السبت، 12 يونيو 2010

الأصول الدينية العالمية .. الإسلام والنصرانية واليهودية .. صراع الأسلمة والتنصير والتهويد

الأصول الدينية العالمية ..

الإسلام والنصرانية واليهودية ..

صراع الأسلمة والتنصير والتهويد

د. كمال إبراهيم علاونه

أستاذ العلوم السياسية

الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )

نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}( القرآن المجيد – النحل ) .

كما يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) }( القرآن العظيم – آل عمران ) .

وجاء في صحيح البخاري - (ج 5 / ص 182) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تُنْتَجُ الْبَهِيمَةَ هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ " . كما جاء بسنن الترمذي - (ج 8 / ص 25) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْمِلَّةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ " . قِيلَ يَا رَسُولَ

اللَّهِ فَمَنْ هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ بِهِ " .

استهلال

الدين الإسلامي العظيم ، هو دين الله في الأرض ، لجميع البلاد والعباد ، على مر العصور والدهور ، الذي ارتضاه لعباده المؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله ، لمصلحتهم الدينية والدنيوية والأخروية . فالإسلام هو أصل وجذر جميع الديانات السماوية ، والرسالة الإسلامية هي الأمثل والأفضل والأجدى لبني البشرية ، ولشموليتها وعدالتها وتناولها جميع الشؤون الإنسانية ، فترى الناس يدخلون في دين الله أفواجا يوميا ، بمجرد التمعن والاطلاع والدراسة والتمحيص . فمثلا ، نرى من كان كافرا أو وثنيا أو يهوديا أو نصرانيا ، ويمتطي صهوة عقله الراجح ، ويبتعد عن النفاق والمنافقين والسفهاء والتافهين ، يلتحق بركب الإسلام العظيم ، سعيا وراء الحقيقة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية العامة والخاصة .

القرآن المجيد – الدستور الإلهي الأزلي العظيم

بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ

يقول الله الحميد المجيد الفعال لما يريد جل شأنه : { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16) هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) }( القرآن المجيد – البروج ) .

لقد جاء ذكر الله سبحانه وتعالى ، لجميع الأنبياء والمرسلين الأساسيين ، من أولي العزم وغيرهم ، وهم أل 25 رسولا ونبيا وبين قصصهم ومعاملة أقوامهم لهم ، بالقرآن العظيم ( الذكر الحكيم ) في معجزات إلهية جلية وواضحة ، ولم يذكروا بالتوراة أو بالإنجيل ، وكذلك بشر الله الأمم والأقوام بمجيئ خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في التوراه والأنجيل بصورة بائنة بينونة كبرى بل عظمى لقطع الشك باليقين بأن الرسالة الإسلامية هي ذات أصل ومنبع واحد وإله واحد لا إله إلا هو العزيز الحكيم وكذلك بشر آخر الأنبياء والرسل المسيح عيسى بن مريم بظهور محمد ( أحمد ) من بعده وإظهار دين الحق على الشرك والكفر ، ليملأ الإسلام العالم قاطبة .

الكتب الإلهية السماوية

صحف إبراهيم وموسى – الزبور – التوراة – الإنجيل - القرآن

يقول الله الواحد الأحد جل جلاله : { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)}( القرآن المجيد – الأعلى ) .

ويقول الله الشهيد المبدئ المعيد جل شأنه : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88) وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

الزبور لنبي الله داوود عليه السلام .. وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا

يقول الله الحميد الودود عز وجل : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167)}( القرآن المجيد – النساء ) .

ويقول الله العزيز العليم جل جلاله : { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)}( القرآن المجيد – الإسراء ) .

التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ

أنزل الله الكتاب المقدس ( الأصلي وليس الحالي ) ، وهو التوراة ( الهداية ) للمسلمين ، من أتباع موسى من بني إسرائيل عليهم السلام ، ليحكم بها أنبياء ورسل الله ( موسى وهارون ) الذين أسلموا لله ، لليهود ( الذين هادوا ) والأحبار ( الحاخامات ) . يقول الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال عز وجل في محكم التنزيل : { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}( القرآن المجيد – المائدة ) .

وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً

يقول الله الواسع الحكيم جل ثناؤه : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (26) ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآَتَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) }( القرآن المجيد – الحديد ) .

القرآن العربي .. إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا

يقول الله العزيز الحكيم الرحمن الرحيم تبارك وتعالى :

- { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8) ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9) لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) }( القرآن المجيد - الأنبياء ) .

- { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}( القرآن المجيد – يوسف ) .

- { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) }( القرآن المجيد – طه ) .

- { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}( القرآن المجيد – الزمر ) .

- { حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)}( القرآن المجيد – فصلت ) .

- { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)}( القرآن المجيد – الشورى ) .

- { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)} ( القرآن المجيد – الزخرف ) .

لقد نسخ وألغى الله الغفور الشكور ، جميع الكتب السماوية السابقة من التوراة ( كتاب الله لموسى ) والزبور ( كتاب الله لداوود ) والإنجيل ( كتاب الله لعيسى ) ، وصحف إبراهيم وموسى ، وهي المذكورة في القرآن العظيم ، وجعل القرآن المجيد ( الكريم ، العظيم ، الحكيم ، المبين ، كتاب الله العزيز ، الذكر الحكيم ) في اللوح المحفوظ باللغة العربية المقدسة ، هو الدستور الإلهي الأبدي المهيمن على الكتب السابقة والمصدق لها ، ليتقيد به الناس من جميع الأمم والشعوب في الكرة الأرضية ، من جميع الألوان والأجناس والأعراق ، لا أن يجعلوه المصدر الأول أو الثاني أو الأخير للتشريع البشري في الأرض كما يحدث في الكثير من الدول العربية والإسلامية للأسف الشديد ، وذلك ليعيشوا حياتهم الدنيوية والأخروية في سعادة وهناء ورخاء بعيدا عن الغضب الإلهي و الأضاليل والضلال المبين القريب والبعيد . وتمت عملية الإلغاء بتعميم تعاليم الكتب السابقة بالقرآن العظيم للهداية والرشاد وتطبيق أحكام وشريعة الله بين جميع خلقه في الأرض . وكلام الله واضح للعيان بأن القرآن مهيمن ومسيطر على جميع الكتب الإلهية السابقة ، لشموليته وجامعيته وتفصيلاته في شتى المواضيع والقضايا العامة والخاصة لأهل الإسلام العظيم من المؤمنين والمؤمنات رضي الله عنهم وعليهم من السابقين والأولين والآخرين .

يقول الله الحنان المنان ذو الجلال والإكرام جل جلاله : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) }( القرآن الكريم – آل عمران ) .

وبناء عليه ، فإن القرآن المجيد هو الدستور الإلهي ، كلام الله المقدس ، الذي أنزله الله بوساطة الوحي جبريل عليه السلام على المصطفى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، لعباده المؤمنين ليتمسكوا به ويطبقونه لتحقيق الأمن والأمان والرضى النفسي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والفكري والثقافي والحضاري ، واستجلاب الهناء والرضاء في الدارين : الدنيا الفانية والآخرة الباقية . وهو صالح لكل زمان ومكان بدون لف أو دوران ، فنرى التعاليم الإسلامية الرصينة تعالج كافة شؤون الأمور الإنسانية ، ولجميع الفئات البشرية ، من الأطفال والفتيان والكبار في السن ، والوالدين ، والأبناء والبنات والآباء والأمهات والأجداد والجدات ، والأحفاد والحفيدات ، والأقارب والأباعد ، ذكورا وإناثا ، وهذا ما يفتقده العالمين الغربي والشرقي بدساتيرها الرأسمالية والشيوعية وما بينهما .

يقول الله الواحد القهار جل في علاه : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}( القرآن المبين – الإسراء ) .

وبهذا ، فإن الكثير من أولي الألباب والأبصار ، عندما يدرسون التعاليم القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ، ويتمعنون بها ويتفحصونها ، باستخدام حواسهم جميعها ، يبادرون لإعلان إسلامهم أمام الملأ أو خفية خوفا من الملاحقة الغبية الجاهلة من أصحاب السطوة الدنيوية من الكفرة الفجرة . وتكتسب الدعوة الإيمانية الإسلامية أهمية كبرى في جميع المجتمعات الآدمية كونها دعوة عقلانية حكيمة متراصة ومتينة ، يكمل بعضها بعضا ، وفي المقابل ، ترى الناس السفهاء الجهلاء يلاحقون الإسلام وأتباعه في كل مكان ، حسدا وخوفا على أنفسهم وملكهم الزائل لا محالة ، إن عاجلا أو آجلا ، فالأمة الإسلامية الوسطى لا تهادن في تطبيق الشريعة الإسلامية ، وليس لديها حلول جائرة بل عادلة ، فإما شاكرا وإما كفورا ، ولا وسطية بينهما ، ولكن الوسطية الإسلامية تعني الاعتدال والعدل والعدالة بين الجميع ليأخذ كل ذي حق حقه بمراقبة ذاتية وربانية ودستورية قرآنية لا مثيل لها .

وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ .. الصراع بين أتباع الأسلمة والتنصير والتهويد

يقول الله الحميد المجيد جل جلاله : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}( القرآن المبين – البقرة ) .

وإزاء زيادة انتشار الإسلام في العالمين الشرقي والغربي ، على السواء ، سواء بسواء ، فيما يطلق عليه الغرب ( أسلمة أوروبا ، أو أسلمة أمريكا ) أي بث ونشر الإسلام بهما على نطاق واسع ، نرى أن الكثير من الدول الكافرة الملحدة أو العلمانية الرأسمالية تلاحق أتباع الدين الإسلامي الجليل ، الذي يتبعه حوالي 1.6 مليار نسمة في العالم ، من اصل حوالي 7 مليارات نسمة في جميع أرجاء الكرة الأرضية ، من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها والعكس بالعكس ، كونها أكبر أمة مؤمنة بالله العلي العظيم ، على وجه الأرض وخيرها وأفضلها ، لأن إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، وذلك لانصياعها لتعاليم رب العالمين ، خالق الخلق أجمعين ، من الأولين والآخرين .

فمثلا ، في القارة العجوز أوروبا ، تشن الدول الغربية والشرقية ، هجوما علمانيا وصليبيا ، من أتباع العلمانية الغربية ودعوة التنصير العالمية ، هجوما بربريا ووحشيا وهمجيا على المسلمين ، وتسعى لثنيهم عن دينهم ، بحجج شتى ، ومبررات واهية أوهن من بيت العنكبوت ، فنشاهد الحكومات الأوروبية في الاتحاد الأوروبي المتعدد الثقافات واللغات والجنسيات والعادات والتقاليد تسن القوانين وتتخذ القرارات تلو القرارات للتضيق على أبناء الأمة الإسلامية ، فمن هذه الدول فرنسا التي تسعى جاهدة بكل ما أوتيت من قوة بفرض اللباس والزي الفرنسي على المسلمات اللواتي يرفضن الانصياع والتقيد والتقليد للعادات والتقاليد الفرنسية البالية التي تسحق المرأة وتمتهن كرامتها ، وتظهرها وكأنها لحوم حيوانية معروضة أمام الجميع ، في الشوارع والأماكن العامة فتمنع النقاب والحجاب وغطاء الرأس ، وتلاحق الرجال من أهل المساجد الإسلامية ، بحجة الحفاظ على دستور الجمهورية الفرنسية العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة . وكذلك يبرز الحال المزري للتعاليم العلمانية في الاتحاد السويسري المتعدد اللغات والثقافات ، إذ جرى تبني منع إقامة المآذن الإسلامية للمساجد الإسلامية ، بيوت الله التي تتم فيها عبادة الخالق الذي لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، وجرى تنظيم استطلاع بهذا الخصوص فاقر حظر بناء المآذن .

وفي إيطاليا الإباحية السافلة ، يتم فرض غرامات مالية باهظة على النساء المسلمات اللواتي يرتدين الزي الإسلامي ، وخاصة النقاب الإسلامي ، مما يشكل إعتداء على الحرية الدينية والتدخل في الشؤون الداخلية لأتباع الدين الإسلامي العظيم . والمعروف عن إيطاليا وألمانيا وفرنسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي ، أنها تشجع بيوت الدعارة والزنا جهارا نهارا ، بقوانين وأنظمة سارية المفعول ، فهناك المواخير السافلة ، التي تحط من قيمة المرأة وتجعلها فريسة سهلة لكسب قوتها من فمها وفرجها ، وحسب إحصائية رسمية ألمانية هناك 400 ألف إمرأة ألمانية من أصل 80 مليون نسمة في البلاد ، يمارسن فاحشة الزنا والرذيلة في ملاه ومواخير ليلية ونهارية ، تحط من قيمة المرأة وعنفوانها ، وتجعلها تباع وتشترى بسوق النخاسة ، كأسواق العبيد بطريقة جديدة ، تباع لفترة مؤقتة ، حيث تبيع جسدها وفرجها لساعة أو ساعات ذليلة ، لقضاء شهوة عابرة ، من أحد الرجال السفهاء عديمي الضمير والأخلاق . زد على ذلك ، تسهيل عملية الإنجاب غير الشرعي بين الرجال والإناث في عديد الدول الأوروبية ، قبل الزواج المقنن ، فترى الرجل يمارس الجنس مع فتاة صغيرة بكر أو إمرأة كبيرة ثيب ، وينجب منها أطفالا ، وبعد ذلك يتم التفكير بعقد صك الزواج من عدمه ، في الكنيسة أو لدى الجهة المختصة في تنظيم حالات الزواج ، ويحمل الأطفال أسماء أمهاتهم وعائلاتها بدل أن يحملوا اسم ابيهم وعائلة وحمولته . فهل هذا يا ترى حرية وكرامة وتكريم أم إمتهان للمرأة وحقوقها الزوجية وكرامتها الإنسانية ؟؟ . أُف وتف عليهم ولهم عما يفعلون من المنكر والابتذال والسفاهة وهضم حقوق الأطفال ، فهذا المجتمع الإباحي الشيوعي المعلن رسميا هو نقيض الأخلاق الفاضلة ، والقيم والمثل الإنسانية العليا ؟؟!

على أي حال ، إن الحملات العنصرية الصليبية التي تظهر تارة وتخبو تارة أخرى في المجتمعات الأوروبية خصوصا والغربية عموما ، هي من الأمور التي لا ولم ولن يسكت عليها أبناء الأمة الإسلامية ، خير أمة أخرجت للناس ، كما وصفها الله عز وجل في كتابه العزيز الذي ينطق بالحق الأكيد ويحارب الرذيلة والسفاهات والسفالات المنحطة التي تعود بالإنسان إلى الجحيم وتضعه في أسفل سافلين .

فإذا كان أهل فرنسا وأهل ألمانيا وأهل سويسرا وأهل هولندا وأهل إيطاليا وغيرها الكثير ، يحطون من قيمة المرأة ، نصف مجتمعاتهم ، ولا يلقون بالا للأسرة الآمنة المستقرة ، فهم أحرار في ذلك ، إذا أصروا على العيش كعيشة البهائم والحيوانات ، ويقدسون الجنس والفرج واللواط والسحاق ، وليعاقبهم الله شديد العقاب على أفعالهم الدنيئة الحقيرة ، قبل وأثناء يوم الحساب ، يوم القيامة العظيم ( اليوم الآخر ) حيث يقوم الناس لرب العالمين ، وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ، ولكن لا يجوز لهم فرض آرائهم المبتذلة على أبناء الأمة الإسلامية باي حال من الأحوال ؟؟!

على العموم ، إن الحملة العنصرية الصليبية الحمقاء التي تتم بموجبها ملاحقة المسلمين الأسوياء الأنقياء الأصفياء ، والتعرض للثوابت والرموز والشعارات الإسلامية ، سواء بتمزيق القرآن الحكيم أو الإعتداء على المصطفى رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، بالرسومات والصور والأفلام المفبركة ومحاولة تشويه الحضارة الإسلامية والقيم والمثل العليا والأخلاق الإسلامية ، في بريطانيا أو هولندا أو الدانمارك أو النرويج أو السويد أو إيطاليا أو فرنسا أو المانيا أو غيرها في قارة أوروبا أو في قارات العالم الأخرى كأمريكا الشمالية وآسيا ، هي من العنجيهات الوحشية التي يجب أن يوضع لها الحد اليوم قبل الغد . وكما هو معلوم فإن لكل فعل رد فعل ، ورد الفعل الإسلامي ، تمثل في تنظيم المسيرات والمظاهرات والاعتصامات المنددة والشاجبة لهذه التصرفات العنصرية الغربية في شتى العواصم العالمية ، وهناك بعض الأفراد المسلمين الذين ذادوا عن حياض وحمى الإسلام ، بطرق عفوية ، وهناك بعض التنظيمات العسكرية الإسلامية التي فجرت بعض الأماكن العسكرية أو الاقتصادية أو المدنية السافلة في أوروبا ، كردة فعل لصد الاعتداءات على المسلمين ، وهناك المؤسسات الإعلامية المطبوعة والمسموعة والمتلفزة وعبر الانتر نت التي تنادت لكيل الصاع صاعين ، للمعتدين الآثمين الكفار الفجار . وهذه الحرب المستعرة ستبقى مشتعلة ، إذا لم يتراجع أهل الهوى والغوى عن سفالاتهم وووحشيتهم ضد المسلمين في مواطنهم الأصلية .

وعلى صعيد آخر ، تبارت بعض المؤسسات التبشيرية : التنصيرية والتهويدية والشركية والإشتراكية والشيوعية لبث الأفكار المذمومة المسمومة تجاه المجتمعات العربية والإسلامية ، سعيا منها لصد المسلمين عن مصدر قوتهم وعزتهم وهو القرآن المجيد ، وتتمترس هذه التشويهات والتسفيهات الآتية من الشرق الإباحي الصيني والغرب الإباحي الغربي ، خلف وسائل الإعلام الجماهيرية ، ونشر الأفلام والصور والفيديوهات الإباحية الساقطة عبر الانتر نت بكثافة متزايدة لتصب الزيت فوق نار الشهوات والغرائز البهيمية الحيوانية لدى الناس .

إحذروا عالم الانتر نت الإباحي

لكل وسيلة إعلام أو إتصال جماعية جماهيرية إيجابيات وسلبيات ، ولكن السماح بانتشار الإباحية العارية على الشبكة العنكبوتية الدولية ( الانتر نت ) عبر بث الأفلام والفيديوهات الهابطة هي من الأمور الخطيرة التي تهلك المجتمع الإنساني ، بجميع مكوناته ، وتجعله يسقط في مستنقعات وأوحال مهاوي الردى ، لينضم الرواد فيه لأسفل سافلين . والحكومات العربية والإسلامية ، مدعوة لسن وتنفيذ القوانين التي تحارب الإباحية ، الجنسية والفكرية والعقلية ، على السواء ، للإرتقاء نحو المجتمعات الحضارية الفضلى لا الهبوط لمستويات المجتمعات الغربية الهابطة السافلة بكل ما في الكلمة من معنى .

بشرى إسلامية للمسلمين في كل مكان .. وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

يقول الله الكبير العظيم ناصر المستضعفين في الأرض وناصر عباده المتقين الأبرار : { وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)}( القرآن المجيد – آل عمران ) .

ويقول الله المحيي الممييت جل شأنه : { وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)}( القرآن المجيد – الأنفال ) .

ويقول الله اللطيف الخبير جل ثناؤه : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122) لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}( القرآن العظيم – النساء ) .

وجاء في مسند أحمد - (ج 34 / ص 308) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ " .

وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ .

لقد بدأ الإسلام بالظهور العلني الكبير في المجتمعات الغربية ، وخاصة عبر وسائل الإعلام المتعددة الأشكال والتوجهات والتيارات المؤيدة والمعادية . وليس غريبا أن يعلن المناهض الأول لبناء المآذن الإسلامية في سويسرا إسلامه المدوي بعد عدة شهور من قيادته الحملة الدعائية لمنع بناء المآذن بالمساجد ، وتصويت أكثر من نصف السويسريين ضد بناء المآذن الإسلامية بحجة أنها تمثل الحضارة الإسلامية ، وصد ومنع ظهورها في البلدان الأوروبية الصليبية .

من جهة ثانية ، فإن الغزو الإسلامي بالسكينة والطمأنينة ، سيجتاح العالمين الشرقي والغربي وسيدخل الإسلام ، جميع البيوت في العالم ، وخاصة في هذه القرية الإعلامية العالمية الصغيرة ، شاء من شاء وأبى من أبى ، والله غالب على أمره .

وصية نبي الله إبراهيم عليه السلام .. بين الأسلمة والتهويد

يبلغ عدد اليهود في العالم عام 2010 م / 1431 هـ ، حوالي 16 مليون شخص ، يعيش منهم حوالي 5.6 مليون شخص في الكيان الصهيوني بفلسطين المحتلة وتتوزع البقية الباقية من الملة اليهودية بسوادها الأعظم في قاراتي أوروبا وأمريكا الشمالية ولا تخلو بقية قارات العالم من يهود بالمئات أو بالآلاف أو بعشرات الآلاف . ويسعى أتباع الديانة اليهودية في العالم ، لنشر اليهودية ، وفق ( سياسة التهويد ) التي ارتبطت بالماسونية والصهيونية بعد نشأة الأخيرة في أوروبا أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ، ثم قيام الكيان الصهيوني – اليهودي – العبري في الأرض المقدسة ( فلسطين ) عام 1948 ، إذ يسعى اليهود المتدينون والعلمانيون على السواء ، لتهويد فلسطين العربية المسلمة ، بشتى الطرق والوسائل الماكرة والخبيثة ، ولكن أهل فلسطين صبروا ورابطوا وصمدوا وتحدوا هجمة التهويد والصهينة والعبرنة والأسرلة المقيتة ، ولا زالوا قابضين على الجمر في ارض آبائهم وأجدادهم .

ومن نافلة القول ، إن الإسلام هو أصل اليهودية وأصل النصرانية كذلك ، وأن ذرية نبي الله إبراهيم عليه السلام ، خليل الله ، من نسل أبناء أبراهيم وهما النبيين : إسماعيل واسحاق ، هي الذرية التي نشرت الإسلام العظيم بين الناس أجمعين ، ليكونوا أصحاب التوحيد التي تعبد الله حق العبادة في جميع القرون الخالية . وأن رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هو من نسل إسماعيل ، كما ان الرسل والأنبياء يوسف بن يعقوب وموسى بن عمران وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى بن مريم هم من نسل يعقوب ( إسرائيل ) بن اسحاق بين إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعا . وبما أن إبراهيم عليه السلام مسلما ، فجميع ابناؤه من الأنبياء والرسل هم مسلمون بالفطرة والدعوة الربانية والتكليف الإلهي لهم لنشر الرسالة الإسلامية عبر العصور والأيام الخالية وذلك تلبية واستجابة ربانية لدعوة إبراهيم الخليل عليه السلام . ومن المعلوم تاريخيا أن إبراهيم عليه السلام خرج من بلدة أور أرض الرافدين زمن النمرود ، ومر ببلاد الشام ، وسكن فلسطين متنقلا بين مختلف أرجائها ومدنها في نابلس ( شكيم ) ومدينة الخليل التي تحمل اسمه الآن وقبرها بها ، ومدينة بئر السبع مكان ولادة ابنه إسماعيل عليه السلام ، ومصر وشبة الجزيرة العربية .

يقول الله رب العالمين عز وجل : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) }( القرآن المجيد – البقرة ) .

فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ

ورد في صحيح مسلم - (ج 1 / ص 350) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ " . وفي رواية أخرى ، وردت في سنن الترمذي - (ج 9 / ص 219) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنْ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي " . وفي رواية ثالثة ، جاءت في مسند أحمد - (ج 14 / ص 313) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ : " يَأْتِي اللَّهَ قَوْمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نُورُهُمْ كَنُورِ الشَّمْسِ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَحْنُ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " لَا وَلَكُمْ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَلَكِنَّهُمْ الْفُقَرَاءُ وَالْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ وَقَالَ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ فَقِيلَ مَنْ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ صَالِحُونَ فِي نَاسِ سَوْءٍ كَثِيرٍ مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ " .

على العموم ، أن لكل شيء مراحل وعصور عدة متعددة من البداية والانتشار والانحسار ، فيما يعرف عالميا ، عبر التاريخ البشري ، بالمد والجزر ، والتاريخ يعيد نفسه ولكن باسماء ومسميات شتى ، وقد بدأ الإسلام العظيم بملاحقة جاهلية في مكة المكرمة ، وامتد للمدينة المنورة بصورة شعبية وواسعة بين الناس ، وهزم الامبراطوريات السابقة والحالية ، وبنى الدولة الإسلامية العظمى الأولى في العالم ، لعدة قرون ، ابتداء من الخلافة الراشدة وانتهاء بالخلافة العثمانية ، التي أنهيت عام 1924 ، وها هو المارد الإسلامي يمتد بقوة من جديد لبقية الأصقاع بالكرة الأرضية ، عبر الصور العسكرية والمدنية ، وبأساليب شتى . وقبل يوم القيامة سيعود الإسلام غريبا كما بدأ حيث تقوم القيامة على الفجرة الكفرة .

ياجوج وماجوج والدجال ونهاية العالم

ورد في صحيح مسلم - (ج 14 / ص 167) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمْ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ " . حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ ابْنُ حُجْرٍ دَخَلَ حَدِيثُ أَحَدِهِمَا فِي حَدِيثِ الْآخَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَقُولُونَ لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَمًا وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ فَإِنِّي قَدْ أَنْزَلْتُ عِبَادًا لِي لَا يَدَيْ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ " .

وجاء في مسند أحمد - (ج 36 / ص 27) ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِنَا فَسَأَلْنَاهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ الْغَدَاةَ فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ قَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ فَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ جَعْدٌ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِيَةٌ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خِلَّةٍ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَا عِبَادَ اللَّهِ اثْبُتُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لُبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ كَسَنَةٍ أَيَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ قَالَ فَيَمُرُّ بِالْحَيِّ فَيَدْعُوهُمْ فَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ وَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ وَهِيَ أَطْوَلُ مَا كَانَتْ ذُرًى وَأَمَدُّهُ خَوَاصِرَ وَأَسْبَغُهُ ضُرُوعًا وَيَمُرُّ بِالْحَيِّ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَتْبَعُهُ أَمْوَالُهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْءٌ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِي كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ قَالَ وَيَأْمُرُ بِرَجُلٍ فَيُقْتَلُ فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جِزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ إِلَيْهِ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ قَالَ فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ فَيَتْبَعُهُ فَيُدْرِكُهُ فَيَقْتُلُهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ الشَّرْقِيِّ قَالَ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام أَنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا مِنْ عِبَادِي لَا يَدَانِ لَكَ بِقِتَالِهِمْ فَحَوِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ فَيَبْعَثُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } فَيَرْغَبُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ نَغَفًا فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَهْبِطُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ بَيْتًا إِلَّا قَدْ مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتِنُهُمْ فَيَرْغَبُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ ابْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ السَّكْسَكِيُّ عَنْ كَعْبٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ فَتَطْرَحُهُمْ بِالْمُهَبَّلِ قَالَ ابْنُ جَابِرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا يَزِيدَ وَأَيْنَ الْمُهَبَّلُ قَالَ مَطْلَعُ الشَّمْسِ قَالَ وَيُرْسِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَطَرًا لَا يَكُنْ مِنْهُ بَيْتُ وَبَرٍ وَلَا مَدَرٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ وَيُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ قَالَ فَيَوْمَئِذٍ يَأْكُلُ النَّفَرُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللَّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ وَاللَّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ تَكْفِي الْفَخِذَ وَالشَّاةَ مِنْ الْغَنَمِ تَكْفِي أَهْلَ الْبَيْتِ قَالَ فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رِيحًا طَيِّبَةً تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ قَالَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحَمِيرِ وَعَلَيْهِمْ أَوْ قَالَ وَعَلَيْهِ تَقُومُ السَّاعَةُ " .

النصر الإسلامي ودخول الناس بدين الله أفواجا

يقول الله الحي القيوم سبحانه وتعالى : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}( القرآن العظيم – النصر ) .

إن سورة النصر في كتاب الله العزيز ، تمثل انتصار العدل على الظلم ، ودخول الناس أفواجا في الدين الإسلامي العظيم ، لأنه خير الأديان وأصدقها وأنقاها وأتقاها وأحسنها قولا وفعلا .

وإن للباطل صولة وللحق صولات وجولات ، ولا بد من إنتصار الخير على الشر ، فيزهق الباطل ويحق الله الحق بكلماته ، ولو بعد حين ، ولا يجب السكوت على الأباطيل الماكرة الماجنة بل يجب مقارعة الحجة بالحجة ، وممارسة المبادئ الإسلامية العامة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والظلم والبغي . وتكون الدعوة الإسلامية بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، لينضم الناس ويركبوا بقطارات ومركبات الإسلام البرية وسفن الإسلام البحرية وطائرات الإسلام الجوية ليتم إنقاذهم من المستنقعات الكافرة الفاجرة الظالمة غير السوية .

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ

الإسلام هو دين الله في أرض الله الواسعة ، ويشهد بذلك الله الذي لا إله إلا هو العزيز الحكيم له الأسماء الحسنى ، والملائكة وأول العلم من أولي الألباب والأبصار وأولي النهى ، ممن يتبعون الحق ولا يرائون ولا يتكبرون على الناس ، ويحقون الحق ويبطلون الباطل .

وهناك صراع ونزاع خفي مستتر وعلني بائن للجميع ، بين أتباع الديانات السماوية الثلاث : الإسلام والنصرانية واليهودية . وهي في حقيقة الأمر ليست صراعا بين الدين الواحد أصلا وإنما هي صراع بين الأتباع ، فأصل دين الله الواحد هو الإسلام ، كما أظهرت ذلك الآيات القرآنية المجيدة والكريمة . وما تلك الدعوات الهادفة للتبشير بالمسيحية ( النصرانية ) الجديدة ، أو اليهودية القديمة الجديدة إلا دعوات للاستهبال والاستغفال المتعمد للبشر ، فالأجدى والأفضل أن يتم إحقاق الحق ، والإلتزام بتعاليم الله الواحدة المتمثلة بخاتمة الرسالات السماوية ( الإسلام ) وخاتم الأنبياء والمرسلين وهو محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبية لوصايا نبي الله إبراهيم عليه السلام السابقة الخالدة في القرآن العظيم ، ووصايا المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ايضا وهو من سلالة بني إسرائيل ( يعقوب ) القدماء .

يقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141) }( القرآن العظيم – البقرة ) .

ويقول الله الغني الحميد عز وجل : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (22)}( القرآن الحكيم – آل عمران ) .

وقد توعد الله الملحدين والكافرين بالعذاب الأليم ، لأنهم لم ينصاعوا للتعاليم الربانية العظمى . يقول الله الحليم العظيم جل شأنه : { قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91) }( القرآن العظيم – آل عمران ) .

كلمة أخيرة

وختامه مسك ، نقول لجميع أبناء الأمم في العالم ، من الأمة الهندوسية الهندية والأمة الشيوعية الملحدة الصينية والأمة النصرانية ( المسيحية ) والأمة اليهودية ، والأمة البوذية وغيرها من الأمم ، إن الدين الصحيح الأصل والجذر لجميع الأديان السماوية هو الإسلام العظيم ، فلا تنسوا هذا الأمر ، وبادروا لإعلان إسلامكم ولا تبقوا متفرجين أو مبتعدين أو تلحقون الأذى بالمسلمين ، فإعلان الإسلام خير لكم ، والله نسأل لكم الهداية والرشاد .

وفي هذا السياق ، نطقت الآيات القرآنية الكريمة على لسان رسول الله المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ، وهو رسول الله الذي سبق رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، لتبين الدين الحق الخالد للناس أجمعين : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}( القرآن المجيد – الصف ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: