الاثنين، 10 مارس 2008

الأقصى في قلبي

د. كمال علاونه
دكتوراه علوم سياسية
المسجد الأقصى المبارك


المسجد الأقصى المبارك في قلبي رغم الدم الأحمر القاني .. لن أنساك يا مهجة فؤادي ويا عيوني .. يا من أشتاق لك في حلي وترحالي وقيامي وقعودي ويقظتي ومنامي وحياتي وشجوني .. صليت فيك آلاف الركعات حتى منعوني .. منعوني من التوجه إليك .. فرفضت المنع وشددت الرحال حتى مسكوني .. إرجع .. إرجع وهددوني بأنهم سيقتلوني .. قلت في نفسي أنا أطلب الشهادة في سبيل الله الواحد الأحد الفرد الصمد .. يا صهيوني .
فأنا من جند الله في الأرض ومن أتباع محمد المصطفى وكفى .. لا أخاف العدا مهما صفدوا يدي ورجلي وسجنوني وكبلوني وغطوا عيوني وبالرصاص الحي ضربوني .. رأيت حبيبي المصطفى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم آمر شد الرحال للمساجد الثلاثة في مكة والمدينة رايته حقيقة في نابلس في منامي يتجول ماشيا في مركز المدينة بين جبلي عيبال وجرزيم .. قبل صلاة الصبح وقبل أن يتنبه الملائكة للصلاة ويوقظوني .. ونظر إلي نظرة سوية إسلامية حنوني .. سررت بهذه النظرة النبوية الشريفة ولسان حالي يفدي الرسول بالأهل وروحي ونفسي وكل من يحبوني .. كان ذلك في انتفاضة فلسطين الكبرى في الثلث الأول من عام ألف وتسعمائة وتسعة وثمانين ميلادية التي مرت في القرن العشرين من بين القروني .. فتبسم لي وبارك لي التوجه الإسلامي المصوني ..
يا حبيبي المصطفى ، لقد صليت وصليت لربي وربك في المسجد الأقصى المبارك الذي أممت فيه الأنبياء والمرسلين يوما رغم كيد الأعداء كما بلغتنا ورغم المؤامرات والدسائس الكبرى وتخلي الأقارب والأصدقاء الذين نسيوني ..
وأهديت لك ثواب ركعات بالمسجد الأقصى المبارك الذي أحببته وأمرت بالإسراج فيه وإليه بزيت الزيتون ِ.. قبل الكهرباء المضيئة رغم ضياء الشمس والقمر والنجومي .. وأهديت ثواب ركعات أخرى لرفيق دربك أبو بكر الصديق ثاني اثنين إذ هما في الغار يوم الهجرة الشريفة من مكة ليثرب ولعمر بن الخطاب بطل بيت المقدس وصلاح الدين بطل حطين وسيف الدين قطز بطل عين جالوت ولم أنسى كل المحررين من المسلمين للأقصى حتى يوم الدين ِ ..
أيها المسجد الأقصى المبارك .. رأيت مباركة الرب لك في قلبي وكبدي وفي يدي وفي عيوني .. شددت الرحال إليك كل جمعة لأداء صلاة الجماعة ظهرا وعصرا ، ومغربا أحيانا .. وقالوا نجمع ونقصر في الصلاة لئلا يحجزوني وعلى الحواجز يجلدوني ..
كنت أحب الصلاة فيك بالصف الأول أولا وتاليا رغم بعد المسافات والجغرافيا والطبوغرافيا وحواجز المجرمين اللئام على أبوابك المقدسة ولكننا أصبحان نصل إليك بشق الأنفس بفعل اليهود الصعاليك أهل الجنوني ..
ناجيت ربي بالدعاء .. فالدعاء مخ العبادة يا بني قومي وأهلي وانتم عند الأقصى تعرفوني .. ذهبت مئات المرات والمرات مجتازا للحواجز الشيطانية الصهيونية – اليهودية – الإسرائيلية .. فلم يقدروا هم وقائدهم إبليس الرجيم أن يمنعوني .. فالإرادة من حديد بعون رب العباد المرتجى في الحياة الدنيا والبرزخ والبقاء في الجنان والفردوس الأعلى والقصور الشامخات وشجر النخيل والزيتوني .. فأنا أحب اللون الأخضر لباس أهل الجنة ويا أيها الاتقياء الصالحين من دعاءكم لا تنسوني .. أقول وقولي حق لقد شهدت معارك في باحات المسجد الأقصى المبارك عدة مرات أثناء المظاهرات ورفع الرايات الإسلامية وإطلاق الرصاص الحي من أيدي صهيوني .. لم نخف ولن نخاف من الأعداء فالموت حق مقدس على البشر ولا تلوموني .. نرجو من الله الشهيد عالم الغيب والشهادة .. الشهادة مقبلين غير مدبرين في كل لحظة ونرجو من الله العزيز الحكيم أن يمن علي منوني .
فالمصطفى صلى الله عليه وسلم .. أسرى به الله العلي العظيم على البراق بصحبة جبريل المفدى ووصل المسجد الأقصى المبارك في ليلة نورانية وانتظره البراق استعداد لرحلة السماء العالية التي أبدعها رب البرية فصلى المصطفى إماما بالأنبياء الأتقياء في معجزة الإسراء والمعراج والصعود للعلى ثم انتقل للسماء السابعة يا بني قومي ويا صهيوني .. فلا هيكل ثالث ولا حائط مبكى لكم ولا ما يحزنون ولا يبكوني .. ولا تبكوا على إن إستشهدت فإنا للشهادة طالبا منذ زمن .. ومشروع الشهادة العليا في سبيل الله هي نيل المبتغى مقدما غير مدبر .. ولكن ترحموا علي فالرحمة واجبة على الشهداء ليقبلهم ربي وربكم الحنوني .. يا معشر المسلمين زوروا المسجد الأقصى المبارك .. فالأقصى يناديكم بقلبه وعيونه وجسده .. وهو مبارك عند ربي وعند قلبي ولا تخافوا ولا تخوفوني .. سأبقى مصليا لربي راكعا وساجدا حتى يأتيني اليقين وتخرج روحي من جسدي وعلى الأكفان تحملوني .. سأبقى مصليا بالأقصى .. رغم الجراح والأسر يا مسجدي يا حبيبي وسأدافع عنك بكل قوتي وإرادتي ما دام قلبي ينبض بالحياة يا صفيي ويا خليلي ويا أمي ويا أملي ويا رجائي الميموني ..
أيها الأقصى المبارك السليب ..شددت الرحال إليك أنا وأسرتي ، وكانت إليك وما زالت وستبقى لك محبتي واشتياقي فأنت في مقلة عيوني .. كم أشتقت إليك يا أقصاي رغم بعدك عني عشرات الأميال بحساب الجغرافيا والزمن القريب والبعيد ولو بالسيوف نحروني .. فأنا لا أخاف ولا أهاب الموت في سبيلك ، سبيل الله العلي القدير .. ولن أتنازل عن الصلاة في باحاتك تحت السرو والكينا والربيع الأخضر والشجر الزيتوني .. فالأخضر أحبه حبا جما .. لباس أهل الجنة ويا سعداء الدارين أسعدوني ..
يا قبة الصخرة المشرفة كم أحبك .. أحبك كثيرا واشتاق إليك في كل جمعة كنت أرتادك ولا أهاب بني صهيوني .. وكم سعدت بقربك أنت والأقصى بصحبة عائلتي وأبنائي ووالدي والمرحومة والدتي .. الذين كانوا لزيارتك يفرحوا ويمرحوا في ساحاتك .. وكانوا للعز والكرامة والحرية في كل جمعة يطلبوني .. فذكروني ، فنحن لا ننسى مقدساتنا مهما كلف الأمر .. ولا نخاف ريب المنون .. كم مرة حاولت الوصول إليك ولكنهم منعوني .. فلم أنصع لبربريتهم ووحشيتهم وهمجيتهم وكنت ألف وأدور حول الجبال رغم الحواجز الثابتة والطيارة .. من بني الأشرار يهودي وصهيوني .. فلم يفلحوا أن يرجعوني .. لك الله يا أقصانا الحبيب على قلب كل مسلم وعربي وفلسطيني موحد بالله الواحد القهار الحنوني ..
أيها المسجد الأقصى المقدس .. يا أولى القبلتين ويا ثاني المسجدين ويا ثالث الحرمين ويا مجمع الأنبياء ومجمع الثقلين يوم الحشر والمنشر لن ننساك ما دام فينا جناحين يرفرفان يرتاحان تحت أشجار اللوز والبرتقال والليموني .. سنطير إليك شوقا وفرحا بأرواحنا وأجسادنا مهما اعتدى علينا السفلة السافلين من ذوي الجنوني .. وكما يقول المولى : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ) .. بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ..
يا أقصانا الحزين .. الذي يعاني من السفلة السافلين المحتلين .. سنرفع علم الإسلام خفاقا فوق ربوعك وفي سماءك لتبلغ عنان السماء .. وتشهد بذلك أمة الثقلين .. كما رفعها الفاروق عمر وسيف الدين قطز وقبله صلاح الدين .. فالخلافة الإسلامية مقبلة لا ريب فيها بإذن الله الرحمن الرحيم رب العالمين .. وإن شاء الله سيقلب جبريل عليه السلام بالصهاينة الأخشبين .. لإقامة نور الله في الأرض ولو كره الأبرصين .. ايهود أولمرت وأيهود باراك وزمرتهما المجرمين الساخطين على الإسلام والمسلمين ، فهؤلاء هم من أبناء الأفاعي اليهوديين ..
فيا أقصانا الجريح الحزين .. صبرا صبرا صبرا .. ففي هذا الأوان لم نتمكن من الصلاة فيك وزيارتك وشد الرحال إليك بسبب البعد الجغرافي والزمني فلا تعتب علينا وتقل جفوني .. فإننا لن نجفاك ما دام فينا وفيك نبض الحياة في القلب الرحيم الرقيق ولا تحبسوا دمعي ودمي فتحبسوني .. ونقول لكم لازموا المسجد الأقصى وألزموا كلام الله الخالق بديع السماوات والأرض وكلام المصطفى الحبيب ثم إلزموا كلامي وألزموني ..
فيا أهلنا في مناطق فلسطين الثمانية والأربعين لا تنسوا الصلاة بثالث الحرمين فنحن ممنوعون وانتم ابقوا للأقصى ملازمين .. فيوم الواقعة والدين ينفعكم رسول الله شفيع الشافعين .. فلا ترتعبوا ولا تأتوا خائفين فنحن وإياكم سواء نعاني من ظلم وقهر واستغلال الأعداء المتربصين .. فنحن أبناء الأمتين العربية والإسلامية ولن يندى لنا جبين .. دفاعا عن فلسطين مركز الخلافة القادمة يا طيبين .. تحية طيبة ملؤها ريح المسك كعطر الشهادة في الأولين والآخرين ولا ننسى المقربين .. ورسالة مفتوحة لأهلنا في الجزيرة والهلال الخصيب والمغرب الإسلامي ووادي النيل والقرن الأفريقي وفي كل القارات والبحار والمحيطات وحتى الفلبين .. أن لا تنسوا فلسطين .. لا تنسوا فلسطين .. لا تنسوا فلسطين ..
سلام وتحية للمسجد الأقصى المبارك في بيت المقدس من أرض عزموط قريتي ونابلس جبل النار مدينتي ومن صفد والخالصة وعكا وغزة وجنين والخليل وبيت لحم وأريحا وخانيونس ودير البلح ورفح وطبرية وطولكرم ورام الله والناصرة ويافا وحيفا واللد والرملة وبئر السبع وسواها وكل المدن والقرى والمخيمات التي على حبك صابرين وعلى الجمر قابضين .. فأبقوا ساهرين حارسين للأقصى يا ميامين ولا تنقلبوا على أعقابكم خائبين .. فأنتم البهجة والمنى يا أهل فلسطين الأصليين .. فلا تخافوا إرهاب الجاليات اليهودية الطارئة التي جاءت عبر العقود ومن بينها السنين ..
ولك حب بلاد المغرب الإسلامي ووادي النيل والشام والجزيرة والرافدين .. وسلام لك يا أقصى من أخويك المسجدين .. المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة التي يسكنها صاحب الشفاعة يوم القيامة ويوم الدينِ .. تحية طيبة لك من فوق الأرض ومن تحت الأرض ولو غاص الأولين بالآخرين .. لن ننساك ولن نجفاك يا ثالث الحرمين المفديين .. وسلامنا الطيب لحبيبنا المصطفى صاحب الإسراء والمعراج الذين جمع الصلاة والإمامة بين المسجدين الحبيبين في يوم اللقاء الإلهي الجليل والفصل المبين لتكون الصلاة عمود الدين .. فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث في الخالدين ليقود الغر المحجلين ..
طوبى لعباد الله المقربين .. طوبى لجند الله في الأرضين .. طوبى للصابرين المرابطين .. طوبى لأهل اليمين .. طوبى للمؤمنين الذين هم للأقصى ملازمين ولله راكعين وساجدين حتى يأتيهم اليقين .. لينالوا الجائزة الكبرى يوم الدين يوم الفوز المبين .. فحافظوا على الأقصى من الهدم والتقسيم والإعتداء من اليهود والصهاينة الملاعين .. ومن الشياطين .. شياطين الإنس والجن وأتباعهم الأشرار في العالمين ..
ولا نملك إلا أن نقول كما أمرنا البارئ جل جلاله بالقرآن المجيد الحكيم المبين .. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} ( البقرة ) . ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونِ .. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونِ .. إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونِ }. ونقول للأعداء الملحدين الكافرين الظالمين ومعهم المنافقين كما يقول الله رب العالمين { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ . قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ } ( التوبة ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. يا أيها الأخوة والأخوات والأحباء والأصدقاء من أمة الثقلين .

أخوكم في الله
د. كمال علاونه
ابن فلسطين العربية المسلمة العابد لله حتى يأتيه اليقين .

كتبت بعد صلاة الجمعة 27 صفر 1429 هـ / الموافق 7 آذار 2008

بريد الكتروني : K_alawneh@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: