الخميس، 7 يناير 2010

الزواج في المجتمع الفلسطيني

الزواج في المجتمع الفلسطيني

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)}( القرآن المجيد ، الروم ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 15 / ص 498) َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " .

الزواج هو الركن الأساسي وحجر الزاوية في بناء المجتمعات وتكاثر الأمم والشعوب . فتكوين الأسرة يأتي عن طريق زواج شاب بفتاة ، فينجبون الأطفال . والخليقة بدأت بزواج شخصين اثنين ذكر وأنثى هما : آدم أبو البشر وحواء أم البشرية فأنجبا أطفالا ، وعندما تزوجوا أنجبوا بدورهم أطفالا وهؤلاء الأطفال عندما بلغوا سن الزواج تزوجوا وأنجبوا أطفالا ، وهكذا دواليك . فزاد التكاثر الطبيعي والنسل البشري إلى أن وصل في وقتنا الحاضر عدة مليارات نسمة يتوزعون على مختلف قارات العالم من آسيا إلى إفريقيا إلى أوروبا إلى الأمريكيتين إلى استراليا .
والزواج في المجتمع الفلسطيني يأخذ طابعا مميزا خاصة وان الشعب الفلسطيني في حاجة إلى زيادة عدد أفراده في الأرض المحتلة بسبب تعرضه إلى محاولات التهجير والترحيل بسبب الظروف الصعبة الحالية .
وإن عملية الزواج في المجتمع الفلسطيني حسب العادات والتقاليد والأعراف والفلسطينية تمر بأربع مراحل هامة هي : إختيار الشاب للفتاة فالخطبة فعقد القرآن فالزواج . وكل مرحلة من هذه المراحل الأربع لها خصوصياتها ومشاكلها البسيطة أو شبه البسيطة أو المشاكل المركبة المعقدة . وسوف نتناول هذه المواضيع الأربعة بشيء من التفصيل .

أولا خطبة الشاب للفتاة

عندما ينوي الشاب المقبل على الزواج أن يخطب فتاة تكون شريكة حياته فإن هناك طريقتين لا ثالث لهما لعملية الاختيار وهما :
· الطريقة الأولى : الطريقة التقليدية وهي السائدة والغالبة في مجتمعنا الفلسطيني حيث يتبعها السواد الأعظم أو الغالبية العظمى من أبناء شعبنا . في هذه الطريقة تقوم الأم أو الأب أو الأخ الأكبر أو الأخت الكبرى أو أحد الأقرباء باختيار الفتاة التي يراها أو تراها مناسبة . وفي الغالب تكون الأولوية لبنات العم أو العمة أو الخال أو الخالة ، حيث أن هناك مثلا فلسطينيا يقول إن ( ابن العم ينزل عن الفرس ) . وهناك العديد من العروسات الصغيرات منذ ولادتهن يعطين أو ( يمنحن ) لأبناء عمومتهن فيقولون فلانة لفلانة أو فلانة لفلان من الناس ، وهي طريقة تقليدية قديمة جدا يتبعها بعض الأهل . وقد سببت هذه الطريقة العديد من المشاكل بين العائلات وخاصة عند رفض بعض الشباب هذا الأسلوب من الزواج ، وكأن القضية قضية بيع وشراء . والزواج أسمى من هذا النمط البدائي من الزواج ، وقد يكون هذا النوع من الزواج من النوع الناجح جدا ، وهذا الأمر يعتمد على الشاب والفتاة المتزوجين .
· الطريقة الثانية : وهي اختيار الشاب بنفسه الفتاة التي يريدها أن تصبح شريكة حياته في المستقبل . وهذا الاختيار يتم إما عن طريقة علاقة حب بين الاثنين أو عن طريق المعرفة كالجيران والزمالة في المدرسة أو الكلية أو الجامعة أو لا الطريقتين معا : علاقة المعرفة والزمالة أو الحب . وهذه الطريقة بدأت تأخذ مجراها في مجتمعنا الفلسطيني فالأولى للشاب أن يقوم باختيار شريكة حياته بنفسه بدلا من تدخل الآخرين في ذلك فليس للمتحابين مثل الزواج القائم على الاحترام التبادل . فالمرأة تنكح لأربع كما ورد بصحيح البخاري - (ج 16 / ص 33) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " . فالتأني في اختيار شريكة الحياة مهم ، ومهم جدا ، ومطلوب إلى أبعد الحدود لتحاشي الوقوع في المشاكل في المستقبل .

ثانيا : الخطبة

وبعد اختيار العروس المنتظرة من قبل الشاب تبدأ رحلة الزواج في مرحلتها الثانية وهي الخطبة ، حيث تتوجه جاهة مكونة من الأب والأم والإخوة وبعض الأعمام والأخوال أو من الوالدين والعريس وحدهم . وفي بعض الحالات تكون بواسطة جاهة كبيرة من الحمولة أو العشيرة وأحيانا يتوجه الشخص الراغب في الزواج ليطلب يد الفتاة لنفسه وبنفسه وهذه حالة نادرة في مجتمعنا .
وحسب التقاليد الفلسطينية في الزواج ، تقوم والدة العريس وبشكل رسمي بزيارة العروس وأهلها لتحصل على الموافقة منهم ومن العروس نفسها . وفي بعض الأحيان يكون الرد سلبيا إلا أنه في أغلب الأحيان يكون الرد إيجابيا . ففي حالة الإجابة الايجابية يتوجه أهل الشاب للخطبة إلى بيت أهل العروس فيستقبلهم أهل الفتاة فيجلسون يتحدثون عن أمور عامة ويشربون الشراب البارد ( في الصيف ) والشاي ثم القهوة وضيافات أخرى ، ثم يدخلون بالحديث عن الموضوع الذي أتوا من أجله وهو موضوع الخطبة .
وهنا تبدأ المشكلة ، فالمفاصلة والتسعيرة في المهور العالية والغالية ( مشكلة غلاء المهور ليست عند الجميع ) فتتعرض لمد وجزر لكمية الأموال والفلوس والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة يريدها أهل العروس !! ثم يطلبون الغالي والنفيس بل إنهم في بعض الأحيان يطلبون ثمن – بقرة جحا – أو ( مال قارون ) كما يقول المثل الشعبي العربي حيث يشرعون في تعداد الشروط والمواصفات المطلوبة من الواحد للعشرة إن لم يكن أكثر من شقة كاملة إلى إنفصال كلي عن الأهل إلى مهر قد يبلغ أكثر من عشرة آلاف دينار أردني – كما حصل مع بعض الشبان – هو المهر المعجل . أما توابع المهر فقد تكون أكثر بكثير من المهر الأساسي المعجل مثل غرفة نوم وغرفة سفرة وغرفة استقبال ومطبخ وصالون وأثاث بيت بكذا ألف دينار أردني ومصاغ ذهب بكذا ألف دينار أردني وأشياء أخرى يعجز اللسان عن ذكرها والأرقام عن كتابتها ، إن كتابتها ربما يضرب القلم عن العمل والكتابة وتجف الصحف فجأة احتجاجا على هذا الظلم والتعسف الاجتماعي .
وهناك المهر المؤجل وهو عادة أضعاف مضاعفة للمهر المعجل لضمان مستقبل الفتاة كما يقول أهلها . وهذا الشيء في رأيي لا غبار عليه إذ أنه يوجد بعض الشباب الطائشين ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يكون الرباط المقدس الحقيقي ما بين الشاب والفتاة إن لم يكن هناك تفاهم وتعاون فيما بينهما . وقد لا توجد مفاصلة وتسعيرة في المهر عند بعض العائلات إذ عندما يتقدم الشاب لخطبة ابنتهم فإنهم لا يشترطون شروطا ومواصفات ، وهناك العديد من الحالات بل المئات إن لم يكن الآلاف تزوجت الفتاة فيها بمهر معجل قدره دينار أردني واحد أو دينار ذهبي واحد ، ومهر مؤجل مقداره مائة أو ألف دينار أو ألفي دينار أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة آلاف دينار أردني ، لا خلاف عليه بموضوع المهر المؤجل . وهناك بعض الناس من يطلب دينار أردني واحد كمهر معجل ويعجز الشاب المتقدم لخطبة ابنته أو أخته فيعجز عن تلبية الطلبات المختلفة والمتعددة من السكن إلى مصاغ الذهب والفضة وشروط الخطبة ولما يقدمه من مشروبات واستئجار إحدى الصالات في الفنادق الفخمة أو ما شابهها ، وكأن هذه المواضيع مهمة بل إن هذه المواضيع لا ضرورة لها على الإطلاق وخاصة في وضعنا الاقتصادي المتردي في هذه الأيام . فلماذا البذخ والتبذير في المصاريف والطلبات المتعددة والمتنوعة هذه والتي لا سقف لها ولا قاع بل ما بين السماء والأرض ؟

ثالثا : عقد القران بين الشاب والفتاة
( صك الزواج )
المرحلة الثالثة من الزواج هي عقد القران ( بفتح الفاء ) ، وفي هذه المرحلة بعد اختيار الفتاة وبعد الموافقة والاتفاق على المهر المعجل والمهر المؤجل ، فإن الشاب يستدعي المأذون الشرعي من المحكمة الشرعية بفلسطين القريبة من مكان سكناه أو سكن الفتاة ، في الإسلام ، أو يذهب لقاضي المحكمة الشرعية . ويذهب الشاب الفلسطيني النصراني للكنيسة عند المسيحيين . فعند حضور المأذون الإسلامي يتم عقد كتاب أو صك الزواج المخصص لذلك ، ويتم عقد القران ودفع المهر ويجب حضور شاهدي عدل وولي أمر الفتاة حيث جاء ب مسند أحمد - (ج 5 / ص 180) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ " . وفي حديث آخر ، ورد في المعجم الكبير للطبراني - (ج 13 / ص 27) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : " لا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ " .
وبعد عقد القران أو كتب كتاب الزواج وقراءة الفاتحة تصبح الفتاة حليلة وزوجة الشاب الذي كتب عليها الكتاب بشكل شرعي . وفي بعض الأحيان يختلف أهل العروس على مقدار المهر المعجل أو المؤجل ، وهناك حالات حال الخلاف حولها من كتب كتاب الزواج للشاب والفتاة نتيجة الخلاف على طلبات الأهل سواء أهل الشاب أو الفتاة وتزمتهما وعدم مرونتهما .
وفي هذا المجال نناقش مزايا رخص المهور وغلائها ، ومن الذي يتحمل المسؤولية في عدم إقدام الشباب على الزواج في سن مبكرة وخاصة في مجتمعنا الفلسطيني المعرض للاجتثاث والاقتلاع ومحاولات التهجير والترحيل الجار له على قدم وساق من قبل الأعداء إلى خارج الوطن الفلسطيني . فالزواج المبكر مطلوب من أجل إنجاب أطفال لفلسطين يكونون أجيال المستقبل المشرق للشعب الفلسطيني .




مزايا رخص المهور
جاء في سنن النسائي - (ج 10 / ص 492) عَنْ أَنَسٍ قَالَ : خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ : " وَاللَّهِ مَا مِثْلُكَ يَا أَبَا طَلْحَةَ يُرَدُّ وَلَكِنَّكَ رَجُلٌ كَافِرٌ وَأَنَا امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَتَزَوَّجَكَ فَإِنْ تُسْلِمْ فَذَاكَ مَهْرِي " ، وَمَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَأَسْلَمَ فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرَهَا .
قَالَ ثَابِتٌ فَمَا سَمِعْتُ بِامْرَأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أَكْرَمَ مَهْرًا مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الْإِسْلَامَ فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ

إن رخص المهور لا يدل على أن الفتاة قيمتها رخيصة ، بالعكس فكلما كانت المهور المعجلة وأشدد على كلمة المعجلة رخيصة كلما كان الإقبال على سوق الزواج كبير وكبير جدا ، أي أن هناك علاقة طردية بين رخص المهور وزيادة الإقبال على الزواج . كما أن هناك علاقة طردية بين غلاء المهور والعزوف والابتعاد عن الزواج ، أي انه كلما كانت المهور غالية وعالية كلما كان الإقبال على – سوق الزواج – ضئيلا جدا . وهناك عدة ميزات وحسنات لرخص المهور ( أقلهن مهرا أكثرهن بركة ) . جاء في مسند أحمد - (ج 51 / ص 123) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً " . وأهم هذه الميزات في المجتمع الفلسطيني ما يلي :
1. زيادة التكاثر وإنجاب العديد من الأطفال الذين يكونون جيل المستقبل فالشعب الفلسطيني بحاجة ماسة إلى أكبر عدد ممكن من الأطفال .
2. التكاثر المستمر الدؤوب ليحافظ على وجوده داخل فلسطين المحتلة .
3. عدم انتشار الفساد بين الشاب والمراهقين ( الزنا ) وملاحقة الفتيات بشكل خاص بسبب الزواج في سن مبكرة .
4. الابتعاد عن التفكير في أمور ثانوية بعيدة – بعد السماء عن الأرض – عن قضايا الشعب والوطن التفكير في كيفية العمل من أجل توفير المال اللازم للزواج مع صعوبة تجميع الأموال في هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة المتدهورة والمتردية والمتجهة من سيء إلى أسوأ ، بالإضافة إلى ذلك فالتسهيل والتسيير في الصداق أو المهر يؤدي إلى عدم معاناة الزوج من تبعية الديون وكثرتها المتراكمة والملقاة على عاتقه . وبالنتيجة فغلاء المهور يؤدي إلى مشاكل عديدة وعويصة وصعوبات تقف حائلا وسدا منيعا تحول بين الشباب والزواج مع ما يجلبه غلاء المهور من تأثيرات سيئة على مجتمعنا الفلسطيني هذه التأثيرات التي نحن لسنا بحاجة إليها .
وفيما يلي أهم سيئات غلاء المهور :
يسبب غلاء مهر الفتاة إلى عدة مشاكل ومصاعب تقف أمام الشاب الراغب في الزواج من إحدى الفتيات وأهمها : عزوف الشباب ( ابتعادهم ) عن الزواج وارتكاب الموبقات والمحرمات الإسلامية أحيانا ، وهذا يؤدي إلى فساد وفتن وانحلال في المجتمع واختلاط الحابل والنابل ، وقد يؤدي غلاء المهور في بعض الأحيان إلى اختطاف الفتيات والتزوج بهن من الشباب بدون رضى أو علم أهلن وما يتبع ذلك من مشاكل بالإضافة إلى أن الغلاء يؤدي إلى بقاء عدد كبير من الفتيات البالغات سن الزواج في بيوت أهلن عانسات وخاصة المتعلمات منهن لأنهن كن قد بلغن سنا كبيرا نظرا للاستمرار في متابعة التعليم في المراحل الجامعية . وبدأت – ظاهرة العنس – أي بقاء البنات البالغات سن الزواج فما فوق في بيوت أهلهن دون زواج ، بالانتشار بشكل واسع نتيجة غلاء المهور ، وفي بعض الأحيان تحجز الفتاة بنت العم إلى ابن عمها وقام هذا الشاب أو ذالك بتركها لسبب أو لآخر وهذا ناجم عن سوء بعض العادات والتقاليد المتبعة .
وكذلك يؤدي غلاء المهور في بعض الأحيان إلى زواج الشباب الفلسطينيين بخاصة الفئات المثقفة والمتعلمة من فتيات أجنبيات لأنهم لا يدفعون مهورا لهن ولا يطلبن أواق أو كيلوات ذهب وفضة ودزينات من الملابس الأنيقة . وقد أدت سياسة غلاء المهور في بعض الحالات أيضا إلى شقاء بعض الأزواج بسبب تراكم الديون التي كانوا قد اقترضوها من أجل الزواج . بالإضافة إلى ذلك ، فإن غلاء المهور يؤدي إلى عدم تمكين الشباب أو الشابات من الزواج في سن مبكرة بانتظار توفير الأموال والفلوس لدفع مهر العروس ، وكأنها سلعة تباع وتشترى ، وكأننا في سوق الرق حيث كان يتم البيع والشراء للكائن البشري . وهذا ما تأباه النفوس والطباع البشرية السوية . إذن فلا داعي لغلاء المهور من أجل المصلحة العامة والخاصة ومن أجل العمل على بناء المجتمع بناء سليما لا يشوبه أو يعتوره أي حادث سيء أو جرائم ، فرخص المهور مطلب ملح وطنيا ودينيا وقوميا واقتصاديا في آن واحد وخاصة أن هذا الشعب يعاني من مشكلة ( صراع البقاء ) مع الأعداء الطارئين الغرباء من شتى قارات العالم .

أسباب غلاء المهور
هناك عدة أسباب رئيسية وأساسية حسب ما يدعيه الآباء والأمهات تحدو بهم إلى إتباع سياسة غلاء المهور ، وأهم هذه الإدعاءات الباطلة ما يلي :
1. اعتقاد أهل الفتاة أنه كلما كان قيمة مهرها أغلى وأكثر كلما كانت هناك قيمة أكثر للبنت في المجتمع . وهذا الكلام مغلوط وخاطئ في المجتمع .
2. من الضروري أن تكون الفتاة الجميلة والمتعلمة أكثر مهرا من غير المتعلمة لتكون قيمتها أغلى .
3. وهناك من يقول إن غلاء مهر البنت يضمن عدم زواج الشاب مرة ثانية وثالثة على زوجته الأولى مما يؤدي إلى عدم العدالة بينهن وكثرة المشاكل المترتبة على ذلك والصدامات والخلافات الدخيلة بين أهل الزوجين .
4. ضمان الحياة الزوجية المستقرة : هناك من يدعي الكلام أيضا غير العملي وغير الصحيح فالمادة من الفلوس لا تقل أو تضمن الحياة الزوجية السعيدة . فكم من زوج غني ماليا لكن حياته الزوجية بائسة وتعيسة بل جحيم لا يطاق من شدة اللظى واللهب ، . وكم من زوج فقير المال والفلوس يعيش حياة زوجية هادئة وهانئة وسعيدة مع زوجته وتحت حياة بسيطة جدا .
5. وهناك من يقول إن المهر يضمن عدم طلاق الفتاة خاصة عند الشاب الطائش الهائم على وجهه .
6. والبعض يردد أن الفتاة منذ ولادتها وحتى كبرها كلفت مصارف كثيرة وإنه يجب استرداد هذا المبلغ أو بعضا منه . ومن يقول هذا فكأنما أراد أن يسمن خروف أو عجلا ويريد أن يبيعه للربح ، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى التخلف والجهل بأمور الحياة الزوجية السعيدة .
ونحن إذ نتحدث عن غلاء المهور فإننا لا نعمم على الجميع ( فالناس أجناس ) وكل نفس ترد النبع الذي تريده . إلا أن المنطق والمعقول وخاصة في مجتمعنا الفلسطيني يقول إن غلاء المهور خطأ جسيم وجريمة ما بعدها جريمة إذ ليست الفتيات للتجارة والتسويق . فهذا الغلاء يولد مشاكل وصعوبات تقف حائلا أمام بناء مجتمع سليم وخال من المشاكل والأمراض والآفات الاجتماعية قائم على أساس الحب والتعاون والتفاهم والوئام والعمل الدؤوب من أجل أن يحيا الإنسان حياة سعيدة طيبة .

من يتحمل مسؤولية غلاء المهور ؟
هناك طرفان أساسيات يتحملان مسؤولية غلاء المهور وهما : أهل الفتاة والفتاة نفسها . إلا أنه في معظم الحالات فإن المسؤول الأول والأخير هم الآباء والأمهات وبقية الأهل فهم يظنون ، وخاب ظنهم ، أنه كلما كان مهر الفتاة غاليا كلما زادت قيمتها أمام زوجها وأهله بشكل خاص وكافة النساء بشكل عام . وهذا الأمر غير صحيح على الإطلاق فإنه ليس بالضرورة أن كل شيء باهظ الثمن هو ممتاز .
أما المسؤول الثاني عن غلاء المهور فهو الفتيات أنفسهن ، لأنهن راشدات ولم يعدن قاصرات في سن الطفولة أو رقيقات يبعن بأغلى الأثمان وكأنهن سلع تجارية . فالأولى أن يؤخذ رأي الفتاة في موضوع المهر ، ويجب أن تكون لها الكلمة وأقول الفصل من هذا الموضوع من الناحية الايجابية ، أي العمل على تخفيض وترخيص قيمة المهور وكذلك هناك مسؤولية كبيرة ولكنها ثانوية تقع على عاتق الشباب الذين يقبلون بمسألة غلاء المهور ، ولا نعفي المؤسسات الوطنية والجمعيات الشعبية والجماهيرية لأنها لم تحتل وتأخذ الدور المطلوب منها من أجل العمل على تخفيض المهور وتسهيل وتيسير أمور الزواج وتوابعه .

رابعا : الزواج

وتأتي المرحلة الرابعة من مسيرة الزواج الاجتماعي الرسمي ، بعد عقد القران – أو كتب الكتاب – من قبل المأذون الشرعي قد يستمر الشاب لفترة قصيرة أو متوسطة أو طويلة ، أيام أو أسابيع أو سنوات ، حسب رغبته أو اتفاق الأهل أو العروسين معا ، في مرحلة الخطوبة وتتأخر المرحلة الرابعة والنهائية من مراحل الزواج .
والزواج لغة يعني الاقتران وحسب التعريف الاجتماعي : هو إتحاد جسمي بين الذكر والأنثى أو بين الرجل والمرأة اتحادا شرعيا يعترف به ويقره المجتمع من خلال إقامة شعائر وحفلات خاصة ويترتب على الزواج حقوقا وواجبات لكلا الطرفين ، الداخل والمدخول به . وقد حثت كافة الشرائع السماوية على الزواج الشرعي ووضعت وحددت له قوانين وأنظمة . والعادات والتقاليد الفلسطينية تحث وتشجع على الزواج ، وتحدث الدين الإسلامي عن الزواج من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة . حيث تقول الآية الكريمة حاثة وحاضة على الزواج : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)}( القرآن العظيم ، الأنفال ) . والنسل أو القوى البشرية من أهم صراع القوى .
وورد في سنن الترمذي - (ج 4 / ص 260) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " .

وجاء في الآية القرآنية الكريمة ، حيث يقول الله عز وجل : { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}( القرآن الحكيم ، الروم ) .
وللزواج أهداف عدة أهمها : التكاثر وإنجاب الأطفال وإشباع الرغبات الجنسية لدى الرجل والمرأة حيث ورد في سنن أبي داود - (ج 5 / ص 431) جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ لَا ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : " تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ " .
وللزواج غايات سياسية واجتماعية ونفسية وصحية فهو يعمل على تحقيق التوازن والتعاون والتفاهم بين أفراد المجتمع . فالزواج وجد من أجل التكافل الاجتماعي والتعارف بين الناس من أجل الاستقرار والسكينة والهدوء لكلا الجنسين الذكر والأنثى ، والمودة والرحمة . والزواج متعة ومسؤولية وتأتي مسؤوليته في كون الأسرة تشكل دولة صغيرة تدبر شؤون الأفراد فيها من اجل حياة سعيدة .
وفيما يلي استعراض لمسيرة الزواج في مرحلته النهائية في غالبية المجتمع الفلسطيني ،
: فبعد عقد القران يذهب العريس والعروس وحدهما أو مع الأهل لشراء الصيغة من الذهب وجهاز العروس أو ما يعرف ب - الكسوة – من ملابس ليوم الحنة والزفة ولشهر العسل ، وطقم النوم أو الأثاث والبحث عن سكن إن لم يكن هناك عقار يملكه الشاب ، وإذا ما أضفنا هذه المصاريف إلى المهر إذا كان مقدر بالآف الدنانير فإن الشاب لا يمكنه أن يتحمل هذا العبء الهائل ، إلا إذا عمل على توفير الفلوس بمساعدة أهله من أجل العروس لفترة تزيد في المتوسط عن عشر سنين ، وهذا أمر مدهش ومدهش جدا ، ؟؟ إذ لماذا هذه التكاليف الباهظة ؟؟ هل أصبحت الفتاة سلعة تباع وتشترى ؟! لا إن الفتاة إنسانة مثلها مثل الرجل لها حقوقها وعليها واجبات في الوقت ذاته ، والزواج مطلب وحق طبيعي لكلا الجانبين الذكر والأنثى ، إذا كانا بالغين سن الرشد وسن الزواج . ومشكلة غلاء المهور ليست هي المشكلة الوحيدة التي تعترض سبيل الشباب وتقف عقبة كأداء وحجر عثرة أمام زواجهم بل إن مصاريف الخطبة من مشروبات ساخنة وباردة وفنادق وذهب - على قد المقام – وعقد قران وكسوة ملابس للعروس والعريس قد تشمل شراء الملابس لأهالي العروس أو العريس أو كليهما أو بعضا منهم ، بالإضافة إلى حفلات السهرة والغناء والطرب وما رافقها من غذاء أو عشاء للمشاركين في حفلات السهرة قد يكون عددهم بالمئات أو الالآف ؟؟
وبعد الانتهاء من تجهيز جهاز العروس والعريس من صياغة الذهب وملابس صيفية – والصيف هو موسم الزواج الحقيقي – وربيعيه وخريفية وشتوية يأتي دور حفلة السهرة للرجل والحنة للعروسة للنساء ( إن كان يوجد تقليد للحناء ) . وتسبق عادة ليلة السهرة يوم الزفاف حيث يدعو ويعزم العريس أهل البلد ومعارفه من خارج البلد إن كان له معارف وأصدقاء وأقرباء ويحضر الحداية والمغنين والفرق الموسيقية وفرق الدبكة الشعبية ، من الزجالين الشعبيين ، وهذا ما تشتهر به منطقة الشمال الفلسطيني من تلك الليلة خاصة في الريف . ومن الملاحظ والملفت للنظر أن أعراس وحفلات الزواج أصبحت تأخذ في أيامنا هذه طابعا وطنيا وإسلاميا إما بشكل جزئي أو كلي وذلك حسب الظروف . فأصبحت الأعراس تنقلب وتتحول إلى مكان تجميع للشباب والأهالي والأصحاب ، وأضحت وأمست مهرجانات حاشدة للقاء الأهل والأحبة ، وعادة يتبع السهرة طبخ ونفخ وتطبيل وتزمير وغناء من أجل التحضير لليوم التالي الذي يطلق عليه ( يوم الزفاف ) ، هذا اليوم المنشود الذي لا بد أن يأتي على كل شاب وفتاة يرغبون في الزواج والاقتران ببعضهما البعض .
وحسب الأعراف والتقاليد الفلسطينية فإن ليلة ( الحناء ) تكون عند العروس حيث تجبل ( الحنة – الحناء ) وتحنى العروس والبنات الحاضرات للحنة إذ يتم توزيع هذه المادة والتي تعطي لون أصفر على أحمر على أيدي البنات وترقص وتغني النساء للعريس والعروس وتحمل الشموع .
وفي يوم الزفاف الفلسطيني ، يطبخ أهل العرس الأكلة الشعبية التي تسمى ( المنسف ) باللحم والأرز ، والطبخ عادة من لحم الخراف والعجول وقد يكون من لحم الدجاج في حالات نادرة . أو توزيع المشروبات والعصائر الباردة والشيكولاته . وفي الغالب تذبح الذبائح إما من العجول أو الخرفان ورز وخبز يقطع إلى قطع صغيرة ولبن وصنوبر حيث يتم وضعها تحت السنة النيران الملتهبة تحت الحطب لتنضج . وبعد الانتهاء من تلبيس العريس أو حمام العريس ( سابقا – في هذا الأيام يلبس العريس بدلته وحده ) تأتي الزفة للعريس حيث يركب العريس إما على الحصان أو في السيارة أو مشيا على الأقدام فتجتمع حوله الجماهير الغفيرة التي تحضر زفة تناول طعام الغداء . وبعد الانتهاء من تناول الطعام يقدم النقوط وهو عبارة عن مساهمة مالية نقدية تعطى للعريس أو من يتولى هذه المهمة ، من هدايا عينية كأكياس الأرز والسكر وأحيانا يرفض العريس أخذ النقوط المالي . وتعطى العروس النقوط من أهلها وصديقاتها وقريباتها الحاضرات ، وبعد ذلك يدخل العريس على عروسه في ليلة الدخلة . وبعد أسبوع يأتي للمباركة للعرسان بعض الأقارب والأصدقاء والأحبة .
وإما أن يتبع الزواج السعادة والهناء وإما أن يتبعه التعاسة والشقاء ، متمنين لجميع الأزواج السعادة والهناء والمحبة والوئام والتفاهم والحب المتبادل المشترك من أجل بناء مجتمع فلسطيني قوي متراص كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا .

ظاهرة الطلاق

انتشرت ظاهرة الطلاق ، بمعنى ابتعاد الزوج عن زوجته وانفصالهما عن بعضهما البعض رسميا بالمحكمة الشرعية ، في المجتمع الفلسطيني كغيره من المجتمعات الإنسانية العالمية ، بصورة لم يسبق لها مثيل وأخذت هذه الظاهرة تنتشر وتمتد بشكل جنوني فهزت وقوضت أواصر وأركان مئات الأسر الفلسطينية سنويا حيث تشكل نسبة 11 % ، وكان بالامكان الاستعاضة عن الطلاق والانفصال التام التفاهم والهجران لفترة من الوقت ، وعدم اللجوء إلى هذه الظاهرة السيئة ( إن أبغض الحلال عند الله الطلاق ) كما يقول الحديث النبوي الشريف الوارد في سنن أبي داود - (ج 6 / ص 91) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ " . إلا أن وجود الخلافات ووصول المفاوضات بين شريكي الحياة لطريق مسدود غالبا ما يؤدي إلى الطلاق أو الابتعاد طويلا عن الزواج .
ومن أسباب انتشار ظاهرة الطلاق : عدم استئذان الفتاة عند الزواج ، إذ أن هناك عشرات بل مئات الحالات من الطلاق كانت نتيجة عدم توافق الزوج مع زوجته قبل الزواج بسبب عم استشارة الفتاة على موضوع الزواج بل ممارسة الضغط على الفتاة من أجل الزواج من أحد الأقارب أو أصحاب العائلة . وهناك سبب هام أيضا غالبا ما يؤدي إلى الطلاق وهو تدخل الأهل في شؤون الزوجين الداخلية ولا نستثني أهل الزوج أو أهل الزوجة بل قد يكون أحدهما أو كليهما هو اسبب في الطلاق وافتراق الزوجين ، وكذلك سوء معاملة الزوجة أو الزوج ، وبخل بعض الأزواج ، فتظهر الخلافات والمشاحنات الكهربائية وغير الكهربائية فيلجأ أحد الزوجين إلى طلب الطلاق . وبالإضافة إلى كل ما ذكر ، فإن لهب الغيرة والتبرج والخروج السافر للمرأة وعدم إنجاب الأطفال من أحد الزوجين ، قد تكون سببا فعليا من أسباب الطلاق . وللطلاق كما أسلفنا صفات سيئة وغير حسنة على الأفراد وعلى المجتمع ككل إذ يؤدي الطلاق إلى مشاحنات وخصام بين أهل الزوج وأهل الزوجة لفترات قد تصر أو تطول وقد تستمر ابد الدهر ، مما يؤدي إلى هز أركان المجتمع المحلي وإلى تشتت الأطفال الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا أبناء لهؤلاء الزوجين الفاشلين في حياتهما الزوجية ، غير الموفقين وهذا الأمر ينعكس بطبيعة الحال على المجتمع بشكل سلبي وسلبي جدا إذ يضعف العلاقات الاجتماعية والعلاقات الأخوية بين أفراد المجتمع ويولد جو من عدم الثقة والنفور بين الناس لذا ينصح بعض الحكماء بالأمور العائلية بالأمور التالية :
- الاستغناء والاستعاضة عن الطلاق والفراق الزوجي بالزواج على المرأة مرة ثانية وثالثة ورابعة كما جاء بالقرآن الكريم : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}( القرآن المبين ، النساء ) .
- وبما أن الزواج شراكة حياتية دائمة فيجب أن يختار الزوج شريكة حياته ، أو تختار الفتاة شريك حياتها ، بالموافقة عبر التوافق في المأكل والمشرب والطباع والأخلاق . وأن يسأل الشاب عن الفتاة المتدينة الصالحة ومن ابنة والدة مؤمنة صالحة ، لا تحب البهرجة والزينات المتناقضة مع الإسلام ، أو فتاة لها شخصيتها المستقيمة وأن يكون للفتاة الكلمة الفصل في الزواج .
- إتباع أسلوب الهجران بدلا عن الطلاق للحفاظ على نفسية سوية للأولاد بعيدا عن التعقيد الاجتماعي السلبي طيلة فترة حياتهم .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام علكيم ورحمة الله وبركاته .

ملاحظة هامة : نشرت هذه المادة الإعلامية بتصرف ، على أربع حلقات متسلسلة في صحيفة ( الفجر ) المقدسية ، الأعداد 4147 ، 22 / 7 / 1986 ، ص 7 ، 4148 ، 23 / 7 / 1986 ، ص 7 ، 4149 ، 24 / 7 / 1986 ، ص 7 ، 4150 ، 25 / 7 / 1986 ، ص 7 . بقلم : كمال شحادة .

ليست هناك تعليقات: