الاثنين، 10 مارس 2008

الإسلام العظيم .. وأقزام الشهرة

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين

يقول الله العزيز الحكيم : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}( القرآن المجيد ، الصف ) .
برزت في الآونة الأخيرة حوادث التطاول على الإسلام العظيم من بعض السفهاء والجهلاء الذين يتشدقون بعبارات الإهانة والقباحة التي تخرج من افواههم وهو بذلك يتجنون على الإسلام العدالة والمساواة والإحسان والقيم والأخلاق الحميدة ، والمثل العليا . فهي قيم حضنا الله جل جلاله على اتباعها ونشرها بين الأمم والمخاليق . والمتتبع للحضارة الإسلامية والفتوحات الإسلامية منذ صدر الإسلام الأول يرى ويحكم بشكل موضوعي إن كان من أولي الألباب أو المفكرين الموضوعيين أو المحايدين . فنسال كيف تصرف الجيش الإسلامي عندما فتحت بيت المقدس زمن عمر بن الخطاب ، هل قتل أحد بعد العهدة العمرية التي أعطاها الفاروق عمر بن الخطاب لأهل إيلياء عام 15 هـ / 636 م رغم أنهم كانوا من الرومان المحتلين . وكيف تصرف الفرنجة الصليبيون عام 1099 م عندما احتلوا القدس مجددا فارتكبوا مجزرة رهيبة ضد المسلمين حيث قتلوا نحو 70 ألف مسلم في باحات المسجد الأقصى المبارك . ولا تنسوا مجزرة بغداد التي ارتكبها التتار المغول عام 1258 م ضد المسلمين إذ قتلوا حوالي مليون مسلم . وتذكروا المجارز الصهيونية في فلسطين التي ينوف عددها عن المائة مجزرة فظيعة ذهب ضحاياها آلاف المواطنين الفلسطينيين الأصليين في ارض آباءهم وأجدادهم . وهل نسيتم مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982 ، ومجازر جنين ونابلس عام 2002 ارتكبها المحتلون الصهاينة ، والمجازر الأميركية والبرطانية عام 2003 وحتى الآن في ارض الرافدين ؟ وها هي المجازر تتجدد في ارض فلسطين الكبرى ، بصورة مباشرة ومتواصلة فما يجري الآن في غزة هاشم ، يندى له الجبين حيث تعيث طائرات الاحتلال الصهيوني تدميرا وتقتل الأطفال الصغار والمسنين . هذه هي أخلا ق المحتلين الأجانب لفلسطين ، بينما تظهر مظاهر المسامحة الإسلامية في كل وقت وحين . فالإسلام دين التسامح والتصافي ودين الناضجين وليس في ثناياه المجازر أو الإستهانة بالآخرين . وتطفو على السطح هنا وهناك في هذه الأيام من يتهجم على الإسلام من أقزام الفضائيات والانتر نت والمتسولين والباحثين عن الشهرة ولو بالاعتداء على الآخرين ، فيظهر هؤلاء النصابين والمنافقين والظالمين والكافرين ولا يتورعون عن كيل التهم القبيحة وإلصاقها بالإسلام والمسلمين . فتارة نرى أقزام يظهرون على فضائيات بين حين وحين ، ويعتدوا على حرية المعتقد للمسلمين ، وتارة نرى رسومات وتصاوير تدل على أن راسميها هم من الأرذلين ، يهاجمون النبي العربي المصطفى وهم للذهن شاردين . وسبحان الله العظيم ، الذي يقول الكلام المقدس للأولين والآخرين فتنطق الايات المجيدة توصف هؤلاء الشاذين . إذ يقول الله تبارك وتعالى : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8) }( القرآن المجيد ، التين ) .
بلى إن الله هو أحكم الحاكمين وأعدل العادلين . فنقول للفضائيات صاحبة الردح والكدح بالآخرين ، ليست هذه حرية الرأي والتعبير ، والرأي والرأي الآخر ، بل هي تشهير وتجريح عفن وهجاء وهجاء وهجاء بلا مقدمات وهي تلوين الملونين الذي يظهرون كالحرباء التي تتلون في كل طبيعة وطبيعة لتخفي زلاتها وحتى لا يصدها الصائدين . والإسلام أكد ، وما زال تأكيده لأبد الآبدين : { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}( القرآن المجيد ، الكهف ) . وجاء في آيات مجيدة أخرى : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) }( القرآن المجيد ، البقرة ) .
وأخيرا نقول ، الإسلام دين ودينا ، وصالح لكل زمان ومكان لأنه هدى ورحمة من رب العالمين ، ولو كره الحاقدون والكافرون والظالمون والمنافقون والصليبيون والضالون والمغضوب عليهم . ونؤكد كما أكد رب الأولين والآخرين : { إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)}( القرآن المجيد ، الأعراف ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات: