الجمعة، 18 يوليو 2008

عملية الرضوان أم إعادة الأبناء ؟؟!

عملية الرضوان أم إعادة الأبناء ؟؟!

كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . وجاء في صحيح البخاري - (ج 10 / ص 257) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فُكُّوا الْعَانِيَ يَعْنِي الْأَسِيرَ وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ ) .

بدموع من الفرح والترح الحزينة في ثنائية فلسطينية مستمرة استقبلنا العودة الميمونة لأسرى منتصرين عائدين ، وأجساد شهداء مسلمين عند ربهم يرزقون ، ففي يوم الأربعاء المشهود ، 16 تموز 2008 ، ترقب العالم من أقصاه لأقصاه وخاصة المهتمين في الشؤون العربية – الصهيونية عملية التبادل بين حزب الله اللبناني وحكومة الاحتلال الصهيوني ( عملية الرضوان ) ورغم تأخرها الفني قليلا إلا أنها تمت بنجاح ، وانتصار القليل العدد والعدة المتمثل بحزب الله على الكثير العدد والعتاد والعدة الذي يمثل الكيان الصهيوني في أرض فلسطين . وجاء هذا مصداقا لكلام الله المقدس : { كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
لقد تمت الوساطة الألمانية في الصفقة بوساطة ضابط مخابرات ألماني بموجب تفويض من الأمم المتحدة بين الخصمين المسلم والكافر بنجاح ، انتصر فيها الإنسان المسلم على الكافر ، ولو أنه قليل العدد والعدة على الكثير العدد والعدة الذي أصبحت كثرته غثاء كغثاء السيل بعد هزيمته المدوية أولا في 23 أيار عام 2000 ، ثم في حرب صيف 2006 ، وعدم تمكنه من اجتياز الحدود البرية الشمالية بين فلسطين المحتلة ولبنان . ومهدت مصلحة السجون الصهيونية يوم الاثنين 14 تموز 2008 للصفقة عندما نقلت مصلحة السجون أربعة من الأسرى المعتقلين لديها وهم : ماهر كوراني ومحمد سرور وحسين سليمان وخضر زيدان لينضموا إلى سمير القنطار المسجون في هاشارون تمهيدا لنقلهم جميعا إلى معبر رأس الناقورة ، في عملية التبادل المنتظرة آنذاك .
تمت عملية الرضوان ( وهو اسم الشهيد ( الحاج رضوان ) عماد مغنية القائد العسكري السابق لحزب الله الذي اغتاله الموساد بدمشق في شباط 2008 ) بنجاح منقطع النظير مقابل عملية يهودية أطلقوا عليها ( تفوق القيم الأخلاقية ) ثم شطبوا هذا الاسم وأطلقوا عليها عملية إعادة الأبناء وهما الجنديين الصهيونيين وهما ( الداد ريجيف و إيهود غولدفاسر ) الذين أسرها حزب الله في 12 تموز 2006 في عملية الوعد الصادق ، وما صاحبهما من مقتل تسعة جنود يهود آخرين في مزارع شبعا وهي الأرض اللبنانية المحتلة عام 1967 . وقد استمر السجال والجدال حول عملية تبادل الأسرى بين حزب الله اللبناني العربي الأصيل وبين حكومة الاحتلال اليهودي الدخيل في فلسطين مدة ناهزت العامين ، ولكنها تمت بإخراج خمسة أسرى لبنانيين ، منهم أربعة من جند حزب الله أثناء معركة صيف 2006 ، وأولهم فيها الأسير سمير القنطار ( اللبناني الدرزي الطائفة ، الفلسطيني الانتماء عبر التحاقه في جبهة التحرير الفلسطينية بالثورة الفلسطينية ، وقد تبنته أم فلسطينية إلى جانب ابنها وهي أم جبر وشاح حيث كانت تزوره في سجنه ابتداء من عام 1985 في سجن نفحة الصحراوي حتى منعها الاحتلال من زيارته ، والإسلامي الخروج من أسر الاحتلال ، فكان قنطارا من الخير والحب لفلسطين ولبنان ) الذي دخل فلسطين عسكريا مقاتلا وقتل قبل ثلاثين عاما ثلاثة مستوطنين في نهاريا وجرح آخرين شمال فلسطين المحتلة ، وحكمته المحاكم الصورية الهزيلة الصهيونية 542 عاما على فعلته تلك بدعوى أنه إرهابي من الطراز الأول في ذلك الحين . وأخرجت العملية الرضوانية تلك من أسر مقبرة الأرقام الصهيونية جثامين طاهرة ل 199 شهيدا من الشهداء الأكرم منا جميعا الذين قدموا أرواحهم فداء لفلسطين منذ عشرات السنين وحكم عليهم بالقهر الصهيوني الدنيوي بعد الموت المقدس في مقابر يشرف عليها الأعداء في ارض فلسطين المباركة .
لقد خرج جثامين جميع شهداء منفذي عملية الساحل الفلسطيني في ربيع ذلك العام ردا على زيارة أنور السادات للكنيست الصهيوني ، من بينهم خروج جثمان الشهيدة الفلسطينية الطاهر دلال المغربي ابنه يافا أصلا بعدما قادت عملية استشهادية جريئة في 11 آذار 1978 ، فقتلت من اعتدى على يافا زورا وبهتانا وأطلق عليها تل أبيب وما جاورها ، لقد قتلت العملية الفدائية في منطقة يافا أكثر من خمسين قتيلا يهوديا وعشرات الجرحى ، ممن اعترف بهم الكيان الصهيوني أو أخفاهم ، واستشهد معظم العملية الفدائية الفتحاوية الفلسطينية ، وكان اسم تلك العملية مجموعات دير ياسين لعملية الشهيد كمال عدوان . ومن غرائب الحياة العامة والسياسية أن من قتل المجاهدة دلال المغربي وأفرغ فيها رصاصات اللؤم وشدها من شعرها وهي شهيدة بعدما نفذت ذخيرة سلاحها هو ( الفتاة الشقراء – أيهود باراك ) عام 1978 عندما كان قائدا للوحدات العسكرية الصهيونية الخاصة هو نفسه من وافق على إخراج جثمانها الطاهر بعد ثلاثين عاما من التحفظ عليه لمدة عشر سنوات في ثلاجات الموتى ، ثم في مقابر الأرقام الصهيونية ، ولكن هذه المرة بصفته وزيرا للحرب الصهيوني ، مع زميله الكاديمي أيهود أولمرت وموافقة 22 وزيرا من أصل 25 وزيرا في حكومة الاحتلال الصهيوني . وقد طالبت عائلة الشهيدة دلال المغربي السلطة الوطنية الفلسطينية بإعادة دفن جثمان الشهيدة في رام الله أو أي بقعة من فلسطين لأنها عشقت فلسطين وضحت من أجلها ولم يعرف مصير هذا الأمر حتى الآن ، وهو عين الصواب فتكريم دلال يجب أن يتم بوضع جثمانها الطاهر في بقعة فلسطينية رغم أن روحها ترفرف في سماء فلسطين المباركة التي روتها بدمائها الزكية .
لقد انتصرت مجموعة دلال المغربي التي كانت دليلا لفتيان وبنات فلسطين البررة لاحقا ، في العمليات الاستشهادية ، مرتين : المرة الأولى عندما دخلت ساحل مدينة يافا على البحر الأبيض المتوسط ، في قارب مطاطي صغير رغم الحراسة المشددة من البحرية الصهيونية والبوارج الحربية والزوارق العسكرية المحاذية للساحل ، لقد أدخلتها ومجموعتها الاستشهادية عروس فلسطين الجغرافية مدينة يافا الرءوم لقلبها الحنون واحتضنتها لأنها ابنة يافا البارة فكانت عروسا جغرافية كبرى تحتضن عروسا فلسطينية أخرى ولكنها بشرية أكبر منها جهاد وبطولة منقطعة النظير . لقد هزت تلك العملية الفدائية الكيان العبري هزا عنيفا أسقطت فيه أوراق الربيع قبل أوانها فتحولت لأوراق خريفية صفراء ذابلة . والمرة الثانية : بعدما استمرت تلك العملية الفدائية تقطف ثمارها رويدا وريدا في جبهة الصمود والتصدي للاستسلام الساداتي المريع ، إلى أن جاءت عملية الرضوان التحريرية والإعلامية الناجحة لتزيدها تألقا فوق تألق عسكري ، في 2008 ، وبهذه الذكرى يستذكر الإنسان القائد الفلسطيني العسكري الفذ خليل الوزير ( أبو جهاد ) مهندس العملية الفدائية تلك كغيرها من العمليات الكبرى مثل عملية مفاعل ديمونة عام 1988 إبان انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى .
لقد خرجت جثامين 199 فدائيا أو مجاهدا فلسطينيا وعربيا ومسلما من ثنايا القبور الصهيونية تحت الأرض ، حيث عانقت تلك الأجساد الطاهرة أرض فلسطين وعطرتها برائحة المسك الجهادية بعدما روتها بدماء الحمراء القانية ، خرجت في عملية جريئة هي عملية الرضوان ، فكانت رضوانا إلهيا مباركا في ظل انتصار كظل ظليل يظل عملية الخروج المشرفة ، فكما كانت عملية الدخول والعبور الجهادي لفلسطين مرفوعة الرأس في حالة إقبال لا إدبار ، جاءت عملية الخروج في حالة إقبال لا إدبار في الآن ذاته ، فقد كرم الله هؤلاء الشهداء أولا وآخرا ، ونسأله أن يتغمدهم بواسع رحمته ويتقبلهم شهداء أحياء عند ربهم يرزقون . يقول الله الحي القيوم : { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}( القرآن المجيد ، الصف ) .
وفي ثنايا هذه العملية المضادة ، برزت تسميات لها هل هي عملية الرضوان ؟ وهو الحاج رضوان القائد العسكري الفذ لقوات حزب الله الذي اغتاله الموساد الصهيوني في دمشق ارض الشام ، أم هي عملية ( إعادة الأبناء - التفوق الأخلاقي الصهيوني ) كما أطلق عليها يهود فلسطين زورا وبهتانا ؟؟ ومن المعروف أن يهود فلسطين ، حكاما ومستوطنين ، ليس لديهم أدنى ذرة من ذرات الأخلاق الفاضلة أصلا ، بل ينضحون بالأخلاق الذميمة الفاجرة ، لأنهم هم الفكرة الفجرة بحق وحقيق ، فهم محتلون يستعمرون فلسطين ويشردون ويطردون ويعذبون أهلها منها ليل نهار ، فأين هي الأخلاقية في هذا التصرف التبادلي ؟ إنها ليست عملية أخلاقية لحزب كاديما أو حزب العمل أو الأحزاب الصهيونية الحاكمة بقوة الحديد والنار في فلسطين بل هي رضوخ وهزيمة وذلك لم يعتادوا عليه من العرب قبلا لقادة الاحتلال اليهودي في فلسطين ، وانتصار للأسرى والشهداء مرتين ، المرة الأولى عند عبورهم المقدس لفلسطين والمرة الثانية عند خروجهم المشرف من فلسطين وانتصار معنوي وجهادي لحزب الله وقائده الكبير حسن نصر الله صاحب الوعد الصادق ، لقد تجلى صدقا صادقا في ثنايا فلسطين ولبنان مرات ومرات ، فأصبح الزعيم العسكري الأول في الوطن العربي بلا منازع ، رغم امتعاض البعض من هذه الحقيقة المرة في حلوقهم ، نقول هذا للتاريخ بعيدا عن الفئوية الشحيحة والحزبية الضيقة والقبلية المقيتة والطائفية المبعثرة النتنة . يقول الله السميع العليم : { إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)}( القرآن الحكيم ، آل عمران ) .
وسؤال يطرحه البعض وهو هل الإنسان اليهودي أغلى من الإنسان العربي أو الفلسطيني أو المسلم ( من بلد إسلامي ) ؟ حتى يتم تبادل رفات أو جثامين جنديين صهيونيين أسرا قبل عامين مع خمسة أسرى أحدهم قتل عدة يهود مستعمرين في أحد المستعمرات اليهودية في فلسطين منذ أكثر من 30 عاما وكانت قيادة الجاليات اليهودية في فلسطين ترفض نقاش أمره مجرد نقاش ، وإذا به يخرج مرفوع الهامة ويلبس البزة العسكرية مجددا بمجرد دخوله منطقة الناقورة في لبنان الجنوبي المقاتل فهددت قوات الاحتلال الصهيوني بتصفيته لاحقا . الإنسان المسلم والعربي والفلسطيني ، في أحادية أو ثنائية أو ثلاثية الصفة ، أغلى لدينا من كل إنسان على وجه الكرة الأرضية ، وليس العبرة بالعدد للمقارنة بأن جثماني أثنين 2 يساوون أجساد 199 من أجساد الشهداء الطاهرين + خمسة أسرى محررين ، ولكننا نؤكد وهي حقيقة لا تخفى على أحد من الموضوعيين والحياديين وأولي الألباب والعقول النيرة لا الحاقدة ، أن معركة النزال التفاوضي كانت الأجدى والصلح ، فقد أخفت قيادة حزب الله وفاة هذين الجنديين الصهيونيين إخفاء تاما حتى آخر لحظة وحصلت ما حصلت عليه من فوز ونصر مبين على الأعداء الظالمين ، فعادت أدراج الأعداء على أعقابهم خائبين كما خابت في إرجاعهم طيلة 34 يوما من الحرب في صيف 2006 ، فكانت انتصارات تموز مرتين في عام 2006 و2008 لتكون سيفا مسلطا على رقاب قيادة صهاينة فلسطين ، الأمر الذي استدعى بروز مظاهر الكآبة والاكتئاب والحزن في عيون أبناء وبنات صهيون الأرذلين كبارا وصغار ، ذكورا وإناثا ، على السواء ، إبتداء من شمعون بيرس رئيس الكيان الصهيوني ، ومرورا بأولمرت رئيس الوزراء المستوزرين في فلسطين الكبرى المحتلة وانتهاء بوزير الحربية أيهود باراك وغيرهم الكثير الكثير ، عندما شاهدوا احتفالات الرجوع العظيم للناقورة وبيروت واسترجاع بضع أسرى العرب في سجون الاحتلال الصهيوني والأجساد الطاهرة المطهرة للمجاهدين السابقين في سبيل فلسطين وأهل فلسطين وفي سبيل نصرة الحق المبين . يقول الله الحميد المجيد : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) }( القرآن العظيم ، محمد ) .
لقد بكى الصهاينة في تموزين صيفيين ذوي حرارة نارية ملتهبة ، مرتين : الأولى عند فشلهم وإخفاقهم الذريع في القضاء على بنية حزب الله العسكرية الصلبة أو أسر أي من قادة الحزب ، وفشلهم في استعادة الجنديين القتيلين دون ثمن باهظ حسب أعرافهم وأضاليلهم الظالمة .
وهناك جملة من النقاط التي لا بد من الإشارة لها وعبر سؤال يتمثل في : لماذا تمت عملية التبادل بين الجانبين في فترة طويلة قياسيا ونجحت ممثلة بانتصار حزب الله ؟؟ هناك العديد من الأسباب الداخلية والخارجية ، من أهمها :
1. إدراك قيادة الجاليات اليهودية في فلسطين ممثلة باليهوديين الأولين في البلاد : أيهود أولمرت رئيس الوزراء الصهيوني زعيم حزب كاديما ، وأيهود باراك وزير الجيش الصهيوني وزعيم حزب العمل ، ومن لف لفهم من الأحزاب اليهودية القومية والدينية والوسطية وغيرها ، إدراكهم بأنهم ظلمة وغير عادلين ، فالأسير سمير القنطار كان يفترض أن يخرج في 29 كانون الثاني 2004 عندما جرت عملية تبادل بين قيادة حزب الله وبين القيادة الصهيونية فنكثوا بتعهداتهم وأبقوا على القنطار أسيرا ، وكذلك يدركون أنهم على خطأ بل خطيئة كبرى إذ ما يستفيدون من الاحتفاظ برفات أجساد الفدائيين الذين استشهدوا في مقابر أرقام جماعية . فالعقلية الصهيونية الاستعمارية تعطي أرقاما ليس للأموات فقط بل للأسرى في سجونها والأموات في قبورها والأحياء في ارض آبائهم وأجدادهم .
2. الحضور القوي للمطالب العربية العادلة في المفاوضات غير المباشرة بين قيادة حزب الله وقيادة الصهيونية في فلسطين ، واعترافهم بالهزيمة النكراء ، واضطرارهم لتلبية طلبات المقاومة الإسلامية التي أذلت أعناقهم ذلا أبديا .
3. رغبة الفاسدين والمفسدين في الأرض من قيادة الصهيونية اليهودية في البلاد بالتخلص من تبعات هزيمة حرب صيف 2006 التي تقض مضاجعهم ، وتعالي أصوات الرأي العام اليهودي في البلاد المطالبة بعودة الجنديين الأسيرين ، سواء أحياء أو أمواتا لا فرق ، وتطبيق العقيدة اليهودية المتزمتة بضرورة عودة هؤلاء الأسرى أو رفات القتلى اليهود إلى جنتهم الأرضية المزعومة .
4. اقتراب الانتخابات الحزبية الداخلية والبرلمانية العامة الصهيونية في البلاد ورغبة قيادة تلك الأحزاب الصهيونية الحاكمة في تقديم شيء للرأي العام المطالب بعودة المحتجزين لدى حزب الله اللبناني .
5. التفرغ لعملية تبادل أخرى مقابل الجندي الصهيوني المخطوف في قطاع غزة هاشم ، وعدم معرفه مصيره حتى الآن .

على العموم ، لقد وحدت العودة الميمونة لأسرى لبنانيين وجثامين شهداء من فلسطين والوطن العربي والوطن الإسلامي ، أهل لبنان بجميع طوائفه الدينية وأحزابه السياسية ، رئاسيا وحكوميا ، رسميا وشعبيا وحزبيا ، في أجلى صور التعاون والتعاضد لاستقبال النشامى العائدين عبر العبور العظيم لأرض لبنان المحررة من الاحتلال الصهيوني الظالم ، فتوحدت القلوب والعقول في يومين متتالين آملين أن تستمر إلى الأبد هذه الوحدة العظيمة ، التي أرقت طواغيت الأعداء ، وشددت من عضد نشامى لبنان المنتصر على الأعداء .
وغني عن القول ، إن عملية الرضوان الإسلامية قد هزمت غالبا عملية عودة أبناء الصهيونية في كل الاتجاهات العسكرية والسياسية والنفسية والإعلامية ، ورفعت من أسهم حزب الله في لبنان وفي الوطن العربي ، وتبنيه استعادة لأسرى وجثامين مجاهدين لم يكونوا من عناصره في يوم من الأيام ، وأثبتت أن معاهدات واتفاقيات السلام المعقودة بين الأطراف العربية وصهاينة اليهود في فلسطين لم تفلح في استعادة هؤلاء الفدائيين الذي فدوا فلسطين بأرواحهم ودفعوا ضريبة الحجز والأسر الصهيوني أمواتا وأحياء على حد سواء وأن الطريق الوحيد الأوحد لتحرير الأسرى هو عمليات التبادل المضادة في كل الاتجاهين ، وهو تكريس لعقلية الجهاد في سبيل الله أولا وآخرا . وكان لعملية الرضوان الإسلامية أن تهزم طواغيت وبغاة الأعداء الصهاينة كليا لو أعيدت جثامين الشهداء إلى فلسطين ودفنوا في المقابر الجماعية ولكن لا بأس في ذلك فقد كانت عملية جريئة وشجاعة بكل معنى الكلمة فقد نجحت في تحطيم القيود والأصفاد الصهيونية عن بعض الأسرى النوعيين والجثامين الطاهرة فصنعوا ثورة جديدة متجددة في النفوس كما أشعلوها ثورة متأججة في عملياتهم الفدائية الجهادية وقد لجأت وسائل الإعلام الصهيونية إلى التشكيك في تسليم جثمان الفدائية الاستشهادية الفلسطينية الأولى دلال المغربي لشن حرب نفسيه على أبناء الشعب الفلسطيني عامة وأبناء حركة فتح خاصة الذين أعدوا عدة مسيرات بمناسبة الإفراج عن فدائية فلسطين الأولى في يافا عروس البحر المتوسط . وكانت هناك لفتة سابقة من المقاومة الفلسطينية وخاصة حركة فتح إلا أن سمت جناحا لها باسم ( كتائب الشهيدة دلال المغربي ) تكريما لها . وقد أصبح لبنان دولة عظمى في المنطقة بفضل الإسلام الجليل العظيم الذي يتبناه حزب الله ، فعامل حزب الله الصهاينة الند للند ، وفق سياسة ( خذ وطالب ) ، رغم أنه ليس دولة أو حكومة والحبل على الجرار لإخراج أسرى فلسطين والعرب والمسلمين من طواغيت الاحتلال الصهيوني في فلسطين والاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان وغيرها . فنسأل الله العزيز الحكيم أن ينزل ألف رحمة على أرواح الشهداء في جنات النعيم والخلود الأبدي في أعلى عليين ، ونقرأ على أرواحهم السبع المثاني العظيمة : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) }( القرآن المجيد ، الفاتحة ) . فطوبى لهم في الفردوس الأعلى إن شاء الله تعالى .
ألف ألف مبارك للأسرى المحررين في عملية الرضوان ، والفاتحة على أرواح شهداء فلسطين والعرب والمسلمين أجمعين ، في كل وقت وكل حين ، وخاصة الشهداء الذي لبوا نداء ربهم دفاعا عن فلسطين . وفاتحة عملية الرضوان ستكون فاتحة خير على أسرى الحرية في سجون الاحتلال اليهودي البالغ عددهم أكثر من 11 ألف أسير وأسيرة وفي مقدمتهم النساء والأطفال وذوي الأحكام العالية والوزراء والنواب المحتجزين رغم تمتعهم بالحصانة البرلمانية والسياسية كونهم منتخبين من شعب فلسطين في عملية انتخابات شهد عليها مجموعات مراقبة أجانب وغربيين في كانون الثاني عام 2006 .
وإلى لقاء آخر ، في عملية تبادل أخرى منتظرة حول الأسرى الفلسطينيين والأسير الصهيوني المحتجز في قطاع غزة هاشم ، وعمليات تبادل أسرى جديدة بفعل التفاوض القائم بإسناد قوي إلى المجابهة العسكرية القادمة المنتظرة إقليميا وقهر جيش الاحتلال عدة مرات بعدما كان يدعي أنه الجيش الذي لا يقهر . فسبحان مقلب القلوب ومغير الأحوال ودوام الحال من المحال .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الخميس، 17 يوليو 2008

اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ

- الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا

- أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ

- وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
لقد أوضح الله الكبير المتعال أن الإنسان حر في دينه ، بعدما تبين سبيل الرشاد القويم ، واتبع ذلك ، وهو إن الدين عند الله الإسلام ، وأن من لا يعبد الطاغوت وهو الشيطان الرجيم إبليس والكاهن والساحر والطاغية الإنسي والجني أحدهما أو كلاهما ، ويكفر به ويؤمن بالله العظيم الحليم فقد تمسك بالنور الهادي من رب العالمين وهو العروة الوثقى التي لا تنقطع ، ويشير الله تبارك وتعالى إلى أنه هو ولي المؤمنين الأتقياء الأنقياء الأصفياء الأخيار إذ يخرجهم من الظلمات ، من ظلمات الحياة الدنيا المتعددة الوجوه والأشكال ، إلى النور الإلهي العظيم بإتباع سبل الخير العام والخاص والتمسك بأهداب الإسلام العظيم ، والعدل والعدالة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والابتعاد عن الموبقات والكبائر والصغائر ، فيكون مآلهم إلى جنات الخلود والفردوس الأعلى عند مليك مقتدر ، بينما يكون الكفرة الفجرة على دين الطاغوت الأكبر وهو الشيطان الرجيم وزبانيته من الإنس والجن فيتبعون الشر ويلحقون بالأشرار فيكونون استحبوا العمى على الهدى والعياذ بالله من الشيطان الرجيم فيكون مأواهم جهنم وبئس المهاد . ومن كان له الطاغوت ربا فقد هوى وغوى ولحق بطريق الأفعى الضالة المضلة التي لا تنفع صاحبها . وهذا هو حال الكفرة الفجرة الذين يعبدون الطاغوت فسوف يلقون غيا ، جراء ابتعادهم عن الدين القويم وهو الإسلام العظيم ورضوا على أنفسهم بأن يكونوا من المغضوب عليهم الضالين المضلين والمضللين لأنفسهم ولغيرهم على السواء فنزلوا في أسفل سافلين وتركوا تكريم الله لهم .
ويقول الله الغني الحميد : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)}( القرآن المجيد ، النساء ) . ينبهنا الله سبحانه وتعالى إلى أن هناك من أهل الكتاب ، وهم أهل الذمة في الإسلام ، يؤمنون بالشيطان الرجيم ، إبليس اللعين ، ويقدسون السحرة والكهنة ومن والاهم ويكذبون على أنفسهم وعلى الكافرين الملحدين أمثالهم حيث يقولون بأن السحرة والكهنة وأتباع الشيطان الرجيم أهدى من المؤمنين بالله العزيز الحكيم ، وهذه الفئة من أهل الكتاب لعنها الله القوي القهار ذي الملك والملكوت ذي العزة والجبروت ، وهؤلاء الملعونين لن يجدوا لهم نصيرا أبدا ، وكذلك فإن هذه الفئة الضالة تهلك نفسها وتهلك غيرها وإذا استولوا على زمام بسيط من زمام الحكم فإنهم يبخلون ولا يؤدون حق الملك بل سيمنعون الناس حتى من الشيء البسيط ويحرمونهم من حقوقهم ، وهذا انطبق وينطبق وسينطبق على حال الناس ماضيا وحاضرا ومستقبلا .
ويقول الله الحي القيوم تبارك وتعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) }( القرآن الحكيم ، النساء ) .
وفي خطاب إلهي عظيم بالقرآن المجيد على وجه الإعمام والتعميم لمآل المنافقين الذين يزعمون زورا وبهتانا أنهم آمنوا بالله العزيز الحميد وفق الرسالة الإسلامية الحقيقية التي أنزلت على رسول الله المصطفى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أنزل على الأنبياء والرسل من قبله ، فيتعاملون بوجهين أو بعدة وجوه متناقضة مع بعضها البعض ، فيريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت واتبعوا خطواته وشهواته المهلكة الماحقة وهو الشيطان الرجيم الذي لا يدل على الخير بل يدل ويرشد إلى الشر وطرق الأشرار العوجاء المعوجة وهي الطرق التي أمر الله جل جلاله المؤمنين أن يبتعدوا عنها بعدا كبيرا كالبعد بين السماوات والأرض لئلا يهلكوا ويخسروا خسرانا مبينا . وبالفعل فقد التحق الكفرة الفجرة بالشيطان الرجيم وهو إبليس اللعين ، عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم الدين ، وذلك بإتباعهم الشهوات واللذائد المحرمة وارتكابهم الخطايا والخطيئة الكبرى والفواحش الكبرى والصغرى على السواء ، ولم يستجب هؤلاء الكفرة الفجرة من الضالين والمغضوب عليهم والسفلة القذرة لتعاليم الله العزيز الوهاب فضلوا سواء السبيل ، وتحاكموا إلى الطاغوت الأكبر الذي دلهم وسيدل غيرهم إلى دار المهالك والبوار على مدار العصور وبالفعل فقد ضلوا وأضلوا غيرهم عن إتباع جادة الحق والصواب التي تقتضي الإيمان بالله الحميد المجيد رب العالمين جميعا وتكون نتيجتها الفوز بجنات النعيم والعيش في أمن وأمان ويكونون من الفزع آمنون .
ويقول الله السميع العليم عز وجل : { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) }( القرآن العظيم ، النساء ) .
وفي سورة قرآنية أخرى ، يؤكد المولى سبحانه وتعالى على ضرورة أن يسلك الإنسان المسلم المؤمن التقي سبل ربه الغفور الرحيم ويقاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى ، فالمؤمنون بالله الحي القيوم ربا وبالإسلام دينا ومنهاجا للحياة الدنيا والآخرة وبمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا يجاهدون ويقاتلون في سبيل الله بينما يقاتل الكافرون في سبيل الطاغوت وهو الشيطان الرجيم وخدمه وسدنته ، فجاء الأمر الإلهي القويم بضرورة مقاتلة أولياء الشيطان ، فكيد الشيطان ضعيفا جدا لا مجال لانتصاره على المؤمنين بتاتا ، فجولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة ، ولكن التهاون والتساهل والهروب والكسل والإهمال والتجاهل وعدم الاستجابة لمقاتلة الشيطان الشرير وأعوانه يجعل الأمور تنعكس رأسا على عقب ، فيتحكم الطاغوت وأذنابه وأعوانه الشريرين في الناس من حولهم ويذيقونهم سوء العذاب الدنيوي . وبهذا فمقاتلة الشيطان وأولياؤه من الأمور المفروضة فرضا من الله العزيز الحكيم ، وما النصر إلى من عند الله ذو الجلال والإكرام فهو ناصر المعذبين والمستضعفين المؤمنين في الأرض .
ويقول الله ذو الجلال والإكرام : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60) وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)}( القرآن المبين ، المائدة ) .
ويشير الله الرحمن الرحيم في سياق الآيات الكريمات المجيدات إلى أن الأشرار هم من لعنهم الله عز وجل وغضب عليهم وهم بني يهود الذين مسخ جزءا منهم عبر التاريخ وحولهم لحيوانات كالقردة والخنازير وهي من أتعس وأقبح الحيوانات المخلوقة على وجه الأرض وكذلك جعل منهم عباد للشيطان الرجيم الذين يتلقون أوامرهم الشيطانية منه والتي يؤزهم بها أزا نحو جهنم وبئس المهاد ودار القرار النهائي ، وهؤلاء الصنف من البشر هم شرا مكانا في الدنيا والآخرة على السواء فقد ضلوا وابتعدوا عن سواء السبيل العظيم ولجأوا إلى الفساد والإفساد وارتكبوا الموبقات والإثم والعدوان وأكل الربا وأموال الناس بالباطل دون وجه حق .
ويقول الله المحيي المميت : { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35) وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39) إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) }( القرآن الكريم ، النحل ) .
وتشير الآيات الكريمات السابقة إلى حديث المشركين الكاذب جملة وتفصيلا ، فقد أدعوا لو أن الله جل جلاله أراد هدايتهم لهداهم وما عبدوا من دونه من آلهة متعددة واتبعوا سبل الشيطان الرجيم الطاغوت الأكبر وزبانيته من الضالين والمضلين والمغضوب عليهم والكفرة الفجرة الملحدين ، ونسوا أو تناسوا أن الله سبحانه وتعالى خيرهم بين الخير والشر وهداهم النجدين إما شاكرين وإما كافرين ، وأمرهم بإتباع الخير لمصلحتهم ومصلحة الناس جميعا ، ولكنهم لم يلتزموا بذلك الأمر الإلهي العظيم .
ويقول الله الشهيد عالم الغيب والشهادة : { قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21) }( القرآن الحكيم ، الزمر ) .
ويؤكد رب العزة سبحانه وتعالى ، في الآيات السابقة ، على تبشير المؤمنين الذين اجتنبوا الطاغوت من الأصنام والأوثان والشيطان الرجيم ، واتبعوا سبل الهدى والهداية الإسلامية والكلم الطيب الحسن التي تقربهم إلى الله زلفى ، في كل زمان ومكان ، فلهم البشرى الصالحة الحسنة في الدنيا والآخرة فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ومصيرهم إلى الجنة خالدين فيها أبدا .
وعود على بدء ، نرى في القرن الحالي ، الحادي والعشرين الميلادي ، بعد القرون البشرية عدًا بالميلاد المجيد للمسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، الموافق للقرن الخامس عشر الهجري ، لانتقال المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من دار الطواغيت الجاهليين في تلك الحقبة من الزمان إلى دار الهداية والأمن والسلام ، نرى في هذه الزمان الطاغوت الأكبر وهو الشيطان الرجيم الذي يوجه طواغيت هذا العصر ، في كل آن وكل حين ، من الكهنة والسحرة والكفرة الفجرة ، الفاسدين والمفسدين في الأرض ، والشيوعيين الملحدين ، ورعاة البقر الأمريكيين وعباد البقر الهندوسيين ، وأصحاب الجيوش العابرة للقارات ظلما وعدوانا ، وملاك الشركات الاستعمارية الاستغلالية الربوية العابرة للقارات في العالم ، من أمثال الدجال الكبير جورج بوش الصغير إمبراطور إمبراطورية الشر الأمريكية ، وأمثال نيكولاي ساركوزي الطاغوت الإنسي الفرنسي ، والطاغوت البريطاني الأثيم طوني بلير ، وأمثال الطاغوت اليهودي المجرم أيهود أولمرت وسواه في ارض فلسطين المغتصبة المقدسة ، وبابا الفاتيكان الضال بندكيت السادس عشر ، الذي يناصر يهود فلسطين ويقول عنهم بأنهم عادوا لأرض آبائهم وأجدادهم ، والأستاذ الأعظم للماسونية العالمية ، والطواغيت الأصغر حجما والأقل شأنا ، وكلهم في سلة مهملات واحدة عند رب العالمين ، فالله يمهل ولا يهمل فأمهل الكافرين أمهلهم رويدا وأمثالهم الكثير الكثير من طواغيت أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية واستراليا الذين يصولون ويجولون في البلاد ضد عباد الله المتقين ، فيرمون أبناء الأمة الإسلامية بكل ما هو بذئ وسافل كما هم ، ويرمون القرآن المجيد بالرصاص ويدوسون على كلام الله المقدس هنا أو هناك في هذا السجن أو ذاك أو هذه الزنزانة أو تلك ، سواء في غوانتناموا في إحدى الجزر الكوبية المحتلة أمريكيا من طواغيت هذا الزمن أو في سجون سرية أو علنية تحت الأرض أو فوقها ، في مختلف قارات العالم ، أو يسبون الذات الإلهية ، هنا وهناك ، أو يأمرون الناس بالابتعاد عن دين الله القويم ، جهارا نهارا ، كما حدث ويحدث في عديد البلدان والدول ، مثال ذلك ما يحدث بالعراق الطيب أرض الرافدين ، والصومال وأفغانستان والسودان والشيشان وكشمير ومن قبل كل ذلك في فلسطين الأرض المقدسة ، فيقتل هؤلاء الطواغيت من أتباع الطاغوت الأعظم المسلمين الموحدين لله العزيز الحكيم ، ويقتلون الأبرياء ويأسرون ويحتجزون من أهل السلام والإسلام العظيم ، ونرى الكثير ممن اتبعوا خطوات الشيطان الرجيم يوالونهم ويبجلونهم ويحترمونهم أيما احترام خوفا ورهبا وطمعا بما لديهم من فتات الدنيا الفانية ، وينسون أن لديهم يوما عظيما هو يوم الدين ، يوم الحساب العظيم ، الذي لا ريب فيه آت لا محالة ولو بعد حين .
ولا بد للطاغوت الأكبر والطواغيت الأصغر فالأصغر في العالم أجمع ، من أخذ العبر والعظات من الأقوام الخالية الباغية الظالمة فعذبهم الله عذابا أليما شديدا ، يقول الله ذي الطول الشديد العقاب : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)}( القرآن الحكيم ، الفجر ) .
ولوضع حد لتدخلات الطاغوت الأكبر وطواغيته الصغار ، الدجالين الأفاكين الأثيمين ، من الإنس والجن على السواء ، أمر الله العزيز الحكيم المؤمنين بمقاتلة أولياء الطاغوت الأكبر في كل زمان ومكان لئلا يكون لهم هيمنة وسيطرة وابلغنا البارئ قاهر العباد أجمعين ، أن كيد الشيطان كان ضعيفا ، فما بال المؤمنين لا يقاتلون بالسيف والكلمة والقلب في ثالوث إسلامي مقدس ، هذه الزمرة من الطواغيت والعفاريت السفهاء غير الأجلاء ، العصاة المتمردين على طاعة الله العزيز الوهاب ، فطالما ابتعد المؤمنون عن مقاتلتهم بكل ما أوتوا من قوة ، برا وبحرا وجوا ، فلن يكون للمؤمنين عزة وكرامة عامة وخاصة ونخوة ونصر وفوز كبير وفتح مبين . وقد وعد الله الفئة المؤمنة الصابرة بالنصر والفوز المبين في الدنيا والآخرة ولكن المطلوب فقط هو مقاتلة أولياء الشيطان ، فمكرهم ضعيف ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سلطانا مبينا طالما هم متمسكين بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، وهي تعاليم الرسالة الإسلامية العظيمة .
وأخيرا ، وختامها مسك ، نقول كما يقول الله جل شأنه : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)}( القرآن المجيد ، الكافرون ) .
والله ولي التوفيق للمؤمنين المتقين المصطفين الأخيار . نترككم في أمان الله ورعايته . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الثلاثاء، 15 يوليو 2008

وسام عالمي للرئيس السوداني عمر البشير حفظه الله


وسام عالمي للرئيس السوداني عمر البشير حفظه الله
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة


يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8)}( القرآن المجيد ، الحجرات ) .
تعرض البلد العربي الأفريقي ذو المساحة الجغرافية الواسعة والتعددية السياسية والعرقية المعروف بالسودان الشقيق لمحاولات عدة لتمزيقه إربا إربا في جميع الجهات الأربع ، الشمال والجنوب والشرق والغرب ، وكل المحاولات الاستعمارية والحمد لله رب العالمين باءت بالفشل حتى الآن ، فقد منح الجنوب حكما ذاتيا ، عام 1969 ثم شارك في الحكم في نواب الرئيس السوداني والوزارة وما أن انتهى السودان من لم شعثه في الجنوب حتى طفت على السطح ظاهرة تمرد أخرى ، في غربي البلاد فيما يعرف بإقليم دارفور ، وهذه الظاهرة كسابقاتها في الجنوب تتلقى الدعم العسكري والمالي والسياسي من الاستعمار المعاصر وخاصة إمبراطورية الشر الأمريكية وربيبتها ابنة صهيون التي تحتل فلسطين وتقيم كيانا يهوديا عنصريا على أرض فلسطين أرض العرب والمسلمين أجمعين . وقد توسط الاتحاد الأفريقي في الحرب الدائرة رحاها بدعم غربي لافت للنظر لحل الأزمة وحل جزءا كبيرا منها ، ولكن الولايات الشريرة الأمريكية وأعوانها الظلمة تصر على تمزيق السودان الذي تبلغ مساحة مليون ونصف مليون ميل مربع أو ما يعادل 504ر2 مليون كم2 ، ويقطنه أكثر من 42 مليون نسمة . ويتألف السودان من 16 ولاية محلية تتمتع بحكم ذاتي ، ولكل ولاية حكومة مصغرة تدير شؤونها ، ذات تعددية سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية حسب طبيعة السكان في الولاية المعنية . وكلما حلت عقدة من عقد السودان يتم تعقيد عقد عدة مقابلها لا لشيء إلا لأن السودان العربي المسلم الأفريقي الشقيق أكبر دولة أفريقية مساحة ، مستهدف الآن أكثر من أي وقت مضى لعدة أسباب وعوامل لعل من أبرزها :

أولا : السودان شكل رأس الحربة العربية المسلمة في أفريقيا أمام طموحات الغرب عامة والولايات الشريرة الأمريكية خاصة . ولا يلتزم السودان بتعليمات العم سام الظالم طاغوت العصر الراهن وأوامر السفير الأمريكي في الخرطوم كما هو حال العديد من الأنظمة الأفريقية والعربية والدول الأخرى التي تدعي الإسلام نظريا وتحاربه فعليا .
ثانيا : السودان بلد ذو عمق استراتيجي عسكري سياسي متعدد الوجوه في قارة أفريقيا ويتبنى النهج الإسلامي ولو أنه أصبح بلد الإسلام المعلق منذ عام 1998 بسبب التدخلات الخاريجة الإستعمارية المتعددة المشارب والأهواء وضرب المقاتلات الأمريكية لمصنع دواء الشفاء بدعاوى أنه يصنع أسلحة كيماوية ويأوي الشيخ أسامة بن لادن رئيس تنظيم القاعدة .
ثالثا : السودان بلد عربي مسلم مساحته واسعة جدا تبلغ نحو مليون ونصف مليون ميل مربع وهذا يعادل 504 ر 2 مليون كم2 ، ويتمتع بمناخ معتدل وجاف وصيفي وقاري واستوائي شامل ومتنوع يصلح للزراعة المتعددة في جميع فصول السنة لجميع المزروعات . ويعزز قيمته الزراعية مرور نهر النيل الكبير من أراضيه ، فهو صاحب الرافدين وهما النيل الأزرق والنيل الأبيض ، ويبدو أن هذين اللونين يغضبان زعماء المافيا اليهودية في فلسطين فهذين اللونين هما لونا العلم الصهيوني ، وبالتالي فإن النيلين الأزرق والأبيض يمحوان ألوان علم ابنة صهيون الاستعمارية المدللة أمريكيا . وبامتلاك السودان مياه دافقة من نهر النيل في جميع فصول السنة فإنه يمكن أن يكون سلة الغذاء العربي والإسلامي والأفريقي سواء بسواء في جميع فصول السنة الأربعة بأسعار رخيصة إذا أحسن استثمارها . وكذلك الحال بالنسبة لتربية الثروة الحيوانية الرخيصة الثمن ، والصناعة النامية لوجود المواد الخام الزراعية .
رابعا : السودان يمتلك الآن ثروة نفطية متزايدة يستطيع من خلالها الاكتفاء الذاتي بل والتصدير النفطي للخارج . وبالتالي فإن اللعاب الاستعماري الأمريكي والصهيوني والأوروبي يسيل عليه بصورة متزايدة .
خامسا : السودان له علاقات اقتصادية وعسكرية ونفطية وزراعية وطيدة بالصين ، وهذا يجعله في مرمى الاستهداف الأمريكي كونه منطقة صراع عالمية بين الدول الكبرى .
وفي يوم الاثنين 14 تموز 2008 ، زادت تبجحات الاستعمار الغربي بقيادة الأشرار في واشنطن وباريس وتل أبيب ، وشجعوا ما يسمى محكمة الجنايات الدولية ، وعلى الأصح أن تسمى محكمة المهازل العربدية التي تعربد على العرب والمسلمين فقط ، والحكومات والرؤساء الذين لا يسيرون في الفلك الأمريكي الفاسد والمفسد في الأرض ، فقد وجه المدعو لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف أو قبض بحق الرئيس البشير بدعوى تورطه في جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور مخالفا بذلك ابسط قواعد القانون الدولي التي تعطي الرئيس البشير حصانة سياسية دولية . وهذا الإدعاء الكيدي السياسي الكاذب ضد البشير يجعل أوكامبو أفاكا اثيما جديدا في الحلبة الدولية .
من هو الرئيس السوداني عمر البشير كما تصفه صحيفة الوطن السودانية :
-----------------
المشير عمر حسن أحمد البشير...كيف هي شخصية الرجل..؟؟!.وماهي إهتماماته... وكيف يسير برنامجه اليومي... منذ أَنْ يستيقظ، حتى النوم..؟؟!..إنَّ ملخص التوثيق حول شخصية الرئيس البشير، على النحو الآتي: له وِردٌ قرآني يومي عقب صلاة الفجر.يحفظ لوحاً من القرآن الكريم، كل أسبوع، عبر مجموعة، ويقومون بالتسميع لبعضهم البعض.على' وضوءٍ دائم.يصوم الإثنين والخميس بإنتظام.يتريّض ثلاث مرات في الأسبوع، ويلتزم تماماً بتعليمات مدربه، وهو برتبة مساعد.. مما.. جعله مستقراً في الصحة... لا يعاني من أمراض مزمنة.يشاهد بعض مباريات كرة القدم العالمية والمحلية...
================
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أصدر اتهاما رسميا للرئيس العربي المسلم الأفريقي عمر حسن البشير بدعاوى ارتكابه جرائم حرب وإبادة جماعية في منطقة إقليم دارفور السوداني الغربي ، زورا وبهتانا وتدخلا مرفوض وغير مقبول في الشؤون الداخلية للسودان ، وبذلك يصبح الرئيس عمر البشير رابع رئيس دولة تحاكمه الولايات الشريرة الأمريكية وهو على قمة الهرم الحاكم في بلاده . وهؤلاء الرؤساء الذين سبقوا الرئيس عمر البشير هم :
1. ملاحقة الرئيس العراقي صدام حسين : فقد لوحق امريكا الرئيس العراقي صدام حسين وشنق بعد محاكمة صورية هزيلة حاكمه فيها في بغداد بالمنطقة الخضراء الخاضعة للاحتلال الأمريكي وصدر حكم بإعدامه على يد قضاة أمريكيين بصورة خفية نطق بها قاض عراقي يحمل الجنسية الأمريكية ويوجه عن بعد من السفير الأمريكي في بغداد والعراق المحتلة منذ 9 نيسان 2003 .
2. ملاحقة رئيس سيراليون تشارلز تايلور في ايار 2003 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حينما كان رئيسا لبلاده بعد انتخابه رسميا في عام 1997 . ولا زال هذا الرئيس الأفريقي يحاكم في هذه المحكمة الصورية في لاهاي .
3. ملاحقة الرئيس التشادي حسين حبري الذي لجأ إلى عاصمة السنغال بعد الاطاحة به في كانون الأول عام 1990 ، ومحاكمته عن الفترة الرئاسية التي قاد بها زمام الحكم في بلاده بين الأعوام 1982 - 1990 . وقد اتهم حبري بالتواطؤ في تعذيب التشاديين ، حيث وجهت له مذكرة اعتقال عام 2000 ولكن السنغال رفض تلك المذكرة وكذلك يواجه حبرى ملاحقة قضائية من المحاكم البلجيكية الاستعمارية .
4. ملاحقة الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميلوسوفيتش حيث وجهت له محكمة الجزاء الدولية المختصة بيوغسلافيا في ايار 1999 تهم ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في كوسوفا ، وتوفي في زنانته في ظروف غامضة يعتقد أنهم قتلوه فيها .
==============
الأخ الرئيس عمر البشير حفظه الله ورعاه . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد ،
فإن مواقفكم الجهادية الإسلامية النبيلة ضد التدخل الصهيوني والأمريكي والأوروبي في أرض السودان الشقيق تجعل العربي والمسلم يرفع رأسه عاليا في مقاومة المستعمرين والفاسدين والمفسدين في العالم من أمثال جورج بوش الصغير وزبانتيه . فسيروا على بركة الله فعين الله العزيز الحكيم تحرسكم وترعاكم ولا تهتموا لمثل هذه التفاهات الاستعمارية التي تحاول تمزيق السودان إبقوا على الحق فأنتم كذلك . ولن ترضى عنك اليهود المغضوب عليهم ولا الصليبيين الجدد الضالين .
بقي في الخم ممعوط الذنب ، هكذا يقول المثل العربي ، لم يبقى على السودان الشقيق إلا محكمة الجنايات الدولية الأمريكية ، والأجدى تقديم طلب توقيف لجورج بوش الصغير على جرائمه وخطاياه الكبيرة في العراق الشقيق حيث تسبب بقتل 2 ر1 مليون عراقي وقتل مئات الآلاف في أفغانستان الجريحة ، وكذلك تقديم لائحة توقيف دولية لإيهود أولمرت وايهود باراك زعيمي العصابات الصهيونية في فلسطين التي تقتل الأبرياء باطلا واعتداء سياسيا . ويا ترى هل دور هذه المحكمة الجديدة تقديم قيادة العرب والمسلمين المناهضين للاستعمار والتدخل الخارجي في الشؤون العربية للمحاكمة ؟؟ تبا وسحقا لها من محكمة تكيل بمكاييل أميركية غربية غير متوازنة ، وتقلب الحقائق رأسا على عقب فالمدافع عن النفس شرعيا يوصف بالمجرم والمجرمين الحقيقيين يصولون ويلعبون في مقدرات العالم دون حسيب أو رقيب دنيوي يضع لهم حدا فوريا .

على أي حال ، إن الأولى بالتقديم للمحاكمة الدولية كلا من الدجال الكبير جورج بوش الصغير ، رئيس الولايات الشريرة في العالم ، ثم طوني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق وأيهود أولمرت رئيس الكيان العنصري الصهيوني في فلسطين وزعيم فرنسا ساركوزي وهم من زمرة كبار الأشرار في العالم والمحاكمة المطلوبة لهم بسبب استغلال الشعوب والأمم وطرد أهلها وتشريدهم منها دون وجه حق وقتل مئات آلاف المواطنين المسلمين في افغانستان والعراق والسودان وفلسطين والصومال وباكستان وغيرها .
وقد دعت جامعة الدول العربية لاجتماع طارئ يوم السبت المقبل لتدارس الوضع ، وأعلن السودان حكومة وشعبا وولايات الرفض التام لقرار استدعاء الرئيس البشير وإصدار أمر توقيف رسمي هزلي سخيف بحق رئيس عربي كبير خدم الأمتين العربية والإسلامية خدمات جليلة ويكفيه أنه أعلن الجهاد المقدس في سبيل الله ضد المتمردين الذين يتلقون أوامرهم والدعم المالي والعسكري من أشرار العالم كجورج بوش وساركوزي وصهاينة اليهود وغيرهم من زعماء الاستعمار العالمي المعاصر .
لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى يا خير أمة أخرجت للناس ، فالبشير هو من دعاة الوحدة لا الانقسام وقد بذل جهوده الحثيثة لإرساء دائم للسلم والأمن والسلام والاستقرار في ربوع السودان الكبير ، إلا أن المستعمرين يرفضون إلا أن يقسموا السودان إلى أربع دول جديدة وهذا الأمر الذي رفضه الشعب السوداني الأبي ، ورفضته الحكومة والرئاسة السودانية مهما كلف الأمر من جهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس ، ومن تضحيات وفداء جسام . وسؤال نطرحه على الجميع : لماذا يتدخل الأجانب بالشؤون السودانية الداخلية ؟ أما آن لهم أن يتركوا السودان العظيم وشأنه ، ولا يتدخلون به !! إن الأمر جلل ولا بد من وقفة جادة إزاء هذا الوضع المأساوي للأمة العربية المجيدة التي يراد لها أن تقدم القرابين تلو القرابين في سبيل إرضاء نهم وسادية المستعمرين ، ولكن خاب ظنهم ، فالسودان توحد تحت راية لا إله إلا الله ولن يصل مكرهم لقلب السودان ، ولن يضروا السودان إلا أذى وفرقعات إعلامية هنا وهناك فالشعب السوداني بالمرصاد لهؤلاء المتآمرين والمتخاذلين من الأفريقيين والمستعمرين الأوروبيين والأمريكيين .
وقد استنجدت السودان بعضوي مجلس الأمن الدولي وهما : الصين وروسيا لمنع إصدار قرار من مجلس الأمن لتوقيف الرئيس السوداني المنتخب من شعبه ، لأن كلا منهما تمتلك حق ما يسمى بالنقض أو الفتيو أو المعارضة لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ، لأن هذا لا يجوز بل هو مهزلة المهازل في عام 2008 والحبل على الجرار ؟؟ !
وتحية وسلام كبير ووسام شرف للمشير العربي المسلم عمر حسن البشير حفظه الله ورعاه من مكر وكيد الكائدين المستعمرين الجدد .
وكما جاء بكتاب الله المبين : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}( القرآن المجيد ، البقرة ) .
سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


نعم للبشير لا والف لا لأمريكيا

الاثنين، 14 يوليو 2008

الذكرى الثانية للحرب السادسة 12 / 7 / 2006 - 2008

الذكرى الثانية للحرب السادسة

12 / 7 / 2006 - 2008

د. كمال علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)}( القرآن المجيد ، التوبة ) . وجاء في صحيح البخاري - (ج 10 / ص 124) إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا قَالَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ . ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ ) .
اندلعت حرب 12 تموز 2006 بين قوات جيش الاحتلال الصهيوني ومقاتلي حزب الله ( المقاومة الإسلامية في لبنان ، وهي الجناح العسكري لحزب الله ) بعد هجوم قوات المقاومة الإسلامية اللبنانية على مواقع للجيش الإسرائيلي بالقرب من الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة فقتلوا ثمانية جنود يهود وأسروا جنديين آخرين صباح 12 تموز 2006 . فعلى إثر ذلك إتخذت الحكومة الإسرائيلية هذه الحادثة ذريعة لشن هجوم شامل عبارة عن عدوان عسكري واسع على لبنان امتد من الجنوب اللبناني إلى العاصمة بيروت والبقاع اللبناني شرقا ومواقع أخرى شمالا . وكانت الطائرات الحربية اليهودية تشن غارات هجومية يومية تدك خلالها البنايات والمؤسسات المدنية اللبنانية بدعوى تدمير مقدرات حزب الله ، فدمرت آلاف البيوت للمواطنين اللبنانيين وتشرد مئات الآلاف منهم هربا من التدمير الجوي لبيوتهم دون سابق إنذار . وقد أطلق على هذه المعركة عدة أسماء منها : ( معركة الكاتيوشا ) ، و( الحرب الإسرائيلية – اللبنانية الثانية ) ، و( حرب لبنان الثانية ) ، و( الحرب العربية – الإسرائيلية السادسة ) . وساد التعارف عليها بأنها الحرب السادسة كونها جاءت رقم 6 ضمن المعارك التي شنتها قوات الكيان الصهيوني على العرب فكانت الحرب الأولى حرب فلسطين الكبرى عام 1948 ، والحرب الثانية عام 1956 ضد مصر ( سيناء وقطاع غزة ) والحرب الثالثة حرب حزيران عام 1967 ضد مصر وسوريا والأردن ، والحرب الرابعة عام 1973 على الجبهات المصرية والسورية ، والحرب الخامسة عام 1982 ضد قوات الثورة الفلسطينية والقوات الوطنية اللبنانية ، ثم جاءت الحرب السادسة 2006 ضد حزب الله اللبناني بصورة شاملة .
أ) أسباب حرب لبنان 2006
أولا: الأهداف الصهيونية

هناك العديد من الأسباب السياسية والعسكرية والنفسية ، الكامنة والعلنية التي هدفت الحكومة الإسرائيلية إلى تحقيقها عبر شن العدوان العسكري المكثف على أرض لبنان من أهمها :
1. إنزال ضربة قاصمة بحزب الله اللبناني وتفكيك بنيته العامة الصلبة والمقاومة الإسلامية في لبنان ، شمالي فلسطين المحتلة التي تشكل خطرا استرتيجيا على المستعمرات اليهودية في فلسطين المحتلة . ورشحت معلومات أولية عن الإعداد الإسرائيلي – الأمريكي المسبق لتدمير قوات ووجود حزب الله سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وإعلاميا في لبنان قبل معركة تموز 2006 . وكانت هذه المعلومات تفيد بأن الجيش الإسرائيلي سيشن حربا على لبنان لاستهداف حزب الله بصورة شاملة في تشرين الأول 2006 ، إلا أن عملية ( الوعد الصادق ) قربت هذا الموعد لتكون تموزية .
2. استرجاع هيبة الجيش الإسرائيلي : وذلك بعد مقتل ثمانية جنود يهود وخطف جنديين إسرائيليين كأسرى حرب أسرهما مقاتلو حزب الله أثناء عملية 12 تموز 2006 . والعمل على إبقاء صورة أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر في أذهان العرب والانتقام لطرد قوات الاحتلال الإسرائيلي المهين من لبنان ، في 23 أيار 2000 .
3. إشعال الفتنة الطائفية في لبنان بين مختلف الطوائف المسيحية والإسلامية .
4. التمهيد الاستعماري الصهيوني الأمريكي لشن هجوم واسع على إيران . فوجود حزب الله المجاهد يقلل من فعالية نجاح الهجوم العسكري اليهودي – الأمريكي على إيران ، ويجعل الأهداف العسكرية والاقتصادية الصهيونيةعلى مرمى صواريخ المقاومة اللبنانية .
5. تنفيذ المشروع الاستعماري الأمريكي الجديد المعروف بالشرق الأوسط الجديد ، لتقسيم المنطقة العربية والإسلامية في قارتي آسيا وأفريقيا إلى دويلات طائفية ومذهبية جديدة حسب المخطط الأمريكي – الإسرائيلي لضمان سيطرة الولايات المتحدة على منابع النفط العربية والإسلامية في المنطقة . ولهذا وجدنا دعما أمريكا للحكومة الإسرائيلية في كافة المجالات العسكرية والسياسية ، تمثلت بفتح جسر جوي أمريكي لتزويد الجيش الصهيوني بالمعدات العسكرية من ذخائر وقذائف ومعدات ثقيلة ومتوسطة لاستخدامها في الحرب المعلنة على لبنان .
6. تصدير الأزمة الداخلية الإسرائيلية للخارج .
7. الانتقام من المقاومة العربية والإسلامية وردعها من مغبة التعرض للجيش الإسرائيلي .
8. تجريب أسلحة صهيونية وأمريكية متطورة في حرب جديدة لتسويق هذه الأنواع من الأسلحة من القذائف والدبابات والطائرات وغيرها ، فكانت الساحة اللبنانية هي المرشحة لهذا الغرض .
وقد حققت الحرب الصهيونية على لبنان بعض أهدافها إلا أن المجمل العام تمثل بفشل عسكري إسرائيلي ذريع ، فلم تقض الحرب على حزب الله ولم يسترجع الجيش الإسرائيلي الجنديين المخطوفين ، ولم تتمكن من إشعال فتنة طائفية بل على العكس من ذلك تماسكت الوحدة الوطنية اللبنانية أثناء الحرب ، وبذلك أصبح حزب الله هو مالك قرار الحرب والسلم في لبنان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر . وكذلك فرض حزب الله استراتيجيته العسكرية في البقاء على الخطوط الأمامية وفي مبدأ الردع العسكري وتوازن الرعب عبر إطلاق آلاف الصواريخ على المستوطنات اليهودية .

ثانيا: أهداف المقاومة الإسلامية اللبنانية

شنت قوات حزب الله عملية ( الوعد الصادق ) بالهجوم على قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية لتحقيق عدة أهداف سياسية وعسكرية ونفسية ، محليا وعربيا وإسلاميا وعالميا ، من أهمها الآتي :
1. استرجاع مزارع شبعا اللبنانية المحتلة من قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967 .
2. الإفراج عن الأسرى اللبنانيين وأسرى فلسطينيين وعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي كان أتفق على إطلاق سراحهم في عملية تبادل الأسرى بين حزب الله والحكومة الإسرائيلية بوساطة ألمانية ، مطلع عام 2004 ، ونكثت الحكومة الإسرائيلية بوعودها فلم تفرج عن الأسير سمير القنطار ورفاقه .
3. تخفيف الضغط العسكري والسياسي على الجبهة الفلسطينية التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على شعب فلسطين في قطاع غزة والضفة الغربية ، خاصة بعد عملية ( الوهم المتبدد ) التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 25 حزيران وقتلت خلالها جنود إسرائيليين وخطفت جندي آخر ، وتزايد الهجوم العسكري الشامل على قطاع غزة .
4. خلط الأوراق إقليميا في أعقاب الضغط الأمريكي والغربي المتصاعد على العرب والمسلمين والملف النووي الإيراني .
ب) مجريات الحرب الصهيونية المفتوحة
على لبنان 2006

بدأت الحرب العسكرية الصهيونية المفتوحة بأجنحتها الثلاثة الجوية والبحرية والبرية ، على لبنان ظهر 12 تموز 2006 ، بذريعة استرجاع الجنديين اليهوديين الذين اختطفهما مقاتلو حزب الله ، والانتقام لمقتل الجنود اليهود الثمانية في المعركة العسكرية بين قوات حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي صباح ذلك اليوم . فقد ردت قوات الاحتلال الإسرائيلي بطلعات جوية مخترقة جدار الصوت ، وألقت حممها على المواطنين والمباني اللبنانية في مختلف المواقع في المدن اللبنانية ، كما نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية طلعات جوية فوق مدينة اللاذقية السورية بدعوى توجيه رسالة عسكرية عاجلة للرئيس السوري بشار الأسد للضغط على حزب الله وردعه والحيلولة دون توجيه ضرباته لقوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنات الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة . ثم انضمت القوات البرية والبحرية الإسرائيلية للغزوة الصهيونية الجديدة على لبنان . وتركزت عمليات القصف الجوي والمدفعي والبحري الإسرائيلي المكثف على القرى والمدن اللبنانية وعلى المدنيين خاصة إضافة إلى استهداف مواقع للجيش اللبناني . وكانت هذه الحرب بمثابة حرب استعمارية على لبنان عموما وحزب الله خاصة اشتركت وخططت لها وشاركت بتنفيذها كليا أو جزئيا كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا ونفذتها الحكومة الإسرائيلية باعتبارها شرطي المنطقة الأمريكي .
على أي حال ، استدعت الحكومة الإسرائيلية قوات الاحتياط على مراحل ، وبلغ عدد الجنود اليهود المشاركين في الحملة العسكرية المكثفة على لبنان أكثر من 40 ألف جندي إسرائيلي ، إضافة إلى مئات الدبابات والبوارج والزوارق الحربية ومئات الطائرات الحربية استعملت بالقصف الجوي العنيف وإنزال الجنود وغير ذلك . وركزت قصفها الشديد على ما أطلق عليه ( المربع الأمني ) وهو الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت التي تضم مقرات ومؤسسات حزب الله . ويمكن القول ، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية نفذت سياسة إبادة جغرافية شبه شاملة للمباني اللبنانية خاصة لضاحية بيروت الجنوبية ، ودمرت نسبة 90 % من مباني بعض القرى اللبنانية الحدودية في الجنوب . وحسب الإحصاءات العسكرية الإسرائيلية بلغ عدد الغارات الجوية على لبنان سبعة آلاف غارة جوية على أهداف مدنية واقتصادية وعسكرية وبلغ عدد قذائف البحرية الإسرائيلية باتجاه اللبنانيين نحو 2500 قذيفة بواقع 800 ساعة إبحار ، وأسقطت الطائرات الحربية الإسرائيلية نحو 5 ر1 مليون قنبلة عنقودية على لبنان ، حسب ما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية ، منها نحو مليون قنبلة عنقودية لم تنفجر ، وهاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مناطق إسلامية ومسيحية أيضا . وهذا الاستهلاك الصهيوني الكبير للذخائر والأسلحة أدى إلى تنشيط الصناعات العسكرية الإسرائيلية لتلبية احتياجات التدمير اليهودية الوحشية فعملت خطوط الإنتاج الصناعي العسكري اليهودي 24 ساعة يوميا طيلة فترة الحرب لإنتاج القنابل والذخيرة ونقلها مباشرة إلى الطائرات والدبابات والبوارج والجنود .
وعلى الجانب الآخر ، قدرت قوات حزب الله المشاركة في القتال الإجمالية بنحو سبعة آلاف مقاتل ، منهم ألف وخمسمائة مقاتل جنوب نهر الليطاني . وقد استخدم مقاتلو المقاومة الإسلامية صواريخ الكاتيوشا والصواريخ المضادة للدبابات ذات المدى القصير والمتوسط ، فبلغ عدد الصواريخ التي انهمرت على المستوطنات اليهودية في شمال فلسطين المحتلة نحو 4000 صاروخ سقط أكثر من 500 صاروخ منها على مستوطنة كريات شمونة الشمالية في منطقة الجليل الفلسطيني القريبة من الحدود اللبنانية . والحق هؤلاء المقاتلون خسائر جسيمة بالقوات اليهودية الغازية في العدة والعتاد والأرواح ، إلى درجة أن استنكف عشرات الجنود الإسرائيليين عن المشاركة في المعركة بعد استدعائهم للمشاركة في القتال بسبب شراسة المقاومة التي أبداها مقاتلو المقاومة الإسلامية اللبنانية . وحسب الإحصاءات العسكرية الإسرائيلية فإن الجيش الصهيوني ألقى نحو 150 ألف طن متفجرات على لبنان بما يزيد عن ما استخدمه في جميع الحروب التي خاضها ضد العرب والفلسطينيين ما بين 1948 - 2006 . ومن جانبه اتبع حزب الله طريقة حرب العصابات ( اضرب واهرب ) و ( الكر والفر ) ضمن سياسة دفاعية فعالة لرد هجوم الجيش الإسرائيلي .
ويمكن القول ، إن الحكومة الصهيونية استخدمت شتى أنواع الحرب المادية : طائرات وأسلحة وقذائف وقنابل ذكية ، والحرب النفسية ( حرب مناشير وطلب مغادرة اللبنانيين لبيوتهم ) وفرض حظر تجول على جنوب لبنان والتهديدات الهاتفية المتنقلة والثابتة فإن المقاومة صمدت وتحدت القوة الإسرائيلية وألحقت بها خسائر مادية وبشرية جسيمة أيضا .

ج) قرار مجلس الأمن الدولي رقم ( 1701 )

طرح موضوع وقف إطلاق النار في الحرب المفتوحة على لبنان في مؤتمر دولي في روما في 26 تموز 2006 حيث تعهد المؤتمرون بالعمل على وقف عاجل وليس فوري لإطلاق النيران مع ضرورة إرسال قوة دولية لحفظ ما يسمى بالسلام في لبنان ، وطرح فؤاد السنيورة رئيس الحكومة اللبنانية النقاط السبع للخروج من الحرب .
وكان من نتائج حرب لبنان 2006 ، في المجالات السياسية والدبلوماسية ، تبنى مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الأمريكي – الفرنسي لوقف إطلاق النار في لبنان ، فصدر القرار رقم 1701 بإجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي أل 15 عضوا ، في 11 آب 2006 ، داعيا الفريقين المتحاربين لوقف القتال حالا ، إلا أن الحكومة اليهودية ماطلت في تنفيذ القرار ، ووافقت عليه الحكومة اللبنانية ، والتزمت به المقاومة الإسلامية ، ولكن الحكومة الإسرائيلية التزمت به لاحقا عند الساعة الثامنة صباح يوم الاثنين 14 آب 2006 بعد أن ارتكبت مجزرة كبيرة في البقاع ذهب ضحيتها عدد من المدنيين اللبنانيين . وبوقف إطلاق النار تكون هذه الحرب التي فرضت على لبنان واستمرت 34 يوما لم يستطع الجيش الإسرائيلي فيها إحراز النصر على مقاتلي حزب الله بل نجم عنها تراجع واضح في قدرات الجيش الإسرائيلي والمهاجرين اليهود لفلسطين المحتلة سياسيا واقتصاديا فشكلت هذه الحرب حلقة من حلقات التراجع اليهودي- الصهيوني – الإسرائيلي العام وبداية الفشل للمشروع الصهيوني في فلسطين الكبرى وبذلك ذهب عصر الانتصارات الإسرائيلية الساحقة . وقال عسكريون يهود كبار بأن الجيش الإسرائيلي هزم لأول مره في تاريخه .
على أي حال ، رغم ولادته القيصرية الصعبة ، بعد مفاوضات عسيرة ، بين الأطراف والأقطاب الدولية والإقليمية والمحلية ، تضمن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 ، عدة بنود من أهمها : وقف إطلاق النار بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي بصورة شاملة ، والمطالبة بإطلاق سراح الجنديين اليهوديين الذين اختطفهما حزب الله دون شروط ، إلا أنه حفظ للجانب الإسرائيلي بما سماه بحق أي دولة ( إسرائيل ) بالرد العسكري بدعوى حماية نفسها وأراضيها . وقرر تعزيز القوة الدولية الموجودة في لبنان ليصل عددها من ألفي جندي إلى خمسة عشر ألف جندي دولي ( قوات اليونيفيل – قوات الطوارئ الدولية لحفظ السلام في لبنان ) فكانت بمثابة وصاية دولية على البلاد كاستعمار جديد لتطويق المشرق العربي وإحكام الطوق على الأمة الإسلامية من أفغانستان إلى العراق والسودان وفلسطين ولبنان ، وتقييد عملية دخول الأسلحة للمقاومة اللبنانية . وقد حاز هذا القرار على إجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين والمؤقتين . وقد تشاورت عشرات دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا والحكومة الإسرائيلية للمساهمة في القوة الدولية المتعددة الجنسيات بجنوب لبنان ، لإرسال نحو 15 ألف جندي ، إضافة لنشر الجيش اللبناني لنحو 15 ألف جندي . فضمت هذه القوات مشاركة عدة دول كل حسب ما يرتأيه مناسبا لدوره ومصالحه .

د) نتائج حرب لبنان 2006
1) على الصعيد اللبناني :

استطاع الشعب العربي اللبناني الصمود في وجه الحملة العسكرية الصهيونية ، واستطاع مقاتلو المقاومة الإسلامية التابعين لحزب الله إلحاق الأذى بقوات الاحتلال ، إلا أن الطائرات الحربية التي استخدمت بكثافة تمكنت من إلحاق خسائر بشرية فادحة وخسائر اقتصادية ومدنية جسيمة جراء القصف الشديد بأسلحة ثقيلة من القذائف والذخائر فسقط مئات اللبنانيين بين شهيد وجريح من الأطفال والنساء والكبار في السن .

أ) الخسائر العامة

أولا : الخسائر البشرية : تمثلت بعدة نواح وهي : الشهداء : استشهد نحو 1140 لبنانيا معظمهم من المدنيين . فقد استشهد المئات من هؤلاء الشهداء في مجازر جماعية . وأفاد حزب الله أن عدد شهدائه العسكريين بلغ نحو 80 شهيدا ، وعدد شهداء الجيش اللبناني الذي لم يتدخل في الحرب بلغ 35 جنديا وشرطيا إضافة إلى 5 قتلى من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة . وهذا يدلل على أن السواد الأعظم من الشهداء هم مدنيون . وبلغ عدد الجرحى نحو 3700 جريح لبناني . وبرزت الهجرة الداخلية والخارجية : تشرد بفعل القصف الجوي المركز والقصف البحري والبري الإسرائيلي نحو مليون لبناني اضطروا لترك بيوتهم والنزوح باتجاه الشمال وصلوا لبيروت والبقاع وحتى أن بعض القوافل البشرية النازحة ذهبت كقوافل لاجئة إلى سوريا حيث بلغ عدد اللاجئين اللبنانيين لسورية نحو 200 ألف لبناني عادوا بعد أن وضعت الحرب أوزارها . ولم تنجم هذه الخسائر البشرية بمختلف أشكالها عن الحرب بشكل مباشر وإنما تبع ذلك خسائر بشرية بعد الحرب حيث تبين أن قوات العدوان الإسرائيلي ألقت أكثر من مليون قنبلة عنقودية لم تنفجر ألقيت في البيوت والشوارع والبساتين والمتنزهات والجبال والسهول اللبنانية ، الأمر الذي احتاج لفترة طويلة لنزع هذه الألغام الصغيرة والكبيرة .
وغني عن القول ، إن مئات الفلسطينيين تشردوا باتجاه الشمال أيضا وخاصة من المناطق الجنوبية ، واستشهد وجرح العشرات من الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية مثل مخيم عين الحلوة وغيره .
ثانيا : الخسائر الاقتصادية : شملت الخسائر الاقتصادية كافة أجنحة الاقتصاد اللبناني من صناعة وزراعة وتجارة وسياحة وخدمات . وشملت الخسائر البنية التحتية شبكات مياه وكهرباء وشوارع وجسور ومباني ومدرجات مطار بيروت وموانئ بيروت وجونية وطرابلس .وقدرت بعض المصادر قيمة الخسائر الاقتصادية بنحو 5 ر5 مليار دولار أمريكي ، وهذا يساوي 26 % من الناتج الإجمالي المحلي . وبعد الحرب عمل حزب الله على دفع تعويضات مالية ( 12 ألف دولار ) قيمة استئجار بيت لمدة سنة وشراء أثاث جديد لكل متضرر هدم بيته من اللبنانيين ، إضافة إلى قيام الحكومة بالإشراف على شؤون التعمير وإصلاح البنية التحتية في البلاد . وبالنسبة للإنتاج العام : نجم عن تراجع الإنتاج الكلي والدخل العام من ضرائب القيمة المضافة . وفيما يتعلق بالبورصة والعملة اللبنانية : أغلقت البورصة طيلة فترة الحرب ، فانخفضت أسعار البورصة بما يعادل 14 % ، وأنفق مصرف لبنان ( البنك المركزي ) أكثر من مليار دولار من احتياطياته لدعم صمود الليرة اللبنانية . وكذلك تبدد الموسم السياحي وتوقف العمل . وقد ساهمت هذه الحرب في رفع حجم الدين اللبناني العام . وساهم الحصار البري والجوي والبحري الذي فرضته قوات الاحتلال على لبنان من تأزيم الوضع الاقتصادي العام في لبنان من ارتفاع الأسعار وزيادة حدة البطالة وزيادة الضغوط على الليرة اللبنانية ، إضافة إلى هجرة الأيدي العاملة العربية والأجنبية .
ثالثا : تلوث البيئة : تسرب نحو 15 ألف طن زيت وقود ثقيل إلى الشواطئ اللبنانية بعد قصف الطائرات الإسرائيلية محطة كهرباء جنوبي بيروت ( محطة الجيه ) حيث سببت أزمة بيئة عارمة قدرت كلفة تنظيفها بنحو مائة مليون دولار .




ب) المكاسب العامة

على صعيد الإنجازات العسكرية والسياسية اللبنانية والعربية والإسلامية فقد أدت هذه الحرب إلى :
1. صمود وثبات المقاومة الإسلامية مع ما نجم عن ذلك من تصاعد لشعبية حزب الله وقيادته . فأصبحت منظمة حزب الله قوية وذات نفوذ أكبر على صعيد الجبهة الداخلية اللبنانية كونها منظمة سياسية – عسكرية – اجتماعية – اقتصادية معترف بها رسميا من الحكومة اللبنانية وشعبيا أكثر مما سبق . وقد وصف مجاهدو حزب الله بأنهم : أفضل مقاتلو حرب عصابات في العالم .
2. نجاح حزب الله في تغيير صورة الهزائم العربية أمام الجيش الإسرائيلي وإبراز هزيمة الجيش الإسرائيلي المدعوم أمريكيا ، وتقليل هيبة قوة الردع الإسرائيلية للعرب ، أمة وحكومات .
3. هز صورة القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية أمام الرأي العام الإسرائيلي . فقد انخفضت شعبية أيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي ، وشعبية عمير بيرتس وزير الجيش الإسرائيلي إلى الحضيض لم يسبق أن وصلت لها شعبية رئيس وزراء ووزير جيش لهذا الحد المتدني وتزايدت عملية المناداة بإقالة دان حالوتس رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ، إضافة إلى تغيير في القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي أثناء المعركة . وقد أدت الحرب في لبنان لإحداث زلزال سياسي في المجتمع الإسرائيلي فظهرت دعوات حادة تنادي باستقالة الحكومة الإسرائيلية وخاصة رئيس الوزراء ووزير الحرب ووزيرة الخارجية وقيادة الجيش الإسرائيلي ، وفتح تحقيق حول الحرب . وهذا ما تم حيث شكلت لجنة فينوغراد لهذه المهمة .
4. تخفيف الضغط العسكري والسياسي عن الجبهة الفلسطينية في صراع شعب فلسطين مع الاحتلال الإسرائيلي . فقد كانت قوات الاحتلال تعد لشن هجوم واسع على قطاع غزة فعدلت عن ذلك إلا أنه رغم هذا فقد قضى أثناء الحرب على لبنان نحو 200 شهيد فلسطيني عدا عن عشرات الجرحى .
5. إدخال الرعب والتوتر في نفسية اليهود في البلاد فكلما دوت صفارات الإنذار سادت حالة رعب وهلع كبير بين المستوطنين اليهود في شمال فلسطين المحتلة فيسارعون للملاجئ ( المخابئ الخرسانية الواقية من القنابل والصواريخ ) .
6. دخول لاعبين جدد على ساحة السلام في المنطقة مثل دخول سورية إلى اللعبة السياسية بعدما استبعدت على مسار السلام السوري – الإسرائيلي . وكذلك تأجيل أو تأخير أو حتى استبعاد الهجوم على إيران وسوريا لتغيير النظام السياسي في كل منهما بالقوة الأمريكية .
7. بداية الهز العنيف للنفوذ الأمريكي في المنطقة العربية ، وبداية تغير النظرة الأمريكية لقوة الجيش الإسرائيلي المزود بالأسلحة والمعدات الأمريكية الأكثر تطورا في العالم ، لفشله في تحقيق الأهداف الإسرائيلية – الأمريكية لبناء ( الشرق الأوسط الجديد ) .

2) على الصعيد الصهيوني

لم تستطع الحكومة الإسرائيلية تحقيق أهدافها من شن الحملة العسكرية الشاملة على لبنان من أقصاه إلى أقصاه وخاصة القصف الجوي المركز ، فقد مني الجيش الإسرائيلي بالخيبة والفشل ولم يتمكن من السيطرة على مناطق في جنوب لبنان حيث تكبد خسائر بشرية وعسكرية واقتصادية فادحة . وفيما يلي أبرز هذه الخسائر :


أولا : الخسائر البشرية : تمثلت بالقتلى والجرحى والخوف والهلع العام والمكوث في الملاجئ والهجرة الداخلية على النحو الآتي : تكبد الجيش الإسرائيلي خسارة بشرية كبيرة إذ قتل 160 إسرائيليا منهم 119 جنديا ، كما جرح نحو 750 جنديا إسرائيليا أثناء المعارك الطاحنة كما أصيب نحو ألف يهودي بجروح مختلفة وأصيب بالهلع مئات الإسرائيليين فأدخلوا إلى المصحات العقلية اليهودية . وظهرت ظاهرة المبيت في الملاجئ : اضطر نحو مليون ونصف مليون إسرائيلي أن يناموا طيلة شهر تقريبا في الملاجئ الخاصة والعامة جراء القصف الصاروخي من قوات حزب الله باتجاه المستوطنات اليهودية التي امتد مداها لنحو 70 كم جنوبي الحدود اللبنانية . والهجرة اليهودية باتجاه الجنوب : اضطرت عشرات الآلاف من العائلات اليهودية المقيمة في المستوطنات اليهودية الشمالية للنزوح جنوبا باتجاه تل أبيب والنقب والعقبة خوفا من صواريخ المقاومة الإسلامية اللبنانية التي أصابت عشرات المستوطنات إذ وصلت إلى حيفا وبيسان والخضيرة وغيرها . والأمثلة كثيرة في هذا المجال ، نذكر منها ، إجلاء الحكومة الإسرائيلية جميع سكان مستوطنة كريات شمونة اليهودية ( وهي مستوطنة إسرائيلية أقيمت على أرض قرية الخالصة الفلسطينية شمال فلسطين ) البالغ عددهم نحو 30 ألف يهودي باتجاه الجنوب عبر قوافل من الباصات والشاحنات لتجنبيهم صليات صواريخ الكاتيوشا المنطلقة من مقاتلي حزب الله . وبلغ عدد السكان اليهود النازحين باتجاه وسط وجنوب فلسطين نحو 350 ألف نازح .
ثانيا : الفشل العسكري العام :
فشلت قوات الاحتلال الصهيوني في العملية العسكرية التي أطلقت عليها ( تغيير الاتجاه ) باحتلال مساحة واسعة من الأراضي اللبنانية عبر الغزو البري ، فقد تكبدت خسائر كبيرة في الدبابات والأسلحة الثقيلة نتيجة تصدي قوات حزب الله لتقدم وحدات الجيش الإسرائيلي . كما أن تم هزيمة نفسية الجنود الإسرائيليين ، عبر قتل العشرات من الوحدات الخاصة اليهودية من المظليين ولواء غولاني . وهذا الفشل الإسرائيلي أدى إلى لجوء الولايات المتحدة لإصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي قرر إرسال 15 ألف جندي أممي من الأمم المتحدة على الحدود اللبنانية – الفلسطينية كقوات طوارئ دولية . ونتيجة لهذا الفشل العسكري تصاعدت الدعوات الإسرائيلية للاستعداد للجولة المقبلة من الحرب مع حزب الله .
وعلى الجانب المادي ، تكبدت الآلة العسكرية الإسرائيلية خسائر فادحة في العتاد والمعدات . فقد دمرت المقاومة الإسلامية اللبنانية عدة طائرات حربية ومناطيد تجسس في سماء لبنان ، كما دمرت ثلاث بوارج حربية إسرائيلية في عرض البحر . إضافة إلى تدمير مواقع عسكرية متقدمة للجيش الإسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة وتحطيم وتدمير عشرات الآليات العسكرية كالدبابات والمصفحات والجيبات المصفحة .
ثالثا : الخسائر الاقتصادية :
نجم عن الحرب في صيف 2006 ، خسائر باهظة للاقتصاد الصهيوني جراء إصابة عشرات المصانع والشركات وميناء حيفا بإصابات مباشرة أو نتيجة توقف هذه المنشآت الاقتصادية عن العمل . وقد قدرت هذه الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية بأكثر من ملياري دولار أمريكي . وتنقسم الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية إلى عدة مجالات هي :
1. قلة الإنتاج الصناعي والزراعي ( المصانع والشركات والموانئ ) : حيث قدرت خسائر المنشآت الاقتصادية بعشرات ملايين الدولارات .
2. هدم البيوت : هدمت صواريخ حزب الله اللبناني خلال فترة الحرب نحو 13 ألف منزل في المستوطنات اليهودية في شمال ووسط البلاد .
3. التضرر السياحي : تضررت الفنادق والحجوزات السياحية في المناطق الأثرية والمائية مثل إلغاء حجز الفنادق في طبرية وحيفا وعكا والمناطق الساحلية الأخرى . وهذا كبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر مالية باهظة .
4. الممتلكات الأخرى : تحطمت نحو مليون سيارة إسرائيلية جراء قصف المقاومة الإسلامية للمستوطنات اليهودية وحرقت نحو 2 ر1 مليون شجرة .
5. نهب البيوت اليهودية التي أخلاها سكانها أثناء القصف الصاروخي على المستوطنات اليهودية من عصابات يهودية متخصصة .
رابعا : رسالة سياسية : وجهت الصواريخ التي أطلقها حزب الله باتجاه المستوطنات اليهودية في فلسطين المحتلة رسالة سياسية تحذيرية عاجلة للحكومة الإسرائيلية واليهود عموما هزت الكيان السياسي – العسكري – الاقتصادي من مغبة شن إسرائيل أو الولايات المتحدة هجوما جويا على إيران بذريعة قيام إيران بتخصيب اليورانيوم في المفاعل النووي الإيراني .
وقد تسببت هذه الحرب ببداية العد العكسي المتدهور في المشروع الصهيوني لما يسمى إسرائيل الكبرى ، فلأول مرة تقصف فيها مستوطنات يهودية بهذه الصورة العنيفة من لبنان منذ إنشاء الكيان الصهيوني قبل 58 عاما ، فقد قصفت معظم المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا ذات المدى القصير والمتوسط والطويل لتصل إلى عمق المستوطنات اليهودية لتصل عكا وصفد والعفولة وحيفا وبيسان والخضيرة وغيرها . فكان نصرا استراتيجيا وتاريخيا لحزب الله على الكيان الصهيوني . وهناك اعتراف إسرائيلي بفشل الغزوة العسكرية الصهيونية على لبنان رغم استعمال كافة أنواع الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية العصرية في هذه الحرب فبدا الكيان الصهيوني كبيت العنكبوت الهش الذي قصفت تجمعاته السكانية في عقر دارها مما ساهم في دب الرعب والهلع في صفوف اليهود .

هـ) من المنتصر في حرب 2006 ؟

كانت الحرب التي شنها جيش الاحتلال على لبنان حرب إبادة شاملة للمدنيين والبيوت في المناطق اللبنانية المستهدفة في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية ( كونها تأوي الشيعة ) اثبت فيها الجيش الصهيوني لا أخلاقية هذه الحرب الظالمة وأن هذا الجيش المدجج بأحدث أنواع الأسلحة هو جيش تخريبي سبب معاناة إنسانية كبيرة للمدنيين اللبنانيين فكان الانتقام من أبناء شعب لبنان المدنيين مقابل تصدي قوات حزب الله للجنود اليهود . ويمكن القول ، إن علم حزب الله الأصفر اللون ورشاشاته وقذائفه وإرادة مجاهديه الذين أبدوا مقاومة باسلة مجيدة وشجاعة ، انتصر على العلم الإسرائيلي بلونيه الأزرق والأبيض ونجمته السداسية بوسطه وصواريخه وطائراته . وإن المقاومة الإسلامية في لبنان لم تكن تدافع عن نفسها فقط وإنما دافعت عن الأمتين العربية والإسلامية في الخطوط الأمامية .

1. خطاب النصر لحزب الله



{ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } ( القرآن المجيد ، المائدة ، 56 ) . وقد أعتاد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله توجيه خطابات متلفزة لمقاتلي المقاومة الإسلامية في لبنان والشعب اللبناني والأمتين العربية والإسلامية وكذلك موجها بعض فقرات خطبه لليهود في فلسطين المحتلة . وفي خطابة المتلفز عبر فضائية المنار التابعة لحزب الله ، بعد وقف القتال أشار نصر الله إلى النصر المبين الذي أحرزته المقاومة الإسلامية بقوله : نحن أمام نصر استراتيجي وتاريخي ... للبنان كل لبنان ، وللمقاومة وللأمة كل الأمة ... خرجنا من المعركة مرفوعي الرأس وعدونا هو المهزوم . ويمكن القول ، إن هذا النصر الإسلامي على الجيش اليهودي هو ما يمثل صفعة لليهود الصهاينة والأمريكان فكان حزب الله هو الغالب وهذا ما ينسحب على الآية القرآنية الشريفة ، كما يقول الله سبحانه وتعالى : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ . إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ . وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ } ( القرآن المجيد ، الصافات ، 171 – 173 ) . كما نظم مهرجان الانتصار بعنوان ( النصر الإلهي ) في ضاحية بيروت الجنوبية في 22 أيلول 2006 فكان أضخم تجمع بشري في تاريخ لبنان ، ألقى فيه السيد حسن نصر الله خطابا سياسيا جامعا مشيرا إلى : نصر استراتيجي تاريخي جديد .. الأخذ بالأسباب .. المقاومة التقية المؤمنة المخططة المدربة ، غير العشوائية ، هذا هو سر الانتصار .. في يوم النصر الإلهي دخلنا إلى عصر جديد نستطيع فيه فرض شروطنا على العدو .. المقاومة في لبنان هي التي حمته من الحرب الأهلية ، وأي كلام يتحدث عن تقسيم لبنان أو عن فيدرالية أو كانتونات هو كلام إسرائيلي ، نحن قدرنا أن نعيش معا . نرفض أن يجزأ لبنان ، والذي يحمي لبنان هو الدولة القوية والعادلة النظيفة العزيزة التي تستطيع أن تحمي أرض لبنان وتحمي شعبها وترفض الوصاية .. المدخل هو تشكيل حكومة وحدة وطنية جدية .. لبنان أصبح بعد هذه الحرب دولة عظمى في الشرق الأوسط يحسب لها حساب .
وهذا ما تم تحقيقه فعليا في تموز 2008 بعد مناقشات طويلة وحادة بين الطوائف اللبنانية المتناحرة وطنيا وليس طائفيا فقط وتخضع لإملاءات خارجية عربية وإقليمية وأمريكية لدى البعض منها .

2. رأي يهود فلسطين بالحرب ( حرب تغيير الاتجاه )

تناقضت الآراء اليهودية – الصهيونية – الإسرائيلية حيال الحرب في لبنان ، إلا أن معظمها أشارت إلى انتصار حزب الله على الجيش الإسرائيلي . وفيما يلي أبرز هذه الآراء نوعيا وليست كميا :
أولا : الرأي الحكومي الرسمي : أشارت مصادر الحكومة الإسرائيلية إلى أن الجيش الإسرائيلي حقق بعض أهدافه بإبعاد قوات حزب الله عن الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة ( الكيان الصهيوني ) . كما أدعت أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 جاء بناء على رغبة إسرائيلية . وأشار ثلاثة وزراء يهود : عمير بيرتس ، وزير الجيش وقت المعركة وتسفني لفني وزيرة الخارجية ، وموشيه ارنس ( وزير حرب سابق ) إلى عدم إمكانية نزح سلاح حزب الله في لبنان ، ولسان حالهم يقول : اكتشفنا أنه لا يستطيع أي جيش في العالم أن يفكك تنظيما كهذا التنظيم ( حزب الله ) .
ثانيا : الرأي الشعبي : بينت استطلاعات الرأي العام اليهودي داخل فلسطين الكبرى أن ليس هناك نتائج فعلية حققتها العملية العسكرية المكثفة على لبنان في صيف 2006 . ففي استطلاع للرأي العام أجراه ( معهد غلوبس ) نشر بعد توقف القتال في 13 آب 2006 ، تبين أن 58 % من اليهود المستطلعة آراؤهم اعتقدوا أن العملية الصهيونية لم تحقق أهدافها ، واعتقد 52 % أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح في مهمته وأعتقد 3 % فقط أن الجيش الإسرائيلي حقق معظم أو كل أهداف العملية العسكرية . ويشير ايتان هابر رئيس ديوان إسحق رابين سابقا للحرب بقوله إن حلفا مقاوم فلسطينيا وعربيا وإيرانيا أما الكيان الصهيوني : إنتهت الجولة الأولى ، الآن من الواضح لنا أننا نقاتل ضد حماس والفلسطينيين وضد حزب الله ، لبنان ، سوريا وإيران ، هذا تحالف صعب وخطير يتربص بحياتنا في السنوات المقبلة ... الجمهور في أغلبيته يشعر أن أي شيء لم يكن هنا على ما يرام ( تقريبا ) في حرب الكاتيوشا ومثلما هي الحال في الحروب والانسحابات السابقة ستجري عملية محاسبة لقادة الجيش والقادة المنتخبين والمستوى السياسي ... هذا الجمهور ما زال مصدوما مما حدث ومن الضحايا والملاجئ والعجز والبلبلة الكبيرة ، لا تنطلي عليه الحكايات ( الصحيحة جدا ) حول الإنجازات الكبيرة ، الجمهور لم ينتعش بعد من الجلوس اللامتناهي في الملاجئ وعدد الكاتيوشا الضخم والدمار .
ثالثا : الرأي الإعلامي : أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أهدافه من العملية العسكرية على لبنان ، فقد أشارت الصحف الإسرائيلية إلى ذلك . فأوضحت صحيفة ( هآرتس ) الإسرائيلية بعد انتهاء الأعمال الحربية أن : بعد 33 يوما على عملية تغيير الإتجاه لم يحصل هناك تغيير في الاتجاه ... بتعبير آخر عشية وقف الأعمال الحربية لم يتم بعد تحقيق أحد الأهداف الرئيسية للعملية العسكرية . وكانت الأهداف التي حددها رئيس الوزراء الصهيوني أيهود أولمرت لعملية ( تغيير الإتجاه ) اليهودية ضد لبنان عموما وحزب الله خصوصا تمثلت في : تخليص الجنديين الإسرائيليين من أيدي حزب الله الذين أسرهما في 12 تموز ، وقتل أو تحييد أمينه العام السيد حسن نصر الله ، ووقف تهديد إطلاق الصواريخ على المستوطنات اليهودية في الجليل شمالي فلسطين المحتلة فقبل وقف إطلاق النار بثلاث ساعات أطلق حزب الله 250 صاروخ كاتيوشا باتجاه المستوطنات اليهودية الشمالية فقتل شخصا وجرح 15 آخرين .

3. أسباب نصر حزب الله
وهزيمة يهود فلسطين الصهاينة

رغم وقوع مأساة كبيرة للبنان ، وارتكاب جيش الاحتلال جرائم حرب ضد الإنسانية ، انتصر حزب الله باعتراف الأصدقاء والأعداء على حد سواء ، وتعود أسباب هذا الانتصار للمقاومة الإسلامية لما يلي :
1. الإعداد الشامل الجيد : من الإعداد الجهادي الإسلامي والتدريب العسكري وحفر الخنادق ، وبناء ترسانة عسكرية متطورة فعالة في مختلف المواقع . وقد اشتملت أسلحة حزب الله على صواريخ كاتيوشا لمدى متوسط وبعيد ، وقاذفات مضادة للدبابات تعمل بالليزر ، ولو كان هناك صواريخ مضادة للطائرات لحسمت المعركة بشكل أفضل وبوقت زمني أقصر . وكذلك فإن تدرب مقاتلي حزب الله على حرب العصابات ، والتخطيط العسكري والتدريب الجيد أحبط العقيدة الصهيونية التقليدية المستندة إلى سرعة اختراق حصون الأعداء باستخدام الدبابات والمصفحات المتطورة .
2. القيادة السياسية والعسكرية الواعية وسط المعركة . فقيادة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ، والحماسة والشجاعة في المعركة ساهمت في رفع معنويات المجاهدين المسلمين . وكذلك فإن قدرة قيادة حزب الله على المناورة السياسية والعسكرية أكسبها مصداقية كبيرة لدى الأتباع والأعداء على السواء ، مما افشل المراهنة الإسرائيلية على جر لبنان إلى حرب أهلية وفتنة طائفية جديدة .
3. الشعبية العامة لحزب الله نظرا لمصداقيته وثقة الشعب اللبناني به . فرغم أن هناك طوائف دينية مختلفة في لبنان من المسيحيين والسنة والشيعة ، فإن طائفة الشيعة التي ينتمي لها حزب الله يبلغ تعدادها نحو 4 ر1 مليون من أصل نحو أربعة ملايين لبناني وقفت جميع هذه الطوائف معنويا ضد العدوان اليهودي الذي لم يستثن أحدا . كما أن قيادة حزب الله مارست سياسة مفتوحة مع جميع اللبنانيين واعتبرت أن هذه الحرب هي ضد لبنان بأسره وليس ضد طائفة دينية بعينها .
4. الدعم المالي المناسب . يمتلك حزب الله مؤسسات اقتصادية واجتماعية متكاملة ، إضافة إلى الدعم المالي الإيراني الذي قيل إنه كان 25 مليون دولار شهريا ارتفع قبل فترة إلى 50 مليون دولار شهريا بعد صعود الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لرئاسة إيران .
5. سرية العمل المتكامل . تمثلت بعدة نواح عسكرية وسياسية وإعلامية ، فمخابئ الأسلحة والخنادق ومواقع قناة المنار الفضائية التابعة لحزب الله في المدن اللبنانية أثبتت هذه السرية الناجحة حينما تعرضت لقصف عدة مرات فبقيت تبث كالمعتاد .
6. الحملة الإعلامية والنفسية والعمليات العسكرية النوعية التي أتبعها حزب الله في التصدي للعدوان .
7. عدم اختراق جبهة حزب الله بالعملاء . وهذه مسألة مهمة في الحرب ، فالجبهة الداخلية السليمة تساعد في التمويه على الأعداء . فلم تكن هناك تصورات مسبقة أو تقارير ميدانية عن أمكنة وجود قوات حزب الله في الميدان الحربي مما أفشل خطط الأعداء العسكرية فلجأت الطائرات اليهودية لقصف التجمعات السكنية المدنية وهذه محاولة يائسة من الجانب الإسرائيلي .
8. الوهن العسكري اليهودي البري . فلم تستطع الدبابات التقدم كثيرا باتجاه المواقع التي يتواجد بها مقاتلو حزب الله ، وبقيت ساحة الجنوب اللبناني ساحة مفتوحة للقتال . وقد كبد مقاتلو حزب الله العدو خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات فدمرت عشرات الدبابات الإسرائيلية المتطورة ( ميركفا 4 ) بفعل الصواريخ المتطورة مثل صواريخ الكاتيوشا ، و( ميتسي إم ) وكورنيت الموجهة بواسطة الليزر ، ومدافع آر بي جي 29 وغيرها .

و) عبر وعظات .. من حرب لبنان 2006

لقد كانت الحرب الصهيونية على لبنان في صيف 2006 ، مغامرة يهودية عديمة الجدوى سياسيا وعسكريا ، صحيح أنها دمرت كثيرا وألحقت خسائر فادحة بالشعب العربي اللبناني اقتصاديا ومدنيا عبر التخريب الكبير للعمران والأبنية والاقتصاد حيث دمر نحو 15 ألف وحدة سكنية وتشرد نحو مليون لبناني باتجاه الشمال بعيدا عن بيوتهم ، إلا أنه في الاتجاه المعاكس أيضا تكبد الإسرائيليون في جيشهم ومستوطنيهم في شمال فلسطين المحتلة خسائر باهظة أيضا ، فكان بمثابة توازن للرعب في الحلبة اللبنانية هذه المرة أسوة بانتفاضة الأقصى في فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني ذاته . وهناك عبر وعظات يفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار من هذه الحرب تتمثل بما يلي :
1. العقيدة والإيمان : جعلت المقاومة الإسلامية تنتصر على جيش الاحتلال رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد والمقاتلين ، ففي هذه المرة غلبت فئة قليلة فئة كثيرة بإذن الله العزيز الجبار .
2. الإعداد الجيد يوصل إلى النصر ويشمل الإعداد النفسي والروحي والمادي والتسليحي وهذا ما كان من حزب الله الذي جهز الخنادق ودرب مقاتليه على السلاح العصري الحديث الذي ألحق خسائر كبيرة بالجيش البري اليهودي الذي فشل في غزو أرض لبنان برا وبقي يلقي بحممه الملتهبة جوا وبرا وبحرا عن بعد ولم يكن مستعدا للمنازلة البرية الواسعة .
3. الوحدة الوطنية اللبنانية والتماسك السياسي والاجتماعي والاقتصادي أثناء المعركة هما سبيل الوصول إلى النصر المبين ، فجميع اللبنانيين كانوا صفا واحدا أثناء معركة 2006 القوا خلافاتهم المذهبية والطائفية جانبا وصمدوا ورابطوا جميعا في خندق الصمود والتحدي خلف القيادة السياسية والعسكرية لحزب الله ولم يكن حزب الله ليأخذ دور الحكومة بأي حال من الأحوال بل كان هناك تكامل في الأداء السياسي والعسكري والنفسي . وقد تمثل هذا الاصطفاف الشعبي والرسمي خلف المقاومة الإسلامية باستضافة المهجرين من الحرب بغض النظر على الطائفية المقيمة في البلاد . وقد سطرت الوحدة الوطنية اللبنانية بوقوفها خلف المقاومة مجدا لبنانيا وعربيا وإسلاميا ضد العدوان الصهيوني . وقد ظهرت بعض محاولات خلق فتنة لبنانية إلا أن المقاومة الإسلامية نأت بنفسها عن الانتقادات السياسية والإعلامية أثناء سير الحرب العدوانية على لبنان .
4. تحطيم نفسية الجندي اليهودي ، والشخص اليهودي الذي كان يتبجح ويعربد بأن جيشه لا يقهر في المنطقة . ورفعت هذه الحرب الروح المعنوية للشعوب العربية والأمة الإسلامية بإمكانية إحراز النصر على الأعداء الصهاينة الإسرائيليين رغم دعم الولايات المتحدة لهم .
5. بعد هزيمة الحكومة الصهيونية وجيشها في لبنان تعالت الأصوات لتغيير القيادة السياسية والعسكرية من رئاسة الحكومة وقيادات الجيش فتغير وزير الجيش عمير بيرتس ودان حالوتس رئيس اركان الجيش ، وها هو تقرير فينو غراد يحمل المسؤولية لايهود أولمرت رئيس الوزراء الصهيوني الفاسد من جديد وتظهر أصوات عالية تطالب برحيله وتحمله المسؤولية الكبرى في فشل الجيش بتدمير لبنان وتدمير قوات حزب الله التي ما زالت تتأهب للتصدي للعدوان الجديد بشكل أكثر قوة حيث اذاع حزب الله بينان ذات مرة قال فيه أنه يمتلك أكثر من 40 الف صاروخ من مثيلات التي أطلقت في حرب صيف 2006 ، واعدا بتغيير خريطة المنطقة السياسية حال شن قوات الاحتلال الصهيوني حربا جديدة على لبنان . ولهذا يبدو في الأفق حرب جديدة للثأر الإسرائيلي لما جرى ، ويمكن أن تنشب هذه الحرب من حين لآخر وربما يكون اليصف الحالي 2008 ساخنا أو الخريف القادم حارا جدا على الجبهة الفلسطينية – اللبنانية . وإن غدا لناظره قريب .
وتأتي الذكرى الثانية لحرب صيف 2006 بين حزب الله وقوات الاحتلال الصهيوني في وقت اتحد فيه اللبنانيون وشكلوا حكومة وحدة وطنية واتفقوا بعد لأي وجدل طويل على اختيار رئيس لبناني بصورة توافقية ، فانفرج الوضع الداخلي اللبناني بين جميع الطوائف اللبنانية الإسلامية السنية والشيعية والمسيحية والدرزية . وكذلك تأتي ذكرى المعركة السادسة في مناسبتها الثانية في ظل توقيع الاتفاق بين حزب الله وحكومة الاحتلال الصهيوني بوساطة ألمانية على تبادل الأسيرين الصهيونيين اللذين أسرهما حزب الله في 12 تموز 2006 ، بدل أسرى لبنانيين ورفات الشهداء اللبنانيين وبعض الشهداء الفلسطينيين مثل الشهيدة دلال المغربي وغيرها
ويمكننا القول ، إن الساحة اللبنانية لا زالت مسرحا هاما للأحداث العسكرية والسياسية والتجاذبات الداخلية والعربية والإقليمية والعالمية ، ولهذا على الفرقاء اللبنانيين جميعا فيما يسمى الموالاة والمعارضة الاتفاق على سياسة الحد الأدنى وتنحية الخلافات الجانبية الهامشية جانبا ، للنهوض الوطني الشامل بلبنان وتجنب الفتن الداخلية ، لأن الفتنة ستكون ماحقة بكل معنى الكلمة .
وتجري الاستعدادات السريعة المتسارعة الآن لشن هجوم صاعق على المفاعلات النووية الإيرانية ، وقد أجرت كل من القوات الإيرانية والأمريكية والصهيونية مناورات حية في الخليج وفي المنطقة في تموز 2008 استعدادا لخوض المعركة الإقليمية مجددا لتثبيت سياسة الشرق الأوسط الجديد التي فشلت في تطبيقها الإدارة الأمريكية طيلة الفترة الماضية ، رغم اجتياح القوات الاستعمارية الغربية لأفغانستان والعراق والاستعداد لافتعال الصراع مجددا مع السودان الشقيق بشكل كبير ملفت للنظر تمثلت آخرها في محاولة المحكمة الاستعمارية الأمريكية - الأوروبية - الصهيونية العالمية توقيف الرئيس السوداني المشير عمر حسن البشير لأنه يعارض التدخل الاستعماري الأجنبي الأمريكي والأوروبي والصهيوني في الشؤون الداخلية للسودان .
نترككم في أمان الله ورعايته . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجمعة، 11 يوليو 2008

من يحترق أولا : تل أبيب أم طهران ؟


من يحترق أولا : تل أبيب أم طهران ؟

د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
فلسطين العربية المسلمة

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله العزيز الحكيم جل جلاله : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}( القرآن المجيد ، البقرة ) . ويقول الله القوي القهار عز وجل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}( القرآن الحكيم ، الصف ) .
تلوح في الأفق بوادر حرب إقليمية شرسة ، يشارك فيها العديد من الأطراف مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ، أو ما يطلق عليها ( الملحمة الكبرى ) فقد تصاعدت حدة التوتر الإقليمي وكثرت التهديدات بالهجوم ورد الهجوم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة والكيان الصهيوني في فلسطين والقوات الأمريكية في الخليج العربي والعراق من جهة ثانية . وتصاعدت حدة وتيرة التحذيرات والتحذيرات المضادة بين طهران وتل أبيب ، خاصة في ظل تواصل التدريبات العسكرية الجوية والبرية والبحرية المتسابقة بين الجانبين ، وكل يهدد بضرب الآخر وحرقه . فحكام تل أبيب الصهاينة يهددون بتدمير المفاعلات النووية الإيرانية بضربات صاعقة واستعرضوا بالأمس القريب طائرة تجسس حديثة الصنع ستتولى عملية التجسس على المواقع الإيرانية الحساسة .
وفي المقابل استعرضت القوات المسلحة الإيرانية قوتها من خلال المناورات الحربية الحية التي أجرتها في مياه الخليج العربي فيما عرفت بمناورات ( الرسول الأعظم 3 ) من بينها تجربة إطلاق صواريخ طويلة المدى لمسافة تصل إلى 2000 كم عددها تسعة صواريخ من نوع شهاب 3 وقالت إن مفاعلاتها النووية هي للأغراض السلمية وخاصة توليد الكهرباء ولكن الأمريكان والغرب لا يصدقون هذه التطمينات الإيرانية ويشكون بأن المفاعلات النووية المدنية ستستخدمها إيران عسكريا لصنع القنبلة النووية . من جهتها ، تطرقت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن الجيش الإيراني وخاصة الحرس الثوري الإيراني أجرى تجارب إطلاق صواريخ متوسطة وبعيدة المدى في الخليج يوم 10 تموز الجاري . وقال مساعد للزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي الأسبوع الماضي إن بلاده ستضرب تل أبيب وتحرقها وستضرب وتغرق السفن الأمريكية المعادية في الخليج وستؤذي المصالح الأمريكية وستغلق مضيق هرمز الذي يعبر منه نحو 40 % من النفط للعالم ، ردا علي أي هجوم تتعرض له بلاده .
وهذا التهديد الإيراني الذي يأتي من رأسي الهرم الإيراني من قائد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أو من رئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد ، أوكليهما ، يعني ضرب الأسطول البحري الأمريكي في الخليج العربي وضرب القواعد العسكرية الأمريكية في دول مجلس التعاون العربية الست في كل من : العربية السعودية والإمارات وعمان وقطر والبحرين والكويت إضافة إلى العراق ، وإشعال حرب جديدة ضد الاحتلال الأمريكي في العراق حيث ستدخل الطائفة الشيعية جنبا إلى جنب مع الطائفة السنية في حرب ماحقة ضد الأعداء الأجانب في العراق .
وأفادت مصادر إعلامية إيرانية مطلعة إن سلاح البحرية الإيراني التابع لقوات حرس الثورة الإسلامية اختبر بنجاح إطلاق طوربيد ( الحوت ) بعد اختبار تسعة صواريخ بعيدة المدى وإطلاق عدد من صواريخ ارض - بحر وارض - ارض وبحر- جو خلال الأسبوع الفائت . وأشارت وكالة فارس للأنباء إلي أن إطلاق طوربيد 'الحوت ' ، الذي يعتبر الأكثر سرعة في العالم ، وعجزت أمريكا عن صنعه ، من المكاسب والانجازات العظيمة لمناورات النبي الأعظم 3 البحرية ، إذ تبلغ سرعة الطوربيد 100 م / ثانية ولا يمكن لأي بارجة مهما كانت متطورة النجاة من نظامه الصاروخي البحري . وغني عن القول ، إن من يسبق بالضربة الأولى هو المنتصر ، أسالوا حزب الله اللبناني في 12 تموز 2006 ، عندما شن هجوما كاسحا على معسكر صهيوني في شمال فلسطين المحتلة وقتل تسعة جنود وأسر جنديين آخرين .
وخيارات وسيناريوهات الحرب الإقليمية الملتهبة المقبلة ، ستكون مئات الصواريخ التي ستلقى على مستعمرة تل أبيب اليهودية الكبرى التي يسكن بها نحو 40 % من يهود فلسطين ، بما يزيد على أكثر من مليوني يهودي ، يقيمون في مساحة لا تتجاوز 80 كم2 ، وتشكل نواة الكيان العبري الغاصب لفلسطين ، ولكن في هذه المرة سيضرب مفاعل ديمونة الصهيوني في النقب أيضا من الصواريخ الإيرانية من جنوب إيران أو جنوب لبنان أو من كليهما ، الذي أنشأ بدعم فرنسي عام 1956 ، وسيتم إلحاق خسائر باهظة في الجانب اليهودي . وفي المقابل سيتم توجيه ضربات قوية للمفاعلات النووية الإيرانية المنتشرة فوق وتحت الأرض في إيران ذات المساحة الكبيرة نسبيا إذ تبلغ مساحتها نحو 195 ر 648 ر 1 كم2 بمعنى أنها تتمتع بعمق استراتيجي كبير ويقطنها نحو 75 مليون نسمة .
ويمكننا القول ، إن إيران إذا بدأت بالضربة الأولى سيكون لها نصيب كبير من هزيمة الأعداء ، وفي حال بدأت تل أبيب بالضربات الصاعقة على المفاعلات النووية الإيرانية والعاصمة طهران سوف تخسر إيران كثيرا حيث ستفقد منشآت نووية عديدة وتواجه تحديات كبيرة ستلقي بظلالها الكئيبة على البلاد . والقيادة الصهيونية لها خبرة في توجيه ضربات إستباقية مفاجأة فهي البادئة في شن الهجوم كما فعلت بضرب مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981 ، ولم ترد العراق على ذلك ؟؟ ومن المتوقع أن تبدأ الطائرات الحربية الصهيونية بمعاونة أمريكية أو بضربة مزدوجة صهيونية – أمريكية ضد إيران لأكثر من موقع ، سواء المفاعلات النووية السلمية المصممة لتوليد التيار الكهربائي أم المنشآت المدنية الأخرى ، وكل الدلائل تشير إلى ذلك ، ففيما يبدو لقد تم التوافق مع حكام العراق الموالين للأمريكان بتمكين الطائرات الحربية الصهيونية من اتخاذ معسكرات أمريكية في العراق قاعدة انطلاق لشن الحرب المقبلة على إيران حيث تتخذ الطائرات الحربية الصهيونية من قاعدتي الأسد والإمام علي بن أبي طالب في غرب العراق وخاصة في منطقة الحديثة العراقية مقرا ومركزا للانطلاق باتجاه الأهداف الإيرانية فتتمكن الطائرات الصهيونية خلال 5 دقائق من الوصول للمفاعلات النووية الإيرانية في بوشهر مثلا . وأشارت تقارير صحفية إلى أن إجراء تدريبات عسكرية صهيونية خلال الأسبوع الفائت على شن الهجوم على القواعد العسكرية الإيرانية والمفاعلات النووية في الآن ذاته ، للجم إيران عن اتخاذ ضربات دفاعية أو هجومية في عقر تل أبيب أو ضد المفاعل النووي الصهيوني في ديمونة في النقب .
من جهتها ، هددت تل أبيب على لسان قادتها ، كوزير الحربية أيهود باراك بان الجيش الإسرائيلي سيضرب إيران بدعاوى إجراء المناورات الإيرانية ومن بينها تجربة صواريخ بالستية طويلة المدى التي يصل مداها 2000 كم ، مدعيا أن إيران ليست تحديا للكيان الصهيوني ( إسرائيل ) فقط وإنما للعالم كله ، والتركيز على العقوبات والنشاط الدبلوماسي لثني إيران عن الاستمرار في تخصيب اليورانيوم لإنتاج قنابل نووية ، لن يجدي نفعا ، مشيرا إلى أن تل أبيب هي الأقوى في المنطقة ، وأنها ستأخذ بالحسبان رد فعل أعداء تل أبيب ، سواء كانت حماس أو حزب الله أو سوريا أو إيران فقد تسلم سلاح الجو الصهيوني فعليا ثلاث طائرات حربية من طراز جالفستريم جي 550 المتطورة ويبلغ مداها 12500 كم وذلك للإنذار المبكر والسيطرة عن بعد للمساعدة في شن الهجوم القادم ضد إيران حيث يمكن لهذه الطائرات التحليق والتجسس فوق المواقع الإيرانية لمدة ساعات متواصلة .وتجري في هذه الأيام الطائرات الحربية الصهيونية تدريبات وطلعات جوية مكثفة فوق فلسطين ويسمع صوت هديرها الصاعق بشكل ملفت للنظر ، في سماء الضفة الغربية وخاصة في سماء محافظة نابلس ويلجا سلاح الجو اليهودي لمثل هذه التدريبات والطلعات في حالة الاستعداد الأولي لشن عدوان جديد على أهداف تحددها الحكومة الصهيونية بصورة مبرمجة مسبقا .
وفي السياق ذاته ، فإن طهران لا تخاف من تهديدات أيهود باراك وزير الجيش الصهيوني فهو من هرب بجيشه من جنوب لبنان في أيار 2000 يجر أذيال الهزيمة عندما كان وقتذاك رئيسا لوزراء الكيان الصهيوني ، ومصيره الهزيمة هو وجيشه عند مهاجمة إيران إذا استغلت إيران الوضع جيدا وقدرت الأمور كما تحتمل وعدم إصدار فقاعات إعلامية تتضمن التهديد والوعيد فقط ، كما كان القادة العرب وخاصة الرئيس المصري جمال عبد الناصر يصدرون تهديداتهم عام 1967 فإذا كانت إيران جادة فستلحق هزيمة نكراء بالجيش الصهيوني ويكون بداية السقوط الصهيوني في المنطقة وتراجعه للخلف عشرات الخطوات وتأتي حلقة جديدة من حلقات الترهل والتراجع الكياني الصهيوني لأفول نجمهم في فلسطين خاصة وإقليميا عامة .
ومن جهتها أعلنت الولايات المتحدة أنها مستعدة للدفاع عن حلفائها في إشارة واضحة للتحالف الأمريكي الصهيوني لضرب إيران ، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة في منطقة الخليج المشتعلة وتنتظر شرارة الانطلاق الأمريكي أو الصهيوني فيما يبدو بعد الانتهاء من الإعداد العسكري وخاصة في المجالات الجوية والبحرية .

لماذا التأجيل الأمريكي لضرب إيران ؟

هناك العديد من الأسباب التي حدت بالولايات المتحدة وحلفائها لتأجيل الهجوم على إيران ، من أهمها :
أولا : غرق عدد كبير من القوات الأمريكية في مستنقعات العراق ، بما يقدر بنحو 250 ألف جندي أمريكي ، والحرب السجال التي تشنها عليها حركات وفصائل المقاومة الوطنية والإسلامية العراقية واستنزافها ، وبالتالي عدم الرغبة في فتح مواجهة إيرانية ثانية كبيرة مع القوات الأمريكية خاصة والقوات الغربية عامة في العراق . وعدم رغبة الولايات المتحدة في خسارة النفط العراقي المجاني الذي تستولي عليه ، وفي حالة إلحاق خسارة في إمدادات النفط العراقية لأمريكا فإن العجلة الاقتصادية الأمريكية والغربية ستتضرر بصورة كبيرة .
ثانيا : سياسة الاستفراد والبلع الاستعماري التدريجي للمعادين لأمريكا : أفغانستان أولا ثم العراق ثانيا ثم إيران ثالثا ثم سوريا رابعا .. الخ لتشكيل الشرق الأوسط الجديد .
ثالثا : إبتزاز إيران أمريكيا وغربيا وصهيونيا ومحاولة إنهاء الملف النووي الإيراني بالطرق الدبلوماسية عبر حزمة الحوافز الاقتصادية الكبرى وسياسة الترغيب ، كما تم التعاطي سابقا مع الملف النووي الكوري الشمالي سلميا ودبلوماسيا ، لأن ذلك لن يكلف الغرب سوى خسائر مالية أو اقتصادية بسيطة مقارنة مع تكاليف الحرب الجديدة المقبلة التي لا تبقي ولا تذر ، وتشكل تهديدا حقيقيا للمصالح الأمريكية والغربية في أغنى منطقة نفطية في العالم من الناحيتين الإنتاجية والاحتياطية .
رابعا : الوضع الداخلي الأمريكي المطالب بعودة القوات الأمريكية لموطنها والخروج من العراق لتجنب الخسائر اليومية المتوالية ضدها . وفي حالة شن هجوم أمريكي على إيران فإن الجبهة الأمريكية المعارضة ستشتعل مجددا ، وفي حال فشلها فإن ذلك سيلحق فشلا ذريعا بالحزب الجمهوري الحاكم الآن من ناحية ، ويلحق هزيمة نكراء بالولايات المتحدة عالميا ويبدأ العد التنازلي للإمبراطورية الأمريكية الشريرة كدولة عظمى من دول الاستكبار العالمي كما تسميها إيران .
خامسا : قرب إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية واحتدام الصراع بين الحزبين المتنافسين الكبيرين في البلاد وهما الحزب الجمهوري الحاكم والحزب الديموقراطي المعارض .
سادسا : تكاليف الحرب الباهظة التي ستخسر فيها الولايات المتحدة خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات ، وخسارة مصالحها الحيوية في المنطقة ، خاصة في حالة ضعف دفاعها عن حلفاءها وعن قواعدها العسكرية المنتشرة في الجزيرة العربية والعراق والمحيط الهندي . وعدم كفاية مصدات الصواريخ المضادة للصواريخ وارتفاع تكاليف بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ حيث تكلف بطارية صواريخ الباتريوت الواحدة مثلا نصف مليون دولار وعدم كفاية مظلة الدفاع الأمريكية عن المنشآت العربية في المنطقة المحصورة أصلا في الدفاع عن القواعد العسكرية الأمريكية ومنابع النفط المركزية فقط .
سابعا : عدم اكتمال بناء الجبهة الإيرانية الداخلية الموالية لأمريكا ، فالوضع كما يبدو ما زال متماسكا في إيران وقادتها يسيطرون عليها بصورة كبيرة ولا بوادر للتفكك والشرذمة باختراق أمريكي وغربي كبير كما حدث مع الوضع العراقي سابقا .
ثامنا : عدم السماح لإيران الإسلامية بأن تكون قوة إقليمية كبرى مؤثرة في المنطقة وفي العالم ، فالولايات المتحدة ومن أمامها الصهيونية لن تسمح بتهديد مصالحها في المنطقة .
تاسعا : توكيل الكيان الصهيوني بشن الهجوم على إيران ، كضربات فجائية صاعقة وتسهيل المهمة لها . وقادة الكيان الصهيوني متشوقون لضرب إيران لعدة أسباب داخلية وخارجية ، إيديولوجية دينية وعسكرية وسياسية واقتصادية .

لماذا الهجوم الصهيوني – الأمريكي الآتي على إيران ؟

في نهاية المطاف سوف تشن الحرب الأمريكية – الصهيونية مع تحالف دول غربية أخرى ، وقد يدخل حلف الأطلسي هذه الحرب لاحقا ، على إيران لعدة عوامل لعل من أهمها :
أولا : القضاء على القوة النووية الإيرانية المتصاعدة والحيلولة دون إنتاج قنابل نووية إيرانية إسلامية تخدم المسلمين وتحد من النفوذ الإمبراطوري الأمريكي في العالم ، والحفاظ على المصالح الاقتصادية والعسكرية والسياسية الغربية وخاصة الأمريكية في منطقة عالمية حساسة .
ثانيا : رغبة الكيان الصهيوني في تقليل أو الحد من التهديدات الإيرانية المتصاعدة التي تهدد بإزالة ( إسرائيل ) عن الخارطة الجغرافية والسياسية العالمية . وإعادة إيران إلى الحظيرة الصهيونية والغربية كما حدث مع العراق وقبله مع أفغانستان .
ثالثا : تصدير الأزمات والخلافات الداخلية الصهيونية بين حزب كاديما الحاكم من جهة والأحزاب اليهودية الصهيونية من جهة ثانية مثل أحزاب العمل وشاس والليكود وسواها سواء بشكل حزبي داخلي أو حزبي ثنائي أو ثلاثي أو أكثر .
رابعا : توجيه ضربة قوية لإيران وإضعافها والحيلولة دون تصدير الثورة الإسلامية للخارج والحد من دعمها لقوات حزب الله اللبناني الذي يؤرق المستعمرات اليهودية في شمال فلسطين المحتلة ، ووصلت صواريخ المقاومة لعشرات المستعمرات اليهودية في البلاد . والانتقام الصهيوني من هزيمته أمام حزب الله في صيف 2006 بدعم إيراني وسوري عسكري وسياسي واقتصادي . وكذلك لتوجيه رسالة قوية لإيران بعدم التدخل في الشؤون الفلسطينية والابتعاد عن دعم حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية مثل حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) وحركة الجهاد الإسلامي .
خامسا : استغلال الأوضاع العسكرية والسياسية المتردية في المنطقة وتهجير مئات آلاف الفلسطينيين لخارج موطنهم ، واستقدام يهود كمهاجرين جدد بدلا عنهم . وكذلك إجبار الدول العربية على عقد معاهدات أو اتفاقيات صلح مع الكيان العبري ، والاتجاه العام نحو التطبيع الشامل بقوة السلاح ، والتهديد والوعيد ، عبر توجيه الرسالة العسكرية للعرب التي بمقتضاها أنظروا أيها العرب ماذا صنعنا بإيران الأقوى منكم ، فماذا أنتم فاعلون ؟؟
سادسا : إلحاق إيران مرة أخرى بالحظيرة الأمريكية كما كانت قبل الثورة الإسلامية التي قادها آية الله الخميني في شباط 1979 ، وإرجاع شاة إيراني جديد بدل قادة الثورة الإيرانية الحاليين ، كما في أفغانستان وإنهاء إمارة أفغانستان الإسلامية وتنصيب حاكم أمريكي لأفغانستان وهو حامد كرازي عام 2001 وكما حدث بالعراق عام 2003 واستبدال صدام حسين بحكام موالين لأمريكا والحبل على الجرار . ولكن إيران ليست كسابقاتها العراقية والأفغانية بل هي أشد بأسا وقوة عسكرية وبشرية واقتصادية .
سابعا : إبعاد التهديد الإسلامي المتفاقم للجاليات اليهودية في فلسطين ، وإبقاء الكيان اليهودي لأطول فترة زمنية ممكنة كوجود سياسي وديني وعسكري وسياسي ، والحفاظ على القوة الصهيونية أقوى قوة إقليمية في المنطقة وإبعاد تأثير إيران الإقليمي والعالمي الحقيقي المتعاظم في المنطقة العربية الشرقية خصوصا بما فيها فلسطين والعراق .
وتتوقع مصادر عسكرية صهيونية أنه في حال شنت المقاتلات الصهيونية ضربات جوية مكثفة على إيران ، وإلقاء آلاف الأطنان من الأسلحة التقليدية والكيماوية على المدن والتجمعات السكانية المدنية والمواقع العسكرية الإيرانية فإن الرد الإيراني سيتمثل في إمطار المستعمرات اليهودية وخاصة ديمونة وتل أبيب بنحو 5 آلاف صاروخ قصير ومتوسط المدى من قبل حزب الله في لبنان ، على المستعمرات اليهودية شمال فلسطين المحتلة ، ونحو 300 صاروخ بعيد المدى من إيران على المستعمرات في وسط وجنوب البلاد . وهم بذلك واهمون ، فيمكن أن يصل عدد الصواريخ المنبعثة للمستعمرات اليهودية في جميع أرجاء فلسطين لتدك المواقع العسكرية والمدنية والاقتصادية الحساسة والموانئ والمطارات بعشرات الآلاف من ذات المدى القصير أو المتوسط أو الطويل المدى في حال نشوب حرب إقليمية ، فيما إذا استمرت الحرب الثنائية أو المشتركة الصهيونية – الأمريكية – الغربية لمدة أربعة أسابيع فقد يصل عدد الصواريخ المنبعثة من مساحة إيران الشاسعة نحو 50 ألف صاروخ ، على الأهداف الأمريكية البرية بالقواعد العسكرية في الأراضي العربية ومنابع النفط والبوارج والسفن الأمريكية في الخليج ، وعلى الأهداف الصهيونية في فلسطين المحتلة ، ومن لبنان نحو 10 آلاف صاروخ على الأقل ، خاصة وأن قيادة الحرس الثوري الإيراني قالت سابقا إن إيران لديها القدرة بإطلاق 11 ألف صاروخ حالا في الآن ذاته .

لماذا لا تضرب إيران تل أبيب أولا ؟

رغم تبني إيران الأيديولوجية الإسلامية التي تحض على الجهاد ، ومقاتلة الأعداء وفق ما جاء بالقرآن المجيد : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)}( القرآن المجيد ، التوبة ) . إلا أنه على الجانب الآخر ، فإن إيران تحاول تأجيل الدخول في صراع عسكري مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وحلف شمال الأطلسي في هذه المرحلة ، لعدة عوامل من أبرزها :
أولا : الانتظار ريثما يتم تصنيع القنابل النووية الإيرانية لتكون قوة ردع مستقبلية ضد مهاجمتها ، واستكمال الإعداد العسكري لمواجهة العدوان الآتي لا ريب فيه .
ثانيا : تقليل الخسائر البشرية والاقتصادية والعسكرية لإيران قدر الإمكان .
ثالثا : عدم إعطاء ذريعة إيرانية لتماسك الغرب العسكري والاقتصادي والسياسي ضدها ، وإبقاء الأمور عائمة لكسب الوقت والجهد للإعداد الشامل .
رابعا : الردع النووي الغربي ، فتخاف إيران من إلقاء قنابل أمريكية أو صهيونية نووية عليها كما فعل الأمريكان في إلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان في مدينتي هيروشيما وناجازاكي عام 1945 وألحقوا بها خسائر بشرية واقتصادية وبيئية عظيمة ما زالت آثارها ماثلة للعيان حتى الآن .
خامسا : إن مكان رحى المعركة سيكون بالدرجة الأولى في أرض إيران ، مع ما يسببه ذلك من ضرر إنساني واقتصادي وعسكري وجغرافي كبير ، فالضرب الأمريكي والصهيوني سيستهدف الأماكن السكنية المكتظة بالأطفال والنساء والكبار في السن ، إضافة لمواقع المفاعلات النووية التي يصل عددها لسبعين موقعا ، ولهذا تسعى إيران لنقل مكان معركتها في مياه الخليج ضد الأمريكان وضد رحى المدن اليهودية في فلسطين المحتلة .
سادسا : مواصلة إيران حشد التأييد الدولي لها ، وخاصة من المعسكر المعادي والمنافس لأمريكا والكيان الصهيوني مثل روسيا الصين وفنزويلا وكوبا وغيرها .
وقد نجحت السياسة الإيرانية في تمديد الفترة الآجلة للحرب المقبلة لا ريب فيها حتى الآن ، ويمكن أن تنجح لتمديدها فترة أخرى ، ولكنها لن تفلح في تأجيلها أو إلغائها لفترة مفتوحة إلى ما لا نهاية لها ، فهناك إصرار صهيوني – أمريكي لضرب إيران والحيلولة دون تصاعد قوتها في أغنى بقعة نفطية في العالم وهي المنطقة الإيرانية والعراق وشبة الجزيرة العربية . وكذلك لوضع حد للتهديدات الإيرانية المتزايدة التي تهدد الوجود الصهيوني في فلسطين وتحد من قدوم المهاجرين اليهود على البلاد كما يسمونها ( أرض الميعاد ) . وعلى العكس من ذلك ، فإن الرؤية الصهيونية تقول إن عدم شن حرب على إيران يشكل تحديا وخطرا حقيقيا قويا على الجاليات اليهودية في فلسطين الأمر الذي استلزم إنشاء وزارة صهيونية جديدة ( التخطيط الاستراتيجي ) التي تشمل مخاطر المفاعلات النووية الإيرانية والتزايد السكاني الفلسطيني في البلاد . فهاتان المسألتان تقضان مضاجع قيادة الجاليات اليهودية في فلسطين الكبرى وبالتالي تطالب الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة اليهودية بوضع حد لهاتين المسالتين بشكل يرضي التصلب الصهيوني الداخلي والخارجي . ويتمثل ذلك بمهاجمة إيران عسكريا وإضعافها ، واستغلال أوضاع الفوضى الإقليمية العامة التي تصاحب الحرب وطرد وتهجير أكبر عدد ممكن من أهل فلسطين الأصليين من جميع بقاع فلسطين الكبرى لإحداث خلل سكاني فيما يسمى بالتوازن الديموغرافي الفلسطيني – اليهودي في البلاد .

النتائج العامة المتوقعة
للحرب الأمريكية – الصهيونية – الغربية
ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية

تلحق كل حرب طويلة أو متوسطة أو قصيرة الأمد ، خسارة عامة على الجميع ، في كافة المجالات والميادين البشرية والاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والنفسية ، وتفرز الحرب القوي من الضعيف . وفي حال شن الطائرات الحربية الصهيونية وحدها الحرب الجوية على إيران ، أو بالتعاون مع القوات البرية والبحرية والجوية الأمريكية ، فإن المصالح الأمريكية تصبح معرضة لضربات مؤلمة وقوية جدا ، في مجالات الطاقة والتصدير العسكري والاقتصادي ، وسترتفع أسعار النفط بصورة خيالية وستقل إمدادات النفط للعالم الغربي عموما والولايات المتحدة خصوصا ، وسوف تندلع مظاهرات ومسيرات أمريكية عنيفة داخل أمريكا والعواصم العالمية تطالب بوقف الحرب بأسرع وقت ممكن ، ولهذا إذا شنت الولايات المتحدة الحرب المباشرة على إيران أو بالوكالة عبر الكيان الصهيوني فإن أمد الحرب سيستغرق شهرا على الأكثر . وسيتداعى مجلس الأمن الدولي لإنقاذ المهاجمين الغزاة كونهم يسيطرون عليه ، كما حصل في صيف 2006 في الحرب التي استمرت 34 يوما بين قوات الاحتلال الصهيوني وقوات حزب الله اللبناني . وسيكون الجانب الصهيوني هو الأكثر تأثرا بصورة سلبية حقيقية ظاهرة للعيان سواء على الصعيد البشري أو الحربي أو الاقتصادي ، وذلك على النحو الآتي :
1. الهجرة اليهودية المضادة : فعشرات الآلاف إن لم يكن مئات آلاف اليهود سيغادرون البلاد ، عبر مطار اللد أو الموانئ على البحر البيض المتوسط ، هربا من الصواريخ العابرة البعيدة المدى ، الآتية من إيران نفسها أو من جنوب لبنان الآتية من صواريخ حزب الله والمقاومة الإسلامية ، وربما الصواريخ السورية أيضا ، وذلك كما حدث في انتفاضة الأقصى الفلسطينية الباسلة حيث غادر نحو 760 ألف يهودي فلسطين المحتلة خلال السنوات الثلاث الأولى من الانتفاضة ، ونسبة كبيرة منهم لم تعد حتى الآن ، وكانت باعت جميع ممتلكاتها قبل مغادرتها . وهذا الأمر يشكل ضربة قوية للنظرية الصهيونية القاضية بتجميع أكبر عدد ممكن من يهود العالم في فلسطين المحتلة في أقصر فترة زمنية ممكنة .
2. اشتعال فتيل الأزمة الفلسطينية – الصهيونية من جديد وقد تندلع شرارة انتفاضة فلسطينية ثالثة أكبر من انتفاضة الأقصى السابقة ، تكون مضادة للحرب الصهيونية – الأمريكية ضد إيران ، وسيهدد هذا الأمر الجبهة الداخلية الصهيونية بصورة كبيرة . ويهدد الجبهة الداخلية الفلسطينية على السواء ، فهناك احتمالات قوية بتهجير مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين العزل من أرض آبائهم وأجدادهم في هجرة كبيرة ثالثة باتجاه دول الطوق العربية المحاذية لفلسطين المحتلة ، وخاصة باتجاه الأردن الذي يسميه اليهود الوطن البديل للفلسطينيين ، وباتجاه مصر جنوبا للتخلص من أكبر عدد ممكن من فلسطيني قطاع غزة وتوطينهم في سيناء المصرية . وتنفيذ المخططات الإستراتيجية اليهودية في فلسطين كإنشاء الهيكل اليهودي الثالث المزعوم وتقسيم أو تدمير المسجد الأقصى المبارك ، وتقزيم السلطة الوطنية الفلسطينية أكثر من الوضع الحالي أو حتى إلغائها كليا .
3. خسائر حجرية وشجرية كبيرة جراء تأثير الصواريخ التقليدية والكيماوية الكبيرة المدمرة ، ويمكن أن يحمل بعضها رؤوسا نووية بدائية إيرانية من تصنيعها أو من تصنيع كوري شمالي أو روسي سابق . فمئات الأحياء السكانية اليهودية ستدمر ، وتنهار بنايات شاهقة ، وستحرق غابات بأكملها كونها تخبئ أسلحة عسكرية مع ما يسبب ذلك من تدمير اقتصادي كبير . وكذلك ستدمر مدن إيرانية كبرى إذا تم استخدام الأسلحة النووية أو الكيماوية أو الجرثومية . وإذا ضرب أحد المفاعلين النوويين الصهيونيين في تل أبيب بالقرب من الساحل أو ديمونة بالنقب فستنتشر رائحة الموت الرهيب عبر تغلغل شظايا نووية حارقة قاتلة لمناطق فلسطينية كثيفة السكان تقتل المئات بل عشرات الآلاف من اليهود والفلسطينيين على السواء .
4. ضرب منابع النفط العالمية في شبة الجزيرة العربية وإيران والعراق ، وحدوث أزمة اقتصادية ونفطية عالمية لا تحمد عقباها تلقي بظلالها السلبية المؤثرة على الاقتصاد العالمي ، ويتضرر من ذلك الفئات الفقيرة والمسحوقة في العالم .
5. دخول أطرف دولية جديدة في الصراع مثل حلف الأطلسي ، والصين الشعبية وروسيا للدفاع عن مصالحها في المنطقة الإقليمية المحتدمة النزاع . فروسيا هي راعية إنشاء المفاعلات النووية الإيرانية ولن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجري من صراع إقليمي وهي فرصتها للعودة لأمجاد الاتحاد السوفيتي العالمية السابقة . وحلف الأطلسي سيسعى عبر الولايات المتحدة لجر دول الإتحاد الأوروبي للصراع الجديد وتحجيم إيران كليا ، وتوجيه رسالة قوية لروسيا بالخروج من المنطقة كليا .
6. تزايد حدة التصنيع العسكري الكمي والنوعي لتعويض ما خسرته الأطراف المتصارعة في المنطقة ، وكل يريد زيادة أسلحته ، ونوعيتها ليقف رادعا لخصمه وأعدائه في المنطقة المشتعلة .
7. تغيير خريطة المنطقة سياسيا ، وتفتيت الدول القائمة لمحميات أصغر منها ، وفق سياسة الشرق الأوسط الواسع الجديد ، وتجزئة المجزأ ، في حال توجيه ضربة قاصمة لإيران ، فيخلو الميدان لحميدان الصهيوني الأمريكي . فمثلا سيتم تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات طائفية ، شيعية وسنية وكردية متناحرة ، وتقسيم السعودية لمنطقة شيعية شرقية وسنية غربية ، واحتلال أجزاء من إيران وإنشاء قوة إيرانية مهادنة للأمريكان كما يحدث في العراق وأفغانستان وغيرها .
8. تغيير المعادلة السياسية في العراق ، وتبديل التحالف في أرض الرافدين وانضمام الشيعة للجهاد والمقاومة ضد الغزو الأمريكي والأجنبي .

على العموم ، إن الحرب القادمة ضد إيران الإسلامية سيلازمها تبعات نفسية وبشرية وسياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية وإعلامية شتى ، حيث ستنزل قوى عالمية وإقليمية للحضيض ، خاصة القوة الأمريكية والصهيونية ، وترفع قوى إقليمية كإيران والعراق وقوى محلية للأعلى كما هو في فلسطين ولبنان . وستكون خسائر شاملة بشرية وحجرية وشجرية متلاحقة ، حيث سيسقط عشرات آلاف القتلى والجرحى والأسرى ، وإذا استمرت الحرب لأكثر من شهر فإنها ستأكل الأخضر واليابس على جميع الجبهات الداخلية والخارجية ، المحلية والإقليمية والعالمية . وستحدث أشياء لم يحسب حسابها بتاتا ، فكلما طال أمد الحرب فإن الجبهة الداخلية الصهيونية والأمريكية ستخسر كثيرا جدا ، وستفقد مقومات وجودها في المنطقة العربية والإيرانية ، وقد يتصاعد الموقف ويتم احتلال بعض المناطق الإيرانية خاصة من شمالي البلاد بالقرب من أصفهان وما جاورها وسوف تتصدع أوضاع الجبهة الإيرانية المتماسكة الآن . إلا أنه يمكن الجزم والقول ، إن تل أبيب بسكانها المليونين ستحترق قبل طهران بسكانها السبعة ملايين ، في جميع الأحوال حسب المعطيات على أرض الواقع ، وموازين القوى التقليدية ، والبأس الإيراني شديد طالما هو متمسك بالإسلام العظيم ولديه فرع إسلامي عنيد في لبنان المتمثل بحزب الله ولن تتفسخ الجبهة الإيرانية بسرعة كما تفسخت الجبهة الأفغانية بسرعة عام 2001 ، أو تشرذمت وتشققت الجبهة العراقية الداخلية في ربيع عام 2003 . وإذا هاجمت وبدأت المقاتلات الحربية الصهيونية بشن الهجوم على المواقع والمدن الإيرانية فستكون خاسرة خسرانا مبينا بصورة غير مسبوقة وغير متوقعة ، فتكون لم تستفد من تجربة الحرب بصيف عام 2006 مع مقاتلي حزب الله الأشداء المراس ذوي البأس الشديد ، حيث يطلبون الموت فتوهب لهم الحياة ويسيرون على نهج الجهاد في سبيل الله ضد الأعداء المعتدين الظالمين الطغاة ، وهذا ما سيكون في حال شن الحرب ضد إيران ، فحزب الله نسخة مصغرة من إيران قلبا وقالبا .
وفي سياق آخر ، حسب العقيدة الإسلامية ، فإن الأعور الدجال سيظهر في منطقة مرو قرب مدينة أصفهان الإيرانية في الشمال الشرقي ، من يهود أصفهان ، لاسترجاع الحكم اليهودي الصليبي الذي ينهيه الإسلام من الكفار ، وسيدعي أنه نبي في البداية ثم إله ، ( لا إله إلا الله – محمد رسول الله ) ويتبعه 70 ألف يهودي من أصحاب الطيالسة الإيرانيين . ثم ينزل المسيح عيسى بن مريم في المنارة البيضاء في دمشق ويلحق بالدجال ويقتله عند باب اللد الشرقي في فلسطين في وقت لا يعلمه إلا الله عالم الغيب والشهادة . فقد جاء بصحيح مسلم - (ج 14 / ص 181) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا عَلَيْهِمْ الطَّيَالِسَةُ ) . وورد في سنن الترمذي - (ج 8 / ص 197) عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَقُولُ : ( يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ ) .
وأخيرا ، وختامها مسك ، نقول كما يقول الله رب العالمين : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}( القرآن المجيد ، العنكبوت ) . وندعو بهذا الدعاء الإسلامي العظيم ، كما جاء بصحيح البخاري - (ج 3 / ص 332) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ ) . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ : فَقَالَ : ( إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ ) .
والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .