الجمعة، 2 أكتوبر 2009

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .. في ذكرى المولد النبوي

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ

عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ..

في ذكرى المولد النبوي الشريف
( 570 – 633 م )


عدد ممتاز جدا جدا جدا
جددوا البيعة للإسلام العظيم ..
جددوا البيعة للمصطفى صلى الله عليه وسلم

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) }( القرآن المجيد ، التوبة ) .
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

{ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37 } ( القرآن المجيد ، الجاثية ) ، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين رسول الله محمد بن عبد الله البشير والنذير للعالمين كافة في كل زمان ومكان من بعثته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في يوم جمع الخلائق والأمم أجمعين عدد خلق ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ، وبعد ،
السلام عليك يا سيدي يا رسول الله ، يا محمد بن عبد الله ، السلام عليك يا إمام المتقين ، السلام عليك يا إمام بيت المقدس وإمام النبيين والمرسلين في المسجد الأقصى المبارك بفلسطين المباركة ليلة الإسراء والمعراج الخالدة ، السلام عليك وعلى من اتبعك بإحسان إلى يوم الدين ، السلام عليك يا قدوتنا ومعلمنا وإمامنا الأعظم ، السلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا .

أيها الإخوة والأخوات الكرام أهلا ومرحبا بكم في هذا العدد الممتاز من الموقع الإسلامي الشامل والجامع شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) ومدونة ( فلسطين العربية المسلمة ) .
على درب الهدى درب الإسلام العظيم ، نلتقي وإياكم عبر أثير الانترنت ، الجناح الإسلامي الملتزم والراضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، نتواصل معا في ذكرى المولد النبوي المحمدي الشريف ، سيد الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين الأخيار . وتحتفل الأمتين العربية والإسلامية عادة في ذكرى خالدة طيبة وعطرة ألا وهي ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري قمري .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك " ، رواه
نعم أيها الإخوة والأخوات الكرام ... لنغتنم فترة الشباب قبل الكبر والهرم والصحة قبل المرض والسقم والغنى قبل الفقر والعدم والفراغ قبل الشغل والانشغال ونستغل الحياة ونستثمرها قبل الموت والعودة إلى القبور ومن ثم البعث يوم البعث والنشور ولنسر على هدى المصطفى النبي محمد صلى الله عليه وسلم في سنته وكافة تعليماته لندخل الجنان دون حساب من الله الحنان المنان بديع السماوات والأرض ، ذو الجلال والإكرام .

والى العدد الممتاز من الإدراجات ،
إلى ملف الذكرى ( ذكرى المولد النبوي المحمدي الشريف )

ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء

في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري عربي ، يحتفل المسلمون في شتى أرجاء الكرة الأرضية من مشارقها إلى مغاربها ومن شمالها لجنوبها ، بذكرى مجيدة سامية عطرة جليلة ألا وهي ذكرى ميلاد النبي العربي الأمي الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين إلى العالم كافة وأعظم نبي من الأنبياء من أولي العزم ، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنها ميلاد الأمة الإسلامية جمعاء وكانت ولادته وحياته ما بين ( 570 م - 633 م ) بواقع 63 سنة عاشها المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم . يقول الله عز وجل في الذكر الحكيم على لسان اشرف الخلق : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) }( القرآن المجيد ، الأعراف ) . { وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) } ( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
أيها الإخوة والأخوات ... تشارك الأرض المقدسة ، ارض الإسراء والمعراج ، فلسطين المباركة ، في هذه الأيام المهيبة بتنظيم المهرجانات والندوات في بيوت الله وفي كل مكان لتخليد هذه الذكرى الحية في نفوس وعقول هذا الشعب المرابط والمجاهد في سبيل الله إلى يوم الدين عبر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ودار الفتوى والبحوث الإسلامية والمراكز والمؤسسات والأطر الإسلامية الشعبية والأهلية في الجامعات والمعاهد العليا وخاصة كليات الشريعة والدراسات الإسلامية وأصول الدين والقرآن الكريم التي تنتشر كحبات اللؤلؤ والمرجان على خارطة الوطن الفلسطيني ، وعبر وسائل الإعلام الالكترونية والمطبوعة والمسموعة والمرئية وعبر الانتر نت ، حيث يتضرع الآلاف من أبناء هذا الوطن المرابط في سبيل الله أن يعيد هذه الذكرى المحمدية النبوية العطرة على بلادنا وقد تحققت الأماني بإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف وقد زال الاحتلال عن الأرض والمقدسات الإسلامية .

البشارة بالنبي العربي الأمي

عندما رفع النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام قواعد البيت العتيق طلبا في دعائهما من الله أن يبعث في تلك الديار رسولا من أنفسهم فاستجاب لهما الخالق سبحانه وتعالى ، فقد جاء في سورة البقرة : { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) } ( القرآن المجيد ، البقرة ) .
وعن تبليغ وتنبيه المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام عن قدوم النبي المصطفى محمد ( احمد ) جاء في القرآن المجيد على لسان المسيح عيسى عليه السلام : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) } ( القرآن المجيد ، الصف ) . وقال الله العزيز الحميد : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) }( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
وعن البشرى كما أخبر عنها النبي المصطفى حبيب الله نفسه ، جاء بمسند أحمد - (ج 35 / ص 25) عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ دَعْوَةِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبِشَارَةِ عِيسَى قَوْمَهُ وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ وَكَذَلِكَ تَرَى أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ " .

أيها الإخوة الكرام .. أيتها الأخوات المسلمات الماجدات ، وفيما يلي استعراض عام لمراحل نشأة وحياة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم .

أولا : مرحلة الولادة والطفولة

ولادة النبي العربي ، عن ذلك يقول الشاعر العربي العدل ، الذي مل الإسلام قلبه وروحه وعقله وجسده :
ولد الهدى فاهتزت الدنيا له فرحا وزالت دولة الإجرام
والظلم ولى ما له من عودة والعدل اقبل مفرد الاعلام
والجهل ولى ما له رجعة والعلم جاء يضيء للأنام
ولد النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم الاثنين في الثاني عشر من شهر ربيع الأول عام الفيل ويقال عام 570 م أو 571 م .

حوادث ومعجزات يومي حمله وولادته

قيل إن أم رسول الله السيدة الفاضلة آمنة بنت وهب ، عندما حملت به ، كما حدث الناس ، " أنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، قيل لها : إنك حملت بسيد هذه الأمة ، فإذا وقع إلى الأرض فقولي : " أُعيذه بالواحد من شر كل حاسد " ، ثم سميه محمداً . ورأت حين حملت به انه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام . وقد ولد النبي الكريم ساجدا معتمدا على الأرض بيديه ، وارتجف إيوان كسرى لمولده وسقطت منه 14 شرفه وغارت بحيرة ساوه وولد مختونا . وقال حسان بن ثابت ، والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان ، أعقل كل ما سمعت ، إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة( حصن ) بيثرب : يا معشر يهود ‍‍، حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا : ويلك ما لك ؟ قال : طلع الليلة نجم احمد الذي ولد به .
وبعد أن اكتمل نمو الجنين واقتربت ساعة الميلاد العظيم ، وضعته أمه آمنة بنت وهب ، يتيما بعد وفاة والده عبد الله بن عبد المطلب عندما كانت حاملا به مدة شهرين ، وبعثت تطلب جده عبد المطلب ، فأتى ونظر إلى حفيده مسرورا فرحا تملأه الغبطة والسرور بكل جوارحه ، كيف لا وهو ابن ابنه عبد الله ، ابنه الأصغر الحبيب الذي كان افتداه بمائه رأس من الإبل في قصة طريفة تدل على غلبه إرادة الله العزيز الحكيم ، انه الذبيح الثاني الناجي من الذبح ، وكان الذبيح الأول النبي إسماعيل عليه السلام وقصته مع والده النبي إبراهيم عليه السلام وافتدائه بكبش ابيض املح اقرن من الجنة .
وما كان من جده عبد المطلب إلا أن حمله بين يديه ودخل به الكعبة مقبلا على الله بالدعاء والابتهال شاكرا له على هذا الوليد الجديد ، ثم رجع به إلى أمه آمنة بنت وهب واخذ يبحث له عن المراضع ، فكان من نصيب المرضعة حليمة السعدية ابنة أبي ذؤيب . إذ لم يكن في ذلك الأوان حليب مبستر أو جاف جاهر للحل والشرب أبدا . وتروي المرأة الفاضلة حليمة السعدية مرضعة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى مكة مع زوجها وابن صغير لها ترضعه في نسوة من بني سعد في سنة مجدبة تلتمس الرضعاء وتقول : " وما ننام ليلنا اجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع ، ما في ثدييّ ما يغنيه ، وما في شارفنا ما يغذيه ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج .. حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء ، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول : يتيم ‍ وما عسى أن تصنع أمه وجده ؟ ... فما بقيت امرأة كانت معي إلا أخذت رضيعا غيري ، فلما اجمعنا الانطلاق قلت لزوجي الحارث : والله إني لأكره أن ارجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه ؟ قال : لا عليك أن تفعلي ، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة " فأخذته حليمة السعدية وما أن وضعته على ثديها الخالي من الحليب فشرب وروي وشرب معه أخوه حتى رويا وناما ، وكما قالت إن ابنها في السابق لم يكن ليشبع من الرضاعة وفي هذه المرة شبع الصبيان الإثنان في الوقت ذاته .. إنها بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت على المرضع حليمة السعدية .. وقام الحارث في نفس الليلة وحلب الغنم فحلب وشرب وشبعت الأسرة كلها فباتت بخير وبركة ، عندئذ قال الحارث لزوجته حليمة " تعلمي والله يا حليمةُ لقد أخذت نسمة مباركة ‍، فقالت : والله لأرجو ذلك . وتتابع حليمة السعدية مرضع الرسول الكريم في صباه قائلة " فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته، أي فطمته عن الرضاعة ، وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان .
حديث شق الصدر لرسول الله

عندما انتهى الرضيع المفدى الحبيب من الرضاعة وبلغ ثلاث سنوات ، جرى له شق بطنه . فعن ذلك ، سأل نفر من أصحاب النبي محمد فقالوا : يا رسول الله اخبرنا عن نفسك ، قال : نعم ، أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى أخي عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام ، واسترضعت في بني سعد بن بكر . فبينا أنا مع أخ لي ( يقصد من الرضاعة ) خلف بيوتنا نرعى بهما ( أي غنما ) لنا ، إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجاً ثم أخذاني فشقا بطني واستخرجا قلبي فشقاه ، فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها ، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما للآخر زنه بعشرة من أمته ، فوزنني بهم فوزنتهم ، ثم قال : زنه بمائة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم . ثم قال : زنه بألف من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ، فقال ، دعه لو وزنته بأمته لوزنها . فأنبت الله سبحانه وتعالى النبي محمد نباتا حسنا في بداية حياته الجليلة في كنف أمه آمنة وجده عبد المطلب ، وما أن بلغ من العمر ست سنين حتى توفيت أمه الحنونة ، فكفله جده عبد المطلب وكان يهتم به كثيرا فلما بلغ النبي ثماني سنين توفي جده فكفله عمه أبو طالب . وبذلك فقد عاش نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يتيم الأبوين : الأب والأم على حد سواء وقد كان طيلة حياته تحت رعاية المولى عز وجل ، قال الله تعالى في سورة الضحى : { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) } ( القرآن المجيد ، الضحى ) .

أسماء الرسول الكريم

لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم عدة أسماء منها ما ورد في القرآن الكريم مثل : محمد واحمد ، المدثر ، المزمل ، طه ، الأمي ، بشير ، نذير ، هادي . ومنها ما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة مثل : حاشر ، ماحي ، صادق ، أمين ، أبو القاسم ، المصطفى . وجاء بصحيح البخاري - (ج 11 / ص 362) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ : أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ " . وفي صحيح مسلم - (ج 12 / ص 35) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ لِي أَسْمَاءً أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفًا رَحِيمًا " . وفي مسند أحمد - (ج 34 / ص 90) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ لِي أَسْمَاءً أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يُمْحَى بِيَ الْكُفْرُ وَأَنَا الْعَاقِبُ وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
وكما ورد في كتاب السيرة لابن هشام فان للرسول الكريم بعض الأسماء معروفة في الأمم السابقة للدلالة على بعثته صلى الله عليه وسلم ، منها : باللغة السريانية ( المُنحَمَنّا ) ، وبالرومية ( البَرَقِليطسْ ) . وجاء بمسند أحمد - (ج 49 / ص 14) عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا كَنِيسَةَ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ عِيدٍ لَهُمْ فَكَرِهُوا دُخُولَنَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ، أَرُونِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا يَشْهَدُونَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ يُحْبِطْ اللَّهُ عَنْ كُلِّ يَهُودِيٍّ تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ الْغَضَبَ الَّذِي غَضِبَ عَلَيْهِ . قَالَ : فَأَسْكَتُوا مَا أَجَابَهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ! ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِمْ ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ، ثُمَّ ثَلَّثَ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ . فَقَالَ : أَبَيْتُمْ ، فَوَاللَّهِ ، إِنِّي لَأَنَا الْحَاشِرُ وَأَنَا الْعَاقِبُ وَأَنَا النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى آمَنْتُمْ أَوْ كَذَّبْتُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا كِدْنَا أَنْ نَخْرُجَ ، نَادَى رَجُلٌ مِنْ خَلْفِنَا ، كَمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : فَأَقْبَلَ فَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ : أَيَّ رَجُلٍ تَعْلَمُونَ فِيكُمْ ، يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ . قَالُوا : وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ فِينَا رَجُلٌ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْكَ ، وَلَا أَفْقَهُ مِنْكَ ، وَلَا مِنْ أَبِيكَ قَبْلَكَ ، وَلَا مِنْ جَدِّكَ قَبْلَ أَبِيكَ . قَالَ : فَإِنِّي أَشْهَدُ لَهُ بِاللَّهِ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ الَّذِي تَجِدُونَهُ فِي التَّوْرَاةِ . قَالُوا : كَذَبْتَ ثُمَّ رَدُّوا عَلَيْهِ قَوْلَهُ . وَقَالُوا فِيهِ شَرًّا . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَذَبْتُمْ لَنْ يُقْبَلَ قَوْلُكُمْ أَمَّا آنِفًا فَتُثْنُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا أَثْنَيْتُمْ وَلَمَّا آمَنَ كَذَّبْتُمُوهُ ، وَقُلْتُمْ فِيهِ مَا قُلْتُمْ !! فَلَنْ يُقْبَلَ قَوْلُكُمْ . قَالَ : فَخَرَجْنَا وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }( القرآن المجيد ، الأحقاف ) .

ثانيا : عمله المهني

عمل الأمين الصادق محمد صلى الله عليه وسلم ، في عدة مهن من أبرزها :
1. رعاية الغنم في صغره : وهي غنم أهله وبعض غنم أهل مكة ، جاء بصحيح البخاري - (ج 8 / ص 21) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ . فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ " .
2. العمل في التجارة : حيث عمل لصالح خديجة بنت خويلد ، المرأة الثرية في عصرها ، وقد ربحت تجارتها كثيرا بعد أن تولى الإشراف على تجارتها .

ثالثا : مرحلة الشباب والزواج

عندما بلغ الأمين محمد سن الخامسة والعشرين من عمره تزوج المرأة الفاضلة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، ورزق منها طفلين : القاسم وعبد الله توفيا وهما صغيران ، وأنجب منها أيضا أربع إناث هن : زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء . وتزوج بعد ذلك عدة نساء ، أمهات المؤمنين وهن : سودة بنت زمعة ، عائشة بنت أبي بكر الصديق ، حفصة بنت عمر بن الخطاب ، زينب بنت خزيمة ، أم سلمة هند بنت أمية ، زينب بنت جحش ، جويرية بنت الحارث ، صفية بنت حيي ، رملة بنت أبي سفيان ، ميمونة بنت الحارث ، ومن سراري الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : مارية بنت شمعون القبطية ، التي أنجيت للرسول ( ص ) ولده إبراهيم الذي توفي فيما بعد وتزوج الرسول أيضا ريحانة بنت زيد .
ويذكر أن جميع الأبناء الذكور للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم توفوا وهم صغار السن ، أما البنات فكبرن وتزوجن في حياته . وقد قال المشركون عن النبي عند موت أبنائه الذكور انه ابتر انقطع ذكره في الحياة الدنيا كما كانوا يتصورون فانزل الله سبحانه وتعالى سورة الكوثر : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) } ( القرآن المجيد ، الكوثر ) . فبقي ذكره خالدا إلى الأبد ، وأما الذين نعتوه من شانئيه أي أعدائه بالأبتر بترت أي انقطعت ذكراهم وذهبت أدراج الرياح ، فلا ترى لهم باقية أبدا .

رابعا : مرحلة البعثة والدعوة الإسلامية

اعتاد الرجل الأمين أن يتعبد في غار حراء إلى الشمال من مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك للتأمل والتفكير في واقع الناس وحياتهم وفي واقع الكون . وكان الناس في ذلك الوقت بعضهم يموج في بعض ، فالظلم منتشر وعبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع هي السائدة . وعندما بلغ الأمين محمد الأربعين من عمره بعثه الله نبيا ورسولا ، بشيرا ونذيرا للعالمين ، فقد جاءه الملك جبريل عليه السلام ذات يوم وهو في غار حراء فقال له اقرأ ، فقال له الأمين ما أنا بقارئ ثم رددها الملك عليه وقال له : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) } ( القرآن المجيد ، العلق 1 ) .
وقد نقشت هذه الآيات الكريمات في قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم وكانت بعثته في سنة 610 ميلادية . فقص ما حدث له لزوجته خديجة رضي الله عنها فقالت له : " ابشر يا ابن العم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ووالله لا يخزيك الله أبدا ، وإنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر " . ورسول الله الكريم صلى الله عليه وسلم هو بشر كسائر البشر من بني آدم . قال الله تعالى على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) } ( القرآن المجيد ، الكهف ) .
وقال الشاعر احمد شوقي يصف حالة الناس قبلة البعثة المحمدية :
أتيت والناس فوضى لا تمر بهم إلا على صنم قد هام في صنم
والأرض مملوءة جورا لكل طاغية في الأرض محتكم
مسيطر الفرس يبغي في رعيته وقيصر الروم من كبر أصم عم
يعذبان عبيد الله في شبه ويذبحان كما ضحيت بالغنم
وبعد البعثة اخذ المصطفى يدعو عشيرته و قومه لعبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأصنام ، فصدع بما أمره الله سبحانه وتعالى وأنذر عشيرته الأقربين فلقي منهم الأذى والملاحقة مما اضطر للهجرة من مكة للمدينة المنورة سنة 622 م بإذن إلهي من الله سبحانه وتعالى ، بعد ثلاث عشرة سنة من الدعوة الإسلامية في مكة المكرمة سرا وجهرا ، واستمر يدعو إلى الإسلام الحنيف في المدينة المنورة حتى وفاته في السنة العاشرة للهجرة فتوطد أركان الإسلام وانتشر إلى بقاع جديدة انطلاقا من نواة الدولة الإسلامية الأولى من المدينة المنورة ، التي أنارت درب السالكين للإسلام العظيم ، وخلدت الرسالة الإسلامية في الخالدين ، إلى ابد الآبدين ليوم الدين شاء من شاء ولو كره المبطلون .

صفات الرسول الكريم محمد

إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول

للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عدة صفات جليلة كريمة اتصف بها قبل بعثه رحمة للناس كافة ، وتعززت هذه المكارم والأخلاق الحميدة ، بعد البعثة ، فقد كان الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، خلوقا في بيته كأبن وأب وزوج وجد ، وصديق فكان نعم القدوة للجميع . واهم هذه الصفات ما يلي :
1. الخلق العظيم : عن ذلك قال عنه الله سبحانه وتعالى في القرآن المجيد : { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (7) فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) } ( القرآن المجيد ، القلم ) . نعم انه كان قرآنا يمشي على الأرض كما وصفته زوجته عائشة رضي الله عنها . جاء بمسند أحمد - (ج 18 / ص 137) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ " .
2. الرحمة واللين والحرص على المؤمنين : قال عز من قائل : لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129) } ( القرآن المجيد ، التوبة ) . وقال تعالى { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) } ( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
3. الصدق والأمانة : فكان يلقب بالصادق والأمين .
4. الكرم والجود : فكان جواد كالريح المرسلة .
5. صلة الأرحام : وكان يصل رحمه ويحث الناس على ذلك .
6. الفصاحة والبلاغة : بالرغم من انه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، فقد كان أفصح الفصحاء وابلغ البلغاء بموهبة من الله عز وجل .
7. العفو عند المقدرة كما حدث عند فتح مكة وقال لأهل مكة الذين عذبوه وآذوه ( اذهبوا فانتم الطلقاء ) .
===
قال الشاعر العربي يصف محمد عليه الصلاة والسلام :
أقبلت يا طه فكنت منارة محيت الظلام وطوحت بغيوم
عم الظلام فلا بصيص هداية في ارض فارس أو بلاد الروم
وكذلك مكة قد غدت في غفلة وعماية وضلالة ووجوم
والبيت ، بيت الله صار مباءة لعبادة الأصنام والتنجيم
أقبلت يا أحمد للبرية هاديا ومنحتها علما لكل عليم
وأتيت بالقرآن نبراس الهدى وسبيلها للخلد والتكريم
حبل الإله به النجاة من الردى وسفينة تسعى إلى النعيم
صلى الله عليك يا علم الهدى ما جاد غيث من كثيف غيوم
أقبلت للدنيا فكنت سراجها ونصير كل معذب مظلوم

تكريم الله عز وجل للرسول الكريم

أولا : التكريم الدنيوي

لقد كرم الله رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الحياة الدنيا منذ ولادته ، فحصلت الشواهد المادية التي تدل على ولادة إنسان عظيم ، كما اشرنا في البداية ، وتمثلت عملية التكريم المتواصلة والمتلاحقة عبر حالات كثيرة نذكر منها :
1. تكريم مرضعته حليمة السعدية وأسرتها ، وعملية شق بطنه .
2. ومن مظاهر منة الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ما جاء في القرآن الكريم في حالة يتمه : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) } ( القرآن المجيد ، الضحى ) .
3. نزول الوحي عليه لنقل وتبليغ القرآن الكريم باللغة العربية للناس كافة . قال الله سبحانه وتعالى : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) } ( القرآن المجيد ، النجم ) . وفي المعجم الكبير للطبراني - (ج 9 / ص 387) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :أُحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاثٍ : لأَنِّي عَرَبِيٌّ ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ " .
4. معجزة الإسراء والمعراج الخالدة من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس والصعود إلى السماوات العلى إلى سدرة المنتهى ، برفقة الوحي الأمين جبريل عليه السلام وفرض الصلوات الخمس في اليوم والليلة في تلك الحادثة الجليلة القدر . قال عن ذلك عز من قائل : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) } ( القرآن المجيد ، النجم ) .
5. حمايته عند الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وكف أذى المشركين عنه ونصره في المعارك التي ترسخ فيها الإسلام وانتشر إلى بقاع عدة ، وتأليف قلوب الناس من حوله كالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار . وكان ربه يخاطبه بالنصر والغلبة على المشركين كما قال الله سبحانه وتعالى لنبي آخر من أنبيائه : { قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى } ( القرآن المجيد ، طه ) . وقال الله تبارك وتعالى : { إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} ( القرآن المجيد ، النجم ) . وغني عن القول ، إن لأهمية الهجرة النبوية في حياة الإسلام العظيم ، فقد أرخ بها المسلمون للأمة منذ أيام الفاروق عمر بن الخطاب .
6. رفع ذكره في الصلوات والأذان خمس مرات يوميا من على منبر المساجد الإسلامية في كافة بقاع الأرض في كل مكان وزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . إذ تلهج باسم الله ثم باسم محمد رسول الله شفاه الملايين من البشر في كل وقت وحين وهي الشهادتان : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، وهي أولى أركان الإسلام الخمسة قبل الصلاة والصيام والزكاة وحج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلا . قال الله تعالى عن ذلك : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8) } ( القرآن المجيد ، الشرح ) .
وفي الشعر العربي قال الشاعر حسان بن ثابت عن رفع ذكر رسول الله في العالمين :
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد

7. تخصيص سورة تحمل اسم محمد في القرآن الكريم : وهي سورة محمد رقم 47 في القرآن ، وعدد آياتها 38 . وقد جاء ذكر النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم عدة مرات بالذكر الحكيم وكما هو معلوم فإن تلاوة القرآن الكريم هي عبادة لأنها ترديد كلام الله المقدس ، وإتباع أوامره واجتناب نواهيه . يقول الله تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)}( القرآن المجيد ، آل عمران ) . ويقول الله تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40)}( القرآن المجيد ، الأحزاب ) . ويقول عز من قائل : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)}( القرآن المجيد ، محمد ) . وجاء بسورة أخرى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (29)}( القرآن المجيد ، الفتح ) .
8. أمر الله المؤمنين بالدعاء للنبي والدفاع عنه من الآخرين وعدم إيذائه : قال الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)} ( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
9. المناداة الإلهية على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصفات عدة ، وعصمته من الناس وذلك على النحو الآتي : يا أيها النبي ب 13 مرة ، نذكر منها : يقول الله جل شأنه : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65)} ( القرآن المجيد ، الأنفال ) . وقال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (48) } ( القرآن المجيد ، الأحزاب ) . وجاءت مخاطبة الرب جل جلاله للنبي الكريم بصفة الرسول ، يقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) } ( القرآن المجيد ، المائدة ) . ويقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)}( القرآن المجيد ، المائدة ) . وقال الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) } ( القرآن المجيد ، المزمل ) . وقال تعالى : يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) } ( القرآن المجيد ، المدثر ) . وفي القرآن الكريم خاطب الله سبحانه وتعالى الأنبياء الآخرين بقوله العزيز : { وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) }( القرآن المجيد ، البقرة ) . وخاطب الرب عز وجل نوح عليه السلام ، فقال : { يلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) } ( القرآن المجيد ، هود ) . وخاطب الله سبحانه وتعالى النبي إبراهيم باسمه فقال : { وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)} ( القرآن المجيد ، الصافات ) . وجاءت عملية مخاطبة النبي داود من إله الأولين والآخرين ، فقال الله تعالى : { يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)}( القرآن المجيد ، ص ) . وبشأن موسى عليه السلام ، قال تعالى : { يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) }( القرآن المجيد ، النمل ) . وجاءت مخاطبة زكريا عليه السلام بالآتي : { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)} ( القرآن المجيد ، مريم ) . وخوطب يحيى عليه السلام ، فقال الرب جل شأنه : { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)}( القرآن المجيد ، مريم ) .
وقال تعالى عن المسيح ابن مريم عليه السلام { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)}( القرآن المجيد ، المائدة ) ... وهكذا دواليك .
10. الفتح المبين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وغفران الذنب ما تقدم منه وما تأخر . قال تعالى : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2) وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا (3) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4) لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا (5) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (6) وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (9) } ( القرآن المجيد ، الفتح ) .
11. قرن الله محبته و طاعته بمحبة وطاعة الرسول : قال تعالى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32) }0 القرآن المجيد ، آل عمران ) . وقال الله تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}( القرآن المجيد ، النساء ) . وقال عز من قائل : { مَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) } ( القرآن المجيد ، الحشر ) .
12. شد الرحال للمساجد الثلاثة للمسلمين ، من بينها المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، ومضاعفة الصلاة في المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بألف صلاة عن المساجد الأخرى ما عدا المسجد الحرام والمسجد الأقصى المبارك . وجاء سنن ابن ماجه - (ج 4 / ص 321) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ " . وورد سنن ابن ماجه - (ج 4 / ص 333) أيضا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ ، وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً ، وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجَمَّعُ فِيهِ بِخَمْسِ مِائَةِ صَلَاةٍ ، وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ ، وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِي بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد بصحيح البخاري - (ج 6 / ص 411) : " َلَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى " .
13. وضوح مكان دفن جثمانه الطاهر للزيارة من قبل المسلمين في مواسم الحج والعمرة والعبادات الأخرى ، حيث دفن بقبر في بيته بالروضة الشريفة وهو داخل المسجد النبوي الشريف الآن بعكس غيره من الأنبياء والرسل الذين يختلف الناس في أماكن دفنهم . فهذا تكريم أيضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحياة الدنيا .

ثانيا : التكريم في الدار الآخرة

1. العطاء الرباني الوفير غير المحدود : قال تعالى : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} ( القرآن المجيد ، الضحى ) . وقال تعالى : { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)}( القرآن المجيد ، القلم ) .
2. الشهيد على الأنبياء والمرسلين الشهداء على أممهم يوم القيامة : قال الله في محكم كتابه العزيز : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)}( القرآن المجيد ، النحل ) .
3. الشفاعة ودخول الجنة أولا ، وسيد الأولين والآخرين : جاء بسنن ابن ماجه - (ج 12 / ص 366) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ . وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ " . وفي سنن الترمذي - (ج 12 / ص 62) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَلَسَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَهُ قَالَ فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُمْ سَمِعَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ فَسَمِعَ حَدِيثَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ عَجَبًا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَ مِنْ خَلْقِهِ خَلِيلًا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَقَالَ آخَرُ مَاذَا بِأَعْجَبَ مِنْ كَلَامِ مُوسَى كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا وَقَالَ آخَرُ فَعِيسَى كَلِمَةُ اللَّهِ وَرُوحُهُ وَقَالَ آخَرُ آدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ . فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَسَلَّمَ ، وَقَالَ : " قَدْ سَمِعْتُ كَلَامَكُمْ وَعَجَبَكُمْ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُ اللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمُوسَى نَجِيُّ اللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَعِيسَى رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَآدَمُ اصْطَفَاهُ اللَّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا فَخْرَ ، وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَلَا فَخْرَ " . وفي مسند أحمد - (ج 25 / ص 59) عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأُعْطَى لِوَاءَ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَإِنِّي آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَتِهَا فَيَقُولُونَ مَنْ هَذَا فَيَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ فَيَفْتَحُونَ لِي فَأَدْخُلُ فَإِذَا الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَقْبِلِي فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي أُمَّتِي يَا رَبِّ فَيَقُولُ اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنْ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ فَأُقْبِلُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ فَأُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ فَإِذَا الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَقْبِلِي فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي أُمَّتِي أَيْ رَبِّ فَيَقُولُ اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ نِصْفَ حَبَّةٍ مِنْ شَعِيرٍ مِنْ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُمْ الْجَنَّةَ فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَلِكَ أُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ فَإِذَا الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَقْبِلِي فَأَسْجُدُ لَهُ فَيَقُولُ ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ وَتَكَلَّمْ يُسْمَعْ مِنْكَ وَقُلْ يُقْبَلْ مِنْكَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَقُولُ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ اذْهَبْ إِلَى أُمَّتِكَ فَمَنْ وَجَدْتَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ الْإِيمَانِ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ فَأَذْهَبُ فَمَنْ وَجَدْتُ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ ذَلِكَ أَدْخَلْتُهُمْ الْجَنَّةَ وَفَرَغَ اللَّهُ مِنْ حِسَابِ النَّاسِ وَأَدْخَلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أُمَّتِي النَّارَ مَعَ أَهْلِ النَّارِ فَيَقُولُ أَهْلُ النَّارِ مَا أَغْنَى عَنْكُمْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْبَدُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا تُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا فَيَقُولُ الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ فَبِعِزَّتِي لَأُعْتِقَنَّهُمْ مِنْ النَّارِ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ فَيَخْرُجُونَ وَقَدْ امْتَحَشُوا فَيَدْخُلُونَ فِي نَهَرِ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي غُثَاءِ السَّيْلِ وَيُكْتَبُ بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُذْهَبُ بِهِمْ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ فَيَقُولُ الْجَبَّارُ بَلْ هَؤُلَاءِ عُتَقَاءُ الْجَبَّارِ عَزَّ وَجَلَّ " .
4. الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم صاحب المقام المحمود الموعود به يوم القيامة . جاء في سنن الترمذي - (ج 10 / ص 422) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ وَلَا فَخْرَ قَالَ فَيَفْزَعُ النَّاسُ ثَلَاثَ فَزَعَاتٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا أُهْبِطْتُ مِنْهُ إِلَى الْأَرْضِ وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ إِنِّي دَعَوْتُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ دَعْوَةً فَأُهْلِكُوا وَلَكِنْ اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ إِنِّي كَذَبْتُ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْهَا كَذِبَةٌ إِلَّا مَا حَلَّ بِهَا عَنْ دِينِ اللَّهِ وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ إِنِّي عُبِدْتُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ ائْتُوا مُحَمَّدًا قَالَ فَيَأْتُونَنِي فَأَنْطَلِقُ مَعَهُمْ قَالَ ابْنُ جُدْعَانَ قَالَ أَنَسٌ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ فَأُقَعْقِعُهَا فَيُقَالُ مَنْ هَذَا فَيُقَالُ مُحَمَّدٌ فَيَفْتَحُونَ لِي وَيُرَحِّبُونَ بِي فَيَقُولُونَ مَرْحَبًا فَأَخِرُّ سَاجِدًا فَيُلْهِمُنِي اللَّهُ مِنْ الثَّنَاءِ وَالْحَمْدِ فَيُقَالُ لِي ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَقُلْ يُسْمَعْ لِقَوْلِكَ وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ { عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } .
5. منحه نهر الكوثر بالجنة : قال الله تعالى : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) }( القرآن المجيد ، الكوثر ) .

خامسا : الوفاة والانتقال إلى الرفيق الأعلى

خاطب الله جل جلاله ، رسوله الكريم الأمين ومبلغ رسالته للناس أجمعين ، بدنو أجله ، وانه سيموت كبقية البشر ، فقال الله المحيي المميت : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32)}( القرآن المجيد ، الزمر ) . ويقول الله تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}( القرآن المجيد ، الأنبياء ) . وهذا ما كان وسيكون فلا يخلد أحدا في الحياة الدنيا بل الخلود سيكون في الحياة الباقية وهي الحياة الآخرة .
بعد ثلاثة وستين عاما هي سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منها ثلاث وعشرون سنة في الدعوة الإسلامية إلى عبودية الله سبحانه وتعالى ، في مكة المكرمة والمدينة المنورة ، انتهى اجل النبي الكريم ، معلم البشرية ، ففي يوم الاثنين ، الثاني عشر من ربيع الأول للسنة الحادية عشرة للهجرة انتقل الرسول الكريم إلى جوار ربه إلى الرفيق الأعلى بعد أن دعا الله سبحانه وتعالى أن يعينه على المرض والاحتضار للانتقال للرفيق الأعلى : " اللهم أعني على سكرات الموت " . فتوفي صلى الله عليه وسلم ودفن محل وفاته مكان فراشه في بيته يوم الثلاثاء بعد أن ودعه الرجال جماعة بعد جماعة حيث بدأت عملية الوداع بالرجال ثم النساء ثم الصبيان . وعن مكان دفن الأنبياء عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : " ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض " .
وقبل الختام لا بد من القول إن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين فعمل على إخراج البشرية من الظلام إلى النور ولنا فيه قدوة وأسوة حسنة ، قال الله تعالى :
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} ( القرآن المجيد ، الأحزاب ) . وبعد موته صلى الله عليه وسلم لم يصدق ذلك بعض الناس فقام أبو بكر خطيبا فقال : ( أيها الناس ، إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ، ثم تلا هذه الآية : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
ووصف الله العزيز الحكيم النبي الكريم بأنه رسوله وخاتم النبيين ، قال تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) } ( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
وقد استطاع الرسول العظيم محمد صلى الله عليه وسلم أن يوطد أركان الدعوة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية بعاصمتها المدينة المنورة من خلال الجهاد في سبيل الله ، فكان مثالا للقائد الفذ العملاق الذي صنع كل شيء من لا شيء ، دينيا ودنيويا على حد سواء ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفكريا وفق تعاليم الآية القرآنية الكريمة : { وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) }( القرآن المجيد ، القصص ) .
ولسان حال الكافرين والمسيئين للمصطفى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم سيندمون يوم لا ينفع مال ولا بنون ، ولا مكان للتحسر والحسرة على ما فات . يقول الله العلي العليم : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)} ( القرآن المجيد ، فصلت ) .


من جهة أخرى ، جاء بموطأ مالك - (ج 5 / ص 371) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ " . وكتاب الله وسنه نبيه فضلا عن كونهما تشريعا وعلوما ومقومات حياة وقد اشتملت أيضا على أمر بمعروف ونهي عن منكر كذلك فيهما أخبار الأمم السابقة واللاحقة كما جاء في الكتاب المجيد تمجيدا لذكرى المصطفى صلى الله عليه وسلم الآيات الكثيرة ، ويمكن إذا سألتني عنها يمكن الإيجاز أو أن الحديث يطول في هذا المقام الشريف . وجاء بمسند أحمد - (ج 22 / ص 324) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ : كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، أَلَا إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ " . وبهذا فإنه يجب تجنب الكذب على المصطفى صلى الله عليه وسلم ، جاء بصحيح البخاري - (ج 5 / ص 37) عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " .
بارك الله فيكم أيها الأخوة والأخوات .. الاحتفال الكبير والاحتفالات العظيمة في فلسطين تتواصل حول المولد النبوي الشريف ، ولو حاولنا استقصاء ما جاء بالقرآن المجيد من آيات حول تمجيد ورفعة ومكانة المصطفى صلى الله عليه وسلم لكنا فعلا عاجزين عن الحصر فمثلا لا على سبيل الحصر ، فالمصطفى صلى الله عليه وسلم نال المرتبة العظيمة والشرف الكبير كما تعلم عند ربه سبحانه وتعالى ، نقول من الأمثلة أو من النماذج التي وردت في شأن المصطفى صلى الله عليه وسلم منها : النموذج التشريعي في شأن الطاعة والامتثال ، أنظروا ماذا يقول الحق سبحانه وتعالى { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) }( القرآن المجيد ، النساء ) . إذن طاعة الله عز وجل مقترنة بطاعة رسوله الكريم ، وقال تعالى أيضا في حق طاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) }( القرآن المجيد ، الأحزاب ) .
ونحن هنا في فلسطين ، في ارض الإسراء والمعراج لنا ذكريات خالدة مع الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أسري به مع الملك جبريل عليه السلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس على البراق وإمامته للمتقين للأنبياء ، وإن ن الاحتفال برسالة أو ميلاد الرسول الكريم ، هو فرض كفاية في جانب وفرض عين ، في الجانب الآخر فإطاعة الرسول هي طاعة لله سبحانه وتعالى ثم نحن نحتفل بالمصطفى صلى الله عليه وسلم لا نحتفل به كشخص مارق عادي له في التاريخ اثر أو له كتاب أو له دراسة أو هو كان حاكما أو زعيما وإنما المصطفى صلى الله عليه وسلم أوصى به رب العزة سبحانه وتعالى في أرضه وهو صاحب الحوض المورود والمقام المحمود وبالتالي لا نستطيع أن نحيد كقيد أنملة عن السنة النبوية فلذلك نحن إذا احتفلنا بالمصطفى صلى الله عليه وسلم نحن نكون قد ائتمرنا بمنهج الله سبحانه وتعالى وأقمنا الخلافة { إني جاعل في الأرض خليفة } كيف تكون خليفة وأنت لست بممتثل للحق سبحانه وتعالى . أما إمامته في الأنبياء فهذا يعني أن الرسالات السابقة قد نسخت نسخا تاما فكان المصطفى صلى الله عليه وسلم هو إمام المتقين وهو إمام بيت المقدس وبالتالي سيد الأولين والآخرين ، فمن هنا نحن أصحاب فلسطين أو نحن أهل بيت المقدس نحن ورثة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإمامة ونحن ورثة هذه الأديان بالنسخ السماوي ، فأقل العقاب يوم القيامة لتارك سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن تزول لحم وجهه عن وجهه ، فكيف يرى في ذلك الوقت لنفسه شيئا ، فهذا حديث معاتبة من الحبيب صلى الله عليه وسلم عن الوجه ، نسال الله العفو والعافية . فهذا الرسول الكريم الذي عظمه رب العزة سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم ،والذي دعا الناس 23 عاما من عمره الذي عاشه 63 جدير بالإتباع وجدير بالدعوة وظل يكافح ويجاهد حتى نشر دعوة الإسلام فكان خير نموذج وخير مثال يحتذى به ، لقد جاهد بماله وبنفسه وبسيفه ثلاثا وعشرين سنة ليقضي على الوثنية ويخلص الناس من عبادة الأصنام وظلم الأسياد إلى عبادة رب العباد سبحانه وتعالى . وفي هذا الأوان نحن في البيت الفلسطيني في ارض الوطن نحتاج لجمع الكلمة ورص الصفوف والى الوحدة واللحمة الوطنية ، ما أحوجنا إلى جمع الشمل ولف اللفيف بدلا من الفرقة والضياع والاختلافات والنزعات والعداء والتربص والتقسيمات ، نحن مقبلون على الله نقول للذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم نحن مقبلون على الله ولن تنفعكم أموالكم ولا أولادكم أيها العرب وإنما يجب عليكم أن تنفعكم أعمالكم في الآخرة ، فالتشتت والتباين في الفكر وبخاصة نحن معشر الشعب الفلسطيني يجب علينا أن نعمل من أجل الوحدة الوطنية ، أما آن لنا أن نستيقظ وان تخشع قلوبنا لذكر الله ، ففي هذا اليوم العظيم آن لنا أن نرفع مكانة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى حيث كانت والى حيث وضعها الله وفي قلوبنا وفي نفوسنا ، نقول قولنا هذا نستغفر الله لنا ولكم ، وبارك الله فيكم أيها الأخوة الكرام ، والأخوات الماجدات .
أيها الإخوة والأخوات الكرام ... عبر أثير الانترنت العالمي ، نقول من الأرض المقدسة ، ومن محراب المسجد الأقصى المبارك ، كما قال الله عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}( القرآن المجيد ، لقمان ) .
النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم
في بعض المؤلفات الغربية المنصفة

ولا يفوتنا القول في هذا المجال إن الرسول الكريم ضمن التصنيفات الدولية من جميع الاتجاهات والاهتمامات الدينية والدنيوية : السياسية والعسكرية والاقتصادية والعلمية والأدبية والفكرية والفنية وسواها قد تبوأ المنصب الأول في العالم على مدار التاريخ الإنساني البشري منذ العصور الحجرية وحتى أيامنا هذه في القرن الخامس عشر الهجري ونحن في مطالع أبواب القرن الحادي والعشرين الميلادي ، الموافق للقرن الخامس عشر الهجري . ففي كتاب ( المائة الأوائل ) الذي يقع في 572 صفحة من القطع الكبير ، لمؤلفه " د. مايكل هارث " الأمريكي الحائز على عدة شهادات علمية أكاديمية( شهادة في الرياضيات من جامعة كورنيل عام 1952 ، وشهادة في القانون من جامعة نيويورك 1958 ، وشهادة في الفيزياء من جامعة أديلفي 1969 ، ودكتوراه في الفلك من جامعة برنستون عام 1972 ، وعمل في مركز أبحاث الفضاء العسكرية في ميريلاند وفي اكبر مرصد للأفلاك في كاليفورنيا ) ، وبالرغم من تحفظنا على بعض ما جاء في هذا الكتاب ، فان المؤلف قد وضع الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في المرتبة الأولى الذي عاش ما بين ( 570 – 632 م ) وتوفي عن 63 عاما ، فيقول المؤلف عن سبب اختياره للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الموقع الأول من بين المائة الأوائل في التاريخ العالمي كله في الفصل الأول كما أوردته مجلة العربي الكويتية الصادرة في العدد 241 في محرم 1399 هـ الموافق كانون أول 1978 م ، ص 7 – 8 : " إن اختياري محمدا ، ليكون الأول في قائمة أهم رجال التاريخ قد يدهش القراء ، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين الديني والدنيوي . فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة ولكنهم ماتوا دون إتمامها ( كالمسيح في المسيحية ) ... أو شاركهم فيها غيرهم أو سبقهم إليها سواهم (كموسى في اليهودية ) ، ولكن محمدا هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية كاملة وتحددت كل أحكامها وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته . ولأنه أقام إلى جانب الدين دولة جديدة فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضا وحد القبائل في شعب واحد هو الشعب العربي المسلم ، والشعوب في أمة ، ووضع لها كل أسس حياتها ورسم أمور دنياها ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم .. أيضا في حياته .. فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدينية وأتمها . ويتابع الكاتب النصراني ( المسيحي ) الأميركي سبب اختياره للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في المرتبة الأولى بين ( المائة الأوائل ) :
" إن معظم الذين غيروا التاريخ ظهروا في قلب احد المراكز الحضارية في العالم .. في بيئة متقدمة تبرز ظهور العظماء فيها ، ولكن محمدا هو الوحيد الذي نشأ في بقعة من الصحراء الجرداء المجردة تماما من كل مقومات الحضارة والتقدم ، ولكنه جعل من البدو البسطاء المتحاربين قوة معنوية هائلة قهرت بعد ذلك إمبراطوريات فارس وبيزنطة وروما المتقدمة بما لا يقاس ، وفي تاريخ الغزو في كل زمان ومكان يكون الغزو عسكريا . ولكن في حالة الرسالة المحمدية فان معظم البلاد التي فتحها خلفاؤه استعربت تماما وتغيرت لغة ودينا وقومية .. من العراق وسوريا إلى آخر الشاطئ الأفريقي غربا إلى السودان جنوبا وبقيت امة واحدة تتكلم لسانا واحدا إلى الآن . فهناك اليوم وبعد 1400 سنة ، خمسمائة مليون مسلم ولكن هناك بينهم حوالي مائة وخمسين مليون عربي . وهو معيار في قياس أثر الرسالة ، أي استمرارها الزمني وثباتها ، ليس له مثيل في تاريخ الفتح في العالم ... كذلك لا يوجد نص في تاريخ الرسالات نقل عن رجل واحد وبقي بحروفه كاملا دون تحوير كل هذا الزمن سوى القرآن ، الذي نقله محمد ، الأمر الذي لا ينطبق على التوراة مثلا أو الإنجيل ... ومن اجل هذا النفوذ الديني والدنيوي ، فإنني وجدت محمدا هو صاحب الحق الوحيد في أن اعتبره صاحب أعظم تأثير على الإطلاق في التاريخ الإنساني " .
ونقطة تجدر الإشارة لها وهي أن عدد المسلمين في العالم الآن بمختلف قارات الكرة الأرضية المتعددة قد بلغ أكثر من مليار وثلاثمائة مليون نسمة ، وهم في تزايد عاما بعد عام شمسي وقمري .
أيها الناس .. لقد ابلغنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رسالة ربنا جميعا وكان لنا ناصح أمين وأنا على ذلك من الشاهدين ، فلنحب هذا المرسل والناصح الأمين ونتبع هداه ولنمت مسلمين مؤمنين . اللهم أهد الناس أجمعين واغفر برحمتك لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان واجعلنا من الأبرار والمتقين بقوتك وحكمتك يا ارحم الراحمين ، يا من خاطبت رسولك وقلت له { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } وقلت في آية أخرى : { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ}( القرآن المجيد ، الحجر ، 5 - المؤمنون ، آية 43 ) . وصدق العظيم .
والسلام عليك يا نبي الله ورسوله ، يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا ، سلاما محمودا وممدودا مباركا فيه إلى يوم البعث والدين . سلام قولا من رب رحيم .
وبهذا أيها الإخوة والأخوات نكون قد قطفنا قطوفا دانية مباركة من سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، لنبقى بحبل من التقى والتقوى ، وتبقى القلوب تتدفق بنور اليقين ما دامت الدماء تمر في الشرايين ، فقد كانت تلك سيرة ندية شذية عطره من حياة إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين ، فهذه السيرة هي خير زاد للناس في الحياة الدنيا الفانية للسير على خطاه القويمة والمستقيمة ، فيكن لنا القدوة الحسنة في كل زمان ومكان إن شاء الله .

انتهى .

ليست هناك تعليقات: