الاثنين، 10 مارس 2008

مفاوضات فلسطينية - صهيونية عقيمة

مفاوضات فلسطينية - صهيونية عقيمة

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية - فلسطين

يقول الله العزيز الحكيم : { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (99) أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
بدأت المفاوضات الفلسطينية - الصهيونية منذ أمد بعيد ، منذ مؤتمر مدريد نهاية تشرين الأول 1991 ، وما زالت لغاية الآن جارية ، كالبطة العرجاء ، لا تتقدم بل تتأخر للخلف ، على طريقة للخلف در ؟! فلا تقدم في المفاوضات ولا هم يحزنون ، بل أصبحت عبارة على بناء علاقات عامة يظهر فيها المفاوضون ثم يغيبون فترة من الزمن ثم يظهرون مرة أخرى ، والنتيجة لا شيء ، على الأرض ، سوى الدمار والتدمير والمطاردات الساخنة لأحرار فلسطين ، هنا وهناك ، والسلطة الوطنية الفلسطينية ، أصبحت تدور في حلقة مفرغة ، فالمناطق أ وهي التي يفترض أن تقوم فيها سلطة فلسطينية تهيمن فيها على الجانبين الأمني والمدني لم تعد كذلك ، والمناطق ب التي كانت تخضع للسلطة الفلسطينية مدنيا وأمنيا للاحتلال الصهيوني لم تبقى على ما كانت عليه ، والمناطق ج وهي المناطق الخاضة للاحتلال الصهيوني قلبا وقالبا توسعت وسمنت وتضاعفت أجنحة الاستيطان اليهودي في ارض فلسطين العربية المسلمة . وجاء مؤتمر أنا بوليس ولم يغير شيئا اللهم إلا إضافة جديدة وهي مطالبة اليهود والأمريكان للعرب والفلسطينيين والمسلمين بيهودية الدولة مما يعني الموافقة الواضحة على تهجير أهل البلاد الأصليين الباقين في الجليل والمثلث والنقب والساحل الفلسطيني أو حتى مطالبتهم بدفع تعويضات لليهود كما دفعت ألمانيا تعويضات مالية باهظة لهم حتى الآن . فارفض المؤتمر وسلق سلقا ولم يطبخ على نار هادئة ، فالنار اشتعلت في الهشيم ، هشيم الأرض الفلسطينية ولا من مغيث ولا معين ، سوى رب العالمين لشعب الجبارين في أرض فلسطين . ونعيد على مسامعكم هاتين الفقرتين بعد مؤتمرأنابوليس الأمريكي لبث الرعب والتفرقة والبلبة السياسية الإعلامية والدينية في فلسطين والوطن العربي والعالم بخصوص قضية شعب فلسطين .
بالله عليكم غيروا هؤلاء المفاوضين الفلسطينيين . تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي . إلى متى هذه المفاوضات بهذه الوجوه التقليدية منذ عام 1991 زمن مؤتمر مدريد البائد ؟ من مدريد إلى أنابوليس حول ؟ النتيجة صفر اليدين والرجلين وخفي حنين !! واصفاد باليدين للفلسطينيين . يا ايها المفاوضون يبدو أنكم تعبتم من المفاوضات فاستريحوا لأنها مفاوضات عقيمة بلا نتائج ملموسة . لا يوجد حل سياسي ، القوي لن يتنازل للضعيف ، وهذه البلاد لا يمكن أن تضم غير دولة واحدة إقرأواالتاريخ جيدا إن شئتم !! والكيان الصهيوني زائل لا محالة إن شاء الله .
نتيجة المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية حتمية الفشل دائما ، والعودة للمربع رقم واحد . والبدء من الصفر بل تحته بكثير مثل درجات الحرارة في سيبيريا باردة ، لا سخونة في المفاوضات لأنها غير مجدية ، زهقتونا ويأس الشعب من هذه الفذلكات الإعلامية والقبلات على الوجنات . أريحونا من التشديد على الحواجز بين الولايات الفلسطينية المتباعدة ، القدس ولاية محتلة ، ورام الله ولاية محتلة ونابلس ولاية محتلة واريحا ولاية محتلة وكذلك الحال في بيت لحم وطولكرم وقلقيلية وجنين والخليل ، كلها ولايات فلسطينية متباعدة بفعل حواجز الاحتلال الصهيوني الإجرامية التي تقف حواجز قطاع طرق على مرأى ومسمع العالم أجمع بشكل ظاهر وليس باطن . والهدف هو فرض الإذلال والخنوع والاستسلام على الفلسطينيين . وهذا ما كان ولم يكن ولن يكون ، في الماضي والحاضر والمستقبل القريب والبعيد على السواء . فكلمة نقولها ، إن شئتم وسمحتم لنا بقول كلمة الحق ، ولو أنها توجع الرأس هذه مفاوضات عقيمة لا ينتج عنها مولود سياسي ناضج بل إن نجم عنها فإنه سيكون مولودا مسخا غير قابل للحياة ، لأن الكيان الفلسطيني السياسي الحقيقي يجب أن يكون قابلا للحياة ويتمتع بشخصية مستقلة لا تتأثر بالأمزجة الصهيونية ، وهذا بعيد المنال على الأقل في الوقت الراهن . فيا سادة لا تراهنوا على التنازل الصهيوني عن مساحة ولو صغيرة من ارض فلسطين ، فهم يعرفون ذلك ، وهذا التنازل أو التخلي إن جاز لنا التعبير يبشرهم بفناء الكيان اليهودي - الصهيوني - الإسرائيلي المصطنع في قلب الوطن العربي وبذلك فإنهم يركزون على الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية التي رأينا نتائجها في اتفاقية أوسلو الهزيلة ، التي لم يبق عليها الاحتلال الصهيوني رغم هزالتها وهشاشتها المعروفة للقاصي والداني في فلسطين وغيرها .
لقد اصبحت المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والصهاينة ، عبارة عن مارثون إعلامي لذر الرماد في العيون دون نتائج ملموسة على الأرض للتخفيف عن الشعب الفلسطيني المعذب في ارضه ، بفعل سياسة التفريغ والملء الصهيونية ، وبفعل عدم التوازن العسكري ، ورغم وجود توازن رعب إبان انتفاضة الأقصى المجيدة إلا أن هذا الأمر غاب الآن عن أورقة الفنادق التفاوضية يا ناس يا حلوين . والله نسألة أن يرد لنا فلسطين من الأعداء ، ومكائد الكائدين . ولا تصدقوا بني صهيون بإن هناك دولة لشعب فلسطين ، لأن هذه هرطقات وبيانات ليس لها رصيد رصين . فالأعداء يريدونها كيانا سياسيا إداريا إقتصاديا تحده دولة الاحتلال من الجهات الأربع يا سامعين ، وهذا ما رفضه ويرفضه وسيرفضه شعب الجبارين في غزة ونابلس ورام الله والقدس وخانيونس ورفح ودير البلح وجنين وطولكرم وقلقيلية واريحا وبيت لحم والخليل وغيرها من محافظات ارض كنعان في الأولين والآخرين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
نشرت على الجزيرة نت بتصرف في 12 / 12 / 2007 .

ليست هناك تعليقات: