الجمعة، 31 يوليو 2009

أختي بشرى شاكر .. أعظم الله أجركم بوفاة والدتك .. رسالة تعزية


أختي بشرى شاكر ..

أعظم الله أجركم بوفاة والدتك ..

رسالة تعزية


الأخت الكريمة القريبة إسلاميا البعيدة جغرافيا بشرى شاكر المحترمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،
بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله الحي القيوم سبحانه وتعالى : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) }( القرآن المجيد ، آل عمران ) . ويقول الله المحيي المميت جل جلاله : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)} ( القرآن المجيد ، الفجر ) .
وجاء في سنن أبي داود - (ج 8 / ص 493) صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَالَ : ” اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ ” .
وجاء في دعاء الإبن أو البنت للوالدين ، الأحياء والأموات على السواء : - { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) } ( القرآن المجيد ، إبراهيم ) .- { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) }( القرآن الحكيم ، نوح ) .ونصيحة للجميع ، كما يقول البارئ عز وجل عالم الغيب والشهادة : { اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)}( القرآن الكريم ، الحديد ) .

أختي الكريمة المسلمة ، والمؤمنة بقضاء الله وقدره ، الغالية بشرى شاكر ، أعظم الله أجركم جميعا ، أنت وأختك واباك وجميع أقربائك ، وأهل بلدك ، وشعبنا المسلم في المملكة المغربية الشقيقة ، راجين من الله المحيي الميت ، الغفور الرحيم ، العزيز الحكيم أن يتغمد والدتك بالرحمة والمغفرة وأن يتقبلها في الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .لها الرحمة والغفران إن شاء الله تبارك وتعالى ، ولكم مع بعدها الصبر والسلوان .
وجاء في صحيح مسلم - (ج 4 / ص 475)عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ { إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قُلْتُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ فَقَالَ أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا وَأَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ ” .
اختي بشرى الفاضلة
أبعث لكم من قلب الأرض المقدسة ( فلسطين ) ، عذرا على التأخير في التعزية لأنني كنت مشغولا ولم اراجع المدونات منذ فترة طويلة منذ وفاة والدي الحاج إبراهيم رحمه الله تعالى في 23 / 6 / 2009 . ولم أعلم بوفاة والدتك إلا قبل قليل عبر تعليق على مدونتي ، يوم الجمعة 31 تموز 2009 .
لقد جربت قبلك وفاة أمي ، منذ أكثر من عشرة أعوام ، وكان وقعه كبيرا ، ولكننا يجب أن نتحلى بالصبر ، وكلنا سننتقل من دار الحياة الدنيا / دار الفناء إلى حياة البرزخ حتى يوم البعث ، ثم الانتقال للحياة الآخرة ، حياة البقاء ، فالموت حق ، وكاس حتمي سيمر على كل الناس . لقد بكيت لوفاة والدتي سابقا ووفاة والدي بعد ذلك ووفاة والدتك أيضا ، عندما سمعت بوفاة والدتك الكريمة مؤخرا ، فطيب الله الثرى ، وجعل جنات النعيم هي المأوى لجميع أمواتنا .
وربما يكون الموت راحة من كل شر ، ومن المرض العارض الطارئ أو المزمن . وأنا أدعو شخصيا ( اللهم لا تنكسي في الخلق ولا تردني إلى أرذل العمر يا أرحم الراحمين ) .
وفي الموت أجر وثواب ، وراحة من الهم والغم والحزن ، والصبر هو الذي ينبغي أن يصاحب الألم ، والفاجعة ، فلنقل جميعا عندما تصيبنا مصيبة ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) . يقول الله الحميد المجيد جل شأنه : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . ولا تنسي قراءة سور من القرآن المجيد على روح والدتك المتوفاة رحمها الله وأسكنها فسيح جناته ، مثل قراءة الفاتحة ( تعادل نصف القرآن المجيد ) ، سورة يس - قلب القرآن ، ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن عشر مرات ) ، وسورة تبارك ، فهي المانعة من عذاب القبر ، وسورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن المجيد .ورد في صحيح مسلم - (ج 8 / ص 405) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” .سبحان ذو الملك والملكوت ، سبحان ذو العزة والجبروت ، وسبحان الحي الذي لا يموت .سلام على والدتك يوم ولدت ، ويوم ماتت ويوم تبعث مع الأحياء .عزاء مشترك ، والبقاء لله الواحد القهار .الحمد لله على كل حال ، إنا لله وإنا إليه راجعون .سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مودتي
أخوك
د. كمال إبراهيم علاونه
فلسطين العربية المسلمة
شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
تحريرا في يوم الجمعة 9 شعبان 1430 هـ / 31 تموز 2009

الخميس، 30 يوليو 2009

كواكب الخريجين الجامعيين في فلسطين .. فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

كواكب الخريجين الجامعيين في فلسطين
فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ..

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (36) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) }( القرآن المجيد ، سبأ ) .

كل من يزرع يحصد ، فمن يزرع العنب لا يجني إلا عنبا ، بقطوف دانية ، فمن يزرع خيرا يجني أعمالا صالحة ، ومواقف طيبة ، ومن يزرع شوكا لا يجني عنبا ، في حركة حياتية دائبة الحيوية والنماء والإنتاج . والجامعات المحلية وكليات المجتمع والمعاهد العليا في فلسطين تستقبل فصليا وسنويا عشرات آلاف الطلبة الجدد ، وقبل هذا الاستقبال والاستيعاب الأكاديمي في المجالات العلمية والإنسانية تكون قد خرجت أو صدرت للسوق المحلية الفلسطينية أو السوق العربية أو العالمية كواكب جامعية في شتى التخصصات والمجالات ، وكل في فلك يسبحون .
وتتناثر شهادات الخريجين الجامعيين من مؤسسات التعليم العالي العامة والأهلية والحكومية ، واستلم أو سيستلم كل خريج كتابه بيمينه ، لعل وعسى أن يجد فرصة عمل سانحة ، تكون مهنة المستقبل ومكان العمل اليومي ، ليتقاضى أجرة يومية أو شهرية مؤقتة أو دائمة حسب طبيعة العمل والاستيعاب السوقي لهذه الكواكب المتخرجة سواء فرادى أو جماعات .
وتتوزع أعداد الخريجين الجامعيين في فلسطين على مختلف التخصصات العلمية كالطب العام والأسنان والبيطري والصيدلة والهندسة المتعددة الفروع والعلوم والبصريات والتمريض والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات وغيرها ، بينما تتركز تخصصات الخريجين في العلوم الإنسانية والاجتماعية في اللغات : العربية والإنجليزية والفرنسية ، والاقتصاد والعلوم الإدارية ، والشريعة الإسلامية ، والتاريخ والجغرافيا وعلم الاجتماع والتربية ، وعلم الاجتماع وعلم النفس ، وأساليب التدريس وسواها ، ولا ننسى مهن المتاعب وهي الإعلام والصحافة والمحاماة وغيرها . ويمكن التنويه إلى أن أكثر التخصصات ندرة ويمكن أن يعمل خريجوها بسرعة هي التخصصات التكنولوجية والرياضيات والفيزياء والعلوم الاقتصادية والمالية والمصرفية بسبب التطور الأفقي والعمودي المتزايد في قطاع المؤسسات المالية والمصارف الربوية والإسلامية على السواء .
وغني عن القول ، إن لكل مجتهد وخريج نصيب ، ولا يعلم برزق الإنسان إلا ربه الذي خلقه فأحسن صورته ، وقدر عليه رزقه . والإنسان بدوره ينبغي أن يكد ويتعب في سبيل تحصيل قوته وقوت عياله ، من خبايا الأرض ، فمن مستقل من المال أو مستكثر منه ، في هذا المصنع أو تلك المؤسسة أو هذه المنشأة . وتتصارع وتتنافس الشهادات العلمية ، ويصطف الخريجون في طوابير لتقديم طلبات العمل والاستخدام في القطاع الحكومي ، باعتباره المشغل الأول في فلسطين ، ثم القطاع الخاص الأهلي المشغل الثاني في البلاد . يقول الله الرزاق ذو القوة المتين جل جلاله : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}( القرآن المجيد ، الملك ) .
ويبقى الخريج الجامعي ، تتصارع في داخله الهواجس والأماني والتطلعات لحصد وظيفة معينة أو اقتناص فرصة عمل جديدة ، قد تكون مؤقتة أو دائمة ، وبينهما فترة تجربة تمتد ما بين ثلاثة شهور وسنة شمسية ، حسب طبيعة العمل والاختبار العملي لهذا الخريج أو تلك الخريجة .
وكما هو معلوم ، فإن الخريجات الجامعيات في فلسطين ، هن الأكثر عددا ، وهن الأكثر تفوقا في الجامعات الفلسطينية ، فهن يشكلن أكثر من نصف عدد المتخرجين سنويا ، الذين يقدر عددهم بأكثر من 30 ألف خريج ، يتوزعن على شتى التخصصات المهنية والعلمية والإنسانية . وفي سوق العمل ، على أرض الواقع يتم تفضيل الخريجين الذكور على الإناث في الكثير من المهن الوظيفية ، العلمية والإنسانية ، لعدة أسباب لعل من أهمها الآتي :
أولا : طبيعة الإنسان : فالكثير من المهن لا تناسب الفتيات الخريجات ، بينما يقوم الشباب بهذه الأعمال على قدم وساق ، يسابقون الريح والتيارات العملية والعلمية في شتى ميادين الحياة .
ثانيا : تفضل الكثير من المؤسسات للخريجين الذكور على الإناث ، حيث تنظر هذه المؤسسات للفتيات بأنهن سيتزوجن ويتركن العمل ، إن عاجلا أو آجلا ، وتظن هذه المؤسسات أنها تتعب في تأهيل وتدريب الذكور لتجني عملا متقنا أكثر استمرارية بينما عندما تدرب وتأهيل الفتيات الخريجات فإنهن سرعان من يتركن العمل في اقرب فرصة خطوبة أو زواج لتأسيس بيت الزوجية الذي تشكل فيه الفتاة حجر الزاوية في المجتمع .
ثالثا : الإدعاء بأن الفتيات العاملات يحتجن لإجازات أمومة وطفولة بالإضافة إلى الإجازات السنوية والمرضية والطارئة ، والزعم بأن هذا يؤثر سلبيا على سير العمل اليومي والشهري والسنوي بصورة عامة .
رابعا : الإنتاجية : فيظن البعض أن إنتاجية الخريج الذكر أكثر من إنتاجية الفتاة الخريجة ، وهي نظرة سلبية تجاه المرأة عموما ولا تكون بالضرورة صيحة .
خامسا : الحرية في العمل : يعتقد الكثير أن مكان المرأة هو البيت وليس العمل ، علما بأن الإسلام كفل لها العمل وفق ضوابط ومعايير أخلاقية وإنسانية واجتماعية لائقة وليس كما هو متداول في سوق العمل المحلية من استغلال للمرأة في النظامين الرأسمالي والشيوعي ، وبالتالي هناك تفضيل لاستخدام الخريجين الذكور على الفتيات الخريجات كون الشباب يمكنهم الصمود أكثر لساعات عمل أطول ، وبإمكانهم التأخر في العمل وقت الحاجة بينما لا تتيح ساعات العمل المسائية أو الطارئة للفتيات هذا الأمر حيث يفضلن الالتزام بساعات العمل اليومية بعيدا عن ضغط العمل .
سادسا : تبين من العديد من الدراسات أن المؤسسات والمنشآت والمصانع النسوية هي الأكثر قمعا للمرأة العاملة .
وعلى النقيض من ذلك ، هناك بعض المؤسسات المحلية ، وخاصة في القطاع الأهلي الخاص ، تفضل توظيف الفتيات الخريجات لعدة أسباب لعل من أبرزها :
أولا : طبيعة العمل : فمثلا يعتقد البعض أن الخريجات الجامعيات هن الأفضل لمهنة السكرتاريا ، ومساعدة الإدارة العليا في الشركة أو المؤسسة .
ثانيا : قلة الأجرة المدفوعة للفتاة الخريجة : فتظهر في القطاع الخاص مسألة التباين في الأجور بين الفتيات والشباب من الخريجين الجامعيين ، فتدفع هذه المؤسسات والشركات أجورا أعلى للذكور في نفس المهنة والتخصص ذاته مع اضطرار الخريجات لقبول ذلك ولو على مضض .
ثالثا : الفتيات الجامعيات المتخرجات حديثا أكثر إنتاجية في مجال عملهن من الذكور ، حيث يخفن على وظائفهن فيخلصن في العمل أكثر من الذكور لصعوبة البحث عن وظيفة أخرى .
رابعا : التجديد في العاملين : فالخريجات عندما يخطبن أو يتزوجن يتركن العمل في معظم الأحيان في القطاع الخاص ، وهذه ميزة من ميزات تشغيل الخريجات ، فيلجأ أصحاب العمل لاستقدام مستخدمين جدد ، مما يتيح لهم تدوير العمل وعدم الإلتزام بحقوق هؤلاء المستخدمين لفترات طويلة .
خامسا : الفتيات أكثر أمانا على أسرار العمل ، فالفتاة أو المرأة لا تتدخل بشؤون العمل كالذكور في غالب الأحيان .

وعلى أي حال ، فأن مسألة التشغيل ، والتفضيل بين الخريجين والخريجات ، تبقى قضية محورية وشخصية ، لدى أصحاب العمل والعاملين ، وكل يحاول أن يكيف ذاته مع الآخرين ، لينال المنافع المادية والمعنوية والمركز الاجتماعي في المجتمع . فالخريجون الذكور يسارعون للبحث عن أكثر من وظيفة ، وإنتقاء وظيفة من بين وظائف متعددة ، فيلجأون لشتى الطرق في سبيل اقتناص فرصة عمل مناسبة ومجزية ، تمهيدا لتأسيس بيت الزوجية القادم ، وبناء أو شراء شقة ، واقتناء سيارة خاصة ، والإنفاق على الأهل لسد جزء من المعروف المالي والتربوي الذي أسدوه لأبنائهم وهم على مقاعد الحياة الجامعية ، وكذلك تحقيق الرغبات والمستلزمات الرئيسية والكمالية في الحياة على السواء . وقد تكون الفتيات الخريجات أكثر حاجة من الخريجين الذكور لأسباب شتى ، وفي مقدمتها الحصول على مبالغ مالية للإنفاق على النفس والأهل و متابعة الدراسات العليا وغيرها .
وعلى كل الأحوال ، فإن الله حرم النقيضين الإسراف والبخل ، ليعيش المجتمع الإسلامي حياة هادئة وهانئة بعيدة عن الضيق والضنك في الوقت ذاته ، يقول الله الحميد المجيد سبحانه وتعالى : { وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) .
وهناك فئة لا باس بها من فئات كواكب الخريجين الجامعيين ، تواصل مسيرتها الجامعية والانتقال لمرحلة الدراسات العليا مباشرة دون توقف ، وهذه الفئة تكون أكثر حظا وميسورة من النواحي المالية ، ولديها نفس طويل في مواصلة التعليم العالي بمرحلته المتقدمة .

وأخيرا ، نقول لجميع الخريجين في فلسطين والعالم ، الذين انضموا لسوق العمل بصورة جدية وجديدة وقديمة على السواء ، تذكروا قول الله الغني الحميد تبارك وتعالى : { وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (16) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}( القرآن المجيد ، العنكبوت ) .
فقد خلق الله الإنسان لعبادته ، وليس للتفاخر بين الناس في الأموال والأنفس والثمرات ، يقول الله مالك الملك ذو الجلال والإكرام عز وجل : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60) }( القرآن المجيد ، الذاريات ) .
وكلمة لا بد منها ، وهي أنه ينبغي على الخريج أن لا ينتظر العمل في مجال تخصصه الذي مكث عدة سنوات بدراسته ، في مقاعد الحرم الجامعي المحلي الفلسطيني أو العربي أو الأجنبي ، مباشرة بل يمكن أن يلجا مضطرا مقتنعا أو عن طيب خاطر للعمل في مجال تخصص آخر ، بلا شهادة التخرج ، وهو عين العقل ، فلا بد للإنسان أن يطرق جميع أبواب العمل المشروعة المتاحة لحين توفر فرصة عمل مناسبة للتخصص المنشود .
وهناك فئة بائسة تبقى تنتظر العمل في مجال تخصصها فقط ، وهي نظرة عبثية ، لا بد من تغييرها ، وينبغي الإسراع في سلك سلوك العمل في تخصصات أخرى ، ريثما تتوفر فرصة عمل مناسبة ، بتوفيق من الله العزيز الرحيم .
وهناك بعض المؤسسات الأهلية والحكومية تعلن عن وظائف شاغرة ، وفق شروط وتخصصات محددة فلا بد من متابعة هذه الإعلانات التشغيلية الموسمية والفصلية والسنوية ، وخاصة في فصل الصيف ، وتقديم الطلبات والتدرب على الامتحانات التحريرية والشفوية ، متسلحين بالشهادات الجامعية ، والدورات التأهيلية التدريبية المرافقة .
آملين عملا مهنيا وعلميا وعمليا موفقا ، لجميع الخريجين الجامعيين في فلسطين ( الأرض المقدسة ) وسائر بلاد المسلمين والعالم وأن يجنبهم البطالة ووحشيتها المقيتة ولكن لا بد من السعي في طلب الرزق من الله العلي العظيم سبحانه وتعالى ، والأخذ بالأسباب وعدم انتظار أن تأتي الإنسان فرصة العمل تدق عليه بابه .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

السبت، 25 يوليو 2009

الشراكة الثلاثية بين وزارة العمل وأصحاب العمل والعمال


محطات عمالية


الشراكة الثلاثية

بين وزارة العمل وأصحاب العمل والعمال


د. كمال إبراهيم علاونه
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعزاءنا المستمعين الكرام .. اسعد الله صباحكم
نتواصل وإياكم في لقاء صباحي جديد من برنامج محطات عمالية حيث نتناول مسألة الشراكة الثلاثية بين وزارة العمل الفلسطينية وأصحاب العمل والعمال .

جاء في مسند أحمد - (ج 47 / ص 57) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ " .
وزارة العمل الفلسطينية في ورشة عمل نظمتها في رام الله في أواسط تشرين الثاني 1997 ، أعادت طرح وبلورة شراكة ثلاثية حقيقية تضم أصحاب العمل والعمال والسلطة الوطنية الفلسطينية من خلال وزارة العمل . وأشارت الوزارة إلى أن أصحاب العمل يماطلون ويبدو أنهم غير راغبين في تنفيذ هذا النوع من أنواع الاستثمار الوطني الفلسطيني في ارض الوطن الفلسطيني .
وأكدت وزارة العمل ايضا أن هناك عدة معوقات أخرى عملت على تعويق تحقيق مبدأ الشراكة الفاعلة لغاية الآن وتتمثل في عدم بلورة هيئات موحدة تمثل طرفي العلاقة الآخرين .
وعلى الجانب الآخر ، يفترض ان يصار إلى وضع خطة عمالية ثلاثية مشتركة لمناقشة الخصوصية الفلسطينية في تطبيق مبدأ الشراكة الاقتصادية المقترحة منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية فوق أرض الوطن عام 1994 .
وكانت ورشة العمل التي نظمت في رام الله وشارك فيها ممثلون عن القطاع العام والخاص والوزارة اشتملت على عدة أوراق عمل منها : مفهوم الشراكة الاجتماعية ودور وزارة العمل ، وعلاقات العمل والنزاعات العمالية وتطبيق قانون العمل ، ومفهوم الحركة النقابية الفلسطينية للشراكة الثلاثية .
على أي حال ، إن تطبيق الشراكة الاقتصادية الثلاثية يساهم في تعميق علاقات العمل بين أطراف الإنتاج الثلاثة ويحد من النزاعات العمالية ويساعد في ضبط تأطير الحركة العمالية وفق أسس ومنطلقات جديدة .
وكذلك إن تنفيذ هذا المبدأ يعمل بشكل حثيث على إيجاد استثمارات جديدة في فلسطين وتوفر مئات فرص العمل في مختلف المحافظات الفلسطينية بشكل دائم ومؤقت في الآن ذاته حسب طبيعة المشاريع الاقتصادية وخطط التنمية الاجتماعية والصحية في المجالات الإنتاجية والاستهلاكية على حد سواء .
ويبقى القول ، إن أطراف العمل الثلاثة : الوزارة والعمال وأصحاب العمل ، مدعوون للتباحث حول أسس وقواعد الدخول في الشراكة الاقتصادية الفلسطينية لأن ذلك يعود بالنفع العام على كافة الأطراف ، العمال وأصحاب العمل ووزارة العمل الفلسطينية ، بشكل جماعي أو كلا على حدة ، ويعود بالأساس بالمنفعة التطويرية على المجتمع المحلي الفلسطيني .
آملين لمبدأ المشاركة الجماعية الثلاثية الأطراف في فلسطين كل تقدم ونجاح وأن ترى النور في أقرب فرصة زمنية ممكنة .
وإلى هنا نأتي إلى ختام هذه الحلقة الصباحية . شكرا لمتابعتكم . نلقاكم على خير غدا إن شاء الله تبارك وتعالى .
ملاحظة : بثت هذه الحلقة في صوت فلسطين 21 تشرين الثاني 1997 .

الخميس، 23 يوليو 2009

نظرات على نتائج الثانوية العامة في فلسطين 2009

نظرات على نتائج الثانوية العامة

في فلسطين 2009

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
التحريض الإلهي على العلم والتعلم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) }( القرآن المجيد ، الزمر ) . وجاء في صحيح البخاري - (ج 1 / ص 119) في بَاب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَرَّثُوا الْعِلْمَ مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } وَقَالَ { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } وَقَالَ { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ " . ِ
توطئة

أعلنت وزارة التربية والتعليم نتائج الثانوية العامة ( التوجيهي ) في فلسطين بجناحيها في الضفة الغربية وقطاع غزة في آن واحد ، بمركزي مدينتي رام الله وغزة صباح يوم الثلاثاء 21 تموز – يوليو 2009 / رجب 1430 هـ . وقد تسجل للامتحان التربوي الوزاري قرابة 87 ألف طالب ، ذكرا وأنثى ، بزيادة حوالي عشرة آلاف طالب ثانوي عن العام الماضي 2008 . وقد تأخرت عملية إعلان النتائج لهذا العام عن العام الماضي ثلاثة أيام قضاها الطلبة في ترقب شديد وأعصاب متوترة مشدودة لظهور هذه النتائج ، التي هي نتيجة مفصلية لحياة عملية جديدة لكل طالب وطالبة في أرض الوطن الفلسطيني .
وقد بثت نتائج الثانوية العامة في فلسطين هذه المرة بمؤتمر صحفي نقل مباشرة على فضائيتي فلسطين والأقصى ، في سابقة هي الأولى من نوعها ، وهذا يشكل حدثا بحد ذاته ، ففضائية فلسطين هي محطة تلفزيونية فلسطينية تابعة للحكومة الفلسطينية بمركزها في مدينة رام الله ، التي يترأسها د. سلام فياض من قائمة الطريق الثالث المتحالفة مع حركة فتح ، بينما فضائية الأقصى هي فضائية تلفزيونية تابعة للحكومة الفلسطينية بمركزها في مدينة غزة التي يترأسها الشيخ إسماعيل هنية من حركة حماس .

إعدادات وزارة التربية والتعليم

في نهاية شهر أيار مايو 2009 ، أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي عن إتمام استعداداتها الفنية والإدارية لعقد هذا الامتحان الموحد في الضفة الغربية وقطاع غزة يوم 8/6/2009 ليكون موعداً لبدء تقديم امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) 2009 للطلبة النظاميين وغير النظامين في الضفة وغزة، لتبدأ بامتحان اللغة العربية وتنتهي في 1/7 بامتحاني التاريخ والكيمياء ، وهذا ما تم فعليا بحمد الله رب العالمين . كما وأعلنت الوزارة بأن برنامج الامتحان الذي يمتد على مدار 24 يوما يشمل كافة التخصصات والفروع والتي تشمل سبعة فروع عامة هي : العلوم الإنسانية ، العلمي ، التجاري ، الزراعي ، الصناعي ، الفندقي ، الاقتصاد المنزلي .
وقد عملت وزارة التربية والتعليم بفلسطين على تنظيم شؤون امتحان الثانوية العامة بجد واجتهاد ، وكانت الوزارة اختارت طواقم المراقبين والمصححين وتم تجهيز 684 قاعة امتحان ، منها 467 قاعة في الضفة الغربية و217 قاعة في قطاع غزة ، إذ بلغ عدد المصححين 7456 مصححا ومصححة، من ضمنهم 2000 مصحح ومصححة في قطاع غزة ، وعدد المراقبين الذين تم اختيارهم لمتابعة تقديم الامتحانات داخل القاعات 963ر14 مراقبا، منهم 8463 في الضفة الغربية و6500 في قطاع غزة . ووفرت وزارة التربية والتعليم جميع الاحتياجات اللوجستية، والفنية الخاصة بتنفيذ الامتحان، وتوفير القرطاسية مثل الدفاتر واللوازم الأخرى .
وأوضحت مصادر وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن تأدية امتحان الثانوية العامة ( التوجيهي ) كلفها نحو 24 مليون شيكل ، مشتملة على أجور المصححين والمراقبين ، وتوريد المطبوعات وكشوف العلامات، والقرطاسية والتنقلات وغيرها . وبدأت طواقم تصحيح عملها في صبيحة اليوم الثاني ، وأنجزت ما عهد إليها كالمعتاد في الوقت المحدد تقريبا ، فنجحت في إخراج وإبراز النتائج العامة في الوقت المحدد إلا أن التأخير كان سياسيا وإداريا وفنيا فقط .
وعلى الصعيد الآخر ، كانت وزارة التربية والتعليم العالي أوضحت أنها عملت على تأمين الكفاءات في قطاعي التعليم لوضع أسئلة الامتحانات وتصحيحها أولا بأول لإخراج النتائج بشكل اعتيادي ، فقد تبنت العديد من الخطط التربوية التطويرية العامة ، والبرامج والمشاريع التعليمية الريادية، التي من شأنها أن تنهض بواقع التعليم والتعليم على صعيدي الطلبة والمعلمين، وعبر تطويرِ المناهج الدراسية، التي جرى الامتحان العام بها للسنة الثالثة على التوالي في المنهاج الوطني الفلسطيني ، وتوفير المدارس والأبنية التربوية، ورفدها بالأجهزة والأثاث، والمختبرات، لخلق نهضة كبيرة، تعين على مجاراة العصر التعليمي الإلكتروني وتطوراته يوما بيوم .

أعداد طلبة الثانوية العامة 2009

المسجلين والناجحين والمتغيبين

على أي حال ، لقد أعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية المشرفة على امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة، أن عدد المسجلين في كافة الفروع العلمية والإنسانية والتجارية والمهنية ( 86824 ) مشتركا، تغيب منهم ( 1853 ) مشتركا، وحضر منهم (84971) مشتركا، وكان عدد الناجحين (47469) مشتركا بنسبة بلغت (55.9)%، موزعين على الفروع حيث بلغ عدد المتقدمين في فرع العلوم الإنسانية (54509) مشتركا، نجح منهم (27724) مشتركا بنسبة بلغت (50.8)%.وفي الفرع العلمي بلغ عدد المتقدمين (15865) مشتركا، نجح منهم (12611) مشتركا بنسبة بلغت (79.5)%.، كما بلغ عدد المتقدمين في الفروع المهنية (3408) مشتركا، نجح منهم (1973) مشتركا بنسبة بلغت (57.9)%.كما بلغ عدد المتقدمين في الدراسة الخاصة (11189) مشتركا، نجح منهم (6161) مشتركا بنسبة (55.1)%.
نلاحظ من البيانات الرسمية السابقة لوزارة التربية والتعليم بجناحي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة ، أن عدد المسجلين في جميع الفروع 86.824 طالبا وطالبا في كافة فروع الثانوية العامة ( الصف الثاني عشر الأخير في المدارس ) تمهيدا للولوج في الجامعات والمعاهد العليا الفلسطينية والعربية والأجنبية . وهذا العدد من المسجلين لم يثبت نائيا بل تسربت أعدادا منه ، إما خوفا من هول الامتحان ، أو بسبب المرض ، أو بدواعي السفر ، أو بسبب الحظر الصهيوني على أسرى فلسطين في السجون الصهيونية ، أو بسبب عدم المبالاة والدلع الصبياني الاجتماعي لبعض الطلبة ، فشارك فعليا في الامتحان الوزاري 84.971 ذكرا وأنثى ، واجتاز منهم الامتحان بنجاح 47.469 طالبا وطالبة ، بنسبة إجمالية لكافة فروع الثانوية العامة ، بلغت 55.9 % وكتحصيل حاصل تبقت نسبة 43.1 % رسبت في الامتحان إما بشكل جزئي صغير أو جزئي كبير ، فهناك من رسب في مادة واحدة أو مادتين أو ثلاث مواد أو أكثر . والراسبون في مادة أو مادتين ستتيح لها لجنة الامتحانات العامة المنبثقة عن وزارة التربية والتعليم تأدية هذا الامتحان لاحقا في غضون الأسابيع القليلة القادمة لتمكينهم من الالتحاق بإحدى الجامعات أو المعاهد العليا في البلاد أو خارجها . وحسب البيانات الإحصائية لوزارة التربية والتعليم ، بشأن امتحان الثانوية العامة في جناحي الوطن بالضفة الغربية وقطاع غزة ، فإن عدد الطلبة المتقدمين للفرع الأدبي ( العلوم الإنسانية ) بلغ 54.865 طالبا وطالبة ، نجح منهم 27.724 طالبا وطالبة ، بنسبة 50.8 % استطاعوا اجتياز معدل النجاح في جميع المواد الدراسية ، وهي أدنى نسبة نجاح في الثانوية العامة لهذا العام ، علما بأن العدد الإجمالي كان يشكل الغالبية العظمى من عدد المتقدمين للثانوية العامة لهذا العام . وبخصوص الفرع العلمي لطلبة الثانوية العامة ( التوجيهي ) فقد بلغ إجمالي عدد الطلبة المتقدمين للامتحان 15.865 طالبا وطالبا ، نجح منهم 12611 طالبا وطالبا ، بنسبة 79.5 % وهي نسبة مرتفعة ، ورسب الباقون ولم يستطيعوا اجتياز الحد الأدنى من العلامات في جميع المواد الدراسية . وغني عن القول ، إن نسبة النجاح في الفرع العلمي في الثانوية العامة بفلسطين هذا العام كانت أعلى نسب النجاح في جميع الفروع العلمية والإنسانية والمهنية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
وفيما يتعلق بالفروع المهنية ، في الثانوية العامة لعام 2009 ، فقد تقدم للامتحانات العامة 3408 مشتركا ، من الذكور والإناث ، نجح منهم 1973 ، بواقع 57.9 % وهي نسبة متدنية ولكنها أعلى من الفرع الأدبي ، واقل من الفرع العلمي .
وفي الدراسة الخاصة للمشتركين في امتحان الثانوية العامة بفلسطين لعام 2009 ، بلغ عدد المتقدمين 11.189 مشتركا ، من الذكور والإناث ، اجتاز منهم بمعدل وعلامات النجاح 6161 متقدما ، بواقع 55.1 % وهي نسبة أعلى من الفرع الأدبي فقط ، واقل من نسب الفروع الأخرى . وقد جاء عدد المتقدمين لامتحان الثانوية العامة بفلسطين لعام 2009 ، في نظام الدراسة الخاصة ، وهي للطلبة الذين كانوا رسبوا في سنوات سابقة ، ويمكن أنهم التحقوا بالمدارس الثانوية في النظام المسائي الذي تتيحه لهم وزارة التربية والتعليم في بعض المدارس ، أو تقدموا للمرة الأولى بعد غياب طويل أو قصير عن مقاعد الدراسة ، جاء في المرتبة الثالثة بعد الفرع الأدبي والفرع العلمي . ويمكن القول ، إن الدارسين المتقدمين في الدراسة الخاصة لامتحان الثانوية العامة قد حققوا نسبة نجاح أفضل من أولئك الطلبة الذين جلسوا على مقاعد الدراسة في المدارس الحكومية أو الأهلية أو الخيرية أو الخاصة .. ولكل مجتهد نصيب .

حرمان الاحتلال الصهيوني 1821 طالبا أسيرا فلسطينيا

من تأدية امتحان الثانوية العامة 2009

ورغم نداءات الطمأنة الفلسطينية ، من وزارة التربية والتعليم للأسرى والأسيرات الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني ، بأن الوزارة تبذل قصارى جهدها، لتأمين تقديم امتحاناتهم في القريب العاجل، متمنية لهم الحرية إلا أن كافة هذه الجهود المبذولة ذهبت سدى أدراج الرياح ، فلم تفلح الوزارة الفلسطينية حتى كتابة هذه السطور في جعل المسجلين لامتحان الثانوية العامة في سجون الاحتلال الصهيوني البالغ عددهم 1821 أسيرا فلسطينيا ، من تأدية الامتحانات للتمكن مستقبلا من الالتحاق بالركب الجامعي . وكانت حكومة الاحتلال الصهيوني اتخذت عدة إجراءات قمعية ضد أسرى فلسطين في سجونها ، فتصادر العديد من مكتسباتهم التي حصلوا عليها بالإضرابات المفتوحة عن الطعام ، معركة الأمعاء الخاوية ، ومنها تقديم امتحان شهادة الثانوية العامة فنقضت حكومة الاحتلال الصهيوني قراراتها السابقة وحظرت على الأسرى الفلسطينيين تقديم امتحانات الثانوية العامة الفلسطينية في تدخل همجي ووحشي غير مسبوق منذ فترة بعيدة .
فلم تفلح جهود دائرة المفاوضات الفلسطينية ولا جهود وزارة الأسرى والمحررين في فلسطين بإقناع حكومة الاحتلال الصهيوني بالسماح للطلبة الفلسطينيين الأسرى من تقديم امتحانات الثانوية العامة ، والمفاوضات بهذا الشأن لا زالت مستمرة ، ولكن يبدو أنها كحوار الطرشان ، فالرد لا زال سلبيا من الاحتلال الصهيوني . راجين للأسرى الصبر والمصابرة والمرابطة ، بانتظار الفرج القريب والتحرر من أصفاد الاحتلال البغيض .

طلبة الثانوية العامة من مجمل عدد طلبة المدارس

87 ألف ثانوي من أصل 1.3 مليون طالب

على العموم ، بلغ عدد الطلبة الفلسطينيين في المدارس الحكومية والخاصة والخيرية للعام الدراسي 2008 / 2009 حوالي 1.3 مليون طالب وطالبة ، وأشرف على تسيير الشؤون التدريسية والإدارية والخدمية فيها قرابة 50 ألف موظف وذلك للصفوف الإثني عشر ، من الصف الأول الأساسي حتى الثاني الثانوي ، وهو نهاية المرحلة الدراسية ، ومن بين هؤلاء الطلبة حوالي 87 ألف طالب وطالبة في الصف الثاني عشر ، وهو الذي يؤدي امتحان الثانوية العامة الجماعي الذي تشرف عليه لجنة الامتحانات العامة ، المنبثقة عن وزارة التربية والتعليم في فلسطين .

أوائل الطلبة في امتحان الثانوية العامة 2009

بعد فرز نتائج الامتحانات لجميع فروع الثانوية العامة ، الفرع العلمي ، والفرع الأدبي ( العلوم الإنسانية ) والفرع التجاري ، والفرع الصناعي ، والفرع الزراعي ، في جميع محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة جاءت النتائج أوائل الفروع كالآتي :
أوائل الفرع العلمي
الأول: تالة قاسم باطية 99.7- مدرسة طلائع الأمل الثانوية- نابلس
الثاني: شيماء بسام نغنغية 99.6- بنات جنين الثانوية- جنين
الثاني: مكرر رانية سامي يونس 99.6- جمال عبد الناصر الثانوية- نابلس
الرابع: محمود عطا السيقلي 99.5- عبد الفتاح حمود الثانوية للبنين- شرق غزة
الرابع: مكرر أماني محمود المناصرة 99.5- دلال المغربي الثانوية أ للبنات- شرق غزة
السادس: جهاد صابر خمايسة 99.4- اليامون الثانوية للبنين- جنين
السادس مكرر: محمود حاتم محمود حماد 99.4- الصلاح الإسلامية الخاصة- الوسطى
السادس مكرر: ناهد فريد اغريب 99.4- بنات العدوية الثانوية –طولكرم
السادس مكرر: احمد بديع احمد طه 99.4- الإسلامية الثانوية للبنين- رام الله
السادس مكرر: حنان عوني المناعمة 99.4- خالد العلمي الثانوية للبنات- غرب غزة
السادس مكرر: جهاد عبد الله عبد الله 99.4- الإسلامية الثانوية للبنين- رام الله
وبقراءة متأنية ، نرى أن أوائل طلبة الثانوية العامة للفرع العلمي ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، كان ترتيبهم في العلامات شبة متقارب ، بواقع 99.4 % فأعلى ، حيث حازت طالبتين على المرتبتين الأولى والثانية ، الطالبة الأولى بمعدل 99.7 % ، وهي من نابلس ، تلتها الطالبة الثانية بمعدل 99.6 % من جنين ، وهما محافظتان في شمال الضفة الغربية قريبتين من بعضهما البعض . ومن الملفت للنظر في أوائل الثانوية العامة للعام 2009 أن طالبتين من نابلس كانتا من الأوائل رغم الحصار الصهيوني المضروب على مدينة نابلس الباسلة . وفي السياق ذاته ، تبين من أوائل الفرع العلمي على فلسطين تبوأ عدة فتيات فلسطينيات القائمة العشرية الأولى ، مع توزع هذه الفتيات على أربع محافظات في الضفة الغربية هي ( نابلس 2 ، وجنين 2 ورام الله 2 ، وطولكرم 1 ) ومحافظتين في قطاع غزة هما : غزة والوسطى ، علما بأنه لم يكن هنا عشرة أوائل بل 11 أوائل .
وبنظرة تأملية بسيطة ، نرى أن عرش الثانوية العامة لهذا العام حصدته مدينة نابلس عبر الطالبة تالة باطية من مدرسة طلائع الأمل الثانوية بنابلس وهي مدرسة خاصة ، وهي طالبة متدينة أيضا . والملفت للنظر كذلك ، أن المرتبة الثانية كانت مكررة بحصول الطالبتين على معدل 99.6 % ،
وبذلك غابت المرتبة الثالثة من الناحية النظرية وأثبتت ذاتها في المرتبة الثانية فعليا ، والمرتبة الرابعة مكررة بحصول طالب وطالبة على معدل اقل بعشر واحد عن سابقيهم وهو معدل 99.5 % وبذلك غابت المرتبة الخامسة ، هذا بالإضافة إلى تبوأ 6 طلبة من الذكور والإناث المرتبة السادسة ، فغابت المرتبات السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة نظريا واحتفظت بحقها فعليا ، كونها مكررة في سابقة جديدة هي الأولى من نوعها وحجمها .
وأما الأوائل في الفرع الأدبي ( العلوم الإنسانية )
الأول: دعاء نظمي عبد الله الجعبري 99.5- بنات وداد ناصر الدين الثانوية – الخليل
الثاني: رواند عبد الخالق شحادة الهور 99.2- العروبة الثانوية للبنات – الوسطى
الثاني مكرر: ناهدة فهمي أبو حطب 99.2- سمير سعد الدين الثانوية للبنات – نابلس
الثاني مكرر: هبة عدنان أحمد الجبيهي 99.2- بنات حليمة الخريشة الثانوية – طولكرم
الخامس: عبير محمد عبد الكريم أبو شاويش 99- شهداء المغازي الثانوية أ للبنات – الوسطى
السادس: دعاء زهير حسن أبو الفيه 98.9- بنات إبراهيم الخواجا الثانوية – طولكرم
السادس مكرر: امنة محمود داوود موسى 98.9- شهداء المغازي الثانوية أ للبنات – الوسطى
السادس مكرر: ميساء خالد ابراهيم ابو العوف 98.9- بنات شويكة الثانوية- طولكرم
السادس مكرر: حنين يعقوب محمد ابو خيران 98.9- الراعي الصالح السويدية - بيت لحم
السادس مكرر: اسماء فريد صالح حمدان 98.9- بنات جبع الثانوية - قباطية
السادس مكرر: ميسر عبد الناصر عبد الوهاب ابو زر 98.9- بنات البيرة الثانوية- رام الله
وبهذا نرى ، أن أوائل الفرع الأدبي أو العلوم الإنسانية ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تقدمتهم طالبة أيضا ، هي دعاء الجعبري من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية بمعدل 99.5 % بنقص 0.2 % عن الأولى بالفرع العلمي ، وهي نسبة بسيطة جدا ، واحتلت طالبتين المرتبة الثانية المكررة 99.2 % . وملاحظة هامة أخرى ، وهي أن جميع أوائل الثانوية العامة بالفرع الأدبي كن من الفتيات الفلسطينيات ولم يتبوأ أي طالب ذكر أي موقع من المواقع العشرة الأولى . وكذلك فإن عدد الأوائل بالفرع الأدبي هن 11 طالبة مثلهن مثل أوائل الفرع العلمي الأحد عشر طالبا وطالبة السابقين الذكر . وقد توزعت الطالبات الأوائل الأحدى عشرة وليس العشرة ، على 5 محافظات فلسطينية كان لمحافظة طولكرم ومحافظة الوسطى النصيب الأكبر فيها ، كالآتي : ( طولكرم 3 ، الوسطى 3 ، جنين ( قباطية ) 1 ، الخليل 1 ، نابلس 1 ، بيت لحم 1 ، رام الله 1 ) .
وفي حين تراوحت معدلات الأوائل في الفرع العلمي بين معدلات 99.7 % - 99.4 % ، فد تراوحت معدلات الأوائل في الفرع الأدبي ( العلوم الإنسانية ) ما بين 99.5 % - 98.9 % ، أي أن الفارق بين الفرعين العلمي والأدبي كانت ثلاثة أعشار العلامة للفرع العلمي ، وستة أعشار العلامة للفرع الأدبي ، وهي على كل حال نسب متقاربة إلى حد ما .
وأما بالنسبة لأوائل الفرع الصناعي فقد جاء الترتيب بالمعدل العام كالتالي :
الاول: طارق محمد عفيف أسعد 97.2- طولكرم الثانوية الصناعية- طولكرم
الثاني: سحر عزام يوسف فريخ 97.1- طولكرم الثانوية الصناعية- طولكرم
الثالث: عمر عزام كمال أبو بيح 97.0- نابلس الثانوية الصناعية- نابلس
وبهذا نستطيع القول ، إن مدرسة طولكرم الثانوية الصناعية احتلت المرتبتين الأولى والثانية بينما جاءت المدرسة الثانوية الصناعية في نابلس بالمرتبة الأولى ولم تستطع أي محافظة فلسطينية ثالثة تبوأ أي مركز في الأوائل بالفرع الصناعي . وتراوحت فئات المعدلات في الأوائل الثلاثة ما بين 97.2 % - 97 % ، وهي بفارق 0.2 % ، وهي أقل من النسب السابقة في العلمي والأدبي ، ولكن هناك فرق بين الأول في الفرع العلمي والأول في الفرع الصناعي بواقع ( 99.7 % للفرع العلمي ) و97 % للفرع الصناعي أي ما يساوي 2.7 % ، وهي علامات ليست بعيدة عن بعضها البعض أيضا فبقيت في الفئة ذاتها تقريبا ما فوق 97 % فأعلى .
وأما بشأن ، الثلاثة الأوائل على فلسطين الفرع التجاري فجاءت النتائج كالآتي :
الأول: سارة ياسر سامي الغرباوي بمعدل 96.1- مدرسة رامز فاخرة الثانوية للبنات- مديرية غرب غزة.
الأول مكرر: شروق عبد اللطيف عبد الله شاهين بمعدل 96.1- مدرسة بنات سلفيت الثانوية- مديرية سلفيت.
الثالث: سامية رفيق على سليم بمعدل 95.2- مدرسة بنات جمال عبد الناصر الثانوية- مديرية طولكرم.
وبملاحظة سريعة يتبين لنا الآتي : أن الثلاثة الأوائل في الفرع التجاري هن من الفتيات ، ومن ثلاث محافظات فلسطينية واحدة من غزة والاثنتان من الضفة الغربية ، ولم تتبوأ محافظة ثالثة أي موقع متقدم ، في حين بلغ معدل الأولى في الفرع التجاري 96.1 % وهو معدل مكرر وبذلك حجب الموقع الثالث نظريا واحتفظ به فعليا ، وقد جاء معدل الطالبة الثالثة من الطالبات الثلاث 95.2 % بأقل من سابقيه 0.9 % فقط .
وفيما يخص الفرع الزراعي في الثانوية العامة ، فقد شغل الموقع الأول: إسلام موسى إسماعيل الزبدي 87.6- العروب الزراعية الثانوية المختلطة- مديرية شمال الخليل ، فكانت محافظة الخليل ، هي المحافظة الزراعية الأولى نظريا بين فروع الثانوية العامة المتعددة . ولكن معدل الأول هبط من أعالي معدلات الفروع الأخرى ليستقر في 87.6 % فقط ، بما يقل نحو عشر علامات على الفرع العلمي الذي تبوأ صدارة الأوائل في الثانوية العامة الفلسطينية لعام 2009 .
وختاما فإننا نقول ، جهود مشكورة للذين أشرفوا على سير امتحانات الثانوية العامة في فلسطين لهذا العام والأعوام السابقة بمنهاج وطني فلسطيني موحد في الضفة الغربية وقطاع غزة ، رغم الصعوبات والتحديات الجمة ، المتعددة التيارات والاتجاهات ، وحسب مصادر وزارة التربية والتعليم عقد امتحان الثانوية العامة ( التوجيهي ) لعام 2009 للعام الثالث على التوالي حسب المنهاج الفلسطيني ، بتزامن زمني موحد في الضفة والقطاع، وضمن برنامج موحد، ومواعيد موحدة تحت قيادة لجنة الامتحانات الموحدة في الضفة والقطاع، والتي تعمل ضمن أسس ومعايير مهنية وتربوية ، فقد أثبتوا أنهم على مستوى المسؤولية ، ومباركة طيبة للناجحين في الثانوية العامة من الأبناء الطلبة من الذكور والإناث ، وتحية كل التحية للبنات اللواتي تفوقن في دراستهن ، في هذه المرحلة المصيرية من حياتهن وحياة الشعب العربي الفلسطيني المسلم المجاهد من أجل الحرية والاستقلال الوطني الناجز فوق ثرى وطن الأرض المقدسة .
وألف ألف مبارك للناجحين في الثانوية العامة بجميع فروعها ، فبادروا للتسجيل في الجامعات المحلية الفلسطينية في التخصصات الأكاديمية التي ترغبون بها ، فهي مهنتكم في الحياة المستقبلية ، ولا تتأخروا ولا تتردوا في ذلك . ومرحى للقافلة الطلابية الجديدة في الجامعات والمعاهد الفلسطينية وإلى الأمام . وصبرا للذين لم ينجحوا في هذا الامتحان والابتلاء ، وللطلبة الذين رسبوا في مادة أو مادتين استعدوا لمتابعة الإكمالات لتحصدوا نتائج ناجحة وتلتحقوا بمؤسسات التعليم العالي المناسبة ولا تقلقوا فالجامعات الفلسطينية تحسب حسابكم دائما .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الأربعاء، 22 يوليو 2009

نصائح جامعية للطلبة الجدد للإلتحاق بالجامعات الفلسطينية والعربية والأجنبية


نصائح جامعية للطلبة الجدد

للإلتحاق بالجامعات الفلسطينية والعربية والأجنبية

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
نابلس – فلسطين

التحريض الإلهي على العلم والتعليم

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)}( القرآن المجيد ، الزمر ). وجاء بصحيح البخاري - (ج 1 / ص 119) في بَاب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ } فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَرَّثُوا الْعِلْمَ مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } وَقَالَ { وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } وَقَالَ { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ ) .

مباركة وتبريك للناجحين والمتفوقين

بادئ ذي بدء ، نبارك للطلبة والطالبات الناجحين والمتفوقين في شهادة الثانوية العامة ، في فلسطين بجناحيها في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولأهاليهم وذويهم وأصدقائهم ، ونقول لهم إنكم أيها الطلبة انتقلتم من مرحلة دراسية أولية وعادية وعامة لمرحلة دراسية جامعية ، خاصة ومتخصصة في مجال معين من مجالات الحياة الدنيا ، فاتقوا الله أينما كنتم ، وحيثما حللتم ، وإعلموا أن ميدان التخصص الذي ستتخذونه مهنة المستقبل ، سيكون نهائيا في غالب الأحيان ، فلا تستعجلوا الأمور ، وفكروا مليا وبصورة عميقة ، وراعوا إمكانياتكم العقلية والبدنية والاقتصادية في الإلتحاق بمسيرة التعليم العالي في فلسطين أو خارجها .
ويمكن القول ، إن الطلبة الجامعيين في فلسطين الأرض المقدسة وسواها ، من بلدان العالم ، يبتغي من متابعة التحصيل الجامعي في مؤسسات التعليم العالي تحقيق عدة أهداف وغايات سامية من أهمها :
أولا : تحصيل المعارف والعلوم العامة والخاصة .
ثانيا : الحصول على مركز اجتماعي معين ، كأن يكون وجيها في الدنيا والآخرة ، وما يتطلب ذلك من مؤهلات علمية واجتماعية واقتصادية وشخصية وخدمية عامة .
ثالثا : التمكن من اقتناص فرصة عمل تكون مهنة المستقبل الزاهر والواعد .
رابعا : التعارف الاجتماعي بين الأقران الجامعيين وزيارة أسرهم في بقاع الوطن .
خامسا : شريك أو شريكة حياة : هناك من يضيف ميزة أخرى في مسيرة التعليم الجامعي وهي ( شهادة وعروس / ة ) .

الأنظمة الجامعية في فلسطين

يا معشر الناجحين في شهادة الثانوية العامة في فلسطين ..
إعلموا أن جميع الجامعات والكليات الجامعية ونصف الجامعية تعتمد على نظام الساعات المعتمدة ( 16 أسبوعا بالفصل تساوي 48 ساعة زمنية ) ، والدراسة الجامعية بثلاثة فصول : الفصل الأول ما بين الخريف والشتاء ، والفصل الثاني ( ما بين الشتاء والربيع ، والفصل الثالث ( الفصل الصيفي ) . ويمكن للطالب الجامعي الفلسطيني أن يسجل 12 ساعة معتمدة فصليا بالفصلين الأول والثاني كحد أدنى ، و21 ساعة معتمدة كحد أقصى ، وما بين 3 – 10 ساعات معتمدة بالفصل الصيفي . ما عدا جامعة القدس المفتوحة التي يمكن التسجيل فيها لساعتين أو ثلاث ساعات كحد أدنى شرط التخرج ب 12 سنة كحد أقصى . وبهذا فإن الدراسة في المرحلة المدرسية تختلف اختلافا بينا عن الدراسة الجامعية .

أسس وقواعد الإلتحاق بالجامعات

يا معشر الشباب الجامعي الفلسطيني الجديد ..
يفترض في الناجحين والمتفوقين في الثانوية العامة بفلسطين لعام 2009 منكم ، أن يبادروا ويسجلوا تسجيلا أوليا في إحدى الجامعات الفلسطينية التي تناسبهم في المعدل الملائم ، والقرب الجغرافي والهواية والرغبة العلمية الأكاديمية ، والمقدرة المالية ونوعية الدراسة المتوفرة ، والنوع الاجتماعي ( ذكر أو أنثى ) . وهذه نصائح عامة للطلبة الجدد الذين اجتازوا امتحان الثانوية العامة لعام 2009 ، تمهيدا لمتابعة التحصيل العلمي في الجامعة الداخلية في فلسطين أو الخارجية في الوطن العربي أو العالم ، وهي كالآتي :
التعرف على الأنظمة الجامعية في الجامعات الفلسطينية والعربية والأجنبية قبل التسجيل فيها باستشارة المختصين والخبراء من ذوي العلاقة المباشرة والطلبة السابقين لمعرفة آلية القبول ، والتكاليف المادية ، وكيفية الدراسة الجامعية ، بانتظام أو عبر التعليم المفتوح ، والانتقال من جامعة لأخرى ، ومعرفة نظام ( الغياب والحضور ) .
أهم الجامعات والكليات المحلية الفلسطينية العاملة في فلسطين :
أ‌. الجامعات العامة : جامعة القدس ، جامعة النجاح الوطنية / نابلس ، جامعة بير زيت ، جامعة بيت لحم ، جامعة الخليل ، جامعة بوليتكنك فلسطين وهي جامعات في الضفة الغربية . والجامعة الإسلامية بغزة وجامعة الأزهر بغزة .
ب‌. الجامعات الحكومية : جامعة الأقصى بغزة ، وجامعة فلسطين التقنية / طولكرم ( خضوري ) وكليات فلسطين التقنية في رام الله ( للبنات ) ، وكلية العروب في الخليل ، وكلية دير البلح التقنية ، وكلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس . وكلية الشريعة ( أصول الدين ) في قلقيلية ( تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية ) .
ت‌. جامعة القدس المفتوحة : ولها حوالي 25 مركزا ومنطقة تعليمية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ( جامعة الوطن ) وهي ذات نمط تعليمي مميز في فلسطين والعالم . تتبع نظام التعليم المفتوح والتعلم عن بعد ، وهي اقل الجامعات من ناحية الكلفة المادية ، وتقبل معدلات ما فوق 55 % للقدامى و60 فأعلى للطلبة الجدد من حملة الثانوية العامة 2009 . وهي جامعة أنشاتها منظمة التحرير الفلسطينية ، ومعتمدة للتوظيف ومتابعة التعليم العالي لدرجات الماجستير والدكتوراه أسوة بالجامعات الفلسطينية . وهذه الجامعة تمكن الطلبة من متابعة الدراسة الأكاديمية في العديد من التخصصات العلمية والأدبية والصناعية ، مع العمل في الوقت ذاته ، لأنه لا يوجد بها نظام الحضور والغياب . وتضم حاليا حوالي 65 ألف طالب وطالبة من أصل 180 ألف طالب وطالبة في مؤسسات التعليم العالي بفلسطين ، وهي أكثر مناسبة للطلبة الخاطبين والمتزوجين من الذكور والإناث ولمن فاتهم قطار التعليم العالي سابقا لأسباب شتى .
ث‌. الجامعات الخاصة : الجامعة العربية الأمريكية في جنين ، جامعة فلسطين بغزة ، جامعة الأمة بغزة ، جامعة غزة للبنات وغيرها .
ج‌. الكليات الجامعية المتوسطة : كلية ( جامعة ) فلسطين الأهلية في بيت لحم ، كلية المجتمع العصرية في البيرة ، كلية الروضة الوطنية في نابلس ، كلية هشام حجاوي التكنولوجية في نابلس ، الكلية المتوسطة في غزة ، كلية عندليب المصري في نابلس ، كلية إنعاش الأسرة في البيرة ، كلية الكتاب المقدس في بيت لحم وغيرها .
ينبغي العلم أن وزارة التعليم العالي الفلسطينية لا تعترف بالجامعات الإسرائيلية للتوظيف في القطاع العام ، وذلك لتحاشي الوقوع في متاهات متابعة التحصل الجامعي في الجامعات الفلسطينية لخريجي الجامعات الإسرائيلية أو عدم قبول طلبات خريجي تلك الجامعات للتوظيف .
التسجيل في جامعة واحدة : هناك 15 جامعة فلسطينية ( تمنح درجة البكالوريوس ) وأكثر من 30 كلية جامعية متوسطة في الضفة الغربية وقطاع غزة . فللحيلولة دون تشتت أذهان الطلبة والأهالي ينبغي التسجيل في جامعة واحدة لمن تنطبق عليهم الشروط ، لتقليل المصاريف غير الضرورية ، وتوفير الجهد والمال . فلا داعي للتسجيل الأولي بعد ظهور نتائج الثانوية العامة في جامعتين أو ثلاث لعدم جدوى ذلك ، بل يجب تركيز ذهن الطالب في مجال معين وتخصص معين ، أو المفاضلة بين تخصصين محددين بالتشاور مع الأهل والأصدقاء من ذوي الخبرة الفعلية .
يجب أن يسجل الطالب المتحصل على معدلات مرتفعة ، في عدة خيارات أثناء تقديم طلب الالتحاق بالجامعة المعنية . فيعبأ الطالب طلبا على نموذج يدوي أو إلكتروني :
أ‌. الفرع العلمي : طب ، طب أسنان ، صيدلة ، هندسة ، تكنولوجيا المعلومات ، علوم ، بصريات ، تمريض وغيرها حسب التخصصات المطروحة بالجامعة المعنية .
ب‌. الفرع الأدبي : الاقتصاد والعلوم الإدارية ( تجارة واقتصاد ) ، الشريعة ، الآداب ، التربية وغيرها .
ت‌. الفرع الصناعي ( حسب الفرع المهني ) : هندسة ، تجارة واقتصاد ( للفرع التجاري ) ، وتمريض للفرع التمريض وغيرها .
ث‌. الفرع الشرعي : كلية الشريعة ، كلية القرآن والدراسات الإسلامية ، كلية أصول الدين وغيرها .
ج‌. طلبة المعدلات المتوسطة ( 70 % - 80 % ) : وتتراوح معدلات قبول هذه الفئة ما بين كليات الآداب والتربية والعلوم والزراعة والتجارة حسب المعدلات التنافسية .
ح‌. الدراسة الخاصة أو التعليم الموازي لطلبة المعدلات المتدنية 65 % فأعلى : بإمكان أصحاب المعدلات من ذوي العلامات 65 % فأعلى ، الالتحاق بنظام الدراسة الخاصة أو التعليم الموازي في بعض الجامعات الفلسطينية مثل جامعة النجاح الوطنية وجامعة القدس ( أبو ديس ) وجامعة بيرزيت ولكن يتحتم على الطلبة المقبولين بذلك دفع أقساط مالية أعلى ، قد تكون مضاعفة عن مثيلاتها لذوي المعدلات المقبولة بصورة عادية ، وبعد رفع معدلاتهم لمعدلات القبول السنوي في الكلية المعينة يمكنهم الانتقال لنظام التعليم العادي بعد تعبئة طلب خاص بهذا الخصوص .
خ‌. بإمكان ذوي المعدلات المتدنية 60 % فما دون ، التسجيل في جامعة القدس المفتوحة ، والكليات الجامعية ( بكالوريوس – أربع سنوات ) والكليات الجامعية المتوسطة ( دبلوم متوسط – سنتان ) في فلسطين للفروع العلمية والأدبية والتجارية .
د‌. التخصصات المهنية في الجامعات والمنح الجزئية أو الكلية : مثل الزراعية المتوفرة ، زراعة بمختلف أقسامها ، والطب البيطري لها منح مالية مجانية ( هناك منح لطلبة السنة الأولى في بعض الجامعات كالنجاح الوطنية وغيرها ) . وتخصص الفيزياء وغيره مجاني كان في جامعة بيرزيت وهناك تخصصات الدراسة فيها مجانية يعفى الطالب من الأقساط والرسوم الجامعية فيجب الاستشارة والاطلاع ومراجعة دوائر العلاقات العامة والقبول والتسجيل .
التسجيل في الجامعة القريبة يوفر المال والجهد ويقلل عناء الانتقال من محافظة لأخرى ، في حال توفر التخصص المطلوب الذي يريد الطالب الالتحاق به بالجامعة الجارة القريبة من سكن الأهل . والغربة عن الأهل تستدعي أن يقوم الطالب بإعداد الطعام والشراب والغسيل والتنظيف المنزلي وهذا يأخذ من وقته وقتا لا بأس به ، وأما الدراسة الجامعية في بيت الأهل فتقلل من تكاليف الدراسة ، وتجعل الأهل يشرفون على الطالب ومعرفة مع يجول بخاطره ويبقى تحت المراقبة لإبعاده عن رفقاء السوء والانحلال الأخلاقي .
التسجيل في التخصص العلمي والأدبي والمهني المناسب يساعد في الاستقرار المالي والنفسي والأكاديمي للطالب وأسرته . فمعرفة مهنة المستقبل بتأن واستشارة الآخرين تساهم في عدم انتقال الطالب من كلية لأخرى أو من تخصص لآخر مع ما يسببه ذلك من خسارة زمنية ومالية على الطالب وأهله . ورحم الله أمرئ عرف قدر نفسه في تلقي العلوم والمعارف .
التخصص وسوق العمل : يفترض في الطالب الراغب الالتحاق بالركب الجامعي أن يضع نصب عينيه الاثنتين ، إمكانية توفر فرص العمل مستقبلا في المجتمع المحيط ، وعدم دراسة تخصصات لا سوق استيعابية لها . فالاستشارة واجبة ، للمصلحة الشخصية والأسرية والفلسطينية العليا لتحاشي الوقوع فريسة سهلة بين أنياب البطالة الجامعية المستشرية في البلاد . ولهذا ينصح الطلبة بالتسجيل في التخصصات التي تلقى رواجا واستيعابا مبكرا في سوق العمل المحلية . فأحد أهداف الدراسة هو مساعدة الشهادة في إيجاد فرصة عمل تكون مهنة المستقبل بالإضافة إلى الاستزادة والنهل من مناهل العلوم المختلفة .
التسجيل في الجامعة العربية أو الأجنبية يزيد من التكاليف المادية ويبقى الطالب يعاني من الغربة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ، ويقلل من المعارف مستقبلا عند عودته للوطن .
التسجيل في الجامعات المحلية الفلسطينية ذات نظام الفصول الدراسية بساعات معتمدة ، يمكن الطالب الذي يرسب بمادة معينة أن يعيدها في الفصل التالي أو الفصول اللاحقة وهو نظام أفضل من الدراسة بأنظمة دراسية عربية وفق النظام الفرنسي أو البريطاني .
التخصص المباشر : الكثير من طلبة الجامعات الفلسطينية يرغبون في تخصص معين لدرجة البكالوريوس ، مثل هندسة الحاسوب أو هندسة الاتصالات أو الهندسة المدنية أو المعمارية أو الصيدلة أو غيرها فبإمكانهم الالتحاق بجامعات تتيح لهم ذلك مباشرة دون الحاجة للتنافس الجامعي في المعدل التراكمي بعد إنهاء 30 ساعة معتمدة . وتتبع جامعة القدس مثل هذا النظام المريح للطلبة .
الدراسة باللغة الإنجليزية : الدراسة بالكليات العلمية بالجامعات الفلسطينية في غالبيتها تكون باللغة الأجنبية وهي اللغة الإنجليزية ، وهذا الأمر يتطلب من الملتحقين بكليات الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة والعلوم والبصريات والتمريض وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والطب البيطري وغيرها الالتحاق بدورات تقوية باللغة الإنجليزية للتمكن من التواصل الأكاديمي . وينصح باقتناء قواميس خاصة ، علمية مطبوعة وإلكترونية على السواء .
الدراسة والعمل : للطلبة للراغبين في العمل يمكنهم المزاوجة بين الاثنتين ( دراسة مع عمل في الآن ذاته ) يمكنهم الالتحاق بركب جامعة القدس المفتوحة ، أو الدوام الليلي في شركة أو مؤسسة أو ورشة بناء للإنفاق على أنفسهم . أو بقيام الطالب التسجيل لمدة زمنية ما بين يومين وثلاثة أيام والاستغناء عن الدراسة بخمسة أيام متصلة غير منفصلة ، مثل التسجيل يومين بالأسبوع ( الاثنين والأربعاء أو أيام الأحد والثلاثاء والخميس وهكذا – حسب الجامعة والتقويم الأسبوعي مسلم أو مسيحي ) . وهناك نظام الدراسة المسائية لبعض الجامعات في تخصصات محددة مثل جامعة القدس في أبو ديس فيمكن الاستفادة منها .
تقصير مدة الدراسة : فمن يرغب من الطلبة الجدد بالجامعات الفلسطينية بتقصير فترة الدراسة يمكنه ذلك بالاستفادة من الفصول الصيفية ( تسجيل 10 ساعات كحد أقصى بالفصل الصيفي ) وتسجيل 18 ساعة معتمدة أو 21 ساعة لمن تزيد معدلاتهم عن 80 % فأعلى . فمثلا يمكن للطالب الجامعي في كلية الهندسة التخرج بأربع سنين بدلا من خمس ، والطالب بكلية الاقتصاد أو الآداب أو الشريعة أو التربية التخرج بثلاث سنوات بدلا من أربع .. وهكذا . وتقصير فترة الدراسة تساهم في توفير عام زمني يستفيد منه الخريج في الالتحاق بفرصة عمل مناسبة ، ويقلل من إرهاق الأهل ماديا ، واليوم هو اليوم ، والليلة هي الليلة ، بمعنى ، استثمار اليوم والليلة لأكبر عدد ممكن من الساعات المعتمدة ، ويمكن الطالب من الالتحاق بدرجة الماجستير مستقبلا قبل أقرانه من الطلبة . وباستطاعتنا القول ، إن الاستفادة من سياسة تقصير الفترة الزمنية للدراسة الجامعية يجب يكون التخطيط لها مسبقا ، وتطبيقها بعد الفصل الدراسي مباشرة لأن مواد الفصل الأول تتحكم بها دوائر القبول والتسجيل غالبا .
احترام الأنظمة الأكاديمية في الجامعات ، وتحاشي الرسوب بمواد دراسية ، وبالتالي تلقي الإنذارات الأكاديمية ، وعدم المبالاة الجامعية يمكن أن يسبب ذلك لفصل الطالب من الكلية أو التخصص أو الجامعة ، وبدوره يسبب خسارة أكاديمية ومالية للطالب وأسرته ، ويضيع وقت الطالب في الأمور التافهة في الحرم الجامعي بالاختلاط بين الفتيات والشباب .
المنح الدراسية : هناك العديد من الجهات التي تقدم منحا دراسية فصلية أو سنوية ، وهذه الجهات إما أن تكون فلسطينية أو عربية أو عالمية ، ولا يجوز الجمع بين هذه المنح . فهناك منحا لوزارة التعليم العالي في كل جامعة للمتفوقين في الكليات ( أعلى معدل في كل كلية ) ، ومنحا تقدم عبر شؤون الطلبة أو مجالس اتحادات الطلبة والكتل الطلابية والحركات والأحزاب السياسية في الجامعات . والطلبة الراغبين الالتحاق بدول المغرب العربي كمنح دراسية يجب أن يراعوا مثلا أن هذه الدول في غالبيتها تدرس باللغتين العربية والفرنسية مع صعوبة ذلك على الطالب الفلسطيني الذي يحتاج لفصل دراسي أو سنة دراسية تحضيرية ليتعلم اللغة الفرنسية . وهناك منح الطلبة المتفوقين إذ تمنح العديد من الجامعات الفلسطينية منحا خاصة للمتفوقين الذين يحصلون على معدلات 85 % فأعلى بعد السنة الدراسية الأولى وخاصة في الجامعات الفلسطينية كجامعة النجاح مثلا . وهناك منح الأولى على التخصص في معظم الجامعات والكليات الجامعية المتوسطة ولكن هذه المنح لا تمنح إلا بعد إنهاء الفصل الدراسي وشرط أن يكون الطالب على مقاعد الدراسة الجامعية . وهناك منح لكليات الشريعة في النجاح أو كلية القرآن والعلوم الإسلامية بجامعة القدس .
السكن الجامعي : هناك بيوت سكن جامعية محدودة لدى بعض الجامعات الفلسطينية سواء مباشرة أو غير مباشرة نظرا لغياب المدن الجامعية . فيفترض الاستفادة من هذه البيوت الجامعية القليلة قدر الإمكان لمن يرغب في ذلك . وهناك مساكن تعمل المجالس الطلابية على توفيرها بأسعار زهيدة ، وهناك مساكن خاصة للفتيات الجامعيات لدرجتي البكالوريوس أو الدبلوم المتوسط ، في بعض المدن الفلسطينية كبير زيت وطولكرم والبيرة وغيرها . والمسكن الجامعي المنفصل أو المشترك الهادئ ضروري جدا للدراسة والتحصيل العلمي العالي . ويفضل للطلبة أن يبقوا في منازل أسرهم في الجامعات القريبة وتجنب الإغتراب الاجتماعي .
الالتحاق بالجامعة الأجنبية : سواء عن طريق البعثات أو المنح الدراسية أو على الحساب الخاص تكلف الطالب مبالغ مالية باهظة خيالية في معظم الأحيان ، ولا داعي للمغامرة في هذا المجال ، وكما يقول المثل الشعبي الفلسطيني ( قيس قبل ما تغيص ) . وهناك منح دراسية جزئية بسيطة لدرجات البكالوريوس في بعض الدول كروسيا الاتحادية ودول أوروبية من بقايا المنظومة الاشتراكية السابقة . ويجب تنبه الطالب وأهله بضرورة الاستفسار من وزارة التعليم العالي عن الإعتماد الرسمي لهذه الجامعة ، لتجنب عدم التصديق عليها مستقبلا من الوزارة الفلسطينية . ونظام معادلة الشهادات الجامعية بفلسطين له أصوله وأسسه العلمية والزمنية والتعادلية ، حيث تتبع أنظمة خاصة فمثلا في فلسطين يتم معادلة شهادة البكالوريوس من الهند أو روسيا بدرجة الدبلوم المتوسط ، فانتبهوا لذلك لئلا تصطدموا بها الأمر مستقبلا .
الالتحاق بأول تخصص قبل به الطالب أو الطالبة في الجامعة من الخيارات التي عبأها ، وعدم الانتظار للتخصص الذي يريده ، وبإمكان الطالب أو الطالبة شخصا ، بعد ظهور الدفعة الثانية أو الثالثة التحويل للتخصص المقبول به حسب نظام المعدل التنافسي بسهولة لها . وينصح الطلبة بعدم تضييع فرصة القبول الأولى لئلا تضيع عليه الفرصة كاملة . فعصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة . وبهذا ينصح الطلبة بعدم التسجيل في جامعتين ، ودفع رسوم الطلب أو الأقساط والرسوم الجامعية العامة ، لأن ذلك يسبب خسارة مالية للطالب وذويه ، وتشتت ذهني للطالب الجامعي الجديد ، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه .
اقتناء المقررات والكتب الجامعية لمن يقدر على ذلك ، واستقراضها لمن لا يقدر ماليا على ذلك . فيجب أن يكون الطالب مستعدا للمحاضرات والمناقشات والمساجلات العلمية والأدبية وإثراء النقاش . والطلبة الذين يريدون المحافظة على تفوقهم العلمي ينبغي عليهم التحضير للمحاضرات أولا بأول ، ومراجعة ما تلقوه من علوم ومعارف في الأعباء الأكاديمية المتعارف عليها ليكونوا مستعدين للامتحانات اليومية والفصلية والنهائية في كل فصل دراسي .
الحياة الجامعية المختلطة : معظم الجامعات الفلسطينية مختلطة التعليم العالي ، وهذا الأمر يتيح المجال للتعارف بين الشباب والفتيات من زملاء الدراسة الجامعية ، وينبغي على الطلبة من الجنسين أن يعلموا أنهم التحقوا بالجامعة لتلقي العلوم والآداب ونيل الشهادة الجامعية وعدم مضيعة الوقت بالحرم الجامعي في القيل والقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ، ومصاحبة الزملاء من الذكور والإناث على حساب الدراسة الأكاديمية .
مكاتب التسجيل الجامعي : يجب التنبه من مكاتب التسجيل الجامعي في الضفة الغربية وقطاع غزة ، التي تعمل على تسجيل الطلبة في الجامعات العربية والآسيوية والإفريقية والأمريكية والأوروبية وغيرها ، هل هي مرخصة من وزارة التعليم العالي الفلسطينية أم لا ؟ وكذلك يجب أخذ الحيطة والحذر من نقل الأموال عبر هذه المكاتب ، أو دفع رسوم تقديم الطلبات والالتحاق بهذه الجامعات عبر هذه المكاتب لتجنب الإشكالات المستقبلية ، لأنه ثبت بالوجه القطعي أن الكثير من هذه المكاتب مارست وتمارس الدجل والنصب على الطلبة والأهالي فاحذروا ذلك ودرهم وقاية خير من قنطار علاج .
الطلبة الذين لا يملكون أموالا للتسجيل في الجامعات الفلسطينية أو العربية أو الأجنبية ، يمكنهم العمل في البلاد ، لفصل دراسي أو سنة واحدة والتسجيل لاحقا في الجامعة التي يرغبون بمتابعة تحصليهم العلمي بها أو الاستقراض من الأقارب والأصدقاء لضمان مقعد جامعي لفصل واحد ثم المزاوجة بين العمل والدراسة .

وختاما ، نرجو لجميع الشباب الفلسطيني والعربي والمسلم ، كل التقدم والنجاح بل والتفوق ، في الحياة العملية والعملية والحياة الجامعية السعيدة البعيدة عن المنغصات والمكدرات ، آملين النجاح والتوفيق والتفوق للطلبة الجامعيين الفلسطينيين في الوطن والخارج ، والحصول على الشهادات الجامعية المبتغاة ، من البكالوريوس والدبلوم المتوسط والدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه ، بأقصر فترة زمنية ممكنة ، وبأقل تكاليف ممكنة ، وبالتخصص المنشود الذي يمكن أن يلقى فرصة عمل لائقة .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاثنين، 20 يوليو 2009

وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ .. الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ .. الأعراس والحفلات الصاخبة

وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ..

الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ ..

الأعراس والحفلات الصاخبة


د. كمال إبراهيم علاونه
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
أستاذ العلوم السياسية
نابلس - فلسطين

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله في الكتاب المبين : { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24) }( القرآن المجيد ، لقمان ) . وجاء في صحيح مسلم - (ج 11 / ص 31) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ " .

توطئة
تكثر الأعراس الشعبية في فلسطين والوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الأكبر وفي العالم ، التقليدية الزجلية والحداية والتراث الشعبي ، والأعراس الجديدة التي تستخدم الموسيقى الغربية الصاخبة والصفير القبيح ، والتزمير والتطبيل ، وما يصاحبها من القُبل والتَقبيل ، الشرعية وغير الشرعية ، في ساعات قبل أو بعد صلاة المغرب بصورة يومية أو شبه يومية أو عدة أيام بالأسبوع ، وذلك في فصل الصيف في السنة أكثر من غيره من الفصول .
وهناك بعض العائلات العربية أو المسلمة التي لا تمتلك الأموال الكافية لتمويل المستلزمات الأساسية للأعراس الاجتماعية أو لتمكين أبناءها من التسجيل في الجامعات المحلية أو العربية أو الأجنبية . ولكن هذه العائلات تلجأ للمبالغة في حفلات الأفراح والأعراس عند تنظيم حفل خطبة أو زواج أحد شبابها أو بناتها ، فتستقدم هذه الأسر الزجالين أو الفرق الموسيقية أو كلتيهما معا ، والتي تصطحب بدورها معها مكبرات الصوت الجهورية التي تصدر أصواتا نشازا مرتفعة وكأنها تبث لمدينة كبيرة أو عدة قرى أو مخيمات أو معسكرات أو تجماعت سكانية مجاورة وتبدو كأنها إذاعة مسموعة أو محطة تلفزيونية محلية متنقلة . وتبدأ هذه الإذاعة المتنقلة أو الثابتة بإصدار وبث ونشر الأغاني الشعبية أو الغزلية الماجنة والخليعة أحيانا أخرى في الهواء ، وعلى الهواء مباشرة ، بعد ساعات العصر أو قبل أذان صلاة المغرب ، ولا تتوقف الكثير من هذه الفرق الموسيقية عن الغناء أثناء رفع الأذان للصلوات وخاصة صلوات المغرب أو العشاء أو الفجر في كثير من الأحيان وهي مهزلة هزلية مريبة لاهثة وباحثة عن اللهو غير المفيد .
وغني عن القول ، إن الاحتفال والفرح والمرح الفردي والجماعي والشعبي ، أمر لا مفر منه للمواطن في أي بقعة من بقاع العالم ، للعريس والعروس وأهلهما وذويهما وأصدقائهما وأحبابهما ومن لف لفهما من الضيوف ، كنوع من اللهو المباح إسلاميا ، ولكن الكثير من هذه الاحتفالات تجاوزت الخطوط الحمر ، فمارست الغناء الصاخب والماجن ، سواء لكل جنس على حدة أو بتوليفة الجنسين ، الذكور والإناث في صالة واحدة أو مكان واحد ، فلم يعد يعنيها تطبيق تعاليم الإسلام العظيم ، بالفرح والمرح المعتدل بفصل الجنسين عن بعضهما ، وترديد النشيد الديني أو الوطني أو الشعبي أو القومي الأخلاقي الأصيل ، كما أنه لم يعد يعنيها كذلك راحة واستقرار ونوم الأطفال والمرضى والطلبة الثانويين لشهادة الثانوية العامة ( التوجيهي ) أو الطلبة الجامعيين في امتحاناتهم والعمال والموظفين وربات البيوت وغيرها من الفئات الاجتماعية ، فبدا أن هم هؤلاء الناس هو الغناء والفرح وافتعال الضجة والضجيج العالي بلا داعي ، فهل يا ترى هذا هو الفرح الأكيد ؟ أن يفرح الإنسان ، كالعريس والناجح في الثانوية العامة بعلامة 50 % فأعلى ، ويزعج الآخرين عبر التنكيد النكد النكيد ؟؟ ما لكم كيف تحكمون ؟ وكيف تنظرون ؟ ولماذا هكذا تصفرون وتزغردون وتصفقون ؟ ولماذا ترضون بهذا الأمر العجيب الغريب ؟ فالفرح هو فرح قلبي ووجداني شخصي وجماعي ، وغناء وزجل ودبكة شعبية بصوت هادئ متزن ومتوازن ، بعيدا عن الهبل والاستفخاف بالآخرين ، فلا يزعج الجيران أو الحي بأكمله أو القرية بأكملها أو المخيم بأكمله . فيا أيها الناس افرحوا وأمرحوا ولكن لا تزعجوا غيركم !! وما ترضونه لأنفسكم ارتضوه لغيركم ؟؟ ولا تكونوا من هواة الضجة والضجيج المقيت ، ولا تفتعلوا الفرح بل كونوا معتدلين . وتذكروا أيها المحتفلون بالصخب والضجيج ، كلام الله العزيز الرحيم وشديد العقاب : { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ (2) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (3) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (5)}( القرآن الحكيم ، الحجر ) . فلا تجعلوا الأمل المرافق بالفسوق والفجور يأخذ نصيبه لديكم وعندكم في الحياة الدنيا ، في الحياة الخاصة والعائلية والعامة .
وكلمة لا بد منها ، وهي أن كثيرا من المحتفلين بالفرق الموسيقية الصاخبة يكونون قد اقترضوا أموالا من البنوك أو الأقارب لتمويل هذه الحفلات الماجنة ، ولا يستطيعون توفير الحاجيات الرئيسية لبيت الزوجية أو التسجيل الجامعي فيلجأون للكماليات الفارغة من المحتوى والمضمون ، وكأنهم يمارسون هواية الانتحار المالي الذاتي ، في سبيل تفريح الناس أو تقديم الأغاني الممجوجة لهم ، دون وجه حق ودون استشارتهم أو الطلب منهم ، وبعد ذلك بحين قصير يندمون على ما فعلوا وكان يلهون !! . فلا تندموا وحكموا عقولكم لا عواطفكم ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبكم ربكم ، رب العزة والجبروت ، وقبل أن يحاسبكم غيركم ويرمونكم بأبشع الصفات والنكات ؟
على العموم ، إن تنظيم الاحتفالات والمهرجانات واستجلاب الفرق الموسيقية وما يدعون بالفنانين والمغنين ، من المخنثين الماجنين ، والديوثين ، والراقصات والمغنيات اللاعبات على أحبال الهوى كأحبال البالية المقيت ، زورا وبهتانا ، واستقدام الزجالين لإحياء الأعراس الشعبية ، لممارسة اللهو الهابط في قعر الحياة الاجتماعية . فالمهرجانات والأعراس الشعبية هي من أنواع الفن والأخلاق والذوق الرفيع ، وليست من قلة الحياء وممارسة السادية والتلذذ بعذابات الآخرين من القريبين من مواقع الاحتفالات ذات البث بموجات صوتية عالية التردد مما يسبب القلق والأرق للجيران في البيوت والأحياء ويولد بعض المشاكل الاجتماعية بين العائلات القريبة والبعيدة على السواء ، وتظهر النعرات الطائفية والعشائرية والقبلية السياسية أحيانا أخرى .
ويذكر أن شكاوى كثيرة من المواطنين العرب والمسلمين والغربيين في شتى بقاع العالم ، من أقصاه على أقصاه ، جراء سوء استغلال الفرق الموسيقية وعشرات من أصحاب الأعراس لمكبرات الصوت العالية الأصوات في الاحتفالات الشخصية للأعراس التي تمتد لساعات ما بعد منتصف الليل ، أو حتى ساعات الفجر الأولى ، مما يسبب إرباكا وإرهاقا للمواطنين العاديين وذوي المصالح والمشاغل الاجتماعية الأخرى وخاصة في فصل الصيف الذي تكثر به حفلات الأعراس التقليدية الشعبية والموسيقية الغربية .
وأفاد العدد من المواطنين والمغتربين في بعض قارات العالم ، وخاصة آسيا وإفريقيا ، عن امتعاضهم من التصرفات اللامسؤولة التي يمارسها البعض ويصر عليها ، وكأنها جزءا من حياته المتقلبة ، لأن هذه الظاهرة الاحتفالية الممزوجة بدموع الفرح في بداياتها ، ودموع الحزن في آخرها ، أنهم لا يتمكنون من النوم الطبيعي في ظل الموسيقى الصاخبة الناتجة عن الأعراس والأصوات العالية النكرة المنبعثة في ساعات الليل وخاصة بعد منتصف الليل وساعات الفجر الأولى ، فيتقلب الإنسان على فراشه دون التمكن من النوم الطبيعي ويضطر في كثير من الأحيان أن يغلق جميع الأبواب والشبابيك ولكن دون جدوى ، فالجدران لا تمنع الصخب ، فالموسيقى صاخبة ، والضجيج عالي التردد ، والغناء الهابط ينتشر أصواته النكرة دونما إلتفات لحقوق الآخرين الذين يتوقون للنوم الهادئ بعيدا عن شخير الشاخرين ، وصولات وجولات المهووسين ، ولا يرغبون في المشاركة القسرية في هذه الاحتفالات الطويلة المدة وذات البث المنتشر لمساحات واسعة من البيوت والأرض .
من جهة أخرى ، فإن استخدام المفرقعات والألعاب النارية الغريبة العجيبة ، ذات الأصوات المرتفعة في الأعراس واحتفالات التخريج الجامعي والنجاح في شهادة الثانوية العامة تسبب مشاجرات ومشكلات بين مطلقيها والمتضررين من استعمالها ن فهذا يلعن هذا وهذا يسب والدي هذا ، وهذا يهدد ويتوعد ، وربما تحضر الشرطة وتشارك في الحجز بين المتشاجرين لأتفه الأسباب .
يذكر أن استعمال الفرق الموسيقية والأغاني الخليعة والغزلية الماجنة ، أصبحت عادة مملة للمواطنين عندما ترتفع أصوات الآلات الموسيقية والمغنين النشاز وتسبب قلقا وأرقا للمواطنين ، وتعطلهم عن أشغالهم ، وتضر بالطلبة الذين يتقدمون للامتحانات الجامعية وغيرها وتسبب إزعاجا كبير للأطفال . ويتمثل الملل بإنبعاث صفارات الصفير الحربي غير الرحب وتواصل التصفيق المتعالي ليصل عنان السماء والزغاريد الهابطة غير السوية .
وعلى سبيل المثال ، في فلسطين ، وخاصة في الآونة الأخيرة ، اتخذت الشرطة الفلسطينية ، قرارات صائبة بمنع استمرار الحفلات والغناء بعد منتصف الليل ، ومنع استخدام المفرقعات والألعاب النارية التي تسبب أضرارا للمجتمع المحلي الفلسطيني ، وإن جاءت هذه القرارات متأخرة ، فأفضل من غيابها ، ولكن هذه القرارات بحاجة لتنفيذ فعلي على أرض الواقع ، وأن تكون الشرطة الفلسطينية بالمرصاد لمن يخالف التعليمات وتحميله المسؤولية القانونية والأخلاقية على التجاوزات بالحجز ودفع الغرامات . ويتطلع المواطن الفلسطيني إلى الشرطة الفلسطينية للحفاظ على أمنه الاجتماعي ، والحيلولة دون الإزعاج والإقلاق وسوء الأخلاق . ومنع الاستمرار في مهاترات الأفراح والليالي غير الملاح للمواطنين ، بالحسنى والقوة معا ، ويدا بيدا في خطين متوازين ، لأن هناك تجاوزات مريبة ومضللة ومرهقة ومزعجة لأمن الناس وأمانهم إجتماعيا وأخلاقيا ونفسيا . وكما استطاعت ونجحت الشرطة الفلسطينية بوضع حد للفلتان الأمني ، وتحريم ومنع إطلاق النار الكثيف والقليل في الأعراس ينظر لها أبناء الشعب الفلسطيني ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، كولاية جغرافية واحدة موحدة ، لتأخذ على عاتقها هذه المرة مسألة منع التجاوزات في الاحتفالات والمهرجانات العائلية كالأعراس والنجاحات الطلابية .
المطلوب من أهل الأعراس والحفلات الجماعية

وبناء عليه ، وللحفاظ على مجتمع محلي سوي ، بعيدا عن المشكلات والمنغصات ، والحلول العلاجية ، فإن هناك العديد من المطالب الشعبية الوقائية ، المطلوبة من أهل الأعراس والاحتفالات والمهرجانات في جميع أنحاء العالم ، فلسطين والوطن العربي والوطن الإسلامي ، وقارات العالم كافة ، للأمتين العربية والإسلامية ، التي ينبغي التقيد بها على سبيل المثال لا الحصر :
أولا : مراعاة الأصول والتعاليم والقيم الإسلامية في الأعراس والاحتفالات الطلابية الثانوية والجامعية والنذور والشفاء من الأمراض . والتركيز في الاحتفالات والمهرجانات على المسائل الإسلامية والوطنية والابتعاد عن الانحلال الأخلاقي والاجتماعي ، فأرض فلسطين لا زالت محتلة ، والوطن العربي لا زال يعاني من ويلات الاستعمار الثقافي والأخلاقي والإعلامي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري ، ويجب أن نحافظ على التماسك الاجتماعي والوطني والتعزيز الاقتصادي والابتعاد عن الميوعة والتقليد الأعمى للغرب واستبدال الأغاني الماجنة بالملتزمة أخلاقيا وإسلاميا وقوميا ووطنيا . ولهذا يجب أن نبتعد عن مزامير الشيطان ، وأن نعبد ربنا في كل شيء ، ولا نذل ولا نهان ، فلا تذلوا أنفسكم وترددوا أو تسمعوا مزامير الشياطين الإنسية والجنية على السواء ، سواء بسواء .
يقول الله السميع العليم تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)}( القرآن العظيم ، فاطر ) .
فيا أيها الناس ، لا تكونوا من أصحاب جهنم وأصحاب السعير ، فالمزامير الشيطانية لا تجلب الأفراح بل تجلب الغثيان والأتراح وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة . وتحلوا وتمسكوا بسنن رسول اله المصطفى في إحياء الأفراح وابتعدوا عن التقليد الأعمى للغرب والغربيين الفاسقين ، وما يسمى بظواهر الفن والفنانين الذين يجترحون السيئات وإياكم وشرب الخمور والمسكرات ، بل وزعوا الحلوى والعصائر والشيكولاته ولا تنسوا ذبح الذبائح للولائم العربية الإسلامية الأصيلة وطبخ المناسف وسدور الطبيخ الشعبي التراثي وتقديمها للضيوف الكرام .
ثانيا : عدم الاستمرار فترة طويلة في الغناء والثناء والضحكات والقهقهات العالية ، واستخدام مكبرات الصوت والأجراس غير المستساغة سمعيا وصحيا على أن لا تتجاوز ساعة منتصف الليل . وأنشدوا الأناشيد الشعبية المعبرة ، التي تشحذ الهمم ، وتقوي القلوب والألفة والمحبة والود والتصافي والتصافح الاجتماعي .
ثالثا : تنظيم الأعراس الجماعية لتخفيف التكاليف المادية على أهالي الأعراس ، وتخفيف الضجيج المنبعث من الأدوات الموسيقية الصاخبة .
رابعا : تحديد أماكن بعيدة عن التجمعات السكانية ( قاعات الأفراح ) التي تستخدم آلات موسيقية ماجنة وصاخبة .
خامسا : عدم استخدام المفرقعات والألعاب النارية وسط المناطق السكنية المأهولة ، فهذه الألعاب والمفرقات تسبب إزعاجا اجتماعيا وصحيا ونفسيا للآخرين ، وتثقل من ديون المحتفلين في غالب الأحيان ، فلا داعي لها .
سادسا : تنظيم حفلات أعراس شعبية هادئة ، دون ضجيج عالي ، فيقتصر الغناء والنشيد داخل قاعات الأفراح . وإلزام صالات الأفراح بوضع صوف صخرى ومكيفات صيفية للتغلب عن أصوات الضجيج الخارجي . فيفرح المحتفلين ولا يزعجون غيرهم في البيوت المجاورة .
سابعا : لا داعي للتبذير في التصوير ، تصوير الفيديو ، وإرهاق ميزانية الاحتفال أكثر فأكثر . ولا تقوموا بالتصوير الجماعي للنساء والرجال ، بل افصلوا بينهم ، ولا تصورا النساء الكاسيات وشبه العاريات والراقصات أثناء التصوير وتوزيعها على الآخرين ، من ما يسمون بالأصدقاء والمعجبين ، فهذا إثم مبين .
ثامنا : تسيير دوريات شرطية مدنية ( مثل شرطة الآداب أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) لمراقبة تطبيق القرارات الرسمية الصادرة بهذا الخصوص لمنع الضجيج والزعيق للسفهاء ، والنعيق كالبومة والغربان والنهيق كالحمير بأصوات عالية ، لبعض السُكارى ، في الاحتفالات المذكورة أو شرب المسكرات وممارسة السكير للمنكرات والإعتداء على الآخرين وهو ثمل لا يعقل ما يقول . ومن الضروري احتجاز كل من يخالف هذه القرارات سواء العريس وأقاربه أو الذين يمارسون هويات الإزعاج المنبوذة ومصادرة الالآت الموسيقية التي تتجاوز حدودها ، ويفترض التحديد الفني لموجات التردد الصوتي لتجنب الإزعاج والتباهي بعلو الأصوات المنكرة والنكرة من الجهات الرسمية ذات العلاقة .

أضرار الاحتفالات الصاخبة والماجنة

على أي حال ، هناك العديد من الأضرار العامة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية التي تنجم عن الاحتفالات الماجنة الصاخبة ، كنوع من اللهو غير المشروع ، بل هو منكر من المنكرات الإسلامية التي يجب محاربتها ، وممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها ، أسوة بغيرها من المنكرات . ومما يذكر ، أن من يمارس الغواية والضلالة سيكون له عقاب دنيوي وأخروي في الآن ذاته ، فالله ذي الطول شديد العقاب ، يمهل ولا يهمل . ومن أهم هذه الأضرار المتأتية عن الحفلات الهابطة ذات البذخ والترف الكبيرين ، الآتي :
أولا : الأضرار الاقتصادية المتمثلة بزيادة تكاليف حفلات الزواج غير الضرورية ، من حجز القاعات والصالات الباهظة التكاليف واستئجار الفرق الموسيقية غير الملتزمة ، فتعميم الزواج والفرح وممارسة الحرية الاجتماعية لا يكون بهذه الطرق غير القويمة .
ثانيا : الأضرار الاجتماعية : مما تسببه تلك الحفلات والمهرجانات السفيهة من السفهاء ، من موبقات وكبائر من مسكرات ورقص مختلط خليع بعيد عن العادات والتقاليد العربية والإسلامية الأصيلة والأصلية ، وخاصة لأبناء شعبنا الفلسطيني المرابط في ارض الرباط العربية الإسلامية ضد الاحتلال الصهيوني ، فالاحتلال لا يواجهه السكارى والمخنثين بل الرجال الأشداء والنساء المجاهدات في كل حين من الدهر . وهذه الاحتفالات الماجنة تسبب الاختلاط الماجن المحرم إسلاميا ، وترتكب فيها المعاصي والآثام ، وتصنف هذه الحفلات ضمن التشبه غير الأخلاقي بغير المسلمين من الكفرة الفجرة من الملحدين الشيوعيين والعلمانيين ومن يسير على طريقتهم غير المثلى . وكذلك تسبب هذه الاحتفالات المارقة الخلافات والمشاجرات الداخلية ، والصراعات العائلية المميتة أحيانا المرفوضة أصلا .
ثالثا : الأضرار الصحية والنفسية : كالقلق والأرق وقلة النوم لجيران الحفلات الموسيقية ذات الأصوات المنكرة . فهناك الأطفال والمرضى والكبار في السن والطلبة ، والعاملين الذين سيتوجهون لأعمالهم في القطاعين الخاص والعام . وقلة النوم تسبب لهم الإرهاق الجسدي عدا عن الإرهاق العاطفي والنفسي الذي يترك آثارا سلبية تجاه المحتفلين .
وقال لي بعض الناس إنهم يضعون قطن في آذانهم كمصدات وواقيات صوتية لمنع الإزعاج والانزعاج من جيرانهم ، علما بأن الإسلام ظل يوصي بالجيران خيرا كثيرا ، فحق الجار مطلوب وواجب بحقه بعدم التعرض له بأي أذى مادي أو معنوي .
ومهما يكن من أمر ، فإن الكثير من الأعراس والمهرجانات واللقاءات الجماعية الموسيقية العالية الأصوات ، تنظم في أيام العطل الرسمية والجماعية والإجازات السنوية مما يسبب المتاعب والإرهاق للناس بدل استعادة الأنفاس ، وقضاء أوقات الراحة الطبيعية ، في الظلال الوارفة والحياة العادية البعيدة عن الضجر والتذمر والسفاهات القاتلة صحيا ونفسيا . وهؤلاء الناس المسببين الأضرار الجمة ، الممارسين لهذه الأفعال المشينة ، يساهمون في التوتر الصحي والنفسي والإصابة بالأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع الضغط ، والأزمات القلبية ، والهروب عن الناس ، لهم ولغيرهم ، فبدل أن توثق هذه الاجتماعات عرى العلاقات بين الناس تساعد في تحجيمها . وللأسف الكثير من الناس يستهوون اللهو الخليع الماجن والرقص المخملي الفاسق كرقص الزوج مع زوجته أمام الحاضرين الذكور والإناث على السواء ، أو رقص الفتيات مع الشباب ، أو رقص العريس مع العروس ، أمام كاميرات الفيديو ، كأفلام احتفالية ، وكأنها نواد ليلية تافهة ، والعياذ بالله السميع البصير والنصير من هذه الأفعال الذميمة ، وبعضهم قد يكون من المصلين الغافلين ، ويعتبرونه نوع من أنواع الفرح والتسلية والترفيه عن النفس ، وهو ليس كذلك ، فيجب الابتعاد عن صغائر الأمور وسفاسفها ، وتحاشي إرتكاب الفواحش والآثام بطريقة عمدية أو عفوية غجرية هامشية فكلاهما سواء في الإثم .
وقد ذم الله الحميد المجيد عز وجل الناس الذين يميلون للهو بقوله : { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } ( القرآن المبين ، الجمعة ) .
وكلمة ختامية ، لماذا لا تنظم الاحتفالات لحفلات الأعراس الفردية ، الصغرى على نطاق ضيق ، وأن يستخدم فيها أصوات البشر من المنشدين والمرددين للأغاني الشعبية ذات القيمة العالية ، والتراث القويم ، بلا مكبرات أصوات هادرة تهدر كالرعد القاصف في فصل الشتاء لا الصيف ، الذي يستهدف الأذنين ، فيسبب لها الهلع والخوف والأذى الصحي كالطرش أحيانا .
ونصائح مجانية لأهل الأعراس والحفلات : اجعلوا أعراسكم مسيرات اجتماعية هادئة ، وتعبئة إسلامية وقومية واجتماعية ملتزمة ، غير لاهية بعيدة عن اللهو الغفلة والضلال والضلالة ، ولا تقلدوا الضالين والمغضوب عليهم ، وابتعدوا عن الصفير الطويل والعميق ، والتصفيق الحاد ، وقلصوا تكاليف الحفلات والمهرجانات الزائلة ، وافرحوا بمعايير أخلاقية مستقيمة ، زاهدة غير مسرفة ، وابتعدوا عن أجراس الشياطين ، والموسيقى الزائفة ، وكونوا راشدين ، من المحسنين المتقين الأبرار ، وانتهوا عن الضجيج والإزعاج فهل أنتم منتهون ؟ وإعلموا أن حريتكم تقف عن بداية حرية غيركم . ولا تبذروا أموالكم تبذيرا ، يقول الله الحليم العظيم جل شانه { رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا (28) وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) }( القرآن الكريم ، الإسراء ) .
فيا أيها الناس ، ويا معشر الشباب ، ويا معشر الرجال ، ويا معشر النساء والفتيات ، لا تبسطوا أيديكم كل البسط وتكلفوا أنفسكم ما لا طاقة لكم بها ماديا ومعنويا وقولوا قولا سديدا وافعلوا صنيعا مريدا ، ولا تكونوا تبعا للتقليد الأعمى الغربي من الحضارات الزائفة المارقة الهابطة والسافلة في أسفل سافلين ولا تلحقوا بالمزوقين والمزعقين والناعقين بلا استقامة دينية أو دنيوية أو أخروية .
آملين أعراسا واحتفالات شعبية عربية وإسلامية اجتماعية ، تمجد الشخصية والقيم العربية والإسلامية الأصيلة ، هادئة للجميع ، دون مشكلات ومنغصات ، ودامت الأفراح في دياركم العامرة . راجين من الله العلي القدير أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه لهم ، وأن يزيد التكاثر الطبيعي في صفوف الأمة العربية والإسلامية عموما ، وفي صفوف الشعب المسلم العربي الفلسطيني ، للمزيد من الرباط والمرابطة والمجاهدة والصبر في الأرض المقدسة أرض الآباء والأجداد .
ونقول لكل عريس وعروس : بَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ ، وبالرفاء والبنين إن شاء الله تبارك وتعالى .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



الذكرى المجيدة لرحلة الإسراء والمعراج النبوي

الذكرى المجيدة

لرحلة الإسراء والمعراج النبوي

27 رجب 1 قبل الهجرة – 27 رجب 1430 هـ / 2009


د. كمال إبراهيم علاونه
الرئيس التنفيذي لشبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،
الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله ، والصلاة والسلام على خير الأنام محمد بن عبد الله ، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين ،

دلائل الإسراء والمعراج بالقرآن المجيد

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) . ويقول الله الحي القيوم تبارك وتعالى : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)}( القرآن الحكيم ، النجم ) .

تعتبر معجزتي الإسراء والمعراج بخاتم الأنبياء والمرسلين ، إمام المتقين ، وسيد الأولين والآخرين من بني آدم إلى يوم الدين ، معجزة أرضية وسماوية مختلطة ، اجتمعت فيها القداسة والقدسية ، والكائنات الحية من البشر ( محمد صلى الله عليه وسلم ) راكبا على حيوان أبيض اللون ليس له نظير وهو البراق ، بصحبة الدليل الأمين جبريل عليه السلام ( من الملائكة المقربين لرب العالمين ) للتواصل الأرضي جوا من بقعتين مباركتين هما : المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى المسجد الأقصى المبارك ببيت المقدس في ساعات قليلة والعودة ثانية للأرض في حادثة غير مسبوقة على العالم والعلم البشري في الآن ذاته .
فهذه الرحلة الرجبية ، في أواخر الشهر ، من السنة القمرية الإسلامية ، لها دلالات إسلامية بائنة بينونة كبرى ، وواضحة تمام الوضوح ، فهي معجزة عظمى في معجزتين متصلتين غير منفصلتين ، في أرض الله الواسعة ، معجزة الانتقال السريع من الأرض المباركة بمكة المكرمة ، إلى أرض مباركة أخرى ، في بيت المقدس ، وإمامة الأنبياء والمرسلين ثم الصعود للسماوات العلى الواحدة تلو الأخرى .

رحلة النور الرباني في الظلام الليلي

لقد كانت هذه الرحلة الإيمانية برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، من الأرض إلى السماء ، هي الرحلة الفريدة من نوعها ، والعودة في الليلة ذاتها ، وبالليل كما هو معلوم يكون ظلام دامس ، ولكن نور الله هو الهادي السبيل ، فالله هو نور السماوات والأرض ، يقول الله العلي العظيم جل شأنه : { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}( القرآن المجيد ، النور ) . ولم يحظ بها إلا حبيب الله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام . وهذه المعجزة الإلهية المركبة ، كانت ولا زالت من المعجزات العظمى على مدار التاريخ البشري الأممي التي كانت خارقة للعقل البشري ، وكانت صعبة التصديق المزدوج : الجغرافي والإيماني بمعانيه الكبرى ، في الوهلة الأولى إلا لأبي بكر الصديق ، ثم صدقها السواد الأعظم من الناس ، في زمن صدر الإسلام الأول ، ثم آمن بها المسلمون لاحقا ، ونحن في هذا الأوان نصدقها بسهولة كما صدقها قبلنا الصديق ، صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي الانتقال السريع بين مدينتين مقدستين ، هما مكة المكرمة وبيت المقدس ، ومسجدين مباركين هما البيت العتيق والمسجد الأقصى المبارك ، فعملية الانتقال يمكن أن نتخيلها بسرعة وسهولة ويسر في ظل الاختراعات الجوية ، والطيران الحديث ، بينما كانت شبه مستحيلة في ذلك الزمن الخالي . وفي الوقت ذاته ، فإن السفر الجوي في السماوات والصعود لأعلى بالأفق الأعلى ، للوصول عند شجرة إسلامية هامة هي سدرة المنتهى ، لا زالت طي الكتمان ، وسيراها كل إنسان مؤمن لحظة موته وانتقال روحه للسماوات العلى ، وخاصة فئة الشهداء على وجه التخصيص .
لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج بخاتم الأنبياء والمرسلين ، كتأكيد رسمي وحتمي لنسخ الرسالات السابقة برسالة خاتمة الخاتمات ، وهي الرسالة الإسلامية السمحة الخالدة ، بكل ما تعنيه العبارات والكلمات من إكتمال وإكمال ، وبيان حقيقي في صورة شاملة وجامعة . ومن نافلة القول ، إن هذه الرحلة المزدوجة بروح وجسد المصطفى صلى الله عليه وسلم وتنقله بيسر في السماوات من الأولى ووصوله للسماء السابعة قبل يوم القيامة هي تكريم إلهي ليس له مثيل ، فرأى رسول الله الكريم وهو بصحبة جبريل عليهما السلام كيفية فتح أبواب السماوات الواحدة تلو الأخرى ، بلحظات بسيطة ، فسر من رأى ، وخلال هذه الرحلة قويت عزيمة وشوكة المصطفى ، في وقت كان يواجه فيه في مكة المكرمة الأذى والملاحقة ، فجاءت الرحلة للتأكيد الرباني لنصرة دين الله ، ونصره نبيه الكريم ، وما شاهده خلال هذه الرحلة الكبرى ، لترسيخ المبادئ والأسس الإسلامية ابواب أبولما سيؤول إليه حال البشر من نعيم مقيم أو عذاب أليم ، فكان رسول الله الشاهد الإنسي الوحيد على جزء من قدره الله وملكوته ، بين الدنيا والآخرة .

الإعداد المادي والروحي لرحلة الإسراء والمعراج

وفي حادثة الإسراء والمعراج ، نبأنا المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي اصطفاه ربه من بين الخلائق ، وهو النبي العربي الأمي ، فأعده وتولى تهيئته بعض الملائكة وخاصة جبريل عليه السلام ، الإعداد الجسدي والروحي ، بعملية جراحية ، بطست ذهبي ، وملء قلبه بصدره بالحكمة والإيمان ، بعد غسله بماء زمزم ، ثم ركوبه على وسيلة نقل إلهية خاصة وهي دابة البراق الأبيض ، سخرت له بقدرة الله سبحانه وتعالى ، ونستفيد من هذا الأمر أنه لا بد من الأخذ بالأسباب للرحلة الإسلامية الخاصة لأن الإنسان العادي لا يقوى على تبليغ الرسالة الإلهية للبشرية بل لا بد من إحداث مسائل استعدادية لذلك ، وهي تفريغ الحكمة والإيمان بصدر الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ، ليكون مستعدا للرحلة العليا واستيعاب ما يقال له ونقل الصورة التي شاهدها للناس .

فقد جاء في صحيح البخاري - (ج 12 / ص 273)3598 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي مَا يَعْنِي بِهِ قَالَ مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا فَغُسِلَ قَلْبِي ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ أَنَسٌ نَعَمْ يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ فَقَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالَا مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ قَالَ هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى قَالَ هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى قِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ قَالَ مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَقُلْتُ مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قَالَ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ بِمَ أُمِرْتَ قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ قَالَ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ قَالَ فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي ."

أبرز وقائع الإسراء والمعراج النبوي الشريف

على العموم ، إن هناك الكثير من الأمور الباطنية والظاهرية التي اطلع عليها رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه ، من أهما كما ورد بالحديث النبوي الآتي :
1. إمامة الأنبياء في البقعة المباركة وهي المسجد الأقصى ببيت المقدس . والضيافة الخاصة ، وتخيير رسول الله بين الهداية والغواية ، واختياره الهداية ، وتناول قدح اللبن ، وتركه قدح الخمر . صحيح البخاري - (ج 14 / ص 316) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ " .
2. مشاهدة الأنبياء والمرسلين في السماوات العلى والتسليم عليهم بمرافقة المرشد جبريل عليه السلام .
3. رؤية البيت المعمور الذي يصلي حوله ملائكة الرحمن عز وجل في كل يوم سبعين ألف ملك من الملائكة .
4. رؤية الأنهار : النهرين الباطنين في الجنة ، والنهرين الظاهرين : نهري النيل والفرات ورؤية نهر الكوثر .
5. رؤية سدرة المنتهى والدنو من الله الجبار ، فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ، وفرض الصلوات الخمس ثاني أركان الإسلام الخمسة بعد الشهادتين ، على الأمة المسلمة ، بما يعادل خمسين فريضة في اليوم والليلة .
7. رؤية حالات من أهل الجنة وأهل النار ، كمشاهدات حية ، لتكون براهين للمؤمنين والكافرين على السواء .
8 . التبشير الإلهي المسبق من العزيز الجبار تبارك وتعالى ، لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أتباع الإسلام سيكونوا كثيرين ، وهي تهيئة ربانية لثباته على الصراط المستقيم بعدما كان لاقى الإيذاء والمطاردة البشرية من الكافرين بمكة المكرمة في دعوته السرية ، وكذلك هي طمأنه له بأن أمته هي أكثر الأمم التي اتبعت الرسل ، وسيكون عددها كبير جدا . فقد جاء في صحيح البخاري - (ج 17 / ص 473) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ قِيلَ بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ قِيلَ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الْأُفُقَ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الْأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ " . وورد في مسند أحمد - (ج 24 / ص 312)
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى قَوْمٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ قَالَ قُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالُوا خُطَبَاءُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ " . وجاء في سنن أبي داود - (ج 13 / ص 22) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ " . كما ورد في مسند أحمد - (ج 5 / ص 242) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا قَالَ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا قَالَ هَذَا بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ : " قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَلَقِيَهُ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ قَالَ فَقَالَ وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ سَبْطٌ شَعَرُهُ مَعَ أُذُنَيْهِ أَوْ فَوْقَهُمَا فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فَمَضَى فَلَقِيَهُ عِيسَى فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا عِيسَى قَالَ فَمَضَى فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مَهِيبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ قَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ فَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ جَعْدًا شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ قَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ وَالْآخَرُ عَنْ الشِّمَالِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ فَقَالَ الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ " . وورد في مسند أحمد - (ج 5 / ص 242) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَسَمِعَ مِنْ جَانِبِهَا وَجْسًا : " قَالَ يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا قَالَ هَذَا بِلَالٌ الْمُؤَذِّنُ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ إِلَى النَّاسِ قَدْ أَفْلَحَ بِلَالٌ رَأَيْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَلَقِيَهُ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ قَالَ فَقَالَ وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ سَبْطٌ شَعَرُهُ مَعَ أُذُنَيْهِ أَوْ فَوْقَهُمَا فَقَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فَمَضَى فَلَقِيَهُ عِيسَى فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا عِيسَى قَالَ فَمَضَى فَلَقِيَهُ شَيْخٌ جَلِيلٌ مَهِيبٌ فَرَحَّبَ بِهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ قَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ فَنَظَرَ فِي النَّارِ فَإِذَا قَوْمٌ يَأْكُلُونَ الْجِيَفَ فَقَالَ مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَرَأَى رَجُلًا أَحْمَرَ أَزْرَقَ جَعْدًا شَعِثًا إِذَا رَأَيْتَهُ قَالَ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا عَاقِرُ النَّاقَةِ قَالَ فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ وَالْآخَرُ عَنْ الشِّمَالِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَشَرِبَ مِنْهُ فَقَالَ الَّذِي كَانَ مَعَهُ الْقَدَحُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ " . كما ورد في صحيح البخاري - (ج 5 / ص 183) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا قَالَ فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ قَصَّهَا فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ فَسَأَلَنَا يَوْمًا فَقَالَ : " هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا قُلْنَا لَا قَالَ لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخَذَا بِيَدِي فَأَخْرَجَانِي إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ وَرَجُلٌ قَائِمٌ بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ مُوسَى إِنَّهُ يُدْخِلُ ذَلِكَ الْكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ قُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا إِلَى ثَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارًا فَإِذَا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجُوا فَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى وَسَطِ النَّهَرِ . قَالَ يَزِيدُ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ وَعَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالَا انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ وَفِي أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ وَإِذَا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِنْ الشَّجَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ نَارٌ يُوقِدُهَا فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ وَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا فِيهَا رِجَالٌ شُيُوخٌ وَشَبَابٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ ثُمَّ أَخْرَجَانِي مِنْهَا فَصَعِدَا بِي الشَّجَرَةَ فَأَدْخَلَانِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ فِيهَا شُيُوخٌ وَشَبَابٌ قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ فَأَخْبِرَانِي عَمَّا رَأَيْتُ قَالَا نَعَمْ أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الْآفَاقَ فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي الثَّقْبِ فَهُمْ الزُّنَاةُ وَالَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبَا وَالشَّيْخُ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ وَالَّذِي يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ وَالدَّارُ الْأُولَى الَّتِي دَخَلْتَ دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ وَأَنَا جِبْرِيلُ وَهَذَا مِيكَائِيلُ فَارْفَعْ رَأْسَكَ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا فَوْقِي مِثْلُ السَّحَابِ قَالَا ذَاكَ مَنْزِلُكَ قُلْتُ دَعَانِي أَدْخُلْ مَنْزِلِي قَالَا إِنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ فَلَوْ اسْتَكْمَلْتَ أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ " .
9. الرجوع الجسدي بعد الإنتهاء من الرحلة الإلهية الكبرى إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة وهي أمور خفية علينا لا نعلم كيفية الإرجاع لأنها أمور خارقة للتصور والتخيل والعقل البشري حتى الآن .
10. الإبلاغ النبوي عن رحلة الإسراء والمعراج للناس بمكة المكرمة وانتشارها بين الأمم في العالم فيما بعد . وهي من علامات النبوة ، والمبشرات والمنذرات الإسلامية . جاء في صحيح البخاري - (ج 12 / ص 271) عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ فِي الْحِجْرِ فَجَلَا اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ " .

وكلمة أخيرة ، لا بد من القول ، إن رحلة الإسراء والمعراج برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، قلبت الموازين في مكة المكرمة ، بين مصدق ومكذب ، ولكنها كانت حقيقة واقعة ، لا بد من الإيمان بها ، وكانت بداية جديدة موفقة للمصطفى ، في نشر الرسالة الإسلامية القويمة ، حيث ابلغ عن مظاهر حسية مادية أثناء رحلته بين الأرض والسماء ، ووصفه المسجد الأقصى كما هو ، علما بأنه لم يكن قد رآه من قبل ، والذين يعرفون المسجد كانوا يقولون نعم صدقت ، وهي شواهد مادية أثبتت صحة ما يقول ، والقول الفصل طبعا لرب العالمين ، الذي أسرى به وأمر بعروجه للسماوات العلى ، لترسيخ وتعزيز إيمانه الحسي الملموس والغيبي الباطن .
والله ولي التوفيق . والله على كل شيء وكيل . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .