السبت، 30 يناير 2010

الدولار الأمريكي بين الإفلاس والإنهيار .. قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ يا أهل الوقار

الدولار الأمريكي .. بين الإفلاس والإنهيار

قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ يا أهل الوقار


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73) يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 12 / ص 459) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " .

استهلال

تقترن العملة القومية الأمريكية ( الدولار ) بالاحتلال والاستغلال والظلم الاقتصادي الأمريكي للعالم عن طيب خاطر أو عن طريق القهر والابتزاز فالاستعمار .. فتمعنوا في الشركات العابرة للقارات يا ذوي الإبصار ..
الدولار الأمريكي وما أدراك ما الدولار ؟ إنه قريبا سينهار ! فانتظروا الغد وسط رابعة النهار .. وسيجر خلفه الويلات والدمار .. الدمار الاقتصادي والعسكري والاجتماعي والسياسي وفي المقدمة سيكون إنهيار المصارف الأمريكية ضمن مشاريع الإسكان والإقراض والاستثمار .. انتظروا أو لا تنظروا فالقول سيقترن بالفعل وسيصبح كأنه قد تحقق وصار ..

الدولار على شفا الإنهيار ..

فالويل لأمريكا بعد إنهيار الدولار ؟ فلا تتعاملوا بهذا النجس الخالي من الوقار ؟ فلا تودعوا أموالكم المرصودة بالدولار .. واستغنوا عنه بالذهب فلا اليورو ينفع ولا الجنيه الإسترليني البريطاني ولا الروبية الهندي ولا الروبل الروسي ولا اليوان الصيني ولا الين الياباني واستثنوا من ذلك الدينار .. فالدينار دينار ولو طار .. فالدينار السوداني والأردني والكويتي والليبي والجزائري بوحدتها الجامعة ( الدينار الإسلامي ) كما كانت زمن الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية ستكون العملة القادمة يا أهل الوطن الإسلامي الأكبر والوطن العربي الكبير ويا أهل الديار ..


فيا أهل الدينار الإسلامي هبوا وقاطعوا أصحاب الدولار .. ولا تخشوا في الله لومة لائم .. وإياكم أن تُستغلوا وتُحتلوا كما فُعل بالعراق قبل الاحتلال والدمار .. فقد استبدل العراق أيام صدام حسين الدولار واعتمد اليورو ولكن خاب ظنه في اليورو يا أصحاب القرار .. وقبل وقت قصير بنهاية عام 2009 اعتمدت إيران اليورو مستبدلة بذلك دولار الماسونية والصليبية الفجار ..
فيا أمة العرب ويا أمة الإسلام كفوا عن الاستبدال بالاستبدال يا معشر الفقراء ويا معشر التجار .. يا أهل النفط والغاز الطبيعي والتجارة الدولية والاقتصاد الوطني إن لم تستيقظوا فسوف تخسرون أموالكم وأنتم نائمون في القيلولة منتصف النهار ..

الدينار الإسلامي هو الخيار ..

فالحل الأمثل يكون بصك عملة جديدة عربية إسلامية يتوحد خلفها الانتعاش والتقدم والإزدهار الاقتصادي يا أهل النفط والغاز والثمار .. ويكون اسمها الدينار الإسلامي تلبسوا تاج الكرامة والوقار .. وبعدها يكلل النظام السياسي الإسلامي بالكرامة والعز والفخار ويرفع المسلمون فوق رؤوسهم إكليل الغار .. وسيسود الدينار الإسلامي للتسعير النفطي والسلعي والعقارات والأرض في جميع أنحاء الكرة الأرضية وسيدخل كل قطر من الأقطار .. فانقذوا عملاتكم من الخسوف والكسوف ولا تطلقوا عليها أسم الدولار .. تيمنا بالعملة الأمريكية يا دعاة الحرية والاستقلال الوطني من حركات الأحرار .. فتبا وسحقا وتعسا للدولار ، وتبا للدولار ، ثم تبا للدولار ..

فلن تجنوا يا معشر الناس في العالم من الدولار الأمريكي فرادى وجماعات وشعوب وأمم ، سوى الهم والغم والسكري ورفع الضغط والجلطات والخسارة في التجارة والأسهم أينما استثمرتم واعتمدتم العملة الدولية المعروفة بالدولار .. فالدولار وما أدراك ما الدولار إنه شر مستطير وسيطر كما طارت العملات من قبله فأسألوا أهل الذكر والتذكر والتاريخ والجغرافيا والسياسة يا معشر الأمم وقت الأسحار .. فكم من مغلوب على أمره ، يدعي أنه الغالب ويستبق الأحداث وكأنه شيئا صار كأنه ما صار .. فلاحظوا خسوف وكسوف الدولار أمام العملات الورقية العالمية والمعدنية كالذهب والفضية يا أهل العُشر والمعشار ..
ونحيطكم علما بأن الدولار سيختفي عن الأنظار .. فخذوا الحيطة والحذر ولا تستهينوا بالأمر يا معشر التجار ويا معشر أرباب المصالح الاقتصادية العابرة للقارات ، فاسحبوا ودائعكم قبل أن تأزف الأزفة ، وتخسروا ما لديكم من أموال في وقت لا يفيد فيه إتخاذ القرار .

الدولار عملة جند إبليس الأشرار ..

ويا أهل الشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج فلا تخافوا أمة الدولار وأمة اليورو والين واليوان ، فالله يحفظكم ويرعاكم من الإندثار .. ولتكن لكم العبرات والعظات يا أهل الفضل والشهامة من أهل الجر والإنجرار .. الإنجرار نحو الهاوية والجحيم والسعير ، أولئك هم جند إبليس الشيطان الرجيم الأشرار .. فارجموا الدولار وطلقوه طلاقا بائنا بينونة كبرى ، لا رجعة فيه يا أهل السداد في جميع الأمصار .. فلاحظوا الأزمات المتلاحقة والمتعددة الأشكال التي تهزم الدولار .. فقد انخفضت قيمته في القرن العشرين الماضي بعشرات المرات بلا عدد ولا إحصاءات رسمية وشعبية يا قراء المقال من الذكور والإناث من فئات الصغار والكبار ..
فلا الفئات الورقية الأمريكية بأعدادها السبع التي هي بلا رصيد ذهبي ، تنفع من الدولار والدولارين والخمسة دولارات والعشرة دولارات والعشرين دولارا والخمسين دولارا والمائة دولار .. فهلا جربتم ذلك يا أعزاء الاقتصاد في العالم ويا أهل العشر والأعشار ؟ .. وسيطير الدولار إن عاجلا أو آجلا ، كما طار غيره مع عواصف الرياح ويندثر كالغبار .. فاسعوا أولا ثم ترقبوا ذلك الوعد يا أخيار .. يوم الحزن الأليم والفرح العظيم إنه يوم الإندثار بل نهاية الإنهيار ، مصير الكفار ، ونهاية أطياف رؤساء أمريكا من المحتلين الأشرار .. فعوا ذلك يا أولي الابصار ..
يقول الله العلي الكبير جل جلاله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)}( القرآن الحكيم ، غافر ) .
يا أيها الناس ، فثوبوا إلى رشدكم وتوبوا توبة نصوحا إلى ربكم الله الواحد القهار .. ولا تبقوا تتبعوا الاحتلال والاستعمار من إمبراطورية الشر الأمريكية ينبوع الشر وقيادتها الأشرار .. وقوموا لاستعمال العملات المذكورة في القرآن المجيد يا أهل الحمى ويا أهل الطاعة الأبرار ، وجاهروا بهذا الأمر قبل فوات الأوان بالليل قبل قدوم النهار .

الدولار عملة الربا للفجار

يا أهل الإسلام لا تنجسوا جيوبكم وودائعكم بالعملة المترهلة في مصارف الربا الرأسمالية أو الاشتراكية والعلمانية ، وسابقوا إلى إتخاذ القرار .. وأي قرار هذا القرار .. الذي يزيل الهموم والغموم يا أهل النخوة الأحرار ..
ولا تبخسوا الناس أشيائهم يا أهل الحل والعقد ويا أهل الشورى ويا أهل الجراح في الجو والبحر والبر يا أهل التصدي والتحدي الاقتصادي والعسكري والسياسي والإيديولوجي فلا تلحقوا بأهل الخسارة والبوار .. فإياكم والثعالب والضباع البشرية ولا تجعلوها طيورا لكم ، وسيطير من طار وطار في سالف الأزمان والقرون ، فهذه سنة الله في خلقة فهو العلي القدير الأحد الجبار ..
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ، وجنة عرضها عرض السماوات والأرض قبل فوات الأوان أعدت للمتقين من أهل البر والجهاد المتعدد في اليابسة والمحيطات والبحيرات والأنهار والبحار .. فلا تكونوا من أهل الجحيم ، ولا تتبعوا أهل الشقاق والنفاق فتكونوا من الكفار الفجار ..
أعبدوا الله .. وابتعدوا عن عملة الدجال من أهل النار

فالدولار الورقي في العالم هو وهم من أوهام الحياة الاقتصادية والسياسية والعسكرية الأمريكية ، ليس له سند مالي أو معدني أو اقتصادي أو سياسي فما له من إقرار .. وقد بدأ يهوي من قمة الهرم للقاع وسيندثر تمام الإندثار .. إنه الإنهيار فالانهيار ثم الانهيار .. فلا تنفعه هرميته المتسلقة غير المتألقة ، ولن تنفعه عين الدجال الفوقية الناتئة على أحد جانبيه ولا الهيكل الماسوني كرمز الشر والأشرار .. فقد صنع الماسونيون الأشرار العملة الأمريكية منذ زمن جورج واشنطن فافحصوا رسوم وكتابات الدولار .. فلا تكونوا من أصحاب الجحيم والسعير من أهل النار ، بل كونوا من أصحاب النور وأتباع النور سينير الله سريرتكم وعلانيتكم يا أكرم الخلق على الله الواحد القهار .. فلا تعبدوا الدولار .. فلا تعبدوا الدولار ثم لا تعبدوا الدولار .. وأعبدوا الله الواحد القهار .. فكل شيء خلقه الله وعنده منه بقدر ومقدار .. فلا تغرنكم الحياة الدنيا ، فهي جنة الكفار .. وجنان الخلد عند الله الملك مالك الملك الغفار .. خصصها للمحسنين المتقين الأبرار .. فلا تفلسوا بالدنيا والآخرة أيها الناس ، فالإفلاس الدنيوي القريب يتمثل بالاستمرار بامتلاك الدولار الأمريكي الهابط كالزئبق المتأرجح ، والإفلاس الأخروي لمن يتعامل مع أعداء الله العلي الكبير عن سبق الإصرار والإكبار .. فهل درستم وتدارستم طلب الصين بالتخلي عن الدولار الزائف المنهار .. كعملة عالمية يا أهل الدثور والإدثار .

كلمة أخيرة للمتقين الأخيار

وأخير ، تذكروا قول الله الواحد القهار : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) }( القرآن الكريم ، آل عمران ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . يا أهل الثورة ضد الفساد والمفسدين والسفهاء فتذكروا هذه المبادئ على مدى السنين يا ثوار .

الخميس، 28 يناير 2010

ثورة ضرب الأحذية

ثورة ضرب الأحذية

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) }( القرآن المجيد ، البقرة ) . ويقول الله الحميد المجيد عز وجل : { وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162)}( القرآن العظيم ، الأعراف ) .
ويقول الله الحي القيوم جل وعلا : { فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)}( القرآن المبين ، الشعراء ) .
ويقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) }( القرآن الحكيم ، طه ) .

إستهلال

يستخدم الأشخاص المدافعين عن أنفسهم أو الذين يشنون الغزوات والهجوم على الأعداء ، عدة وسائل بدائية تقليدية أو عصرية متقدمة من الأسلحة البرية والجوية والبحرية ، أو الحصار والمقاطعة الاقتصادية أو المقاطعة الاجتماعية أو قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية أو الحرب النفسية أو الحرب الإلكترونية ، كما يستخدم بعض الناس السلاح الأبيض ضد أعدائه ، كالسكاكين والفؤوس والسيوف والشرخات ، بغض النظر إن كانوا ظالمين أو مظلومين . وفي أحيايين قليلة يستخدم بعض الناس العصا أو الأحذية لضرب الخصوم . والأحذية لها مؤثرات فعلية في رد كيد الأعداء وتوجيه سهامها باتجاه أجساد الأخرين عن قرب أو عن بعد ، والتاثير الرمزي المعنوي لضرب الأحذية عن بعد خاصة لكبار المسؤولين المتنفيذين في الشعب أو العالم يلقي بظلاله الإعلامية والسياسية لرفض سياسة أو سياسات معينة .

الضرب بالعصا من المعجزات الإلهية

من قراءة بعض الآيات القرآنية المجيدة ، في سور : البقرة ، والأعراف ، والشعراء ، وطه ، نجد أن سياسة الضرب بالعصا هي من المعجزات الربانية لنبي الله الكليم موسى بن عمران عليه السلام ، تمثل بعضها بضرب الحجر أو الصخر الجامد لتنفجر منه ينابيع المياه ، وقت إنقطاع الماء عند بني إسرائيل القدماء في صحراء مصر ، لتعرف كل قبيلة مشربها من ينابيع المياه ، وتمثلت بعض ضربات العصا لموسى عليه السلام في ضرب البحر الأحمر للخروج النبوي الموسوي بقومه من مصر ، فانفلق البحر لشطرين ومر المستضعفون في الأرض آنذاك الهاربون من جحيم فرعون الدنيوي .
وفي سياق آخر ، فإن خلع النعلين كما ورد بالقرآن العظيم ، يكون في المكان المقدس كالمساجد الإسلامية ( بيوت الله في الأرض ) لتأدية الصلاة الفردية أو الجماعية ، أو الواد المقدس في صحراء سيناء المصرية ، كما طلب رب العالمين من نبي الله موسى عليه السلام لمحادثته وتكليمه بالهداية الربانية .

الضرب بالأحذية في المعارك البشرية

من جهة أخرى ، تبرز ثقافة ضرب الأحذية أو النعال ضد الأعداء بين الحين والآخر ، التي نحن بصددها ، وهي وسيلة قديمة لمقاومة الأعداء والإنتصار عليهم بحرب نفسية وإعلامية لقول كلمة الحق ومقارعة أوهام الباطل باستخدام وسيلة ليست ثقيلة للمقاومة ، ولا يمكن منعها من الأجهزة الأمنية والحراسة المرافقة ، بأي حال من الأحوال في الأماكن العامة والاجتماعات الخاصة ، وهذا السلاح البسيط هو الحذاء أو النعل الذي يلبسه صاحبه بالمفرد أو أصحابه بالمجموع فيكون وسيلة حربية لصفع الأعداء .
ويلجأ لهذه الحرب البدائية الأشخاص من ذوي الشكيمة القوية والعقول الرشيدة لإزهاق الباطل وقرع الجرس لتستمر ثورة لاحقة من الأحذية ضد الظالمين أو العتاة البغاة الذين يلحقون الأذى بالأشخاص أو الشعوب أو الأمم على مر التاريخ البشري .
وسياسة القذف بالحجارة أو الضرب بالعصا أو بالأحذية ضد السفهاء المتنفذين الذين بغوا في الأرض هي سياسة مرة يستخدمها المستضعفون في الأرض فينتصرون ويتغلبون على الأعداء بقوة الحق وليس بقوة ضربة الحذاء أو العصا أو الكرباج أو السياط ، فيعد هؤلاء المهاجمين الضرب بوسائلهم التقليدية الخاصة عندما يعدمون الوسيلة لكيد أعدائهم وإلحاق الهزيمة المدوية ضدهم ، وتسفيههم ورد الصاع صاعين لهم ولو من الناحية المعنوية . إذ أنه من المعروف أن الحذاء لا يلحق الكثير من الأذى ضد المهجوم عليهم عن بعد فيمكن أن تصيب فردة من زوج الأحذية أو الفردتين على التتابع أحد أطراف جسد المضروبين ، كالوجه أو الصدر أو الظهر أو غيرها ، ولكن ما يلحق الضارب من الأذى من البطانة الفاسدة من حول الظالم يمكن أن تكون أكثر بكثير من ألم الظالم المضروب .

كيفية الضرب والإيذاء المؤلم

من خلال استقراء وملاحظة طرق استخدم سياسة الضرب بالأحذية ، خلال الفترة السابقة ، نرى أن الضارب كفرد أو الضاربين كجماعة يكونون من الذكور ، وجها لوجه ، ضد المعتدين الأعداء ، فتكون هذه الثورة بالأحذية نوع من مقاومة الطغاة بأسلوب الكر والثبات وليس الكر والفر ، إذ لا مجال للضارب من الهرب في قاعة مغلقة ذات حراسات مشددة خاصة إذا كان المضروب أو المضروبين من ذوي النفوذ الكبير كرئيس دولة أو رئيس حكومة أو رئيس محكمة أو نائب أو غيره من الصفات التمثيلية من أصحاب المقامات الدنيوية العليا . وقد لوحظ أن هذه السياسة الحذائية لا تلجأ لها النساء إلا بين بعضهن البعض أحيانا ، في عراك نسوي داخلي أو شد الشعر ، ولم يتم تسجيل حادثة إعلامية شهيرة ضربت فيها إمرأة رجلا أو إمرأة أخرى مسؤولة أو مشهورة ، ويمكن أن يؤذي حذاء النساء أكثر من حذاء الرجل خاصة إذا كان من الكعب العالي بمساميره الناتئة البارزة .
وأفضل طرق الضرب هي الإقبال لا الإدبار ، بمعنى ضرب المراد ضربه وجها لوجه ، لإلحاق الأذى به في الوجه والفكين والأنف والفم والرأس ، هي الضرب القريب وليس البعيد وتصويب الهدف بدقة . والطريقة الثانية وهي طريقة الإدبار ، وهي أقل تأثيرا ، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون المضروب هاربا أو أنهى أقواله في المؤتمر الصحفي أو إختتم الاجتماع الكبير أو المغلق فيلحقه الضارب ليسدد ضربة أو ضربتين له في قفاه ، أو ظهره ، أو مؤخرته ، وهي أقل تأثيرا وإيلاما للمضروب .
على أي حال ، إن سياسة الضرب التقليدية بالأحذية انتشرت منذ القرون الماضية ، حيث كان يتم تصنيع الأحذية من المطاط والخشب ( قبقاب ) أو جزمة ثقيلة ، وكان الشخص الضارب يستخدم فردة من زوج الحذاء ، ليضرب الشخص المراد إهانته عدة مرات بفردة الحذاء نفسها ، عبر التكرار سواء على الرأس أو الجوانب أو بقية أجزاء الجسد ، إلا أن الأكثر إيلاما من الناحية الصحية هي ضرب الذكر على عضوه التناسلي ، من الناحية الصحية العنيفة ، فيطرح المضروب أرضا ، وكذلك المنطقة ذات التأثير القوي هي منطقة الرأس وخاصة منطقة الدماغ والوجه بما فيها الفم والأذنين والأنف والعيون حيث تترك آثارا واضحة .

الصراع البرلماني بالأحذية

وفي برلمانات العالم ، كثيرا ما نسمع عبر وسائل الإعلام ، تضارب بالأحذية بين نواب المجلس الواحد كمجلس النواب أو الشعب أو غيره من الأسماء ، فتحصل المشادات الكلامية بالتلاسن أولا ، تتخللها السباب والشتائم والبصاق فالأحذية في بعض الأحيان ، وكذلك يمكن أن يلجأ بعض النواب لضرب بعضهم بفناجين القهوة أو كاسات الشاي أو زجاجات العصير أو المياه وما شابه ، فتنتشر الفوضى في أروقة البرلمان ، وتؤجل الجلسة لموعد آخر ، وتجري عملية الصلح والتصالح وإصلاح ذات البين لاحقا . والأمثلة كثيرة في هذا المضمار لا مجال لحصرها و تحديدها .
وفي هذا الأوان خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، إستخدم العديد من الأشخاص الأحذية ضد أعداءهم ، من كبار الدولة كالرؤساء ورؤساء المجالس النيابية ورئاسة الوزراء وغيرهم ، للتعبير عن غيظهم من سياستهم القمعية الظالمة وأحكامهم الجائرة ، ضد الفرد أو الجماعة ( الحزب ) أو الشعب أو الأمة ، وبما أن هذه الأحذية العصرية هي من النوع الخفيف فلن تؤثر كثيرا على المضروب ، هذا إن إصابته إصابات مباشرة ، ولكنها تبقى في مخيلته وذاكرته الفردية والذاكرة الجماعية للشعب أو الأمة أو الأمم على مدى الدهر ، وهي نوع من العقاب النفسي والحرب النفسية للمضروب التي تبقى مسجلة في تاريخ المظلم الظالم أبد الدهر ، خاصة إذا شهد على ذلك الصحافة والإعلام الإلكتروني الحديث بالصوت والصورة .
ولكن على الجانب الآخر ، سيتعرض الضارب لعقابين آني عاجل وبعيد آجل من جماعة المضروب كالحراس الأمنيين والمرافقين أو الأتباع الآخرين . ويمكن أن يفقد فيها الإنسان الضارب وعيه أو عينيه أو أنفه أو حتى ربما حياته إن لم تكن هناك صحافة وإعلام ، بدعاوى الدفاع عن النفس . وبطيعة الحال ، فإن الثائر الضارب يكون مستعدا للإصابة بالكدمات والضرب المبرح وللشهادة في سبيل بلوغ الهدف المنشود .

التدريب على الضرب .. وإصابة الهدف

هناك طريقتان لضرب الهدف المنشود والإيذاء الحقيقي ، هما :
أولا : الطريقة المخططة المبرمجة : وتتمثل في قيام الثائر على الظالم بالتدريب على كيفية تسديد الضربات الموجعة لإصابة الهدف بدقة ، والتصويب نحو الصدر أو الرأس . وهي طريقة فعالة في الوصول إلى أمنية المقاومة والمواجهة الحتمية بين الخصمين .
ثانيا : الطريقة العفوية : وتتمثل بردة فعل عفوية غير مبرمجة من الضارب للمضروب ، إثر تفوه القيادي من أصحاب المقامات الدنيوية العليا بعبارات نابية وشتائم وسباب لتحقير أناس معين موجودين في القاعة ذاتها أو الاجتماع ذاته . وتكون ردة الفعل بسيطة بضرب فردة حذاء أو فردتي حذاء للشخص الآخر المعتدي كلاميا فيكون الرد يدويا بالحذاء بالمفرق أو بالجملة .

أمثلة حية ونماذج على ضربات بالحذاء لكبار المسؤولين

يلجا المستضعف في الأرض أو المؤسسة أو الوزارة أو الجمعية أو الاجتماع العام أو الخاص ، لضرب شخص آخر ، لتقريعه واحتقاره وتوجيه ضربة أو ضربتي حذاء صائبة أو خائبة ، والضربة الصائبة أكثر إيلاما من الفاشلة سواء نفسيا أو جسديا أو كليهما معا .
وهناك الكثير من الأمثلة الحية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الحالي أو العقد الذي سبقه من القرن العشرين الخالي ، التي استخدمت فيها ضربات الأحذية على مستوى محلي أو إقليمي أو عالمي . ولعل أبرز الأمثلة على ضرب الأحذية عالميا ، في فلسطين ، والعراق وبريطانيا وأوروبا عموما وغيرها ، هي الآتي :
أولا : ضرب أرئيل شارون بالأحذية : قيام المصلين المسلمين الفلسطينيين في المسجد الأقصى المبارك بضرب ارئيل شارون زعيم المعارضة الليكودية اليمينية الصهيونية بالأحذية بصورة جماعية ، إبان تولي إيهود باراك رئاسة الحكومة الصهيونية في 28 أيلول – سبتمبر 2000 ، حيث اقتحم ارئيل شارون ( ملك إسرائيل - غير المتوج أو غير المسمى آنذاك ) باحات المسجد الأقصى المبارك للنظر والتخطيط في أي مكان يمكن أن يوضع حجر الأساس لما يسمى بالهيكل اليهودي المزعوم ( هيكل سليمان – شلومو ) واستفزاز مشاعر المسلمين بتدنيس أقدس بقعة في الأرض المقدسة فجاءت ردة الفعل الشعبية العفوية المباشرة بمقاومة هذا الرجس النجس بالأحذية المتنوعة الجلدية والكتانية والبلاستيكية ، المتوفرة في صناديق الأحذية المخصص للمصلين في مؤخرة بناية المسجد الأقصى المسقوف أو المفتوح ، وذلك رغم وجود 3 آلاف من الحراسات البرية والجوية ، الراجلة والمحمولة ، مشيا على الأقدام والجيبات العسكرية والمدنية ، والخيول وطائرات هيلوكبتر ( عمودية ) في سماء المسجد الأقصى المبارك فخرج ذلك المجرم مذموما مدهورا مقهورا في سابقة هي الأولى من نوعها ضد مسؤول يهودي صهيوني كبير . وقد سببت زيارة شارون للمسجد الأقصى المبارك لإندلاع ثورة أو انتفاضة الأقصى المجيدة في جميع أرجاء فلسطين ، فكانت نارا لظى نزاعة للشوى ضد الاحتلال الصهيوني الظالم لفلسطين المباركة . وبهذا استحق أرئيل شارون اللقب الفخري الكبير ( أرئيل شارون الرجيم ) مثله مثل الشياط الرجيم إبليس اللعين كونه رجم في بقعة أرضية مباركة من الله عز وجل .
ثانيا : ضرب وزير الخارجية المصري أحمد ماهر : في إحدى زياراته لفلسطين ، وبعد إجتماع وزير الخارجية المصري أحمد ماهر مع قيادة الكيان الصهيوني خاصة رئيس الوزراء ارئيل شارون ووزير خارجيته سيلفان شالوم ، أراد بعد ذلك تأدية الصلاة في المسجد الأقصى المبارك ، في 22 كانون الأول 2003 ، في ظل الاحتلال الصهيوني والحراب الصهيونية ، فما كان من المصلين المسلمين في باحات المسجد الأقصى المقدس إلا أن لاحقوا هذا المسؤول المصري وضيقوا الخناق عليه ، فأصيب بضيق في التنفس وإغماء فسقط أرضا مغشيا عليه ، وطردوه وأشبعوه ضربا بالأحذية عن بعد وعن قرب الأمر الذي أدى إلى الاحتجاج الرسمي المصري على ذلك . فخرج مذموما مدحورا من المسجد الأقصى ، ولم يعد له مرة ثانية . وكان الاحتجاج ليس على تأدية الصلاة بل ضرب بالأحذية ضد السياسة المصرية التي تجري التنسيق المستمر مع يهود وصهاينة فلسطين المحتلة وتمارس الضغوط والإبتزاز ضد أهل فلسطين المحتلة المسلمين العرب .
ثالثا : ضرب الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير في 14 كانون الأول – ديسمبر 2008 ، في العراق أثناء عقد مؤتمر صحفي وداعي مفاجئ مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للعراق المحتل . فخرج من بين صفوف الصحفيين الصحفي منتظر الزيدي وألقى بفردتي حذائه في وجه الطاغية الأمريكي جورج بوش الابن ، ولكن الضربتين لم تصيبا الهدف المباشر بل أصابتا العلم الأمريكي خلف رأس الرئيس الأمريكي ، فأهين علم إمبراطورية الشر الأمريكية جهارا عيانا . وقد ضرب أثناءها الزيدي ضربا مبرحا ، وسمع أنينه عبر وسائل الإعلام الحاضرة مباشرة ، حيث طرح أرضا ، والقي به في غياهب السجون العراقية لمدة 9 شهور . وهاجت الدنيا وماجت لتعظيم هذه الثورة الحذائية ضد طاغية العالم آنذاك .
وبعد خروج الصحفي الزيدي من السجن حيث قضى 9 شهور مسجونا ، وجهت له دعوة لباريس لعقد مؤتمر صحفي عام 2009 فلقي ضربة بحذاء أصابته مباشرة من صحفي عراقي آخر من المنافسين والحاقدين عليه ويبدو أنه من ترتيب النظام العراقي الحاكم الموالي للاحتلال الأمريكي للعراق .
رابعا : إنتفاضات وثورات الأحذية في عواصم العالم : حيث خرجت العديد من المظاهرات الحذائية ذات النعال المتعددة الأشكال والأنواع في نهاية عام 2008 وخلال 2009 للاحتجاج على سياسات اقتصادية أو استعمارية معينة ، فكانت ثورة العصر ، عرفت بإنتفاضات الأحذية العالمية .
خامسا : ضرب رئيس الوزراء الصيني ( وين جياباو ) بالحذاء في لندن : إذ ضرب رئيس الوزراء الصيني في جامعة كمبريدج في العاصمة البريطانية لندن في 3 شباط 2009 عام 2009 ، من قبل شاب ، وذلك احتجاجا على السياسة الشيوعية الإلحادية الظالمة للمستضعفين المسلمين والآخرين في الصين . فكانت رسالة معنوية ونفسية موجهة للظلم الصيني ، ولكن يبقى تأثير هذه الضربات الحذائية محدودا ليس لها تأثير حقيقي يذكر على تغيير السياسات الظالمة ضد الأفراد والشعوب .
سادسا : ضرب وزير الداخلية الهندي ( بالا نيابان تشيد امبارام ) بحذاء صحفي من طائفة السيخ في العاصمة الهندية نيو دلهي 7 نيسان 2009 بسبب تهكم الوزير والرد على سؤال عن مذبحة للسيخ التي ارتكبت من حزب المؤتمر الهندي عام 1984 . ولم تصب ضربة الحذاء الوزير الهندي ، وقد تحفظ الأمن الهندي على الصحفي ثم أطلق سراحه فور دون معاقبته في حادثة فريدة من نوعها .
سابعا : ضرب رئيس المحكمة العليا الصهيونية ( دوريت بينيش ) بالحذاء : حيث ضربت رئيس المحكمة الصهيونية العليا في القدس المحتلة أثناء عقد جلسة للمحكمة للنظر في إحدى القضايا الهامة يوم الأربعاء 27 كانون الثاني – يناير 2010 . في أحدث ضرب بالأحذية ضد مسؤول قضائي كبير في الكيان الصهيوني . وقد أصيبت رئيسة المحكمة الصهيونية العليا ( دوريت بينيش ) بضربات رجل يهودي ستيني كان القضاء الصهيوني حكم لمطلقته بتعويض مالي ، فلجا للانتقام من رئيسة القضاء الصهيوني فترك الحذاء أثره الواضح في وجهها وتدخلت الحراسات الصهيونية وأشبعت الضارب ضربا مبرحا حيث لم ينجو من الإفلات بتاتا .
ثامنا : ضربات لمسؤولين يهود آخرين : مثل ضرب السفير الصهيوني في أثناء اجتماع لطلبة جامعة استوكهولم للحديث عن العدوان الصهيوني على غزة بين الكانونين 2008 و2009 ولكن الحذاء فشل في إصابة الهدف المتوقع وهو وجه السفير الصهيوني . وضرب أحد ضباط جيش الاحتلال الصهيوني في أمستردام أثناء مظاهرة للتضامن مع الشعب الفلسطيني فأصيب الضابط في وجهه .

إنتفاضة الأحذية في العالم

على العموم ، هناك الكثير من طرق الاحتجاجات على السياسات الظالمة ضد المستضعفين في الأرض ، فيحاول بعض المظلومين استخدام الأحذية للرد على سفالات وسفاهات بعض الظالمين فيلقون بأحذيتهم التي يمشون بها كأسلوب متاح لا يكلف عناء كثيرا في تجهيز وسائل المقاومة والمناهضة بشتى صورها ، فيضرب الضارب الغاضب بالأحذية ضربتين أو ثلاث ضربات بحذاء أو نعل واحد ، الضربة الأولى بالفردة الأولى ، والضربة الثانية بالفردة الثانية ، والضربة الثالثة وهي نتيجة الضربة الأولى أو الضربتين الأولى والثانية وهي الضربة الإعلامية الكبرى التي تخرج أمام أذان وأبصار العالم فيصاب المضروب بالإحباط واليأس وتبقى هذه الحادثة تلاحقه طيلة أيام حياته الباقية في الحياة الفانية ، وتبقى تقص وتناقش على
مستويات سياسية واقتصادية شعبية ورسمية عليا وصغرى على حد سواء .
ويمكننا القول ، إن هناك إنتفاضات أو ثورات إندلعت في شتى بقاع العالم كانتفاضات أو ثورات أحذية حيث يتم تجميع الأحذية القديمة ، وإلقاءها في الشوارع في العواصم أو المدن الرئيسية في أوروبا خاصة للتعبير عن رفض سياسات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية أو للمطالبة بتحقيق حقوق مطلبية معينة ، وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل سريع ، فأدت انتفاضات الأحذية لإغلاق الشوارع وتعطيل حركة السير والمرور وانتشار الفوضى البشرية أثناء إنعقاد مؤتمرات قمة أو مؤتمرات جماعية قارية على مستوى العالم . وهي أساليب جديدة للاحتجاجات وتنظيم المسيرات والمظاهرات .

رمزية الضرب الأحذية

الحذاء ليس له وزن ثقيل ، ووزنه يتراوح ما بين نصف كليو غرام إلى كيلو غرام واحد بالحد الأقصى للرجال لا النساء ، وبالتالي فإن الضرب بالحذاء عن بعد لا يؤلم كثيرا ، كونه ليس جامدا بل فيه فتحة كبيرة لدخول قدم الإنسان ، ولكن لضرب الحذاء رمزيه كينونة خاصة وفاضحة ، تتمثل في رمي أو قذف المسؤول بأخفض شيء في جسم الإنسان لأعلى جزء من جسم شخص آخر وهو الرأس والوجه ، وهو إيذاء معنوي رمزي بالدرجة الأولى ، ويترك رمزية إعلامية مؤثرة في نفسيات الضارب والمضرب والحاضرين على السواء . فيفرغ الضارب شحنات الانتقام والكراهية للمضروب وكأنه فعل شيئا عظيما ، بينما يتلقى المضروب صفعة أحذية تاريخية في حياته خاصة إذا كانت أمام وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيونات والفضائيات ونشرها على الانتر نت العالمية التي لا تعرف الحدود الصناعية الوهمية بين الأمم في العالم ويسهل عملية الوصول إليها في أي وقت وبثمن بخس .

كلمة أخيرة

إن إنتفاضة أو ثورة الأحذية أو النعال ، هي ثورة وسلاح الضعفاء المنادين بالتغيير والانتقام من الطغاة البغاة ، يجب أن يستخلص منها الظالمون العبر والعظات ، والصدى النفسي والإعلامي والسياسي ، ليثوبوا إلى رشدهم ، ويتبعوا سبيل الرشاد ، وأن يؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وأن يردوا المظالم إلى أصحابها . وفي المقابل يجب أن ينتبه ويتنبه الضاربون بالأحذية بضرورة تسديد ضرباتهم لتكون موجعة ضد الطغاة البغاة الذين يحقرون الأفراد والشعوب والأمم بلا مبرر . فيا أيها المستضعفون في الأرض ثوروا فلن تخسروا سوى الأحذية وستمشون حفاة لا أحذية لكم مؤقتا ، وستنهال هدايا المال والأحذية عليكم من كل حدب وصوب .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الأحد، 24 يناير 2010

المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني وداعا ؟! 25 / 1 / 2006 - 2010

المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني وداعا ؟!

25 / 1 / 2006 – 2010


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) . وورد في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 21) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ " .
وجاء في سنن ابن ماجه - (ج 11 / ص 442) كان أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ اخْتِلَافًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ " .

استهلال

إنتهت يوم الأحد 24 كانون الثاني – يناير 2010 الولاية القانونية والبرلمانية للمجلس التشريعي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وذلك بعد أربعة أعوام من الانتخابات البرلمانية الفلسطينية الثانية لانتخاب 132 نائبا ، التي جرت وفق النظامين الانتخابيين ( نظام الدوائر الست عشرة دائرة بنظام الأغلبية النسبية البسيطة ، ودائرة الوطن بالتمثيل النسبي كدائرة واحدة – الضفة الغربية وقطاع غزة دائرة واحدة ) في 25 كانون الثاني – يناير 2006 ، وفازت فيها القوائم الآتية :
أولا : قائمة التغيير والإصلاح المنبثقة عن حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ب 74 مقعدا فحازت على المرتبة الأولى ، رغم أنها دخلت الانتخابات التشريعية للمرة الأولى علما بأنها رفضت خوض الانتخابات التشريعية الأولى في 20 كانون الثاني – يناير 1996 . وشكلت هذه القائمة حكومة فلسطينية من لون واحد ، استمرت من آذار 2006 حتى آذار 2007 . تعرضت فيها لحصار مالي واقتصادي وسياسي ودبلوماسي صهيوني وعربي ودولي بتأثير من الولايات المتحدة الأمريكية . ثم تزعمت حكومة الوحدة الوطنية من آذار 2007 حتى 14 حزيران 2007 بالتعاون مع حركة فتح وغيرها من بعض الحركات والأحزاب الفلسطينية ولكن الحصار لم يرفع عن حكومة الوحدة الوطنية . وبعدها حصل الانقسام الداخلي والفتنة الأهلية بين جناحي الوطن ( قطاع غزة والضفة الغربية ) وبقيت حركة حماس تدير شؤون قطاع غزة بمساحته 363 كم2 وسكانه 1.5 مليون نسمة وسط حصار خانق من الجهات الأربع باستثناء فتح معبر رفح لبعض الوقت بين الحين والآخر .
ثانيا : فازت فيها حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) ب 45 مقعدا فحصلت على المرتبة الثانية ، رغم دخولها الانتخابات التشريعية العامة للمرة الثانية ولديها تجربة سابقة . وفي 17 حزيران 2007 عملت حركة فتح على إدارة شؤون الضفة الغربية الداخلية ( حكم ذاتي للسكان وجزئيا للأرض ) بالتعاون مع قائمة الطريق الثالث وبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مثل الجبهة الديموقراطية وجبهة النضال وفدا وبعض المستقلين . وتحالفت مع قائمة الطريق الثالث لتشكيل حكومة فلسطينية بمدينة رام الله بالضفة الغربية بقيادة الطريق الثالث ، في 17 حزيران – يونيو 2007 حتى الآن .

ثالثا : فازت قائمة الشهيد أبو علي مصطفى المنبثقة عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ب 3 مقاعد .
رابعا : فازت قائمة الطريق الثالث بمقعدين . وعين عضوا منها رئيسا لحكومة الطوارئ الفلسطينية برام الله في 17 حزيران 2007 . وعضوا آخر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 27 آب 2009 .
خامسا : فازت قائمة البديل ( الجبهة الديموقراطية وحزب الشعب وفدا ومستقلين ) بمقعدين .
سادسا : فازت قائمة فلسطين المستقلة بمقعدين ، وحصل المستقلون على 4 مقاعد .

وعلى مستوى الوطن – الضفة الغربية وقطاع غزة - لم تجتز نسبة الحسم وهي 2 % من مجمل الأصوات الصحيحة ، خمس قوائم هي :
أولا : الحرية والعدالة الاجتماعية حيث حازت على 7.127 صوتا .
ثانيا : قائمة الحرية والاستقلال إذ حازت على 4.398 صوتا .
ثالثا : قائمة الشهيد أبو العابس حيث حصلت على 3.011 صوتا .
رابعا : الائتلاف الوطني للعدالة والديموقراطية ( وعد ) فحصلت على 1.806 أصوات .
خامسا : قائمة العدالة الفلسطينية فحازت على 1.723 صوتا .
وبهذا فازت 6 كتل انتخابية على مستوى الوطن ، وفشلت 5 قوائم أخرى كما رأينا آنفا . وقاطعت حركة الجهاد الإسلامي الانتخابات الرئاسية الثانية ( 9 / 1 / 2005 ) والانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية ( 25 / 1 / 2006 ) لأسباب عقائدية دينية ولاتجاهها صوب المقاومة والجهاد ضد الاحتلال الصهيوني فقط كما ورد في أدبياتها وإعلامها .

الانتخابات التشريعية .. والمفاجأة للجميع 2006

على أي حال ، لقد بلغ عدد المقترعين الكلي في دائرة الوطن الواحدة ( 1.042.424 ) فلسطينيا ، بنسبة 95.5 % ، من الذين أدلوا بأصواتهم الصحيحة من الذكور والإناث ، في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ، وقطاع غزة علما بأن قانون الانتخابات الفلسطيني يسمح لمن بلغ الثامنة عشرة من عمره ذكرا أو أنثى بالمشاركة في الإدلاء بصوته الانتخابي في صناديق الانتخابات في أرض الوطن فقط . في حين بلغ عدد الأوراق الباطلة ما نسبته 2.87 % بواقع 29.864 ورقة ، وبلغ مجموع عدد الأوراق البيضاء 2.08 % بواقع 21.687 ورقة ، وهي أوراق لاغية ، وذلك حسبما أظهرتها بيانات لجنة الانتخابات المركزية بفلسطين .
وغني عن القول ، إن الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية قبل أربع سنوات ( 25 / 1 / 2006 – 24 / 1 / 2010 ) مثلت عرسا شوريا أدلى به أهل فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة بدلوهم في الدلاء المتمثلة بصناديق الاقتراع التي انتشرت في المدارس والأماكن العامة بإشراف فلسطيني ممثلا بلجنة الانتخابات المركزية في فلسطين ، ولجان الإشراف المدربة المعينة من قبلها من معلمي المدارس والمختصين ، ومراقبة عربية وإقليمية ودولية وإنسانية ، سواء عبر الممثلين الرسميين ، ووسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية والانتر نت . وقد مثلت هذه الانتخابات العامة بفلسطين نقلة نوعية من الشفافية والنزاهة ، رغم امتعاض البعض ورضى البعض الآخر ، وبالنتيجة الحتمية كان كل من حصل على عدد من المقاعد ذهل من هول وغرابة النتيجة والمفاجأة سواء لحركة فتح أو حركة حماس باعتبارهما توأم فلسطين الثابت والمتحرك ، لا تتم مقاومة أو جهاد حقيقي بدونهما ولا صلح أو هدنة مع يهود فلسطين المحتلة بلا أي منهما ، فهذا الثنائي هو القابض على زمام الثورة وناصية السلام في البلاد ، سواء السلام الداخلي أم مع الأعداء .

أعضاء من المجلس التشريعي
بعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية

في 26 و27 آب 2009 ، جرت عملية استكمال عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فدخل بعض نواب المجس التشريعي الفلسطيني المنتخبين في 25 كانون الثاني 2006 ، وهم د. صائب عريقات ( من حركة فتح ) ، وأحد قريع من حركة فتح ولكنه دخل كمستقل ، ود. حنان عشراوي ( الطريق الثالث ) . ودخل آخرون بالتوافق الوطني الفلسطيني ، من حزب الشعب ( حنا عميره ) وحزب فدا ( صالح رأفت ) ، وجبهة النضال الشعبي ( د. أحمد مجدلاني ) ومستقلين . وبقيت حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي ( غير ممثلة بالمجلس التشريعي لمقاطعتها الانتخابات التشريعية 2006 ) خارج إطار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، بينما دخلت في المقابل حركة حماس في المجلس الوطني الفلسطيني بواقع 74 عضوا هم ممثليها في المجلس التشريعي الفلسطيني ، وهم الهيئة التشريعية للضفة الغربية وقطاع غزة من أصل 746 عضوا هم أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني وهو برلمان الفصائل الوطنية العلمانية والماركسية الفلسطينية والمستقلين والاتحادات الشعبية الثماني في فلسطين والمنفى .

مشكلات وعقبات المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني
25 / 1 / 2006 – 2010
جاء في صحيح البخاري - (ج 19 / ص 11) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا " .

على أي حال ، تعرضت الهيئة التشريعية الفلسطينية ما بين الأعوام 2006 وحتى الآن ، مطلع 2010 للعديد من المشكلات والعقبات ، التي حالت دون ممارستها لمهامها وواجباتها المنوطة بها لعدة عوامل وأسباب أهمها :
أولا : عوامل وأسباب داخلية ذاتية فلسطينية : تمثلت في الخلاف الداخلي ، وفصل جناحي الوطن عن بعضهما البعض ، والاحتراب الداخلي الإعلامي والعسكري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي . وعدم التمكن من عقد جلسة موحدة للمجلس التشريعي الفلسطيني وصعوبة منح الثقة لأي من الحكومتين الفلسطينيتين في رام الله وغزة ، والخلاف حول التوكيل للنواب في السجون الصهيونية . واستشهاد بعض النواب مثل سعيد صيام وزير الداخلية بالحكومة الفلسطينية المنبثقة عن حركة حماس بغزة .
ثانيا : وعوامل وأسباب خارجية إقليمية ودولية ، كالتدخل السياسي والإعلامي الأمريكي والأوروبي الفاضح ، والتدخل العربي غير الناضج . والحصار البرلماني والمالي على أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني .
ثالثا : عوامل وأسباب صهيونية تمثل في إعتقال عشرات النواب وصل عددهم لأكثر من ثلث الأعضاء بل وصل العدد أحيانا لحوالي خمسين نائبا في سجون الاحتلال الصهيوني ، منهم د. عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ، مما شكل معضلة في النصاب القانوني لإنعقاد المجلس ، أو منع نواب قطاع غزة من المرور لضفة الغربية لاستكمال نصاب الحد الأدنى من الأعضاء أو الحصول على ثلثي الأعضاء .
وقد خرج بعض النواب الأسرى والأسيرات ، من أصفاد سجون المحتلين الصهاينة ، ولا زال البعض الأخر ينتظر فرج الله وتحريره من سجون الاحتلال البغيض ، وقد ضربت حكومة الكيان الصهيوني بالحصانة القانونية والدبلوماسية أو البرلمانية لنواب المجلس التشريعي الفلسطيني عرض الحائط ، حيث تعرضوا للإذلال والإهانة الشخصية ، والتعدي على كرامتهم الإنسانية كرامة شعبهم الذي انتخبهم وسط سكون برلماني وسياسي عربي وإقليمي وقاري وعالمي مطبق .

نماذج أعضاء مجلس تشريعي في السجون الصهيونية

حتى الآن لا زال العديد من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني في زنازين وسجون الاحتلال دون معرفة يوم الإفراج عنهم ، حيث انتخب بعضهم في 25 / 1 / 2006 ، وانتهت ولاية المجلس التشريعي الفلسطيني لمدة أربع سنين وهم خلف القضبان ، بالأصفاد والقيود الوحشية ، وهي سابقة لم تحصل في التاريخ ، باستثناء التاريخ الصهيوني اللئيم الذي يصادر الأرض المقدسة ويصادر حقوق أصحابها الأصليين ، بينما يصول ويجول أعضاء الكنيست الصهيوني في فلسطين الكبرى دون رقيب أو حسيب ، فيا ليها من مفارقة باهتة .؟ وعجيبة وغريبة كل الغرابة أن يعيش الغرباء في نعيم مقيم بينما يعيش أهل البلاد الحقيقيين في جحيم بين المد والجزء حسب الظروف والأوضاع السائرة من سيء على أسوأ في هذه الديار الفلسطينية المباركة .
ولم يكن خفيا على أحد أن المرشحين الذين رشحوا وهم داخل سجون الاحتلال الصهيوني هم
الأكثر شعبية حيث حصلوا على أعلى الأصوات الانتخابية في نطاق الدوائر الست عشرة وساهموا في تحصيل أعلى الأصوات لقائمة الوطن ، مثل الشيخ أحمد الحاج علي من حركة حماس من محافظة نابلس وغيره من النواب ذوي الشعبية العالية .

متى الانتخابات الرئاسية والتشريعية الثالثة ؟ وبموجب أي نظام انتخابي ؟

رب قائل يقول ، متى ستعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الثالثة ؟ والجواب يمكن أن تجرى هذه الانتخابات بوقت قريب إن شاء الله ، بعدما تعود المياه لمجاريها الطبيعية في أرض فلسطين الطيبة المباركة بعد توقيع ورقة المصالحة المصرية بين الفرقاء وإلتئام الشمل ، وبعد أن يحل الوئام محل الخصام بين الحركتين العملاقتين في أرض الوطن الفلسطيني . وتحتاج لجنة الانتخابات المركزية بفلسطين لثلاثة شهور من الإعداد والتحضير المكثف لإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة كحد أدنى .
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصدر مرسوما رئاسيا في 24 تشرين الأول 2009 ، لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الثالثة وفق نظام التمثيل النسبي الشامل باعتبار الضفة الغربية وقطاع غزة كدائرة انتخابية واحدة ، ولكن جلسات الحوار الوطني الفلسطيني المتعددة في القاهرة برعاية مصرية ، كانت تتداول نسب معينة غير متطابقة وغير متفق عليها ، كنظام انتخاب للدوائر ونسب معينة لدائرة التمثيل النسبي للوطن كدائرة واحدة في الآن ذاته ، بمعنى إجراء الانتخابات التشريعية وفق النظام الانتخابي المزدوج واقترح أن يكون الموعد المستقبلي المضروب في 28 / 6 / 2010 .

ما مصير المجلس التشريعي الفلسطيني الحالي ؟

على العموم ، من المقرر أن يبقى المجلس التشريعي الفلسطيني يزاول أعماله كمجلس تسيير أعمال بصلاحيات تشريعية وقانونية وإدارية محددة ، محصورة في بعض القضايا الأساسية ، ريثما يتم إجراء انتخابات برلمانية قادمة والقيام بمهام التسليم والاستلام ، قد تكون في 28 حزيران – يونيو 2010 كما حددتها ورقة المصالحة الفلسطينية الشاملة برعاية مصرية في القاهرة التي من المنتظر أن تكون عودة قريبة للاعتصام بحبل الله المتين والاستمساك بالعروة الوثقى لا انفصام لها .
ما أهمية الانتخابات العامة بفلسطين ؟

وفي هذه الأيام العصيبة من التاريخ الفلسطيني المعاصر ، يتوق الشعب الفلسطيني برمته لعملية انتخابية جديدة بعد انتهاء الولاية القانونية والتشريعية لانتخاب ممثلين جدد أو إعادة انتخاب عشرات النواب القدامى ممن ترشحهم فصائلهم أو حركاتهم . وكان بودنا أن نرى انتخابات شفافة ونزيهة قبل يوم 25 كانون الثاني 2010 ، ليستكمل المجلس التشريعي الفلسطيني الدوران السلمي السلس والطبيعي بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني المسلم ، باعتباره السلطة التشريعية أو الهيئة البرلمانية المنتخبة بدورة انتخابية جديدة في وقتها المحدد قبل نهاية السنوات الأربع العجاف التي مرت بها فلسطين . ولكن الظروف والأوضاع السائدة من الانقسام والتحزب الجغرافي والسياسي أوقف العملية الانتخابية الجديدة ، بانتظار دورة انتخابية عامة ثالثة ، تطرح كل حركة وطنية أو إسلامية برامجها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والفكرية أو ما يطلق عليه التكتيك الإيديولوجي في الأرض المقدسة .
على العموم ، إن الانتخابات العامة سواء للرئاسة أو البرلمان ( المجلس التشريعي الفلسطيني ) أو الهيئات المحلية هي ضرورة قانونية وسياسية واجتماعية ونيابية ، ومطلب شعبي عارم ، لتجديد الدم في أوصال وشرايين المجتمع الفلسطيني ليكون نضرا وفعالا ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
ورغبت جميع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وفي مقدمتها ، حركة فتح في إجراء الانتخابات التشريعية الثالثة لاسترجاع هيبتها والحفاظ على نفوذها في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ، ( الحكم الذاتي ) ، وخاصة الهيئة التشريعية . وترغب حركة حماس في إجراء الانتخابات التشريعية الثالثة رغم تذمرها من عدم منحها الفرصة المؤاتية سابقا لبسط إنجازات حكومية وتشريعية وقضائية في مؤسسات وأجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتكمن رغبتها بالمشاركة بالانتخابات العامة القادمة بعد إجراء تعديلات في التركيبة والأسماء للجنة الانتخابات المركزية في فلسطين ، لتدخل بعض أعضائها في عضوية اللجنة المشرفة على الانتخابات ، حيث تتوجس خيفة من إخراجها من النظام السياسي الفلسطيني بتزوير الانتخابات التشريعية المقبلة .
ومعا وسويا نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة وجامعة في يوم واحد ، ونحو انتخابات محلية للمحليات الفلسطينية المتمثلة في البلديات والمجالس القروية ولجان المشاريع في المدن والقرى الرابضة فوق ثرى أرض فلسطين الحبيبة . ولنأخذ من تجربة المجلس التشريعي الأولى عام 1996 والثانية عام 2006 ، العبر والعظات الحقيقية لمستقبل فلسطيني زاهر وزاخر بالانجازات المتعددة الأشكال والأنواع في ظل راية فلسطينية واحدة ، وباتجاه بوصلة دولة فلسطين العتيدة المنتظرة المظفرة في ظلال القرآن المجيد ، الدستور الإلهي الخالد للبلاد والعباد في الأرض المقدسة الطيبة الطاهرة ، لأن القرآن العظيم هو أفضل من الدساتير الأرضية الوضعية غير المرضية فالخالق أدرى وأعلم بخلقه من أنفسهم .

كلمة أخيرة

وأخيرا ، كل التحيات الطيبة والتقدير العالي لجميع أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الثاني ، فردا فردا ، ذكورا وإناثا ، سواء في أروقة المجلس التشريعي بالمدن الفلسطينية أو بمدينتي رام الله وغزة ، كمركزين مؤقتين للمجلس التشريعي ، أو داخل السجون الصهيونية وفي مقدمتهم النائب مروان البرغوثي المحكوم بخمس مؤبدات وأربعين عاما أو الشيخ حسن يوسف أو النائب أحمد سعدات المحكوم بثلاثين عاما ، وغيره من النواب الفلسطينيين الذي جرى انتخابهم وهم خلف القضبان الحديدية الصهيونية تقديرا وعرفانا وشكرا من الحركات والفصائل والشعب الفلسطيني لهذه الثلة المجاهدة ضد الاحتلال الصهيوني والمطالبة بتحقيق الحرية والاستقلال الوطني الناجز ، أو أولئك الذين اعتقلوا اعتقالا إداريا أو سجنوا عدة سنين وخرجوا من السجن وفي مقدمتهم الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني .
فيا أبناء الشعب الفلسطيني الصابر المرابط في أرض الآباء والأجداد ، الأرض المقدسة الطيبة المباركة ، وحدوا ورصوا الصفوف كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا دون نتواءات وهرطقات ومهاترات ومزايدات وملاحقات واعتقالات سياسية في جناحي الوطن ، وعليكم بالوحدة الوطنية الشاملة ، وليأخذ كل ذي حق حقه ، وفق القانون العام والحق العام والخاص في جميع المجالات والميادين . وحياة طيبة هانئة سعيدة بالصلح والإصلاح بين جميع أبناء فلسطين الواحدة الموحدة .
وفي هذا المجال نستذكر قول الله الحي القيوم عز وجل : { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148) }( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

السبت، 23 يناير 2010

قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ .. الماسح الضوئي والتفتيش الإلكتروني العاري


يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ..

الماسح الضوئي . والتفتيش الإلكتروني العاري في المطارات

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) }( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
وورد في صحيح مسلم - (ج 13 / ص 125) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ " .

استهلال

تفتقت الذهنية الشيطانية في آخر صرعاتها وإختراعاتها الشريرة ، عن فتنة جديدة ، يتمثل بإظهار جسد الإنسان العاري الشفاف ، المحرم إبرازه أمام الغير ، وهو مرتد ملابسه الذي يواري سوأته ، الأمامية والخلفية ، للذكر والأنثى ، صغيرا وكبيرا ، شيبا وشبانا ، كلهم سواء لا فرق في ذلك ، فيمر الإنسان أمام الكاميرات الإلكترونية العصرية التي تسمى الماسحات الضوئية الكبيرة ( سكانر بشري ) بعد أن يشبك بأسلاك إلكترونية كهربائية ضوئية معينة حول طرف من جسد الإنسان لتظهر صورته عارية تماما بالتفصيل ، صورة بدنية طبق الأصل ، الصغير والأصغر من الصغير ، أمام الجهاز الشيطاني الجديد ، ليطلع عليها أناس آخرين من الجند الكافرين الشياطين ، ليروا الناس من حيث لا يرونهم ، يحبون السادية والتلذذ بعذاب الآخرين ، وممارسة شهوة النظر للعورات الإنسانية الجسدية المخفية باللباس ، تحت شتى الذرائع والمبررات الاجتماعية والعسكرية والأمنية والنفسية وسواها .
وفي هذا المجال ، صدرت الأوامر الشيطانية الأمريكية والأوروبية الشريرة قبل عدة شهور ، وأعيد التأكيد عليها ، في مطلع شهر كانون الثاني – يناير من العام الحالي 2010 ، لوضع هذا الجهاز الإلكتروني الكاشف للعورات البشرية ( المساحات الضوئية ) في المطارات الجوية في العواصم العالمية والمدن الرئيسية في أمريكا وأوروبا بدعاوى محاربة الإرهاب العالمي وخاطفي الطائرات ، أي الذين يلجأون للحرب الجوية ضمن المعركة المستعرة للدفاع عن النفس أو الهجوم الوقائي المضاد لحماية الأنفس والأهل والشعب والأمة والأموال والثمرات ، وكل هذه المصطلحات المضادة لبعضها البعض .

دواعي استعمال الماسح الضوئي


يقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) }( القرآن الحكيم ، المنافقون ) .
هناك العديد من المبررات الواهنة والحجج الزائفة والدعاوى العنكبوتية ، التي يسوقها الداعين لاستخدام الماسح الضوئي الإلكتروني ( السكانر ) ويحاولون تسويقها عبر وسائل الإعلام والسياسات المبرمجة ، من أهمها :
أولا : التداعيات الأمنية الجديدة المتصاعدة ومنع خطف الطائرات في الجو . علما بأن هناك عدة وسائل بدائية وإلكترونية مقبولة بديلة عن هذا القرار الإجرامي .
ثانيا : الخوف الشديد والهوس الأمني الرعديد من إنتقام الناس المظلومين من هؤلاء الأنذال . فيحسبون كل صيحة عليهم هم العدو . وكان الأجدى بهم إرجاع المظالم لأصحابها الحقيقيين وعدم التعدي عليهم كأفراد وجماعات وشعوب وأمم .
ثالثا : إمتهان الكرامة الإنسانية للبشر وتطبيق تعليمات الشيطان الرجيم إبليس اللعين في نشر الكفر والفجور والإنحلال الأخلاقي .
رابعا : نشر الإباحية والتعري ( زنا النظر ) وجعل الناس يتقبلون هذا الأمر شيئا فشيئا والعودة إلى الشيوعية والمشاع القذرة الحقيرة وهتك الأعراض الإنسانية عن سبق الإصرار والترصد ، والتصدي الكاشف والفاجر للشريعة الإلهية القويمة التي تهدي الناس لسبل الرشاد .

مراحل ومناطق تطبيق الماسح الضوئي


هناك خطة إستراتيجية عامة وتخطيط جهنمي مرحلي جوية وبري وبحري ، لتطبيق نظام المرور أمام الماسح أو الكاسح الضوئي الإلكتروني للتعري الإجباري العالمي ، وأهم هذه المراحل :
المرحلة الأولى : الخطوط الجوية في المطارات الدولية الكبرى : تطبيق النظام الجديد للمسح والكسح الضوئي في المطارات الكبرى في قارتي أمريكا الشمالية وأوروبا وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وهولندا وغيرها ، كونها الأكثر استعمارا واحتلالا للعديد من البقاع العالمية ، وقهرا للأمم والشعوب المضهدة من المستضعفين والمعذبين في الأرض . وهي خطوة يسهل تنفيذها وتمريرها للفلتان الأخلاقي والإباحية الغربية والتعري الطبيعي وعدم وجود المحارم والمحرمات الدينية والقانونية والاجتماعية ، في قارتي أمريكا الشمالية وأوروبا . ثم تتلوها المراحل الفرعية الأولى في جميع مطارات العالم بقارته الست . حيث أنه بعد الترويج والتقبل الأولي للأمريكيين والأوروبيين والذين يزورنهما كتجربة أولى سيتم نشرها وتطبيقها في الدول الغربية ، بإيهام الغربيين أنهم مستهدفين من الخطف والإختطاف والملاحقة الأمنية الإرهابية وتدمير الطائرات في الجو .
المرحلة الثانية : الطرق البرية : حيث ستطبق على المسافرين عبر الحدود البرية بين الدول لإغلاق المنافذ بين الدول وتشديد المراقبة البرية وتسهيل عملية التفتيش على المعابر والجسور . وهي طريقة يصعب التحكم بها بصورة محكمة لأن الحدود طويلة وتضاريسها متباينة من الجبال الشامخة والهضاب والسهول الخضراء والوديان السحيقة والأراضي ذات الأشجار المتشابكة مع بعضها البعض . ولكن هذه الطريقة من المسح الضوئي ستكون رديفة معاونة للأسلاك الشائكة والجدارن الاسمنتية والحديدية بين الدول .
المرحلة الثالثة : طرق الملاحة البحرية : وهذه المرحلة يمكن أن تتزامن مع المرحلة الثانية بتنفيذها في الموانئ التي تستقبل السفن والزوارق وغيرها . وهي مرحلة ستكون شاملة لجميع الموانئ البحرية الرئيسية والفرعية كلما سنحت الفرصة بذلك .

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا

على أي حال ، ربما يقول بعض الناس ، إنني لا أسافر بالطائرات وأسافر بالسيارات أو بالقطارات أو بالسفن وليس لي علاقة بهذا الأمر ، وهذا الجواب يبدو للوهلة الأولى صحيحا ، ولكنه خاطئ على المديين المتوسط والبعيد ، إذ أن المساح أو الكاسح الضوئي الجديد سيشمل الجميع عاجلا أو آجلا ، ولهذا لا بد من التناصح والتناصر بين الجميع لإفشال هذه الطريقة الجهنمية الشيطانية التي تلحق الأذى الكبير بفئة من الناس أولا لتلحق بها الفئات الأخرى قاطبة ما عدا السفهاء والمخنثين والإباحيين والملحدين الداعين للفجور والكفر .
ولا بد من تضافر جميع الجهود الإنسانية الخيرة وفي مقدمتها الأمة الإسلامية والنصارى والصالحين الآخرين من أهل الشهامة والكرامة الإنسانية من أهل الحق لمقارعة أهل الباطل ، فالباطل زاهق لا محالة وإن طال الأمد ، فالحق يعلو ولا يعلى عليه بأي حال من الأحوال .
يقول الله الحميد المجيد سبحانه وتعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116) مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) }( القرآن العظيم ، آل عمران ) .
وجاء في صحيح البخاري - (ج 21 / ص 283) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا . فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ ؟ قَالَ : تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ " .

أضرار المرور أمام الماسح الضوئي

غني عن القول ، إن استخدام الجهاز العاري الإلكتروني للتفتيش والتنبيش في جسد الإنسان ضوئيا إلكترونيا ، يلحق أضرارا إنسانية وفطرية ودينية ونفسية وصحية واجتماعية بالغة ، من أهمها الآتي :
أولا : يشكل إعتداء على كرامه وحرمة الجسد الإنساني الداخلي والخارجي . ويتعارض مع جميع الرسالات السماوية وفي مقدمتها الإسلام العظيم واليهودية بتوراتها الصحيحة والنصرانية الحقيقية بإنجيلها الحقيقي . فما هو شعور الإنسان وهو يتعرى أمام أعدائه ؟ وأمام من يفترضون فيه أن إرهابي ، وإعتراف ضمني بأنه متهم ؟ وما هو أحساس الإنسان وهو يقبل وينتظر أو بشاهد مرور أبنائه وبناته وزوجته وأخواته وأمه وعماته وخالاته والمحرمات عليه أو حتى الأجنبيات ، أمام الغرباء وحتى أمام ناظريه ، مكشوفة العورة والصدر والنهدين والفرج والساقين ، فأين الشهامة والنخوة يا عالم ؟
ثانيا : يعتبر تجسسا عصريا فريدا من نوعه حيث يطلع المتجسس المعروف الهوية والجنسية على تفاصيل جسد الإنسان المار أمام هذا الجهاز اللعين .
ثالثا : يصيب الإنسان بجروح ومرض صحي في جسده إن عاجلا أو آجلا .
رابعا : يجعل الإنسان كالحيوان مكشوف العورة ، رغم أن الحيوانات معظم عوراتها غير مكشوفة ، وبالتالي فإن اللجوء لهذا التصرف الإجرامي يعتبر جريمة ضد الإنسانية أولا وضد الأديان ثانيا التي تحاول السمو بالبدن الإنساني .
خامسا : بقاء رسم الصورة الإلكترونية في جهاز التلفزيون الذي يظهر به الناس عراة لا لباس لهم ، مما يمكن هؤلاء الملاعين من أتباع الشيطان الجني الأكبر إبليس اللعين ، من استخدام هذا التصوير الإلكتروني لإبتزاز الضحايا المسافرين من بلد لآخر ومن قارة لأخرى أو التشهير الديني أو الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي بهم .

من المستهدف بالماسح الضوئي والتفتيش الإلكتروني ؟

تجدر الإشارة إلى أن المقصود بالمراقبة الجسدية الإلكترونية هم من ذوي السحنات والوجوه الإسلامية والعربية والإفريقية وما يطلق عليه الغرب ( العالم الثالث – زورا وبهتانا وباطلا ) من ذوي البشرة الحنطية القمحاوية والسمراء والسوداء ، من ذوي العيون العسلية والسوداء ، لا من ذوي السحنات البيضاء والصفراء والعيون الزرقاء ، ولأنهم هم المستهدفون في هذا الشرك والفخ الشيطاني الشرير كونهم من يتعرض للاستعمار والاحتلال التقليدي والعصري عبر مختلف أنواع الوسائل وبالتالي هم المرشحون للدفاع عن النفس والجهاد ضد الأعداء المحتلين والمستعمرين الذين يقتلون النفس بغير الحق ويظلمون الناس .
ويحضرنا في هذا المضمار بعض الأسئلة القانونية والاجتماعية والدينية والإنسانية من أهمها :
- لماذا يتم استخدام هذا التصوير الإلكتروني العاري لجسد الإنسان ؟ ألا تكفي أجهزة التفتيش اليدوية التقليدية ، الرجال للرجال والنساء للنساء ؟
- ولماذا لا تتم عملية التفتيش للمسافرين جوا أو برا أو بحرا كالمعتاد بالأجهزة الإلكترونية التي لا تكشف العورات أو السوآت ؟
- ولماذا يتم التجسس الإلكتروني وفضح المستور من أجسادهم بهذه الطريقة ؟
- وكيف سيتقبل المرء هذا الكشف الإلكتروني العاري من جسده وأجساد الأقرباء والمحارم والآخرين ؟
- وإلى متى سيتم الاحتفاظ بالصورة الإلكترونية في هذا الجهاز الشيطاني على الحدود ؟
- وهل زناة النظر عبر الجهاز التصويري الحدودي من قادة ومسؤولين وخدم وموظفين سيشبعون رغباتهم الجنسية الشرهة ؟ وإلى أي مدى ؟
- وهل سيتسابق الموظفين للعمل في هذا الجهاز الإلكتروني الشيطاني من ذوي الضمائر السافلة في أسفل سافلين ؟
هذه الأسئلة وسواها ، ينبغي الإجابة عنها قبل مرور الإنسان على التصوير الإلكتروني فيما يسمى بالماسح الضوئي الذي يمسخ الإنسان مسخا مسخا إلى مرتبة القردة والخنازير أو أدنى من ذلك . وبناء عليه يجب مقاومة أهل الباطل والشرك والكفر بشتى الوسائل ومن بينها الوسائل الإعلامية . يقول الله القاهر الظاهر تجلت قدرته : { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) }( القرآن المجيد ، التوبة ) .
وثمة ملاحظة قيمة أخرى ، فإن المتضررين من الاحتلال الأمريكي والأوروبي أو الروسي أو غيره سيلجأون إلى وسائل أخرى للجهاد والمجاهدة والكفاح والمقاومة ضد أهل الباطل ، غير الحرب الجوية غير المتوازنة أصلا . فكلما طور الاحتلال صورا للتصدي للحرب الجوية فإن المقاومين أو المتمردين على الباطل أو الاستغلال الاقتصادي والظلم الاجتماعي والاستبعاد والاستعباد السياسي سيطورون أساليب المقاومة الإيجابية أو السلبية لا فرق . والأمثلة الحية كثيرة في هذا المجال يشاهدها المرء بأم عينيه ليل نهار .

لماذا سيرفض الناس المرور أمام الماسح الضوئي ؟ وكيف ؟

فيا أيها المسافرون من مختلف الديانات السماوية ، وخاصة أبناء الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس ، التي تقاوم الظلم والظلام وتقف أمام الطغاة البغاة والسفهاء من أهل الضلال والباطل ، من الضالين والمضلين والمضللين والمغضوب عليهم ، في شتى أقطار المعمورة في أرض الله الواسعة ، ارفضوا هذه الإهانة للكرامة البشرية بالمرور أمام الماسحات الضوئية ، وقاوموا بشتى الوسائل هذا الإذلال والإنحطاط والاحتقار الإلكتروني الجديد ، ولا تخافوا في الله لومة لائم ، فارفضوا السفر بهذه الطريقة المذلة ، ولا تنصاعوا لهذا التعليمات القذرة ، ولا تستسلموا لهرطقات وفذلكات المستخدمين لهذا الجهاز الشيطاني لتطبيقه على البشر ، ومحاربة المرء بجسده ومشاعره وأحاسيسه . وليكن الشعار دائما وأبدا لا للإذلال ولا للتفريط بالمبادئ والقيم الإنسانية والإسلامية العليا ، ولا للهبوط الأخلاقي ولا للتجسس السري والعلني على أجساد البشر ونعم لاحترام إنسانية الإنسان . ونذكركم بأن المرور أمام هذا الجهاز اللعين ، هو بمثابة قبول المعاصي ، ومعصية الله العزيز الحكيم رب العالمين ، وقبول نشر الإباحية وإظهار للزنا بين الناس ، وإذلال للنفس والروح والجسد ، وغضب من الله خالق الخلق أجمعين ، فالدين العالمي يحرض على الجهاد في سبيل الله ضد هذه الأساطير والخزعبلات الشيطانية المتمردة على دين الله الخالد ، والإسلام العظيم يرفض ذلك جملة وتفصيلا . وهذه الإنحرافات الاجتماعية والسياسية والأمنية الإلكترونية هي محاولة يائسة وبائسة في الوقت ذاته ، لإعادة الناس إلى شريعة الغاب والحياة الحيوانية البهيمية ، دون رادع أخلاقي أو ديني ، ومحاولة جديدة لثني الناس عن دين الفطرة الإنسانية السوية ، والنزول إلى مهاوى الهلاك والإهلاك والردى . فهل أنتم مقتنعون ؟ وهل أنتم راضون عن هذه المسلكيات المنحرفة ؟ بالتأكيد إن ضمائركم لن تقبل هذه التفاهات والسفاهات من التافهين والسفهاء والظالمين . والنصر لأهل الحق على الباطل اللعين إلى يوم الدين .

حتمية التراجع عن المكر الشيطاني الضوئي

النتيجة الحتمية لرفض استخدام هذا الجهاز ( المساح الضوئي الشرير ) هو تركه إلى غير رجعة ، شاء من شاء وأبى من أبى ، فلا يمكن فرض هذه الأوامر الأمنية أو العسكرية أو الاقتصادية اللعينة الدنيئة على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل الأجل . أجل لا يمكن للبغاة الطغاة أن يفرضوا على الناس ما يخططون ويبرمجون له ، هم وقائد الأشرار في العالم ، إبليس وزمرته من الإنس والجن على السواء ، سواء دفعة واحدة أو بالتدريج لنشر مظاهر الكفر والشقاق والفسوق والنفاق وسوء الأخلاق وقلة الحياء والتعري الواضح الفاضح على الملأ .
والعوامل والأسباب التي تحدو لرفض هذا الجهاز الاستكشافي العاري والتخلي عنه هي إنعدام الجدوى الاقتصادية وقلة السفر وضرب السياحة الداخلية والخارجية ، وتأزم العلاقات بين الأنظمة الدنيوية البائدة ، والخلافات الأمنية بين الدول الاستكبارية التي تطلق على نفسها الدول العظمى أو الكبرى .
وأخيرا ، نكتب هذا المقال لننضم للأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر والبغي والفواحش ، لنحارب الإباحية المزعجة المقيتة ، والوسائل العصرية التي تنزل كرامة الإنسان للدرك الأسفل من الحياة الدنيا الفانية ، لنكون من المفلحين إن شاء الله العلي العظيم رب العرش الكريم ، وندخل جنات النعيم . فلنعمم هذا الأمر على الجميع للتعاون والتعاضد في رفضه مهما كانت النتائج ، لئلا نخسر الخسران المبين بل لننضم لقافلة الفائزين فوز عظيما .
فلا تفرطوا بأجسادكم وتجعلوها عرضة للذئاب والثعالب البشرية الجديدة ، الداعين للزنا عموما وزنا النظر في الماسح الضوئي خصوصا ، ولو لبرهة من الوقت ، فمن يهن يسهل الهوان عليه ليس لجرح بميت إيلام . واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وحافظوا على مبادئكم وقيمكم المثلى وإسلامكم العظيم مهما كانت الخسائر الوهمية البائنة وكونوا عباد الله إخوانا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لعلكم تفلحون . والإنسان موقف إما له وإما عليه ، فاثبتوا على الحق والصراط المستقيم في الدنيا الفانية لتثبتوا وتمروا على الصراط الأخروي كالبرق الخاطف يوم الحساب العظيم .
يقول الله العلي العظيم عز وجل : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الخميس، 21 يناير 2010

آيات القرآن ونغمات الهاتف الجوال .. فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ .. اسْتَفْتِ نَفْسَكَ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ


آيات القرآن ونغمات الهاتف الجوال ..

فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ


د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) }( القرآن المجيد ، الحجر ) .
وجاء في مسند أحمد - (ج 36 / ص 438) عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ لَا أَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ وَإِذَا عِنْدَهُ جَمْعٌ فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى النَّاسَ فَقَالُوا إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكَ يَا وَابِصَةُ فَقُلْتُ أَنَا وَابِصَةُ دَعُونِي أَدْنُو مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ فَقَالَ لِي : " ادْنُ يَا وَابِصَةُ ادْنُ يَا وَابِصَةُ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى مَسَّتْ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَقَالَ يَا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ مَا جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْهُ أَوْ تَسْأَلُنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَخْبِرْنِي قَالَ جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ قُلْتُ نَعَمْ فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهَا فِي صَدْرِي وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ : اسْتَفْتِ نَفْسَكَ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ قَالَ سُفْيَانُ وَأَفْتَوْكَ " .

استهلال

تبارى علماء المسلمين ، منذ عشرات السنين ، في التعامل الإيجابي أو السلبي مع وسائل الاتصال العصرية ، فمنهم من حرم التعاطي مع هذه الوسائل وحظرها بصورة شاملة وكاملة ، ومنهم من تعامل مع الواقع الحقيقي ، وطلب التعاطي معها بما يفيد الرسالة الإسلامية العظيمة . والأمثلة كثيرة في هذا المجال منها التلفزيون والفضائيات والأفلام والانتر نت والهواتف الجوالة الخليوية التي يصطحبها الإنسان في جميع شؤون حياته .
على أي حال ، تلعب الاتصالات العصرية دورين مؤثرين تتراوح ما بين الخير والشر ، في الحياة الإنسانية العصرية ولا يمكن الاستغناء عنها في ظل الحضارة المتطورة من جيل إلى جيل ويتمثل ذلك بالآتي :
أولا : الدور الإيجابي حيث يمكن للتقنية الاتصالية خدمة الجميع وفق معايير وضوابط معينة ويكون لها المردود العظيم والكبير في جعل الحياة الإنسانية خيرة ميسرة ، هادية مهدية ، توفر في الجهد والوقت والمال وتساهم في نشر الثقافة والعلوم المتعددة ومن بينها العلوم الإسلامية .
ثانيا : الدور السلبي الذي يحط من كرامة الإنسان ويجعل المرء في أسفل سافلين . فيلهو الإنسان بوسائل الإتصال الحديثة ، ويجعلها شغله الشاغل ويؤذي بها الآخرين وهذا منطق أعوج يميل على الإعوجاج كثيرا .
والأجهزة التقنية الحديثة سلاح ذو حدين ، الحد الأولى للدفاع عن الحمى والثقافة والأخلاق والمثل والقيم العليا ومحاربة الفساد والمفسدين . والحد الآخر وهو قتل الآخرين نفسيا ومعنويا وماديا .

رنات الهاتف الجوال بين التحريم والإباحة في الإسلام

وفيما يتعلق بقضية التعامل مع الهاتف الجوال ( النقال أو الخليوي أو الموبايل ) فقد أصدر الكثير من المفتين الرسميين من فتاوى أتباع السلاطين ، أو المفتين الشعبيين أو الحياديين أو العلماء المسلمين في بعض دول الوطن العربي أو الإسلامي ، بتحريم وضع بعض الآيات القرآنية المجيدة أو الأذان الإسلامي رنات للهاتف النقال ( الجوال ) من ناحية شرعية ، كإجراء وقائي لا علاجي ، للحيلولة دون إهانة أو إبتذال قدسية القرآن العظيم ، كلام الله المقدس . ويمكن أن يفتي بعض هؤلاء المفتين بفتوى التحريم للحد من إنتشار الدعوة الإسلامية وتقليل التعاطي بالقرآن العظيم ، بين الناس في الدول العلمانية أو الفاجرة الكافرة الفاسقة . وفي المقابل أباح هؤلاء العلماء المسلمون وضع أدعية دينية أو أناشيد أو أغاني إسلامية وطنية بأصوات فرق أناشيد أو فرق موسيقى أو غناء أو بصوت صاحب الجوال ، للتنبيه بوجود مكالمة أو رسالة إلكترونية على الجوال وهي فتوى قيمة تستحق الثناء والتقدير من الجميع إن كانت بنية طيبة مباركة ، لصون القرآن الكريم من التدنيس والتبخيس والتنجيس .
وعلى العكس من ذلك ، أباح العديد من العلماء المسلمين في هذه البلدان استعمال آية أو آيات صغيرة كرنات تنبيهية أو تذكيرية للجوال مشترطين أن تكون آيات قصيرة ولا تخل بالمضمون والكلام القرآني العظيم ، كلام الله العزيز الحكيم .

رنات قرآنية بالجوال .. نعم .. ولكن

وفي هذا الصدد فإنني أؤيد الجهتين ، الفئة الأولى التي حرمت وحظرت استعمال بعض آيات القرآن الكريم كرنات للجوال للتنبيه بوجود مكالمة هاتفية قادمة بعيد للعامة لمن لا يستطيع منهم ضبط نفسه في السراء والضراء . والفئة الثانية التي أباحت وشرعت استخدام كلام الله المقدس للإعلام بوجود مكالمة جديدة لنخبة معينة من البشر جعلت القرآن العظيم ربيع قلوبها في جميع الأحوال داعية لاستخدام التقدم التكنولوجي في بث رسالة الإسلام العظمى بين البشر . ولكنني أتحفظ على أولئك الذي حرموا استعمال الآيات القرآنية الصغيرة كرنات بصورة شاملة وجامعة للجميع دون استثناء ، كونها لا تلجأ لاستخدام التقنية العصرية في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتحيدها بل تضعها جانبا ، ولها مبرراتها وتحليلاتها وبياناتها القولية والفعلية المقنعة أحيانا على أرض الواقع ، وكونها توصد الباب أمام أصحاب الهواتف الخليوية وتحظر عليهم وضع رنات إسلامية القلب والقالب ، وتترك المجال للبقاء على الرنات الهاتفية الموسيقية الأصلية وهي ليست سوية أو بريئة كل البراءة ، بل ترمز لشعار معين ، ديني أو طائفي أجنبي ، حزين أو سعيد ، لما لها من إغراء وتشجيع على التعامل مع الموسيقى التي تطرحها الشركة المصنعة ، وهذا خطر على الأجيال الشابة المراهقة ، وكذلك تجعل هؤلاء الناس يلجأوون لاستخدام رنات موسيقية وأغاني هابطة للمغنين الهابطين الذين يسمون أنفسهم ( الفنانين ) والأمثلة الحية كثيرة في هذا المضمار ، وبهذا تصبح حياة الأفراد موسيقى صاخبة ، تشجع الهبوط الأخلاقي والنفسي نحو الرذيلة والسفالات التي تكرس دندنات موسيقية أو أغاني وكلمات لا أخلاقية مما يساهم في نشر الإنحراف السلوكي والاجتماعي بين البشر في ظل عدم وجود مراقبة خاصة بهذا الأمر فبئس القرار . وبذلك ينطبق عليهم قول الله السميع العليم جل ثناؤه : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)}( القرآن المجيد ، التين ) . فكن أخي الإنسان ممن خلقه الله في أحسن تقويم ، ويتمتع بالمثل والقيم والمثل الإسلامية العليا ، ولا ولم بل لن يرتد إلى أسفل سافلين .

ضوابط استعمال آيات القرآن الحكيم كرنات تنبيه في الجوال

برأيي الشخصي ، وأجري على الله ، العلي القدير ، الواسع الحكيم تبارك وتعالى ، فإن استعمال آيات قرآنية صغيرة وقصيرة ، تردد بين الحين والآخر ، فنعم القرار الطيب المبارك ، لمن أراد ذلك ، بحسن نية ، تساهم في نشر الإسلام ، وتعزيز القرآن الحكيم في الشخص نفسه ، وتذكير الناس القريبين بكلام الله العظيم ، في البيت والمركبة والشارع والمدرسة والجامعة والمصنع والشركة والوزارة ، في جميع الأحوال ، من حالات السكون والحركات ، شرط التقيد والإلتزام بضوابط وأفعال معينة من أهمها :
أولا : وضع رنات قصيرة وصغيرة لا تتجاوز 15 ثانية . مثل آية صغيرة أو سورة قصيرة ممن يحبها الإنسان المسلم كالإخلاص والكوثر أو العصر وغيرها .
ثانيا : إغلاق الهاتف الجوال أو وضعه بحالة الصمت أو السكون قبل أو عند دخول المسجد والعبادة وجعله على الرجاج بلا صوت أو على برنامج الضوء للتنبيه بوجود مكالمة بشرية أو رسالة إلكترونية .
ثالثا : الإلتزام ولا أقول الإلزام ، فالإلتزام الفردي الإسلامي أقوى وأولى من الإلزام لأن الإلتزام شخصي ونفسي وعقلي وعاطفي ، فهو واجب ومفروض بعدم قطع المكالمة الآتية لحامل الجوال حتى تنتهي فترة الإنذار الهاتفي بقدوم المحادثة الهوائية الإلكترونية . وترديد الآية أو السورة قبل فتح الجوال مع الرنين المبارك الطيب لأن الاستماع للقرآن محمود ومطلوب . يقول الله الواحد القهار : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205)}( القرآن الحكيم ، الأعراف ) .
رابعا : إغلاق الهاتف الجوال قبل دخول الحمام كليا والأماكن النجسة أو ذات الضجيج . ومن لا يمكنه ذلك فعليه الإلتزام بالحالة الأولى من الفتوى ، وهي تحريم وضع رنات قرآنية بجواله المتنقل .
خامسا : عدم وضع رنات قرآنية لدى الجوال الذي تستخدمه المرأة البالغة التي تتعرض للحيض الشهري والنفساء .
سادسا : عدم وضع رنات في حالة الفتن أو الخوف من الأعداء الكفرة الفجرة ، لئلا يتعرض المسلم للملاحقة والتعذيب والقتل .
سابعا : عدم الرد على رنات القرآن المجيد بالجوال أثناء الجنابة سواء للرجال أو النساء .
ثامنا : إطفاء أو إغلاق الجوال أو وضعه صامتا رجاجا أثناء وجود الأعداء من الصهاينة والصليبيين والكفار ممن يؤذي حامل الجوال بالرنات القرآنية الكريمة .

تجربتي الشخصية في الجوال
تثبيت سور القرآن بالصوت والكتابة
ورنات المكالمات والرسائل الإلكترونية

بادئ ذي بدء ، أنا لست مفتيا ، ولكنني أحسب نفسي من المتدينين المسلمين ، من التيار الإسلامي الناهض ، ولا أزكي نفسي على الله الأول والآخر والظاهر والباطن ، وهو بكل شيء عليم ، ويعلم ما بذات الصدور ، لقد استمعت كثيرا لفتاوى دينية إسلامية متباينة أحيانا ومتناقضة أحيانا أخرى ، من مفتين عرب ومسلمين بتحريم استعمال رنات القرآن المجيد بدل رنات الموسيقى للهاتف الجوال ، واقتنعت بها وأسثنيت نفسي من هذه الفتوى ، وإلتزمت وألزمت نفسي طائعا مطيعا مجيبا وبعمق لشروط الفئة الثانية وهي الحفاظ على وضع سور قصيرة في جوالي الاثنين ، منذ عدة سنوات ، في أيار عام 2007 ، سواء لاستقبال المكالمات الهاتفية أو الرسائل الإلكترونية عبرهما أو تلاوة آيات القرآن العظيم ، عبر أحدهما ، وهي بصوت الشيخ عبد الرحمن السديس إمام المسجد الحرام بمكة المكرمة لأنني أخشع لصوته كوني أديت مناسك العمرة عام 1996 وكان يؤمنا بالمسجد الحرام ، وأديت فريضة وركن الحج الإسلامي عام 1999 وصليت خلفه في المسجد الحرام بمكة المكرمة ، ولصوته وقراءته وقع ديني إسلامي وخشوع عميق في قلبي ووجداني وعقلي وجسدي كاملا ، وكذلك عملت على تثبيت تلاوة القرآن العظيم بجوالي لسماع صوت الشيخ عبد الرحمن السديس ، كمسجل إلكتروني في أي سورة أشاء وقتما أريد ، نهارا أو ليلا ، حسب الحاجة وكذلك تثبيت القرآن كاملا ( القرآن الإلكتروني ) على أحد برامج جوالي لتلاوة القرآن المجيد حينما أكون في المسجد أو البيت أو السيارة ، فيكون جوالي بجيبي أو بجانبي الأيمن ، إذاعة إسلامية متنقلة تسير معي أينما أسير وحيثما أحط رحالي .
وبهذا فقد ، وضعت في جهاز جوالي الأول ( الأسود من فئة نوكيا ) سورة الإخلاص : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)}( القرآن المجيد ، الإخلاص ) ، رنة قويمة تذكرني بإخلاص التوحيد لله الواحد الأحد وأرددها مرة أو أكثر كلما أتتني مكالمة من هنا أو هناك قبل أن أجيب طالب المحادثة الهوائية الإلكترونية ، كونها سورة قصيرة ولا تتجاوز تلاوتها بصوت الشيخ د. عبد الرحمن السديس 15 ثانية . ووضعت بجوالي كذلك سورة الكوثر لاستقبال الرسالة الإلكترونية عبر جوالي ذاته : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }( القرآن الحكيم ، الكوثر ) . حيث أرددها لكسب ثوابها الرباني قبل فتح الرسالة الآتية من الآفاق القريبة أو البعيدة .
وفي جوالي الثاني ( الأصفر من فئة موتورلا ) ، وضعت سورة قرآنية أحبها كثيرا كذلك وهي سورة العصر : { وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}( القرآن المبين ، العصر ) . للتنبيه بوجود مكالمة هاتفية من بعيد أو قريب ، وذلك لتذكيري بالإيمان وعمل الصالحات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر . وفي الجوال ذاته ، وضعت سورة النصر للتدليل على قدوم رسالة إلكترونية : { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}( القرآن الكريم ، النصر ) . وهي سورة قرآنية مجيدة قصيرة تتألف من ثلاث آيات قصار كذلك ، للتذكير لأن الذكرى تنفع المؤمنين . يقول الله الحي القيوم جل وعلا : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) }( القرآن المجيد ، الأعلى ) . ويقول الله الغني الحميد عز وجل : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) }( القرآن العظيم ، الغاشية ) .
وفي حالة التنبيه الليلي قبل أن يتنفس الصبح ، في الهزيع الأخير من الليل ، وقبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، استخدم رنة أكبر شيئا ما من الرنات السابقة للتنبه من النوم عند الساعة الرابعة والنصف قبيل أذان وصلاة الفجر ، حيث وضعت مطالع سورة الفتح : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5)}( القرآن المبين ، الفتح ) .
وما أحلى أن يصحو المرء على صوت القرآن العظيم ، وتعيها أذان واعية ، بتلاوة إيمانية راسخة ، ليكون نشيطا يصلي ويجهز نفسه لاستقبال اليوم الجديد من أيام الله ، مالك الملك ذو الجلال والإكرام ، ثم يتناول سحوره بأيام شهر رمضان المبارك ، أو يتناول فطوره قبل الذهاب لمكان عمله القريب أو البعيد .
وما أحلى وما أجمل وما أروع هذه السور القرآنية المجيدة بآياتها الكريمة ، تلاوة وتذكيرا وتطبيقا ، ويفزع قلبي وعقلي وجسمي عندما اسمع أغنية هابطة أو موسيقى خلاعية في جوال يرن بجانبي وأنا في السيارة أو المحاضرة أو الشارع أو المسجد أو المكان العام ؟؟؟ فشتان بين الرنينين ، رنين قرآني مجيد محبذ ، من حامل المسك ، يجعلك ذو قلب خاشع ، وجسد راكع وساجد . ورنين هابط أعوج معوج كواضعه من نافخي الكير ، يصم الأذن ويجعلها ترفض التصرفات غير الأخلاقية المراهقة تقشعر لها الأبدان وتمجها العقول التي في الرؤوس والقلوب التي في الصدور .
فيا أيها الإنسان ، يا من تحمل جوالا أو هاتفا نقالا إختر الأخلاق أو اللا أخلاق ، أو محايدا ، ولا يستويان بتاتا ، فالخير والشر نقيضان لا يمكنهما أن يلتقيان ، راجيا من الله العلي القدير أن يجعلنا ويجعلكم من عباد المخلصين الملتزمين بأوامر الله ونواهيه وأن يجعلنا هداة مهديين نسمع لكلام الله المقدس ، وأن نقرأ الدستور الإلهي القويم في حلنا وترحالنا ، وندعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ونجادلهم بالتي هي أحسن . فكن أخي المؤمن ، وأختي المؤمنة ، ممن يعلنون إسلامهم جهارا نهارا ، ذو صحيفة يكثر ترديد بها القرآن الكريم ، ليكرمك الله في الحياتين الدنيا والآخرة ، ولتكن قدوة للآخرين ، ولا تضيع وقتك الذهبي الثمين ، في الاستماع والإنصات لوسائل اللهو الإلهاء الشيطاني الجهنمية ، وابتعد عن مزامير الشيطان ، لتكون من أهل الجنة السعداء وتبتعد عن أصحاب الجحيم الأشرار الأشقياء . فكن عابدا وحامدا لله تبارك وتعالى ، قياما وقعودا وعلى جنبيك وظهرك في جميع الأحوال لتتجنب الأهوال ومخالطة السفهاء الأنذال . وتذكر أن الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ، خالق الخلق أجمعين ، خلقك لعبادته . يقول الله عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}( القرآن الحكيم ، الذاريات ) .
وبناء عليه ، يمكننا أن نقول إن الهاتف الجوال نعمة من نعم الله الغفور الشكور ، الرحمن الرحيم ، الكثيرة في هذه الدنيا ، فلنستخدم ونستثمر هذه النعمة لمرضاة الله سبحانه وتعالى ، فلا تجعل الهاتف الجوال نقمة من نقم الشيطان الرجيم ، تبعا للحالة التي تحبذها وتطبقها في حياتك لتكون سعيدا حميدا لا جبارا عصيا عنيدا . فأجعل الهاتف الجوال ممن يعينك على تسبيح الله وطاعة أوامره واجتناب نواهيه ، لتتجنب الغرق في هموم وغموم وسموم الدنيا والآخرة لا سمح الله .
يقول الله ذو الجلال والإكرام ، أعدل العادلين وأحكم الحاكمين جل جلاله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40) وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41) يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (42) إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ (44) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45)}( القرآن المجيد ، ق ) .
كلمة طيبة أخيرة

يقول الله الملك الحق المبين سبحانه وتعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}( القرآن العظيم ، النحل ) .
وأخيرا ، أملنا كل الأمل ، وحلمنا كل الحلم في المنام واليقظة ، أن يطبق الإسلام العظيم عامة ، والقرآن المجيد خاصة ، في حياة البشرية جمعاء ، في العالم من أقصاه إلى أقصاه ، لإسعاد بني آدم السعادة الأبدية في الدارين : الدار الفانية وهي الحياة الدنيا ، التي نعيش ونقيم فيها كالمستظل تحت الشجرة سيغادرها عاجلا أو آجلا . والدار الباقية وهي حياة الخلود الأخرى ، التي ننتظرها بفارغ الصبر ، والله هو الهادي لسبيل الرشاد .
وندعو بهذا الدعاء النبوي الشريف ، كما جاء في مسند أحمد - (ج 8 / ص 63) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا " .
كما ندعو بهذا الدعاء القرآني الجليل : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) }( القرآن المجيد ، البقرة ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الثلاثاء، 19 يناير 2010

رسالة مفتوحة إلى د. أنغيلا ميركل مستشارة ألمانيا

رسالة مفتوحة

إلى د. أنغيلا ميركل مستشارة ألمانيا

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
فلسطين العربية المسلمة

السلام على من أتبع الهدى في العالمين ،،،

الموضوع : فلسطين الأرض المقدسة وألمانيا

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) .

المستشارة أنغيلا دوروتيا ميركل ( Angela Merkel )

فإنني أبعث لك بهذه الرسالة المفتوحة مع خالص تحياتي الطيبة من نابلس في الأرض المقدسة ، لتصلك وأنت في مقر المستشارية الألمانية في برلين الموحدة ، بعد احتفالكم الكبير الأخير بالذكرى العشرين لهدم جدار برلين العنصري ، راجيا من الله العلي القدير أن تكوني بأحسن حال وأهدأ بال ، وفي تمام الصحة والعافية ، وأطلعك على ما يتوجب عمله حيال فلسطين من الإعتذار الرسمي وتقديم التعويضات المعنوية والمادية جراء تهجير مئات آلاف من يهود ألمانيا لفلسطين ( الأرض المقدسة ) خلال العقود السابقة ، والدعم الألماني الرسمي والشعبي المتواصل للكيان الصهيوني المحتل لأرضنا المقدسة فلسطين ، وحرمان أهلها منها طيلة العقود الستة الماضية .
كما تعلمين يا أيتها السياسية أنغيلا ميركل مستشارة ألمانيا الإتحادية ، وزعيمة الحزب الديموقراطي المسيحي ، لقد ابتدع واتبع الفوهرر أدولف هتلر زعيم ألمانيا النازية ( ألمانيا فوق الجميع ) بصفتها الاشتراكية الوطنية كما كانت تسمى ، وحاول هتلر بناء ما سمي بالرايخ الثالث ( الإمبراطورية الألمانية الثالثة لتعيش ألف سنة ) التي ثبت بطلانها وزيفها ، لأنه كان ظالما وطاغيا ، وأثناء ذلك قسم العالم إلى تصنيفات نازية قائمة على التمييز العنصري بالاستناد للعرق والجنس الجرماني الذي وضعه في سلم الدرجات العليا . وقد عذب وقتل أدولف هتلر عشرات آلاف المناهضين لحكمة من الألمان المناهضين له والعرب والأجانب ومن الجالية اليهودية في البلاد الجرمانية ، وحرق عشرات الآلاف منهم في الأفران لأنهم حاولوا موالاة الحلفاء ضد ألمانيا وكما أسماهم هتلر من شيمهم الغدر والمكر وصنع المكائد واجتهدوا في تدمير الاقتصاد الألماني آنذاك ، وإثر ذلك حاربهم هتلر النازي ، فقد تم تهجير مئات آلاف اليهود من ألمانيا إلى فلسطين ( الأرض المقدسة ) ليحلوا محل شعب آخر في أرض آبائه وأجداده ، فجأؤوا على فلسطين وشردوا أهلها ، وصادروا أرض فلسطين وأعلنوا قيام كيانهم المصطنع عليها فيما يعرف بالكيان الصهيوني ( إسرائيل ) في 14 أيار 1948 وكان الأجدى بألمانيا منحهم قطعة أرض في ألمانيا أو بقارة أوروبا ، أو الأجدر بالولايات المتحدة منحهم قطعة أرض من أراضيها البكر الواسعة لإقامة ( دولة هرتزل ) اليهودي الألماني الأوروبي عليها ، ليقيموا عليها كيانهم بدل تهجيرهم لفلسطين ودعمهم من قارة أوروبا عامة ، وألمانيا خاصة . وكما تعلمين فإن تيودور هرتزل الصهيوني لم يفلح في عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينتكم الألمانية ميونخ ، بل عقدة في مدينة بازل السويسرية عام 1897 ، وكان يفترض في ألمانيا أن لا تسمح لليهود لديها بإتباع هرتزل العنصري الداعي لبناء ( دولة اليهود ) في ( الأرجنتين أو فلسطين ) ثم لاحقا في أوغندا أو جزيرة قبرص ، أو العريش وسيناء أو ليبيا أو العراق أو البحرين أو غيرها .
على العموم ، لقد تضرر شعب فلسطين ، في أرض آبائه وأجداده ، بفعل تجميع ملايين اليهود من شتى قارات العالم في وطنه ، وتجنسيهم بالجنسية الإسرائيلية ، علما بأننا كمسلمين نحن أولى بنبي الله يعقوب ( إسرائيل ) بن اسحاق بن إبراهيم عليهم السلام جميعا ، بفعل الدعم المعنوي والمادي الألماني والأوروبي ، لهذا الكيان الصهيوني المصطنع ، حيث قدمت ألمانيا حوالي 70 مليار دولار منذ عام 1948 حتى مطلع عام 2010 .

وبناء عليه ، فإن المطلوب فلسطينيا وعربيا وإسلاميا من ألمانيا ما يلي :
أولا : تقديم الإعتذار الرسمي والأسف الشعبي والإعلامي من المستشارية الألمانية ووزارة الخارجية الألمانية والبرلمان الألماني ، للشعب الفلسطيني العربي المسلم المقيم بالوراثة الاجتماعية في قارة آسيا ، عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقت بالشعب الفلسطيني جراء استيلاء ملايين اليهود من العالم عامة واليهود الألمان على الأراضي الفلسطينية خاصة وحكموا البلاد والعباد بالحديد والنار .
ثانيا : التعويض السياسي : مساعدة الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني ( دولة فلسطين ) ، والعمل على تفكيك الكيان الصهيوني المصطنع في الأرض المقدسة . والإعلان الذي حاولتم تبنيه مؤخرا في مجموعة الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بالقدس عاصمة مشتركة لدولتي ( إسرائيل وفلسطين ) بعد التفاوض لا يكفي شيئا ، ومسألة دعم الاعتراف بدولة فلسطينية من طرف واحد لا يسمن ولا يغني من جوع بتاتا كذلك . بل المطلوب الاعتراف الواضح الصريح واقعيا وقانونيا وسياسيا ، إقليما وعالميا ، بدولة فلسطين .
ثالثا : إرجاع اليهود الألمان القاطنين في فلسطين إلى مواطنهم الأصلية في الولايات الألمانية ، وتعويضهم عن الطرد من ديارهم الألمانية وتمكينهم من بناء منازل لهم في ألمانيا عوضا عن بيوتهم السابقة في المستعمرات اليهودية بفلسطين في المشرق العربي وتقديم التسهيلات الاقتصادية لهم ليعودوا من منافيهم .
رابعا : ضرورة التعويض الاقتصادي للشعب الفلسطيني عن الفترة التي استغل واستعمر واحتل فيها مئات المواطنين اليهود الألمان ، وتقدر هذه التعويضات ب 70 مليار يورو ، باعتبار اليورو العملة الأوروبية الموحدة للاتحاد الأوروبي . وتدفع هذه التعويضات المالية خلال فترة خمس سنوات لبناء دولة فلسطين العتيدة .
خامسا : إقامة وبناء سفارات وقنصليات لفلسطين في مختلف العواصم الأوروبية وفي مقدمتها برلين على حساب دول الاتحاد الأوروبي كجزء من التعويض المادي والسياسي .
سادسا : التعويض الإعلامي في شتى وسائل الإعلام والاتصال الجماهيري ومناصرة قضايا الشعب الفلسطيني على الصعد الإعلامية والدبلوماسية والسياسية .
سابعا : وقف الحملات الإعلامية في وسائل الإعلام الألمانية ، المطبوعة والمسموعة والمرئية والعنكبوتية ، التي تشوه وتشهر بالإسلام العظيم ، فالإسلام دين الله في الأرض شاء من شاء وأبى من أبى .
ثامنا : تمكين خمسة آلاف من الطلبة الفلسطينيين كحد أدنى من إكمال تعليمهم الجامعي المجاني في الجامعات الألمانية لدرجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه للتعويض الأكاديمي عن الخسائر الأكاديمية التي تسببت بها أوروبا في دعم الكيان الصهيوني وإغلاق الكيان الصهيوني ومن ضمنه يهود فلسطين المحتلة من الألمان ، للمدارس والجامعات الفلسطينية طيلة فترة الاحتلال الصهيوني لفلسطين .

أنغيلا ميركل مستشارة ألمانيا .. وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ
لماذا تناصرين الصهاينة الطغاة على المستضعفين بفلسطين ؟

يقول الله الواحد القهار سبحانه وتعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}( القرآن الحكيم ، المائدة ) .

لقد عقدت مستشاريتكم وحكومتكم اجتماعا مشتركا للمرة الثانية مع المجلس الوزاري الصهيوني ، المرة الأولى عام 2008 ، والمرة الثانية في 18 كانون الثاني 2010 ، كتفضيل سياسي ودبلوماسي ، أسوة بفرنسا وهولندا ، من دول الاتحاد الأوروبي ، لمناقشة السياسة الألمانية – الصهيونية المشتركة لدعم الكيان الصهيوني معنويا وماديا ، وسبل تزويدكم للجيش الصهيوني وخاصة سلاح البحرية ب 6 غواصات متطورة من طراز ( دولفين ) بقيمة مليار دولار وزوارق حربية خفية ، لترابط في مياه الخليج العربي ، تمهيدا للاعتداء على المفاعلات النووية المدنية الإيرانية ، وكذلك تعزيز أوجه التعاون الثنائي المشترك مع قادة الصهيونية العالمية في تل أبيب ، وهذا تأكيد جديد على الدعم الألماني المميز للنظام القمعي الصهيوني ضد الفلسطينيين ، علما بأن دولة فلسطين لم تقم حتى الآن . وهؤلاء الصهاينة ، الذين اجتمعت بهم وطاقمك الألماني ، لا زالوا سادرين في غيهم ، في حصار فلسطين العسكري والسياسي والاقتصادي ، فقتلوا وجرحوا وأسروا مئات آلاف الفلسطينيين ، ولا زالوا يقومون ببناء جدار الفصل العنصري بين أرض فلسطين زورا وعدوانا ، وصادروا الأراضي وجرفوا الأشجار المثمرة ، واستولوا على الثروات الطبيعية وفي مقدمتها الأراضي الزراعية والمياه والمواد الخام ، وحولوا حوالي 1200 مسجد من المساجد الإسلامية في الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني ، ونابلس وبيت لحم وغيرها ، كبيوت عبادة لله عز وجل لكنس يهودية ، وحظائر أبقار ، ومزارع ، ومتاحف ، وملاه ليلية للفجور والدعارة ، دون وجه حق قانوني أو ديني أو تاريخي ، واجتماعكم بهم يعطيهم السند الدبلوماسي والسياسي والعسكري والاقتصادي والديني ، ويجعلهم يعيثون في الأرض فسادا وإفسادا ، فوق فسادهم الداخلي ، ضد أهل الأرض المقدسة ، فأنظري ما تفعلين تجاه هذا العدوان الصهيوني المتعدد الأشكال والوجوه ؟؟؟

يا أهل الإنجيل في ألمانيا .. وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ
لقد إجترح يهود ألمانيا من أصحاب التوراة اليهودية ، السيئات تجاه الشعب الفلسطيني الأصيل في ارض آبائه وأجداده ، فعانى شعب الأرض المقدسة الأمرين ، والعذاب الشديد المؤلم ، والخوف الكبير ، في الأنفس والأموال والثمرات ومن سياسة التطهير العرقي الصهيونية الظالمة الباغية ، التي أسقطت السياسة النازية الألمانية المتعجرفة على هؤلاء الناس ، فلم يكن جزاءهم الإحسان كما أحسن أهل فلسطين للمضطهدين اليهود الألمان الهاربين من جحيم النازية السابقة ، فها هي عشرات الهولوكوست والأوشفيتس الصهيوني ضد الفلسطينيين ، في وطنهم وليس في أوروبا ، وها هو التقسيم الجغرافي بين المحافظات والمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية فيما يعرف بمناطق عام 1948 ، ومنطقة القدس ، ومناطق ( أ ، ب ، ج ، د ) ويشبه تمزيق ألمانيا إلى شقين متباعدين ، والقدس عاصمة فلسطين المنتظرة ، مفصولة عن الجسد الجغرافي الفلسطيني ، ولا يسمح يهود فلسطين بحرية العقيدة والعبادة في أقدس بقعة إسلامية بفلسطين ، وهي المسجد الأقصى المبارك ؟ بفعل صهيوني عنصري لا مثيل له الآن في العالم ، فانتهى عصر التقسيم والجدار لديكم في برلين خصوصا قبل عشرين عاما ، وألمانيا عموما ، وبدأ لدينا في مطالع القرن الحادي والعشرين ، وتزايدت وتيرة سياسة التقسيم والفصل العنصري الصهيوني الوحشية إبان فترة توليك لمهامكم كمستشارة لألمانيا الموحدة ، فما رأيك بهذا الأمر ؟
لقد تابعنا المؤتمر الصحفي المشترك بينك وبين رئيس الحكومة الصهيونية الليكودي المتطرف بنيامين نتانياهو في برلين الموحدة ، يوم الاثنين 18 كانون الثاني 2010 ، وأنت ضاحكة مستبشرة ، ولا ندري لماذا تستقبلين هذه الزمرة اليهودية الصهيونية القاتلة لأبناء فلسطين البررة ، التي تقض مضاجع الفلسطينيين ليل نهار ؟؟!! وصدر عن مؤتمرك الصحفي مناداتك بالسلام بين ( إسرائيل وفلسطين ) فأي سلام هذا الذي تدعين له ، مالك كيف تحكمين ؟! فيبدو أنك لا تعرفين أن كلمة دولة فلسطين غير موجودة على الخريطة السياسية العالمية ، فندعوك لمراجعة حساباتك السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية تجاه الزمرة المتطرفة الحاكمة في تل أبيب ، وإنصاف أهل البلاد الأصليين من ظلم وطغيان وسفاهات الغرباء الطارئين على فلسطين الأرض المقدسة .

أنغيلا ميركل .. نادلة الحانة وحاملة شهادة الدكتوراه في الفيزياء

أظنك قد جربت الحياة الدنيا والفضلى في شطري ألمانيا أثناء التقسيم ( ألمانيا الغربية وألمانيا الشرقية ) ، إبان الاحتلالين السوفياتي والأمريكي ، وبعد التوحيد والانتهاء من التقسيم الظالم للشعب الألماني الواحد ( ألمانيا الموحدة ) عام 1989 ، فوجدت اللذة والطعم اللذيذ في الحياة الكريمة والإمساك بزمام الحكم في ظل راية واحدة عام 2005 كأول مستشارة لألمانيا الموحدة بعد توحيد الشطرين ب 16 سنة ، وهكذا نحن نحب إسلامنا العظيم ، لأننا خير أمة أخرجت للناس ، وكذلك نحب فلسطين الكبرى ( الأرض المقدسة ) جميعها من بحرها لنهرها ، دون خوف أو وجل إلا من الله قاهر العباد ، أو لومة لائم غربي أو أجنبي .
وتذكري حياتك الشخصية كنادلة حانة عندما كنت تدرسين الفيزياء في جامعة لايبزغ ( كارل ماركس ) وحصولك على الدكتوراه في عام 1990 . فلا تتكبري على معاونة الفلسطينيين للحصول على أمانيهم وآمالهم في الحرية والاستقلال الوطني ولا تنضمي لشياطين وأشرار أمريكا والأطلسي والكيان الصهيوني في ضرب العرب والمسلمين في أي بقعة من بقاع العالم . فلا تغرنك جائزة الجالية اليهودية في ألمانيا ( ليو بيك عام 2007 ) ، ولا تغرنك ولا تغريك الدكتوراه الفخرية بالفلسفة التي منحتك إياها الجامعة العبرية في القدس المحتلة ، ولا تغتري بقرار مجلة ( فوربس) التي جعلتك في صدارة أقوى إمرأة في العالم للأعوام 2006 و2007 و2008 .
وتذكري دائما قول الله العظيم الحليم لجلب السعادة لبني الإنسان ، في الدارين : الدنيا الفانية والآخرة الباقية ، والآخرة خير وأبقى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35) }( القرآن العظيم ، ق ) .

أنغيلا ميركل .. ويا أهل ألمانيا العقلاء .. القرآن كلام الله المقدس فوق الجميع

يقول الله العلي العظيم جل شأنه : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80) وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) }( القرآن الحكيم ، المائدة ) .
أنغيلا ميركل ابنة مدينة هامبورغ بشمال ألمانيا كأول مولود للقسيس اللوثري هورست كاسنر

إذا كنت كمستشارة لألمانيا لولاية ثانية ، وإذا كنتم من أولي الألباب قولا وفعلا .. ابتعدوا عن الهمجية الصليبية الاستعمارية الجديدة .. وعليكم المبادرة لإصلاح ما أفسدته حكومتكم طيلة العقود الخالية ، والعمل الحثيث لراب الصدع في العلاقات العربية الإسلامية ، وعدم التجسس على أبناء الجالية الإسلامية في بلادكم ، ومعاملتهم بالحسنى ، وتوفير حقوق العمل والدراسة والعبادة والتنقل لهم دون إبطاء أو التصريح أو التلويح بالمشاركة في ملاحقة أبناء المسلمين .

أنغيلا ميركل .. إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ
فإحذري التمييز النازي الجديد ضد الجالية المسلمة

يقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20)}( القرآن العظيم ، آل عمران ) .
فإعلمي أن الدين الإسلامي هو خاتم الرسالات السماوية ، وأن المصطفى محمد بن عبد الله من مكة المكرمة بشبة الجزيرة العربية ، هو رسول الله وخاتم الأنبياء والمرسلين ، بعثه الله رحمة للعالمين كافة ، فإذا أردت دخول الإسلام فلك ذلك ، وهو منهاج الهداة المهديين ، عند رب العالمين ، وستدخلين جنة الخلود مع المسلمين الأبرار في الفردوس الأعلى ، وإن أردت البقاء على ما أنت عليه ، من صليبية أو اشتراكية أو غيرها فأحذري عذاب الله الشديد يوم القيامة ، فلا تخسري نفسك وأهلك وشعبك ، وهو الخسران المبين ، فاليوم تتبوئين منصب المستشارية الألمانية ، وغدا ستموتين ، كغيرك من الناس ، لأن الموت كأس سيمر على كل الناس ، كما تعلمين ، وستحاسبين يوم الدين ( يوم الحساب العظيم ) ، عن كل شيء في حياتك من حسنات وسيئات فكوني من المحسنين المتقين الأبرار ولا تلحقي بالكفار الفجار . ولا تنسي أن الإسلام العظيم ، بارك المرأة المسلمة كونها نصف المجتمع ، ولها الحقوق في الحياة الطبيعية والزواج وإنفاق أولياء الأمر عليها ، وإنتقاء الزوج والإنجاب والتربية الصالحة والتعليم والعمل والملكية وتولي المناصب العامة وغيرها من الحقوق ، وليس لها أن تكون أميرة المؤمنين لأن هذا مقتصر على الذكور فقد ورد في صحيح البخاري - (ج 21 / ص 497) لَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ فَارِسًا مَلَّكُوا ابْنَةَ كِسْرَى قَالَ : " لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً " .
وقارني يا ميركل .. بين ألمانيا الاشتراكية الملحدة والدول الإسلامية التي تنظم عقود الزواج بينما تحتضن ألمانيا حوالي 400 ألف زانية مومس في بيوت الدعارة المرخصة في الشوارع الرئيسة بالمدن الألمانية ، لأنهن لا يجدن من ينفق عليهن ، ولا يتزوجهن ، لنقص شركاء الحياة للألمانيات ، لتأخذ كل واحدة منهن عند بلوغها سن الرشد ، زوجا مناسبا لها ، في العقلية والبيئة والطباع ، بينما سمح الإسلام بزواج الرجل بأكثر من إمرأة واحدة وفق مبادئ العدل الملزمة ، لحل مشكلات العوانس ، ونقص الرجال أوقات الحروب كما حصل لديكم في الحرب العالمية الثانية ، وكذلك تأخر زواج الرجال ، بسبب نقص الباءة المالية ، مما حرم الفتاة الألمانية من شريك الحياة ومن الأمومة والطفولة الشرعية . وتذكري زواجك من رجلين حيث تزوجت الزوج الأول ( أولريش ميركل ) عام 1977 ولا زلت تحملين اسم عائلته ( ميركل ) ثم طلقتيه عام 1982 وتزوجت الزوج الثاني ( يواخيم زاور ) عام 1998 ، والحبل على الجرار .
وقد حفظ الإسلام حق المرأة في الزواج وعقد القران أو كتابة عقد النكاح قبل الزواج وليس بعده كما يحصل لديك من المهاترات والهرطقات الآثمة في الكنائس والزواج المدني العرفي ، التي تجعل من المرأة سلعة تنتقل بين رجل وآخر دون حقوق مترتبة على الرجل ، وهو أبشع استغلال جنسي واجتماعي واقتصادي في العالم .
وفي المقابل ، يترتب على المرأة المسلمة العديد من الواجبات من أبرزها : تدبير الشؤون المنزلية ، وتربية الأجيال الصالحة ، والحفاظ على تماسك الأسرة ، وعدم خيانة زوجها بالزنا ، والخروج بمحرم للمناطق النائية ، والتكاثر الطبيعي لتكثير سواد المسلمين ، والجهاد في سبيل الله ، بجناحيه : الجهاد الأكبر والجهاد الأكبر ، وليس كما هو لديكم من أسر مفككة لا ترابط اجتماعي أو ديني بينها .
وهناك مساواة وعدالة اجتماعية بين الذكور والإناث ، وليس كما يتصور السفهاء الذين يشوهون التعاليم الإسلامية ، فانظري إلى قول الله خالق الخلق أجمعين : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) }( القرآن المجيد ، الأحزاب ) . فهل بعد هذه المساواة الربانية مساواة بين الرجال والنساء ؟؟ لا أظن ذلك فالله هو أعدل العادلين ، وهو أحكم الحاكمين .
ولتدركي الحقيقة الإسلامية الخالدة أنه لا إكراه في الدين ، حسب ما ورد بالكتاب الإسلامي المقدس : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) }( القرآن المجيد ، البقرة ) .
على أي حال ، لقد ظهرت في الآونة الأخيرة ، بوادر العنصرية النازية الشوفينية الألمانية الجديدة ضد المسلمين في البلاد الألمانية ، وأصبح الوضع لا يطاق ، حيث ملاحقة المسلمين رسميا في المساجد والشوارع والمحلات التجارية والمؤسسات الأكاديمية والمصانع والمحاكم الألمانية كما حدث مع الصيدلانية العربية المصرية المسلمة الشهيدة ( مروة الشربيني ) ، في ظاهرة جديدة غير مسبوقة ، ولهذا يجب أخذ الحيطة والحذر ، ومعاملة المسلمين بالعدل والمساواة دون تمييز عنصري ، وإلا ستنقلب السفينة الألمانية رأسا على عقب ؟؟
وفي هذا المجال ، لا بد من التذكير أن إرسال الجنود الألمان إلى بلدان الوطن العربي والإسلامي الملتهبة ، كالعراق وأفغانستان وغيرها ، ضمن السياسة الأمريكية العسكرية الاستعمارية الشريرة لن يجلب لألمانيا سوى الويل والثبور والهزيمة والخسران المبين ، وعودة العشرات من جنودكم محملين في أكياس الموتى ، فلن يعود ذلك بأي نفع كان على الشعب الألماني والحكومة الألمانية ، ولهذا لا بد من الإسراع في إعادة هؤلاء الجنود المحتلين الذي يساهمون في زيادة العذاب لأبناء الأمة الإسلامية قبل فوات الأوان .

أيها القادة والشعب في ألمانيا ..
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ .. مهلا فلا تعودوا للاستعمار !!!

يقول الله العزيز العليم عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) }( القرآن المبين ، الأنفال ) .
لقد لوحظ في السنوات الأخيرة من حكمك يا أنغيلا ميركل في المستشارية الألمانية زيادة التعاون الصليبي الاستعماري مع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) والانخراط في المخططات العدائية الإستراتيجية للمسلمين لدعم الإمبريالية والحلم بعقلية الإمبراطورية الألمانية ، فأخذتكم العزة بالإثم ، واستكبرتم في الأرض استكبارا ، وضاعفتم المعونات العسكرية والاقتصادية لأعداء العرب والمسلمين والفلسطينيين ، علما بأن حرب العرب والمسلمين ليست معكم بأي حال من الأحوال ، ولكنكم أبيتم إلا مناصرة العنصريين الصليبيين والصهاينة والملحدين والمنافقين ، الطغاة البغاة على المستضعفين في الأرض ، من الشعوب العربية والإسلامية ، ولن تنسى لكم هذه الشعوب يوما ما هذا المكر السييء ، فلا يحيق المكر السيء إلا بأهله ، فكونوا ممن يتعظ بغيره ويأخذ الدروس من أخطاء الآخرين !! فلا تكونوا كالظل للسياسة الأمريكية الظالمة في الوطن العربي والوطن الإسلامي ، فما لكم وما لنا ؟ أتركونا بحالنا ، لئلا تنفجر الأوضاع مستقبلا ، فتصل الأمور لما لا يحمد عقباه ؟! فلا تستبدلوا الصليب النازي المعقوف بصليب آخر ، معقوفا أو غير معقوف ، ولتكن علاقاتكم مع المسلمين علاقة إحترام متبادل ، للمصلحة العليا للجانبين .

أنغيلا ميركل مستشارة ألمانية الموحدة .. المرأة الفولاذية الأوروبية
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ

إعلمي أن الناس الذين يوالونكم ممن يسمون أنفسهم بالمسلمين ، هم ليسوا كذلك ، بل هم من المنافقين في الأرض ، فلا هم معكم ولا هم مع المسلمين ، بأي صورة من الصور ، فانظري إلى قول الله الواحد الأحد في محكم التنزيل الذي يخاطب المؤمنين من أبناء الأمة الإسلامية ، خير أمة أخرجت للناس في العالمين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) }( القرآن الحكيم ، المائدة ) .

كلمة أخيرة

وأخيرا ، نأمل لألمانيا كل الإزدهار والتقدم ونرجو للشعب الألماني الحياة الكريمة الآمنة المستقرة ، بعيدا عن العنصرية الجرمانية الهوجاء ، في ظل حكومة رشيدة لا تكيل بمكيالين ، وتعامل المسلمين بالتي هي أحسن ، وعدم البطش بهم تحت أي ظرف من الظروف أو أي حال من الأحوال . ومحاكمة ومعاقبة كل عنصري شوفيني يعتدي على أبناء المسلمين لينال جزاءه الأوفى بما فعلت يداه . ونهديك هدية كهدية الخليفة المسلم هارون الرشيد لشارلمان الألماني في سابق العصر والأوان .

والسلام على من اتبع الهدى في العالمين ،،،
تحريرا في يوم الثلاثاء 3 صفر 1431 هـ / 19 كانون الثاني 2010 م .
التوقيع

د. كمال إبراهيم علاونه
نابلس – الأرض المقدسة