الأربعاء، 30 أبريل 2008

وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ .. الإعلام الهابط

وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ .. الإعلام الهابط
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات العامة
فلسطين العربية المسلمة
أوقفوا الهلاك الإعلامي المستبين .. أوقفوا الملاهي الفضائية المنتشرة في كل حين
لا تسمحوا بدخول الالكترونيات الإباحية والعنوهم كما يعيثوا في الأرض فسادا مفسدين
عليكم بمحاربة الفساد والفاسدين والسفهاء .. وعليكم بالشعراء الغاوين من أتباع الشياطين
اصلحوا ذات بينكم يا إعلاميين .. وكونوا من النابهين الناهضين بالأمة حتى يأتيكم اليقين
جاهدوا باقلامكم والسنتكم أمام الأعداء .. وقاوموا مقبلين غير مدبرين
وأنذروا عشيرتكم الأقربين ... وسدوا المنافذ على الهابطات والهابطين .. ممن يدعون الفن والتلوين .. وهم في الآخرة من الخاسرين
وآمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر والبغي .. وأنشروا العدل والمساواة بين الناس الغلابى وأهل الجاه والجاهات حتى تدخلوا الفردوس والمأوى وتكونوا مع الخالدين
يقول الله جل جلاله : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) }( القرآن المجيد ، الشعراء ) .
في الأزمان السابقة ، والقرون الخالية ، كان الشعر والشعراء ، والخطابة والخطباء هي من وسائل الإعلام الجماهيري وسيلة الإعلام المنتشرة في ربوع العالم من اقصاه إلى أقصاه ، فكان الشعراء والخطباء يجوبون الصحاري والقفار والديار لينقلوا خبرا أو قصيدة أو موضوعا معينا أو رسالة ، ويتنقلون على الحيوانات من بغال وجمال وحمير وخيول وما إليها ، وتطورت التقنية الحضارية عبر العصور الفائتة وتطورت معها وسائل التعبير عن الرأي الحر والكلمة الشجاعة التي لا تخاف في الحق لومة لائم . تبدلت الأيام وتغيرت الأشهر والسنين وتبدلت الأجيال من قرن إلى آخر وهجا الشعراء بعضهم بعضا ومدحوا الملوك والولاة ورثوا الموتى ، وتغزلوا بالحبيب والحبيبة وتفرقوا وتجمعوا على قلب رجل واحد أو إمرأة واحدة لا فرق ، ووصل الأمر ببعهم أن يتنقل بين الحين والآخر ليلتقط رزقه من هنا وهناك تارة يهجو وتارة يمدح وتارة يرثي حال الموتى وطورا يتغزل بالحب وما أدراك ما الحب ؟ سواء الحب العذري أو الحب المحمود الممدود . ووصل الأمر إلى أن بعضهم كان فارسا وخطيبا وشاعرا وعاشقا في الآن ذاته . وغني عن القول ، إن مقومات ذلك الاتصال كان مثلما هي اليوم تقوم على عدة أركان خماسية البناء والبنيان لكنها بدائية كبدائية الإنسان الحجري حيث اشتملت على المرسل والمستقبل والرسالة والوسيلة ورجع الصدى . ورغم صعوبة الاتصال ورداءة الحياة السابقة مقارنة بالحياة العصرية التي نحيا ، فالوضع كان بائسا جدا يتخلله بعض القنوط واليأس والاحباط .
وفي أيامنا هذه ظهرت صولات وجولات من التقنية العصرية ، من الأقمار الصناعية والصحون اللاقطة ، والفضائيات والالكترونيات والمطبوعات والانتر نت التي تخترق العالم بلحظات من أقصاه إلى أقصاه ، فجعلت هذه الاختراعات العصرية الالكترونية الحياة نعمة ونقمة في الآن ذاته حسبما يوجهها الإنسان ، فقد يوجهها بعض الناس فيأتي بخير وقد يوجهها آخرون ولا يأتون إلا بشر ظلما وزورا وبهتانا . إذا تلك هي الحياة الدنيا : نعمة ونقمة في الآن ذاته . وكل منا يوجهها من حاسوبه البيتي أو في مكان العمل والانتاج حسب أيديولوجيته وثقافته وميوله وهوايته ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وبينهما أمور مشتبهات . والإنسان الصالح هو الذي يمسك بزمام المبادرة ويوجه بوصلة الحياة باتجاه الخير ليكون من المصطفين الأخيار ومن جند الله وعباده المتقين الأصفياء . والإنسان الطالح هو من يوجه بوصلة الحياة باتجاه الشر والحقد والضغينة والنميمة والحسد والكراهية يكون شريرا من الأشرار من جماعة وحزب الشيطان الرجيم الذي يبث الرذائل في المجتمعات .
ومن نافلة القول ، إن الخير والشر في الإنسان فهو ميسر ومخير في الآن ذاته ، وهذه الثنائية لا تلتقي مع بعضها البعض تسير في خطوط متوازية وربما متوازنة متلاحقة لبعضها البعض ، لا في الصحة والمرض ولا في الكرم والبخل ولا في الحب والكره ، ولا في المدح والقدح ولا في الجوع والشبع ولا في الشرب والظمأ ، ولا تلتقي في الحياة والموت ... إلخ ، يقول الله تبارك وتعالى :{ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)}( القرآن المجيد ، البلد ) . فنحن والحالة هذه أمام تحد كبير جدا من الآهات والاغترابات والمضحكات المبكيات ، وتطورت التقنيات لتجعل العالك كله قرية صغيرة ، صغيرة المساحة وقليلة عدد السكان بينما الواقع لا يوحي بذلك ، فالعالم واسع ورحب والكرة الأرضية فيه البحار والمحيطات والأنهار والبحيرات والسبخات وفيها اليابسة ، من السهول والجبال والهضاب والوديات والمرتفعات والمنخفضات ، وما طار طير وارتفع إلا وكما طار وقع ، هذا هو حال الدنيا .
في هذه الأيام ، وما سبقها من هوام الأعوام ، انتشرت وسائل الاتصال الالكترونية المطبوعة والمسموعة والمرئية المنقولة مباشرة والمحمولة أثيرا على الانتر نت ، الشبكة العنكبوتية الدولية التي تخترق العالم من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه ، في متوالية حسابية تتضخم وتتضاعف ملايين الأضعاف لتصل إلى متوالية بل متواليات هندسية تتضاعف رقميا كلما زادت رقما ، فانتشرت الالكترونيات ومن بينها الفضائيات والمواقع الالكترونية الرسمية الحكومية والحزبية والجماعية والفردية ، الربحية وغير الربحية ، وكل في فلك يسبحون . ما نريد أن نطرحه ، فعلا وقولا هو الانتشار الفاضح الكاسح للفضائيات والالكترونيات الإباحية التي غزت البيوت إلا من رحم ربي سبحانه وتعالى ، فأصبح العالم متمردا على نفسه ، يصول ويجول بالاتجاهات الأربع دون حسب أو رقيب ، ومعظم الصولان والجولان باتجاه أهل المشأمة ، نعوذ بالله العظيم من أتباع هذه الزمرة ، ونسال الله أن يجعلنا من أصحاب الميمنة المقربين لخالق الخلق اجمعين . يقول الله العزيز الحكيم الحي القيوم : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) }( القرآن الحكيم ، الإنسان ) .
فالالكترونيات أصبحت لا تخضع لسيطرة ، ولا يمكن أن تخضع إلا عبر أناس أو عصابات مافيات معينة ، فانتشرت المافيات الجنسية والكباريهات والملاهي الليلية النهارية على مدار الساعة ، وغزت الموبقات والكبائر جميع وسائل الإعلام إلا القليل القليل منها وأضحى العالم يتخبط ببعضه بعضا جاء بسفك الدماء من الإرهاب والإرهابيين العالميين الذين يسيطرون على وسائل الإعلام الجماهيرية ، فانتشر الفساد والمفسدين في كل مكان ، يحرفون الكلم عن مواضعه ، فهؤلاء هم الشعراء الجدد الذي يقولون ما لا يفعلون ويشوهون الحقائق ، ويمارسون الكذب البسيط والمتوسط والثقيل ليصل إلى أسفل الدرجات الهابطة في عالم الحياة وتطور الأمر بهم ليكونوا من الدجالين الكبار ، يكذبون ويكذبون ويكذبون حتى أصبحوا يصدقون أنفسهم من كثرة الكذب ، فهم من المنافقين ، الذي سيقبعون في الدرك الأسفل من النار ، قبل الكافرين والظالمين والمشركين وما شاكلهم . فانتشر الفساد في البر والبحر والجو فساد في فساد في فساد ، والراحم هو الله الرحمن الرحيم . يقول الله تبارك وتعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)}( القرآن الحكيم ، الإنسان ) . ويقول الله العدل الحق : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (45)}( القرآن الحكيم ، الروم ) .
لقد تغير العالم ، وتغير الموجهين من زمرة الفرد الرويبضة الهالك المتهالك الذي يتحدث بشؤون العامة وتبعه الأشقياء والأشرار والسفهاء فأخذوا يقاومون ويعربدون ويقلبون الحقائق راسا على عقب ، والتوجيه الالكتروني أشتد سعيرا فوق سعير جهنمي ، وماذا بقي للأصفياء الأخيار من أصحاب الفضائل والأخلاق الحميدة والقيم والمثل العليا والأعمال الصالحة ، لقد تغير كل شيء ، ولم يعد هناك رابط صغير يربط الأشرار مع الأخيار فهما صنفان لا يلتقيان ابدا مهما دارت دواليب الحياة اليومية ، وبألوان الطيف السبعة وكأن الشر صار بألوان قوس قزح ، فانتشرت الكبائر والموبقات وبدأت تظهر علامات الساعة الصغرى والكبرى في تسابق زمني رهيب ، فالسباق الآن لا يمكن وقفه ووصفه بكلمات فهو كسرعة البرق إن لم يكن اشد وطاة وحبلا وتحبيلا . وابتعد السواد الأعظم من الناس عن التقوى والتحق بصفوف الفوضى ، وتركوا الفضائل وتمسكوا بالملذات والشهوات المهلكات للعقل والضمير والقلب ، فاستعرت حالات الحروب وسفك الدماء ، وأرتفعت الأسعار ، ولا من مغيث سوى رب العالمين الذي خلق الإنسان فسواه فعدله في أي صورة ما شاء ركبه .
ايها الأخوة والأخوات .. أيها الاباء الكرام .. ايتها الأمهات .. الماجدات الفاضلات
انتبهوا لأبناءكم وبناتكم من الالكترونيات الشريرات غير الفاضلات التي تغزو البيوت في عقر دارها في المطابخ وحجرات النوم والصالونات الكبيرات والصغيرات ، فراقبوا الانتر نت ، والفضائيات والتدوين والمدونات ، والطباعة والمطبوعات ، والإذاعات السمعيات والمرئيات ولا تستهونوا الأمر فتلك تبث سموم الكبائر والموبقات كسموم الأفاعي التي يبرمجها اصحاب المباني الناطحات ، افيقوا من سباتكم ، ولا تجعلوا الأبناء والبنات ذكورا وإناثا يلهثون خلف السرابات التي تتبعها سرابات ، سرابات الحب وسرابات الدجل والنفاق والكذب وسوء الأخلاق ، فراقبوا الالكترونيات الموبقات الهادرات للقيم والمثل العليا التي تنتشر بين الأرض والسماوات . لا تتوقفوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالأيدي والألسنة والقلوب في مثلث متكامل الأضلاع في الثلاث جهات ، فهذا هو سر الربانيات الإسلاميات من الأخلاقيات الماجدات المنبهات لتدمير الأمة فحينها لا تنفع الندامات والآهات .
لا تسمحوا بانتشار الصور المغريات من الكاسيات العاريات من أسنمة البخث والفوضى والإباحيات ، فهذه هي الساقطات الهابطات غير الغازيات التي تسقط المراهقين والمراهقات في احابيل الشياطين والشيطانات من جميع الأمم التائهات . لا تهرجوا كثيرا في الالكترونيات ولا تهجروا الإسلام الباني للمجتمع الصالح والحضارات فليس بقلة الحياء يحيا الإنسان ولا ضرورة للكاسيات العاريات من بنات حواء الغبيات اللواتي قبلن بأن يكن من المائلات المميلات فسقطن في حبائل الشياطين ، شياطين الإنس والجن والجنيات ، فلا تثقوا بوسائل الإعلام وراقبوها في ساعات وساعات ، وما أكثر القبائح والقبيحات من الأفعال والزلات ، فكونوا من أصحاب الهمة والكرامات والشجاعات . فلا تلقوا بالا للناس التائهين والتائهات الذين يمخرون الفضاء والفضائيات بكؤوس خمر ولحم خنزير وساقطين في الهوى وساقطات .. خذوا حذركم ، من الأعداء والأساليب المتلويات ، فالأمن الإسلامي الفاضل الصالح أولا وآخرا ، يا بني قومنا فيوم الندم لا ينفع الإنسان ماله بل ينجيه الباقيات الصالحات ، فأصلحوا ذات بينكم ، ولا تغتروا بصفاء المياه في البحار والأنهار والمحيطات ، فالهدوء قد يسبق العاصفة الكبيرة من العاصفات ، والحرب الالكترونية والنفسية تدخل الأبواب وليس من الشبابيك كما كانت بالأمس يا أهل الفضل لا تنسوا من فضلكم أهل الصلاح والإصلاحات .
وكما يقول الله تبارك وتعالى العزيز الحكيم ، في كتابه المجيد : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) }( القرآن الحكيم ) ، هود ) .
وأخيرا لا نملك إلا أن ندعو بهذا الدعاء :
اللهم أهلك الظلمة والظالمين ، من الكفرة الفجرة والفاجرين ، ولا تجعل قولا ولا فعلا للسفهاء والفسقة والفاسقين واهل الشرك والمشركين ، وأهلك المغضوب عليهم والضالين الذي يعيثون في الأرض فسادا يا رب العالمين . وانصر عبادك المجاهدين في كل مكان وزمان الباطنين والظاهرين ، وأهلك أعداءك أعداء الدين ، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث وأنت غياث المستغيثين . وتذكروا أنكم ستكونون من المحاسبين بيوم القيامة فلا تكونوا في فئة الناس المقبوحين . وكونوا من أهل القرآن المبين والسنة النبوية يا غانمين ولا تتسولوا فضاء وفضائيات المتسولين من الراقصات على حبائل الهوى والراقصين . فلا ترقصوا على جراح الأمة العربية الإسلامية فتكونوا من التائهين والمتشائمين . وتفائلوا بقرب النصر المبين والدخول في دين الله أفواجا يا مؤمنين وعضوا على الجهاد في سبيل الله بالنواجذ وكونوا من المجاهدين ، فلا تغرنكم الحياة الدنيا يا أهل الفضل كونوا من المفضلين لدى رب الكون أجمعين ، ولا تطيعوا السفهاء والعابثات والعابثين ، ولا تسمعوا للشعراء المقبوحين من حزب الشيطان إبليس الرجيم ، الذين يحرفون الكلم عن مواضعه يا رجال ونساء الأمة الفطنين ، فهذه الحياة لا تسوى عند الله جناح بعوضة ولا تكونوا من المغامرين المقامرين بحياة الإسلام والمسلمين .
طبتم بما اسلفتم في الأيام الخالية .
سلام قولا من رب رحيم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

في يوم العمال العالمي .. وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا .. 1 / 5 / 2008

في يوم العمال العالمي ..
وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا
1 / 5 / 2008
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
منسق اللجنة العليا لنقابات العاملين
في الجامعات والكليات الحكومية
فلسطين العربية المسلمة
شؤون عمالية فلسطينية عربية إسلامية
1. نظرة الإسلام العظيم للعمل اليدوي والمهني
أخواني أصحاب العمل ، يقول الله الرزاق ذو القوة المتين :
- { وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }( القرآن المجيد ، القصص ) .
- { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} ( القرآن المجيد ، آل عمران ) .
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ " ، صحيح البخاري - (ج 8 / ص 478) .
- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ " ، صحيح البخاري - (ج 8 / ص 36) .
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ لَا يَرْحَمْ النَّاسَ لَا يَرْحَمْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " ، جاء بصحيح مسلم - (ج 11 / ص 456) .
- قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقِّهِ وَذَلِكَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ مَالَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ " وجاء بمسند أحمد - (ج 48 / ص 95) .
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ "( سنن ابن ماجه - (ج 7 / ص 294) .
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ : عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ " ، سنن الترمذي - (ج 8 / ص 443) .
- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِي مَالِي ، إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثٌ : مَا أَكَلَ فَأَفْنَى ، أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى ، أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ " ، صحيح مسلم - (ج 14 / ص 208) .
إخواني العمال ووالموظفون الكريم ..
- يقول الله جل جلاله : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)}( القرآن المجيد ، الملك ) .
- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَاللَّهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلًا فَيَنْطَلِقَ إِلَى هَذَا الْجَبَلِ فَيَحْتَطِبَ مِنْ الْحَطَبِ وَيَبِيعَهُ وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ حَرَمُوهُ " ، مسند أحمد - (ج 18 / ص 313) .
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا " ، مسند أحمد - (ج 31 / ص 147) .
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ " ، صحيح مسلم - (ج 5 / ص 160).
2. يوم العمال العالمي
1 / 5 / 2008
أخواني العمال الكرام .. أخواتي العاملات الكريمات .. إخواني أصحاب العمل الكرام ..
في الوطن الفلسطيني .. في الوطن العربي .. في الوطن الإسلامي .. في العالم اجمع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل ايار وانتم بالف خير ، أهلا ومرحبا بكم في حلقة عمالية خاصة بمناسبة الاول من أيار عيد العمال العالمي 2008 .
اعزائنا العمال والعاملات في كل مكان
بعقولنا وعلى اكتافنا وبسواعدنا نبني لبنات الاقتصاد الإسلامي العربي الفلسطيني الوطني المستقل ، لبنة فوق اخرى ، بشكل متواتر ومتناغم لنصل الى البناء الوطني الشامل والمتكامل والمتمثل بقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف فوق ثرى الوطن الذي رويناه بحبات العرق الندي لتمتزج حبا واملا مع حبات الرمل والتراب الطهور .
ايها الاخوة والاخوات الكرام
تحتفل الحركة العمالية الفلسطينية بجناحيها في القطاعين العام والخاص بيوم الفاتح من ايار ، بيوم العمال العالمي ( عيد العمال العالمي ) ، مثلها مثل بقية الحركات العمالية في ارجاء الكرة الارضية . تعالوا بنا نتعرف على أسباب تحديد الاول من ايار كعيد للعمال في العالم ، من حدده ؟ وكيف جاء ؟ .
يوم العمال العالمي ( عيد العمال العالمي )
تحتفل الجماهير العمالية العالمية في الفاتح من أيار – مايو ، بعيد العمال العالمي بحيث اصبح هذا اليوم يرمز للحركة العمالية الدولية ، ويحتفل به تخليدا لذكرى ضحايا القوى العاملة الذين سقطوا في الانتفاضة العمالية في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الاميركية وكانوا يعملون بوسائل المواصلات في أواخر القرن التاسع عشر .
لقد اضحى الاول من ايار عيدا رسميا لجميع العمال في كافة ارجاء الكرة الارضية بمختلف قاراتها وانظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 1889 م ، حيث اتخذ هذا القرار في المؤتمر الاممي الثاني في العاصمة الفرنسية باريس ، في اعقاب الاحداث الدامية التي وقعت في مدينة شيكاغو الاميركية بسبب الاضراب الذي نفذه العمال مطالبين بتحديد ساعات العمل بثماني ساعات لتحسين شروط العمل الا ان السلطات الاميركية دست عملاءها بين العمال المضربين عن العمل والمتظاهرين لاثارة الشغب والعنف لتجد هذه السلطات المبرر او الحجة التي تستند عليها لقمع وارهاب هذه الحركة او الانتفاضة العمالية الجسورة .
وعلى اثر ذلك ، اعتقل قادة وزعماء العمال واودعتهم السلطات الاميركية السجون ووجهت لهم تهمة اثارة الشغب والفوضى والقلاقل المخلة والاضطرابات بالامن العام الاميركي ، فحكمت على ستة من زعماء العمال بالاعدام ثم قامت بتنفيذه في 11/ 11 / 1886 م . وكانت هذه الحادثة تمثل المجزرة الكبرى بحق العمال المدافعين عن حقوقهم في الاضراب وتحديد ساعات العمل وتحسين شروطه . وبالاضافة الى حالات الاعدام السابقة ، فان الشرطة الاميركية اعتقلت اعدادا غفيرة من العمال الذين شاركوا في النضال لاحقاق حقوقهم المشروعة وبعد بضع سنوات اعيدت محاكمة العمال المعتقلين واصدرت المحكمة الاميركية حكما بتبرئة هؤلاء العمال من التهم الموجة ضدهم وذلك بعد قيام رئيس الشرطة في تلك الحقبة من الزمن بالشهادة الحقيقية عن اوضاع العمال الأمريكيين . وقد كانت لهذه المجزرة البشعة والجريمة النكراء اعمق الاثر في نفوس جماهير العمال في مختلف دول وقارات العالم حيث اصبحت رمزا للتضامن والتعاضد والتعاون بين العمال بغية تحسين اوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولتحقيق السلام والامن والاستقرار بين كافة الشعوب في العالم .
ولعب هذا التضامن العمالي دورا هاما واساسيا في تغيير تاريخ الحركة العمالية واعطائها الدفعة القوية للامام فلم يعد العمال يطالبون بتحديد ساعات العمل فحسب ، بل اصبح للحركة العمالية اهدافا وغايات ومطالب سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة باعتبارهم الشريحة الكبرى من شرائح المجتمع في العالم .
أيها الاخوة الكرام .. أيتها الاخوات الكريمات
ما اشبه المجزرة العمالية في شيكاغو التي ارتكبت ضد العمال الاميركيين عام 1886 م بالمجزرة العمالية اليهودية – الصهيونية الإسرائيلية التي ارتكبها ليل نهاء ضد ابناء شعب فلسطين في مختلف ارجاء فلسطين الكبرى من بحريها الأبيض المتوسط والبحر الميت لنهرها نهر الشريعة أو الأردن ، وكانت هذه الحوادث الاجرامية الشرارة المباشرة لاشعال لهيب الانتفاضات الوطنية الفلسطينية الإسلامية منطلقة من المسجد الأقصى المبارك وجميع المدن الفلسطينية المحتلة في الآن ذاته .
فالمجزرة الاولى في شيكاغو نجم عنها ولو بعد حين حصول العمال على بعض حقوقهم ومطالبهم المهنية والمطلبية الحقوقية العامة إلا أنه لم ينجم عن المجازر اليهودية – الصهيونية ضد أبناء فلسطين الأصليين تحقيق مطالب ولو جزئية لما يبغونه حقا ومطلبا كام لامتكاملا فاندلعت الانتفاضات والثورات بين الحين والآخر لتجديد المطالبة بالحقوق المهضمومة من بني صهيون الغاصبين فقد شارك عمال فلسطين في جميع ثورات فلسطين السابقة والحالية وسيشاركون في الانتفاضات والثورات اللاحقة الآتية لا ريب فيها إن عاجلا أو آجلا بسبب التنكر للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني بأكمله ومن بين شرائحه الحركة العمالية الفلسطينية فشارك الجميع في نضالات وجهادات شعبية فلسطينية ، ضد الغزاة في سبيل نيل الحرية والاستقلال الوطني .
وفي ذكرى الاول من ايار يوم العمال العالمي ، تعطل الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة في فلسطين في اجازة رسمية مدفوعة الأجر ، ما عدا العمال الذين يعملون بالمياومة أو لدى مصانع وشركات ومنشآت لم تطلها طائلة القانون الفلسطيني . من جهة ثانية ، الحركة العمالية الفلسطينية تنظم الاحتفالات والمهرجانات وتدعو الى احقاق الحقوق القانونية والاقتصادية للجماهير العمالية ما استطاعت إلى ذلك سبيلا .
كل عام وأنتم بألف خير بمناسبة الاول من ايار
وبقرار من مجلس الوزراء الفلسطيني ولمناسبة الاول من ايار يوم العمال العالمي عطلت الدوائر والمؤسسات الفلسطينية الحكومية والخاصة هذا اليوم منذ أن أتخذ قرار الإجازة السنوية في 1 / 5 / 1995 ، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية على جزء من أرض الوطن الفلسطيني . فعطلت الوزارات والمؤسسات العامة والمدارس الحكومية الحكومية ووكالة الغوث الدولية والخاصة ، ورياض الأطفال .. إنه يوم عطلة رسمي فلسطيني تقليدا للدول الأخرى التي تعطل في هذا اليوم كنوع من إنصاف العمال في فلسطين وتكريكا لجهودهم الخيرة في بناء لبنات الوطن الفلسطيني والسهر على راحة أهل فلسطين وأسرها من بحرها لنهرها .
وكما أشرنا فقد جرت العادة منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية فوق ارض الوطن الفلسطيني على اعتبار يوم العمال العالمي يوم اجازة رسمية مدفوعة الأجر بقرار من الشهيد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في أيار 1995 .
وتحتفل الحركة العمالية الفلسطينية في يوم الاول من ايار كغيرها من الحركات العمالية العالمية حيث تنظم المهرجانات والاحتفالات النقابية في مختلف المجمعات العمالية المنتشرة في المحافظات الفلسطينية .
ومن المقرر ان تجري احتفالات بهذه المناسبة في هذه الأيام الربيعية اعتبارا من 1 أيار من شهر أيار من ربيع العام الجاري في حين تتضامن وفود عمالية عربية وإسلامية وعالمية مع الحركة العمالية الفلسطينية والعراقية في تلاحق تاريخي نابت منذ أحتلال العراق من الامبريالية الأمريكية والغربية عامة .
ورب سائل يسأل من أين جاءت عملية تحديد الفاتح من ايار كيوم للعمال العالمي في العالم ، وحسب شواهد التاريخ العمالي يتضح ان هذا اليوم اصبح عيدا للعمال في مختلف الدول باختلاف الانظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 1889 أي قبل مئة وتسعة عشر عاما حيث اتخذ هذا القرار في المؤتمر الاممي الثاني في العاصمة الفرنسية باريس في اعقاب الاحداث الدامية التي وقعت في مدينة شيكاغو الاميركية بسبب الاضراب الذي نفذه العمال الاميركيون مطالبين بتحسين شروط عملهم بثماني ساعات وقد قمعت السلطات الاميركية العمال المضربين والمتظاهرين آنذاك واتهمتهم باثارة الشغب والفوضى والاخلال بالنظام العام واعتقلت عشرات العمال وحكمت على ستة منهم بالاعدام ونفذت الحكم بالاعدام بالعمال الستة في 11 تشرين الثاني 1886 . وبعد بضعة سنوات اعيدت محاكمة العمال الاسرى واصدرت المحمكة الاميركية قرارا بتبرئتهم بعد ان سقطت التهم المنسوبة لهم ، ولماذا نحن نحتفل بهذا اليوم العالمي للعمال ؟ هل تمشيا مع الأجندة الأمريكية الغربية أم تمجيدا للعمال الأمريكيين الذين سقطوا دفاعا عن حقوقهم أمام آلة البطش الاستعمارية الأمريكية ؟
على أي حال ، نحن هنا في فلسطين ، في هذا اليوم نستذكر نشأة الحركة العمالية الفلسطينية عام 1920 وتأسيس جمعية العمال العربية الفلسطينية في حيفا وانتشارها وامتدادها الى يافا والقدس ونابلس وبيت لحم وعكا والرملة وطولكرم وغزة والناصرة ورام الله وغيرها ، واتخاذها شعارا عماليا خالدا ( قدما الى العمل والعلم والطمأنينة ) للدفاع عن حقوق ومصالح العمال بمختلف مهنهم ، وما تلاها من انشاء الاتحاد العام لعمال فلسطين بمختلف فروعه في ارض الوطن الفلسطيني والشتات عام 1965 م .
وفي سياق آخر ، يبلغ تعداد الايدي العاملة في فلسطين 850 ألف عامل منهم 80 الف عاملة اضافة الى 80 ألف طفل يعملون في مختلف اجزاء النسيج الاقتصادي الفلسطيني من أصل 4 ملايين مواطن فلسطيني يعيشون في محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة .
وتتوزع الطاقة العاملة الفلسطينية على أربع أسواق عمل هي : سوق العمل المحلي في فلسطين ، وسوق العمل العربي ، وسوق العمل اليهودي وسوق العمل العالمي . وتعاني الشريحة العمالية المنخرطة في سوق العمل الفلسطيني في ارض الوطن بجناحيها في القطاعين العام والخاص على حد سواء من انخفاض في مستويات الرواتب والاجور في ظل الهبوط المتواصل في قيمة العملتين الأساسيتين المتداولتين في فلسطين وهما الشيكل الاسرائيلي والدينار الاردني ، وارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش في البلاد ، كما ان سياسة الحد الأدنى من الاجور غير معمول بها لغاية الآن في القطاع الخاص اسوة بالقطاع العام لتقليل تعرض العمال للاستغلال الاقتصادي من قبل بعض المؤسسات او اصحاب العمل ، وكذلك إن قانون العمل الفلسطيني الاول ورغم طرحه منذ عشر سنوات الا انه ما زال يراوح مكانه والقانون العمالي الساري المفعول هو قديم تقادم عليه الزمن حيث سن قبل ثلاثين عام ، هذا بالاضافة الى غياب آلية تنفيذ هذا القانون الفلسطيني الجديد .
وبهذا فان الحركة العمالية تصبو الى تطبيق قانون العمل الفلسطيني فعليا وعمليا على أرض الواقع لتنظيم وتسيير العلاقات والشؤون العمالية مع اصحاب العمل من : الاجور العادلة والاجازات السنوية والمرضية والثقافية وغيرها . أما بشأن النقابات العمالية الفلسطنية فقد جرى تقليض عددها في السنوات الأخيرة من 193 نقابة عمالية الى 13 نقابة عمالية وطنية عامة ما زالت في طور النشأة الأولى ولا يتجاوز عدد المنتسبين لها 10 % من مجموع القوى العاملة الفلسطينية في البلاد بسب غياب الثقة بينها وبين ابناء الحركة العمالية . وتتوحد هذه النقابات العمالية في اتحادت عامة ثلاث : هي الاتحاد العام للعمال الفلسطينين ، والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في الضفة الغربية وقطاع غزة .
وكذلك هناك نقابات للعاملين في القطاع الحكومي العام تتمثل في : نقابة الوظيفة العامة ، ونقابة العاملين بالمهن الصحية ، ونقابة العاملين في الجامعات والكليات الحكومية زاتحاد المعلمين الفلسطينيين . وهناك ثماني اتحادات ونقابات مهنية مستقلة لكل من الأطباء والصيادلة والمحامين والأطباء البيطريين والمهندسين والمهندسين الزراعيين والأدباء والصحفيين والفلاحين . هذا بالإضافة إلى اتحاد نقابات العاملين في الجامعات والمعاهد العليا في فلسطين .
وعلى صعيد آخر ، ان الشريحة العمالية الفلسطينية الملتحقة بسوق العمل اليهودي والتي تأتي في المرتبة الثانية ويقدر عددها بخمسة وستين الف عامل ، النصف منهم متحصلين على تصاريح عمل اسرائيلية ، فانها تعاني من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية لا تحسد عليها حيث تتعرض للتمييز العنصري والاستغلال الاقتصادي والابتزاز السياسي والعسكري المتواصل يوميا من اصدار تصاريح العمل من الجهات الاسرائيلية الى تزايد ايام الحصار العسكري المفروض على الاراضي الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني . ولا ننس المجازر الجماعية الكثيرة البشعة التي ارتكبها الاحتلال ضد العمال الفلسطينيين على مدار سني الاحتلال اليهودي لفلسطين منذ عام 1948 حتى الآن 2008 .
واخيرا ، ورغم هذا وذاك ، بقي ان نقول وفي ذكرى الاول من ايار يوم أو عيد العمال العالمي انه لا بد من اقامة دولة فلسطين العتيدة وعاصمتها القدس الشريف ولا بد من تحسين الاوضاع العمالية الفلسطينية بتضافر كافة الجهود المخلصة للنهوض بها وتحسين ظروف وشروط العمل لكافة الفئات العمالية الرجالية والنسائية والاطفال على حد سواء ، وإجراء الاصلاحات الجذرية وتقليل نسبة البطالة التي وصلت الى اكثر من 30 % وتشجيع الاستثمار الذاتي في ارض الوطن وتقوية دور النقابات العمالية العامة بتنفيذ الخطة العمالية الثلاثية التي طرحت عدة مرات على الساحة الفلسطينية الاقتصادية .
وقدما الى العمل والعلم والطمأنينة ، وكل عام والحركة العمالية الفلسطينية بالف خير .
3. مفهوم الحرية النقابية بين الحاضر والمستقبل
أعزائي العاملين في كافة القطاعات الاقتصادية ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، اسعد الله أوقاتكم ..
نتحدث في جولتنا لهذا اليوم عن مفهوم الحرية النقابية في فلسطين بين الماضي و الحاضر والغد المشرق ..
هناك العديد من الحقوق التي ينبغي ان يتمتع بها الانسان في العالم بعامة والانسان الفلسطيني بشكل خاص ، وأهم هذه الحقوق ضرورة تمتعه بالحرية الكاملة في مجالات رئيسية هي : حق الحياة وحق الملكية الخاصة وحق الحرية الشخصية وحق العمل وحق التنقل وحق الحرية الدينية المتمثلة بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية اضافة الى الحرية السياسية وحرية التصويت والانتخاب ، ويتفرع عن الحقوق السابقة حقوقا في المعارضة الديموقراطية العمالية وحق التجمع والاجتماع العماليين . وهذه الحقوق يتوجب توفرها لكافة افراد الشعب ولجميع الفئات والشرائح الاجتماعية كجماعات سواء عمالا او اصحاب عمل أو مواطنين عاديين .
وفيما يتعلق بحرية العمل القانونية فانه يتفرع عنها عدة جوانب كحقوق للعامل ، من أبرزها :
1. اتخاذ الحرفة او المهنة التي تناسبه اجتماعيا وعقليا وجسديا .
2. المساهمة بانشاء النقابة العمالية والانضمام لها .
3. المشاركة في المؤتمرات العمالية والاجتماعات النقابية الطارئة والمنتظمة .
4. الحركة والتنقل من موقع عمالي لآخر ضمن اجراءات قانونية وفقا لقانون العمل .
5. حق العاملين في الاضراب المفتوح او المغلق عن العمل في حالة عدم استجابة صاحب العمل لمطالبهم في تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية بزيادة الاجور واحتساب ساعات العمل الاضافية .
على أي حال ، إن العمال الفلسطينين في مختلف مواقع العمل تعرضوا طوال سنوات الاحتلال اليهودي النحسة من ملاحقات قمعية تعسفية من قبل قوات الاحتلال ، فزج بعشرات الالاف من المواطنين ومن الجماهير العمالية والنقابيين في غياهب السجون والمعتقلات وفرضت الاقامات الجبرية على العديد من القادة النقابيين وأبعد بعض المسؤولين النقابيين الى خارج الوطن وتعرض البعض الآخر لاطلاق النار وما نجم عنه من اعاقة جسدية او عقلية واستشهد صنف آخر ، التحق بالرفيق الأعلى .
ولم تسلم مقار النقابات العمالية الفلسطينية من عمليات الاغلاق بالشمع الاحمر من قبل قوات الاحتلال لمدد مختلفة ، لفترات تتراوح ما بين الاسبوع والسنتين في معظم الاحيان . وكان هذا اجحاف بحق الحركة العمالية الفلسطينية من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية والفكرية والتنظيمية وحتى الرياضية وسواها . علاوة على ذلك ، تعرضت الاجتماعات النقابية لعمليات مداهمة وتفتيش ومنعت المؤتمرات العمالية الوطنية من الانعقاد الامر الذي شكل تحديا سافرا واعتداء صارخا على حقوق الحركة العمالية في تنظيم ذاتها بذاتها ، وقد ساهمت كافة هذه المعوقات في ابعاد العمال عن نقاباتهم وايجاد هوة سحيقة بين النقابيين والجماهير العمالية ، وكانت المرحلة الاحتلالية السابقة مرحلة صراع حضاري وسياسي واقتصادي بين الحق والباطل ، الحق الذي تمثله الجماهير العمالية ، والباطل القمعي المتمثل بسلطات الاحتلال واعوانهم وأزلامهم .
على الاجمال ، تنفست الحركة العمالية الفلسطينية ، على اختلاف مشاربها والوانها النقابية الصعداء وعمت الفرحة العارمة عندما تسلمت السلطة الوطنية مقاليد الشؤون العمالية أواسط أيلول 1995 ورفع العلم الفلسطيني فوق مباني ودور الاتحادات العمالية الفرعية والرئيسية في مختلف المدن الفلسطينية . مرحلة عصيبة انتهت ومرحلة بناء وطنية فلسطينية بدأت ، وهذه المرحلة بحاجة الى تضافر كافة الجهود المخلصة لاحقاق الحريات النقابية العمالية على اسس واضحة وثوابت وطنية راسخة قائمة على أسس حرية العمل واختيار المهن التي تلائم كل عامل وحرية التنقل من قطاع لآخر ومن مهنة لإخرى ضمن ضوابط اقتصادية واجتماعية هادفة الى النهوض بالمسرة العمالية والارتقاء بها نحو الحياة الفضلى .
اخواني العاملين في كافة القطاعات المهنية .. عمالا واصحاب عمل ..
إن تمتع كل واحد فينا بالحريات الاساسية في المجتمع الفلسطيني هي من أولى الأولويات الفلسطينية ، الا ان حرية كل واحد فينا تتوقف عندما تبدأ حرية الآخرين ، بمعنى كما ان لنا الحق في التعبير عن آرائنا النقابية والتنظيمية فإن لزملائنا الآخرين حقوقا مثل حقوقنا ويجب ان يكون هناك احترام متبادل لصيانة الحريات بكافة اشكالها وتفرعاتها .
فلنبادر لممارسة حقنا في العمل وعقد الاجتماعات الهادفة لتنظيم الحياة العمالية الفلسطينية ولنعمل على استرجاع الثقة التي نزعت بين الجماهير العاملة والقيادة النقابية جراء الظروف السابقة التي سادت رغما عن إرادتنا . وعلى الصعيد الآخر ، إن الحصار العسكري والاقتصادي اليهودي المفروض على فلسطين يشكل تدخلا سافرا وتحديا مباشرا للحريات العمالية في الالتحاق بسوق العمل وخاصة في المنشآت الاقتصادية اليهودية ان من واجبات الاحتلال الاسرائيلي ( دوليا ) توفير فرص العمل لافراد الشعب المحتل طالما بقي مسيطرا على الشؤون العامة والقضايا ( الأمنية ) المعقدة وحصره ضمن بوقعة جغرافية غير مؤهلة اقتصاديا لاستيعاب مئات الآلاف من القوى العاملة الفلسطينية جراء وضع العقبات والعراقيل امام التنمية الاقتصادية والتطور الذاتي الفلسطيني ضمن آفاق اقتصادية محلية فلسطينية اولا وعربية ثانيا واجنبية ثالثا ، فليرحل الاحتلال عن ارضنا الفلسطينية الطيبة وعندها سنتدبر كافة شؤوننا وبالسواعد الناهضة سيصار الى بناء الذات الوطنية الاقتصادية والسياسية الفلسطينية .
بقي ان نقول ، إننا الآن على ابواب استعادة أجزاء اخرى من ارض الوطن الفلسطيني للسيادة الوطنية الفلسطينية ولنعد العدة لعملية الترميم العمالي البناء ، لإعادة بناء فلسطين ، هذا الوطن ، وطن العزة والكرامة ، وطن المحبة والإخاء الفلسطيني ، لاننا نحتاج الى اعادة بناء البنى التحتية في كافة المواقع في الشمال والوسط والجنوب ، لنصنع فلسطين المستقبل والغد الفلسطيني المشرق مع بزوغ فجر الحرية وخيوط اشعة الشمس الذهبية فوق سماء فلسطين الأبية .
4. العمالة الفلسطينية في الوطن العربي
الظروف والمنطلقات والحقوق
أعزائي أبناء الحركة العمالية الفلسطينية الافاضل ...
الالاف من المواطنين الفلسطينين ، كما هو معلوم ، عملوا على الالتحاق بسوق العمل العربي داخل الوطن العربي في دول الخليج كالكويت والسعودية والامارات وقطر وغيرها وكذلك في الاردن والجماهيرية الليبية وسواها من البلدان الشقيقة وذلك نتيجة لقلة فرص العمل في فلسطين وضيق سوق العمل الفلسطيني واخضاعه للاحتلال اليهودي طيلة السنوات الستين العجاف العجاف الماضية 1948 – 2008 .
وهناك أسباب اجتماعية غير الاسباب والدوافع الاقتصادية حدت بالقوى العاملة الفلسطينية للانخراط في المنشآت العربية وهي سياسة التهجير والطرد القسري للعائلات والاسر الفلسطينية طيلة سنوات الاحتلال البغيض ، هذا علاوة على التحاق الالاف من الطاقة العاملة الفلسطينية بسوق العمل العبري قبيل غزو الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية والفلسطينية في حزيران عام 1967 .
وهناك عشرات الآلاف من الفلسطينيين من خرج طلبا للدراسة او لزيارة الاهل والاقارب في إحدى الدول العربية كالاردن ودول الخليج وعند عودتة الى ارض وطنه فان السلطات الاسرائيلية المحتلة اجبرته على العودة من حيث اتى ووضعت كافة العقبات والعراقيل امام عودتة الى وطنه الأم فاضطر عشرات الالاف من هذه الحالات للالتحاق بسوق العمل العربية ضمن شروط وظروف غير ملائمة فاصبح الانسان الفلسطيني يعيش حالة من الاغتراب السياسي والنفسي والاجتماعي داخل ابناء الدم الواحد والعقيدة الواحدة والمصير الواحد والاخطار الواحدة .
ويتعرض هؤلاء العاملون الفلسطينيون في اقطار الوطن العربي من المحيط الى الخليج في كثير من الحالات لحالات من المد والجزر في المعاملة ، فتارة يتم الاعلان عن رغبة هذا القطر العربي او ذاك باستيعاب قوى عاملة فلسطينية لمساعدة الشعب الفلسطيني على الصمود فوق ثرى وطنه وبعد فترة وجيزة تلجأ السياسة العامة العربية هنا او هناك الى الطرد الجماعي والعقاب غير المبرر بحق الجماهير العمالية الفلسطينية العاملة في المنشآت العربية وعائلاتهم في دول مجلس التعاون الخليجي الست ( السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين وعمان ) كما حصل بعد غزو العراق واجتياح الجيش العراقي للكويت عام 1990 .
وعلى الرغم من مساهمة عشرات الالاف من الايدي العاملة الفلسطينية في تنمية وتطوير الاقتصاد العربي في هذه الدولة او تلك فانه فجأة ودون منبهات او سابق إنذار يتم استعراض العضلات العربية الاعلامية والسياسية والمناداة بفصل عشرات من الالاف من العاملين والرمي بهم الى قارعة الطريق حيث يتم انهاء عقود العمل قبل انتهائها تحت حجج وذرائع واهية ، ويتناسى هذا البلد او ذاك الخدمات والانجازات الفلسطينية التي تبذل عن طيب خاطر لبناء لبنات الاقتصاد العربي وخاصة الدول القريبة . وكذلك لجأت الحكومة الليبية الى محاولات طرد حوالى ثلاثين الفا من الجالية الفلسطينية العاملة داخل الجماهيرية العربية الليبية الشقيقة دون مبرر الا لاحراج السلطة الوطنية عام 1998 ، وهذا اجراء كان بحاجة الى مراجعة ليبية اولا وعربية ثانيا والرجوع عن مثل هذ الاجراءات لان لبنات الدولة الفلسطينية على ارض الوطن ما زالت في مرحلة النواة وطور التكوين ومن المفروض ان تقف الشعوب والحكومات العربية الى جانب سلطتنا الوطنية الفلسطينية الناهضة ، هذه السلطة التي تعبر عن آمال وطموحات كل انسان فلسطيني في الحرية والاستقلال الوطني السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفك الارتباط والتبعية الاقتصادية الفلسطينية للاقتصاد الصهيوني الذي عمل طوال السنوات العجاف الماضية الصاق الاقتصاد الوطني الفلسطيني واخضاعه له تبعا للظروف الذاتية والموضوعية وسيطرة القوي على الضعيف .
الا انه وبعد قدوم السلطة الوطنية الفلسطنية الى جزء من ارض الوطن عملت على ارساء الأسس والقواعد الفلسطينية المستقلة في مختلف الميادين تمهيدا للاستقلال الكامل والمتكامل ، والعمالة الفلسطينة في الوطن العربي التي ساهمت في بناء المؤسسات والاقتصاد العربيين يجب ان لا تخضع للباروميتر السياسي لاننا ابناء امة عربية واحدة ذات الامجاد التليدة التي طالما تضامنت مع فروعها واجزائها المنتشرة هنا وهناك في فلسطين وليبيا والكويت والامارات العربية والسعودية الشقيقة وفي كل جزء من اجزاء الوطن العربي الكبير .
على أي حال ، ان القوى العاملة الفلسطينية سواء في الخارج او حتى في البلدان العربية الشقيقة عرضة دائما لعمليات الفصل الجماعي ويجب ان يتنبه ابناؤونا العاملون في الشتات الى انه لا بد لهم ان يعودوا في يوم من الايام ويتوجب عليهم الاستفادة من تجارب الماضي والامزجة المتقلبة والعمل على تثبيت مواقعهم الاقتصادية في ارض الوطن الفلسطيني والعمل بالمبدأ الشعبي القائل ( ان كل من يبني خارج وطنه ليس له ولا لابنائه من الاجيال القادمة ) فلنبادر اخواني العاملين في الخارج الى ايجاد قواعد مالية ارتكازية في فلسطين والاستثمار في وطننا لأن ذلك هو الادوم والافضل وأن نحول جزء من مدخراتنا للبناء الوطني ، وأن نضع في عقولنا أننا نعمل في الخارج لفترة مؤقتة قد تقصر وقد تطول الا ان النهاية هي العودة الى فلسطين أرض الرباط العربية الإسلامية المقدسة ويجب أن نحافظ على وجودنا البشري والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي فيها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا . وفي الآونة الأخيرة بدات بعض الدول الخليجية النفطية العمل على استيعاب مئات إن لم يكن آلاف الموظفين والعمال الفلسطينيين في منشطات أجنحة اقتصادها لمساعدة الفلسطينيين على بناء ذاتهم الوطنية وتقليل نسبة البطالة في صوف الطاقة العاملة في فلسطين .
ونتمنى لكم اخواني العاملين في الوطن العربي وفي الدول الاجنبية اقامة طيبة وعملا موفقا لاعالة اسركم ورفد الاقتصاد الوطني بالعملات الصعبة ورفع الضغط الاقتصادي عن المجتمع الفلسطيني بعيدا عن لمنغصات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
والى هنا ناتي الى ختام هذه الحلقة من حلقات برنامجنا العمالي ، شكرا لمتابعتكم والى اللقاء في لقاء آخر إن شاء الله . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاثنين، 28 أبريل 2008

الإسلام .. والصيف وزينة ولباس النساء


الإسلام .. والصيف وزينة ولباس النساء
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
أولا : الزِّينَةُ الطيبة العامة
الزِّينَةُ الطيبة العامة هي التزين والتطيب من الطيبات من الرزق للحياة الطيبة البعيدة عن المحرمات . والتَّزيُّنُ بزينَةِ اللباسِ والحَلْيِ والتعطر . قال الله تبارك تعالى : { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ . قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ . وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ }( القرآن المجيد ، الأعراف ، 31 – 34 ) . وقال تعالى : { الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا } ( القرآن المجيد ، الكهف ، 46 ) .
وحول زينة ولباس المرأة المسلمة المحتشم ، وستر الجسم كاملا ، والإلتزام بآية الحجاب الإسلامي ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } ( القرآن المجيد ، الأحزاب 59 ) . وقال تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( القرآن المجيد ، النور ، 30 - 31 ) . . وقيل الزِّينَةُ هي السِّوَارُ ، وَالدُّمْلُجُ ، وَالْخَلْخَالُ ، وَالأَدَبُ ، وَالْقُرْطُ ، وَالْقِلادَةُ وَمَا ظَهَرَ هِي الثِّيَابُ ، وَالْجِلْبَابُ . وقال الله تبارك وتعالى : { يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ }(القرآن الكريم ، الأعراف ، 26 – 27 ) . وقال الله تعالى : { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ . وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ . وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } القرآن الكريم ، المدثر ، الآيات 4 – 7 ) . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَثَلُ الرَّافِلَةِ فِي الزِّينَةِ فِي غَيْرِ أَهْلِهَا كَمَثَلِ ظُلْمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا نُورَ لَهَا " سنن الترمذي ، الجزء 4 ، ص 397 . وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ انْهَوْا نِسَاءَكُمْ عَنْ لُبْسِ الزِّينَةِ وَالتَّبَخْتُرِ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُلْعَنُوا حَتَّى لَبِسَ نِسَاؤُهُمْ الزِّينَةَ وَتَبَخْتَرْنَ فِي الْمَسَاجِدِ " سنن ابن ماجه ، الجزء 12 ، ص 4 . والتَّبرُّج النسوي أو إظهار الزّينة للناس الأجانب من الأمور المذمومة وهي من الأمور الواجبة للزوج . والتَّبرُّجُ : إِظهار الزينة وما يُسْتَدعَى به شهوة الرجل وقيل : إِنهن كنَّ يتكسرن في مشيهن ويتبخترن . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ ، فَإِنَّهَا أَحَبُّ الزِّينَةِ إِلَى الشَّيْطَانِ " المعجم الكبير للطبراني ، الجزء 13 ، ص 35 . وبهذا يكون هناك نهي إسلامي عن الأصباغ التي تضعها المرأة على وجهها كالشفتين والخدين والعيون لتجميل نفسها والخروج خارج البيت .
ثانيا : اللِّباسُ العام
الباس العام أو الشّارَةُ : هي الهَيْئَةُ واللِّبَاسُ الحَسَنُ . والكُسوة هي اللبَاسُ وهي ما وارَيْتَ به جَسَدَكَ . والرِّيَاشُ : اللِّبَاسُ الحَسَنُ ، والسَّتْرُ . والزَيُ : حُسْنُ الهَيْئَةِ من اللِّبَاسِ . وينبغي أن يكون اللباس ساترا ، نظيفا ، ليظهر الإنسان بمظهر أنيق . وهناك عدة ألوان من الملابس التي كان يلبسها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كالأبيض والأخضر . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ " صحيح البخاري ، الجزء 18 ، ص 81 . وفي لباس الزيارة والتقابل ، كان رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ" سنن أبي داود ، الجزء 11 ، ص 125 . وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ " سنن النسائي ، الجزء 16 ، ص 124 . وفي حدث آخر ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ . وَإِنَّ مِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدَ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعَرَ " مسند أحمد ، الجزء 5 ، ص 141 . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا " صحيح مسلم ، الجزء 10 ، ص 406 . ولهم تدل على أنها للكفار كالمجوس والإفرنج والصليبيين وغيرهم .
وعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ ، رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ " صحيح البخاري ، الجزء 11 ، ص 386 . وعَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ وَرَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ وَضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَبْتَدِرُونَ ذَاكَ الْوَضُوءَ فَمَنْ أَصَابَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَسَّحَ بِهِ وَمَنْ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا أَخَذَ مِنْ بَلَلِ يَدِ صَاحِبِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ بِلَالًا أَخَذَ عَنَزَةً فَرَكَزَهَا وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مُشَمِّرًا صَلَّى إِلَى الْعَنَزَةِ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ الْعَنَزَةِ " صحيح البخاري ، الجزء 2 ، ص 123 . والأدم : الجلد المدبوغ . العَنَزَة : عصا شِبْه العُكَّازة . الحُلَّة : ثوبَان من جنس واحد. الْحُلَلِ : جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد ، وهي بمثابة البدلة في الزمن الحالي . والبْرُدُ والبُرْدة : الشَّمْلَةُ المخطَّطة ، وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ . الحبرة : ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط .
وقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ تَرَكَ اللِّبَاسَ تَوَاضُعًا لِلَّهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ حُلَلِ الْإِيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا " سنن الترمذي ، الجزء 9 ، ص 21 . وحُلَلِ الْإِيمَانِ يَعْنِي مَا يُعْطَى أَهْلُ الْإِيمَانِ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ . وعَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ " إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ . إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ " صحيح البخاري ، الجزء 1 ، ص 52 . وأَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَجَدَ عُمَرُ حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ فَتَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَلِلْوُفُودِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ . لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ : إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ أَوْ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ ثُمَّ أَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ فَقَالَ : بِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا بَعْضَ حَاجَتِكَ " صحيح البخاري ، الجزء 10 ، ص 270 . والْإِسْتَبْرَقُ : مَا غَلُظَ مِنْ الدِّيبَاجِ وَخَشُنَ مِنْهُ ، وهو الْحَرِيرَ .
وإذا كان الإسلام العظيم يهتم بالجوهر والجمال الإنساني ، فإنه في المقابل نهى عن جميع المحرمات للذكور أو الإناث . ومن أمثلة ذلك : نهى النساء عن اللبس غير الساتر وهو الشفاف الذي يبين ما تحته من جسم المرأة ، وأوضح أن المرأة لا يجوز أن يرى منها إلا وجهها وكفيها . قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } القرآن الكريم ، الأحزاب ، الآية 59 . عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : " يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا ، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ " سنن أبي داود ، الجزء 11 ، ص 145 . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " صحيح مسلم ، الجزء 11 ، ص 59 . وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى السُّرُوجِ كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ عَلَى رُءُوسِهِمْ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ ، الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ لَوْ كَانَتْ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ لَخَدَمْنَ نِسَاؤُكُمْ نِسَاءَهُمْ كَمَا يَخْدِمْنَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ " مسند أحمد ، الجزء 14 ، ص 324 . ومعنى أسنمة جمع سنام : وهو أعلى كل شيء وذروته وسنام البعير أو الحيوان الجزء المرتفع من ظهره . والبُخْتِية : الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ ، وهي جِمال طِوَال الأعناق . والعجاف : جمع عجفاء وهي الهزيلة النحيلة .
وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ "[1] صحيح مسلم ، الجزء 2 ، ص 238 . . وعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِي وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ وَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالْقَسِّيِّ وَالْإِسْتَبْرَقِ " صحيح البخاري ، الجزء 4 ، ص 460 .
ثالثا : حواء والزينة وستر العورة لأول مرة
الاسلام العظيم ، دعا الانسان المسلم الى أخذ الزينة الطيبة في اللباس والتطيب عند كل مسجد ، والله سبحانه وتعالى هو الذي انزل وأخرج الزينة لعباده في الأرض . كما ان الزينة العامة واجبة شرط عدم االكشف عن العورة ، اما الكشف عن العورة او العري هو استجابة لفتنة الشيطان .
على أي حال ، أسكن الله عز وجل آدم عليه السلام وزوجته حواء بعد خلقهما ، في الجنة ونهاهما ان يقربا شجرة ، قال الله تعالى : { وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25) يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) }( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
والزينة يجب ان تكون نظيفة وجميلة خالصة لبني آدم البعيدة عن الإثم والفواحش ، قال الله تعالى : { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)}( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
وقد حث الاسلام على لبس اللباس الجميل عند الذهاب للقاء الأخوة الأحبة والأصحاب في المناسبات الطيبة الحميدة ، والاهتمام بالمراكب والرحال ، قال ( ص ) في احد الأحاديث النبوية : سنن أبي داود - (ج 11 / ص 125) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ بِشْرٍ التَّغْلِبِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي وَكَانَ جَلِيسًا لِأَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : كَانَ بِدِمَشْقَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ وَكَانَ رَجُلًا مُتَوَحِّدًا قَلَّمَا يُجَالِسُ النَّاسَ إِنَّمَا هُوَ صَلَاةٌ فَإِذَا فَرَغَ فَإِنَّمَا هُوَ تَسْبِيحٌ وَتَكْبِيرٌ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَمَرَّ بِنَا وَنَحْنُ عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَقَدِمَتْ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَجَلَسَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ لَوْ رَأَيْتَنَا حِينَ الْتَقَيْنَا نَحْنُ وَالْعَدُوُّ فَحَمَلَ فُلَانٌ فَطَعَنَ فَقَالَ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْغِفَارِيُّ كَيْفَ تَرَى فِي قَوْلِهِ قَالَ مَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ بَطَلَ أَجْرُهُ فَسَمِعَ بِذَلِكَ آخَرُ فَقَالَ مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فَتَنَازَعَا حَتَّى سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤْجَرَ وَيُحْمَدَ فَرَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ سُرَّ بِذَلِكَ وَجَعَلَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ نَعَمْ فَمَا زَالَ يُعِيدُ عَلَيْهِ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ لَيَبْرُكَنَّ عَلَى رُكْبَتَيْهِ قَالَ فَمَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُنْفِقُ عَلَى الْخَيْلِ كَالْبَاسِطِ يَدَهُ بِالصَّدَقَةِ لَا يَقْبِضُهَا ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيْمٌ الْأَسَدِيُّ لَوْلَا طُولُ جُمَّتِهِ وَإِسْبَالُ إِزَارِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ خُرَيْمًا فَعَجِلَ فَأَخَذَ شَفْرَةً فَقَطَعَ بِهَا جُمَّتَهُ إِلَى أُذُنَيْهِ وَرَفَعَ إِزَارَهُ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ ثُمَّ مَرَّ بِنَا يَوْمًا آخَرَ فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ كَلِمَةً تَنْفَعُنَا وَلَا تَضُرُّكَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّش " .
وقد حث الاسلام الرجال المسلمين على عدم كشف عوراتهم ، فعن حكيم بن جزام عن ابيه قال : قلت يا رسول الله ، عوراتنا ، ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك او ما ملكت يمينك . قلت يا رسول الله ، فإذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال : " إن إستطعت أن لا يراها أحد فلا يرنها ، فقلت : فإن كان أحدنا خاليا ؟ قال : فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه " ، رواه احمد وابو داود وابن ماجه والترمذي . ولباس الرجال يكون مخيطا في سائر الأيام الا في الحج فان يجب أن لا يكون مخيطا بل يربط بعضه ببعض او يربط بدبوس أي انه ازار غير مخيطة ، ويجب ان يغطي لباس الرجل ما بين السرة والركبة ( وهي عورة الذكر ) .
رابعا : لباس المرأة المسلمة المميز عن نساء العالمين
هذا بالنسبة للباس والزينة بصورة عامة ، اما بالنسبة للباس المرأة المسلمة ففي جميع الاحوال يكون مخيطا ، وحتى عند أداء ركن اساسي من اركان الاسلام الخمسه ( الحج ) . وقد ذكر الله تعالى في محكم كتابه العزيز ، القرآن المجيد ، داعيا وآمرا النساء الى اتباع الآية القرآنية الكريمة التي تحذر من عدم غض البصر وامعانها في النظر للمحرمات وكشف العورات وابداء الزينة في الحياة ، في الشارع وفي الاماكن العامة ، واستثنى من ذلك ، ظهور الزينة الظاهرة ، بعض الفئات المحرمة ، في توجيهات ربانية سامية ، فجاء في الآيات القرآنية المجيدة : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29) قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) } ( القرآن المجيد ، النور ) .
وآمر الله سبحانه وتعالى النساء والفتيات المسلمات بلبس الجلابيب والملابس الفضفاضة الواسعة غير الضيقة وعدم التبرج كما كانت النساء تتبرج في الجاهلية القديمة أو الجاهلية العصرية ، مبديات الزينة في الشوارع والطرقات والأماكن العامة . قال الله تعالى : { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) } ( القرآن المجيد ، الاحزاب ) .
اللباس الطيب للنساء والمحرم على الرجال
الألبسه والزينة المحرمة على الرجال ، والمحللة للنساء :
اولا : الحرير والديباج . ثانيا : الذهب .
وهناك عدة انواع من الألبسة التي احلت للنساء وحرمت على الرجال ، قال رسول الله ( ص ) : " احل الذهب والحرير للإناث من امتي وحرم على ذكورها " ، رواه احمد والنسائي . وقال النبي ( ص ) : " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " ، رواه البخاري ومسلم . وعن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه قال : أخذ النبي ( ص ) حريرا فجعله في يمينه ، وأخذ ذهبا فجعله في شماله ثم قال : " إن هذين حرام على ذكور أمتي " ، رواه احمد وابو داود والنسائي وابن حبان وابن ماجه ، وزاد ابن ماجه " حل لإناثهم " . وعن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه ، وقال : يعمد أحدكم الى جمرة من نار فيطرحها في يده ، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به ، قال : لا والله لا آخذه ، وقد طرحه رسول الله ( ص ) " ، رواه مسلم . ونهى رسول الله الجنسين ، الذكر والأنثى ، من التشبه كل منهما بالآخر ، سواء اكان التشبه بالكلام او اللباس او الحركات الجسمية ، عن ابن عباس قال : " لعن رسول الله ( ص ) المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء " ، رواه البخاري . وفي رواية : " لعن رسول الله ( ص ) الرجل يلبس لبسة المرأة ، والمرأة تلبس لبسة الرجل " ، رواه ابو داود .
التواضع في اللباس
قال النبي ( ص ) : " من ترك اللباس تواضعا لله ، وهو يقدر عليه دعاه يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها " ، رواه الترمذي .
وكما دعا الاسلام الى اخذ الزينة الطيبة النظيفة الجميلة الحسنة فانه دعا ايضا الى عدم الاختيال وعدم الإسراف في هذه الزينة . قال الله تعالى : { وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} ، [ الحديد : 23 ] . وقال رسول الله ( ص ) : " كل واشرب والبس وتصدق في غير سرف ولا مخيلة " ، رواه ابو داود واحمد . وقال ( ص ) : " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة " ، أخرجه احمد وابو داود والنسائي وابن ماجه . وفي حديث آخر قال المصطفى ( ص ) : " لا ينظر الله يوم القيامة الى من جر ثوبه خيلاء " ، رواه البخاري ومسلم ومالك والترمذي والنسائي وابن ماجه . والخيلاء : الكبر والبطر . وقال النبي ( ص ) : " ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار " ، رواه البخاري والنسائي . وفي رواية للنسائي : " ازرة المؤمن الى عضلة ساقه ثم الى نصف ساقه ثم الى كعبه وما تحت الكعبين من الإزار ففي النار " . والمقصود بكلمة المؤمن هنا هو الرجل . وقال ( ص ) في حديث نبوي آخر : " سيكون رجال من امتي : يأكلون ألوان الطعام ويشربون ألوان الشراب ويلبسون الوان الثياب ويتشدقون في الكلام ، فأولئك شرار امتي " ، رواه الطبراني في الكبير والأوسط .
الزينة واللباس المحرم على النساء في الاسلام
كما أحل الله الزينة لعباده المؤمنين والمؤمنات ، كل حسب وضعه وظروفه ، فقد حرم الله عدة انواع من الزينة على النساء ، ومن أهم هذه الممنوعات او المحرمات :
اولا : حرم الاسلام اللباس الشفافة او الرقيقة او الضيقة الذي يصف او يكشف او يظهر جزء من عورة المرأة ( وكل جسمها عورة ما عدا وجهها وكفيها ) ، قال الله تعالى : { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) } ( القرآن المجيد ، النور ) . وبهذا فإنه لا يجب أن يبان اي جزء من جسمها كساقيها وذراعيها ويجب أن لا تكون حاسرة أو مكشوفة الراس ، أو الصدر والوسط والظهر كما يحصل في ايامنا هذه في الغرب وفي بعض الدول العربية أو الإسلامية التي لا تتبع التعاليم الإسلامية العامة والخاصة بالمرأة .
ثانيا : كشف الرأس وتصفيف الشعر خارج البيت : فقد كثرت عملية الكشف عن الراس وبعض اجزاء الجسم فاصبحت نسبة كبيرة من الفتيات او النساء كاسيات وعاريات في الوقت ذاته ، نصف المراة كاس والنصف الآخر غير كاسي ، وتزايدت عملية تصفيف او ما يسمى بتجميل الشعر في صالونات التجميل التي يشرف عليها رجال او نساء او كلا الجنسين ، فيا لها من حضارة غربية استوردنا قشورها وتركنا لبها ، والكثير من النساء لم تعد تلتزم بالآداب الشرعية الاسلامية في الزينة واللباس ، اما لتقيلد الافلام والمسلسلات او لتقليد غيرها من النساء الكاسيات العاريات من النساء الغربيات . ففي بعض الأحيان تكون صدور النساء بارزة او ملابسهن ضيقة غير فضفاضة ، شفافة رقيقة ، الاذرع مكشوفة والارجل غير مغطاة حتى الركبة وهكذا ، فهذه نبوءة المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث وصفها منذ اكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان ، فكان النبي ( ص ) يصف هذه الحالة الحاضرة ، كما وصف غيرها ، وكأنها أمامه فيا لها من نبوة صادقة ،وقد دعا الى نبذها وحرض المرأة المسلمة وحضها الى لباس اللباس المحتشم الذي لا يظهر شيئا من جسم المراة بصورة غير شرعية .
ومسالة شبه العري هي مظهر من مظاهر التخلف والاستخفاف بالمرأة في العصر الراهن فتصبح وكأنها سلعة تعرض في الاسواق والساحات والمرافق العامة والخاصة ، فلماذا ذلك ؟ ولا نعمم على جميع النساء ، فهناك نساء مسلمات حافظات لاجسامهن بكل معنى الكلمة ، فلا يظهرن الا ما ظهر منها ( الوجه والكفين ) ويخفين ما أمرهن الله إخفاؤه ، وهو ما أجازه الشرع الاسلامي الحنيف ابتغاء مرضاة الله ، ولارضاء الضمير وللحفاظ على حق المرأة وجسمها من رؤية الناس وحق زوجها إن كانت متزوجة محصنة ، وفي المقابل فان الاسلام أباح بل طلب من المرأة ان تتزين لزوجها في بيتها واعتبر ذلك من حق الزوج على زوجته كما ان التزين للزوجة حق لها على الزوج ، فسبحان الله ! هناك فرق بين وواضح بين هذا وذاك ، فرق في المعنى والمضمون ايضا .
وعن اللباس الساتر المحتشم للمرأة المسلمة ، قال النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم : " صنفان من الناس لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " ، رواه مسلم .
ثالثا : التعطر خارج البيت : كما وحرم الاسلام على المرأة او الفتاة التعطر والخروج خارج البيت ، قال النبي (ص ) : " أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ، وكل عين زانية " ، رواه النسائي . وقال النبي ( ص ) : " لا يقبل الله صلاة امرأة طيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغسل غسلها من الجنابة " ، رواه ابن ماجه .
رابعا : المبالغة في الزينة : قال النبي ( ص ) : " الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها " ، رواه الترمذي .
خامسا : حرم الاسلام ان تقوم المرأة بالوشم او وشر او برد الاسنان وحرم التفلج وهو عمل انفراج بين الأسنان ، وقد " لعن الرسول عليه الصلاة والسلام : الواشمة والمستوشمة ، والواشرة والمستوشرة " ، رواه مسلم . وعن وشر الأسنان او تفريجها لتغيير خلق الله للتجمل ، قال النبي ( ص ) : " ولعن المتفلجات للحسن ، المغيرات لخلق الله " ، رواه البخاري ومسلم .
خامسا : ترقيق الحواجب او الواصلة للشعر : والترقيق هو إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما ، فقد لعن رسول الله ( ص ) النامصة والمتنمصة " ، رواه ابو داود . واخرج الطبري ان امرأة شابة جاءت الى عائشة ام المؤمنين ، يعجبها الجمال فقالت : المرأة تحف جبينها لزوجها ؟ فقالت : أميطي عنك الأذى ما استطعت . والواصلة للشعر هي التي تقوم بوصل شعرها بنفسها او بغيرها ، قال النبي ( ص ) : " لعن الله الواصلة والمستوصلة " ، رواه البخاري .
ووصل او تصفيف الشعر منكر للفتاة التي تخرج وشعرها مكشوفا ، ومن النكران كذلك ان بعض الفتيات او النساء يلجأن الى صالونات التجميل والتصفيف لتصفيف شعرهن عند كوافير او حلاق من الرجال ، وبعضهن يلجأ الى شراء شعر صناعي لوصله بشعورهن ، لجذب الرجال ولفت اتباهمم اليهن ، فيساورهن الظن انهن اصبحن جميلات ناعمات لا معات . لقد كثر الفساد والأفساد تحت ظل الاستيراد للعادات والتقاليد الغربية ، وهذا ما يجب ان يقاومه اولوا الألباب الغيورين على دينهم وعرضهم وعرض الاسلام بعامة . ايها الاخوة والاخوات الكرام يقول الله جل وعلا : { مَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) } ( القرآن المجيد ، الحشر ) . فلنتبع اوامر الرسول وتعاليمه وهديه الذي يهدي الى الصراط المستقيم والى سواء السبيل ، لنعيش جميعا سعداء ، ويعرف كل مسلم ما له وما عليه . واخيرا ، إن الله سبحانه وتعالى توعد الذين يستكبرون عن آياته بالعذاب الأليم . قال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43) }( القرآن المجيد ، الأعراف ) . فلنكن ايها الاخوة والأخوات ممن يؤمنون بآيات الله وقرآنه المجيد ، لنفوز بنعيم الدنيا الفانية والأخرة الباقية ، { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)}( القرآن المجيد ، الأعلى ) . وحياة سعيدة أتمناها لكم ولكن في ظل الإسلام العظيم .
سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
انتهى .

السبت، 26 أبريل 2008

وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى

الثلاثاء,نيسان 22, 2008
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة
الْبِرَّ العام : البر هو صنع الخير العام . والبِر : خير الدنيا والآخرة ، فخير الدُنيا : ما يُيَسّره الله تبارك وتعالى للعبد من الهدى والنعمة والخيرات ، وخير الآخرة : الفوز بالنعيم الدائم في الجنة [1] . ونيل البر يكون بالإيمان الكامل والشامل بالله سبحانه وتعالى واليوم الآخر والملائكة والكتاب والأنبياء والرسل ، والإنفاق في وجوه الخير الشرعية حسب ما يقره الإسلام العظيم ، والتقوى والجهاد في سبيل الله . ونقيض البر هو الفجور . واللَّطَفُ : البِرُّ والتَّكْرِمةُ . قال الله تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [2] . ويتمثل الْبِرُّ بَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ } [3] . وقال تعالى : { وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [4] . و{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [5] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَسْرَعُ الْخَيْرِ ثَوَابًا الْبِرُّ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَأَسْرَعُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ " [6] . وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في تلازم البر بالصدق والجنة ، وتصارع البر مع الفجور والجحيم : " إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا . وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا " [7] . والبر : اسم جامع لكل معاني الخير والإحسان والصدق والطاعة وحسن الصلة والمعاملة . والفجور : اسم جامع لكل شر ، أي الميل إلى الفساد والانطلاق إلى المعاصي . وبر : وفَّى وأصلح وأحسن . وفجر : مال عن الحق إلى الباطل والكذب . وفي حديث آخر ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ وَسَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ رَجُلٌ بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ الْمُعَافَاةِ . لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا " [8] .
والسكينة والهدوء هي من الإطمئنان ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : " أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَرَدِيفُهُ أُسَامَةُ وَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ قَالَ فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا عَادِيَةً حَتَّى أَتَى جَمْعًا زَادَ وَهْبٌ ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ " . قَالَ : فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنًى " [9] . والعدالة في العطاء بين الأبناء هي من البر الإسلامي ، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : " نَحَلَنِي أَبِي نُحْلًا ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ فَقَالَ : " أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمْ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ ، قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ " [10] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ " [11] . وسئل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ : " الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ " [12] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ " [13] . وفي حديث غيره ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِخَطِيئَةٍ يَعْمَلُهَا " [14] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَسْرَعُ الْخَيْرِ ثَوَابًا الْبِرُّ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَأَسْرَعُ الشَّرِّ عُقُوبَةً الْبَغْيُ وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ " [15] . وأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ فَسَارَعَ قَوْمٌ فَقَالَ : " امْتَدُّوا وَسُدُّوا لَيْسَ الْبِرُّ بِإِيضَاعِ الْخَيْلِ وَلَا الرِّكَابِ " [16] . وعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ " [17] . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ ، وَالْإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ . وَقَالَ : لَا تَقْرَبْ لَحْمَ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا ذَا نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ " [18] .
وفي الدعاء النبوي الإسلامي ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا ( الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ) ثُمَّ قَالَ : " { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ } ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ وَإِذَا رَجَعَ قَالَهُنَّ وَزَادَ فِيهِنَّ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ " [19] .
[1] تهذيب اللغة ، الجزء 5 ، ص 124 .
[2] القرآن الكريم ، سورة المائدة ، الآية 2 .
[3] القرآن الكريم ، سورة البقرة ، الآية 177 .
[4] القرآن الكريم ، سورة البقرة ، الآيات 189 – 190 .
[5] القرآن الكريم ، سورة آل عمران ، الآية 92 .
[6] سنن ابن ماجه ، الجزء 12 ، ص 256 .
[7] صحيح البخاري ، الجزء 19 ، ص 45 .
[8] مسند أحمد ، الجزء 1 ، ص 20 .
[9] سنن أبي داود ، الجزء 5 ، ص 277 .
[10] صحيح مسلم ، الجزء 8 ، ص 375 .
[11] صحيح مسلم ، الجزء 5 ، ص 437 .
[12] صحيح مسلم ، الجزء 12 ، ص 403 .
[13] سنن الترمذي ، الجزء 8 ، ص 27 .
[14] سنن ابن ماجه ، الجزء 1 ، ص 98 .
[15] سنن ابن ماجه ، الجزء 12 ، ص256 .
[16] مسند أحمد ، الجزء 5 ، ص 27 .
[17] مسند أحمد ، الجزء 11 ، ص 500 .
[18] مسند أحمد ، الجزء 36 ، ص 42 .
[19] صحيح مسلم ، الجزء 7 ، ص 56 .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

الأحد,نيسان 20, 2008
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة


يقول الله جل جلاله : { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) }( القرآن المجيد ، الحشر ) .
لقد أمرنا الله خالق الخلق أجمعين بأن نطيعه ونلتزم بأوامره ونجتنب نواهيه ، الواجبة علينا في كلام الله المقدس بالقرآن الحكيم ، الذي لا ياتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه ولا من بين يديه ، وقد تعهد الله جل جلاله بحفظ كلامه المقدس لأبد الآبدين حتى يرشد الناس للخير العام ويبعدهم عن الشر والأشرار من الكافرين والفاسقين والمارقين والظالمين والعصاة والمنافقين . وكذلك أمرنا لله جل شأنه أن نقتدي برسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للناس أجمعين ، إذ كلفه المولى عز وجل بحمل الأمانة والرسالة الإسلامية السامية للعالمين كافة . وتدرجت التعاليم الإلهية مخاطبة المؤمنين خاصة وليس المسلمين إذ أن درجة الإيمان أعلى من درجة المسلمين قبل غيرهم في الطاعة الإسلامية فمن طاعة الله تبارك وتعالى عبر الالتزام الطوعي والالتزام الأدبي الذاتي للإنسان المؤمن بتعاليم القرآن الحكيم ، ثم طاعة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذه الطاعة تتمثل في حياته ومماته ، عبر التقيد بالتعاليم النبوية الشريفة الموضحة والشارحة لكلام الله تجلت قدرته ، ثم ثالثا الالتزام بطاعة أولي الأمر من المؤمنين وليس من ذوي صفة المسلمين فقط . وبهذا فإن الطاعة تشمل أولا طاعة الإله سبحانه وتعالى الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، وثانيا طاعة النبي العربي الأمي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وثالثا طاعة أولي الأمر من الخلفاء والولاة والأمراء والوزراء المؤمنين لا الفاسقين والطغاة الذين يحملون اسم الإسلام قولا لا عملا .
وبهذا فإن الطَّاعَةُ العامة : هي الالتزام والإلزام في الوقت ذاته . ويكون الالتزام بمحض الإرادة بينما الإلزام بالطلب الإلهي من البشر لإطاعة الله ثم إطاعة رسوله الكريم ثم أولي الأمر من المسلمين . فالطاعة واجبة وملزمة على المسلم لتحقيق أهداف الإسلام العظيم والنهوض بأوضاع الأمة . وتكون الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ فقط . والمطواع : من يسرع إلى الطاعة . ونقيض الطاعة العِصْيانُ والنفور . والإِنَابَةُ: الطّاعَةُ والرُّجُوْعُ ، أَنَابُوا إلى اللهِ . والإذعان هو الإسراع مع الطاعة . والطاعة كذلك هي التَّلْبِيَةُ والإِجابةُ الحسنة . قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [1] . وهذا الخطاب الإلهي الكريم موجه للمؤمنين المخلصين خاصة الذين ارتقوا في أعلى درجات الإسلام وهي الإيمان الذي وقر في القلب وصدقه العمل وتبعته الجوارج بالتنفيذ في شتى شؤون الحياة ولم يأت هذا الخطاب الإلهي للمؤمنين من فراغ بل جاء للمصلحة الإسلامية العليا وهي عبادة الله في الأرض وإسعاد البشرية بتنفيذ تعاليم الكتاب الإسلامي المقدس الأول وهو القرآن العظيم . وقال تعالى : { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [2] . ونطقت آيات أخرى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } [3] . و { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا . وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } [4] . وقال تعالى : { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } [5] . وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ . فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ " [6] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ " [7] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن طاعة الأمراء والمسؤولين : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ " [8] . وقال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ " [9] . وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ " [10] . وفي رواية أخرى ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ " [11] . وأوضح رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الإِسْلامُ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ ، وَقَدْ خَابَ مَنْ لا سَهْمَ لَهُ : شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، وَهِيَ الْمِلَّةُ . وَالثَّانِي : الصَّلاةُ ، وَهِيَ الْفِطْرَةُ . وَالثَّالِثُ : الزَّكَاةُ ، وَهِيَ الطُّهُورُ . وَالرَّابِعُ الصَّوْمُ : وَهُوَ الْجُنَّةُ . وَالْخَامِسُ الْحَجُّ ، وَهُوَ الشَّرِيعَةُ . وَالسادسُ : الْجِهَادُ ، وَهُوَ الْغَزْوُ . وَالسابعُ : الأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْوَفَاءُ . وَالثامِنُ : النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهِيَ الْحُجَّةُ . وَالتاسعُ : الْجَمَاعَةُ ، وَهِيَ الأُلْفَةُ . وَالْعَاشِرُ : الطَّاعَةُ ، وَهِيَ الْعِصْمَةُ " [12] .
وأخير ا نقول للمؤمنين من أبناء الأمتين العربية والإسلامية إنه يجب طاعة الله خالق الخلق أجمعين ثم طاعة رسوله المبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وسلم ، ثك طاعة أولي الأمر من المؤمنين الذي يحكمون بالشريعة الإسلامية ، والذين يسعون لجعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى وليس الذين يطيعون المحتلين والمستعمرين والظالمين والكافرين والعصاة والفاسقين والمشركين .
وغني عن القول ، إن الطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر من المؤمنين تعمل على إسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة وتصل به إلى مراتب الدرجات العلى في الدارين : الحياة الدنيا والآخرة ، وتساهم في تمكين المسلمين في الأرض وتطبيق شرع الله القويم ، والابتعاد عن الفساد والفاسدين والسفهاء الذي نزلوا في اسفل سافلين . وبهذا يكون للأمة الإسلامية الهيبة والوقار والتكريم من الأمم الأخرى وليس كما يجري في هذا الأوان من إذلال وهوان متتابعين لإبتعاد المسلمين المؤمنين عن جادة الصواب السليم وترك الجهاد في سبيل الله وهجران القرآن العظيم والغرق في مستنقعات الذنوب والأخطاء والخطايا ، وكذلك غياب الخليفة المسلم ولد ويولد الإحباط لدى البعض ، ويجعل الأمة بلا راعي كبير أو أمير عام أو خليفة عام يرعى مصالحها ويوجهها الوجهة السليمة بمعاونة الوزراء والبطانة الصالحة . أيها المسلمون المؤمنون ثوبوا إلى رشدكم والتزموا بتعاليم القرآن المجيد والسنة النبوية الشريفة لتكونوا من المفحلين والناجحين والذين تحسب لهم الأمم الأخرى ألف حساب وحساب عن بعد وعن قرب كذلك . وتسيطروا على أوطانكم وثرواتكم الطبيعية وتحكموا أنفسكم بأنفسكم ، وترضوا ربكم ، وتحكموا العالم اجمع بالقرآن المبين الصالح لكل زمان ومكان ، وتدرأوا عن أنفسكم غوايات شياطين الإنس والجن وأنانيات الأنفس الأمارة بالسوء الي تجعل الأمة مستكينة مستعمرة ذليلة بعيدة عن العزة والكرامة العامة . فالإسلام القويم هو الحل لجميع مشكلات العصر .
نترككم في أمان الله ورعايته ، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه . سلام قولا من رب رحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

[1] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 59 .
[2] القرآن الكريم ، سورة النور ، الآية 54 .
[3] القرآن الكريم ، سورة محمد ، الآية 33 .
[4] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآيات 80 – 81 .
[5] القرآن الكريم ، سورة النساء ، الآية 46 .
[6] صحيح البخاري ، الجزء 22 ، ص 52 .
[7] صحيح البخاري ، الجزء 22 ، ص 50 .
[8] صحيح مسلم ، الجزء 9 ، ص 384 .
[9] مسند أحمد ، الجزء 55 ، ص 256 .
[10] صحيح البخاري ، الجزء 22 ، ص 218 .
[11] صحيح مسلم ، الجزء 9 ، ص 371 .
[12] المعجم الكبير للطبراني ، الجزء 10 ، ص 38 .

الأيتام في الإسلام ... فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ

السبت,نيسان 19, 2008
الأيتام في الإسلام ... فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
الأيتام في الإسلام ... فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا ، والصلاة والسلام على النبي العربي الهادي المصطفى وكفى ، أما بعد ،
أيها الاخوة والاخوات الكرام .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
يقول الله جل جلاله : { { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11 }( القرآن المجيد ، الضحى ) .

اهتم الاسلام العظيم بالانسان اليتيم منذ غابر الازمان وحث أبناء الامة الاسلامية على تقديم العون والمساعدة له ، ويستوي في ذلك العون المادي والعيني والمعنوي لما لذلك من اثر وتاثير طيب على نفسية الاطفال من جهة وعلى نفسية المجاهدين المسلمين من جهة ثانية . فعندما كانت عملية نشر الدعوة الاسلامية عبر الجهاد في بداياتها قدم المسلمون الشهيد تلو الشهيد لاحقاق الحق وازهاق الباطل ، وقد توالت قوافل شهداء المسلمين وبذلك فانهم كانوا يخلفون ورائهم الاطفال اليتامى الذين فقدوا المعيل لهم . وبهذا سبق الإسلام يوم اليتيم العربي الذي حدد في 4 نيسان سنويا .
والاسلام حض وحث على الاهتمام بهذه الفئة من ابناء الامة ، إنهم اليتامى او الايتام ، وكذلك حيث على رعاية الأرامل اللواتي فقدن المعيل وولي الأمر ، فأمر الله عز وجل في القرآن الكريم بالاحسان الى اليتيم وامر بتخصيص نسبة معينة من الاموال لهم من اموال المسلمين العامة والخاصة على حد سواء : من الغنائم والزكاة والصدقات والتبرعات وما اليها . ولم ينسى الإسلام الاهتمام بالأرملة ، وهي المرأة التي توفي معيلها لسبب أو لآخر ، جاء بصحيح البخاري - (ج 16 / ص 429) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ " . والأطفال الأيتام هم من فئة المساكين الصغار الذين تضرروا بفقدان الأب أو الأم أو كليهما فيكون المصاب جلل أكثر والهم كبير ولهذا لا بد من رعايتهم الرعاية الكاملة المتقنة القائمة على العدل والمساوة بينهم وبين أترابهم في الحياة .
على أي حال ، لقد ورد ذكر اليتيم او الايتام على صيغة المفرد والمثنى والجمع في القرآن العظيم بضع وعشرين آية قرآنية كريمة ( 23 آية ) ، وهي : سورة الانعام آية 152 ، سورة الإسراء آية 34 ، سورة الفجر آية 17 ، سورة الضحى ألآيتين 6 ، 9 ، سورة الماعون آية 2 ، سورة الانسان آية 8 ، سورة البلد آية 15 ، سورة الكهف آية 82 ، سورة البقرة الآيات ( 83 ، 177 ، 215 ، 220 ) سورة النساء الآيات ( 2 ، 3 ، 6 ، 8 ، 10 ، 36 ، 127 ) سورة الانفال الآية 41 سورة الحشر الاية 7 .

من هو اليتيم ؟

اليتيم هو الطفل الصغير السن الضعيف الذي فقد لم يبلغ 18 سنة من عمره ،وفقد اباه بالوفاة الطبيعية او الاستشهاد في سبيل الله دفاعا عن الارض والوطن فلا معيل له ، ويشمل اليتيم الجنسين الذكر والانثى . ويسمى اليتيم من لم يبلغ سن الرشد او القدرة على الكسب والعمل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يتم بعد حلم " .

الايتام في القرآن المجيد
كما اشرنا آنفا ، ورد ذكر اليتيم في القرآن الكريم في ثلاث وعشرين آية قرآنية كريمة ، كما يلي :
اولا: اليتامى في سورة البقرة : اربع آيات : يقو لالله جل جلاله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83) } ( البقرة ) . ويقول الله العزيز الحكيم : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177)}( البقرة ) . ويقول الله الغفور الودود : { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}( البقرة ) . ويقول الله الحي القيوم : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}( البقرة ) .
ثانيا : اليتامى في سورة النساء :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3) وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4) وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)}( النساء ) . والمقصود هنا ان من اراد ان يتزوج فتاة يتيمة فليعطها الصداق والمهر كغيرها من الفتيات ولا يستغل ضعفها بل يتم العدل في حقوقها . والمراد هنا قسمة او توزيع الميراث . ويقول الله سبحانه وتعالى : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)} ( النساء ) . ويؤكد الله الحميد المجيد على الاهتماب اليتامى ، فيقول : { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)}( النساء ) .
ثالثا : الأيتام في سورة الأنعام :
يقول الله سبحانه وتعالى : { قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) } ( الأنعام ) .
رابعا : الأيتام في سورة الإسراء : يقول الله جل شأنه :
{ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) }( الإسراء ) .
خامسا : سورة الكهف : يقول الله تعالى :
{ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)}( الكهف ) .
سادسا : الأيتام في سورة الأنفال :
يقول الله العظيم الحليم : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}( الأنفال ) .
سابعا : : الأيتام في سورة الحشر .
يقول الله تبارك وتعالى : { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41)}( الحشر ) . ثامنا : الأيتام في سورة الفجر : { كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23)}( الفجر ) .
تاسعا : الأيتام في سورة البلد :
يقول الله عز وجل : { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) } ( البلد ) .
عاشرا : الأيتام في سورة الضحى :
يقول الله جل شأنه مخاطبا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم { وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11 }( الضحى ) .
حادي عشر : الأيتام في سورة الماعون : { أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} ( الماعون ) .
ثاني عشر : الأيتام في سورة الإنسان :
يقول الله الرزاق ذو القوة المتين : { إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)}( الإنسان ) .

الايتام في الحديث النبوي الشريف

كان رسول الله القدوة الحسنة لنا كأمة إسلامية ، يهتم برعاية شؤون الأطفال الأيتام فيطعمهم مما يأكل ويهتم بلباسهم ومنظرهم اللائق ويحاول توفير المستلزمات المالية والمادية إضافة إلى الحنان الأبوي لهم ، وقد خصص لهم مقتطعات ومخصصات مالية من بيت مال المسلمين ، وهذه الفئة هي الفئة الأكثر رعاية لدى الحبيب المصطفى ، فكونوا سائرين على دربه القويم ، والصراط المستقيم فلا تبخلوا على الأيتام بأي شيء ، بل انفقوا عليهم عن طيب خاطر والانفاق عليهم هو انفاق في سبيل الله ذو الجلال والإكرام ، ولا تنسوا أبناء الشهداء والأسرى والجرحى فكلموهم بالكلام الطيب والمعاملة الحسنة ولا تكلفوهم ما لا يطيقون ، فهذه الفئات بحاجة لأموالكم وحنانكم وعطفكم ورعايتكم الرعاية الكريمة اللائقة دون منة أو أذى .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على رعاية الايتام وملاطفتهم كما جاء بصحيح البخاري - (ج 9 / ص 315) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ " . فانظروا إخواني وأخواتي ما اروع الإسلام وما أطيب الحديث النبوي الشريف الذي يعتبر التعدي على حقوق الأيتام من السبع الموبقات التي توبق الإنسان بالذنوب الكبرى فحرم على الناس أكل مال اليتيم القاصر الذي لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فهل بعد هذا إهتمام ورعاية ؟ بالتأكيد لا ، ولكن ما نلاحظه في هذه الأيام أن بعض الكبار الذين اصبحوا أوصياء على الأطفال الأيتام يأكلون أموال الأطفال بالباطل دون وجه حق وهذه كبيرة من الكبائ روموبقة من سباعيات الأمور المنهي عنها في مبادئ الإسلام العظيمة . فاجتنبوا هذه الموبقات وفي مقدمتها الإعتداء على أموال الأيتام المساكين الذين فقدوا معيلهم كالأب أو الأم . فيا أيها الأب عامل الأيتام كما تحب أن تعامل اطفالك ، ويا أيتها الأم الرؤوم عاملي هؤلاء الأطفال الأيتام كما تحبين أن تعاملي أولادك الذين انجبتيهم ، فكل هؤلاء هم أبناؤنا ويجب أن نوفر لهم سبل العيش الكريم ونمنحهم الحنان والحب والمودة والصداقة الصادقة ليعيشوا سعداء لا أشقياء فجناحهم خفيض فلنك لهم خير معين ، ليتجنبوا الحياة القاسية ، فلنخفف عنهم ما استطعنا لذلك سبيلا ، ونتظر الجزاء الأوفى من رب العباد جميعا فهو خالقنا ورازقنا ، ولا تبخلوا على الأيتام بالمال فالمال مال الله في أرض الله لعباد الله كان وما زال وسيبقى .
وفي ليلة الإسراء والمعراج سئل رسول الله ( ص ) عن الأشياء التي رآها فقال : " إنطلق بي الى خلق من خلق الله كثير ، رجال كل رجل منهم له مشفر كمشفر البعير ، وهو موكل بهم رجال يفكون لحاء أحدهم ، ثم يجاء بصخرة من نار فتقذف في في ( فم ) أحدهم حتى يخرج من اسفله ولهم جؤار وصراخ ، قلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال هؤلاء الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما إنما ياكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا " ، وكما ورد في تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، " وقال احدهم وهو السدي ان الله ( يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وانفه وعينية ، يعرفه كل من رآه بآكل مال اليتيم ) .
ودعا الاسلام الى كفالة الايتام والانفاق عليهم وان جزاء ذلك جنة الخلود ، جاء بصحيح البخاري - (ج 18 / ص 417) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " . أي قارب بين اصبعية السبابة والوسطى ، وكافل اليتيم : القائم على امره . وفي رواية أخرى ، جاء بموطأ مالك - (ج 6 / ص 8) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ إِذَا اتَّقَى وَأَشَارَ بِإِصْبُعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ " . وجاء بمسند أحمد - (ج 39 / ص 25) قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " منْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فَكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزِي بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ " .
وورد في المعجم الكبير للطبراني - (ج 11 / ص 19) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَحَبَّ الْبُيُوتِ إِلَى اللَّهِ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ مُكْرَمٌ " . وجاء بمسند أحمد - (ج 45 / ص 127) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلَّا لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى " . وقال السلف الصالح إياكم وبكاء اليتيم فإنه يسري في الليل والناس نيام .
اعزاءنا وفي فلسطين ، نشات العديد من المؤسسات الاسلامية والاجتماعية العامة لكفالة الايتام منها لجان الزكاة وجمعيات اليتيم العربي في القدس وطولكرم وسواها حيث توفر لهم في بعض الاحيان التعليم المجاني والاقامة والمأكل والملبس ، فجزى الله هذه المؤسسات خير الجزاء . وهناك حاجة ماسة لكفالة أيتام وأطفال فلسطين الغلابى ، كفالة مالية وحياتية عامة وتوفير التعليم العام والعالي لهم وخاصة في ظل قوافل الشهداء التي تزف يوميا جراء العدوان والحصار والإغلاق الصهيوني اليهودي الغاشم الذي لا يفرق بين كبير وصغير بين رجل وامراة بين طفل وشاب ، فالكل تحت السكين الاحتلالي .
ايها الاخوة والاخوات ... وعن ثواب أم الايتام التي توفي عنها زوجها وترك لها اطفالا تصبر على رعايتهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أني أرى امرأة تبادرني فاقول لها مالك ؟ ومن أنت ؟ فتقول : أنأ امرأة قعدت على أيتام لي " ، رواه ابو يعلى .
وبهذا نرى اهتمام الإسلام العظيم بهذه الفئة من الأطفال المحرومين ، من حنان الأب أو الوالدين ، حرموا من الحنان والعاطفة والحب والمداراة واللطف والملاعبة والكلمة الطيبة والاصطحاب إلى البقالة والشراء للطفل ما يشاء وما يطلب ، فلم ينسى الإسلام هذا النوع من الطفولة بل طلب وبأمر إلهي وحض نبوي شريف على تركيم الأطفال الأيتام ليس في وم واحد كيوم اليتيم بل في جميع أيام وأسابيع وشهور وفصول السنة . وقد وعد الله سبحانه وتعالى من يهتم بالأطفال الأيتام ذكورا وإناثا بالثواب الجزيل ودخول جنة المأوى والنعيم المقيم ، كيف لا وهؤلاء الأطفال بحاجة إلى من يرعاهم ويسهل شؤون حياتهم . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم الأب ثم يتيم الأم فكفله جده أبو طالب ، وقد أحبه حبا جما ورعاه .
على أي حال ، إن الإسلام بشموليته وكماله وجماله لا يستثني فئة من فئات المجتمع الإسلامي إلا وحدد لها حقوقا لكي لا تظلم فتيلا أو نقيرا ، وكان اهتمامه بالأطفال الأيتام اهتماما عظيما متزايدا فعين لهم نصيبا من المال ونصيبا من الحنان والألفة والمودة ودعا إلى رعايتهم الرعاية الكافية وكفالتهم على أحس وجه من الكفالة ، والكفالة تعني التربية الحسنة والتنشئة الاجتماعية الإسلامية السوية وإغداق المال عليهم وتوفير حاجياتهم الدنيوية من الطعام والشراب واللباس والاحترام والتوقير والإحسان الجزيل إليهم . وبهذا لم يأت أحد بأفضل مما جاء الإسلام به في اصطحاب هذه الفئة من الأطفال الذين فقدوا معيلهم وبالتالي وضع نظاما خاصا بهم لتدليلهم ورعايتهم افض رعاية نفسية وجسدية ومالية في جميع الأوقات ، وكذلك حث على الإنفاق عليهم من مالهم إن كانوا ورثوا تركة مالية أوعقارية أو تخصيص جزء من المال يقتطع لصالحهم إن لم يكن لهم ورثة مالية أو عقارية أو نقدية سائلة . فما أروع الإسلام الذي ينظم شؤون هذه الفئة المغلوبة على أمرها للوقوف معها في المحن والمصائب وتقديم كل التسهيلات المادية والمعنوية لهم حبا فيهم ورغبة في تكريم آبائهم الذين استشهدوا وتركوهم أو ماتوا موتا طبيعيا .
وهناك من يقول ، إن اليتيم هو يتيم الأب ، والبعض يقول إن اليتيم هو يتيم الأم الذي فقد أمه ، والبعض الثالث يقول أن اليتيم الأكثر تاثرا هو الذي فقد ابيه وأمه مع بعضهما البعض ، فانظر أخي الكريم ، أختي الكريمة ، كيف سيعيش هؤلاء الأطفال الذين فقدوا ىبائهم وأمهاتهم في حادث طرق أو في حرب معينة أو في عدوان احتلالي أو تعرضهم لقطاع طرق ولصوص فسلبوا مالهم وقتلوا والديهم ، هذه المسألة نظر لها الإسلام بعيون العطف والحنان ولم يتركهم يهيمون على رؤوسهم لا معيل لهم بل حض وأمر برعايتهم حق الرعاية الطبيعية . وغني عن القول ، إن رعاية هؤلاء الأطفال اليتامى لا يعوضهم عن فقد آبائهم أو أمهاتهم بل يقلل من هول الصدمة ويوفر لهم الحد الأدى من الكفالةوالرعاية والاهتمام الذي يليق بأطفال أبرياء تعرضوا لنكبة طبيعية أو ذهبوا ضحية حرب عدوانية ضد المجتمع الإسلامي .
وأخير نقول ، لا تنسوا الأيتام من إحسانكم ، الإحسان العاطفي والحنان الأبوي والأمومة الصادقة ،وكذلك لا تنسوهم من الإنفاق المالي المناسب ، ولا تتركوهم لوحوش الحياة القاهرة ولا تستغلوهم أي نوع من الإستغلال فطلباتهم وتظلماتهم مجابة عند خالقهم رب العالمين جميعا ، والظلم ظلمات سوم القيامة فلا تظالموا وكونوا عباد الله إخوانا . فإذا كنت أخي الكريم مقتدرا ولا تكفل طفلا يتيما فبادر لذلك الآن قبل الغد وكذلك أنت أختي الكريمة إذا كنت مقتدرة فبادري لكفالة يتيم الآن وليس غدا . وجزاكم الله خير الجزاء سلفا .
نترككم في أمان الله ورعايته . طبتم بما أسلفتم في الأيام الخالية . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .