الخميس، 11 فبراير 2010

الإضراب بين الحق ونيل الحساب .. وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ .. هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ

الإضراب بين الحق ونيل الحساب ..

وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ .. هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) }( القرآن المجيد ، غافر ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 52) عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ " .

تعقدت الأمور ، ونقصت قيمة الأجور .. وانحسر أصحاب الدثور .. وتشابكت الدنيا بين الثبور والحبور .. وهاج الجمهور .. مرددا اللهم يا حي يا قيوم أغثنا ، فلتعلنوا الإضراب .. وتخوضوا الإضراب تلو الإضراب .. فتداعوا للشورى والمشاورة في الوزارة والجامعة والمؤسسة والمصنع والمنشأة والشركة ، منادين بالثورة وإعلان الإضراب .. فأعلنت نقابة العاملين بالمؤسسة بل وفي الجامعة الاستنفار وأصدرت البيان المشدد ها نحن نعلن الإضراب .. فقلت وقلنا جميعا بلسان عربي مبين ، وصوت واحد موحد : مرحى للإضراب .. مرحى للإضراب ، مرحى للإضراب .. فيا أيها المضربون تأزمت الأمور للمطالبة بالحقوق فلم يعد مناص من المناداة لتحصيل الحق الضائع بالإضراب .. فها هو الإضراب التحذيري فالجزئي المكتبي بالتدريج يوما بعد يوم ، ثم الشامل المفتوح لاحقا كنوع من الاحتجاج على الكلام الضباب .. وقد انتظم الفعل إلى جانب القول ، وكان الإنسياب .. فلا نريد الوعود الضبابية التي لا يمسك لها طرف ولا نصاب ..
وتنادى أولو العزم من بين آلاف الطلبة : يا أيها العاملون سنتضامن معكم نحن أبناؤكم الطلاب .. فسيروا على بركة المولى خالق الخلق أجمعين ، فأنتم على الطريق الصواب .. وطالبوا بالحق ، فلن يضيع الحق المطلبي المالي والأكاديمي والإداري والفني والخدمي مهما تعالت سياسة القبضة الحديدية ، وشد الإحزمة على البطون ، ووصلت فوق السحاب .. فلا تخافوا في الله لومة لائم ، فلا تلتفتوا للوعود المعسولة غير المعقولة ، المخفية وراء الكواليس ، والمغلفة من خلف الباب .. ثم اختفت بعيدا عن الأنظار ، وتوارت بالحجاب .. فالباب العالي لا ينجز مظلمة إلا إذا احتج الموظفون ووصلت مطالباتهم نحو العلى والأعالي يا أيها الأصحاب .. فكونوا يدا واحدة يا أيها الإخوة والرفاق من الصبايا والشباب .. فيد الله مع الجماعة يا إخواني وأخواتي في الهندسة والتكنولوجيا والرياضة والتربية والتكنولوجيا والعلوم المالية والمصرفية ، فهيا نحو الحقوق يا أيها الأحباب ..
لقد استثقل أصحاب المال والجاه في الميدان ، فلم يكن مفر من الاحتجاج والثورة وإعلان الإضراب .. فنحن لا نهوى التعطيل والعرقلة للمسيرة الوطنية والأكاديمية والوظيفية ، بل لنا مطالب أبلغناكم بها يا أيتها الإدارة والوزارة منذ فترة طويلة فلم تستجيبوا فلجأنا للأخذ بالأسباب .. وما أدراك ما الأسباب ؟ .. نطالب بلقمة الرزق الحلال الكريم بعرق الجبين وكد اليدين وتشغيل العقول فنحن من أولي الألباب .. فلن تسير مسيرة طبيعية بلا الموظفين والعمال والإداريين والأكاديميين يا معشر الأرباب .. فالله ربنا وخالقنا وهو الرزاق المتين نعلنها فوق الرؤوس والأطراف والأجناب .. فسارعوا لدفع حقوقنا قبل فوات الأوان يا أيتها الإدارة والوزارة والمسؤولين ولا تلقونا بالشتم والعربدة والسباب .. ولا تجبرونا على التابز بالألقاب .. فهذا الأمر من سوء الإدارة والفساد وتراجع العمل وتخلي عن الإخوة والزمالة والإنسانية بين الأصحاب .. فإذا ما أستجبتم للعدل والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والإنسانية ، فسيزيدكم الله من فضله ، دينا ودنيا ، ومقاما كريما ، أو يبتليكم فترون العجب العجاب . يقول الله رب الأرباب : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)}( القرآن المبين ، الرعد ) .

فمرحى لتحقيق الحقوق القانونية المشروعة المقرة في جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية في الأرض ، فنريد في الشهر مرة أن نأكل اللحم والكباب .. فقد سئمنا من حياة الذل والديون المتراكمة في البقالات والدكاكين والمحلات ، وقلة المال للغاز والهاتف والماء والكهرباء ، وتصاعد الغلاء وخواء الأجياب .. فجيوبنا في منتصف الشهر القمري تنتهي يا ويلنا من هذه الحياة الشحيحة ، قبل يوم الحساب .. فقد شككنا بالوعود غير المقدسة ، وارتاب كل مرتاب .. فأسعوا لذكر الله فوق البرية ، لنيل المظالم في الحياة الدنيا ، وسددوا وقاربوا لتنالوا بالحق المال الملائم بالحساب .. فلا تبقوا تصبوا علينا العذاب تلو العذاب .. ولا تقسو علينا قسوة فرعون وهامان ، فيضطر بعضنا لكسر الأقفال في الأبواب .. فوقتها ستستعر الحرب ويمتشق البعض الحراب .. ويحمل معوله وسيفه ذات الجراب ..
وبرز من بين القوم ، عابد لربه مؤمن تقي أواب ، فقال يا قومي ، استمعوا لقول الله العزيز الوهاب : { هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55)}( القرآن العظيم ، ص ) .
فصاح من بين الجموع صوت مثل آب اللهاب .. أريد شراء الكسوة لي ولأبنائي وأنا أمشي للوضوء وأداء الصلاة الإسلامية ، حافيا بلا قبقاب .. ورد عليه ثانيا : أنا بسبب قلة المال محروم من الخطبة والزواج وكتب الكتاب .. فساعدوني لبناء أسرة عربية مسلمة وتكثير الأنساب .. وزمجر ثالثا : لا اقدر على تعليم أبنائي بالجامعة وليس معي ثمن الدفاتر والدوسيهات والكتاب .. ونادى مناد رابع أريد أداء العمرة والحج ، ولا أعرف الوقت المناسب لذلك لأنني لست من أصحاب الدثور ، فأنا من أهل الفاقة ولا يقبل الله أدائهما إلا ممن يملك المال يا أحباب .. وظهر صوت خافت بين الأنام يا قوم : أنظروا لجرابي إنه ليس كالجراب .. لقد عقدته عدة عقد وربطه عدة ربط لأخفي الخزوق والشقوق ومالي من تذوق البرقوق ، وبعيدا عن حليب النوق ، فلماذا لا تنصفونا يا أهل الفسوق ، أنني جائع وأريد شراء الجديد من الجراب ..
وجاء موظف من كبار إدارة الجامعة ، في وسط البلاد ما تسمع لها من سامعة ، لماذا هذه الاجتماعات اللامعة السامعة ، ألا يكفيكم ( إسراج ) الجامعة الشاملة المانعة ، لقد فشلنا في تحقيق أمانيكم الطامعة ، فعودوا لدوامكم قبل أن تقع الواقعة ، ونخصم من رواتبكم العالية ، ونكافيء بعضكم بالمكافآت والعقوبات الرادعة ، ونجمد بعضكم التجميدات بالقرارات السامية ، ونسمع بعضكم الكلمات الجارحة ، فأقبلوا برواتبكم الموجودة لئلا تفقدوها بعد دقائق معدودة ، فأنا الآمر الناهي في الجامعات والمؤسسات والمصانع والورشات ، فضج الضجيج وهرب إلى وكره مع منافقيه وجنده ، وقت دقت الساعة الحامية .. فزغردت مزغردة زغردة عالية ، ويلكم لن نبقى لكم باقية ، فالله هو أعدل العادلين ، وأحكم الحاكمين، يوم تقع الواقعة ليس لها من دافعة ، فأرجعوا إلى مقركم وتوبوا لله الحي القيوم الغفور الشكور التواب .. لكي لا تذوبوا في عذاب جهنم يوم الحساب ..
وتعالى صوت أهل السوق ، بندورة وخيار وفجل وبقدونس وبصل للسلطة ، وسمك ودجاج .. فلا تقعوا في السياج .. فاتقوا شر جهاز نوكيا الرجاج ، لئلا يخبر عنكم ، بين الفجاج ، فأحسنوا القول والفعل وقت الولوج والخروج ، لتتحاشوا سماسرة المزاج ، وتتقوا شر كل من هو مسرف كذاب ..
وأنبرى صوت مكلوم بين الموظفين والعاملين : جلبابي قديم وأمنيتي المقدرة على شراء الجلباب .. فأريد الكسوة من عملي والسترة من عملي الرتيب ، وأريد دواء للصراصير والبق والبعوض والذباب .. ونريد تذوق منتجات الألبان واللحوم ونملأ المطبخ بالطعام لأبنائي وبناتي ، ولا نريد سماع الأماني والأمنيات في سراب السراب .. وهمهم آخرون : نحن نحرم من الطعام والشراب .. معظم اليوم والأيام والأسابيع والفصول ، وليس ذلك من الأصل والأصول ، في الشرائع والقوانين والأنظمة واللوائح ذات المجهول ، وليس لذلك نهاية يا أيها الظالمين ويا أيها الغول ، الذي يعزف على الناي والأرغول ، والكلام المنمق المعسول ، ويجعلنا نتسلق الهضاب والجبال والسهول ، فلا تعجبه فيلجأ إلى الموسيقى الصاخبة وترويض القلوب والعقول ، وغيرنا يغطس في المطاعم الغالية ويركب أحدث سيارات وجيبات الركاب ..
وتدفقت الأصوات عالية تصدع في البراري والصحارى والأجواء وفي مقدمتها الهضاب .. إن هذا المسؤول تسير سفنه فوق الماء بالعباب .. وجاء ليملأ الخزائن والبنوك والجياب .. فيا أيتها الإدارة استجيبي لمطالبنا الآن وقبل الخسارة في العلم والمال ونقص الإنتاج ، فما عليك إلا رد الجواب .. فكل سائل جواب ؟! وإلا سنسعر الثورة بين الأصدقاء والإخوة والأحباب .. نريد رد الجواب الإيجابي لنتمكن من العيش الكريم الرغيد بحده الأدنى بين الأهل والأصحاب .. ونعيش في أمن واستقرار وطمأنينة بين الأمم والشعوب والشعاب .. نحن أهل البلاد يا شعبنا المرابط فوق تراب وطنه والتكاثر والمزيد من الإنجاب .. فوق تضاريس الجغرافيا الوطنية والسياسية القومية والإسلامية فوق التراب .. وقد حض نبينا الكريم على إنصاف المظلومين ، فاعدلوا العدل المطلوب لتتجنبوا يوم القيامة سوء العذاب .. وإذا لم تستجيبوا لمطالبنا حالا ، فسوف نطيل الإضراب .. فمرحى للإضراب .. مرحى للإضراب .. مرحى للإضراب .. وهذا يؤلمنا كثيرا ، أن تضيع الساعات والأيام هدرا وهباء منثورا بلا حساب .. وإذا رفضتم تحسين رواتبنا ، وأصررتم على معاقبتنا والتنكر لحقوقنا ، فعيشوا معنا ولنتقاسم الرغيف والزعتر والزيت والخبيزة والفجل والماء ولا تتركونا نجوع ونعرى بين الفصول الأربعة ، جهارا نهارا ، وتذهبوا للمطاعم لتناول أشهى المأكولات والشراب .. فلا تستعرضوا بجيباتكم وجيوبكم الممتلئة بالدراهم والدنانير ، وحشمكم وحرسكم وإعلامكم الباغي ومنافقكيم البغاة العتاة السفهاء السماسرة ، أمامنا لترهبونا ، بالله عليكم ، أعدلوا وأنصفونا لئلا تجبرونا على تسلق الشجرة العالية ، وتبقون تناطحون السحاب .. فسوف نجعلكم أئمتنا ، ولا نريد تفجير الإنقلاب .. إذا ما أحسنتم معاملتنا ولنتم لنا وملاطفتنا والاستجابة لأمانينا وطموحاتنا بعيدا عن الفظاظة وقساوة القلوب والفساد والاستلاب .. وإذا رفضتم الانصياع لقول الحق بالتقوى والعدالة فسندخل لكم من كل باب وباب .. ويا أيها الفاسقون والمنافقون ابتعدوا عن مسيرة أولي الأبصار والألباب .. فلا حاجة لنا فيكم ، ولن تكونوا بأي حال من الأحوال ، من الأصدقاء الأصحاب .. وليرتب كل منكم مرتاب .. ولن نستمع لإغوائكم ونفاقكم ولو أكلتم التراب .. فابتعدوا عن الفلاح والنجاح والرباط في الأرض المقدسة ، فلكم سوء العقبى وسوء الحساب .. فلا تجعلونا نحثو فوق رؤوسكم التراب ثم التراب ثم التراب .. ولن تكونوا بالتأكيد مثل الإمام علي كرم الله وجهه ( أبو التراب ) .. ولن تكونوا كأمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب .. ولن تكونوا كعثمان الخليفة الراشدي الثالث ونسب رسول الله ذو الأنساب .. الذي تبرع لجيش العسرة في الجزيرة العربية ، لينال رضى الرب في السماء والأرض وفوق السحاب .. ولن تكونوا كالخليفة أبو بكر الصديق ، إمام الصحابة والأصحاب .. فأنظروا للقرون الخالية ، إلى ما آلت إليه من بابل وفارس وروما وأثينا وأسبارطا ، فأين هم بين الشعوب والأمم ، فقد كانت كل إمبراطورية منهم كمن هو مسرف كذاب ..
يقول ربي وربكم بديع السماوات والأرض ، فالق الحب والنوى ، ومدخل المؤمنين الجنة من جميع الأبواب : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (40) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) } ( القرآن الحكيم ، ص ) . فالله ربنا هو المجيب نداء المظلومين المستضعفين في الأرض في الحياة الدنيا قبل يوم الحساب .
والله ولي التوفيق ، وسلام قولا من رب رحيم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، و ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) .

ليست هناك تعليقات: