . وجاء في صحيح مسلم - (ج 14 / ص 247) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ وَأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " .

لا يمكن أن يكون في المجتمع المسلم ، وخاصة المجتمع الفلسطيني ، مثل هذه الحوادث اللعينة الإجرامية الجديدة ، ولا يمكن تصور أن يكون عرس يردد الأغاني الهابطة ، وعلى مقربة منه بأقل من 100 م وبيت أجر إسلامي لأيتام صغار ، أكبرهم سنا عمره يزيد عن 16 عاما بقليل ، وثانيهم عمره 14 سنة ، وثالثهم شقيقتهم الأصغر عمره 5 سنوات ، يزوره الناس ممن يرغبون في تجميع الحسنات عند رب العالمين ، لتقديم واجب العزاء للأيتام المكلومين جراء فقدهم والدهم ومعيلهم الوحيد .. ترى ماذا يمكن تسمية هذه المتناقضات والمتضادات ؟ ومن يتحمل المسؤولية ؟ هل هو العريس أم والد العريس أم أقاربه أم المغني ذو الأغاني الهابطة ، أم صاحب قطعة الأرض التي تقام عليها مثل هذه التفاهات التافهة الساقطة ، أم الجمهور المشارك ، أم جميعهم ؟

يقول الله الغني المغني جل جلاله : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)} ( القرآن المبين – آل عمران ) .
لقد انتهت السهرة بالنسبة للعريس والمغني الذي سيتقاضى لاحقا أجره البخيس ، وكذلك انتهت السهرة لأهل العريس بعد بضع ساعات من الردح والفرح المزعوم ، ولكنها لم تنته في نفوس وعقول الأيتام الستة ( 3 ذكور (أحمد ومحمد وقيس ) و3 إناث تسنيم وشذى ورغد ) – أكبرهم 16 سنة وأصغرهم 3 سنوات ) المفجوعين بغياب والدهم الحبيب عنهم ، ولسان حالهم يدعو الله على العريس ( هـ رخ ) وأهله ( دعوة المظلوم ) بأن يفجعهم كما فجعوا هم بأبيهم ، وأن يعاقب الله مغنيهم بما يستحق من عذاب رباني عاجل وليس آجل ، الذي لن يغنيهم بأي شيء يوم القيامة والحساب العظيم । وكانت دعوة أيتام مظلومين جرى سحق حقهم في عدم التعرض لهم بالإيذاء النفسي في ثاني يوم من أيام بيت الأجر ॥ لقد استبدل المأجورون أجر الله الباقي بأجر مادي عاجل عبارة عن شواقل بخسة ... وهزموا أمام شياطينهم التي تؤزهم أزا ॥ لقد ذهبت الأغاني أدراج الرياح ، وذابت قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ॥ لقد خيل للبعض أن السهرة قد انتهت ونسي أو تناسى هؤلاء أن هذه الحفلة الليلية الفاشلة وغير الموفقة التي أرهقت مسامع الأطفال الأيتام لن تنسى من ذاكرة هؤلاء الأيتام على مر السنين مهما طالت الأيام । فأنى لصفاء القلوب ؟؟ وهيهات ॥ هيهات للتلاقي القريب أو البعيد ؟؟ لقد مرت السهرة بكل شيء كأنها لم تكن ، وستبقى هذه الذكرى الأليمة محفورة في ذاكرة الأطفال الأيتام ॥ كما هي ستبقى مسجلة لدى رب العالمين ، وإن كانت مثقال ذرة ، لتسوية الحساب بين الظالمين والمظلومين ।

فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ

برأينا ، جميع هؤلاء يتحملون وزر وإثم التعدي على كرامة وشعور وأحاسيس هؤلاء الأيتام الذين فقدوا والدهم الحبيب ، قبل 36 ساعة فقط ، الذين يبكون المرة تلو الأخرى داخل بيت العزاء ، ويتناوبون للذهاب للمسجد في أوقات الصلاة ما بين صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء . يقول الله الحي القيوم جل جلاله : { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)}( القرآن الحكيم – الضحى ) .
على كل حال ، إن الدهر يومان : يوم لك ويوم عليك ، والأيام دول . فالله لا يضيع أجر المحسنين الأبرار ويمهل ولا يهمل الأنذال الذين يعتدون على الحنان الأبوي ، ولا يعيرون الأيتام أي اهتمام يذكر . وسوف يعاقبهم الله عاجلا أو آجلا ، فهو القادر على كل شيء ، فسبحانه وتعالى ، الواحد القهار الذي يقدر على جميع مخلوقاته . وساعة العقاب الإلهي ، لن تكون بعيدة والله أعلم ، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين . وسترون نبأه بعد حين .

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

يقول الله المحيي المميت جل شأنه : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن العظيم – البقرة ) .
الإبتلاء الرباني متعدد الأنواع والوجوه والأشكال ، جمعتها آية قرآنية مجيدة ، تضم خمسة أنواع هي : الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ، ولكن تتبع هذه البلوى ببشرى للصابرين ، الذين تصيبهم مصيبة ، فيسترجعون بقولهم ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) ، فتكون عليهم صلوات من الله الواحد الأحد الصمد ، وتلازمها الرحمة ، وشهادة إلهية لهم بأنهم المهتدون ، فهل هناك شهادة بعد هذه الشهادة الربانية العظمى ؟ كلا ، كلا لن يكون شهادة بعدها فالله خير الشاهدين .

كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ

إن الإسلام أكرم اليتيم الذي فقد والده لسبب أو آخر ، في العديد من الصور والأشكال ، منها ما هو معنوي ومنها ما هو مادي ، وعدم قهر اليتيم هي من أولى أولويات تكريم اليتيم ، وعدم توجيه الإهانة له ، مهما كانت الأسباب ، واضعف الإيمان أن يستأذن اليتيم أو أن يقدم له الإعتذار العلني على الأفعال القبيحة التي ارتكبت بحقه . ومن لا يريد إكرام اليتيم أو لا يستطيع لفجور بنفسه وعقله أو غوايته الشيطانية ، فلا يؤذي اليتيم بالحد الأدنى ، ويكف شره عنه ، بعيدا عن الطائفية والقبلية والعشائرية المقيتة . ولا يمكن أن يبنى الفرح المزعوم على أنقاض الأيتام المنكوبين بفقدان الأب الحاني الراعي لمسيرتهم الحياتية منذ ولادتهم حتى وفاته ، بأي حال من الأحوال .
يقول الله السميع البصير عز وجل ، ناصر المستضعفين وخاصة الأيتام في الأرض : { فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)} ( القرآن المجيد – الفجر ) .
لقد ماتت العزة والرجولة والشهامة والكرامة الإنسانية والتعاليم الإسلامية في نفوس الماجنين الذين يقهرون الأيتام ، نفسيا ومعنويا ، من أبناء الشعب الفلسطيني المرابط فوق ثرى الوطن بالأرض المقدسة .. ولن يحرر الشعب الفلسطيني نفسه من الاحتلال الأجنبي طالما لم يغير ما بنفسه .. وسنبقى بإنتظار المجاهدين المسلمين الآتين من كل فج عميق لتخليص الأرض والإنسان .. عظم الله أجركم جميعا . وشكر الله سعي المؤمنين المحسنين الأخيار الأبرار . ولعن الله جنود إبليس أجمعين .

كلمة أخيرة .. وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى

يقول الله الغني الحميد جل جلاله : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)}( القرآن المبين – النجم ) .
وختامه مسك ، الفنون جنون .. أحب لغيرك وأخيك المسلم ما تحبه لنفسك ، وما ترضاه لنفسك إرضاه لجارك المسلم وابن قريتك وابن مدينتك المسلم لتكون مسلما نقيا تقيا وليا ، وإلا كنت منافقا خالصا ، والعياذ بالله من الشيطان الرجيم ومن المنافقين كجند من جنود إبليس بين العالمين ، وإن من حقوق الإنسان عامة ، وحقوق الأيتام خاصة ، رعاية مصالحهم وأحاسيسهم ومشاعرهم ، والوقوف معهم لإجتياز محنتهم ، وبث الأمل والأماني في نفوسهم الجريحة ، ومنع تسلل اليأس والقنوط والإحباط لهم ، جراء مصابهم الجلل ، وعدم إيذائهم بأي طريقة من الطرق ، سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة ، وويل للظالمين من عذاب يوم عظيم .
وندعو ونقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .


والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .





ليست هناك تعليقات: