الخميس، 7 يناير 2010

وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ .. رسالة مفتوحة إلى عائلات الشهداء المسلمين في فلسطين والعالم

وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ..

رسالة مفتوحة إلى عائلات الشهداء المسلمين

في فلسطين والعالم


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى عائلات الشهداء المسلمين في فلسطين والعالم ..
إلى أمهات وآباء الشهداء ..
إلى زوجات وأبناء الشهداء ..
إلى إخوة وأخوات الشهداء ..
إلى أقارب وأحبة وأصدقاء وأصفياء الشهداء ..
إلى الحكومات الفلسطينية والعربية والإسلامية والعالمية ..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
والسلام على من اتبع الهدى أما بعد ،

الموضوع : وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ..

فالشهادة لتكون َكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا أسمى الأماني


يقول الله الشهيد عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
في يوم الشهيد الفلسطيني ، الذي يصادف 7 كانون الثاني – يناير 2010 ، أطير لكم هذه الرسالة الإسلامية المفتوحة عبر أثير الانتر نت ، من وسائل الإعلام الإلكترونية العصرية في هذا العالم .
فإنني أدرك مدى غياب الشهيد أو الشهداء من الأحبة على قلوبكم وعقولكم مؤقتا فلا ترونه ولا ترونهم ، ولكن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون كما تعلمون ولكنني أذكركم فإن الذكرى تنفع المؤمنين . والحق أقول لكم ، هناك من يبتغي الشهادات الورقة كالثانوية العامة ( التوجيهي) وشهادات الدرجات الجامعية الثلاث : البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من الشهادات الدنيوية لتكون له ذخرا في الحياة الدنيا أو في الحياتين الدنيا الفانية والآخرة الباقية ، وهناك من يبتغي الشهادات الجامعية العليا لتحصيل قوته وقت عياله ، ومنهم من يتفاخر بهذه الشهادات العليا ، للحصول على المال والجاه والمركز الاجتماعي فقط ، ولكنها لا تسمن ولا تغني من جوع ، وهناك من يستعمل هذه الشهادات لنيل رضا الله في الدنيا والآخرة فنعم أجر العاملين . وهناك الشهادات الأعلى والأعظم والأفخم والأكرم وهي الشهادة في سبيل الله الواحد القهار ، فتلك الشهادة عند عالم الغيب والشهادة وهي المعتبرة في الحياة الآخرة عند رب العالمين ليكون صاحبها مع الأنبياء والرسل والصديقين وحسن أولئك رفيقا .
وقد أوضح الله العلي العظيم مكانة الشهداء ، في الحياة الدنيا والآخرة ، بقوله : { الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) }( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .
وبهذا نرى أن الشهداء الذين يقتلوا في سبيل الله هم أحياء عند ربهم يرزقون لم يموتوا كما يتخيل البعض ، فتفارق أرواحهم أجسادهم ، ولكنهم فارقوا الحياة الدنيا فقط وانتقلوا من حياة إلى حياة أخرى أفضل وأحسن تفضيلا عند مالك الملك ذو الجلال والإكرام فالله لا يضيع أجر المؤمنين . وهذه البشرى لعائلات الشهداء وأحبتهم وأصدقائهم تخفيف من الآلام والأحزان على فراق الأحبة .
ويا أهلنا وأحبتنا من عائلات الشهداء المسلمين في الأرض المقدسة بجوار المسجد الأقصى المبارك ، وفي العالم أجمع ، إن الله العظيم الحليم تبارك وتعالى قد إختار هؤلاء الشهداء ليكونوا من صفوته وخاصته من عباده المتقين فهم من نخبة النخبة المختارة عند رب العباد ، لينعموا في جنات الخلود الأبدية في الفردوس الأعلى إن شاء الله سبحانه وتعالى .
وقد أنبأنا المصطفى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عن أنواع الشهداء ، كما جاء بالعديد من الأحاديث لنبوية الشريفة :
- موطأ مالك - (ج 2 / ص 215) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ يَعُودُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ ثَابِتٍ فَوَجَدَهُ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ فَصَاحَ بِهِ فَلَمْ يُجِبْهُ فَاسْتَرْجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غُلِبْنَا عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّبِيعِ فَصَاحَ النِّسْوَةُ وَبَكَيْنَ فَجَعَلَ جَابِرٌ يُسَكِّتُهُنَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُنَّ فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوُجُوبُ قَالَ إِذَا مَاتَ فَقَالَتْ ابْنَتُهُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا فَإِنَّكَ كُنْتَ قَدْ قَضَيْتَ جِهَازَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ قَالُوا الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ" .
- صحيح البخاري - (ج 3 / ص 42) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ثُمَّ قَالَ : " الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " .
- صحيح البخاري - (ج 8 / ص 377) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ " .
- صحيح مسلم - (ج 10 / ص 29) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ قَالُوا فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ " .
- صحيح مسلم - (ج 10 / ص 17) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ " .
- سنن أبي داود - (ج 7 / ص 11) أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ وَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ " .
- سنن النسائي - (ج 10 / ص 239) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَمْسٌ مَنْ قُبِضَ فِي شَيْءٍ مِنْهُنَّ فَهُوَ شَهِيدٌ الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْغَرِقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالنُّفَسَاءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ " .
- سنن النسائي - (ج 12 / ص 463) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ " .

أوضاع الشهداء بعد الشهادة .. أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ

سنن أبي داود - (ج 7 / ص 43) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمَّا أُصِيبَ إِخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ مُعَلَّقَةٍ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ فَلَمَّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَمَقِيلِهِمْ قَالُوا مَنْ يُبَلِّغُ إِخْوَانَنَا عَنَّا أَنَّا أَحْيَاءٌ فِي الْجَنَّةِ نُرْزَقُ لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَنْكُلُوا عِنْدَ الْحَرْبِ فَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَا أُبَلِّغُهُمْ عَنْكُمْ قَالَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) }" .

يا آباء وأمهات الشهداء المسلمين ...
لا تبكوا حزنا ولا غما ولا غيظا ، على فراق أبناءكم فلذات أكبادكم الشهداء ، الأكرم منا جميعا ، فالجميع ميت لا محالة ، لأن الموت مرة واحدة ، وما بعدها الخلود الأبدي ، ولكن موتة الشهداء هي أفضل وأقدس أنواع الموت الدنيوي لينتقلوا إلى الرفيق الأعلى . وقد يقول البعض من الآباء والأمهات إن أولادنا الشهداء ، ذكورا أو إناثا ، قضوا نحبهم وهو صغار السن ، أو متوسطي الأعمار ، فمنهم من إرتقى شهيدا للسماوات العلى وهو في ريعان الشباب ، ولكن ألا تعلموا أن أجل الله محتوم فإذا جاء الأجل فلا تأخير ولا تقديم للإنسان ولو ساعة واحدة ، فانظروا وتمعنوا في قول الله الحي القيوم عز وجل :
- { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)}( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
- { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49)}( القرآن المجيد ، يونس ) .
- { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33)}( القرآن المجيد ، الرحمن ) .

أيها الصابرون من عائلات الشهداء المسلمين ..

إعلموا أن الشهادة في سبيل الله للإنسان مقبل غير مدبر هي أعلى درجات الشهادة في الحياة الدنيا وفي الآخرة أيضا ، فهؤلاء الشهداء هم من أصحاب اليمين ، بل هم من المقربين عند مليك مقتدر ، وكما هي تفضيل وتكريم للشهداء ، الأرواح والأجساد ، فهي في الوقت ذاته ، إبتلاء رباني لتجتازوا الامتحان والاختبار بنقص الأموال والأنفس ، والسماع من الكفرة الفجرة والمشركين وأهل الكتاب الأذى الكثير ، بفوز ونجاح فائقين لتنالوا جنات النعيم في الحياة الباقية بعد المرور سريعا بالحياة الفانية .
يقول الله الغني الحميد جل شأنه : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) . فكونوا على مستوى المسئولية العظيمة .
وتذكروا كرامات الشهداء في الدنيا والآخرة ..
يقول الله الرحمن الرحيم سبحانه وتعالى : { وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) }( القرآن الحكيم ، الزمر ) .
ويقول الله الواسع الحكيم : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)}( القرآن المبين ، الحديد ) .

وإلى ذوي الشهداء ، الأكرم منا جميعا
لقد بكيتم كثيرا ، على فقدان أبنائكم وأقاربكم الشهداء ، في أتون المعركة ، معركة الحق والباطل ، فإذا كان للباطل صولة وجولة ، فتذكروا قدرة الله على الجميع ، وإن للحق جولات وصولات ، والحرب سجال ، والدنيا كالدولاب يتغير ويتبدل يوميا ، والحق منتصر لا ريب فيه ،
والعاقبة للمتقين المحسنين الأخيار الأبرار ، فكونوا من الصابرين المرابطين في ارض الرباط الإسلامي ، سواء في فلسطين أو أفغانستان أو باكستان ، أو العراق أو الصومال أو الشيشان أو في أي مكان من بقاع العالم من أرض الله الواسعة.
ويا آباء وأمهات الشهداء الميامين ..
فإذا كنتم من ذوي الحال المادي الصعب ، فتذكروا أن من حقكم الإرثي في الإسلام ، جزءا من راتب ابنكم الشهيد ، ولكن بما لا يهضم حقوق أبناء الشهيد الأيتام .. وإن من حقكم أداء ركن وفرض الحج مجانا في مكة المكرمة بالديار الحجازية المقدسة ، فلا تتوانوا في طلب حق من حقوقكم المتعلقة بالشهداء .

وإلى أبناء الشهداء ..
إصبروا على فقدان المعيل والأب الحاني ، وألزموا كتاب الله العزيز ( القرآن المجيد ) ، وكونوا أبطالا ، في صمودكم وتحديكم وتصديكم للباطل على درب الشهداء ، مقبلين غير مدبرين ، وتقاضوا راتب والدكم الشهيد لتتمكنوا من الثبات والصمود في وجه أعداء الله ، وأعداء الأمة العربية الإسلامية ، وأعداء فلسطين .. وثابروا في دراستكم لتنالوا أمنياتكم ، والحصول على الدرجات العلى في الحياة الدنيا والآخرة ، وكونوا ممن يهتم بالشهيد وذكراه ، ولا تنسوا العهد الإسلامي العظيم القويم . وتذكروا أن من حقكم في فلسطين ( الأرض المقدسة ) متابعة التعليم العالي في الجامعات الفلسطينية بلا رسوم أو أقساط جامعية ، كنوع من التكريم الفلسطيني لآباءكم الشهداء المسلمين ، في الحياة الجامعية ، وفي التوظيف الحكومي أيضا .

وإلى زوجات وأرامل الشهداء ..

حصنن أنفسكن بالإسلام العظيم ، وكما تعلمن فإن البكاء قد يخفف عنكن مصائب الدنيا ، ولكنه لا يمنع حدوث الأقدار ، ولعلكن تدركين وصية الأزواج الشهداء ، في تربية الأبناء التربية والتنشئة الإسلامية المستقيمة ، وقدركن أن تعوضن الأبناء الحنان والعطف الثنائي الأبوي والأمومي ، فأصبرن وأتقين الله ، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، فيطمع الذين في قلوبهم مرض ، وتذكرن جنات الخلود ، فتربية اليتامى وكفالتهم تكون مما يستوجب العيش في درجة إمام المتقين ، وسيد الأولين والآخرين ، المصطفى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأذكركن أنه من حقكن الزواج بعد استشهاد الزوج ، بعد العدة الشرعية أربعة أشهر وعشرة أيام ، ولكن لا تتركن الأبناء ذكورا وإناثا ، في مهب الرياح العاتية والعواصف الهادرة ،
دول ولي أمر ، لئلا يضيع الأيتام ابناء الشهداء ، فالزواج الأمثل والأفضل إن أردتن ذلك ، بصحبة الأبناء ، وعدم تركهم والغفلة عنهم لتنلن أجور الشهداء وجنات الفردوس الأعلى . وإن صبرتن لهو خير للصابرات المؤمنات الطيبات المباركات من رب العالمين .
جاء في صحيح البخاري - (ج 16 / ص 357) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا " .

وإلى أقارب وأحبة وأصدقاء وجيران الشهداء ..
لا تنسوا رعاية عائلات الشهداء ، معنويا وماليا واجتماعيا ، فالشهداء هم الأكرم منا جميعا ، وكونوا السند والإسناد لهذه الفئة الإسلامية المنكوبة ، فاهتموا في رعاية أبناء الشهداء وعائلاتهم ، وكونوا كمصدات الرياح للزرع الذي سينبت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة . وساهموا في كافلة الأيتام ، صغارا وكبار ، وعوضوهم قدر الإمكان عن فقدان الأب المعيل الحاني الشفوق على أسرته وعياله فلاعبوهم ولاطفوهم وارعوهم الرعاية الأبوية الحقة قدر الإمكان . ولا تبخلوا عليهم بما مكنكم به الله الغفور الرحيم ، من نعمة معنوية ومادية ، من حنان وعطف ولين ومال . فالمال مال الله في أرض الله لعباد الله .

وإلى أعمام وعمات وأخوال وخالات أبناء الشهداء
احرصوا على رعاية أبناء الشهداء ، لأنكم الأقرب لهم ، بحكم القرابة ، في التربية والتنشئة الاجتماعية القويمة ليتربوا على القيم والمثل العليا والأخلاق الحميدة ، وأحموهم من عبث العابثين ، وفساد المفسدين ، وكونوا لهم نعم المعين .

وإلى ذوي الشهداء جميعا من الآباء والأمهات ، والزوجات والأبناء والبنات ، والإخوة والأخوات والأقارب والأحبة والأصدقاء والأصفياء وغيرهم ، لا تنسوا الدعاء الإسلامي العظيم ، كما جاء في صحيح مسلم - (ج 4 / ص 475) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا " . قَالَتْ : فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَالَ أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ " .

وإلى العاملين بوزارات المالية في الديار الإسلامية ..
لا تنسوا حقوق الشهداء المالية ، فلا تتأخروا في دفع مستحقاتهم الواجبة كفرض إسلامي للعيش الكريم والبعد عن تسول أهالي الشهداء لتوفير لقمة العيش ورغيف الخبز والقوت اليومي والتعليم العام والعالي المجاني ، وتسهيل حج ذوي الشهيد كجزء من حقوق العائلة التي ضحت بأحد أفرادها أو أكثر في سبيل العزة والكرامة الفلسطينية والعربية والإسلامية والإنسانية . فالراتب الشهري يجب أن يكون مجزيا عن الفاقة ، ومنتظما ، وبعيدا عن الابتزاز لأهل الشهداء زوجة وأبناء وآباء وأمهات .

وإلى وزارات الداخلية والأمن في فلسطين والوطن العربي والإسلامي والعالم ..

احترموا عائلات الشهداء المسلمين ، وعاملوهم بأفضلية وبالحسنى ، ولا تلقوا بهم في غياهب السجون ، وتخيلوا أنفسكم محل هذه الفئة الأولى المنكوبة باستشهاد أحد أبنائها أو أكثر ، فلا تجعلوا لعنة الله ولعنة الملائكة والناس أجمعين ، ولعنة الشهداء تنزل عليكم عاجلا أو آجلا .. فلا تتعرضوا لهم بالسجن في الزنازين والسجون ولا تمارسوا أي نوع من التعذيب ضدهم ، ولا تمنعوهم من السفر لخارج البلد ، إن كنتم مؤمنين ، وإن كنتم محسنين ومفلحين ، وإذا أردتم أن تكونوا مخلصين لدينكم ووطنكم ولا تكونوا من أصحاب الجحيم .

وإلى أهل الزكاة والصدقات ..
لا تنسوا من فضل الله عائلات الشهداء الأكرم منا جميعا ، الذين اختارهم ربهم لجواره . فابتلاهم رب العالمين بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشرهم كونهم من الصابرين . فالمال مال الله في أرض الله ، وليس للإنسان من ماله إلا ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فأبقى .
وأخير إلى جميع المذكورين آنفا ، وإلى الذين لم يتم ذكرهم ، ويهتمون بعائلات الشهداء ، يقول الله السميع العليم جل ثناؤه : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) }( القرآن العظيم ، النساء ) . كونوا على قدر المسئولية برعاية أهالي الشهداء ، وسمعة الشهداء ذاتهم ، وحافظوا على حقوق ونعيم الشهادة ، ولا تأخذكم العزة بالإثم .
وفقكم الله وسدد الله على طريق الخير والرشاد خطاكم ، وجزاكم الله خيرا على العمل الحسن الصالح ليرفعه الله لكم ويضاعفه ويدخره ليوم القيامة ضمن أعمالكم الصالحة .
وندعو بدعاء الشهداء ، كما جاء في سنن الترمذي - (ج 11 / ص 296) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَيْلَةً حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبِي وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَانًا وَيَقِينًا لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ وَرَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْفَوْزَ فِي الْعَطَاءِ وَنُزُلَ الشُّهَدَاءِ وَعَيْشَ السُّعَدَاءِ وَالنَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أُنْزِلُ بِكَ حَاجَتِي وَإِنْ قَصُرَ رَأْيِي وَضَعُفَ عَمَلِي افْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ الْأُمُورِ وَيَا شَافِيَ الصُّدُورِ كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ الْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ وَمِنْ دَعْوَةِ الثُّبُورِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقُبُورِ اللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي وَلَمْ تَبْلُغْهُ نِيَّتِي وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ خَيْرٍ أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَدًا مِنْ عِبَادِكَ فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ وَأَسْأَلُكَهُ بِرَحْمَتِكَ رَبَّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ وَالْأَمْرِ الرَّشِيدِ أَسْأَلُكَ الْأَمْنَ يَوْمَ الْوَعِيدِ وَالْجَنَّةَ يَوْمَ الْخُلُودِ مَعَ الْمُقَرَّبِينَ الشُّهُودِ الرُّكَّعِ السُّجُودِ الْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ إِنَّكَ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَأَنْتَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هَادِينَ مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ سِلْمًا لِأَوْلِيَائِكَ وَعَدُوًّا لِأَعْدَائِكَ نُحِبُّ بِحُبِّكَ مَنْ أَحَبَّكَ وَنُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاءُ وَعَلَيْكَ الْإِجَابَةُ وَهَذَا الْجُهْدُ وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُورًا فِي قَلْبِي وَنُورًا فِي قَبْرِي وَنُورًا مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَنُورًا مِنْ خَلْفِي وَنُورًا عَنْ يَمِينِي وَنُورًا عَنْ شِمَالِي وَنُورًا مِنْ فَوْقِي وَنُورًا مِنْ تَحْتِي وَنُورًا فِي سَمْعِي وَنُورًا فِي بَصَرِي وَنُورًا فِي شَعْرِي وَنُورًا فِي بَشَرِي وَنُورًا فِي لَحْمِي وَنُورًا فِي دَمِي وَنُورًا فِي عِظَامِي اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُورًا وَأَعْطِنِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا سُبْحَانَ الَّذِي تَعَطَّفَ الْعِزَّ وَقَالَ بِهِ سُبْحَانَ الَّذِي لَبِسَ الْمَجْدَ وَتَكَرَّمَ بِهِ سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيحُ إِلَّا لَهُ سُبْحَانَ ذِي الْفَضْلِ وَالنِّعَمِ سُبْحَانَ ذِي الْمَجْدِ وَالْكَرَمِ سُبْحَانَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" .

فطوبى للشهداء ، في أعلى عليين ، في جوف طير خضر ، في ظل عرش الرحمن في السماوات العلى ، وطوبى لأهالي الشهداء ، طيلة أيام السنة ، وليس فقط في يوم الشهيد . وبارك الله لمن يهتم ويرعى أهالي الشهداء فرادى وجماعات .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .




ليست هناك تعليقات: