الخميس، 21 يناير 2010

آيات القرآن ونغمات الهاتف الجوال .. فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ .. اسْتَفْتِ نَفْسَكَ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ


آيات القرآن ونغمات الهاتف الجوال ..

فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) }( القرآن المجيد ، الحجر ) .
وجاء في مسند أحمد - (ج 36 / ص 438) عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَإِذَا عِنْدَهُ جَمْعٌ فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ فَقَالُوا إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ فَقُلْتُ أَنَا وَابِصَةُ دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ فَقَالَ لِي : " ادْنُ يَا وَابِصَةُ ادْنُ يَا وَابِصَةُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَقَالَ يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ مَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ أَوْ تَسْأَلُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي قَالَ جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ قُلْتُ نَعَمْ فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ : اسْتَفْتِ نَفْسَكَ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ وَأَفْتَوْكَ " .

استهلال

تبارى علماء المسلمين ، منذ عشرات السنين ، في التعامل الإيجابي أو السلبي مع وسائل الاتصال العصرية ، فمنهم من حرم التعاطي مع هذه الوسائل وحظرها بصورة شاملة وكاملة ، ومنهم من تعامل مع الواقع الحقيقي ، وطلب التعاطي معها بما يفيد الرسالة الإسلامية العظيمة . والأمثلة كثيرة في هذا المجال منها التلفزيون والفضائيات والأفلام والانتر نت والهواتف الجوالة الخليوية التي يصطحبها الإنسان في جميع شؤون حياته .
على أي حال ، تلعب الاتصالات العصرية دورين مؤثرين تتراوح ما بين الخير والشر ، في الحياة الإنسانية العصرية ولا يمكن الاستغناء عنها في ظل الحضارة المتطورة من جيل إلى جيل ويتمثل ذلك بالآتي :
أولا : الدور الإيجابي حيث يمكن للتقنية الاتصالية خدمة الجميع وفق معايير وضوابط معينة ويكون لها المردود العظيم والكبير في جعل الحياة الإنسانية خيرة ميسرة ، هادية مهدية ، توفر في الجهد والوقت والمال وتساهم في نشر الثقافة والعلوم المتعددة ومن بينها العلوم الإسلامية .
ثانيا : الدور السلبي الذي يحط من كرامة الإنسان ويجعل المرء في أسفل سافلين . فيلهو الإنسان بوسائل الإتصال الحديثة ، ويجعلها شغله الشاغل ويؤذي بها الآخرين وهذا منطق أعوج يميل على الإعوجاج كثيرا .
والأجهزة التقنية الحديثة سلاح ذو حدين ، الحد الأولى للدفاع عن الحمى والثقافة والأخلاق والمثل والقيم العليا ومحاربة الفساد والمفسدين . والحد الآخر وهو قتل الآخرين نفسيا ومعنويا وماديا .

رنات الهاتف الجوال بين التحريم والإباحة في الإسلام

وفيما يتعلق بقضية التعامل مع الهاتف الجوال ( النقال أو الخليوي أو الموبايل ) فقد أصدر الكثير من المفتين الرسميين من فتاوى أتباع السلاطين ، أو المفتين الشعبيين أو الحياديين أو العلماء المسلمين في بعض دول الوطن العربي أو الإسلامي ، بتحريم وضع بعض الآيات القرآنية المجيدة أو الأذان الإسلامي رنات للهاتف النقال ( الجوال ) من ناحية شرعية ، كإجراء وقائي لا علاجي ، للحيلولة دون إهانة أو إبتذال قدسية القرآن العظيم ، كلام الله المقدس . ويمكن أن يفتي بعض هؤلاء المفتين بفتوى التحريم للحد من إنتشار الدعوة الإسلامية وتقليل التعاطي بالقرآن العظيم ، بين الناس في الدول العلمانية أو الفاجرة الكافرة الفاسقة . وفي المقابل أباح هؤلاء العلماء المسلمون وضع أدعية دينية أو أناشيد أو أغاني إسلامية وطنية بأصوات فرق أناشيد أو فرق موسيقى أو غناء أو بصوت صاحب الجوال ، للتنبيه بوجود مكالمة أو رسالة إلكترونية على الجوال وهي فتوى قيمة تستحق الثناء والتقدير من الجميع إن كانت بنية طيبة مباركة ، لصون القرآن الكريم من التدنيس والتبخيس والتنجيس .
وعلى العكس من ذلك ، أباح العديد من العلماء المسلمين في هذه البلدان استعمال آية أو آيات صغيرة كرنات تنبيهية أو تذكيرية للجوال مشترطين أن تكون آيات قصيرة ولا تخل بالمضمون والكلام القرآني العظيم ، كلام الله العزيز الحكيم .

رنات قرآنية بالجوال .. نعم .. ولكن

وفي هذا الصدد فإنني أؤيد الجهتين ، الفئة الأولى التي حرمت وحظرت استعمال بعض آيات القرآن الكريم كرنات للجوال للتنبيه بوجود مكالمة هاتفية قادمة بعيد للعامة لمن لا يستطيع منهم ضبط نفسه في السراء والضراء . والفئة الثانية التي أباحت وشرعت استخدام كلام الله المقدس للإعلام بوجود مكالمة جديدة لنخبة معينة من البشر جعلت القرآن العظيم ربيع قلوبها في جميع الأحوال داعية لاستخدام التقدم التكنولوجي في بث رسالة الإسلام العظمى بين البشر . ولكنني أتحفظ على أولئك الذي حرموا استعمال الآيات القرآنية الصغيرة كرنات بصورة شاملة وجامعة للجميع دون استثناء ، كونها لا تلجأ لاستخدام التقنية العصرية في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتحيدها بل تضعها جانبا ، ولها مبرراتها وتحليلاتها وبياناتها القولية والفعلية المقنعة أحيانا على أرض الواقع ، وكونها توصد الباب أمام أصحاب الهواتف الخليوية وتحظر عليهم وضع رنات إسلامية القلب والقالب ، وتترك المجال للبقاء على الرنات الهاتفية الموسيقية الأصلية وهي ليست سوية أو بريئة كل البراءة ، بل ترمز لشعار معين ، ديني أو طائفي أجنبي ، حزين أو سعيد ، لما لها من إغراء وتشجيع على التعامل مع الموسيقى التي تطرحها الشركة المصنعة ، وهذا خطر على الأجيال الشابة المراهقة ، وكذلك تجعل هؤلاء الناس يلجأوون لاستخدام رنات موسيقية وأغاني هابطة للمغنين الهابطين الذين يسمون أنفسهم ( الفنانين ) والأمثلة الحية كثيرة في هذا المضمار ، وبهذا تصبح حياة الأفراد موسيقى صاخبة ، تشجع الهبوط الأخلاقي والنفسي نحو الرذيلة والسفالات التي تكرس دندنات موسيقية أو أغاني وكلمات لا أخلاقية مما يساهم في نشر الإنحراف السلوكي والاجتماعي بين البشر في ظل عدم وجود مراقبة خاصة بهذا الأمر فبئس القرار . وبذلك ينطبق عليهم قول الله السميع العليم جل ثناؤه : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}( القرآن المجيد ، التين ) . فكن أخي الإنسان ممن خلقه الله في أحسن تقويم ، ويتمتع بالمثل والقيم والمثل الإسلامية العليا ، ولا ولم بل لن يرتد إلى أسفل سافلين .

ضوابط استعمال آيات القرآن الحكيم كرنات تنبيه في الجوال

برأيي الشخصي ، وأجري على الله ، العلي القدير ، الواسع الحكيم تبارك وتعالى ، فإن استعمال آيات قرآنية صغيرة وقصيرة ، تردد بين الحين والآخر ، فنعم القرار الطيب المبارك ، لمن أراد ذلك ، بحسن نية ، تساهم في نشر الإسلام ، وتعزيز القرآن الحكيم في الشخص نفسه ، وتذكير الناس القريبين بكلام الله العظيم ، في البيت والمركبة والشارع والمدرسة والجامعة والمصنع والشركة والوزارة ، في جميع الأحوال ، من حالات السكون والحركات ، شرط التقيد والإلتزام بضوابط وأفعال معينة من أهمها :
أولا : وضع رنات قصيرة وصغيرة لا تتجاوز 15 ثانية . مثل آية صغيرة أو سورة قصيرة ممن يحبها الإنسان المسلم كالإخلاص والكوثر أو العصر وغيرها .
ثانيا : إغلاق الهاتف الجوال أو وضعه بحالة الصمت أو السكون قبل أو عند دخول المسجد والعبادة وجعله على الرجاج بلا صوت أو على برنامج الضوء للتنبيه بوجود مكالمة بشرية أو رسالة إلكترونية .
ثالثا : الإلتزام ولا أقول الإلزام ، فالإلتزام الفردي الإسلامي أقوى وأولى من الإلزام لأن الإلتزام شخصي ونفسي وعقلي وعاطفي ، فهو واجب ومفروض بعدم قطع المكالمة الآتية لحامل الجوال حتى تنتهي فترة الإنذار الهاتفي بقدوم المحادثة الهوائية الإلكترونية . وترديد الآية أو السورة قبل فتح الجوال مع الرنين المبارك الطيب لأن الاستماع للقرآن محمود ومطلوب . يقول الله الواحد القهار : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)}( القرآن الحكيم ، الأعراف ) .
رابعا : إغلاق الهاتف الجوال قبل دخول الحمام كليا والأماكن النجسة أو ذات الضجيج . ومن لا يمكنه ذلك فعليه الإلتزام بالحالة الأولى من الفتوى ، وهي تحريم وضع رنات قرآنية بجواله المتنقل .
خامسا : عدم وضع رنات قرآنية لدى الجوال الذي تستخدمه المرأة البالغة التي تتعرض للحيض الشهري والنفساء .
سادسا : عدم وضع رنات في حالة الفتن أو الخوف من الأعداء الكفرة الفجرة ، لئلا يتعرض المسلم للملاحقة والتعذيب والقتل .
سابعا : عدم الرد على رنات القرآن المجيد بالجوال أثناء الجنابة سواء للرجال أو النساء .
ثامنا : إطفاء أو إغلاق الجوال أو وضعه صامتا رجاجا أثناء وجود الأعداء من الصهاينة والصليبيين والكفار ممن يؤذي حامل الجوال بالرنات القرآنية الكريمة .

تجربتي الشخصية في الجوال
تثبيت سور القرآن بالصوت والكتابة
ورنات المكالمات والرسائل الإلكترونية

بادئ ذي بدء ، أنا لست مفتيا ، ولكنني أحسب نفسي من المتدينين المسلمين ، من التيار الإسلامي الناهض ، ولا أزكي نفسي على الله الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو بكل شيء عليم ، ويعلم ما بذات الصدور ، لقد استمعت كثيرا لفتاوى دينية إسلامية متباينة أحيانا ومتناقضة أحيانا أخرى ، من مفتين عرب ومسلمين بتحريم استعمال رنات القرآن المجيد بدل رنات الموسيقى للهاتف الجوال ، واقتنعت بها وأسثنيت نفسي من هذه الفتوى ، وإلتزمت وألزمت نفسي طائعا مطيعا مجيبا وبعمق لشروط الفئة الثانية وهي الحفاظ على وضع سور قصيرة في جوالي الاثنين ، منذ عدة سنوات ، في أيار عام 2007 ، سواء لاستقبال المكالمات الهاتفية أو الرسائل الإلكترونية عبرهما أو تلاوة آيات القرآن العظيم ، عبر أحدهما ، وهي بصوت الشيخ عبد الرحمن السديس إمام المسجد الحرام بمكة المكرمة لأنني أخشع لصوته كوني أديت مناسك العمرة عام 1996 وكان يؤمنا بالمسجد الحرام ، وأديت فريضة وركن الحج الإسلامي عام 1999 وصليت خلفه في المسجد الحرام بمكة المكرمة ، ولصوته وقراءته وقع ديني إسلامي وخشوع عميق في قلبي ووجداني وعقلي وجسدي كاملا ، وكذلك عملت على تثبيت تلاوة القرآن العظيم بجوالي لسماع صوت الشيخ عبد الرحمن السديس ، كمسجل إلكتروني في أي سورة أشاء وقتما أريد ، نهارا أو ليلا ، حسب الحاجة وكذلك تثبيت القرآن كاملا ( القرآن الإلكتروني ) على أحد برامج جوالي لتلاوة القرآن المجيد حينما أكون في المسجد أو البيت أو السيارة ، فيكون جوالي بجيبي أو بجانبي الأيمن ، إذاعة إسلامية متنقلة تسير معي أينما أسير وحيثما أحط رحالي .
وبهذا فقد ، وضعت في جهاز جوالي الأول ( الأسود من فئة نوكيا ) سورة الإخلاص : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}( القرآن المجيد ، الإخلاص ) ، رنة قويمة تذكرني بإخلاص التوحيد لله الواحد الأحد وأرددها مرة أو أكثر كلما أتتني مكالمة من هنا أو هناك قبل أن أجيب طالب المحادثة الهوائية الإلكترونية ، كونها سورة قصيرة ولا تتجاوز تلاوتها بصوت الشيخ د. عبد الرحمن السديس 15 ثانية . ووضعت بجوالي كذلك سورة الكوثر لاستقبال الرسالة الإلكترونية عبر جوالي ذاته : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }( القرآن الحكيم ، الكوثر ) . حيث أرددها لكسب ثوابها الرباني قبل فتح الرسالة الآتية من الآفاق القريبة أو البعيدة .
وفي جوالي الثاني ( الأصفر من فئة موتورلا ) ، وضعت سورة قرآنية أحبها كثيرا كذلك وهي سورة العصر : { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}( القرآن المبين ، العصر ) . للتنبيه بوجود مكالمة هاتفية من بعيد أو قريب ، وذلك لتذكيري بالإيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر . وفي الجوال ذاته ، وضعت سورة النصر للتدليل على قدوم رسالة إلكترونية : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}( القرآن الكريم ، النصر ) . وهي سورة قرآنية مجيدة قصيرة تتألف من ثلاث آيات قصار كذلك ، للتذكير لأن الذكرى تنفع المؤمنين . يقول الله الحي القيوم جل وعلا : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) }( القرآن المجيد ، الأعلى ) . ويقول الله الغني الحميد عز وجل : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) }( القرآن العظيم ، الغاشية ) .
وفي حالة التنبيه الليلي قبل أن يتنفس الصبح ، في الهزيع الأخير من الليل ، وقبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، استخدم رنة أكبر شيئا ما من الرنات السابقة للتنبه من النوم عند الساعة الرابعة والنصف قبيل أذان وصلاة الفجر ، حيث وضعت مطالع سورة الفتح : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)}( القرآن المبين ، الفتح ) .
وما أحلى أن يصحو المرء على صوت القرآن العظيم ، وتعيها أذان واعية ، بتلاوة إيمانية راسخة ، ليكون نشيطا يصلي ويجهز نفسه لاستقبال اليوم الجديد من أيام الله ، مالك الملك ذو الجلال والإكرام ، ثم يتناول سحوره بأيام شهر رمضان المبارك ، أو يتناول فطوره قبل الذهاب لمكان عمله القريب أو البعيد .
وما أحلى وما أجمل وما أروع هذه السور القرآنية المجيدة بآياتها الكريمة ، تلاوة وتذكيرا وتطبيقا ، ويفزع قلبي وعقلي وجسمي عندما اسمع أغنية هابطة أو موسيقى خلاعية في جوال يرن بجانبي وأنا في السيارة أو المحاضرة أو الشارع أو المسجد أو المكان العام ؟؟؟ فشتان بين الرنينين ، رنين قرآني مجيد محبذ ، من حامل المسك ، يجعلك ذو قلب خاشع ، وجسد راكع وساجد . ورنين هابط أعوج معوج كواضعه من نافخي الكير ، يصم الأذن ويجعلها ترفض التصرفات غير الأخلاقية المراهقة تقشعر لها الأبدان وتمجها العقول التي في الرؤوس والقلوب التي في الصدور .
فيا أيها الإنسان ، يا من تحمل جوالا أو هاتفا نقالا إختر الأخلاق أو اللا أخلاق ، أو محايدا ، ولا يستويان بتاتا ، فالخير والشر نقيضان لا يمكنهما أن يلتقيان ، راجيا من الله العلي القدير أن يجعلنا ويجعلكم من عباد المخلصين الملتزمين بأوامر الله ونواهيه وأن يجعلنا هداة مهديين نسمع لكلام الله المقدس ، وأن نقرأ الدستور الإلهي القويم في حلنا وترحالنا ، وندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ونجادلهم بالتي هي أحسن . فكن أخي المؤمن ، وأختي المؤمنة ، ممن يعلنون إسلامهم جهارا نهارا ، ذو صحيفة يكثر ترديد بها القرآن الكريم ، ليكرمك الله في الحياتين الدنيا والآخرة ، ولتكن قدوة للآخرين ، ولا تضيع وقتك الذهبي الثمين ، في الاستماع والإنصات لوسائل اللهو الإلهاء الشيطاني الجهنمية ، وابتعد عن مزامير الشيطان ، لتكون من أهل الجنة السعداء وتبتعد عن أصحاب الجحيم الأشرار الأشقياء . فكن عابدا وحامدا لله تبارك وتعالى ، قياما وقعودا وعلى جنبيك وظهرك في جميع الأحوال لتتجنب الأهوال ومخالطة السفهاء الأنذال . وتذكر أن الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ، خالق الخلق أجمعين ، خلقك لعبادته . يقول الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}( القرآن الحكيم ، الذاريات ) .
وبناء عليه ، يمكننا أن نقول إن الهاتف الجوال نعمة من نعم الله الغفور الشكور ، الرحمن الرحيم ، الكثيرة في هذه الدنيا ، فلنستخدم ونستثمر هذه النعمة لمرضاة الله سبحانه وتعالى ، فلا تجعل الهاتف الجوال نقمة من نقم الشيطان الرجيم ، تبعا للحالة التي تحبذها وتطبقها في حياتك لتكون سعيدا حميدا لا جبارا عصيا عنيدا . فأجعل الهاتف الجوال ممن يعينك على تسبيح الله وطاعة أوامره واجتناب نواهيه ، لتتجنب الغرق في هموم وغموم وسموم الدنيا والآخرة لا سمح الله .
يقول الله ذو الجلال والإكرام ، أعدل العادلين وأحكم الحاكمين جل جلاله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}( القرآن المجيد ، ق ) .
كلمة طيبة أخيرة

يقول الله الملك الحق المبين سبحانه وتعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}( القرآن العظيم ، النحل ) .
وأخيرا ، أملنا كل الأمل ، وحلمنا كل الحلم في المنام واليقظة ، أن يطبق الإسلام العظيم عامة ، والقرآن المجيد خاصة ، في حياة البشرية جمعاء ، في العالم من أقصاه إلى أقصاه ، لإسعاد بني آدم السعادة الأبدية في الدارين : الدار الفانية وهي الحياة الدنيا ، التي نعيش ونقيم فيها كالمستظل تحت الشجرة سيغادرها عاجلا أو آجلا . والدار الباقية وهي حياة الخلود الأخرى ، التي ننتظرها بفارغ الصبر ، والله هو الهادي لسبيل الرشاد .
وندعو بهذا الدعاء النبوي الشريف ، كما جاء في مسند أحمد - (ج 8 / ص 63) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا " .
كما ندعو بهذا الدعاء القرآني الجليل : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد ، البقرة ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: