الخميس، 28 يناير 2010

ثورة ضرب الأحذية

ثورة ضرب الأحذية

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) }( القرآن المجيد ، البقرة ) . ويقول الله الحميد المجيد عز وجل : { وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)}( القرآن العظيم ، الأعراف ) .
ويقول الله الحي القيوم جل وعلا : { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)}( القرآن المبين ، الشعراء ) .
ويقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) }( القرآن الحكيم ، طه ) .

إستهلال

يستخدم الأشخاص المدافعين عن أنفسهم أو الذين يشنون الغزوات والهجوم على الأعداء ، عدة وسائل بدائية تقليدية أو عصرية متقدمة من الأسلحة البرية والجوية والبحرية ، أو الحصار والمقاطعة الاقتصادية أو المقاطعة الاجتماعية أو قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية أو الحرب النفسية أو الحرب الإلكترونية ، كما يستخدم بعض الناس السلاح الأبيض ضد أعدائه ، كالسكاكين والفؤوس والسيوف والشرخات ، بغض النظر إن كانوا ظالمين أو مظلومين . وفي أحيايين قليلة يستخدم بعض الناس العصا أو الأحذية لضرب الخصوم . والأحذية لها مؤثرات فعلية في رد كيد الأعداء وتوجيه سهامها باتجاه أجساد الأخرين عن قرب أو عن بعد ، والتاثير الرمزي المعنوي لضرب الأحذية عن بعد خاصة لكبار المسؤولين المتنفيذين في الشعب أو العالم يلقي بظلاله الإعلامية والسياسية لرفض سياسة أو سياسات معينة .

الضرب بالعصا من المعجزات الإلهية

من قراءة بعض الآيات القرآنية المجيدة ، في سور : البقرة ، والأعراف ، والشعراء ، وطه ، نجد أن سياسة الضرب بالعصا هي من المعجزات الربانية لنبي الله الكليم موسى بن عمران عليه السلام ، تمثل بعضها بضرب الحجر أو الصخر الجامد لتنفجر منه ينابيع المياه ، وقت إنقطاع الماء عند بني إسرائيل القدماء في صحراء مصر ، لتعرف كل قبيلة مشربها من ينابيع المياه ، وتمثلت بعض ضربات العصا لموسى عليه السلام في ضرب البحر الأحمر للخروج النبوي الموسوي بقومه من مصر ، فانفلق البحر لشطرين ومر المستضعفون في الأرض آنذاك الهاربون من جحيم فرعون الدنيوي .
وفي سياق آخر ، فإن خلع النعلين كما ورد بالقرآن العظيم ، يكون في المكان المقدس كالمساجد الإسلامية ( بيوت الله في الأرض ) لتأدية الصلاة الفردية أو الجماعية ، أو الواد المقدس في صحراء سيناء المصرية ، كما طلب رب العالمين من نبي الله موسى عليه السلام لمحادثته وتكليمه بالهداية الربانية .

الضرب بالأحذية في المعارك البشرية

من جهة أخرى ، تبرز ثقافة ضرب الأحذية أو النعال ضد الأعداء بين الحين والآخر ، التي نحن بصددها ، وهي وسيلة قديمة لمقاومة الأعداء والإنتصار عليهم بحرب نفسية وإعلامية لقول كلمة الحق ومقارعة أوهام الباطل باستخدام وسيلة ليست ثقيلة للمقاومة ، ولا يمكن منعها من الأجهزة الأمنية والحراسة المرافقة ، بأي حال من الأحوال في الأماكن العامة والاجتماعات الخاصة ، وهذا السلاح البسيط هو الحذاء أو النعل الذي يلبسه صاحبه بالمفرد أو أصحابه بالمجموع فيكون وسيلة حربية لصفع الأعداء .
ويلجأ لهذه الحرب البدائية الأشخاص من ذوي الشكيمة القوية والعقول الرشيدة لإزهاق الباطل وقرع الجرس لتستمر ثورة لاحقة من الأحذية ضد الظالمين أو العتاة البغاة الذين يلحقون الأذى بالأشخاص أو الشعوب أو الأمم على مر التاريخ البشري .
وسياسة القذف بالحجارة أو الضرب بالعصا أو بالأحذية ضد السفهاء المتنفذين الذين بغوا في الأرض هي سياسة مرة يستخدمها المستضعفون في الأرض فينتصرون ويتغلبون على الأعداء بقوة الحق وليس بقوة ضربة الحذاء أو العصا أو الكرباج أو السياط ، فيعد هؤلاء المهاجمين الضرب بوسائلهم التقليدية الخاصة عندما يعدمون الوسيلة لكيد أعدائهم وإلحاق الهزيمة المدوية ضدهم ، وتسفيههم ورد الصاع صاعين لهم ولو من الناحية المعنوية . إذ أنه من المعروف أن الحذاء لا يلحق الكثير من الأذى ضد المهجوم عليهم عن بعد فيمكن أن تصيب فردة من زوج الأحذية أو الفردتين على التتابع أحد أطراف جسد المضروبين ، كالوجه أو الصدر أو الظهر أو غيرها ، ولكن ما يلحق الضارب من الأذى من البطانة الفاسدة من حول الظالم يمكن أن تكون أكثر بكثير من ألم الظالم المضروب .

كيفية الضرب والإيذاء المؤلم

من خلال استقراء وملاحظة طرق استخدم سياسة الضرب بالأحذية ، خلال الفترة السابقة ، نرى أن الضارب كفرد أو الضاربين كجماعة يكونون من الذكور ، وجها لوجه ، ضد المعتدين الأعداء ، فتكون هذه الثورة بالأحذية نوع من مقاومة الطغاة بأسلوب الكر والثبات وليس الكر والفر ، إذ لا مجال للضارب من الهرب في قاعة مغلقة ذات حراسات مشددة خاصة إذا كان المضروب أو المضروبين من ذوي النفوذ الكبير كرئيس دولة أو رئيس حكومة أو رئيس محكمة أو نائب أو غيره من الصفات التمثيلية من أصحاب المقامات الدنيوية العليا . وقد لوحظ أن هذه السياسة الحذائية لا تلجأ لها النساء إلا بين بعضهن البعض أحيانا ، في عراك نسوي داخلي أو شد الشعر ، ولم يتم تسجيل حادثة إعلامية شهيرة ضربت فيها إمرأة رجلا أو إمرأة أخرى مسؤولة أو مشهورة ، ويمكن أن يؤذي حذاء النساء أكثر من حذاء الرجل خاصة إذا كان من الكعب العالي بمساميره الناتئة البارزة .
وأفضل طرق الضرب هي الإقبال لا الإدبار ، بمعنى ضرب المراد ضربه وجها لوجه ، لإلحاق الأذى به في الوجه والفكين والأنف والفم والرأس ، هي الضرب القريب وليس البعيد وتصويب الهدف بدقة . والطريقة الثانية وهي طريقة الإدبار ، وهي أقل تأثيرا ، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون المضروب هاربا أو أنهى أقواله في المؤتمر الصحفي أو إختتم الاجتماع الكبير أو المغلق فيلحقه الضارب ليسدد ضربة أو ضربتين له في قفاه ، أو ظهره ، أو مؤخرته ، وهي أقل تأثيرا وإيلاما للمضروب .
على أي حال ، إن سياسة الضرب التقليدية بالأحذية انتشرت منذ القرون الماضية ، حيث كان يتم تصنيع الأحذية من المطاط والخشب ( قبقاب ) أو جزمة ثقيلة ، وكان الشخص الضارب يستخدم فردة من زوج الحذاء ، ليضرب الشخص المراد إهانته عدة مرات بفردة الحذاء نفسها ، عبر التكرار سواء على الرأس أو الجوانب أو بقية أجزاء الجسد ، إلا أن الأكثر إيلاما من الناحية الصحية هي ضرب الذكر على عضوه التناسلي ، من الناحية الصحية العنيفة ، فيطرح المضروب أرضا ، وكذلك المنطقة ذات التأثير القوي هي منطقة الرأس وخاصة منطقة الدماغ والوجه بما فيها الفم والأذنين والأنف والعيون حيث تترك آثارا واضحة .

الصراع البرلماني بالأحذية

وفي برلمانات العالم ، كثيرا ما نسمع عبر وسائل الإعلام ، تضارب بالأحذية بين نواب المجلس الواحد كمجلس النواب أو الشعب أو غيره من الأسماء ، فتحصل المشادات الكلامية بالتلاسن أولا ، تتخللها السباب والشتائم والبصاق فالأحذية في بعض الأحيان ، وكذلك يمكن أن يلجأ بعض النواب لضرب بعضهم بفناجين القهوة أو كاسات الشاي أو زجاجات العصير أو المياه وما شابه ، فتنتشر الفوضى في أروقة البرلمان ، وتؤجل الجلسة لموعد آخر ، وتجري عملية الصلح والتصالح وإصلاح ذات البين لاحقا . والأمثلة كثيرة في هذا المضمار لا مجال لحصرها و تحديدها .
وفي هذا الأوان خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، إستخدم العديد من الأشخاص الأحذية ضد أعداءهم ، من كبار الدولة كالرؤساء ورؤساء المجالس النيابية ورئاسة الوزراء وغيرهم ، للتعبير عن غيظهم من سياستهم القمعية الظالمة وأحكامهم الجائرة ، ضد الفرد أو الجماعة ( الحزب ) أو الشعب أو الأمة ، وبما أن هذه الأحذية العصرية هي من النوع الخفيف فلن تؤثر كثيرا على المضروب ، هذا إن إصابته إصابات مباشرة ، ولكنها تبقى في مخيلته وذاكرته الفردية والذاكرة الجماعية للشعب أو الأمة أو الأمم على مدى الدهر ، وهي نوع من العقاب النفسي والحرب النفسية للمضروب التي تبقى مسجلة في تاريخ المظلم الظالم أبد الدهر ، خاصة إذا شهد على ذلك الصحافة والإعلام الإلكتروني الحديث بالصوت والصورة .
ولكن على الجانب الآخر ، سيتعرض الضارب لعقابين آني عاجل وبعيد آجل من جماعة المضروب كالحراس الأمنيين والمرافقين أو الأتباع الآخرين . ويمكن أن يفقد فيها الإنسان الضارب وعيه أو عينيه أو أنفه أو حتى ربما حياته إن لم تكن هناك صحافة وإعلام ، بدعاوى الدفاع عن النفس . وبطيعة الحال ، فإن الثائر الضارب يكون مستعدا للإصابة بالكدمات والضرب المبرح وللشهادة في سبيل بلوغ الهدف المنشود .

التدريب على الضرب .. وإصابة الهدف

هناك طريقتان لضرب الهدف المنشود والإيذاء الحقيقي ، هما :
أولا : الطريقة المخططة المبرمجة : وتتمثل في قيام الثائر على الظالم بالتدريب على كيفية تسديد الضربات الموجعة لإصابة الهدف بدقة ، والتصويب نحو الصدر أو الرأس . وهي طريقة فعالة في الوصول إلى أمنية المقاومة والمواجهة الحتمية بين الخصمين .
ثانيا : الطريقة العفوية : وتتمثل بردة فعل عفوية غير مبرمجة من الضارب للمضروب ، إثر تفوه القيادي من أصحاب المقامات الدنيوية العليا بعبارات نابية وشتائم وسباب لتحقير أناس معين موجودين في القاعة ذاتها أو الاجتماع ذاته . وتكون ردة الفعل بسيطة بضرب فردة حذاء أو فردتي حذاء للشخص الآخر المعتدي كلاميا فيكون الرد يدويا بالحذاء بالمفرق أو بالجملة .

أمثلة حية ونماذج على ضربات بالحذاء لكبار المسؤولين

يلجا المستضعف في الأرض أو المؤسسة أو الوزارة أو الجمعية أو الاجتماع العام أو الخاص ، لضرب شخص آخر ، لتقريعه واحتقاره وتوجيه ضربة أو ضربتي حذاء صائبة أو خائبة ، والضربة الصائبة أكثر إيلاما من الفاشلة سواء نفسيا أو جسديا أو كليهما معا .
وهناك الكثير من الأمثلة الحية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الحالي أو العقد الذي سبقه من القرن العشرين الخالي ، التي استخدمت فيها ضربات الأحذية على مستوى محلي أو إقليمي أو عالمي . ولعل أبرز الأمثلة على ضرب الأحذية عالميا ، في فلسطين ، والعراق وبريطانيا وأوروبا عموما وغيرها ، هي الآتي :
أولا : ضرب أرئيل شارون بالأحذية : قيام المصلين المسلمين الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك بضرب ارئيل شارون زعيم المعارضة الليكودية اليمينية الصهيونية بالأحذية بصورة جماعية ، إبان تولي إيهود باراك رئاسة الحكومة الصهيونية في 28 أيلول – سبتمبر 2000 ، حيث اقتحم ارئيل شارون ( ملك إسرائيل - غير المتوج أو غير المسمى آنذاك ) باحات المسجد الأقصى المبارك للنظر والتخطيط في أي مكان يمكن أن يوضع حجر الأساس لما يسمى بالهيكل اليهودي المزعوم ( هيكل سليمان – شلومو ) واستفزاز مشاعر المسلمين بتدنيس أقدس بقعة في الأرض المقدسة فجاءت ردة الفعل الشعبية العفوية المباشرة بمقاومة هذا الرجس النجس بالأحذية المتنوعة الجلدية والكتانية والبلاستيكية ، المتوفرة في صناديق الأحذية المخصص للمصلين في مؤخرة بناية المسجد الأقصى المسقوف أو المفتوح ، وذلك رغم وجود 3 آلاف من الحراسات البرية والجوية ، الراجلة والمحمولة ، مشيا على الأقدام والجيبات العسكرية والمدنية ، والخيول وطائرات هيلوكبتر ( عمودية ) في سماء المسجد الأقصى المبارك فخرج ذلك المجرم مذموما مدهورا مقهورا في سابقة هي الأولى من نوعها ضد مسؤول يهودي صهيوني كبير . وقد سببت زيارة شارون للمسجد الأقصى المبارك لإندلاع ثورة أو انتفاضة الأقصى المجيدة في جميع أرجاء فلسطين ، فكانت نارا لظى نزاعة للشوى ضد الاحتلال الصهيوني الظالم لفلسطين المباركة . وبهذا استحق أرئيل شارون اللقب الفخري الكبير ( أرئيل شارون الرجيم ) مثله مثل الشياط الرجيم إبليس اللعين كونه رجم في بقعة أرضية مباركة من الله عز وجل .
ثانيا : ضرب وزير الخارجية المصري أحمد ماهر : في إحدى زياراته لفلسطين ، وبعد إجتماع وزير الخارجية المصري أحمد ماهر مع قيادة الكيان الصهيوني خاصة رئيس الوزراء ارئيل شارون ووزير خارجيته سيلفان شالوم ، أراد بعد ذلك تأدية الصلاة في المسجد الأقصى المبارك ، في 22 كانون الأول 2003 ، في ظل الاحتلال الصهيوني والحراب الصهيونية ، فما كان من المصلين المسلمين في باحات المسجد الأقصى المقدس إلا أن لاحقوا هذا المسؤول المصري وضيقوا الخناق عليه ، فأصيب بضيق في التنفس وإغماء فسقط أرضا مغشيا عليه ، وطردوه وأشبعوه ضربا بالأحذية عن بعد وعن قرب الأمر الذي أدى إلى الاحتجاج الرسمي المصري على ذلك . فخرج مذموما مدحورا من المسجد الأقصى ، ولم يعد له مرة ثانية . وكان الاحتجاج ليس على تأدية الصلاة بل ضرب بالأحذية ضد السياسة المصرية التي تجري التنسيق المستمر مع يهود وصهاينة فلسطين المحتلة وتمارس الضغوط والإبتزاز ضد أهل فلسطين المحتلة المسلمين العرب .
ثالثا : ضرب الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير في 14 كانون الأول – ديسمبر 2008 ، في العراق أثناء عقد مؤتمر صحفي وداعي مفاجئ مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للعراق المحتل . فخرج من بين صفوف الصحفيين الصحفي منتظر الزيدي وألقى بفردتي حذائه في وجه الطاغية الأمريكي جورج بوش الابن ، ولكن الضربتين لم تصيبا الهدف المباشر بل أصابتا العلم الأمريكي خلف رأس الرئيس الأمريكي ، فأهين علم إمبراطورية الشر الأمريكية جهارا عيانا . وقد ضرب أثناءها الزيدي ضربا مبرحا ، وسمع أنينه عبر وسائل الإعلام الحاضرة مباشرة ، حيث طرح أرضا ، والقي به في غياهب السجون العراقية لمدة 9 شهور . وهاجت الدنيا وماجت لتعظيم هذه الثورة الحذائية ضد طاغية العالم آنذاك .
وبعد خروج الصحفي الزيدي من السجن حيث قضى 9 شهور مسجونا ، وجهت له دعوة لباريس لعقد مؤتمر صحفي عام 2009 فلقي ضربة بحذاء أصابته مباشرة من صحفي عراقي آخر من المنافسين والحاقدين عليه ويبدو أنه من ترتيب النظام العراقي الحاكم الموالي للاحتلال الأمريكي للعراق .
رابعا : إنتفاضات وثورات الأحذية في عواصم العالم : حيث خرجت العديد من المظاهرات الحذائية ذات النعال المتعددة الأشكال والأنواع في نهاية عام 2008 وخلال 2009 للاحتجاج على سياسات اقتصادية أو استعمارية معينة ، فكانت ثورة العصر ، عرفت بإنتفاضات الأحذية العالمية .
خامسا : ضرب رئيس الوزراء الصيني ( وين جياباو ) بالحذاء في لندن : إذ ضرب رئيس الوزراء الصيني في جامعة كمبريدج في العاصمة البريطانية لندن في 3 شباط 2009 عام 2009 ، من قبل شاب ، وذلك احتجاجا على السياسة الشيوعية الإلحادية الظالمة للمستضعفين المسلمين والآخرين في الصين . فكانت رسالة معنوية ونفسية موجهة للظلم الصيني ، ولكن يبقى تأثير هذه الضربات الحذائية محدودا ليس لها تأثير حقيقي يذكر على تغيير السياسات الظالمة ضد الأفراد والشعوب .
سادسا : ضرب وزير الداخلية الهندي ( بالا نيابان تشيد امبارام ) بحذاء صحفي من طائفة السيخ في العاصمة الهندية نيو دلهي 7 نيسان 2009 بسبب تهكم الوزير والرد على سؤال عن مذبحة للسيخ التي ارتكبت من حزب المؤتمر الهندي عام 1984 . ولم تصب ضربة الحذاء الوزير الهندي ، وقد تحفظ الأمن الهندي على الصحفي ثم أطلق سراحه فور دون معاقبته في حادثة فريدة من نوعها .
سابعا : ضرب رئيس المحكمة العليا الصهيونية ( دوريت بينيش ) بالحذاء : حيث ضربت رئيس المحكمة الصهيونية العليا في القدس المحتلة أثناء عقد جلسة للمحكمة للنظر في إحدى القضايا الهامة يوم الأربعاء 27 كانون الثاني – يناير 2010 . في أحدث ضرب بالأحذية ضد مسؤول قضائي كبير في الكيان الصهيوني . وقد أصيبت رئيسة المحكمة الصهيونية العليا ( دوريت بينيش ) بضربات رجل يهودي ستيني كان القضاء الصهيوني حكم لمطلقته بتعويض مالي ، فلجا للانتقام من رئيسة القضاء الصهيوني فترك الحذاء أثره الواضح في وجهها وتدخلت الحراسات الصهيونية وأشبعت الضارب ضربا مبرحا حيث لم ينجو من الإفلات بتاتا .
ثامنا : ضربات لمسؤولين يهود آخرين : مثل ضرب السفير الصهيوني في أثناء اجتماع لطلبة جامعة استوكهولم للحديث عن العدوان الصهيوني على غزة بين الكانونين 2008 و2009 ولكن الحذاء فشل في إصابة الهدف المتوقع وهو وجه السفير الصهيوني . وضرب أحد ضباط جيش الاحتلال الصهيوني في أمستردام أثناء مظاهرة للتضامن مع الشعب الفلسطيني فأصيب الضابط في وجهه .

إنتفاضة الأحذية في العالم

على العموم ، هناك الكثير من طرق الاحتجاجات على السياسات الظالمة ضد المستضعفين في الأرض ، فيحاول بعض المظلومين استخدام الأحذية للرد على سفالات وسفاهات بعض الظالمين فيلقون بأحذيتهم التي يمشون بها كأسلوب متاح لا يكلف عناء كثيرا في تجهيز وسائل المقاومة والمناهضة بشتى صورها ، فيضرب الضارب الغاضب بالأحذية ضربتين أو ثلاث ضربات بحذاء أو نعل واحد ، الضربة الأولى بالفردة الأولى ، والضربة الثانية بالفردة الثانية ، والضربة الثالثة وهي نتيجة الضربة الأولى أو الضربتين الأولى والثانية وهي الضربة الإعلامية الكبرى التي تخرج أمام أذان وأبصار العالم فيصاب المضروب بالإحباط واليأس وتبقى هذه الحادثة تلاحقه طيلة أيام حياته الباقية في الحياة الفانية ، وتبقى تقص وتناقش على
مستويات سياسية واقتصادية شعبية ورسمية عليا وصغرى على حد سواء .
ويمكننا القول ، إن هناك إنتفاضات أو ثورات إندلعت في شتى بقاع العالم كانتفاضات أو ثورات أحذية حيث يتم تجميع الأحذية القديمة ، وإلقاءها في الشوارع في العواصم أو المدن الرئيسية في أوروبا خاصة للتعبير عن رفض سياسات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو للمطالبة بتحقيق حقوق مطلبية معينة ، وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل سريع ، فأدت انتفاضات الأحذية لإغلاق الشوارع وتعطيل حركة السير والمرور وانتشار الفوضى البشرية أثناء إنعقاد مؤتمرات قمة أو مؤتمرات جماعية قارية على مستوى العالم . وهي أساليب جديدة للاحتجاجات وتنظيم المسيرات والمظاهرات .

رمزية الضرب الأحذية

الحذاء ليس له وزن ثقيل ، ووزنه يتراوح ما بين نصف كليو غرام إلى كيلو غرام واحد بالحد الأقصى للرجال لا النساء ، وبالتالي فإن الضرب بالحذاء عن بعد لا يؤلم كثيرا ، كونه ليس جامدا بل فيه فتحة كبيرة لدخول قدم الإنسان ، ولكن لضرب الحذاء رمزيه كينونة خاصة وفاضحة ، تتمثل في رمي أو قذف المسؤول بأخفض شيء في جسم الإنسان لأعلى جزء من جسم شخص آخر وهو الرأس والوجه ، وهو إيذاء معنوي رمزي بالدرجة الأولى ، ويترك رمزية إعلامية مؤثرة في نفسيات الضارب والمضرب والحاضرين على السواء . فيفرغ الضارب شحنات الانتقام والكراهية للمضروب وكأنه فعل شيئا عظيما ، بينما يتلقى المضروب صفعة أحذية تاريخية في حياته خاصة إذا كانت أمام وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيونات والفضائيات ونشرها على الانتر نت العالمية التي لا تعرف الحدود الصناعية الوهمية بين الأمم في العالم ويسهل عملية الوصول إليها في أي وقت وبثمن بخس .

كلمة أخيرة

إن إنتفاضة أو ثورة الأحذية أو النعال ، هي ثورة وسلاح الضعفاء المنادين بالتغيير والانتقام من الطغاة البغاة ، يجب أن يستخلص منها الظالمون العبر والعظات ، والصدى النفسي والإعلامي والسياسي ، ليثوبوا إلى رشدهم ، ويتبعوا سبيل الرشاد ، وأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وأن يردوا المظالم إلى أصحابها . وفي المقابل يجب أن ينتبه ويتنبه الضاربون بالأحذية بضرورة تسديد ضرباتهم لتكون موجعة ضد الطغاة البغاة الذين يحقرون الأفراد والشعوب والأمم بلا مبرر . فيا أيها المستضعفون في الأرض ثوروا فلن تخسروا سوى الأحذية وستمشون حفاة لا أحذية لكم مؤقتا ، وستنهال هدايا المال والأحذية عليكم من كل حدب وصوب .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: