الأحد، 2 مايو 2010

الذكرى الرابعة والعشرون - مذكراتي لمهرجان عرسي الفلسطيني 2 / 5 / 1986 – 2010

الذكرى الرابعة والعشرون ..
مذكراتي لمهرجان عرسي الفلسطيني
2 / 5 / 1986 – 2010




د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس - فلسطين العربية المسلمة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)}( القرآن المجيد – الروم ) .
ويقول الله العلي العظيم عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)}( القرآن العظيم – النساء ) . وجاء صحيح البخاري - (ج 15 / ص 498) فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " .

استهلال

يطمح كل شاب فلسطيني بلغ سن الرشد أو تخطاه ، أن يقترن بزواج إسلامي بفتاة أحلامه ، وفق الشريعة الإسلامية العظيمة ، وهذا ما راودني حيث خططت للزواج وأنا في السنة النهائية بقسم العلوم السياسة والصحافة بجامعة النجاح الوطنية بنابلس في فلسطين ، وفكرت في شؤون الزواج مليا وأنا داخل السجن الصهيوني ، في سجني الجنيد المركزي قرب نابلس بالضفة الغربية المحتلة عام 1967 ، وسجن بئر السبع بالنقب الفلسطيني المحتل عام 1948 ، ما بين عامي 1985 و1986 أثناء اعتقالي الإداري لمدة ستة شهور . وجاء التفكير بالزواج الاجتماعي ، وقد بلغت من العمر أقل من 25 عاما ( 1 / 8 / 1961 – 2 / 5 / 1986 ) لعدة عوامل وأسباب متباينة ولكنها تتفق في أساسياتها ومنتجاتها ومخرجاتها الطبيعية ، النفسية والبدنية والدينية والسياسية والاقتصادية على النحو الآتي :
أولا : الزواج كحق طبيعي من حقوق الإنسان ، ليبني أسرة جديدة ، والاقتران بفتاة طيبة متعلمة فلسطينية المنشأ والأصل ، ومجاهدة من مجاهدات حركة فتح بالجامعة .
ثانيا : الزواج كحق ومتطلب اجتماعي إسلامي تلبية للقرآن المجيد والسنة النبوية الشريفة التي تحض الشباب على الزواج الطبيعي وفق تعاليم الرسالة الإسلامية القويمة .
ثالثا : الزواج كحق وفرض وطني سياسي للعمل على التوازن الطبيعي ، في الأرض المحتلة ، وموازاة الاستيراد والاستقدام اليهودي لمهاجرين جدد من شتى بقاع العالم ، وذلك لمشاركة أبناء شعبي الفلسطيني في إنجاب جيل فلسطيني جديد ، للعمل على التوازن السكاني في أرض فلسطين المقدسة ، استمرارا للكفاح والجهاد الوطني الإسلامي الساعي نحو الحرية والاستقلال الفلسطيني . وهذا ما كان مني حيث تعمقت في دراسة هذه المسالة الاجتماعية السياسية في الوقت ذاته ، لأبدأ بها بنفسي لأكون قدوة وطنية وقومية وإسلامية للآخرين .
على أي حال ، لقد عانيت كزملائي الأسرى المعتقلين الإداريين بدنيا وصحيا ونفسيا ، طيلة ستة شهور من الاعتقال الإداري الصهيوني ، في سجني الجنيد المركزي قرب نابلس شمال الضفة الغربية ، وسجن بئر السبع بالنقب الفلسطيني المحتل جنوب البلاد ، من وحشية الاحتلال الصهيوني ، وتبعية الإضراب المفتوح عن الطعام ، التي لاحقتي طيلة ثلاث سنوات عجاف وأنا أتناول مضاد القرحة والحموضة الشديدة بمعدتي ، فتناولت مادة ( الراتادين ) ذات الكلفة المادية العالية ، بواقع ثلاث وجبات يوميا ، وحرمت من تناول الشاي والقهوة والمشروبات الساخنة . ولكن معنوياتي وهمتي النفسية والسياسية كانت عالية جدا حيث نظمت مهرجان عرسي في 1 و2 أيار 1986 ، باحتفال جماهيري شعبي فتحاوي من أبناء وأنصار الشبيبة للسهرة من محافظات الضفة الغربية الشمالية من نابلس وطولكرم وجنين وقلقيلية ، مدنا وقرى ومخيمات ، ومن جامعة النجاح الوطنية بنابلس ، وجامعة بير زيت ، وكلية الروضة بنابلس وكلية خضوري بطولكرم وغيرها . وأحيا الحفلة الزجالان : فريد الجبعي ورضوان بداد ، من جبع جنين ، وفرق دبكة شعبية ، وموسيقى ويرغول وشبابة وغيرها . فمنح هذا المهرجان الشعبي التقليدي الفلسطيني زخما كبيرا مدويا لحركات الشبيبة الفتحاوية التي حاولت قوات الاحتلال الصهيوني إفشالها ، وذبحنا 7 أكباش من الخراف الكبيرة لإطعام المدعوين بعد زفة العرس فقط غير الأطعمة التي أعددناها بعد حفلة السهرة التي تسبق العرس . فبعد الحرمان المؤقت في سجن الاحتلال الصهيوني فرحت فرحتين متتاليتين هما : التخرج في الجامعة ، والزواج الإسلامي بحفل بهيج أي بعد شهرين من الخروج من السجن الصهيوني . فانتصرنا لإسلامنا العظيم ووطنيتنا المتصاعدة نحو العلى والأعالي ومجدنا الحركة الأسيرة المجاهدة والمقاتلة من أجل الحرية والاستقلال الوطني الفلسطيني . . وسلام وتحية لمن حضر وابتهج معنا .

إختيار شريكة الحياة المقبلة

جاء في صحيح البخاري - (ج 16 / ص 33) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " .
وبالنسبة لي ، كنت ذات مرة أتمشى في ساحات الحرم الجامعي القديم بجامعة النجاح الوطنية بنابلس ، في فصل ربيعي متألق ، فمررت بالصدفة على مجموعة فتيات طالبات جالسات على درج الحرم الجامعي ، وكانت إحدى هؤلاء الفتيات بيضاء مبهجة ووجهها وضاء ومنير وسط صفاء شمس نابلس جبال النار الجبلية في رابعة النهار ، تلبس بنطالا مريحا وقميصا فضفاضا ، فشاهدت هذه الفتاة الفلسطينية عن بعد ، ودعوت ربي أن يجعل هذه الفتاة من نصيبي للزواج لاحقا بعد تخرجي من الجامعة قائلا : ( اللهم أجعل عطاف من نصيبي زوجة بالطريقة الإسلامية يا رب العالمين ) . وكانت هذه الفتاة زميلة لي بقاعات المحاضرات ومتفوقة بدراستها العلمية ، بقسم العلوم السياسية والصحافة ، وكانت من الطالبات النجيبات الدارسات بكثافة ، والنشيطات في حركة الشبيبة الطلابية بالجامعة . ومررت بسرعة من جانب الفتيات وذهبت لمحاضرتي الأكاديمية ، ونسيت الأمر برهة من الوقت ، وتابعت محاضراتي بانتظام بالفصول الدراسية ، ومارست حياتي الاجتماعية والسياسية المعقدة بتباين وتوافق حياتي غريب وعجيب ، فالعمل الوطني في التمثيل الطلابي والشبابي ، وإعداد الجيل الوطني الفلسطيني الواعد كان يستهويني كليا .
اعتقلت إداريا في السجون الصهيوني ، في 28 آب 1985 ، وكانت أبواب جامعتنا ، جامعة النجاح الوطنية بنابلس ، موصدة لمدة أربعة شهور بقرار عسكري صهيوني لئيم ، بسبب فعاليات الحركة الطلابية الفلسطينية فيها المناهضة للاحتلال الصهيوني البغيض . وبعد خروجي من السجن الصهيوني ذهبت لاستكمال الامتحانات النهائية للفصل الدراسي الذي كنت فيه سابقا ، والحصول على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية والصحافية كتخصص رئيس ، واللغة الإنجليزية كتخصص فرعي ، حيث كنت أهوى تعلم اللغات الإنجليزية والفرنسية والعبرية . فتقدمت للامتحانات الختامية ونجحت وحصلت على معدل 75.2 % في المعدل التراكمي في الدرجة العلمية التي أحبها . وأثناء ذلك ، في شهر آذار 1986 ، تشاورت مع زميلين لي بالجامعة ، بقسم العلوم السياسية والصحافية ، وهما يكبرانني سنا ، ولكنهما لم يتخرجا ، كونهما التحقا بالجامعة بعدي لأنهما كانا سجينين سياسيين من حركة فتح ، لدى قوات الاحتلال الصهيوني ، وهما الأخوين المتزوجين : بهجت الأقطش ، من بيتا ، وفيصل فوزي المفلح من قرية أوصرين وكلتا القريتين تقعان جنوب شرق نابلس ، ولكنهما كانا صديقين حميمين لي ، ويعرفان آمالي وتطلعاتي وأوضاعي الأكاديمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية . فطرحت الأمر عليهما ، فوافقاني ، وقلت لهما ما بداخلي ، فوافقاني على الخطبة والزواج ، على أن يكون زواجي ضمن عائلتي ، والدي وإخوتي وأخواتي في البيت ذاته ، في قرية عزموط على بعد 5 كم شمال شرق نابلس ، حيث تبعد القرية عن الجامعة حوالي 8 كم ، فقالا توكل على الله ، وتوكلنا على الله العزيز الوهاب . وكانت الفتاة المعنية ( عطاف أبو غضيب ) الطالبة بقسم العلوم السياسية والصحافة بجامعة النجاح الوطنية بنابلس ، المتحصلة على 85.4 % بالثانوية العامة العملي ( التوجيهي ) ، وهي زميلة لثلاثتنا ، الطلبة الأسرى المحررين السياسيين ، وتم فتح أمر الخطوبة مع الفتاة بالحرم الجامعي ، عبر طرف ثالث ، واتفقنا على الجلوس سوية لمناقشة أمور وقضايا الزواج ، ومعرفة الآراء ، ورتب زميلنا فيصل الأمر ، وجلسنا وحيدين أمام الناس على إحدى الطاولات ، طلبت مشروبا باردا ، لي ولها ، في مكان عام في مقر مجلس الطلبة ثم في الساحة العامة ، فأبدت الفتاة الموافقة على الزواج ، وشرحت لها جميع الأوضاع الأسرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية فيما يتعلق بي باختصار وقلت لها أنا عازم على الزواج قريبا وستكون فترة الخطوبة قصيرة بإذن الله الحنان المنان . وبعد جلسة ساعة تقريبا حسم الأمر ، ثم اتفقنا على الجلوس ثانية في اليوم التالي ، فاتفقنا على الخطبة الإسلامية المنتظرة ، وشرحت لي الفتاة ظروفها وأوضاعها الأكاديمية ، وأعرفها جيدا من النشيطات البارزات في حركة الشبيبة الطلابية – الذراع الطلابي لحركة فتح في الجامعات الفلسطينية ، وكانت الفتاة لم تكمل دراستها الجامعية حيث تبقى عليها ثلاثة فصول دراسية عملت على إتمامها بعد زواجنا لاحقا .
أبلغت والدي إبراهيم محمد شحادة بأمر رغبتي في الخطبة والزواج ، ثم أبلغنا والدتي بالأمر ، وجلبت لها صورة للعروس لتراها ، فتأملت بها ، وقالت لي إذا كانت هذه رغبتك فسأذهب إلى أي مكان تريد لرؤية الفتاة وأهل الفتاة ، وأعرض الأمر عليهم ، ونرى كيف ستسير الحياة في هذا المجال ، وأرى أحوال العروس المنتظرة ، فذهبت لبيت أسرة الفتاة ( عطاف ) في المساكن الشعبية ، بالقرب من قريتنا عزموط ، وكان الأخ الأكبر للفتاة ، مع زميله في السجن ، حاضرا في تلك الجلسة التي جمعت والدتي ووالدة الفتاة ، في بيت أسرة الفتاة ، وجرى التوافق على مشاورة الفتاة المعنية بالأمر ، وهذا ما كان . وكنت أبلغت والدتي أن الفتاة موافقة على الزواج ، وما بقي هو موافقة أهلها على ذلك . جاء الأخ بهجت ( أبو فادي ) لبيتنا بقرية عزموط ذات مساء وأطلعته على طبيعة بيت الأسرة ، وأنني سأعيش في غرفة نوم واحدة ، وسيكون المطبخ شراكة مع أسرتي ، وغرفة الاستقبال مشتركة ، والحمامات مشتركة وهكذا ، وطلبت منه أن يتوجه لخطبة الفتاة رسميا ، فذهب بسيارته الخاصة لبيت أسرة الفتاة ، وطلب الفتاة رسميا ، وأبدت أسرة الفتاة الموافقة المبدئية على أن يتم السؤال عني وعن عائلتي كما تجري العادات والتقاليد الاجتماعية .

السؤال عن العريس

بعد تقدم وكيلي بهجت الأقطش ( ابو فادي ) لخطبة الفتاة رسميا ، بدأت الاستفسارات التي تلتها عني في الجامعة ، وفي لجان الشبيبة ، ولدى معارفي ، ولدى بعض سكان قرية عزموط وفي محافظة نابلس ، كوني كنت رئيسا للجنة اللوائية للجان الشبيبة للعمل الاجتماعي في محافظة نابلس ، ونائبا للأمين العام للجان الشبيبة للعمل الاجتماعي في الأرض المحتلة ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) وكان الرأي الأعم الأغلب من الذين تمت الاستعانة بهم وتوجيه الأسئلة الاجتماعية أن وافقوا على زواج ابنتكم من كمال شحادة . وكان هذا توافقا بيني وبين الفتاة المسبق على الموافقة على الاقتران الاجتماعي الإسلامي الشريف بعيدا عن ما يسمى بالحب الثنائي الذي لا أحبه . ومن نوادر القول ، إن بعض أهل القرية كانوا يمدحونني شخصيا فيؤكدون أنني شاب عصامي ونجيب ومحترم ، وما شابه ولكنهم يعقبون ويقولون لأهل الفتاة : كيف ستسكنون ابنتكم وسط عائلة كبيرة ؟ والعريس لا زال طالبا ولا يعمل ؟؟ وكيف ؟ .. وكيف ؟ وهكذا دواليك .. وهلم جرا ؟؟ . وفي حادثة أخرى ، سئل أحد قيادات لشبيبة في نابلس عن علاقته معي ، وعن طبيعتي السياسية : فقال لهم : إنه ذو شخصية قوية ومتزنة ، ودكتاتوري فيشاور ولا يسمع من أحد ؟؟ وقال أحد قيادات اتحاد المعلمين الذي أعرفه ويعرفني جيدا ، عني : هذا الشخص ذو شخصية خاصة ، ولا يرد على أحد ، ولا يأتمر بأمر أحد ؟ ولا يؤمن بالديموقراطية السياسية ؟ فكيف يؤمن بالديموقراطية في الأسرة ؟؟ وسألوا آخرين من قيادات الشبيبة في الجامعة ونابلس : فقالوا لهم أعطوا كمال وانطلقوا على بركة الله ولا تترددوا بتاتا . فالشاب ليس عليه غبار ، ويستحق الزواج من ابنتكم ، وابنتكم تستحق الزواج منه ، فهو خريج جامعي والمستقبل أمامه . واستشارت خطيبتي بعض زميلاتها القياديات بحركة الشبيبة الطلابية ، فقلن لها : لا تخطبي طالبا لا يعمل ؟ علما بأنني كنت تخرجت في الجامعة ؟! فليس لديه بيت خاص مستقل عن أسرته ، ولكن خطيبتي المنتظرة رفضت هذا الرأي النسوي غير الراجح ، وكانت أبلغتني أنها اختارتني كوني جامعيا وطنيا وعصاميا وريفيا وقياديا بحركة فتح ، ولا يهم الدار والبناء فستأتي الدار والمال لاحقا ، قائلة ( أنا مستعدة أن أعيش معك في خيمة وليس في غرفة كما هو حالك الآن ) فزاد ذلك القول إطمئناني على حياتنا الأسرية المقبلة في السراء والضراء ، فهذا هو حال الدنيا لأن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك .
ومن جانبي ، كنت أعرف الفتاة وسيرتها الأكاديمية ، ونشاطاتها النقابية السياسية بالجامعة ، فهي زميلتي في القسم والجامعة ، وكانت تأخذ بعض دفاتري أحيانا لكتابة بعض المحاضرات ، وتحادثني أكاديميا وسياسيا وكانت اعتقلت لدى قوات الاحتلال الصهيوني 18 يوما أثناء دراستها الجامعية . ولكنني فوجئت ببعض الأشخاص ينصحني بالتريث وعدم خطبة الفتاة حاليا ، لأنه يمكن أن يخطبها شخص آخر . فرفضت الأمر وقلت له ، لقد سالت الله أن تكون لي فهي لي إن شاء الله تبارك وتعالى وأنا السباق في الخطبة .
وأثناء فترة الاستفسار العائلي والاجتماعي ، كنت التقى مع عروستي المنتظرة ، في الحرم الجامعي ، كطلبة وزملاء جامعة ، ونتباحث حول شتى الأمور الحياتية والسياسية والاقتصادية العامة والخاصة . فكنا متوافقين على الزواج كليا ، ولكن متطلبات الأهل كانت للتأكد والتأكيد ، كغيرهم من الناس ، ولهم الحق في ذلك . ولكن قراري كان حاسما وصارما ، فأنا لا أتراجع عن كلام أقوله ولا أخلف بوعد أعده لأي كان ، ومهما كانت الظروف ، فهذه طبيعتي الوطنية والإسلامية . ولا أريد التسلية وإنما طرقت الباب واسعا فتقدمت للخطبة الرسمية بعد موافقة الفتاة الشخصية الرسمية ، فهي ناضجة وشريكة الحياة المقترحة لدي ، ولم آتي من الشباك كما قد فعل البعض غير المسؤول ولم يسبق أن خطبت غيرها .
ورغم هذا وذاك ، جاء قرار أهل الفتاة وأسرتها وقرار أسرتي ، أنهم موافقون على زواجنا ، أنا وابنتهم ، فتم التوافق على قيمة المهر المؤجل ( 1500 دينار أردني ) والمؤجل 2000 دينار مع توابع وأثاث البيت بألف دينار أردني . واتفقنا على تحديد موعد عقد القران ( كتاب عقد أو صك الزواج ) في بيت أسرة العروس ، في 29 آذار 1986 ، قبل تخرجي رسميا وتحصيل شهادتي الجامعية ، البكالوريوس في العلوم السياسية والصحافة ) من جامعة النجاح الوطنية بنابلس في 29 نيسان 1986 .

خطبة على خطبة .. قبل التوجه للخطبة

وبعد أن شاعت بعض أخبار خطبتي المنتظرة ، في قرية عزموط ، كنت أتفاجا بعدة نسوة من قريتي من عائلة خارج عائلتي ، يعرضن علي بناتهن للزواج ، وسط استغرابي ، فبلغ عدد المعروضات 5 فتيات ، فهل يعقل هذا الأمر ؟؟ يا إلهي ، هل هذا بلاء أم ابتلاء ، فلم أقع في حيرة من أمري ، ولم أتردد بتاتا ، ولكنني كنت رابط الجأش حاسما وصارما بل وديكتاتوريا بحق وحقيق في هذا الأمر كما وصفني بعض زملائي في قيادات العمل الوطني في الشبيبة واتحاد المعلمين ؟؟
والمفاجأة الكبرى ، في عصر يوم 29 / 3 / 1986 ، أبلغني بعض أفراد أسرتي أن قريبا لوالدتي سيحضر لبيتنا ، وهذا ما كان ، فقد حضر ذلك الرجل الكبير ومع زوجته وابنته ، من مكان بعيد ، يبلغ 15 كم تقريبا ، وعرض علي أن أتزوج ابنته ، وأن يزوج إحدى أخواتي لابنه ، ففوجئت بهذا الأمر الجلل ، والتطور المفاجئ ، قبل لحظات قليلة من التوجه لخطبة فتاتي التي سأقترن بها بعد ساعات قليلة ، بعون الله تعالى ، فاستمعت لكلام الضيف القادم بأدب ، ولم استجب لطلبة المفاجئ بتاتا ، ورفضت الأمر بطريقة دبلوماسية لبقة ، وقلت له تفضل معنا على الجاهة لخطبة فتاة جامعية لي بالمساكن الشعبية ، من أسرة فلسطينية مناضلة ، هجرت من بيسان شرق فلسطين ، عام 1948 ، وسكنت نابلس ثم هدم بيتها من الاحتلال الصهيوني ، فستحضر السيارة بعد قليل ، فأبى مرافقتنا بامتعاض ، وبعد أن تمت ضيافته بالواجب في بيتنا ، قفل راجعا لبيته من حيث أتى في أحد المخيمات الفلسطينية .
جهزنا أنفسنا ، والدي ووالدتي وإخوتي الكبار وأنا ، وكنا أحضرنا سدر حلويات كبير من البقلاوة ، لإصطحابه لبيت العروس المنتظرة ، وطلبنا سيارة أجرة قريبة ، لتنقلنا لبيت أسرة الفتاة بالمساكن الشعبية شمال شرق نابلس ، على بعد 2 كم عن قريتنا عزموط . حضرت السيارة ، وركبنا بها ، ووصلنا قرب بيت أسرة الفتاة ، وطلبت من أخي الأكبر مني أن يحاسب سائق السيارة بأجرة النقل ، فرفض السائق وزعل وغضب واستدار بسرعة رافضا أخذ الأجرة ، فرماها أخي عليه ، كونه أراد أن يأتي معنا كجاهة ، ولكنني لم أقصد الإساءة إليه أو إيذائه بل دفع الأجرة له . نزلنا من السيارة ووصلنا بيت الفتاة ، ثم طلبنا يد الفتاة من أهلها ، إخوتها وأخوالها ومن حضر من أقاربها ، في إطار عائلي صغير ، فباركوا لنا الخطبة والزواج ، وأجابنا خالها الحاج أبو حافظ إجابة إيجابية ( مباركة عليكم البنت ) ، ثم توجهت برفقة أخي وصديقي وزميلي العزيز بهجت الأقطش وأحضرنا المأذون ، لكتابة كتاب الزوجية ( عقد القران ) ، وتم عقد القران ودفعنا المهر المعجل ، الذي كنا قد اتفقنا عليه بوساطة أهل الخير ، أبو إسلام الدبعي وأبو فادي الأقطش ، بارك الله فيهما ، بحمد الله الغني الحميد ، وتوفيق منه فهو المتفضل على عباده دوما وأبدا ثم ارجع أبو فادي المأذون لبيته مشكورا .
وبعد ذلك ، اشترينا ذبلتي الخطوبة ، ثم شبكة الخطوبة الذهبية لاحقا ، حيث ذهبت أنا والعروس ، واشتريت ذبلة ذهبية للعروس ، واشتريت لنفسي ذبلة فضية ، ونقشنا اسمينا عليهما بالتبادل ، حيث نقش اسمي ( كمال ) على ذبلة خطيبتي الذهبية ، واسم خطيبتي ( عطاف ) على ذبلتي الفضية . واستطلعنا في السوق الذهبي وغيره ثم رجعنا لبيت الفتاة . ثم حددنا يوما للخطبة .

حفلة الخطوبة ( الشوفة )


نظمنا حفلة للخطوبة في بيت أهل العروس ، بالمساكن الشعبية ، وهي من أحياء نابلس الشرقية الراقية ، وليس في قاعة من قاعات الأفراح التي كانت قليلة على كل حال في ذلك الوقت ، وتوافد علينا مئات المدعوين الذين دعوناهم كتابة ببطاقات دعوة أو شفهيا ، وقدمنا لهم الضيافة بالشراب البارد والشوكولاته والحلويات . وجهزنا عدة سيارات لنقل الرجال والنساء من وإلى القرية ، على حساب أهل العريس ، للحضور لبيت الخطبة . وبعد حفلة الرجال جاءت حفلة النساء للمباركة وألبست العروس بعض قطع الذهب .

أثاث أو غرفة النوم

عملت على إعداد غرفة نوم خشبية من الطراز الأول المتقن ، من سرير الزوجية الثنائي ، والخزانة بطبقتين ، وتوابعهما ، بالتفصيل وليس عبر الشراء من السوق ، بل كانت طلبية خاصة ، من الخشب الممتاز ، وكلفت مبلغا كبيرا من المال في ذلك الوقت ، حيث كلفت حوالي 500 دينار أردني .

الكسوة

وهي كسوة العروس ، وكسوة أهل العريس ، وللأم والأخوات وبعض القريبات وهي الثياب الجديدة للعروس من ضمن مهر العروس . وكلفت كسوة العروس وحدها آنذاك حوالي 200 دينار أردني .
ذهب العروس
اشترينا بمهر العروس عدة قطع من الذهب ، لتلبسه العروس ليله العرس ، كنوع من الزينة المحببة حسب العادات والتقاليد الفلسطينية الأصيلة . حيث اشترينا بمبلغ 800 دينار أردني عدة قطع من الذهب ، من الذهب الآجاص وخاتم وحلق كتلبسية الخطوبة ، والأساور الذهبية 4 سحبات ، أونصة بجنزيرها وإسوارة إنصاص و4 سحبات وخواتم وغيرها كتلبسية العرس .

وفي وقت لاحق ، حددنا العريس والعروس والأهل من الجانبين ، موعد السهرة الليلية والزفاف الميمون ، للعرس القادم المنتظر ، فوافق ذلك الأمر يوم الخميس 1 أيار 1986 للسهرة ، ويوم الجمعة 2 أيار 1986 لزفة العرس الشعبي الكبير البهيج . وطبعنا بطاقات الدعوة للأحبة والأقارب والأباعد والأصدقاء من قرية عزموط وقرى ومخيمات محافظة نابلس ، وجنين وطولكرم وقلقيلية وسلفيت ، وجامعات النجاح الوطنية في نابلس ، وجامعة بير زيت ، وكلية الروضة الوطنية ، وكلية خضوري ، والعديد من الشخصيات النقابية والاعتبارية والمؤسسية . ونظم العرس الوطني الشعبي المهيب ، بيوميه السهرة والزفة ، وسط حضور قيادي كبير لحركة فتح لافت للنظر ، من القيادات الطلابية والنقابية والاتحادات الشعبية وأساتذة الجامعات ون بعض المتدينين الأقارب والأباعد .
وبلغ عدد الحضور من خارج قرية عزموط بأكثر من ألفي شخص من القيادات الرسمية والشعبية ، ووسط امتناع عشرات الأشخاص من قريتنا عن المشاركة في هذا الحفل الشعبي الاجتماعي الكبير ، خوفا من أناشيد الثورة وحركة فتح ومناهضة راوابط القرى العميلة للاحتلال الصهيوني البغيض . ومن السخرية ، أن بعض الحاضرين كان يرهبني ويخوفني من اقتحام قوات الاحتلال الصهيوني لعرسي وتخريبه ، فلم أخف بتاتا ، وأوكلت أمري لله الواحد القهار ، ولم أصغ لمثل هذه التهديدات والتخويفات من أي كان سواء من الشرطة العربية التي كانت تأتمر بأمر الاحتلال أو ببقايا شرطة الاحتلال البريطاني لفلسطين الحاصلين على التقاعد من التاج البريطاني .




ليلة السهرة .. وليلة الحناء

بعد عصر يوم الخميس 1 / 5 / 1986 ، تجهزت النساء لحناء العروس ، وذهبت والدتي وأخواتي وقريباتي ، ونساء كثيرات من قريتنا عزموط لبيت العروس ورسمن على أيديها اسمي بالحناء ، وجبلن الحناء للعروس وسط حضور بعض القياديات الرائدات من بنات حركات الشبيبة الطلابية بجامعة النجاح الوطنية بنابلس ، والاتحاد العام للجان المرأة للعمل الاجتماعي في الأرض المحتلة وفرعه في نابلس حيث كانت خطيبتي إحدى المؤسسات للجنة المرأة العمل الاجتماعي في نابلس . وتم الأمر وفق ما هو مخطط له بحمد الله ورعايته القادرة على كل شيء ، فالله على كل شيء قدير . وبعد الحناء عادت النساء لبيت العريس للغناء وإحياء ليلة سهرة نسائية منفصلة عن الرجال بالأغاني الشعبية والتراثية النسائية الفلسطينية المحلية المشهورة .



وبالنسبة للرجال ، فقد توافد عشرات المئات من الأحباء والأصدقاء ، من القرية والقرى المجاورة ليبلغوا حوالي ألفي رجل وشاب وشبل ، ممن شاركوا بحفلي السهرة والزفة ، وتم إحياء السهرة بالزجل الشعبي الفلسطيني ، وتمجيد الإسلام والثورة الفلسطينية ، وترديد الأناشيد المناهضة للاحتلال الصهيوني وأذنابه من روابط القرى العميلة . وتهافتت برقيات التهنئة على العريس عبر الميكروفون الهادر ، بصوته العالي المجلجل لما في القرية وحولها . وألقى شقيق العروس الأكبر الأسير المحرر الشاعر هاني أبو غضيب قصيدة شعرية ألهبت مشاعر الجماهير .



وقد رقصت فرحا وطربا بالحفلة الوطنية وسط اصطحابي ومناداتي من الأصدقاء والأحباب . وقد تعبت كثيرا في الاستقبال والاحتفال ، فبدت ساحة مهرجان عرسي مليئة بالجهور الكريم ، وفي مقدمتهم صديق وزميلي بهجت الأقطش ، وحومة سيارات كثيرة اصطفت على الشوارع الرئيسية والفرعية التي حشرت وامتلأت بها ، والأضواء الكاشفة تتلألأ في سماء عزموط لتضيء درب وأجواء الاحتفال الكبير الذي أضاف عددا مضاعفا لعدد سكان القرية غير مسبوق . والطوافون في حلقة دائرية يرددون الأهازيج والأناشيد والأغاني الوطنية والإسلامية ( يا حلالي يا مالي . ويا صلاة على النبي – محمد صلى الله عليه وسلم ) ، وترديد عناوين وعبارات إسلامية مجيدة ، وتحية لأبو عمار واللجنة المركزية لحركة فتح ، والأسرى والمبعدين ( أمين مقبول وخليل عاشور وغيرهم ) .. ويا خيل تدوس المنايا خيلنا ، وتدوس الروابط خيلنا .. ومديح بشخصي وعائلتي وحركتي السياسية .. وهكذا ) .
وتزعم عرافة الحفل الأسير المحرر محمد عودة حنني ، من قيادات الشبيبة في محافظة نابلس وجامعة النجاح الوطنية ، وألقى كلمات سياسية وعاطفية ومباركة مثيرة في الحفل وسط تصفيق الحاضرين ، ودبكت فرقة روجيب للدبكة الشعبية بجولات دبكة شعبية مشهورة ، على منصة خشبية كبيرة أعدها الصديق راجي ثابت أبو كايد في منطقة البيادر وسط القرية ، وتغنى الزجالان : فريد الجبعي ورضوان بداد من قرية جبع بالزجل الشعبي التقليدي ، وعزف على اليرغول والشبابة من الأغوار الفلسطينية من التراث الشعبي العربي الفلسطيني الأصيل وسط فرح ومرح الحاضرين ، وتوزيع السجائر وحفلات الشراب البارد والشاي والقهوة على المدعوين الكرام . فلفت الأدوار الراقصة شعبيا وفق التراث الشعبي الفلسطيني ، ورقصت الأشبال بالأعلام الفلسطينية بألوانها الأربعة الزاهية حتى ساعات ما بعد منتصف الليل حيث نظم طعام العشاء للحاضرين ، وامتلأت دار الأسرة بالشباب الذين سهروا وتعبوا من الاحتفال بالعرس العظيم . الذي أعطى الشبيبة في القرية ومحافظة نابلس زخما اجتماعيا وسياسيا وشعبيا عظيما بقي أثره عدة سنوات في عملية استقطاب عناصر ومناصرين جدد لحركات الشبيبة التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) وتراجعت وذوت ميليشيات روابط القرى العميلة في المنطقة .




يوم العرس الكبير .. زفة العريس

وفي صبيحة يوم الجمعة ، 2 أيار – مايو 1986 ، تم إعداد الأكلة الشعبية ( المناسف ) للحاضرين المفترضين ، وأهل القرية ، وذبحت 7 خراف كبيرة لطعام الغداء في منزل والد العريس إبراهيم شحادة ، ونصبت عريشة من قماش ، وكتبت يافطات ترحيبية من لجنة الشبيبة للعمل الاجتماعي في عزموط ترحب الضيوف الكرام ، ورددت الأناشيد والأغاني الثورية الوطنية والإسلامية ، من الزجالين والحاضرين وسط تصفيق عنيف ، وحضور الضيوف بأكياس السكر والأرز وعشرات مرتبانات اللبن الرائب ، وأرغفة الخبز المصنوعة محليا بالطابون الريفي التقليدي . وتولى والدي ووالدتي الإشراف الفعلي على مجموعة من النسوة لإعداد طعام العرس الكبير فترأس والدي طاقم طعام العرس وطبخ اللبن باللحم وأعد الأرز المطبوخ وأعدت المناسف لأكل المدعوين من الأقارب والأباعد .
وبعد صلاة يوم الجمعة الجامعة ، إنطلقت زفة العرس ، للعريس الأسير المحرر من سجون الاحتلال الصهيوني البغيض ، الذي أمثله أنا كمال شحادة ، فحضر عشرات الأسرى من محافظان الضفة الغربية الشمالية والجامعات والكليات الفلسطينية ، والمؤسسات والاتحادات والنقابات الشعبية ، من الذكور والإناث . وأحضرت فرس من قرية دير الحطب لركوب العريس ، فركبتها وقادها أخي الكبير جميل ، لبيت عمي أبو نواف ذهابا وإيابا ، لحمام العريس ، وهو لبس بدلة العرس ورش العطور على شباب الزفة ، ووضعت شمسية سوداء اللون ، فوق رأس العريس مجللة بالكوفية الفلسطينية ، البيضاء والسمراء ، بخطوطها الزاهية البراقة ، وسط أشعة الشمس الذهبية في قلبها مناديل ملونة بالأسود والأبيض والأخضر والأحمر بألوان العلم الفلسطيني الرباعي التكوين .
واستمرت زفة العريس زهاء ثلاث ساعات ، وسط الحداية الزجلية الشعبية الفلسطينية ، ورقص البعض من الرجال والشباب بالعصي والسيوف ، وتصفيق المشاركين وصفير البعض الآخر ، ورقص البعض بأغصان الزيتون ، والتين واللوز الأخضر ( بقيادة الحاج الأديب أبو جاسر ) . لقد كانت زفة لم يسبق لها مثيل في حياتي ، وحياة العرسان في محافظة نابلس ، حفلة وطنية إسلامية رائعة ، بمشاركة اجتماعية ووجدانية وعاطفية مليئة بالود والمحبة والمودة والمشاركة العائلية والجهوية والفتحاوية الأصيلة .




طعام الغداء .. وليمة العرس

جاء في صحيح البخاري - (ج 7 / ص 199) قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ فَمَكَثْنَا يَسِيرًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ مَا سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ " .
وبعد الزفة الوطنية الرنانة ، ولم تستخدم فيها كلمان ماجنة أو هابطة أبدا ، بطلب مسبق مني للزجالين ، تناول الجميع طعام الغداء ، المكون من : المناسف البلدية الشعبية بلحمة الخرفان ولبن الغنم والبقر واللوز الموضوع على أرغفة الطابون البلدي اللذيذ ) وتألف طعام الغداء من 2000 رغيف طابون ، و2000 كغم لبن رائب ( بواقع ألف مرتبان ) ، و20 كيس أرز بوزن 25 كغم أي نصف طن أرز ، وكميات كبيرة من السمن والزيت ، وحوالي 10 أكياس سكر بوزن 50 كغم ، بواقع نصف طن سكر ، وحوالي 550 كغم لحم خرفان ، وكميات كبيرة من اللوز . وقدم البعض النقوط النقدي أو العيني ، الذي قارب مهر الفتاة ، وغطى تكاليف طعام الغذاء رغم رفضي لذلك ، ولكنهم أصروا على تقديم مساهمة ولو جزئية في تقديم مواد عينية لطعام الغداء من الأرز والسكر والخبز البلدي . وشارك في إعداد وجبة الغداء حوالي 20 طباخا وطباخة من الأقارب والأصدقاء ، فكانت حفلة شعبية رائعة لم يسبق لها مثيل في قرية عزموط ومحافظة نابلس . وأذكر أن ما زاد من الأطعمة تم توزيعه بإشراف والدتي على الجيران والأقارب وأهل القرية ، وكان سبق ذلك تخصيص سدر لكل طباخ أو طباخة شاركوا في حفلة طبيخ طعام الغداء .
وبعد ذلك ، بعد إنتهاء الزفة ( روحت يا عريس على دار السلام ) وتناول طعام الغداء ، جهزنا موكب الإنطلاق لإحضار العروس من بيت أهلها بالمساكن الشعبية قرب نابلس ، بعدة سيارات خاصة وعامة ، بصحبة الزجالين الشعبيين فريد ورضوان بارك الله فيهما ، والميكروفونات الهادرة فوق كابينة السيارة ، وتصفيق المشاركين بالموكب العرائسي البهيج وانطلقت صفارات السيارات مدوية في المنطقة ، وسط الزغاريد النسوية الهادرة ، في منزل والد العريس أبو جميل . ثم اصطحبت عروستي بسيارة أجرة مع بعض قريباتها ، فلم يكن لدي سيارة وقتها ، ووصلنا لبيت الزوجية المنتظر في عزموط وسط زغاريد النسوة فرحا ، وبكاء أخريات جزعا وطمعا في أن تكون العروس ليست هي الصحفية بل من قريبات الباكيات الشاكيات ، وقدر الله نافذ لا محالة ، شاء من شاء وأبى من أبى ، ولله عاقبة الأمور . وصمدت أنا والعروس ، وهو القعود على طاولة وكرسيين وحملنا شمعتين كبيرتين ، مشتعلتين لإنارة درب زواجنا القادم ، وغنت وطافت والدتي وأخواتي وبعض الأخوات والقريبات النساء حولنا فرحا ، وتم تصوير كافة سهرة العرس وحفلة الزفة في شريطين لعدة ساعات على الفيديو . وكلفت حفلة التصوير حوالي 80 دينار أردنيا ، ومثلها كانت أجرة الزجالين حوالي 100 دينار أردني مع أجرة السماعات والميكروفونات الهادرة الكبيرة للزجل والحداية لمدة يومين متتالين هما : حفلة السهرة الخميسية وحفلة الزفة يوم الجمعة . وقد استدنت مئات الدنانير لإكمال فرحة العرس والزواج التراثي الشعبي الفلسطيني حيث مكثت عدة سنوات أسدد ديوني المالية وهي ديون داخلية وليست خارجية على كل حال ، وكما يقول المثل الشعبي ( كل من يريد أن يعمل جمال يجب أن يوسع باب داره ) وهذا ما كان . فوسعنا باب دارنا ، ونظمنا عرسا تقليديا فلسطينيا إسلاميا ، أصيلا تحدث عنه الجميع كمهرجان وطني كبير فصل فيه الرجال عن النساء والحمد لله رب العالمين .
وبفضل الله سبحانه وتعالى ، ونحن في عام 2010 أنجبنا ثمرة زواجنا : ولدين : الصحفي هلال والمحاسب حازم ، وطالبة الهندسة بالسنة الثالثة آية والطفلة أمل الزهراء وهي بالصف الأول الأساسي . وقد بدأنا حياتنا بغرفة نوم صغيرة ثم انتقلنا وشيدنا بناء جديدا بفضل الله 130 مترا ثم زدناها لتصبح 240 مترا ، ثم طابقين فالله هو الرزاق ذو القوة المتين وهو الحنان المنان . وبناء عليه ، فإن المال متحرك ، يوم يكون في يديك ويوم لا يتوفر لديك ، فكن تقيا مؤمنا يجعل الله لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ويرزقك من حيث لا تحتسب . فكن مع الله ولا تبالي .



نصائح للعرسان الجدد في فلسطين

على أي حال ، هناك العديد من النصائح العامة والوصايا التي نوصي بها الجيل العربي والإسلامي الشاب في الأرض المقدسة والوطن العربي والوطن الإسلامي والعالم ، من خلال تجربتي في الزواج والتزوج والمشاركة في جاهات الزواج الإسلامي والوطني ، ومن أهم هذه المسائل الآتي :
أولا : التدين : اختاروا الفتيات المتدينات المسلمات غير المتبرجات ، وإذا كن لا يلبس اللباس أو الزي الإسلامي ، فاشترطوا عليهن أن يلبسن اللباس الإسلامي المحتشم . وابتعدوا عن الكاسيات العاريات والمتبرجات .
ثانيا : السن المتقاربة ( عربا أترابا ) : عند اختياركم شريكة الحياة حاولوا أن تكون الفتاة من أترابكم ، قريبة من عمركم الزمني لإيجاد التوافق العقلي والتفكير المنطقي . فإذا كان عمر الشاب 30 عاما فلا يجب أن يختار فتاة للزواج بعمر 15 أو 18 أو 20 عاما ، فالفرق الزمني بينهما متباعدا وهذا يعكس نفسه سلبيا على الحياة الزوجية إن عاجلا أو آجلا .
ثالثا : التعليم الجامعي : يفضل في شريكة الحياة أن تكون خريجة جامعية أو لديها المقدرة على المتابعة الجامعية بدرجة البكالوريوس كحد أدنى ، ولا مانع من شريكة الحياة التي تحمل درجة الماجستير . فالأم المتعلمة ستكون معلمة لأبنائها ذكورا وإناثا ، على السواء .
رابعا : التوافق الاجتماعي : في طبيعة الحياة ، وقبول الفتاة للعيش في السراء والضراء ، فمعنى شراكة الحياة أو الحياة الزوجية الشعور بحالة الزوج الاجتماعية .
رابعا : التفاهم الاقتصادي : حول طبيعة الاعتدال في الإنفاق اليومي والأسري ، وحاولوا الابتعاد عن المبذرات والمسرفات في الإنفاق المادي ، لأن التبذير مهلك للإنسان ، ويجعله فقيرا الحال دون عوامل مقبولة .
خامسا : التوافق المهني : بمعنى قبول الفتاة شريكة الحياة المنتظرة لمهنة الشاب المتقدم للخطبة .
سادسا : الاكتفاء بالأمر الواقع الحالي : قبول الفتاة على العيش المتوفر وعدم إرهاق الشاب في تكاليف مالية باهظة ، وتجنب أن يقع الشاب تحت تأثير الشروط المالية المكلفة ، فشريكة الحياة ليست تجارة وتباع وتشترى ، بل هي إنسانة أولا وأخرا . فلا داعي للوقوع تحت الطلبات المالية المرتفعة كالحفلات والسهرات والفنادق والقاعات الفاخرة والذهب بكميات خيالية أو طلب شراء الألبسة الغالية الثمن وهكذا أو قضاء شهر العسل في مناطق سياحية نائية .
سابعا : عدم البخل أو التبذير والإسراف بحفلات الزواج . فلا تبخلوا على تقديم ما تحتاجه العروس بالحد الأدنى ، وليس الأقصى البعيد المنال ، ولا تسرفوا في حفلات الزواج ، لأن ذلك يضطركم للإستدانة من الآخرين مع ما يسببه ذلك من هم وغم جراء الديون المتراكمة .
ثامنا : اختيار الفتاة من أصول ومنابت إسلامية ووطنية والابتعاد عن الأصول الذميمة . فالفتاة الطيبة الأعراق تكون زوجة مباركة هادئة متوافقة مع زوجها .
تاسعا : التوافق الجمالي : بمعنى تقارب حالة الجمال بين الشاب والفتاة ، والابتعاد عن الافتتان بجمال الوجه ، مع وجود سوء الأخلاق كالتكبر والتعالي على الآخرين .
عاشرا : الابتعاد عن زواج الفتاة لحسبها ونسبها ومالها وجمالها ، فالشاب سيتزوج الفتاة ولا يتزوج مالها أو وظيفتها أو جمالها فالجمال سيذوى بعد التكاثر والإنجاب .
حادي عشر : السعي لتغريب النكاح ، وتجنب الزواج من درجات سلالية وراثية متقاربة لعدة مرات ، لئلا يقع الإنسان في متاهات الإعاقة الجسدية أو العقلية قدر الإمكان .
ثاني عشر : الابتعاد عن الزواج من الأجنبيات ، فكثير من الأجنبيات هجرهن أزواجهن أو نشزن أو تم طلاقهن ، لأنهن لا يعشن في بيئة اجتماعية مختلفة عن بيئتهن . والأمثلة كثيرة في هذا الميدان ، فالكثير من الطلبة المسلمين أو العرب الدارسين في قارات أوروبا أو أمريكا أو آسيا تزوجوا من فتيات جامعيات أثناء فترة الدراسة الجامعية ، وفشلت تلك الزيجات لاختلاف الثقافات والحضارات والرؤى الإسلامية ، والرؤى الاقتصادية والجغرافية والزمانية والمكانية ، فلا تلقوا يا معشر الشباب بأيدكم إلى التهلكة .
ثالث عشر : النية الصادقة للزواج مرة واحدة : وذلك بأن يضمر الشاب أن هذا الزواج هو الزواج الأخير ، فلا يخطط للزواج مرة ثانية أو ثالثة أو رابعة إلا للضرورة القصوى ، وذلك لأن تكاليف الزواج وتبعاته مهلكة ومتعبة كثيرا ، وتربية الجيل الصالح بالتعليم العالي مكلفة اقتصاديا ومرهقة نفسيا واجتماعيا .
رابع عشر : جواز عرض الفتاة العزباء على الشاب الأعزب المتدين ، لتكوين أسرة جديدة ، وتقبل نتيجة العرض إيجابا أو سلبا ، لأن من يقرع الباب سيلقى الجواب ، دون تشنج أو حقد أو غرور . ومثال ذلك ما حدث مع نبي الله شعيب حين عرض إحدى ابنتيه على موسى عليه السلام . كما جاء بكتاب الله العزيز : { قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}( القرآن المجيد – القصص ) .
خامس عشر : عدم إرهاق العريس بالديون المتراكمة ، وإذا احتاج العريس لبعض الأموال فلا يلجأ للبنوك الربوية بأي حال من الأحوال . ويحبذ استقراض النقود من الأقارب والأصدقاء والأحباء والإلتزام بتسديدها لاحقا بشكل منتظم أو عبر شيكات مالية مستوفاة بمواعيد مقدسة . وليعلم الجميع أنه كلما كانت ديون تكاليف عرس العريس قليلة كلما كانت حياة العرسان المادية مستقرة لفترة طويلة غير متذبذبة .
سادس عشر : عدم استخدام المنتجات الصهيونية في حفلات الخطوبة والأعراس ، بل يجب أن تكون المشروبات والحلويات من الصناعة المحلية الفلسطينية ، ومقاطعة الإنتاج الصهيوني .
سابع عشر : تكوين إدارة ذات خبرة ودراية في الإشراف على إعداد طعام الغداء وعدم ترك الأمور فوضى ، بل يجب أن تكون محكومة بالنظام ، ومسؤولية شخص واحد يوجه طاقم الطعام والشراب .
سابع عشر : استخدام الدواوين أو البيوت للأفراح وتقليل الاعتماد على القاعات الصاخبة ، ذات التكاليف الغالية ، للتوفير المالي على العريس ، وتقليل الاحتكاك الاجتماعي وتلافي حدوث المشاكل بين المدعوين ، سواء من الرجال أو النساء كل على حدة .
ثامن عشر : فصل الرجال عن النساء في حفلات الخطوبة والأعراس ، وتجنب الاختلاط بين الذكور والإناث وفق الشريعة الإسلامية .
تاسع عشر : توزيع الأطعمة والحلويات الزائدة بعد حفلات الخطوبة والأعراس على الناس ، وخاصة فئات الفقراء والمحتاجين وعدم إلقاءها في حاويات القمامة .
عشرون : الإتفاق المسبق على مهر الفتاة المعجل والمؤجل وتوابع المهر نقدا وأثاث البيت وغيره قبل كتب الكتاب أو عقد القران ، لتحاشي وقوع الخلافات بين أهل العروسين مستقبلا . وعدم وضع شروط على العريس كالسكن في مكان كذا أو كذا ، فلا شروط بين الزوجين ، بل كل شيء يجب أن يقوم على التعاون والتفاهم الزوجي .
حادي وعشرون : ضبط النفس تجنب حدوث المشاكل بين العائلتين : أهل العريس وأهل العريس ، فحدوث المشكلات قد تكون قاضية على علاقات الزوجين المستقبلية لا سمح الله .
ثاني وعشرون : الاحتراس والحذر من التسرع في اختيار شريكة الحياة ، والعد للمائة قبل الإقبال على إنتقاء فتاة من الفتيات كعروس ، والزواج التقليدي برأيي هو الأنجح والأصلح والأجدى لمستقبل الحياة الزوجية . فليس كل حالات الزواج الجامعي بين جامعي وجامعية ناجحا ، والزواج من طالبة جامعية على مقاعد الدراسة سيثقل كاهل العريس ماديا ، فالفتاة عندما تنتقل لبيت الزوجية تصبح واجبة إكمال التعليم العام أو العالي لدرجة البكالوريوس على الزوج لا على الوالدين والإخوة لأن الرجال قوامون على النساء .
ثالث وعشرون : عدم استقدام الفرق الموسيقية الخليعة الماجنة ، وترديد الأغاني السوقية الهابطة ، فالأعراس الشعبية الوطنية والإسلامية الملتزمة واجب إسلامي ديني وقومي عظيم يجب عدم التخلي عنه .
رابع وعشرون : وجوب حفظ أسرار الزوجية وعدم السماح بتدخل أهل العروس والعريس السلبية في الحياة الزوجية للأسرة الجديدة .

كلمة أخيرة

الزواج خير لا بد منه ، رغم بعض المعيقات والعقبات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ، للاستقرار النفسي والسكينة والإطمئنان ، والتكاثر الطبيعي ، وإشباع الغريزة الجنسية التي خلقها الله عز وجل في الإنسان ، الذكر والأنثى ، فالحياة الزوجية الآمنة المستقرة ، هي نوع من نعيم الدنيا الطيبة السعيدة الحميدة المجيدة ، وتقرب للحياة الآخرة ، وهي أمر رباني ، وسنة نبوية شريفة . والزواج يقي الإنسان العديد من الأمراض البدنية والنفسية والعقلية ، ويجعل الإنسان يفكر بعقلانية وروية وتأن ، ويمكن الإنسان من التكافل الاجتماعي والتعاون العائلي والتكامل الاقتصادي . يا معشر الشباب بادروا للخطبة والزواج ولا تبقوا عزابا ، فقد أمرنا الله الحميد المجيد في القرآن العزيز بالزواج والابتعاد عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن . فيا معشر الشباب ابتعدوا عن الفتيات الماديات اللواتي لا يعرفن إلا المال والمال فقط ، لأن الحياة الأسرية ستكون جحيما لا يطاق .
والله نسأل أن يباركنا ويبارككم ، ويبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا ، إنه قريب سميع مجيب الدعاء .
- { رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)}( القرآن الحكيم – الفرقان ) .
- رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)}( القرآن المجيد – إبراهيم ) .

وختاما ، ندعو فنقول والله المستعان ، كما قال نبي الله شعيب عليه السلام ، كما نطقت الآيات القرآنية الكريمة : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد – هود ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .






























ليست هناك تعليقات: