الاثنين، 18 يناير 2010

أفول الإختراق الأمريكي للعالم .. وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ

أفول الإختراق الأمريكي للعالم ..

وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ




د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 8) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا " .
تتعدد صور وأشكال الإختراق أو التسلل الاستعماري الأمريكي للعالم ، من أقصاه إلى أقصاه ، من الاحتلال العسكري المباشر إلى التوجيه الاقتصادي إلى الغزو الاجتماعي والثقافي والفكري والإعلامي والرياضي وغيرها . ويتم صيد الضحية عبر عدة طرق تتلخص بالمنصب الوزاري والرئاسي والمركز الاجتماعي والنفوذ الاقتصادي والحماية الاجتماعية والقيادة والزعامة السياسية والبرلمانية العامة وإشباع الذات الفردية من الهيمنة والجاهة والاستقواء على القوم والتسلط والدعم الخارجي وغيرها .
ويهدف التدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر لاحتضان قيادة دولة أو قيادة لجيش أو حزب سياسي أو مؤسسة أو جامعة أو مركز أو جمعية أو خلافها إلى التجسس السمعي والبصري والكلامي ، على ما يدور فيها ، ومعرفة بواطنها الباطنية لاجتثاثها أولا أو لتوجيهها الوجهة الأمريكية المبتغاة ، وإنتقاء البارزين فيها لترويضهم وتدجينهم والسيطرة عليهم لاستغلالهم وجعلهم مطية تمطيها السياسة الأمريكية وجهاز المخابرات المركزية الأمريكية أل ( سي آي إيه ) تارة بالترغيب وطورا بالترهيب أو بالطريقتين معا لخلخة الاستقرار في الدولة أو المنطقة الإقليمية أو الدولية وبذر بذور الرذائل والأخلاق الهابطة السافلة الفساد والإفساد في الأرض والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وبالتالي نشر الفوضى والفلتان الداخلي والإقليمي واستبعاد الأمن والأمان النفسي والاجتماعي والاقتصادي عن المنطقة المستهدفة .
فنلاحظ بعض الأفراد السفهاء أو الجمعيات الخيرية أو الأحزاب السياسية وجماعات الضغط الاقتصادية في العالم ، من شتى قارات العالم الجغرافية والبشرية ، ممن تدعمهم الأجهزة الأمريكية المدنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية والبعثات الدراسية الجامعية ، لتسير في فلكها ، فتمنح هؤلاء الناس المرتزقة ، كاحتياطي بشري خارجي للولايات المتحدة ، الجنسية الأمريكية أو الغرين كارد ، فيصبحون وكأنهم مواطنين أمريكيين ولكنهم من درجات دونية شتى لا تصل لمرتبة المواطنة الأمريكية فتسهل عملية ترميزهم وبرمجتهم ليداروا عبر ( الروموت كونترول الأمريكي ) البشري أو التقني عن بعد .
يقول الله السميع العليم جل وعلا : { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (43)}( القرآن المجيد ، العنكبوت ) .

ورب قائل يقول ، لماذا تنفق الولايات المتحدة الأمريكية ، الأموال الباهظة لكسب ود بعض جماعات الضغط العالمية سواء على شكل الأفراد أو المؤسسات أو الجماعات المتنفذة أو الأحزاب أو وسائل الإعلام هنا أو هناك ؟ . ولماذا يتخذ الكافرين أولايات الكافرة الأمريكية الفاجرة الظالمة ، أولياء من دون الله ؟
والجواب بصورة بسيطة ، هي عقلية الاستعمار والمستعمرين والاحتلال والمحتلين الخبثاء الماكرين ، وشريعة الغاب التي تسود بين أمم العالم ، في الأزمان الخالية والحالية واللاحقة ، لتجيير كل شيء لإمبراطوريتهم الأمريكية الشريرة المتهاوية الآن .
فنرى أن الإدارة الأمريكية بإدارة البيت الأبيض ، أو ما يطلق عليه مجازا ( العم سام ) تقوم بزيارات ميدانية رسمية وشعبية ، علنية وسرية ، لدولة ما أو عاصمة معينة للتعاون والتنسيق السياسي والعسكري والأمني والثقافي والاجتماعي والإعلامي وغيرها من الأشكال والصور المرئية والمخفية ، لإدارة الصراع العالمي عن قرب أو بعد حسب طبيعة الحاجة لذلك .
وفي المقابل ، على النقيض من ذلك ، هناك بعض الدول والحركات والجماعات والأفراد المناهضين للولايات المتحدة ، ممن يخترقون ويدخلون لداخل وداخل الداخل للمؤسسات الأمريكية الرسمية ، سواء في الأراضي الأمريكية ، أو في مشاريعها المتعددة الجنسيات ، في المحميات والمستعمرات والوصيات ، بقارات العالم الست عبر شتى الوسائل والأساليب ، بطريقة مناقضة للأهداف الأمريكية لسبر أغوار العقلية الاستعمارية الخبيثة ، فينقلب السحر على الساحر في هذه الحالة . وتنزوي السياسية الأمريكية في الزاوية ، فتخسر خسرانا مبينا ، في الأفراد والمعدات والأسلحة ، وتعكف على البكاء والعويل ليل نهار للتعويض عن الخسائر أو إعادة ماء الوجه لأمريكا الحزينة .
وبهذه المناسبة ، فإن الإدارة الأمريكية ، نجحت وأفلحت في شراء الذمم ، هنا وهناك ، ولكنها فشلت فشلا ذريعا في بعض المناطق أو المؤسسات أو الأحزاب فانكشف أمرها وبانت عورتها التي تحاول إخفائها بورقة التوت دون جدوى . والأمثلة الحية كثيرة في هذا المجال ، في هذا العصر وقبله ، وستفشل فشلا ذريعا خلال القرن الحادي والعشرين الحالي لأن إمبراطورية الشر الأمريكية بدأت تتهاوى عسكريا وسياسيا واقتصاديا ، فانظروا إلى الموالين والحلفاء السياسيين والعسكريين للإمبريالية الأمريكية الذين بدأت أعلامهم تنكس في عديد البلدان في العالم ، فأصبحوا عبئا متصاعدا على ولاة أمرهم الأمريكان ، وتمحصوا في العملة الدولية ( الدولار ) التي بدأت بالإنحدار التدريجي في ظل الأزمة العالمية المالية الرهيبة التي تشبه الأوضاع المتأزمة التي سبقت الحرب العالمية الثانية . ولا تنسوا التمعن في أوصال المجتمع الأمريكي المشرف على الإنهيار الذي تجتاحه المخدرات والانحلال الأخلاقي والمافيا والسرقة والفجور والدعارة والسفالات وارتكاب الكبائر والصغائر والموبقات . فالأسرة الأمريكية أضحت مفككة بكل معنى الكلمة ، وما بقي إلا الإعلان الرسمي عن وفاتها قريبا لإخراج قيد الوفاة الحتمية ، فلن ينقذها لا الحزب الديموقراطي الحاكم بزعامة باراك أوباما ، ولا الحزب الجمهوري المعارض ، والقيادة السياسية والعسكرية مفتتة ، والتعددية الحزبية السياسية صارت لا وجود لها على أرض الواقع الفعلي . والضربات العسكرية في داخل الجيش الأمريكي ، وخارجه ، وفي داخل الأجهزة الأمنية وخارجها ، أصبحت وأمست تأتيها من حيث لا ولم ولن تحتسب ، جريرة أفعالها وأقوالها القبيحة . والإفلاس المالي الشهري للعديد من البنوك الربوية في تصاعد سنوي رهيب وكأنه يحمل سوسه فيه ، والإنقلاب الاجتماعي والإعلامي أضحى قاب قوسين أو أدنى .
والأمتين العربية والإسلامية ، هي في صلب الاهتمام الصليبي الأمريكي – الأوروبي – الصهيوني ، عبر محاولات الاختراق السري أو العلني أو كليهما معا ، لتكريس الهيمنة الاستعمارية على الوطن العربي الكبير أو الوطن الإسلامي الأكبر ، أو العالم الإنساني الواسع ، فنراها تغدق مئات ملايين الدولارات الأمريكية على الأنظمة السياسية الحاكمة ، أو الأحزاب السياسية ، سواء بتقديم المساعدات النقدية المباشرة أو المعونات الاقتصادية أو الآلات والمعدات الخفيفة والثقيلة ، والترويج للصناعة الأمريكية ، للقضاء على البضائع والسلع الوطنية أو القومية في هذا البلد أو تلك . وفي سبيل تحقيق الهيمنة أو الغلبة العسكرية والسياسية والاقتصادية كذلك ، تلجأ إلى الرشاوى الجنسية باستعمال النساء الفاجرات في بيوت الدعارة وفي الأماكن العامة ، كما تلجأ إدارة البيت الأبيض الأمريكي إلى الإعلام الهابط المتعدد ، من المطبوع والمسموع والمرئي والانتر نت الذي يجمع بين جميع أنواع الوسائل الإعلامية العصرية ، فيتم استخدام الخبث والمكر والخديعة والمنكر لاقتناص الفريسة المنشودة ، لجعلها تدور في الفلك الأمريكي العام ، أو فلك الحزب الجمهوري المعارض الآن ، أو فلك الحزب الديموقراطي الحاكم الآن . ولكن هيهات .. هيهات .. فقد إقتربت ساعة الرحيل الأمريكي وأفول نجمه البغيض عن العالم ، وشمس الحرية الإسلامية والإفلات من القيود والأصفاد الأمريكية من سوف تسطع قريبا على الكرة الأرضية .
يقول الله الواسع الحكيم جل شأنه : { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)}( القرآن العظيم ، آل عمران ) .
على أي حال ، هناك من يتخذ الله وليا فاطر السماوات والأرض ، فنصر نفسه على أحابيل الشياطين ، وزعيمهم إبليس الرجيم ، وانتصر لقومه وأمته .
وهناك تحذير إلهي من موالاة الكفرة الفجرة ، يقول الله الواحد القهار : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)}( القرآن المبين ، الممتحنة ) .

وأبناء الأمة المؤمنة الإسلامية في الوطن العربي الكبير أو الوطن الإسلامي الأكبر أو في قارات العالم أجمع مدعوة لنبذ هذه السياسة الخبيثة من أشرار الولايات المتحدة ، وعدم التعامل معهم ، لأن المسلمين هم أبناء وأحفاد خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولا تباع ولا تشترى بدولارات بخسة ، فموالاة الصليبيين الكافرين والمنافقين والضالين والمغضوب عليهم بأي صورة من الصور أو شكل من الأشكال ، محرمة بالشريعة الإسلامية تحريما قطعيا ، لأن موالاتهم تعني بث الرذائل والفجور والكفر والفسوق والعصيان للرسالة الإسلامية السمحة ، بل ينبغي نصرة الإسلام والمسلمين .
يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140) }( القرآن الحكيم ، النساء ) .
وبناء عليه ، فإن المسلم لا يتخذ الكافر وليا له بأي حال من الأحوال ، بل يجب إطاعة أولي الأمر من المؤمنين ممن ثبت إيمانهم القويم ، بالاستشارة والامتثال لتعاليمهم دونما مراجعة أو انتقاص ، لأن المسلمين بعضهم أولياء بعض و لا تجوز موالاة الكفار مهما عظم شأن هذا الكافر أو ذاك ، ومهما كان اسمه ، ذكرا أو أنثى . فأحذروا أيها المسلمون في كل مكان وزمان ألاعيب السياسة الأمريكية ، التي تستنزف البعض وتدعم المعارضين له في الوقت نفسه ، لضمان سياسة الغالب ، وعدم الاكتراث بالمغلوب ، فانظروا لمشارق الأرض ومغاربها ، فالأمثلة اليومية المشاهدة هي خير صدق على ما نقول ، ونتحدث بالعموميات لا الخصوصيات لأن الخصوصيات أكبر من أن تعد وتحصى في هذا الزمان للأشرار الأمريكيين الذين سيأفل نجمهم قريبا إن شاء الله ، شاء من شاء وأبى من أبى ، فقد إنهارت قبلها الإمبراطورية البريطانية ، والإمبراطورية الفرنسية ، والإمبراطورية الألمانية والرايخ الثالث النازي ، والإمبراطورية السوفياتية ، والدور على الإمبراطورية الأمريكية ، التي عاثت وتعيث في الأرض فسادا ، حيث ستنهار أسوا إنهيار كوني عالمي ، وتجر في أسفل سافلين ، وستقتسم الدول الأخرى التركة الجغرافية الإمبراطورية الأمريكية ، وهذا ما تدركه الأجهزة الأمنية والوزارات الأمريكية حيث وصلت الكونغرس الأمريكي بجناحية الشيوخ والنواب ، دراسات وإيحاءات بائنة بينونة كبرى بهذا الخصوص ، حيث رفعت المخابرات الأمريكية مؤخرا ، التقارير تلو التقارير التي تحذر من مغبة السقوط من قمة الهرم لأسفله بصورة مفاجئة ، ليصعد نجمي الصين والهند ، من يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، بعيدا عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي .
يقول الله القوي العزيز جل شأنه : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}( القرآن المجيد ، الحج ) .
ولكن هذه التقارير الأمريكية الغبية ربما أنها تتغابى أو تتجاهل أمر الأمة الإسلامية التي ستتولى زمام الحكم لاحقا ، رغم المراهنات والملاحقات للمسلمين وعذاباتهم في شتى أنحاء العالم ، ولكن لا يمكن أن تهرب الإدارة الاستعمارية الحاكمة في البيت الأبيض إلا من قدر الله إلى قدر الله ولينصرن الله من ينصره والله غالب على أمره ولو كره الكافرون . فالنصر لأمة العرب المسلمين ، ولتعلمن نبأه بعد حين ، فانتظروا إنا منتظرون .
يقول الله الحي القيوم عز وجل : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13) إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14) مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17) }( القرآن العظيم ، الحج ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: