الخميس، 25 فبراير 2010

الذكرى السادسة عشرة لمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل

الذكرى السادسة عشرة

لمجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل

( 25 / 2 / 1994 – 2010 )

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) }( القرآن المجيد ، المائدة ) .

استهلال

يصادف يوم 25 شباط – فبراير ( 1994 – 2010 ) الذكرى السادسة عشرة لإرتكاب المجزرة الوحشية اليهودية في الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة خليل الرحمن بفلسطين الأرض المقدسة . وقد نفذ المجرم اليهودي باروخ غولد شتاين عضو عصابات ( كاخ ) اليهودية الصهيونية الإرهابية مجزرته بتواطؤ ودعم قوات الاحتلال الصهيوني بصلاة فجر يوم الجمعة 15 رمضان 1414 هـ / 25 شباط 1994 ، برشاش صهيوني لئيم حاقد ، عن سبق الإصرار والتعمد والترصد ، وذهب ضحية المذبحة وسط الخليل 29 شهيدا قضوا نحبهم إرتقت أرواحهم إلى السماوات العلى ودفنت جثامينهم الطاهرة في مقابر الخليل في الأرض ، ونقل 300 مصل جريح إلى المشافي الفلسطينية وهاجت الدنيا وماجت في فلسطين بأسرها من هول المذبحة الصهيونية الرهيبة ضد الآمنين الراكعين الساجدين الصائمين في بيت من بيوت الله المتمثل في الحرم ( المسجد ) الإبراهيمي الشريف ، وانتفض بل ثار المصلون في ساحات وباحات المسجد الأقصى المبارك بمئات الآلاف ومئات المساجد الإسلامية في البلاد حيث خرجوا بعد صلاة الجمعة بمسيرات ومظاهرات جماهيرية حاشدة للتنديد واستنكار هول الجريمة الصهيونية البشعة ضد المؤمنين المسلمين في ارض الله المقدسة .

جريمة باروخ غولد شتاين اليهودية ضد المصلين الساجدين

ولم يرتكب هؤلاء الثلة من المصلين المسلمين الفلسطينيين أي ذنب أو جرم ليغتالوا من السفاح اليهودي غولدشتاين ومناصريه وزمرته من خلفه ، بهذه الطريقة البشعة من الإجرام المنظم ، بل كانوا يعبدون الله ، ساجدين على سبعة مواقع جباههم وأيديهم وركبتيهم وأرجلهم في سباعية إيمانية موحدة لرب العالمين دوما ، وهم مسالمين فجاءت حراب الاحتلال الصهيونية الغادرة لتجتث وتحصد أرواحهم من أجسادهم قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، لتصعد إلى بارئها راضية مرضية لا يشوبها أي شائبة . وقد قتل المؤمنون الإرهابي باروخ غولد شتاين بدهسه بالأقدام العارية فانتقل إلى الجحيم وأنتزعوا روحه الشريرة لتنال عقابها الآني قبل الأخروي وما كان من قوات الاحتلال الصهيوني إلا أن استدعي المصلون وحوكموا أمام محاكم عسكرية صورية ظالمة بسبب دفاعهم عن أنفسهم وهم عزل من السلاح .

تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف 1994

لقد أراد المجرم الصهيوني المتطرف شتاين ، الذي مجد وبني له اليهود قبرا كبيرا في مستوطنة كريات أربع قرب الخليل أصبح ملاذ من الزمرة الحاقدة ضد أهل البلاد الأصليين أراد أن يثني المسلمين عن العبادة وأن يتخذ يهود وصهاينة فلسطين المحتلة الحرم الإبراهيمي الشريف الذي كان ملكا من أملاك المسلمين الخالصة ، موئلا ومعبدا بل كنيسا كبيرا لهم ، وهذا ما كان حيث شكلت لجنة إجرامية صهيونية رسمية قررت تقسيم المسجد الإسلامي بمساحته 2000 م2 ، إلى جناحين غير متساويين ، وفق قسمة ظيزي ظالمة من جذورها ، حيث منح الجناح الأكبر بمساحة 1400 مترا مربعا على طبق من ذهب للمستوطنين اليهود ، وأبقي على الجناح الأصغر للمسلمين بمساحة 600 مترا مربعا ، وكانت تلك السابقة لتقسيم بيت من بيوت الله للمسلمين إلى ديانتين سابقة هي الأولى من نوعها في العالم ، في تعد همجي وحشي بربري ظالم سافر وخطير مجددا على حرمة المساجد والمقدسات الإسلامية في الأرض المقدسة . ليس ذلك فحسب بل تم إتخاذه من وراء الكواليس ، بمنع المسلمين من تأدية شعائرهم الدينية والعقدية في المسجد الإبراهيمي بالخليل أيام أعياد اليهود الصهاينة بفلسطين المحتلة التي يزيد عددها عن الثلاثين عيدا يهوديا . وكذلك وضعت أجهزة التفتيش والمراقبة البشرية والإلكترونية الصهيونية حتى الآن في بيت الله في مدينة خليل الرحمن . وبهذا الصدد نستحضر الآيات القرآنية المجيدة ، حيث يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .

الذكرى السادسة عشرة للمجزرة .. والضم الصهيوني للحرم الإبراهيمي الشريف

وفي الذكرى السادسة عشرة للمجزرة الرهيبة ضد المسلمين في الحرم الإبراهيمي الشريف خرج علينا حكام تل أبيب ، بزعامة رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو بضم الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلا بن رباح ( ما يطلق عليه يهود فلسطين المحتلة قبة راحيل زورا وبهتانا ) رسميا للمناطق الأثرية والثقافية الصهيونية التي تهيمن عليها دائرة الآثار الصهيونية . وتم تخصيص أكثر من 100 مليون دولار أمريكي لتطويرها ، واستكمالا لمصادرتها . ويأتي هذا القرار العنصري الجديد ( قرار الضم ) استكمالا للدور الصهيوني الأول الذي شرذم وقسم الحرم الإبراهيمي لشطرين كبير وصغير ، وتخصيص الجزء الكبير ليهود فلسطين المحتلة . هذا مع العلم أن الحرم الإبراهيمي الشريف منذ غابر الأزمان هو بيت من بيوت الله يؤدي فيه المؤمنون المسلمون في محافظة الخليل خصوصا وفي الأرض المقدسة عموما شعائرهم الإسلامية في مختلف أيام السنة . وجاء هذا التعدي المضاعف الأول والثاني ، ليزيد الطين بلة ، ويمرر هذا الأمر ليكون مثالا حيا ليهود فلسطين المحتلة في الهيمنة المزعومة المنتظرة على المسجد الأقصى المبارك الذي يزعم اليهود أنه ( جبل الهيكل ) تمهيدا للولوج لثالث المساجد الإسلامية العالمية زيارة وتعظيما . يقول الله الواحد القهار :
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115) وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (118) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119) }( القرآن المبين ، البقرة ) .
وفي ظل الحكم الصهيوني الجائر ، بتقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف ، في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة بفلسطين ، عام 1994 ، وتعنت يهود فلسطين المحتلة وتجبرهم في هذا الأمر ، حتى الآن وضمه للمواقع ( التراثية – الثقافية ) التاريخية مؤخرا في 21 شباط 2010 ، للهيمنة الرسمية الصهيونية ليكون جزءا من الكيان الصهيوني ( دولة إسرائيل ) ، بجلسة للحكومة الصهيونية ، وتنظيم زيارات دينية مستمرة لهذه المواقع العربية الإسلامية الفلسطينية لاستفزاز الفلسطينيين بصورة دائمة . وفي ظل صمت المجتمعين الإقليمي والدولي ، الذين لا يحركان ساكنا تجاه هذه المسألة ، باستثناء بعض الفقاعات الإعلامية ، هنا وهناك ، فإن حكم الله العادل أعد العادلين وأحكم الحاكمين ، هو النافذ بأن هذا المسجد هو بيت من بيوت الله للعبادة شاء من شاء وأبى من أبى .

ضم الآثار والمقدسات الإسلامية .. وحديث الإفك الصهيوني الجديد

هناك خطة يهودية صهيونية جهنمية ، للهيمنة على المساجد والمناطق الأثرية العربية المسلمة في الضفة الغربية المحتلة بفلسطين ، كما كانت بدأت منذ عام 1948 عام الإقتلاع والتشريد والتهجير ، حيث تم استيلاء اليهود على مئات آلاف المساكن العربية ، وكذلك الهيمنة على 1200 مسجد إسلامي ، جرى تحويل بعضها لبارات وملاه ليلية ومتنزهات وحدائق عامة ، ومواقف سيارات ، وحظائر ومزارع أبقار وحبش ، ومتاحف ، ومعابد يهودية وغيرها . وفي العصر الحالي ، بدأت حكومة الكيان الصهيوني بتل أبيب ، بضم الحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل ومسجد بلال بن رباح ( قبة راحيل المزعومة ) في بيت لحم في 21 شباط 2010 ، ثم لاحقا ضم عدة مناطق في محافظة نابلس من أهمها : قبر يوسف الصديق ( مقام الشيخ يوسف دويكات في نابلس ) قرب بلاطة البلد وضم مناطق سياحية وأثرية رومانية في سبسطية وجبل جرزيم أو الطور ( مستوطنة براخة ) وغيرها . ثم ضم المسجد الأقصى المبارك لاحقا في الخطوة الأخيرة . وهذا ينذر بحرب دينية مقدسة مدمرة أو إنتفاضة فلسطينية ثالثة ليست كسابقتيها ، الأولى والثانية ، بين يهود فلسطين المحتلة والمسلمين في فلسطين . وكل الحجج والدعاوى للضم الصهيوني هو ( أنها مناطق وبؤر تراثية ثقافية يهودية صهيونية قديمة ) وهذا حديث الإفك الصهيوني الجديد في فلسطين .

إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ

يقول الله العدل الحق المبين : { قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) }( القرآن العظيم ، الأنعام ) .
وفي نهاية المطاف ، إذا كانت عملية الهيمنة والاستيلاء على الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة خليل الرحمن تتم في ظل الحراب الصهيونية المتوهجة ، فإن الحكم والأمر لله ، وسيدمر الله الواحد القهار العزيز ذو انتقام ، الظالمين والفاسقين والكفرة الفجرة الذين استولوا على مساجد الأمة الإسلامية في عقر دارها .
يقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)}( القرآن العظيم ، الحج ) .
آملين كل السلامة والطمأنينة والاستقرار ، للحرم الإبراهيمي الشريف ، في ظل الإسلام العظيم ، دين الله الخالد ، وصلوات خاشعة للمؤمنين المسلمين في الأرض المقدسة ، ومدينة الخليل إبراهيم عليه السلام في الحرم الإبراهيمي الشريف وغيره من بيوت الله في فلسطين المباركة . وسيأتي اليوم الذي يخرج فيه الدخلاء من الأرض المقدسة ويغادرون لمواطنهم الأصلية في قارات العالم الست بعد إنتهاء الاحتلال والظلم والظلام في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس إن شاء الله رب العالمين .

إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ

وقد خاطب الله القوي العزيز المسلمين وحضهم على مجاهدة الظالمين المشركين قائلا : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)}( القرآن العظيم ، التوبة ) .
كلمة أخيرة
وأخيرا ، نقول طوبى ثم طوبى للمرابطين في أرض الرباط ، وطوبى للراضين في النعماء والصابرين في الضراء ، والذين يعبدون الله في جميع الأحوال بلا استثناء ، وطوبى للذين يعمرون مساجد الله ويحمونها من صلف ووحشية الدخلاء الطارئين الآتين من أشتات العالم وقارته الصماء .
يقول الله الحق المبين ، ناصر أصحاب الحق ، ليزهق الباطل بعد حين : { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28) }( القرآن المجيد ، الجن ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاثنين، 22 فبراير 2010

إذا الجامعات أضربت ؟؟!

إذا الجامعات أضربت ؟؟!
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) }( القرآن المجيد ، التكوير ) .
إذا الجامعات أضربت ، وإذا الهيئات التدريسية والإدارية والخدمية عطلت ، وإذا الفتية والصبايا إحتجبت ، عن الأنظار الجامعية وتطلعت ، ليوم الخلاص وما أدارك ما يوم الخلاص ؟؟ يوم يكون الطلبة يدرسون كالطلبة في الجامعات الأجنبية كسائر الناس ، ولا يخافون الوسوسة من الوساوس الخناس ، ويكون الرعاة من أهل الكرم لا من أهل البخل والإبخاس .
وإذا المواصلات الجامعية توقفت ، وإذا الأجور اليومية والشهرية والفصلية والسنوية تحجرت ، وإذا الجموع الطلابية تبعثرت ، وإذا الهندسة بأنواعها وأشكالها تدحرجت ، وإذا كلية الاقتصاد إنخسفت ، وإذا الآداب إختفت ، وإذا العلوم والأحياء تجمدت ، وإذا الصيدلة والبصريات والفنون تمسمرت ، وإذا الرياضة عن التمارين توقفت ، وإذا التربية التكنولوجية وتكنولوجيا المعلومات والإلكترونيات تعثرت ، وإذا شمس الإضراب المفتوح بزغت ، فقد دنت وسائل الإعلام وتحدثت ، بالكلام المسموع والمطبوع والمرئي والانتر نت وتبدلت ، فغطت الأنباء بالصياح والعويل والبكاء والفرح والترح وبالعلم تدثرت ، فصورت ما صورت ، وسهرت ما سهرت ، وإذا حلكة ليل الموظفين أزلفت ، وإذا الجامعة أضربت ، وإذا الفلوس انتثرت ، وإذا العملة المعدنية والورقية المعروفة الملونة والمشكلة بالرسوم والصور إندثرت .
وإذا الفتاة الجامعية المخطوبة عن الزواج توقفت ، وإذا العريس حياته قد تبهدلت ، فلا قداسة للمواعيد الموعودة التي تغيرت وتبدلت ، بانتظار يوم التخريج ، وما أدارك ما يوم التخريج ؟ سيكون فيها الدبكة الشعبية وبعض التهريج ، وتصفيق الأيدي العالي بالتصحيج ، فعم الضجيج تلو الضجيج ، فامتزج البكاء بالفرح بنكهة طبيعية الذوق والطعم ذو المزيج ، وبادرت بعض الأفواه الصغيرة والكبيرة بالصفير والتهييج ، بانتظار الفرحة العارمة بالحصول على الشهادات الجامعية الأولى والنصفية بالصيف المقبل بعيدا عن الجدار والتسييج . وإذا العباءات التخريجية توزعت ، وإذا الزغاريد النسوية التراثية صدعت ، وإذا الشبوبية بانتظار العرس الفلسطيني الكبير تزينت ، بمرافقة الطفولة البريئة التي حضرت .
وإذا المواد الدراسية الجامعية تبخرت ، وطارت من عقول ونفوس الطلبة وتدحرجت ، ما لها من عودة إلا بعودة ميمونة للجامعة الفتية التقليدية والدراسة انتظمت ، وإذا المظلومة تنهدت ، ما لكم يا ربعي لا تنصتون لأنين الحليمة إذا إنتهرت ، وإذا جيوب ونتوء جموع الموظفين تقهقرت ، وإذا البقالات والدكاكين عن البيع إعتذرت ، وإذا الديون تضخمت ، وإذا وسائل النقل والمواصلات عن العمل انقطعت ، فلمن الشكوى يا بلادي لتلملي الجراح فانقهرت ، وكانت تظن أنها فازت فانتصرت ، وإذا جموع العاملين من الإداريين والأكاديميين والخدميين تراجعت ، وإذا بعض الجموع الثائرة تقدمت ، وإذا سياسة تخاذل المتخاذلين تخاذلت ، وإذا شفاه الوشاة قد تساقطت ، وإذا سياسة الباب العالي تراجعت ، علمت ما قدمت ولا تعلم ما أخرت ، وإذا الوزارة بالعاصمة الإدارية لا السياسية والمديرية تغيرت ، بأي حق تطالب النقابات والاتحادات التي من هول الشقاء والعناء انتفضت ، وإذا الوحدة نالت إعجاب الجمهور وتكرست ، وإذا حكومة الوحدة الوطنية انتصرت ، وإذا إدارات الجامعات استوزرت ، وإذا بطون الجائعين تقلصت ، وعيون المتفرجين اتسعت ، وإذا العيون دمعت ، وإذا القلوب الحية لربها خشعت ، فنادت للمظالم فاستجاب لها الرحمن الرحيم الوهاب من فوق سبع سماوات وقت السحر فهرولت الاستجابة ها قد هرولت .. وذلك بعد دعاء وصبر ومصابرة ورباط على الثغور وتصابرت .
وإذا الأقلام الجافة والرصاصية والسائلة تصدعت ، ولم يعد لها بريق العلم والتعليم فأندثرت ، وإذا بريق البرق والرعد في شتاء البلاد قد تصعدت ، وإذا الحياة البحثية لرونقها قد فقدت ، وإذا أبواب المطاعم الجامعية قد أوصدت ، وإذا بائع الحمص والفلافل والشوكولاته والمشروبات الساخنة والباردة تجارته قد تراجعت ، وإذا الميرمية زرعت فأنبتت ، لمداواة المغص في البطون وتوزعت ، فذلك يوم الوقوف والتوقف بيوم الجمع تجمعت ، فقد ذابت حياة النعيم والعيش الرغيد الكريم وقيل لها اسمعي فتمنعت . ففي ذلك اليوم فإن جموع الموظفين قد حشرت ، والرضيعة التي ترضع من حليب صدر أمها والقنينة ضدها أضربت .
يا أيها الناس ، لا حياة ولا خلاص إلا بالإخلاص ، وأن يحس الكبير بالصغير يوم تقارب الأنفاس ، فقوموا لفجركم القريب ولغدكم المشرق البهي بالحس والإحساس ، ولا تبخسوا بأي جزء من الإبخاس ، فقد تداعت الجموع فأصابها القلق والأرق وفقدت النوم ومن قبله النعاس ، فمن يا ترى ينصف المظلومين ليعيشوا حياة سعيدة بعيدة عن البؤس والبأس ؟ ليتمكنوا من لبس الثياب وستر العورات من طيب اللباس ، بعيدا عن حياة الرهبنة والزهد اليومي بلا نهاية ولا إيناس .
فمرحى للمدافعين عن الحقوق ويقودون الناس ، من أجل العلم والبطولة والشجاعة والفداء والرفاهية والعيش الكريم كبقية الشعوب والأمم من الناس ، وطوبى ونعم للعادلين الذين يعدلون بالحق والنزاهة والشفافية وبئس لمن يريدون وجاهة أو منصب أو إدارة أو استوزار ليهينوا الناس . فالإنسانية هي الأساس .. هي الأساس .. هي الأساس ، ليعيش جميع الناس لا ثلة منهم ، بسرور وسعادة وود ومحبة ومسرات بعيدا عن الإفلاس .. بعيدا عن الإفلاس .. بعيدا عن الإفلاس .. كبقية الجماعات والشعوب والأمم المتحضرة الراقية من بين الناس . ونصيحتي المثلى .. يا بني قومي دوما لا تنسوا الصمود والمرابطة بالأرض المقدسة ، وكونوا للمسجد الأقصى المبارك من الحارسين بل في مقدمة الحراس . فهذا هو اللسان العربي المبين الذي لا ينسى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا جد الجد وظهر البأس ، فلا باس ، فلا بأس ، فلا بأس .
وأخيرا ، لا نقول إلا ما يرضي ربنا ، الله العزيز الحكيم جل جلاله ، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون . { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن الحكيم ، هود ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجمعة، 19 فبراير 2010

الإبتلاء الرباني للأتقياء .. بين السراء والضراء .. للفقراء والأغنياء .. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ

الإبتلاء الرباني للأتقياء ..

بين السراء والضراء .. للفقراء والأغنياء ..

لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (24) }( القرآن المجيد ، الحديد ) . وجاء في صحيح البخاري - (ج 17 / ص 374) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ " .

استهلال

الناس في الحياة الدنيا في مختلف قارات العالم أجناس وأعراق متباينة ومتعددة المشارب والأهواء ، من الصغار والشباب والكبار ، الذكور والإناث ، ولدوا من أب وأم البشرية جمعاء ( آدم وحواء ) ، وتناكحوا وتناسلوا وتكاثروا حتى بلغ عددهم حوالي 7 مليارات نسمة في هذا العام 1431 هـ / 2010 م ، في قارات العالم الست ، آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية واستراليا .
وهؤلاء الناس يتعرضون في سني حياتهم للمصائب على اختلاف أشكالها وأنواعها ، فهذه الحياة الدنيا هي دار الامتحان والفحص للمرور باتجاه الحياة الآخرة ، دار الخلود . والمصائب والمحن التي يتعرض لها بعض الناس تختلف عن الآخرين ، فمنهم من يصاب بمرض طارئ أو مزمن ، ومنهم من يخسر في ماله وتجارته ، ومنهم من يفقد عمله هنا أو هناك ، ومنهم من يرسب بامتحان مدرسي أو جامعي أو مهني أو وظيفي ، ومنهم من يبتلى في أهله وماله وولده ، ومنهم من يسجن ، ومنهم من يقارع الموت لسبب أو آخر ، ومنهم من يجرح ومنهم من يتعرض لأذى صغير أو كبير ، يختلف كل الاختلاف عمن حوله .. إلخ .
وعلى العكس من ذلك ، فمن الناس من يصول ويجول ويتمختر ويمشى في الأرض مرحا وخيلاء وكبرا رئاء الناس ، ومن هؤلاء من يشكر الله على أنعمه التي أنعم الله الغني الحميد بها عليه ، ومنهم من يجحد ويصيبه الجحود والنكران ، وبين هذا وهذا أمد بعيد ، وشيء عجيب ؟؟!
وبهذا فإن الإنسان المسلم أو الكافر على السواء ، يتعرض للبلاء والابتلاء ، فمنهم من يصبر ويزداد إيمانه ، ومنهم من يكفر والعياذ بالله العزيز الحكيم من الكفر والكافرين والفاسقين والظالمين لأنفسه وغيرهم . وهناك فئة من الناس عندما تتعرض لمصيبة بفاجعة أو نكسة مؤلمة يعود لدين الله الخالد القويم وهو الإسلام العظيم ، وهناك من يكون مؤمنا فيعود للكفر فيرسب في الفحص الرباني في لحظة من لحظات حياته ، فتضيع حياته وتصبح هباء منثورا .

إبتلاء الأنبياء والرسل

إبتلى ويبتلى الله العلي العظيم سبحانه وتعالى ، الخلق أجمعين بالسراء والضراء ، ومن جملة الذين إبتلاهم الأنبياء والرسل على مدى القرون الخالية . فمثلا إبتلى آدم وحواء بالخروج من الجنة بعد أن أزلهما الشيطان الرجيم إبليس اللعين ، ثم بقتل ابنهما لأخيه الآخر ، وابتلى نوح في عدم استجابة قومه له ومقارعتهم له ، والطوفان وصنع السفينة ، وعدم إنصياع ابنه للإسلام وغرقه ، وابتلى إبراهيم عليه السلام بالنار وإخراجه منها معافى لا أثر لها عليه ، ثم وضعه زوجته هاجر وابنه إسماعيل بمكة المكرمة ، وبناء الكعبة بالمسجد الحرام ، وإبتلاء لوط عليه السلام بقومه الذين كانوا يأتون الذكران من العالمين ، وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد ، ومعاداة إمرأته له ، وخسف الأض سافلها بعاليها وبروز البحر الميت شرقي فلسطين الأرض المقدسة ، وابتلى يونس عليه السلام في قومه بالعراق وهروبه منهم وركبه السفينة بالبحر فابتلعه الحوت وسجن في بطنه ثم أخرجه الله منه معافى . وكذلك ابتلى الله نبيه أيوب عليه السلام بالمرض المزمن ثم شفاؤه وتعويضه الأكيد . وابتلى يوسف عليه السلام بالسجن في مصر ، وإبتلى أبيه يعقوب عليه السلام بفقدان الابن العزيز وهو يوسف ، ثم تمكينه من خزائن الأرض بمصر ، وكذلك ابتلى موسى برميه في التابوت في البحر ، ثم عيشه في دار فرعون ، وقتله رجل مصري ، كما ابتلى موسى وهارون عليهما السلام بقومهما والعصا التي ابتلعت عصي وحبال سحرة فرعون ، ثم إيمانهم ، وخروجهم من مصر آمنين ، ومياه البحر الأحمر ، وإجتيازهم مع قومهم وإغراق فرعون بالماء . كما ابتلى الله داود عليه السلام بالنعجة وصاحب التسعة والتسعين نعجة الذي يريد ضم النعجة للمائة ، وابتلى سليمان عليه السلام ، بالطير والخيل والهدهد وإسلام ملكة سبأ اليمنية ، وابتلى عيسى ابن مريم عليهما السلام بمحاولات الصلب والقتل وإغاثته ورفعه إلى السماء قبل أن يتمكنوا من صلبه وقتله بالمدينة المقدسة في الأرض المقدسة . وابتلى محمد صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مسقط رأسه مكة المكرمة للمدينة المنورة ثم عدم انتصاره في بعض المعارك كأحد وحنين ثم تمكينهم ونشر الإسلام العظيم ليملأ الآفاق حتى يومنا هذا .
وهؤلاء الأنبياء والمرسلون سبقوا المؤمنين والصالحين والأولياء والمتقين والمحسنين في الإبتلاء والبلاء ، وبعد الإبتلاء يأتي التمكين للمؤمنين الأخيار المتقين ، بعد الصبر والمصابرة والمرابطة . وهذه بشرى للصابرين المتقين إلى قيام الساعة بأن النصر سيكون حليفهم .
وفي نهاية النهايات يكون الانتصار المدوي والنصر المبين للأنبياء والرسل والأولياء والأتقياء وجند الله الصابرين المجاهدين المرابطين في أرض الرباط . يقول الله العزيز الحكيم ناصر المؤمنين المستضعفين في الأرض ولو بعد حين : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) }( القرآن المجيد ، الصافات ) .

الابتلاء في البأساء والضراء

بناء عليه ، فإن الابتلاء يكون بالاتجاهين إما الإغراق في النعيم أو الإغراق في قلة ذات اليد والحيلة ، ولكن الناس الذي ينعمون بالخيرات المادية والمعنوية والنفسية ، قد يظنون أن الله رضي عليهم ، وتقبلهم بقبول حسن ، ولم يدركوا أن الأمر لن يكون كذلك بل قد يكون هذا إبتلاء للإنسان ليميز الله الخبيث من الطيب والسمين من الغث ويختار الله بين الصالح والطالح . يقول الله السميع العليم ، إله العالمين أجمعين : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن العظيم ، البقرة ) .
وبذلك فإن الابتلاء الإلهي ، حدده رب العالمين بخمسة بنود هي : الخوف والحيرة من النفس ومن الآخرين الأقارب والأباعد ، والخوف من الامتحان بالمدرسة والمؤسسة والوزارة والأجهزة الأمنية في البلد أو في العالم ، والجوع بنقص الطعام والشراب وعدم امتلاء المعدة والبطن ، ونقص في الأموال الثابتة والمنقولة ، والنقص في الأنفس وهم الأشخاص ، من أولي القربى والأصدقاء والأحباء ، كالوالدين والإخوة والأخوات والأبناء والبنات ، وكذلك النقص في حب الحصيد والثمار والزروع من الأشجار المثمرة والخضار والفواكه وما شابهها . وهذا الابتلاء الرباني للمؤمن يكون بمثابة الأجر والثواب الجزيل لمن يصبر ويسترجع إلى الله ذو الجلال والإكرام ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) . ولم يترك الله الشافي الكافي العلاج للمؤمنين مبهما غير واضح ، بل قرنه وبينه واضحا جليا كعين الشمس في كبد النهار في عز الصيف ، بالابتلاء وهو الاسترجاع لله عز وجل ، فجاء البشير الكلامي المقدس : { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} ، فهذا هو العلاج الرباني القريب ، حيث خص به المصابين بالداء بالرجوع إلى الله المداوي كاشف البلاء والابتلاء ، فالذين يسترجعون لله ، يأتي الوصف الرباني لهم بأن عليهم صلوات من ربهم ورحمة والاهتداء ، في ثلاثي إسلامي قويم لا مفر من وقوعه عاجلا أو آجلا .
وفي هذا السياق ، ورد في مسند أحمد - (ج 3 / ص 410) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ : الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ مِنْ النَّاسِ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ صَلَابَةٌ زِيدَ فِي بَلَائِهِ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ وَمَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ " .
على العموم ، إن المرض الشديد قد يكون من إبتلاء المؤمنين والصالحين والأولياء والمحسنين والمتقين الأبرار أو الكفار الفجار ، ولكل نصيب من الابتلاء ، فالابتلاء للمؤمنين يكون لتكفير الخطايا والذنوب وتمحيص المؤمنين والكافرين ، والصابرين على السراء والضراء ، والشاكرين والحامدين لربهم الحميد المجيد .
فمثلا ، مرض رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ذات مرة مرضا شديد ، كما جاء في صحيح البخاري - (ج 17 / ص 382) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا قَالَ : " أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ قُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ قَالَ أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا " .
وهذا المصاب الجلل أو النقص في المال والتجارة والخسران والفشل النفسي والمدرسي والجامعي والاجتماعي والاقتصادي وغيره ، أو مكر الماكرين ، وتخاذل الأنصار والموالين لنصرة الحق والمستضعفين ، لتكفير السيئات وتكثير الحسنات والدعوة لله العزيز الحكيم جل جلاله . وفي هذا المجال ، ورد في صحيح البخاري - (ج 17 / ص 373) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا " .
والمؤمن يجب أن يتقبل البلاء والابتلاء ، وأن يأخذ بالأسباب للعلاج والدواء ، النفسي والجسدي ، الفردي والجماعي والأممي . وليعلم المؤمن أن الله عالم الغيب والشهادة ، هو كاشف الهم والغم الذي كتبه على المؤمن لتمحيصه . يقول الله الحي القيوم عز وجل : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) }( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 17 / ص 376) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ وَالْفَاجِرُ كَالْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ " . كما ورد بصحيح البخاري - (ج 17 / ص 377) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ " .
من جهة أخرى ، فإن تعذيب الكفرة الفجرة في الحياة الدنيا قبل الآخرة ، يكون بنوعين من العذاب : الأول : الإغداق الصحي والإغراق المالي . والثاني : البلاء في النفس والأهل والأموال . وتكون المصائب التي تصيب الكافرين والفاجرين ، هي عذاب رباني معجل غير العذاب المؤجل لهذه الفئة الشريرة من الناس ، على مدى العقود والقرون . يقول الله الواسع الحكيم تبارك وتعالى : { لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)}( القرآن المبين ، آل عمران ) .
وكذلك هناك عذاب شديد أليم مؤجل للمنافقين والكافرين والفاجرين ، يوم القيامة وسيخلدون في نار جهنم أبدا وبئس المصير . يقول الله القوي العزيز جل شأنه : { لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198) وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) .

أدعية البلاء والإبتلاء

فيا أيها المؤمنون الذين يتعرضون للإبتلاء بين الحين والأخر أو الإبتلاء لمرة واحدة لا تنسوا أن ترددوا في جميع الأوقات : { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) و ( الحمد لله على كل حال ) . وأكثروا من الاستغفار ، فقد جاء في سنن الترمذي - (ج 11 / ص 261) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ : " أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ وَرَقِ الشَّجَرِ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا : .
وأدعوا بهذه الأدعية من جملة الأدعية الإسلامية المستجابة من رب العالمين :

- { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) }( القرآن الحكيم ، نوح ) .
- { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4)}( القرآن المجيد ، هود ) .
- { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) }( القرآن العظيم ، هود ) .
- { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)}( القرآن الحكيم ، الشعراء ) .
- { وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252) }( القرآن المجيد ، البقرة ) .
- { وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)}( القرآن العظيم ، الأنبياء ) .
- صحيح البخاري - (ج 19 / ص 461) كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ " .
- صحيح البخاري - (ج 18 / ص 25) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ : " اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبْ الْبَاسَ اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا " .
- صحيح مسلم - (ج 4 / ص 475) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا " . قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَالَ أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ " .
- مسند أحمد - (ج 8 / ص 63) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا " . قَالَ : فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا " .
- المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 4 / ص 445) عن عائشة ، رضي الله عنها قالت : دخل علي أبو بكر ، فقال : « هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاء علمنيه ؟ » قلت : ما هو ؟ قال : « كان عيسى ابن مريم يعلمه أصحابه قال : لو كان على أحدكم جبل ذهب دينا ، فدعا الله بذلك لقضاه الله عنه : اللهم فارج الهم ، كاشف الغم ، مجيب دعوة المضطرين ، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، أنت ترحمني ، فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك » . قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وكانت علي بقية من الدين ، وكنت للدين كارها ، فكنت أدعو بذلك ، فأتاني الله بفائدة فقضاه الله عني ، قالت عائشة : « كان لأسماء بنت عميس علي دينار وثلاثة دراهم فكانت تدخل علي فأستحيي أن أنظر في وجهها لأني لا أجد ما أقضيها ، فكنت أدعو بذلك فما لبثت إلا يسيرا حتى رزقني الله رزقا ما هو بصدقة تصدق بها علي ، ولا ميراث ورثته فقضاه الله عني ، وقسمت في أهلي قسما حسنا ، وحليت ابنة عبد الرحمن بثلاث أواق ورق وفضل لنا فضل حسن » .

فيا أيها الناس ، لا تستثنوا الدعاء ، ففيه استجابة ربانية لرد البلاء والابتلاء ، فكم من عازب تزوج بعدما ظن بنفسه الفناء ، وكم من عانس رزقها الله فارس الأحلام بعد طول الجفاء ، وكم من عاقر رزقه الخالق الذرية الطيبة بعد الكثير من العناء ، وكم من مريض ومكلوم رزقه الله الصحة بعد الوباء ، فأصبح صحيح الجسم والعقل والفؤاد بلا مرض فانضم لقافلة الأصحاء ، وكم من قاصد لتجارة واقتصاد استجاب له البارئ الدعاء ، فلا تنسوا مناجاة ربكم بعد الأخذ بالأسباب والدواء ، ولتعملوا على كسب الإخوة والأصدقاء ، ولو بعد طول زمن ومكابدة وعناء . وكم من فاشل في تحصيل مال ناله بلا انتظار فسقط رزقه من السماء ، وكم من طويت له الأرض طوية فوق طوية في طواء ، فلا تبخسوا ولا تبخلوا بالاستغاثة من ربكم صباح مساء . فلا تنسوا الدعاء .. فلا تيأسوا وواصلوا الدعاء .. فأكثروا من الدعاء .. فجرا وصباحا وظهرا وعصرا ومغربا ومساء .. قياما وقعودا وعلى جنوبكم وسجودا وتوجهوا نحو السماء .. صبيانا وشبابا ورجالا ونساء .. فواصلوا الطلب من رب العباد ، لتنالوا الدرجات العلى بين الأصفياء .. فساعات الأسحار ، وبعد الصلوات المكتوبة ، وفي السجود ، ونزول الغيث ، والتحام المعارك ، وساعات العسرة والظلم والرخاء .. فلا يرد الله الدعاء .. فلا يرد القضاء إلا الدعاء .. لتنالوا درجة الصالحين الصادقين المباركين المحسنين البارين : الأولياء والاتقياء والأنقياء والأصفياء والشهداء بدرجة الأنبياء .

كلمة أخيرة .. للأصفياء والأنقياء
وأخيرا ، يمكننا القول ، إن البلاء والابتلاء في البأساء والضراء ، للكفرة والفجرة من جهة والأصفياء والاتقياء ، والمحسنين الأولياء من جهة أخرى ، هي سمة من سمات الاختبار الإلهي لجميع خلقه . فيعرف المؤمن التقي من الكافر الخفي ، ويكون جزاء وثواب ومكافأة كل واحد منهم حسب صبره وجلده ، وشكره لأنعم الله أو نكرانها ، ولكل مجتهد نصيب .
يقول الله الغفور الرحيم تبارك وتعالى : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) }( القرآن العظيم ، يونس ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الخميس، 18 فبراير 2010

الإتحاد المغاربي العربي الكبير 17 / 2 / 1989 - 2010


الإتحاد المغاربي العربي الكبير

17 / 2 / 1989 - 2010

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) . وجاء في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 70) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ " .

استهلال

صادف يوم 17 شباط – فبراير( 1989 – 2010 ) الذكرى الحادية والعشرون لإعلان ولادة إتحاد المغرب العربي ( أ م ع UMA The Arab Maghreb Union -) الذي يضم خمس دول عربية شمالية في قارة إفريقيا هي : المغرب وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا حيث وقع قادة الدول الخمس المذكورة ( الملك المغربي الحسن الثاني ، والرئيس الليبي معمر القذافي ، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد ، والرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطائع ) إعلان أو إتفاق قمة مراكش المغربية للبدء بتوحيد شمال إفريقيا العربية رغم إختلاف النظم والأنظمة السياسية فيها من الجماهيرية إلى الجمهورية إلى الملكية ، ورغم السماح بالتعددية الانتخابية أو الحزبية أو منع الأحزاب السياسية كما هو حال ليبيا .
واليوم ونحن في شهر شباط 2010 ، بعد مرور 21 عاما من ذلك الإعلان السياسي الجميل الذي ألهب مشاعر هذه المنطقة العربية المسلمة ، لا زلنا نتوق لسماع أخبار هذا الاتحاد المغاربي النظري على الأقل في الأفعال والأقوال المتعددة ولكن دون جدوى .
ومن المعلوم أنه يعيش في هذه البقعة الجغرافية العربية الإسلامية أكثر من ربع المواطنين العرب في الوطن العربي الكبير الذي يمتد من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا ، بين قارتي آسيا وإفريقيا . وهذه الربع السكاني يعادل أكثر من 85 مليون نسمة ينتظرون الوحدة الحقيقية والابتعاد عن القبلية السياسية والشرذمة والإنقسام والخضوع للهيمنة الغربية القريبة والبعيدة ، ويتطلعون للغد المغاربي الأفضل نحو الحياة الفضلى ، للتعاون والتكافل والتكامل في جميع المجالات والميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والفنية والحضارية العامة لمصلحة المواطنين وللمصلحة العربية والإسلامية العليا .

أهداف الإتحاد المغاربي

يهدف الاتحاد المغاربي العربي إلى فتح الحدود بين الدول العربية الخمس لمنح حرية التنقل الكاملة للأفراد والسلع ، والتنسيق الأمني ، ونهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين ، والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها .
مبادئ الاتحاد المغاربي العربي
من أهم مبادئ اتحاد المغرب العربي كاتحاد كونفدرالي جزئي لا اتحادي كلي ، تمثلت بعدة أهداف وردت في اتفاقية الاتحاد وما نجم من اجتماع القمة المغربية العربية الخماسية ، في مقدمتها :
1- تمتين أواصر الإخوة التي تربط الدول الأعضاء وشعوبها بعضها ببعض وتحقيق تقدم رفاهية مجتمعاتها والدفاع عن حقوقها .
2- المساهمة في صيانة السلام القائم على العدل والإنصاف .
3- نهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين .
4- العمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها .
وتهدف السياسة المشتركة للمغرب العربي الموحد ، إلى تحقيق الأغراض التالية :
أولا : في الميدان الدولي : تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء وإقامة تعاون دبلوماسي وثيق بينها يقوم على أساس الحوار .
ثانيا : في ميدان الدفاع : صيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء .
ثالثا : في الميدان الاقتصادي : تحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول الأعضاء واتخاذ ما يلزم اتخاذه من وسائل لهذه الغاية، خصوصا بإنشاء مشروعات مشتركة وإعداد برامج عامة ونوعية في هذا الصدد.
رابعا : في الميدان الثقافي : إقامة تعاون يرمي إلى تنمية التعليم على كافة مستوياته وإلى الحفاظ على القيم الروحية والخلقية والمستمدة من تعاليم الإسلام السمحة وصيانة الهوية القومية العربية واتخاذ ما يلزم اتخاذه من وسائل لبلوغ هذه الأهداف ، خصوصا بتبادل الأساتذة والطلبة وإنشاء مؤسسات جامعية وثقافية ومؤسسات متخصصة في البحث تكون مشتركة بين الدول الأعضاء .
أجهزة الاتحاد المغاربي العربي

يتكون الاتحاد المغاربي العربي من عدة أجهزة ومؤسسات سياسية وتشريعية وقضائية واقتصادية وجامعية وعلمية ، رئاسية ووزارية وعامة ، أهمها :
أ‌) أجهزة الإتحاد : مجلس الرئاسة : يكون بالتناوب بين رؤساء الدول الخمس . ومجلس وزراء الخارجية ، لجنة المتابعة ، اللجان الوزارية المتخصصة ( لجنة الأمن الغذائي ، لجنة الاقتصاد والمالية ، لجنة البنية الأساسية ، لجنة الموارد البشرية ) ما يتبع لكل لجنة من فروع ولوائح للتطبيق على أرض الواقع .
ب‌) مؤسسات الإتحاد : الأمانة العامة ( مقرها بالرباط ) ، مجلس الشورى ( 150 عضوا بواقع 30 عضوا لكل دولة من الدول الخمس ومقره في الجزائر ) ، الهيئة القضائية ( 10 قضاة بواقع قاضيين من كل دولة من الدول الخمس مقرها في نواكشوط الموريتانية ) ، الأكاديمية المغاربية للعلوم ( التعاون بين مؤسسات البحث العلمي للبحوث العلمية والتكنولوجية مقرها بطرابلس الليبية ) ، الجامعة المغاربية ( مقرها بطرابلس الليبية ) ، المصرف المغاربي للإستثمار والتجارة الخارجية ( مقره في تونس ) .

نشيد الاتحاد المغاربي
وضع نشيد خاص للاتحاد المغاربي لتمجيد الاتحاد المغاربي والوحدة الكونفدرالية لإنشاده في المهرجانات والمناسبات القومية والوطنية ، وهذا النشيد المغاربي العربي هو من نظم ( محمد لخضر السايحي ) من الجزائر ، وموسيقى ( سمير العقربي ) من تونس :

نشيد اتحاد المغرب العربي


حلم جدي حلم أمي وأبي

حلم من ماتوا وحلم الحقب
فانشروا رايته خفاقــة

وارفعوها فوق هام السحب
واهتفوا يحيى اتحاد المغرب
عقبة الفهري وحسان العظيم

أسّسا الوحدة من عهد قديم
وحّدا الأنساب في تاريخـنا

بلسان العرب والدين القويم
فإذا نحن لأم وأب
نضع الأيدي على الأيدي ونسير

جمّع الأوطان ماض ومصير
و مرام واحــد نطلبه

هو هذا المغرب الحرّ الكبير
مـغرب نسبته للعرب
فاحرصوا العزة فيه والإباء

واجعلوا القوة فيه مطلبـا
وازرعوا الإخلاص في كل القلوب

ليس كالإخلاص يعلى الرّتبا
وهو سرّ النصر سرّ الغلب
بالتلاقــي التآخي والوئام

نبتغي للمغرب الحرّ السلام
ونصون الحبّ في أبنائنــا

لبلاد حققت هذا المــرام
شيّدت وحدة هذا المغرب



الاتحاد المغاربي في الذكرى الحادية والعشرين
17 شباط 2010
مر يوم السابع عشر من شباط – فبراير 2010 كغيره من الأيام الخالية ، دون إلتفاته فعلية أو حقيقية ولو بسيطة لما آل إليه واقع هذا الاتحاد المغاربي النظري ، دون العملي . فمؤسسات هذا الإتحاد لا زالت غير جادة وغير مسموح لها النمو والتطور وأخذ الدور الفعال والخلاق في سماء وفضاء بالجزء العربي في شمال قارة إفريقيا السمراء ، ولا زالت دول هذا الإتحاد تهرب أو تتهرب من التطبيق الفعلي على أرض الواقع لمؤسسات وأجهزة هذا الاتحاد الذي بلغ سن الرشد الزمني ولم يتح له المجال للنمو الطبيعي المؤسسي الفعال لتحيق جزءا من آمال وأماني وتطلعات هذه الشعوب العربية الإسلامية في منطقة حساسة في العالم ، في حوض البحر الأبيض المتوسط . فقد أغفل هذا الاتحاد ردحا من الزمن ، وتطلعت قيادات هذه المجموعة العربية في شمال قارة إفريقيا ، للانخراط في اتحادات إقليمية وعالمية أخرى ، وتركت الإتحاد المغاربي ليكون في بطون كتب التاريخ ، ليس أكثر من ذلك ، وهذا ما يقض مضاجع العرب والمسلمين في هذه البقعة الجغرافية المتعددة الأهواء والهوايات والثروات الطبيعية والصناعية . فأصاب الوهن الذي طغى على سير شؤون الاتحاد المغاربي الوحدة العربية الكبرى الحقيقية بالهزال والكسل فوق هزالها . ولا زالت الحدود مغلقة بين الجزائر وليبيا إلا في بعض المناسبات ، وما فتئت الحدود الوهمية السياسية تفصل بين أبناء الوطن الواحد ، ولا زال المواطن العربي والمسلم يئن من صعوبة التنقل والعيش الكريم في ربوع هذه الجغرافية العربية الممتدة جغرافيا والمقيدة سياسيا .
وتتعدد عوامل تراجع وعدم تطور مؤسسات الاتحاد المغاربي في قارة شمال إفريقيا ، لتتركز المجالات الآتية على سبيل المثال لا الحصر :
أولا : غياب الإرادة السياسية الحقيقية للوحدة . وكل بلد في متاهاته يسبح في عالم الفضاء القطري والإقليمي والخارجي الأجنبي .
ثانيا : تناسي سنوات الثورة ضد الغزاة الأجانب من الاحتلال الفرنسي والإيطالي والإسباني والألماني ، ومحاولات التغريب الأوروبي للمواطنين العرب المسلمين في هذه الديار .
ثالثا : ضعف الضغط الشعبي الجماهيري والإعلامي على المؤسسات القطرية في كل دولة من الدول العربية الخمس ، وبالتالي طغيان القطرية على المغاربية الكبيرة ، مما ألحق خسائر جسيمة بهذا الاتحاد ومواطنيه الذي كان يفترض أن يرى النور على أرض الواقع ليجعل من هذه المنطقة الجغرافية وحدة سياسية واقتصادية شاملة وجامعة .
رابعا : التدخلات الاستعمارية الأجنبية الكبرى كالتدخلات الأمريكية والفرنسية والإسبانية والأوروبية عموما ، في دول هذا الاتحاد بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، والحيلولة دون تطبيقه على أرض الواقع . وذلك لتسهيل عملية الهيمنة الخارجية على البحر الأبيض المتوسط وحذف التأثير العربي الإسلامي في هذا المضمار .
خامسا : التوجهات الإقليمية الأكبر من الإتحاد المغاربي مثل الاتحاد الإفريقي ، والاتحادات المتوسطية بالشراكة مع أوروبا الاستعمارية بأوجهها الاستعمارية العصرية ، وإهمال الاتحاد المغاربي الذي لو سطع نوره لكان نواة قيادية في الوطن العربي الكبير والمنطقة الإقليمية والعالم أجمع .
سادسا : الخلاف حول الصحراء الغربية ( الساقية الحمراء ) على ساحل المحيط الأطلسي ، وخاصة بين الجزائر والمغرب ، والغريب في الأمر مواصلة سعي البعض لتجزئة المغرب ، فكيف تتفق هذه السياسة مع سياسة التوحيد المغاربية ؟ والأجدى أن يمنح شعب الصحراء الغربية الحكم الذاتي الموسع ، في ظل المغرب أولا ثم في ظل الاتحاد المغاربي الأكبر امتدادا جغرافيا واقتصاديا وسكانيا .
على أي حال ، نحن كعرب ومسلمين ، كنا نتطلع للغد المستقبلي العربي الكبير ، ليكون العرب في وحدة واحدة موحدة من أجل المصلحة العربية العليا ، والمصلحة الإسلامية الأعلى ، وذلك بالتدريج في توحيد الجغرافيا للتلامس مع التاريخ الإسلامي المجيد ، في قلب العالم أجمع ، وكان الأمل يحدونا بأن يتم توحيد العرب في إتحادات جغرافية متقاربة أولا ثم تعميمها على الوطن العربي الكبير ، وهذه الاتحادات الجزئية مثل مجلس التعاون الخليجي ، وضم اليمن له في شبة الجزيرة العربية ، والهلال الخصيب الذي يضم العراق وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين ، ووادي النيل الذي يضم مصر والسودان ، والقرن الإفريقي الذي يضم الصومال وجيبوتي وجزر القمر بالإضافة إلى الاتحاد المغاربي الذيي يضم الدول الخمس : ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ، فالحل الأمثل الوحيد الجزئي للمرور والارتقاء نحو التوحيد الكلي للوطن العربي الكبير ليتبوأ الدور الفعال والبارز في الحياة العالمية بشتى شؤونها وشجونها .
آملين تطبيق الوحدة الفعالة في الاتحاد المغاربي العربي والإسلامي ، لينعم جميع المواطنين العرب والمسلمين في هذه المنطقة بجميع الأطياف الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والسياسية بالحياة الفضلى وفق أسس وقواعد التعاون الشامل والجامع .
فليتم تفعيل وتنشيط المؤسسات الشاملة في الاتحاد المغاربي : سياسيا وإقتصاديا وعسكريا واجتماعيا وإعلاميا وفق الرؤى المستقبلية الثابتة للتطور والنمو باتجاه العلى وليس التراجع والانحدار نحو الهاوية .
يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) }( القرآن الحكيم ، المائدة ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الخميس، 11 فبراير 2010

نقابة العاملين في جامعة فلسطين التقنية بطولكرم بين الأنين والحنين والرنين

نقابة العاملين

في جامعة فلسطين التقنية بطولكرم

بين الأنين والحنين والرنين

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148) إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)}( القرآن المجيد ، النساء ) .
وورد في صحيح البخاري - (ج 11 / ص 314) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ " .

استهلال

تلعب نقابات العاملين في الجامعات الفلسطينية العامة والخاصة دورا متزايدا في المطالبة بحقوق وتظلمات العاملين من الأكاديميين والإداريين والخدميين ، وتنظم الإضرابات الجزئية والشمولية بين الحين والآخر ، واستطاعت أن تفرض وجودها على الساحات الجامعية بلا منازع ، واتحاد نقابات أساتذة وموظفي الجامعات والمعاهد العليا في فلسطين هو النقابة الأم لهذه النقابات ، فإذا ما أخضعت نقابة ما من نقابات الجامعات لضغوط أو إبتزاز من إدارة إحدى الجامعات المحلية ، فإن الاتحاد النقابي بالجامعات للجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، يعدل الميل البسيط ويبسطه كل البسط ليأخذ بيد تلك الهيئة التمثيلية لجماهير العاملين ، بينما على العكس منها تغازل نقابات العاملين الضعيفة في معظم الأحيان إدارات الجامعات والطاقم الوزاري لتحصيل فتات الفتات ، للأشخاص النقابيين ، هنا وهناك ، وكل يغني على ليلاه ، فالوضع النقابي والإداري بالجامعات والكليات الحكومية هش في غاية الهشاشة ، وينسج خيوطه من خيوط العنكبوت ، وكلما برز نقابي شديد وصنديد لا يباع ولا يشترى ، في هذه الجامعة أو تلك النقابة ، ظهرت المعاول الإدارية وبعض الوزارية للتقليل من دوره ، وتمجيد النقابيين المنافقين ، الذين لا يتقنون سوى اللعب على الحبال ، كلما مال الجاه والمنصب والمال والمآل مالوا حيثما مال .

ما هو الدور المناط بالنقابات الجامعية ؟؟

تستطيع الهيئات النقابية المنتخبة أن توازن الأمور وتوزنها في الحياة الجامعية للعاملين والسعي الحثيث لإنصافهم ، قدر المستطاع ، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ، ولكن النقابات الجامعية في الجامعات والكليات التقنية الحكومية ، لا تمتلك الحنكة والخبرة الكافيتين ، فليس لديها اتحاد قوي تميل إليه ، كلما مال الميل فتلجأ إلى الميل تجاه إدارة الجامعة ، وإدارة الجامعة أو الكلية تستنزف معظم طاقات النقابيين المفترضين في نقابة العاملين أو لجنة العاملين ، لتكون عصا الإصلاح لبطح النقابة تمام الانبطاح ، فلا تستطيع النقابة فعل أي شيء حيال مكر وخبرة إدارة الجامعة في جعل الصراع داخل الجامعة إن وجد بين النقابيين أنفسهم ، لتظهر بمظهر الصلاح والإصلاح ، فتضرب بعضهم البعض مباشرة أو بصورة غير مباشرة ، والأمثلة الحية متوفرة في هذا المجال والمضمار .
وهناك بعض النقابيين الحديثي العهد بالعمل النقابي ، لا يعنيهم الدفاع عن حقوق زملائهم العاملين سواء من الإداريين أو الأكاديميين أو العاملين في الخدمات العامة ، ويسهل ترويضهم بالتهديد والوعيد والترغيب والترهيب ، بالتصريح والتلميح ، وبما أنهم يهتزون لأي هزة بالتالي فإن هؤلاء النقابيين مدعون لترك العمل النقابي لأنهم يخربون الأمر على أنفسهم وعلى غيرهم ، فلا يجنوا العنب ولا يجعلون غيرهم يحصدون حب الحصيد .

بعض ملامح تجربتي النقابية
بجامعة فلسطين التقنية بطولكرم

رسالة قديمة موجهة مني لرئيس جامعة فلسطين التقنية بطولكرم
========================
بسم الله الرحمن الرحيم
27 / 11 / 2008
حضرة الأستاذ الدكتور داود الزعتري حفظه الله
رئيس جامعة فلسطين التقنية / طولكرم ( خضوري )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد ،،،

الموضوع : قضايا ومطالب العاملين في الجامعة

تهديكم نقابة العاملين في الجامعة أطيب تحياتها ، وتتمنى لكم التوفيق والنجاح في تطوير جامعة فلسطين التقنية بصورة عصرية ، ويدا بيد لبناء هذا الصرح الجامعي الفتي . وفي ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد ، فإننا في نقابة العاملين سنبذل قصارى جهودنا للحفاظ على المسيرة الأكاديمية في هذه المؤسسة التعليمية العليا ، للسير خطوات متقدمة إلى الأمام بتضافر كل الجهود الخيرة ، لأن ( يد الله مع الجماعة ) وفي هذا المضمار لا بد من تلبية حقوق العاملين بكافة فئاتهم من أكاديميين وإداريين وخدمات عامة ليأخذ كل ذي حق حقه ، وذلك ضمن الحد الأدنى من سبل الحياة الكريمة في هذا الوطن الغالي . ونتقدم لحضرتكم بأهم مطالب العاملين في هذه المرحلة :
أولا : المطالب الإدارية :
1. تطبيق كادر وظيفي جامعي منصف للعاملين في الجامعة أسوة بالجامعات الفلسطينية ، واحتساب الراتب الأساسي على أساس نظام التقاطع وليس على أساس أدنى مربوط الدرجة .
2. الإسراع في تنفيذ التشكيلات الإدارية والأكاديمية لكليات الجامعة ودوائرها ، أسوة بالجامعات الفلسطينية .
3. الأولوية في التعيينات والترقيات للعاملين الأكاديميين والإداريين في الجامعة لمتطلبات التحويل الجامعي .
4. الأولوية للعمل الإضافي والفصل الصيفي للأكاديميين العاملين في الجامعة .
5. الأولوية في تلقي وإعطاء الدورات التدريبية المتخصصة للعاملين في الجامعة .
6. الإسراع في إقرار نظام الترقيات الأكاديمية للمحاضرين والأساتذة .
7. تعيين فنيين جدد لمختبرات الحاسوب لتعويض تحويل بعض الفنيين لمحاضرين .

ثانيا : المطالب المالية :
1. حل كل المسائل المالية العالقة للموظفين المثبتين والجدد دون تأخير .
2. الإسراع في دفع العلاوات الإدارية للإداريين الذين لم يتقاضوا هذه العلاوات منذ آذار 2006 ( 33 شهرا ) .
3. دفع بدل مالي للأكاديميين في العمل الإضافي أسوة بالجامعات الفلسطينية حسب الاتفاق المبرم بين اتحاد نقابات العاملين في الجامعات الفلسطينية ومجلس التعليم العالي وإدارات الجامعات في 23 تشرين الثاني 2008 .
4. تسوية مستحقات العمل الإضافي السابقة للأكاديميين التي احتسبت على أساس 4.7 شيكل للدينار رغم أنهم أعطوا المحاضرات في وقت كان فيه صرف سعر الدينار الأردني 6.3 شيكل / دينار من الوزارة .
5. زيادة ميزانية نقابة العاملين السنوية لتصبح ألفي دينار ، وإيداع هذا المبلغ في حساب النقابة بأحد البنوك .
6. الدفع المالي الشهري المباشر للعمل الإضافي في الفصول الأول والثاني والصيفي وعدم التأخير .
7. العمل على تطبيق نظام المخاطرة في العمل ( المحاسبين والعاملين في المختبرات والذين يستخدمون المعدات والأجهزة الإلكترونية والحراس وغيرهم ) ممن يحتسب لهم بدل مخاطرة في المؤسسات الحكومية .
8. دفع مكافآت مالية مناسبة للذين يتم تكليفهم بأعمال إضافية غير أعمالهم العادية الرسمية من إداريين وأكاديميين وموظفي خدمات عامة .
9. احتساب علاوة الجامعات الحكومية لجميع الموظفين .
10. تطبيق نظام الزيادة السنوية للعاملين أسوة بالجامعات الفلسطينية .
11. احتساب بدل مالي كعلاوت إدارية مناسبة لرؤساء الأقسام والمدراء أسوة بالجامعات الفلسطينية .
ثالثا : المطالب الأكاديمية :
1. توزيع المساقات الأكاديمية على الأساتذة والمحاضرين كل حسب تخصصه .
2. توفير بعثات دراسية للعاملين ، في مجالات الدراسات العليا في الماجستير والدكتوراه في الجامعات الفلسطينية والعربية والأجنبية بالتعاون مع الوزارة حسب نظام الخدمة المدنية الفلسطيني لتعزيز وتدعيم التحول من كلية إلى جامعة .
3. تمكين العاملين الراغبين من حملة التوجيهي أو درجة الدبلوم من متابعة دراستهم للحصول على درجة البكالوريوس في الجامعة أو جامعة القدس المفتوحة .
4. تطبيق النظام الجامعي العام المعمول به في فلسطين المتمثل بساعة واحدة للمحاضرة في أيام : الأحد والثلاثاء والخميس ، وساعة ونصف للمحاضرة يومي : الاثنين والأربعاء وذلك لمنع التعارض بين مواعيد المساقات وبالتالي الحد من التسرب الطلابي من المحاضرات وإرهاق العاملين .
5. تطبيق نظام التسجيل الإلكتروني للمساقات الأكاديمية على الانتر نت للتسهيل على الطلبة والعاملين على السواء .
رابعا : المطالب الفنية :
1. توفير مكاتب مناسبة مؤثثة للعاملين ( طاولات وكراسي ومكيفات وأجهزة تلفون داخلية ) .
2. توفير مكاتب وكراسي مناسبة ونظيفة للأساتذة والمحاضرين والطلبة في القاعات الدراسية .
3. تزويد مكاتب الأكاديميين بأجهزة هواتف داخلية وحواسيب وخدمة الانتر نت بصورة شاملة .
4. توفير جهاز حاسوب حديث وطابعة ليزر في مقر النقابة .
خامسا : المطالب الاجتماعية :
1. وضع حد للتجاوزات الأخلاقية من بعض الطلبة في تعاملهم مع العاملين ومعاقبة المخالفين بعقوبات رادعة .
2. تشديد الحراسة داخل الحرم الجامعي ، ومنع دخول من ليس له عمل رسمي .
هذه هي أهم مطالب العاملين في جامعة فلسطين التقنية ، نأمل من إدارة الجامعة ووزارة التعليم العالي العمل على تلبية هذه المطالب العامة للعاملين في هذه المؤسسة التعليمة العليا الناهضة ، كجامعة حقيقية لترى النور على أرض الواقع لخدمة فلسطين وشعبها على النحو الأمثل . راجين أن تكون ردودكم الطيبة على هذه المطالب العامة للعاملين مكتوبة . والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
وتفضلوا بقبول فائق التحية والإحترام ،،،

د. كمال علاونه
رئيس نقابة العاملين
في جامعة فلسطين التقنية / طولكرم
=====================
ترى ماذا تحقق من هذه المطالب منذ تسلم رئاسة الجامعة لهذه الحقوق ؟ أهل المظالم والحقوق أدرى بذلك ، فجميع هذه المطالب لم ترى النور حتى الآن ؟؟؟ فأين المتابعات يا نقابة العاملين وأين تحقيق الحقوق يا أيها النقابيين الفائزين ؟؟! هل سننتظر أربع سنين . أبقوا اشجبوا واستنكروا ليوم الشجب والاستنكار كالأمم المتحدة .
==========================
ما لفت نظري ، في هذه العجالة قيام بعض النقابيين الجدد في نقابة العاملين في جامعة فلسطين التقنية بطولكرم ، بإصدار بيانات شجب واستنكار على مقالات أنشرها دفاعا عن حقوق العاملين في الجامعة بعدما استقلت من رئاسة نقابة العاملين فتولى رئاسة النقابة راسين من الدكاترة ، الذين كانوا فشلوا في الانتخابات النقابية ، وعندما استقلت واستقال زميل سبقني ، وترك النقابة عضو ثالث ، ومرض عضو رابع ، وتغير رئيس الجامعة وجاء آخر ، الذي عارض إجراء الانتخابات النقابية للعاملين طيلة فترة 9 شهور ، ولما كان رئيس الجامعة لا يسمح بإجراء الانتخابات وخوف بعض النقابيين ، فقد اتفق الاثنان الذين فشلا ولم يحالفهم الفوز بعضوية النقابة ، في الانتخابات النقابية العامة في 26 أيار 2007 ، بعدما استقلت من رئاسة النقابة في 18 كانون الأول 2008 ، حتى تاريخ إجراء الانتخابات النقابية الجديدة في 1 ايلول 2009 ، اتفق الإثنان على مداورة رئاسة النقابة بينهما كل واحد شهر ، والذي يليه في الشهر المقبل في سابقة نقابية يندى لها الجبين ويحير عقول الحائرين ، هي الأولى من نوعها في فلسطين ، وهكذا حتى أفرغا مضمون العمل النقابي من فعاليته ، والموظفون حائرون ويضحكون مما يجري في الأفق القريب والبعيد . وسوف أنشر مذكراتي بالتفصيل في نقابة العاملين بجامعة فلسطين التقنية لاحقا حينما أتفرغ لذلك حول هذه المسألة وغيرها من المسائل الحقيقية في وضح النهار .

رئيسان متبادلان للنقابة المؤقتة والحالية

إن العمل النقابي تفان وتضحية لخدمة الآخرين ، وليس للمخترة أو الوجاهة أو نيل المناصب برن الرنين ، أو طنين الطنين ، أو تلحين التلحين ، أو حنين الحنين ، أو صيد الصيد الثمين ، كلما سنحت الفرصة وحان الحين ، بل هو لإسعاد الآخرين ونصرة المظلومين يا جهابذة النقابات باللون والتلوين . ثم لماذا هذا يا بعض النقابيين ؟؟ و ( الذي على رأسه بطحة يحسس عليها ) أو ( الذي على رأسه ريشة يحاول خلعها عن رأسه ) ، تعددية الوجوه أو ثنائيتها معي ومع إدارة الجامعة فلا تكونوا من ذوي الوجهين . فالجميع يعلم أنني كنت أنفق على فعالياتي في النقابة من المهاتفات والمراسلات والمواصلات وغيرها ، طيلة فترة رئاستي لها طيلة سنة ونصف السنة ، وليشهد بذلك رب العالمين ، ولا أحتاج شهادة الشاهدين ، ولست ممن يستجدي للحصول على نغمة ورنين للفصول والشهور والسنين ولا غيرها من متطلبات الهائمين فالدنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة سرعان ما تذوى وتذوب في أسرع هبة ريح أو عاصفة رعدية أو برق يبرق العيون .
ما لفت إنتباهي وأضحكني كثيرا أسوة بالكثير من زملائي الموظفين أن أحد النقابيين الذين تولوا رئاسة النقابة شهرا بعد شهر ، ما بعد 18 كانون الأول 2008 حتى 1 أيلول 2009 ، أخذ يطالب بتطبيق الكادر الوظيفي الموحد أسوة ببقية العاملين في الجامعات الفلسطينية مع نسيان وتناسي حقوق نهاية الخدمة والتقاعد المدني ، حسبما أسرت له الإدارة ، فطفق يلوذ بهذا الملاذ غير الأمن من الفيروسات الصغار والكبار ، وتبين أن لا وجود له على أرض الواقع بل كان خيالا في خيالا لرجل لا يتقن ركوب صهوة الخيل ليكون صاحب المخال والمحال .
وعلى العكس منه ، طالب الرئيس المؤقت الآخر ، لنقابة العاملين في شهريته المؤقتة ، المتدفقة عبر الثلاثين يوما ، بتطبيق التقاعد الوظيفي حسب قانون الخدمة المدنية الفلسطيني ،
وزيادة رواتب العاملين ، بنسب ضربت فيها الأخماس في الأسداس فخرجت من جحيم النحاس فلا أساس لها ولا حراس ، بل كان من نصيب البناء المبني بلا أساس ، ينفع الناس ، وذهبت مع عطس العطاس ، وهكذا نجحت إدارة الجامعة في إفشال العمل النقابي لحين من الدهر .

جامعة فلسطين التقنية تئن الأنين الحزين
تحت وطأة النقابيين وإدارة الجامعة

وبعدما مر الوقت تلو الوقت والشهر تلو الشهر والفصل تلو الفصل ، تداعت النقابة لدعوة أعضاء الهيئة العامة ، بعدما وزعت الكراديش وأدعت أنها أنعشت الموظفين الدراويش بالسندويشات والكولا ، فحشش البعض من شدة القرار الذي حاول حمل السياط والبرابيش ، وأعلنت الإضراب الجزئي المكتبي يوم الثلاثاء 2 شباط 2010 ، بعد تبخر الوعود المسعولة ، والأقاويل المضللة غير الصادقة ، وقبل وأثناء وبعد هذه الأثناء ، وكعادتي نشرت رسائل مفتوحة لرئيس الجامعة للمطالبة بحقوق العاملين ومن بينها حقوقي ، جهارا نهارا أمام الملأ ، ولكن الاستجابة كانت غير جادة كالعادة عندما كنت نقيبا للعاملين بجامعة فلسطين التقنية بطولكرم ، لإحقاق حقوق الموظفين ومن بينهم أنا فنشرت مطالباتي عبر شبكة الانتر نت ، بعد إبلاغ المعنيين بالأمر ، ووجهت نسخ من هذه الرسائل للجهات المختصة المشرفة على الجامعة والتي يعنيها هذا الأمر . فاستدعى رئيس الجامعة الهيئة الإدارية للنقابة لتتولى مهمة الرد على رسائلي من بين من طلب منهم الرد بدلا من أن يكلف عناء الرد على نقابي سابق وأكاديمي ، يحمل درجة مدير ( أ ) يتبوأ المنصب الإداري النظري لا الفعلي لرغبته الابتعاد عن سوء الإدارة ، الذي هو أنا العبد الفقير لله تعالى ، وانقسمت النقابة لشقين جناح يؤيد وموال لرئيس الجامعة وآخر ناصبني العداء ، بدعاوى عدة ، منها أنني اقلل وأقزم من قدر وقيمة النقابة ، لأنهم عاجزون عن المواجهة والمجابهة النقابية والتف الموظفون والعاملون حولي ، فلم يعجب إدارة الجامعة هذا الأمر ولا النقابيين ، فأخذوا يبرزن ولائهم لإدارة الجامعة التي لم تصنع لهم شيئا سوى الوعود المعسولة والكلمات المنقولة على طول بعيدا عن الفتل والمفتول ، وتشتت أفكار الموظفين العدول ، بين نسب الزيادة في الرواتب ذات الوعد غير المصقول ، وبين تطبيق الكادر الوظيفي والتقاعد المدني المهول ، وأشغلت إدارة الجامعة ، فريقي النقابة بل الرئيسين الذين يتناوبان على رئاسة النقابة المنتهية صلاحيتها بقيل وقال وكثرة السؤال لا نجح هابيل ولا قابيل ، بل زادت الأمور سوءا ولم ينجح أي حل من الحلول في حل مشاكل العاملين السائل منهم والمسؤول .
وعندما وجهت رسالة مفتوحة لرئيس الجامعة د. داود الزعتري ، تبارى البعض من ذوي الفضول ، ليدلو بدلوه ، على طريقة احسبوني ولا تنسوني ، وإياكم أن لا تفضلوني ، فنزل بيان مقتضب ، لا يخلو من العتب ، وهو من العجاب بل العجب ، فهل نزلت السماء كسفا من هذه الرسالة ، يا أهل العقل والعقالة ، فأخذ كل واحد يلبس عقاله ، وينتظر العجالة ، ونيل الطيب والإدارة ، فلم يجنوا من ذلك سوى البخل والبخالة ، فعادوا يحاورنني ويطلبون من ( إسراج ) نشر أنباء النقابة ولو كانت على النقالة كما ظهر في اجتماع الأربعاء ومن بعدها الخميس ، فقلت لهم لا دخل لي في المواقع الإلكترونية سوى ( إسراج ) السراج الساطع ولن نبخس الفعاليات أي تبخيس ، وخافوا من إدارة رئيس الجامعة فهو الرئيس .
على أي حال ، ضغطت إدارة الجامعة على الهيئة الإدارية للنقابة لاستنكار ما جاء في رسالتي المفتوحة ، في 9 تشرين الأول 2009 ، وبعدما نشرت مقالا عن الإمبراطور الجامعي الجديد ،
في 5 شباط 2010 ، تسابق بعض النقابيين ، لنشرها وتوزيعها على الموظفين ، فانتشرت كالنار في الهشيم بل سرت في العروق كالدم في الوريد ، فوجدت الجلسات بالحرم الجامعي تناقشها بالحروف والكلمات وتنقل الكلمات من طولكرم إلى مدريد ، مطالبة الحق وعنه لن تحيد .
وسعى البعض الآخر ، لإصدار بيان استنكار وشجب ثاني لما نشرته في الانتر نت ، حيث نشر في 10 شباط 2010 ، ونسوا الرباط النقابي للدفاع عن حقوق العاملين ، والتفوا ليحملون اللجنة الوزارية التي لم تجتمع بالمرة سوى بناء على اضرابات اتحاد العاملين في الجامعات الفلسطينية غير الحكومية ، وليس نقابات الجامعات والكليات الحكومية ، وتسير الأمور بهذه السرية ، فلا اجتماع ولا مناقشات جوهرية للقضية المخملية الجامعية .
ونشرات النقابة كعادتها تكون عبر لوحات الحائط الجامعية التي لا يقرؤها أحد إلا ما ندر ممن يمر بالقرب من هذه اللوحات ومن جد وجد من المخبرين ذوي العدد ، ونسي أو تناسى بعض أعضاء الهيئة الإدارية أنني نقابي سابق وأكاديمي متفوق ، وأعرف الصحيح من القبيح والواقعي عن المثالي ، ولا احتاج الاستنكار أو أتطلع إليه ، ولا يهمني وقد لاحظته بالصدفة . فيا أيتها النقابة المبجلة لماذا تدخلوا أنفسهم في أمور لا شأن لكم بها ، وإذا أردتم ذلك فعليكم الإثم فاستمروا في نصرة الظالمين على المظلومين الذين انتخبوكم لتمثلوهم لفترة سنة واحدة وشخصيا لن أتزحزح قيد أنملة عن حقوقي وحقوق زملائي أينما كنت وحيثما حللت .
لقد شهد كتبة بيان الاستنكار كعادتهم للمرة الثانية شهادة الزور ، والاصطفاف خلف الوعودات الهراء في هراء ، ومناجاة الأصدقاء ، فشكرا جزيلا لبيانات الاستنكار والشجب ، التي تنبه من يجدها في ردهات وأروقة الإدارة فقط أو القريبة منها ، علما بأن هذه البيانات تضع الآيات القرآنية المجيدة في غير مواضعها ، ولا تعرف أين مواقعها في السور بالقرآن الحكيم ، فلا تعرف اسم السورة ولا أرقام الآيات القرآنية ، وبها أخطاء إملائية وإجرائية ، وإنما تنسخها من بعض الآيات المجيدة التي أكتبها في مقالاتي ورسائلي العميمة على الانتر نت .

شهادة الزور من الكبائر .. وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ

وبهذا الأمر يستحضرني كتبة الزور وشهدة الزور ، وكما هو معلوم فإن شهادة الزور من الكبائر الموبقة التي توبق أهلها ، يقول الله العلي العظيم عز وجل : { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) }( القرآن المجيد ، الحج ) . وكما جاء في صحيح البخاري - (ج 18 / ص 372) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لَا يَسْكُتُ " . فيا شهدة الزور كفروا عن خطاياكم واستغفروا لرب العالمين ولا أريد الإعتذار منكم أو من غيركم ، فاستغفروا الله فهو الغفور الرحيم ، ولكل زمان دولة ورجال .
وكذلك فإن بيانات الشجب والاستنكار ، قليلة وأطالب النقابيين الذين يوزعونها أن يتم طباعتها وتوزيعها على الانتر نت وشبكة ( إسراج ) جاهزة لنشرها تباعا ، لأن زوايا الشجب والاستنكار لا ترى النور وبحاجة للبخور وتدور في الحرم وسط الغرف والدور ، فلوحة الحائط
المعلقة بها لا تكفي ولا يراها أحد ولن يتطلع إليها أحد إلا ما ندر ولا تراها إدارة الجامعة إلا عندما يذهبون للحمامات ولا يرتادونها إلا قليلا .
وبهذا المناسبة أهدى نقابة العاملين بجامعة فلسطين التقنية بطولكرم ، هذه المقالة لكي أجعل من استنكارهم وشجبهم مطالعا ومشاهدا على الانتر نت لأنهم لا يتقنون ذلك بتاتا ، ونصيحتي الأخوية لهم أن يكثروا من بيانات الاستنكار والشجب بصورة أعمق ، فالحقوق المالية والأكاديمية والإدارية والفنية والتقنية ، مستجابة من إدارة الجامعة ، أولا بأول ، وليس قبل 2012 عام الأفول والنزول والرجوع للعقل والمعقول ، وما عليهم إلا أن يصطفوا على الدور لتقاضي تظلماتهم نقدا بلا تقسيط ، سواء عبر البنوك أو الدفع من صندوق الجامعة كيفما يشاؤون ووقتما يريدون . فطوبى لبيانات استنكار النقابة ، ولتكثروا منها لتردوا وتعقبوا بها بعد كل مقال من مقالاتي ، ولتخصصوا عضوا متخصصا في هذا المجال من أهل الشهامة والسجال وسيتعب معي ، فمقالاتي كثيرة ووفيرة ولا توفر أحدا من الذين لا يعدلون وعلى ربهم لا يتوكلون .
ونحيط القراء عامة علما بأن الكثير من هؤلاء النقابيين من بينهم من أصدر البيان ونشره على لوحة الحائط غير المقروءة هم من يتهجمون على إدارة الجامعة ، في سرية الأسرار ، والقصدرة على الدوار ، في نفاق ما بعده نفاق ، وأما أنا فأعمل فوق الطاولة وعبر هواء الانتر نت في العديد من الشبكات الإلكترونية ، ولا أخفي أفعالي وأقوالي ، فهذا هو مجالي وليستنكر ويشجب كل من يريد تفريغ الشحنات الكهربائية لديه ولدى من يدعوه لذلك ، لأنني أؤمن بما أقوم به من رسالة ناصحة كاشفة فاضحة للفساد أينما كان وحيثما حل ولا أخاف في الله لومة لائم .
وأخيرا أقول ، حسبي الله ونعم الوكيل على الظالمين ، سواء في إدارة الجامعة أو نقابة العاملين ، ولكم الله يا أيها العاملون في الجامعة الحكومية ، جامعة فلسطين التقنية بطولكرم ، فعظم الله أجركم ورحم الله نقابتكم فأقرؤا عليها الفاتحة رحمة ومغفرة من ربكم .
وإلى الأمام يا أيها النقابيون الشجعان ، من أهل الكرم والكرامة في السراء والضراء ، ولا تلتفتوا للمعيقات التي تفتعل من أمامكم وخلفكم ، ولا تهنوا ولا تحزنوا فيما تواجهون ، فالنقابة ليست هي العنوان الأكيد دائما في الدفاع عن المظلومين ، وأسالوا الله العزيز الحكيم أن يعين ، ويحقق مطالب الموظفين المضربين ، الذين لا تنطلي عليهم بيانات الاستنكار والشجب بين الحين والحين . وكل انتخابات نقابية جامعية وأنتم سالمين ، معافيين وطيبين . ومن ناحيتي فلن تثنيني بيانات هنا وهناك ، ولوك السنة اللائكين ، فقد اختلط الطين بالعجين وتبعه الفلين ، وبعض الناس على وجوههم هائمين ، فهذه الهرطقات والاستنكارات والشجبيات غير الرجبيات في الصفريات ، صفر في صفر ترجع صفر اليدين ، بخفي حنين ، فهي لا تسمن ولا تغني من جوع وتمتلأ بالأساطير والخرافات بين الحين والحين ، فأنا لا أخاف إلا من رب العالمين ذو الجلال والإكرام الملك الحق المبين .
فيا أيتها النقابات الجامعية والمهنية والعمالية ، لا تشهدوا شهادة الزور ، ولا تقولوا إلا كلمة الحق ، ولا تخافوا في الله لومة لائم ، وابتعدوا عن الطنين والأنين والحنين والرنين ولا تنسوا الفل والفلين ، فأنتم ممثلون للشعب وغيركم معين بالتعيين ، فكونوا من الأقوياء الميامين ، ولا تنجروا مخفورين للزنازين الغربية والشرقية . ولستم مخاتير بيد أحد كائنا من كان . ولا تسعوا إلى تحقيق مصالحكم ومنافعكم ووجاهاتكم وأمنياتكم الخاصة غير العامة على حساب مصالح الموظفين والعاملين والمهنيين .
وطوبى للمرابطين في أرض الرباط المقدسة ، أرض الإسراء والمعراج ، أرض الأنبياء والمرسلين ، بعيدا عن الذين يقولون ما لا يفعلون .
يقول الله الحميد المجيد تبارك وتعالى : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77) }( القرآن العظيم ، الفرقان ) .
سلاما سلاما سلاما وأجعلنا يا ربنا ممن يلقون في جناتك تحية وسلاما .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الإضراب بين الحق ونيل الحساب .. وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ .. هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ

الإضراب بين الحق ونيل الحساب ..

وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ .. هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم الوهاب جل جلاله : { وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (34) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ (37) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) }( القرآن المجيد ، غافر ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 52) عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ " .

تعقدت الأمور ، ونقصت قيمة الأجور .. وانحسر أصحاب الدثور .. وتشابكت الدنيا بين الثبور والحبور .. وهاج الجمهور .. مرددا اللهم يا حي يا قيوم أغثنا ، فلتعلنوا الإضراب .. وتخوضوا الإضراب تلو الإضراب .. فتداعوا للشورى والمشاورة في الوزارة والجامعة والمؤسسة والمصنع والمنشأة والشركة ، منادين بالثورة وإعلان الإضراب .. فأعلنت نقابة العاملين بالمؤسسة بل وفي الجامعة الاستنفار وأصدرت البيان المشدد ها نحن نعلن الإضراب .. فقلت وقلنا جميعا بلسان عربي مبين ، وصوت واحد موحد : مرحى للإضراب .. مرحى للإضراب ، مرحى للإضراب .. فيا أيها المضربون تأزمت الأمور للمطالبة بالحقوق فلم يعد مناص من المناداة لتحصيل الحق الضائع بالإضراب .. فها هو الإضراب التحذيري فالجزئي المكتبي بالتدريج يوما بعد يوم ، ثم الشامل المفتوح لاحقا كنوع من الاحتجاج على الكلام الضباب .. وقد انتظم الفعل إلى جانب القول ، وكان الإنسياب .. فلا نريد الوعود الضبابية التي لا يمسك لها طرف ولا نصاب ..
وتنادى أولو العزم من بين آلاف الطلبة : يا أيها العاملون سنتضامن معكم نحن أبناؤكم الطلاب .. فسيروا على بركة المولى خالق الخلق أجمعين ، فأنتم على الطريق الصواب .. وطالبوا بالحق ، فلن يضيع الحق المطلبي المالي والأكاديمي والإداري والفني والخدمي مهما تعالت سياسة القبضة الحديدية ، وشد الإحزمة على البطون ، ووصلت فوق السحاب .. فلا تخافوا في الله لومة لائم ، فلا تلتفتوا للوعود المعسولة غير المعقولة ، المخفية وراء الكواليس ، والمغلفة من خلف الباب .. ثم اختفت بعيدا عن الأنظار ، وتوارت بالحجاب .. فالباب العالي لا ينجز مظلمة إلا إذا احتج الموظفون ووصلت مطالباتهم نحو العلى والأعالي يا أيها الأصحاب .. فكونوا يدا واحدة يا أيها الإخوة والرفاق من الصبايا والشباب .. فيد الله مع الجماعة يا إخواني وأخواتي في الهندسة والتكنولوجيا والرياضة والتربية والتكنولوجيا والعلوم المالية والمصرفية ، فهيا نحو الحقوق يا أيها الأحباب ..
لقد استثقل أصحاب المال والجاه في الميدان ، فلم يكن مفر من الاحتجاج والثورة وإعلان الإضراب .. فنحن لا نهوى التعطيل والعرقلة للمسيرة الوطنية والأكاديمية والوظيفية ، بل لنا مطالب أبلغناكم بها يا أيتها الإدارة والوزارة منذ فترة طويلة فلم تستجيبوا فلجأنا للأخذ بالأسباب .. وما أدراك ما الأسباب ؟ .. نطالب بلقمة الرزق الحلال الكريم بعرق الجبين وكد اليدين وتشغيل العقول فنحن من أولي الألباب .. فلن تسير مسيرة طبيعية بلا الموظفين والعمال والإداريين والأكاديميين يا معشر الأرباب .. فالله ربنا وخالقنا وهو الرزاق المتين نعلنها فوق الرؤوس والأطراف والأجناب .. فسارعوا لدفع حقوقنا قبل فوات الأوان يا أيتها الإدارة والوزارة والمسؤولين ولا تلقونا بالشتم والعربدة والسباب .. ولا تجبرونا على التابز بالألقاب .. فهذا الأمر من سوء الإدارة والفساد وتراجع العمل وتخلي عن الإخوة والزمالة والإنسانية بين الأصحاب .. فإذا ما أستجبتم للعدل والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والإنسانية ، فسيزيدكم الله من فضله ، دينا ودنيا ، ومقاما كريما ، أو يبتليكم فترون العجب العجاب . يقول الله رب الأرباب : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)}( القرآن المبين ، الرعد ) .

فمرحى لتحقيق الحقوق القانونية المشروعة المقرة في جميع الشرائع السماوية والقوانين الوضعية في الأرض ، فنريد في الشهر مرة أن نأكل اللحم والكباب .. فقد سئمنا من حياة الذل والديون المتراكمة في البقالات والدكاكين والمحلات ، وقلة المال للغاز والهاتف والماء والكهرباء ، وتصاعد الغلاء وخواء الأجياب .. فجيوبنا في منتصف الشهر القمري تنتهي يا ويلنا من هذه الحياة الشحيحة ، قبل يوم الحساب .. فقد شككنا بالوعود غير المقدسة ، وارتاب كل مرتاب .. فأسعوا لذكر الله فوق البرية ، لنيل المظالم في الحياة الدنيا ، وسددوا وقاربوا لتنالوا بالحق المال الملائم بالحساب .. فلا تبقوا تصبوا علينا العذاب تلو العذاب .. ولا تقسو علينا قسوة فرعون وهامان ، فيضطر بعضنا لكسر الأقفال في الأبواب .. فوقتها ستستعر الحرب ويمتشق البعض الحراب .. ويحمل معوله وسيفه ذات الجراب ..
وبرز من بين القوم ، عابد لربه مؤمن تقي أواب ، فقال يا قومي ، استمعوا لقول الله العزيز الوهاب : { هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54) هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ (55)}( القرآن العظيم ، ص ) .
فصاح من بين الجموع صوت مثل آب اللهاب .. أريد شراء الكسوة لي ولأبنائي وأنا أمشي للوضوء وأداء الصلاة الإسلامية ، حافيا بلا قبقاب .. ورد عليه ثانيا : أنا بسبب قلة المال محروم من الخطبة والزواج وكتب الكتاب .. فساعدوني لبناء أسرة عربية مسلمة وتكثير الأنساب .. وزمجر ثالثا : لا اقدر على تعليم أبنائي بالجامعة وليس معي ثمن الدفاتر والدوسيهات والكتاب .. ونادى مناد رابع أريد أداء العمرة والحج ، ولا أعرف الوقت المناسب لذلك لأنني لست من أصحاب الدثور ، فأنا من أهل الفاقة ولا يقبل الله أدائهما إلا ممن يملك المال يا أحباب .. وظهر صوت خافت بين الأنام يا قوم : أنظروا لجرابي إنه ليس كالجراب .. لقد عقدته عدة عقد وربطه عدة ربط لأخفي الخزوق والشقوق ومالي من تذوق البرقوق ، وبعيدا عن حليب النوق ، فلماذا لا تنصفونا يا أهل الفسوق ، أنني جائع وأريد شراء الجديد من الجراب ..
وجاء موظف من كبار إدارة الجامعة ، في وسط البلاد ما تسمع لها من سامعة ، لماذا هذه الاجتماعات اللامعة السامعة ، ألا يكفيكم ( إسراج ) الجامعة الشاملة المانعة ، لقد فشلنا في تحقيق أمانيكم الطامعة ، فعودوا لدوامكم قبل أن تقع الواقعة ، ونخصم من رواتبكم العالية ، ونكافيء بعضكم بالمكافآت والعقوبات الرادعة ، ونجمد بعضكم التجميدات بالقرارات السامية ، ونسمع بعضكم الكلمات الجارحة ، فأقبلوا برواتبكم الموجودة لئلا تفقدوها بعد دقائق معدودة ، فأنا الآمر الناهي في الجامعات والمؤسسات والمصانع والورشات ، فضج الضجيج وهرب إلى وكره مع منافقيه وجنده ، وقت دقت الساعة الحامية .. فزغردت مزغردة زغردة عالية ، ويلكم لن نبقى لكم باقية ، فالله هو أعدل العادلين ، وأحكم الحاكمين، يوم تقع الواقعة ليس لها من دافعة ، فأرجعوا إلى مقركم وتوبوا لله الحي القيوم الغفور الشكور التواب .. لكي لا تذوبوا في عذاب جهنم يوم الحساب ..
وتعالى صوت أهل السوق ، بندورة وخيار وفجل وبقدونس وبصل للسلطة ، وسمك ودجاج .. فلا تقعوا في السياج .. فاتقوا شر جهاز نوكيا الرجاج ، لئلا يخبر عنكم ، بين الفجاج ، فأحسنوا القول والفعل وقت الولوج والخروج ، لتتحاشوا سماسرة المزاج ، وتتقوا شر كل من هو مسرف كذاب ..
وأنبرى صوت مكلوم بين الموظفين والعاملين : جلبابي قديم وأمنيتي المقدرة على شراء الجلباب .. فأريد الكسوة من عملي والسترة من عملي الرتيب ، وأريد دواء للصراصير والبق والبعوض والذباب .. ونريد تذوق منتجات الألبان واللحوم ونملأ المطبخ بالطعام لأبنائي وبناتي ، ولا نريد سماع الأماني والأمنيات في سراب السراب .. وهمهم آخرون : نحن نحرم من الطعام والشراب .. معظم اليوم والأيام والأسابيع والفصول ، وليس ذلك من الأصل والأصول ، في الشرائع والقوانين والأنظمة واللوائح ذات المجهول ، وليس لذلك نهاية يا أيها الظالمين ويا أيها الغول ، الذي يعزف على الناي والأرغول ، والكلام المنمق المعسول ، ويجعلنا نتسلق الهضاب والجبال والسهول ، فلا تعجبه فيلجأ إلى الموسيقى الصاخبة وترويض القلوب والعقول ، وغيرنا يغطس في المطاعم الغالية ويركب أحدث سيارات وجيبات الركاب ..
وتدفقت الأصوات عالية تصدع في البراري والصحارى والأجواء وفي مقدمتها الهضاب .. إن هذا المسؤول تسير سفنه فوق الماء بالعباب .. وجاء ليملأ الخزائن والبنوك والجياب .. فيا أيتها الإدارة استجيبي لمطالبنا الآن وقبل الخسارة في العلم والمال ونقص الإنتاج ، فما عليك إلا رد الجواب .. فكل سائل جواب ؟! وإلا سنسعر الثورة بين الأصدقاء والإخوة والأحباب .. نريد رد الجواب الإيجابي لنتمكن من العيش الكريم الرغيد بحده الأدنى بين الأهل والأصحاب .. ونعيش في أمن واستقرار وطمأنينة بين الأمم والشعوب والشعاب .. نحن أهل البلاد يا شعبنا المرابط فوق تراب وطنه والتكاثر والمزيد من الإنجاب .. فوق تضاريس الجغرافيا الوطنية والسياسية القومية والإسلامية فوق التراب .. وقد حض نبينا الكريم على إنصاف المظلومين ، فاعدلوا العدل المطلوب لتتجنبوا يوم القيامة سوء العذاب .. وإذا لم تستجيبوا لمطالبنا حالا ، فسوف نطيل الإضراب .. فمرحى للإضراب .. مرحى للإضراب .. مرحى للإضراب .. وهذا يؤلمنا كثيرا ، أن تضيع الساعات والأيام هدرا وهباء منثورا بلا حساب .. وإذا رفضتم تحسين رواتبنا ، وأصررتم على معاقبتنا والتنكر لحقوقنا ، فعيشوا معنا ولنتقاسم الرغيف والزعتر والزيت والخبيزة والفجل والماء ولا تتركونا نجوع ونعرى بين الفصول الأربعة ، جهارا نهارا ، وتذهبوا للمطاعم لتناول أشهى المأكولات والشراب .. فلا تستعرضوا بجيباتكم وجيوبكم الممتلئة بالدراهم والدنانير ، وحشمكم وحرسكم وإعلامكم الباغي ومنافقكيم البغاة العتاة السفهاء السماسرة ، أمامنا لترهبونا ، بالله عليكم ، أعدلوا وأنصفونا لئلا تجبرونا على تسلق الشجرة العالية ، وتبقون تناطحون السحاب .. فسوف نجعلكم أئمتنا ، ولا نريد تفجير الإنقلاب .. إذا ما أحسنتم معاملتنا ولنتم لنا وملاطفتنا والاستجابة لأمانينا وطموحاتنا بعيدا عن الفظاظة وقساوة القلوب والفساد والاستلاب .. وإذا رفضتم الانصياع لقول الحق بالتقوى والعدالة فسندخل لكم من كل باب وباب .. ويا أيها الفاسقون والمنافقون ابتعدوا عن مسيرة أولي الأبصار والألباب .. فلا حاجة لنا فيكم ، ولن تكونوا بأي حال من الأحوال ، من الأصدقاء الأصحاب .. وليرتب كل منكم مرتاب .. ولن نستمع لإغوائكم ونفاقكم ولو أكلتم التراب .. فابتعدوا عن الفلاح والنجاح والرباط في الأرض المقدسة ، فلكم سوء العقبى وسوء الحساب .. فلا تجعلونا نحثو فوق رؤوسكم التراب ثم التراب ثم التراب .. ولن تكونوا بالتأكيد مثل الإمام علي كرم الله وجهه ( أبو التراب ) .. ولن تكونوا كأمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب .. ولن تكونوا كعثمان الخليفة الراشدي الثالث ونسب رسول الله ذو الأنساب .. الذي تبرع لجيش العسرة في الجزيرة العربية ، لينال رضى الرب في السماء والأرض وفوق السحاب .. ولن تكونوا كالخليفة أبو بكر الصديق ، إمام الصحابة والأصحاب .. فأنظروا للقرون الخالية ، إلى ما آلت إليه من بابل وفارس وروما وأثينا وأسبارطا ، فأين هم بين الشعوب والأمم ، فقد كانت كل إمبراطورية منهم كمن هو مسرف كذاب ..
يقول ربي وربكم بديع السماوات والأرض ، فالق الحب والنوى ، ومدخل المؤمنين الجنة من جميع الأبواب : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29) وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (30) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ (32) رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (33) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآَخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (40) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) } ( القرآن الحكيم ، ص ) . فالله ربنا هو المجيب نداء المظلومين المستضعفين في الأرض في الحياة الدنيا قبل يوم الحساب .
والله ولي التوفيق ، وسلام قولا من رب رحيم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، و ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) .

الجمعة، 5 فبراير 2010

الإمبراطور الجامعي الجديد .. مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ

الإمبراطور الجامعي الجديد ..

مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله الحميد المجيد جل جلاله : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}( القرآن المجيد ، ق ) . وجاء في صحيح مسلم - (ج 9 / ص 347) عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي قَالَ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي ثُمَّ قَالَ : " يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا " .

استهلال

هذه تذكرة لتعيها آذان واعية ، وتراها عيون مبصرة ، وتخشع لها قلوب خاشعة ، وتلهج بها ألسن صادحة ، وتعتبر بها نفوس مرضية وراضية بها ، لنشر الحق والحقيقة ، ومحاربة الدجل والنفاق ، فقد حكي أنه في قديم الزمان وسالف العصر وهذا الأوان ، جاء الإمبراطور الجامعي الجديد ، فحل ضيفا على الأسرة الجامعية مرحبا به ومكرما ، وخطب في الجموع خطابات عنكبوتية واهية لا أصل لها وفصل على أرض الواقع ، وبعد مضي وقت قصير قلب الأمور والموازين ، فتنكر للحب والوئام والاستقبال الرنان ، والإعلام الطنان ، فخذل الممثلين للشعب ، من نخبة المواطنين ، وسلك طريق التوفيق والتفريق والتمزيق بين المواطنين ، بالنار والحديد .. بالترغيب والترهيب ، وبشراء الذمم والفحول والقول المعسول ، والدفع المالي بمخالفة الأصول ، والترقيات بالحمص والفول ، وتوظيف وتنصيب الولاة الجدد من الدارسين بالغرب من شتى الآفاق والسدد ، ولم يحد الحدد ، فقد إبتدأ صولاته وجولاته في الحرم الجامعي الجديد ، وكان سابقا في جامعة أخرى ، ويتناوب العمل في شركات السيارات ذات الدفع بالتقسيط على اختلاف المدد ، فجاء يطمع بالتمديد .. وفي طرق التزود بالمال على سبيل التحديد فلم ينل حب الحصيد ، كما تمنى ، فبغى ما بغى ، وتسلق الجبال مع أهل المشأمة الكبار في البلاد خارج الجامعة عبر الترديد ثم الترديد ، شمالا باتجاه حب الحصيد ، ولكن هذه المرة وجد طائفة من الناسكين ليسوا من عبدة الإنس أو الشياطين بل من عباد الله الحميد المجيد .. فأنكر ما سبق من بناء وتشييد بشري وعمراني عبر السنين الخالية ، وأخذ ينشد هكذا أناشيد ، وتبختر وتمختر وسط طريقين وكأنه الطريق الثالث المعوج الأمريكي الجديد .. وقال مخاطبا الجمع في البساتين والكرم وسطه الكرم العنيد ..


إنا الإمبراطور الفريد السديد السعيد الشديد

أنا الإمبراطور الجامعي الجديد .. جئت لأبني الجامعة وأطورها من كلية صغيرة وأعمرها من جديد ، وأجعلها تطلب الموظفين الجدد حسب ما أرى وما أنا عليه فلن أحيد ، وأنا الأول في الرئاسة الجامعية على سبيل التجديد والتمديد والتحديد ، فقيدوه كتابة بالقيد فلا تنسوا هذه المكرمة العالية من الباب العالي بالتحديد ، فالبناء السابق هافت ما لكم يا أهل الشمال الثائر العنيد ..
هذا البناء الجامعي سنشيده ونعمره من جديد ، ويا أيها القدامى سنستورد لكم كما كبيرا من الموظفين من أتباعي وزمرتي لأكون بذلك سعيد .. وهاكم قد أردت لكم العمل وسط الضبابير والبساطير في فصول السنة الأربع منذ الصيف والخريف والشتاء والربيع غير المديد .. وخذوا مني الوعود تلو الوعود ولا يهمني يوم الوعيد ولم أطلب منكم تصديقي يا أيها السابقون فأنا لم آت لكم بالجديد .. فالجديد هو المفترق الثالث سنمر به عبر الجبال والسهول والوديان والأنفاق ولا نعتذر ولن نقدم لكم الأسف الشديد ..
ولا تبنسوا ببنت شفة ، سرا وعلنا ولا تعارضوني فيما أقول وأبدع لكم الكلام السديد ، ولا أريكم إلا ما أرى ، ولا حرية للكلمة والتعبير ، ولا للتعددية الفكرية والاجتماعية ، ولا للديموقراطية ، ومن يخالفني سأقطع رأسه من الوريد إلى الوريد .. ولا تحسبوا أني لا أحسن نشد الأناشيد .. فعيوني وعسسي ومخابراتي في الساحات والباحات ومن اشتريتهم بالدولار كالمراهم التي جسدتها تجسيد .. وسوف أعاقب كل من يخالفني ، ولا يتبعني بتوقيفه عن العمل ، وأجزيه المكأفاة بالراتب بدون العمل فهذا هو القرار الجديد .. أو أعاقبه فأقطع رزقه القديم الجديد .. وسألحقه بما تسمونه في أدبياتكم وإعلامكم وحلكم وترحالكم ، بالرئيس الراحل الشهيد مفجر الثورة ضد العتاة البغاة ، الذي كان يردد في الحصار المدمر الأخير : يريدونني طريدا أو أسيرا .. وأقول لهم شهيدا .. شهيدا .. شهيدا .. أو ألحقه بالشيخ القعيد .. فهو الذي خط طريقا للجهاد كما تسمونه وتطلقون عليه الشهيد .. الشهيد .. الشهيد .. فاستعدوا لنيل لقب الشهيد .. بالزمن القريب أو البعيد ..
النشيد الإمبراطوري
أنشودة النشيد

يحيا الإمبراطور الجديد .... يحيا الإمبراطور الجديد
يعيش الإمبراطور السعيد ..... يعيش الإمبراطور السعيد
إنه باني الأمة وباعث التجديد ..... إنه باني الأمة وباعث التجديد
هو باني المدارس والحصون والقلاع ..... ونبايعه على استمرار الحكم بالتمديد
فلا انتخابات ولا سخافات وهموم ..... بل التعيين هو الطريق القويم المديد
وسنقتل كل المتمردين والإرهابيين ..... ونجسد الديموقراطية كل التجسيد
والزنازين والسجون للعصاة المناهضين ..... فهذه هي إستراتيجيتنا وعنها لن نحيد
ونقمع كل من يخالفنا وينافسنا ..... ونضعه في الجمر الحار والتكييف والتبريد
فالخبز والماء والطيبات من الأكل لنا ..... وسنقصر أكل المعارضين على الثريد
ونبجل ونحترم كل من يحترمنا ..... ونعاقب كل من يدعي الرأي السديد
ونشجع السفور والفجور والتعري ..... فهذا هو الوعد والعيد والوعيد
ونضمن العمل والمال والأمل لمن ينضم إلينا ..... ونعطي له العطايا ونعطيه لقب العميد
فإمبراطوريتنا سائرة نحو التجديد ..... والرايخ الثالث ليس منا ببعيد
فهذه هي أنشودتنا القومية ..... فهي زغرودتنا وهي نشيدة الأناشيد
سنزرع الوديان والسهول والجبال ..... ونقطف العنب بالشتاء ونحصد حب الحصيد
فهذه سياستنا في الشعب وللشعب ..... ومن يخالفنا نذيقه العذاب والألم الشديد
لنعيش في المجد التليد ..... لنعيش في المجد التليد
يحيا الإمبراطور الجديد ..... يحيا الإمبراطور الجديد
يعيش الإمبراطور السعيد ..... يعيش الإمبراطور السعيد
فهذه الأنشودة القومية للنشيد ..... فهذه الأنشودة القومية للنشيد

صفقوا في الاجتماعات كافة يا أهل النفاق الجديد

ويا أيها الجمع تجمعوا لي وصفقوا لي في الاجتماعات والمهرجانات والخطابات والمسرحيات وغيرها ، كما كان يفعل الفوهرر أدولف هتلر زعيم الرايخ الثالث القريب البعيد .. في كل مكان أحضره ولا تتركوني يا حراسي وحدي لأنني خالفت قول الخليفة الإسلامي المشهور ، عمر الفاروق المسلم في الزمان البعيد .. عدلت فأمنت فمنت تحت الشجرة .. واضعا الحجر تحت رأسي ، ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، فقد نادي لتحرير العبيد .. فلنا بإمبراطوريتنا الكبيرة المجد والتمجيد ، ونزرع البلاد بالزرع ونسمده بالتسميد .. ونحرم منه معارضينا ونبجل به منافقينا وفق ديموقراطيتنا بالتأكيد .. لننال كل الدعم والتأييد .. ولو استخدمنا كل أنوع وأشكال الهجوم العسكري والاقتصادي والسياسي والثقافي والإعلامي ، ضمن سياسات التهديد والوعيد .. ولا نهاب الموت في سبيل مبادئنا لنحوز على البراءة والإختراع والتجديد .. فهذا هو بيت القصيد .. فهذا هو بيت القصيد ..

إحرسوني فأنا الإمبراطور وعليكم التأييد

ويلكم أيها الأتباع فإن جموع الشعب الثائر ستأكلني لأنني جبار عليهم وأريد تعويدهم على شد الأحزمة على البطون والتقشف ، والصبر على الجوع ، ولا أوافيهم بالنبأ السعيد .. جهزوا الاحتفالات والمواويل واستقبلوني بطريق جديد ، بالطريق الثالث الملتوي كالحرباء ، لا بالطريق الأول الفاتح الواسع ولا بالطريق الثاني المتحمس بالزغاريد .. ومهدوا لي الطريق الخارجي الثالث للولوج والخروج بعيدا عن أعين الناس من الفقراء والمساكين والمحتاجين ومن هم مخلصين ومثابرين للوطن البعيد .. وضعوا على طريقي الثالث المخصص لي بالتمام والكمال البساط الأحمر لا الأحمدي كي أمر عليه بسرعة البرق وجبي الذي يملأ جيبي بالدنانير والدولارات والبنزين الجاهز المجاني كي أشق طريقي بين الجبال والسهول والوديان يوميا في جولة جغرافية يقوم بها إمبراطوركم الجديد .. وأين جوقة الإنشاد التي يجب أن تستقبلني عند قومي وتطلق لسانها المطرب الوجيد .. فاستقبلوني أمام الحرم الجامعي القديم لأنني لم أقدر على بناء كليات جديدة ومكتبة تعج بالكتب والموسوعات والقواميس المطبوعة التقليدية والكتب الإلكترونية العصرية بلغات شتى بل سنبقى نردد نشيد الإمبراطور في الساحات والمسارح ونستقبل الهتافات والأناشيد .. كما يفعل النازيون والفاشيون واليابانيون والهندوس ، عاش الإمبراطور المبجل ولننتحر كي يعيش الوليد بن الوليد .. ونحن عبيد العبيد ..

عليكم السعي لحكمي بالتمديد

وإعلموا يا بطانتي وخاصتي .. أنني جئتكم بالخبر السعيد .. لا تكفيني أربع سنوات من الإدارة والتجديد ، فأمهلوني بزمن إضافي كي أبني الجامعة المفتخرة وأضيف تخصصات الماجستير والدكتوراه بعد البكالوريوس ولكن في البناء الجديد .. وفي التجديد القادم الجديد .. وإعلموا أن رتبكم ، أقسام وأجنحة وأنا العميد ، فأنا العميد ، فأن العميد .. عميد وشيخ القبيلة طوال عمري ولا ينافسي أحد بالأستاذية فصفة المعلم الأول خاصتي بالتحديد .. فالإمبراطورية إمبراطوريتي يا أيها الأتباع والمعارضون ولينافقني الكل بالمجد والتمجيد .. فمن يعاكسني ويعارضني فسوف أعد له نظام الهندسة المتذبذة بالتيار الكهربائي وفق نظام التكييف والتبريد .. فأيدوني كل التأييد .. لتنالوا مني العدس والفول والحمص والبصل والثوم والبطاطا والبندورة دون الفواكه والخضروات الغالية الأثمان والثريد .. ولا داعي للأكل من لحوم الخراف والعجول والأبقار والأسماك لئلا يطلق عليكم ، آكلي لحوم الحيوانات عند القريب والبعيد .. ويدعون أنكم لا تحبون حب الحصيد ..

من لا يعجبه فليشرب ماء البحر ويبلطه بالجليد

ومن لا يعجبه فليشرب ماء البحر أو الوادي البخيل غير السخي ، العصي المستعصي الفريد الوحيد .. القريب وليس الغريب من البحر الميت بالتحديد .. وليفصل له مرتبة كما فصلتها لنفسي منذ أكثر من عام وأزيد .. فأنا مدني لا أمنح الرتب الفخرية ، وأخاف من تعيين كل عميد .. فسوف تعينوا أقاربكم ، من السكرتيرات والموظفين ، وخلف عميد سيكون عميد .. فستنقلبوا علي لاحقا ، إن رقيتكم ومنحتكم رتبة العميد ، ويكفيكم رتبا مؤقتة ، فصلا تلو فصل ، ثم الفصل من العمادة بالإنابة ، لأنكم لم تثبتوا لي الولاء منذ عام يا رؤساء الأقسام والشُعب ، وبالتالي فمصيركم إلى الزوال فهذا هو الخبر الأكيد .. طوفوا حولي واسمعوا كلامي ، وقولوا سمعنا وأطعنا ، كي أنظر في مطالبكم لاحقا ، وأمنح كل واحد منكم رتبة عقيد أو عميد .. وسأستورد عقداء وعمداء جدد من خارج الكرم يا أهل العلم ويا أبناء الحرم القديم ، يا من خدمتم وطنكم ، وسأجعلكم تذوبون في الشتاء كالبرد والجليد .. وتتبعثروا خلف الأروقة في الزنازين المعدة مسبقا كالطابق الأرضي الغربي ، التي صممته لبعضكم ، رغم أنفكم ، ونقلت بعضا منكم رغم أنوفهم ، وفي الخفاء وهم لا يعلمون ، فاسألوا بطانتي المنافقة التي تمدحني أمامي وهذا يكفيني ، لأطير فوق السحاب ، كالطائرات المدنية من شتى الأنواع الأوروبية ، التي أتسلقها بين الحين والآخر ، للمشاركة في المؤتمرات التي تخصني ولا تخصني ، فأنا حر في ذلك ، وإن كنتم تبغون سفرا علميا داخليا أو خارجيا ، فأطلبوا من جيوبكم ، وأنفقوا على أنفسكم ، وعيوني وسدنتي تضرب مؤخراتكم بالسياط الحديد ..

يا أهل النفاق عليكم التسديد والتشديد

ولتأكلوا الهواء وتلبسوا السماء ، وتفترشون الأرض ، من بعد قراراتي الممزوجة بالزعتر البري القريب بلا زيت زيتون لأن ثمنه باهظا ، وهذا سداد التسديد .. ستسددون الفاتورة المالية الفخمة التي تقاضيتموها وأنعمت بها عليكم ، من صندوق الجامعة وسط الزحام فهذه مخالفة قانونية يا بطانتي بلا رتب العميد . وكل عميد جديد سيقدم الولاء أولا بأول ، قبل المؤهلات والشهادات يا أصحاب الكرم العنيد .. وسأجعلكم لا تأكلون العنب في الصيف ، وتعتصر قلوبكم عصرا على العنب يا أهل الكرم البعيد .. أم تروا أنني أبدل في الطاقم من حولي شيئا فشيئا وأنتم لاهون في الزيادة المالية والإضراب غير الحميد .. فلا مدراء لكم ولا سراة ولا ترقيات ولا زيادات في أموالكم ويكفيكم بما بأيديكم ، فهذا لكم هو العيش الرغيد ..



إبعدوا عني ( إسراج ) الإعلام القوي التقي الحديد

ولن استمع لنصائحكم وأمانيكم وطموحاتكم ومطالبكم ، ولن أنادي على مستشاريكم ونقابييكم ولو كان من الراشدين أو الأمويين أو العباسيين وفي مقدمتهم المواطن رشيد أو كمالكم السديد الذي لم أستطع تجنيده ممن استطعت من سياسة التجنيد والوعيد الذي خالفني وهزني هزا عنيفا وأمقتني ورماني جهادا ضد أهل الظلم ، بالرسالات الإلكترونية في فضاء السماء من القريب والبعيد .. وجل ما أخافه ( إسراج ) وقت سرج الخيول ليلا ونهارا في ساحة الوغى التي تجتاز كل المسافات وتقربها لكم ولو كانت من أبعد البعيد .. فأوقفوا هذا السراج الإلكتروني ، إسراجكم الجديد .. وكل من يستطيع وقفه سأمنحه رتب مدير دائرة أو عميد .. وقد عرض علي بعض الناس من المنافقين ، وقف هذا الإعلام الجديد ولكن صاحبه رفض أن يحيد ، رغم الترغيب والترهيب والوعد والوعيد .. واأسفاه ، واحنقاه ، على بطانتي وخاصتي من المنافقين ، التي لم تستطيع وقف الإضراب العام كأسلوب من أساليب الثورة التليد .. وليكن في معلوم كل مريد لي أنني سأمنح مكافأة مالية ضخمة لمن يوقف الهدير الإعلامي والإضرابي ضدي ما بين القديم والجديد ..

رد المواطنين الصناديد

لم يستسلم المواطنون من جند الله الودود رب العرش المجيد ، المبدئ المعيد ، الفعال لما يريد ، من أهل العلم والقلم والفضل الأسلم ، من الأتقياء الميامين ، من الفقراء والمحتاجين والمعوزين ، لأراجيف وأساطير الإمبراطور الجامعي الجديد ، الذي ركب الموجة العلمية العليا من الباب العالي البعيد البعيد ، وبرز ثلة من المواطنين ورددوا قول الله الغني الحميد : { وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) }( القرآن المجيد ، غافر ) .

قف يا فرعون فستكون الطريد

وبعد هذا الطغيان والتجبر تبارى له الرجال من المواطنين الثوار الصناديد .. من أهل العواصف والرياح العاتية التي لا تبقي من باقية ، بالحق والسداد ضد الباطل والضلال والدجل المهال ، وكأنه ملح الرجال ، فما هي من واهية ، بل لقد وقعت الواقعة ، واقعة الصمود والتحدي والمجابهة ، قف يا أيها الإمبراطور الاستعماري الجديد .. فقد سبقك الدجال بالبعبعة ، فهلا سمعت نبأه بالتأكيد .. نحن في الأرض المقدسة ، وفيها الشعب المجاهد الصنديد .. لماذا جلبت لنفسك عدم الاستقرار وقت النزال فلا التطوير سعيت له ولا الإزدهار ؟ سنجعلك أيها الإمبراطور الجديد عبرة للناس كما فرعون الطريد .. ولن يمر لك وقت سعيد .. بالإضراب والثورة المدنية السلمية ، إنتفاضة المواطنين من أهل شعب الجبارين المسلمين من أهل الشهامة والكرامة والنخوة والشجاعة ، فكلهم سعيد ابن سعيد .. من الوريد إلى الوريد .. فهل تواجه هذا الشعب الصنديد ؟ .. أولئك المهمشين والمستضعفين في الأرض من أهل طعام الخل والملح والماء والثريد .. وتذكر قول رسول الله المصطفى محمد بن عبد الله لتكون من الفئة المطمئنة السائرة على الحق يوم الوعيد ، كما ورد في صحيح البخاري - (ج 20 / ص 302) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " .
أيها الإمبراطور صاحب البطر والخيلاء والزجر والأمر البعيد عن القول الصادق الصالح الرشيد .. فلا خدمك ولا حشمك ولا بطانتك تريد ما تريد .. فهي بطانة تائهة وهائمة على وجهها ، ولا تسير إلا بمقامع الحديد .. فتبغي امتيازات وفهلوات ودولارات وقمح بالأكيد .. فلا يشبعها المديح لك أمامك ، وخلفك من المنافقين على الأكيد الأكيد .. فمهلا يا أيها الإمبراطور سيكشف ربك الغطاء فبصرك اليوم من حديد .. لن نقبل الوراثة الإدارية ولن نمهلك ولن سمح أن ترث الإرث السابق وتتناوبه حفيدا لحفيد .. ( فكل وأطعم ولا نقول أطعم وكل ) فعمرك خمسيني فكن مؤمنا بدين الله الخالد تنل الأماني والآمال على كل صعيد ..

أيها الإمبراطور الجديد القادم من بعيد ..
الإمارة ستكون ندامة يوم القيامة

فلقد جاء في صحيح البخاري - (ج 22 / ص 59) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ " .
قف وفكر ، يا أيها الإمبراطور الجامعي الجديد . لقد أعلن الفرسان الرفض لسياساتك بالتأكيد ، فسأل شهر شباط الآتي بالوعيد .. إنك ستكون من غير المرغوب بهم قريبا لدى معلميك في المصيف العالي بالجبال الثائرة في وسط البلاد وشمالها وجنوبها وغربها ، فها قد إلتئم الشمل من الشرق للغرب ومن الجنوب للشمال وجها لوجه بالنبأ السديد .. فمرحى وألف مرحى للقرار الجديد .. ثوروا على المصلح الثالث المزعوم الذي يخال نفسه الفريد .. قم يا أيها الإمبراطور فقد شبعنا كلاما ، وجوعنا بطوننا وهذا هو النبأ الأكيد .. فلا حاجة لنا بوعودك المزيفة غير المقدسة ، لقد كشفنا المؤامرة الخبيثة الماكرة ليحين وقت الخروج من العقد الرباعي ، وفق سياسة التسويف والمماطلة والتأجيل والتأخير وها نحن نخوض الإضراب ضدك وضد من يقف خلفك لأننا نريد لقمة تشبع أطفالنا ولا نبقى نردد لك الأناشيد .. نريد العيش الكريم الرغيد .. نريد العيش الكريم الرغيد .. نريد العيش الكريم الرغيد .. فأصبح لنا أنشودة واحدة وهي جني حب الحصيد .. في الربيع قبل الصيف يا أيها الإمبراطور غير السعيد .. سنطردك كما طرد غيرك في البلاد بقارات العالم وتهوي في واد سحيق شديد .. أو قل سنفعل بك كما فعل الطغاة البغاة في هذا العصر الأمريكي الجديد ..

العميد الطريد الطريد

وفي نهاية النهايات سيكون مصيرك واسمك ( العميد الطريد الطريد ) فقد محونا لقبك السابق الإمبراطور الجامعي الجديد .. وأبعث في ربعك حاشرين في البليد .. ثم في قطبي الجليد .. فلن ينالك إلا ما نال إبليس الشريد الطريد .. فخذ العبرة والعظة يا هذا أيها المتعجرف والمتكبر وصاحب الخيلاء بإزارك وجيبك وجوالك ورجالك يا أيها الشقي غير السعيد .. وأضبط قائدك بالسياقة ، لئلا يحدث حادثا مروريا أو اجتماعيا بالحرم الجامعي ، أو بالطريق الخفي الثالث ، فتصبح الشقي غير السعيد ، يا بعيد .. فالسعادة والوقار والاحترام بالتواضع والعمل السوي والعلم التقي والعدل والعدالة يا غير المقبول والقبيل بلا تأييد .. فإذا ما عاقبت فإنك تعاقب نفسك بالعذاب الأليم الشديد .. فأسال أولي الألباب والإبصار يوم النزال وقت إذابة الجليد .. فأقعد فإنك القاعد عن الفعل القعيد .. فإننا لا نعبد إلا الله الحميد المجيد ، ذو العرش المجيد المبدئ المعيد .. الفعال لما يريد .. ولا نتقن النفاق لأهل النفاق ، ولن نتعامل بسوء الأخلاق ، ولن نكون من أهل الشقاوة والشقاق ، وموعدنا يوم الوعيد .. الذي لا ريب فيه من رب العالمين الأكيد .. الذي لا ريب فيه مهما طالت الأيام والقرون فستزلف الجنة غير بعيد ..

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ

ولنتذكر جميعا ، مواطنين وموظفين وعمداء ومدراء وسائر الفئات ، قول الله الحكيم الحميد : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }( القرآن المجيد ، ق ) .
والله ولي التوفيق في السماء والأرض في القريب والبعيد . سلام قولا من رب رحيم فهو الكبير المتعال في الأقوال والأفعال والأرزاق الوحيد السديد المجيد . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ورضوانه في العالمين يا أهل الكرم والكرامة والشجاعة يا أهل الجنة في الأولين والآخرين وسعادة الساجدين والراكعين والمزكين والصائمين والحاجين من أصحاب السعادة ومن خاصة رسول الله المصطفى السعيد .