الاثنين، 17 مارس 2008

إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ
د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين
يقول الله جل جلاله : {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ (87) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) }( القرآن المجيد ، الحجر ) .
اخبر الله جل جلاله النبي العربي الأمي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أنه آتاه الفاتحة والقرآن العظيم ، لتبليغ الناس الرسالة التوحيدة الإسلامية القويمة وطلب منه عدم النظر لمتع بعضهم من الأزواج وعدم الحزن عليهم والإنذار البين المبين للجميع دون استثناء سواء الذين ينتقدون ويهاجمون القرآن المجيد أو شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقوله: { الْمُقْتَسِمِينَ } أي : المتحالفين ، أي : تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم ، وهم الذين آمنوا ببعض وكفروا ببعض من اليهود والنصارى ، وفي تفسير ابن كثير - (ج 4 / ص 549){ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ } قال : هم أهل الكتاب ، جَزَّؤوه أجزاء ، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه . وهناك توضيح إلهي عظيم بأن هؤلاء سيتم استجوابهم جميعهم عن افعالهم وافعالهم الدنيئة ، وتوجيه للمصطفى بالإعلان العلني عن الإسلام والإعراض عن المشركين . ولقد تعهد الله سبحانه وتعالى بحماية رسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، من الكفار والمشركين ، في الجزيرة العربية والعالم أجمع ، والآية القرآنية واضحة موجهة لسيد الأولين والآخرين ، لطمأنته وجعله يثق بربه العزيز الجبار ذو انتقام . فتخيلوا من يخاطب من ؟ الله الذي لا إله إلا هو يخاطب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وهذا وعد إلهي قاطع لا لبس فيه ، فالنص واضح وضوح الشمس بل أكثر ضياء ووضوحا للجميع ، وتتمثل بأن البارئ جل وعلا سيكفي المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم المستهزئين من السفهاء والجهلاء ، ولم يحدد أين مكان وجودهم وزمان ظهورهم بل بقيت الكفاية مفتوحة ، وهي تظهر بين الحين والآخر دعوات استهزاء وسخرية من الإسلام والمسلمين ولكن الوعد القطعي المقدس هو الكفاية للحبيب صلى الله عليه وسلم .
وفيما يخص موضوعنا للدفاع عن المصطفى صلى الله عليه وسلم عبر إتحاد المدونين العرب ، ما أن علم بعض الأصدقاء من بعض الفضائيات العربية بمسألة حملة إتحاد المدونين العرب لنصرة الإسلام والمسلمين حتى أبدوا استعدادهم لتغطية الحملة انطلاقا من فلسطين الأرض المباركة ، فجزاهم الله خير الجزاء ، وهناك من المسلمين من يدافع عن المصطفى صلى الله عليه وسلم فرديا وجماعيا في عقر دار الكفر والشرك ، ولو كره الكافرون ، فهل الاستهزاء توقف ؟ لا لم يتوقف ، ولن يتوقف ، وكذلك التعهد الرباني بالكفاية لإمام الأنبياء والمرسلين ما زال ساري المفعول ، وفي ذلك الأوان اخبر الله العليم الحكيم رسوله الكريم أن كفايتة المستهزئين له من المشركين من أصحاب الأهواء والإشراك بالله العزيز الحكيم ، وإنباء له بأنه يمتعض ويتضايق من ذلك الاستهزاء الإشراكي القائم على الباطل ، فماذا كان الطب الإلهي العظيم مواصلة التسبيح والعبادة والقول له كن من الساجدين وعبادة ربه حتى يأتيه اليقين وهو النصر على الأعداء وتواصل العبادة حتى انتهاء الأجل المحتوم للجميع وهو الموت .
ونقول للمشركين والملاحدة في الدانمارك وغيرها ممن يسيئون لغيرهم من أهل التقوى والمغفرة ، كفاكم سخرية واستهزاء بالآخرين الأفضل منكم ، وعودوا إلى صوابكم ولا تقفوا بوجه المارد الإسلامي فما أنتم إلا عبارة عن أقزام صغار يتطالون على المارد الإسلامي الذي سيذهبكم إلى نار جهنم وبئس المصير ، كفاكم زعيقا وبريقا وخربشات هنا وهناك ، ونذكركم كما قال النبي نوح عليه السلام لقومه المستهزئين الساخرين : { إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) }( القرآن المجيد ، هود ) . فانتظروا غزوة قريبة من الغزوات الإسلامية لأن الأمة الإسلامية لن تقف مكتوفة الأيدي وسيدخل الإسلام في عقر داركم فلتؤمنوا بالإسلام والإ ستدفعون الجزية عن يد وأنتم صاغرين ، وهذا قول حق ، شاء من شاء وأبى من أبى .
وتحية إسلامية خالصة لأهل الدانمارك من المسلمين الميامين . ونقول كما يقول المولى عز وجل : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)}( القرآن المجيد ، المائدة ) . وهذا توضيح إلهي آخر من رب العباد جل وعلا ، وتبليغ بأنه سيتم عصمة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، والعصمة وهو حي وهو ميت أيضا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: