الجمعة، 4 ديسمبر 2009

مفهوم ونشأة الحكم المحلي

مفهوم ونشأة الحكم المحلي
د. كمال إبراهيم علاونه أستاذ العلوم السياسية فلسطين العربية المسلمة هناك مصطلحان يجري تداولها للتدليل على إدارة الشؤون المحلية في العالم ، وهما : أولا : الحكم المحلي ، وثانيا : الإدارة المحلية ، وذلك حسب الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وأما في فلسطين الصغرى ( الضفة الغربية وقطاع غزة ) فقد عملت السلطة الوطنية الفلسطينية منذ قيامها في جزء من أرض فلسطين عام 1994 ، على إطلاق تسمية الحكم المحلي على الهيئات المحلية في البلاد . وفي فلسطين المحتلة عام 1948 ، في ظل الكيان الصهيوني ، جرت العادة على تسمية هذا الأمر بالسلطات المحلية في البلاد . وهناك تداخل في مصطلحات الحكم المحلي والإدارة المحلية المتبعة في هذه الدولة أو تلك . 1) مفهوم الحكم المحلي لغة : يقال حكم بالأمر حكما بمعنى قضى . ويقال حكم له ، وحكم عليه ، وأحكم فلانا عن الأمر ، وحكم بينهم . وحكم فلانا : منعه عما يريد ورده . وحكم حكما : أصبح حكيما . كما يقال أحكم التجارب فلانا : جعلته حكيما ، وحكم الشيء والأمر : أتقنه . وحاكمه إلى الله وإلى الكتاب وإلى الحاكم : خاصمه ودعاه إلى حكمه . وتحاكما : احتكما . وتحكم عليه الشيء : التبس إذ يقال استحكم عليه الكلام . والحاكم هو من نصب للحكم بين الناس . ويقال احتكم في الشيء والأمر تصرف فيه كما يشاء ، كما هو الحال في احتكم في مال فلان واحتكم في أمره . والحكم والحكيم من أسماء الله عز وجل الحسنى . والحكم : هو العلم والتفقه . والحكمة : هي معرفة أحسن وأفضل الأشياء بأفضل العلوم والمعارف . وكذلك فإن الحكمة هي العدل . وعلم الحكمة هي الكيمياء والطب . والمحكمة هي الهيئة التي تتولى الفصل في القضاء في مكان انعقاد هيئة الحكم . والمحكم : المتقن [1] . وحكم حكما وحكومة بالأمر وللإنسان أو عليه وبينهم : قضى وفصل . وحكمه في الأمر : فوض إليه الأمر فيه . وحاكمه إلى الحاكم : دعاه . واحتكم في الشيء تصرف فيه وفق مشيئته . والحكومة : اسم من تحكم في الأمر بمعنى حكم فيه . وحكم حكما وحكومة في البلاد : تولى إدارة شؤونها فهو حاكم . والحكم جمع أحكام وهو تولي إدارة شؤون البلاد . والحكومة هي أرباب أو أصحاب السياسة والحكم الذين يسوسون البلاد ويحكمونها وهم الهيئة أو الجهة الحاكمة التي تتألف ممن يتولون تسيير شؤون البلاد وإدارتها لخدمة الشعب والوطن [2] . والعَدْلُ : الحكْمُ بالحقّ . والحَيْفُ : المَيْلُ في الحُكْم . والعَوْلُ : الميل في الحكم، أي: الجَوْر [3] . والحَكَمُ : الله عزَّ وجلَّ ، وهو الحَكِيْمُ . ومن صفات الله : الحكم ، والحكيم والحاكم وهو احكم الحاكمين . والقَضاءُ يعني الحكم . وفَصْلُ الخِطابِ : الحُكْمُ بالبَيِّنَةِ ، والحُكْمُ هو القَضاءُ والجمع أحْكامٌ ، وقد حَكَمَ عليه بالْأَمْرِ حُكْمَاً وحُكومَةً ، و بَيْنَهُم كذلك . والحاكِمُ : مُنَفِّذُ الحُكْمِ [4] .وفي القرآن المجيد وردت كلمة الحكم على عدة وجوه منها : قال الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }[5] . وورد في القرآن الكريم أيضا : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا } [6] . كما نطقت الآية القرآنية الكريمة في الذكر الحكيم : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } [7] . كما جاء في القرآن المجيد بعض الآيات الدالة على الحكم كما يلي : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) [8] . { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [9] . { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [10] . { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ . وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [11] . وقال تعالى : { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [12] . وهناك آيات أخرى في القرآن العظيم دلت على الحكم العام منها : { قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } [13] . وقد أمر الله عباده أن يحكموا بالعدل والسوية . قال الله تعالى في القرآن المجيد : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا } [14] . وقال الله عز وجل عن نفسه : { وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [15] ، وكذلك نطقت الآية القرآنية بالحروف النورانية المقدسة التالية : { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ } [16] ، وفي الدعاء ورد في الآية القرآنية المجيدة : { رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [17]، وأشار البارئ عز وجل إلى أن له الحكم والرجعى في نهاية المطاف ، فقال في الآية القرآنية من سورة القصص : { وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [18] . 2) مفهوم الحكم المحلي اصطلاحا : Local Government الحكومة المحلية باللغة الإنجليزية حسب قاموس وبستر : Local Government : the government of a specific local area constituting a subdivision of a major political unit ( as a nation or state ) ; also : the body of persons constituting such as a government [19] .تعني العبارات الإنجليزية السابقة أن الحكومة المحلية هي الحكومة المحددة لمنطقة محلية معينة أو مؤلفة مقسمة كجزء من الوحدة السياسية الرئيسية كالأمة أو الدولة . وكذلك هي هيئة من الأشخاص منصبة أو مؤلفة دستوريا ( شرعيا ) كحكومة . وكذلك تعني الحكومة المحلية حسب قاموس أكسفورد الحديث ( باللغة الإنجليزية ) : Local Government ( noun ) : the government of a particular place by a group of people who are elected by the local residents . In Britain the group of elected officials who are in charge of local government is called the council . The local authority consists of officials who are paid . These officials carry out the decisions that the council has made [20] . تعني العبارات الإنجليزية السابقة أن الحكومة المحلية هي الحكومة المنصبة أو المؤلفة من مجموعة من الأشخاص لمكان معين انتخبت من السكان المحليين . وفي بريطانيا جماعة الرسميين المنتخبين الذين يتولون مسؤولية الحكومة المحلية يطلق عليهم المجلس . وتتألف السلطة المحلية من الرسميين الذين يدفعون . وهؤلاء الرسميون ينفذون القرارات التي اتخذها المجلس .وأما الإدارة المحلية Local Administration فتعني : إدارة الشؤون المحلية للمناطق والوحدات الإدارية في البلاد بوساطة المواطنين المحليين في ظل إشراف ورقابة السلطة ( الحكومة ) المركزية ، فيعطى بموجب نظام الإدارة المحلية كنظام لا مركزي صلاحيات ومهام واختصاصات محددة تتعلق بقضايا تهم المواطنين في هذه الوحدة الإدارية الواحدة من البلاد ضمن حدود الدستور والقوانين العامة في البلاد . وتتركز هذه المهام والأدوار والاختصاصات في الشئون الإدارية والخدمية كإدارة المرافق العامة كالماء والكهرباء والأسواق وتنظيم الشوارع وإعداد المخططات الهيكلية للمنطقة المعنية ومراقبة البناء والعمران . وتكون هذه النشاطات تحت إشراف السلطة المركزية Central Authority التي تتولى إدارة الشؤون السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية العامة في الدولة . وتمنح الهيئات المحلية سلطات محلية تبعا للظروف السياسية والاقتصادية السائدة في البلاد . وتنشأ هيئات الحكم المحلي في مختلف الدول وتتخذ أسماء متباينة أو متشابهة تبعا للميراث التاريخي أو الاستعماري أو الابتكار المحلي . وهناك تعريفات متعددة للحكم المحلي أو الإدارة المحلية وضعها وعينها بعض المفكرين والسياسيين والباحثين ، تتشابه أحيانا وتتطابق أحيانا ، وتتباين أحيانا أخرى ، خدمت أو تخدم أهدافا محددة كما رسمها لها واضعوها ، على أرض الواقع . ومن أهم هذه التعريفات ما يلي : فمثلا عرف الكاتب البريطاني ( كرام مودي ) الإدارة المحلية بأنها : " مجلس منتخب تتركز فيه سلطات الوحدة المحلية ويكون عرضة للمسؤولية السياسية أمام الناخبين ، سكان الوحدة المحلية ، ويعتبر مكملا لأجهزة الدولة " [21] . فقد اهتم وركز هذا الكاتب البريطاني على مسالة انتخاب السكان المحليين للمجلس المحلي الذي يخضع بدوره للمساءلة السياسية من قبل الناخبين الذين انتخبوه ، وهو على أي حال متمما لمؤسسات الدولة الأخرى . من جهته ، عرف الفقيه الفرنسي ( اندريه دولو بادير ) الإدارة المحلية فقال : " إنها اصطلاح وحدة محلية لإدارة نفسها بنفسها ، وأن تقوم بالتصرفات الخاصة بشؤونها " [22]. يركز هذا التعريف على إدارة الوحدة الإدارية كالبلدية أو المجلس القروي شؤونها بذاتها . كما تطرق الفقيه الفرنسي ( فالين ) للنظام اللا مركزي بقوله إنه : " سحب وظائف من السلطة المركزية وإحالتها لسلطة مستقلة ذات اختصاص محدد ، سواء كان هذا الاختصاص إقليميا أو مصلحيا " [23] .وعرف مفكر آخر هو جورج بلير ، الحكومة المحلية بأنها : " أية منظمة لها سكان يقيمون في منطقة جغرافية معينة مع تنظيم مسموح به وهيئة حاكمة بالإضافة إلى شخصية قانونية مستقلة وسلطة تقدم خدمات عامة أو حكومة معينة مع درجة كبيرة من الاستقلال بما في ذلك سلطة قانونية وفعلية لجبي جزء على الأقل من إيراداتها " [24]. وهذا التعريف يهتم بالسكان والجغرافيا وهيئة الحكم وتحديد الشخصية القانونية المستقلة الملازمة للحكومة المحلية التي تقوم بتقديم خدمات حيوية وفي المقابل القيام بجباية إيرادات على شكل رسوم وضرائب لتمويل نشاطاتها . وأما مارشال فقد تحدث عن وجود ثلاث خصائص للحكومة المحلية تتمثل في الآتي : مجال عملها يكون في نطاق جغرافي معين في إطار حدود الدولة أو الولاية ، وقيام السكان بانتقاء أو انتخاب هذه الهيئة المحلية ، والتمتع بالاستقلال الجزئي فيها كجبي الضرائب والرسوم [25] . من جهتها ، تناولت هيئة الأمم المتحدة مسالة الحكم المحلي فعزت مصطلح الحكم المحلي إلى الوضع السياسي لإحدى الدول أو الولايات ، فاعتبرت الحكومة المحلية بأنها : " في حالة النظام الفدرالي : الولاية التي يتم إيجادها بموجب القوانين والمتمتعة بقدر كبير من السيطرة على الأمور المحلية بما في ذلك سلطة فرض الضرائب واستخدام الأفراد لأغراض محددة " [26] . ووضع بعض خبراء الحكم المحلي العرب ، الحكم المحلي كنظام حكم يتوسط الإدارة المحلية والفيدرالية ، وذلك ضمن أربعة نظم تحليلية يتكون منها المجتمع وهي : النظام السياسي الذي يعمل على تحقيق الأهداف ويعمل على إيجاد وتعديل وتوزيع القرارات السياسية للمجتمع ، والنظام الاقتصادي الذي يقوم بدور التكييف والنظام الاجتماعي الذي يعمل على تحقيق الاندماج ، والنظام الثقافي الذي يعمل على التفاعل الرمزي في القيم والاتجاهات والمعرفة [27] . ويرى بعض الباحثين في الشؤون المحلية بأن الإدارة المحلية تتمثل في تحويل جزء من السلطات الإدارية من السلطة المركزية إلى هيئات محلية تؤلف لتتولى مسائل الإدارة المحلية ، وأن الحكم المحلي يعني تحويل جميع السلطات الإدارية وغالبية السلطات التشريعية والقضائية إلى الهيئات المحلية [28] . كما يرى د. حسن محمد عواضه الإدارة المحلية بأنها تسمية اعتاد معظم الفقهاء استعمالها للدلالة على اللامركزية الإقليمية كأسلوب من عدة أساليب مستخدمة للتنظيم الإداري للدولة . واللامركزية الإدارية حسب مفهوم عواضه هي أسلوب لتقاسم أو توزيع وظائف من وظائف الدولة في المجالات الإدارية والاقتصادية إقليميا أو محليا ، بمعنى توزيعها على قسم من أقسام الدولة كالبلديات ومجالس المدن ومجالس القرى أو مصلحيا أو مرفقيا كبعض المرافق العامة للدولة مثل المؤسسات والهيئات العامة [29] . وبهذا فإن هناك تطابق أو تباين في استعمال اسمين أساسيين للهيئات وهما : الحكم المحلي أو الإدارة المحلية ، وهناك من استخدم تسمية الحكم الشعبي المحلي كالسودان ، والتنظيم الجماعي كالمغرب . وهناك جدل كبير في إطلاق أي تسمية على هيئات التجمع الشعبي المحلي في كل دولة من دول العالم والدول العربية خاصة . ويؤكد بعض الباحثين العرب والأجانب أنه لا فرق بين مصطلحي الحكم المحلي والإدارة المحلية ، فالفارق بين الاسمين أو المصطلحين والاختلاف يرجع لاختلاف في القوانين والأنظمة الصادرة والطبقة فعليا على أرض الواقع . وإن الإدارة المحلية لا تعتبر مرحلة أو درجة من الدرجات الإدارية للحكم المحلي فكل من الحكم المحلي والإدارة المحلية له أسلوب من أساليب الإدارة العامة يختلف من مدرسة سياسية ومن دولة لأخرى . كما إن الإدارة المحلية هي المصطلح الأقرب للمنطق الإداري الذي يمثل الأسلوب غير المركزي في الإدارة بمرتبة أقل من حكومة الولايات أو الحكومة المركزية ، وكذلك فإن نظام الحكم المحلي في الدول ذات الأنظمة الإنجليزية لا يعدو كونه أسلوب معين من أساليب الإدارة [30] . وبرأينا ، هناك فرق شكلي وإداري بين مصطلحي الحكم المحلي والإدارة المحلية ، وإن كان يوحي المصطلح الأول بأن الحكم يرمز للتحكم بالشيء أو المؤسسة المحلية عبر سياسة حكم جماعية بصورة لا تنتقص من هيبة ومركزية السلطة المركزية في البلاد ، بينما يوحي مصطلح الإدارة المحلية إلى وجود عمل إداري أو جهاز إداري معين يعمل على تسيير هيئة ما بما يتوافق مع الإدارة العامة أو الخاصة . وكذلك فإن السلطة المركزية السياسية هي التي تطلق هذه التسمية أو تلك على الهيئات المحلية كالحكم المحلي أو الإدارة المحلية كما تطلق تسمية مخصصة على الوزارة التي تدير شؤون المحليات ضمن حدودها ، فمثلا هناك من يسمي هذه الوزارة : وزارة الحكم المحلي أو وزارة الإدارة المحلية أو وزارة الشؤون المحلية أو وزارة الشؤون البلدية والقروية أو وزارة الداخلية أو وزارة الهيئات المحلية أو وزارة السلطات المحلية أو المجلس الأعلى للهيئات المحلية أو المجلس الأعلى للحكم المحلي أو غيرها من الأسماء الدارجة هنا أو هناك في هذه الدولة أو تلك حسب الإيديولوجية السياسية المتبعة . وهناك من يبتعد عن استخدام أي من مصطلحي الحكم المحلي والإدارة المحلية لينأى عن العلوم السياسية والعلوم الاقتصادية ولو قليلا ليطلق مصطلح البلديات أو الشؤون البلدية والقروية نسبة للبلد والقرية مدخلا المصطلح الجغرافي الأصيل ، والتركيز على النمط أو الأسلوب السكاني والجغرافي . فمصطلح الشؤون البلدية والقروية هو المصطلح الأكثر حيادية بين السياسة والاقتصاد دون انتقاص لجوهرهما ومضمونها أو محتواهما العام في الدولة . وفي نهاية المطاف ، فإننا نقول ، إن مصطلح الحكم المحلي هو مصطلح أقرب إلى العلوم السياسية والاجتماعية وهو الأنسب لاستخدامه للتدليل على المحليات الجماعية التنظيم والأهداف والسياسات أكثر من مصطلح الإدارة المحلية الذي يعبر عن شؤون إدارية أو جهاز إداري وظيفي أو تنمية وهو أقرب للعلوم الاقتصادية التجارية . إلا أنه لا ضير في استخدام أي المصطلحين إذا أريد لهما أن يعبرا عن الاختصاصات ذاتها والصلاحيات ذاتها والأدوار ذاتها ضمن هيكلية النظام السياسي العام في أي نظام من أنظمة الحكم السياسية المتبعة في هذا العصر . [1] إبراهيم مصطفى وآخرون : إخراج ، المعجم الوسيط ، الجزء الأول ( استنبول : دار الدعوة ، 1989 ) ، ص 190 . [2] دار المشرق ، المنجد في اللغة والأعلام ، ط . 38 ( بيروت : دار المشرق ، 2000 ) ، ص 146 . [3] العين ، الجزء 1 ، ص 138 ، 236 . والمحيط في اللغة ، الجزء 1 ، ص 175 . [4] القاموس المحيط ، الجزء 1 ، ص 56 . والجزء 3 ، ص 210 . [5] القرآن الكريم ، سورة الأنعام ، الآية 114 . [6] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 35 . [7] القرآن الكريم ، سورة لقمان ، الآية 11 . [8] القرآن الكريم ، سورة المائدة ، الآية 44 . [9] القرآن الكريم ، سورة المائدة ، الآية 45 . [10] القرآن الكريم ، سورة المائدة ، الآية 47 . [11] القرآن الكريم ، سورة المائدة ، الآيات 48 – 50 . [12] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 65 . [13] القرآن الكريم ، سورة الأنعام ، الآية 57 . [14] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 58 . [15] القرآن الكريم ، سورة القصص ، الآية 70 . [16] القرآن الكريم ، سورة الرعد ، الآية 37 . [17] القرآن الكريم ، سورة الشعراء ، الآية 83 . [18] القرآن الكريم ، سورة القصص ، الآية 88 . [19]local government , Merriam Webster’s Collegiate Dictionary , Tenth Edition ( U . S . A : Merriam- Webster , Incorporated , 1994 ) , p 684 .[20]Local Government , Oxford Word power ( London : Oxford University Press , 1999 ) , p. 444 . [21]Crime C. Modio , The Government of Great Britain ( London : 1965 ) p. 135 . [22]Andre De Laubader , droit administratif ( Paris : 1960 ) , 42 . أعاد نشره شاهر الرواشدة ، الإدارة المحلية في المملكة الأردنية الهاشمية ، ص 31 . [23] حسن محمد عواضه ، الإدارة المحلية وتطبيقاتها في الدول العربية – دراسة مقارنة ( بيروت : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، 1983 ) ، ص 17 . [24]George S. Blair , Government At the Grass – Roots ( California : Palisades Publishers , 1977 ) , p . 14 . . أعاد نشرها شاهر الرواشدة ، مرجع سابق ، ص 31 . [25]A.H. Marshal , Local Government in Modern World ( London : Athelone Press , 1965 ) , P.5 .[26]Emil J. sady , Improvement of Local Government and Administration , for Development Purposes , Journal of Local Administration Overseas , July 1962 , p 135 – 148 . [27] د. عبد المطلب غانم ، المحليات ، دراسة مقارنة في الإدارة والنظم المحلية ( القاهرة : مكتبة نهضة الشرق ، 1981 ) ، ص 43 ، 76 [28] د. عبد المعطي عساف ود. نادر أبو شيخة ، تنظيم الإدارة المحلية في المملكة الأردنية الهاشمية : دراسة تحليلية ( عمان : المنظمة العربية للعلوم الإدارية ، مطابع الدستور التجارية ، 1985 ) ، ص 9 – 10 . [29] حسن محمد عواضه ، الإدارة المحلية وتطبيقاتها في الدول العربية ، مرجع سابق ، ص 15 ، ص 17. [30] عبد الله العلي النعيم ، إدارة المدن الكبرى – تجربة مدينة الرياض ( الرياض : 1994 ) ، ص 114 .

ليست هناك تعليقات: